الجيش السوداني يحاول فك حصار «الدعم السريع» لـ«المدرعات»

اشتباكات بالمدفعية والأسلحة الثقيلة وسط أحياء الخرطوم

فيضانات في أمدرمان (أ.ف.ب)
فيضانات في أمدرمان (أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يحاول فك حصار «الدعم السريع» لـ«المدرعات»

فيضانات في أمدرمان (أ.ف.ب)
فيضانات في أمدرمان (أ.ف.ب)

تجدَّد القصف الجوي، اليوم الأحد، مستهدفاً قوات «الدعم السريع»، في عدد من المناطق بالعاصمة السودانية الخرطوم.

ووفقاً لشهود عيان، شنَّ طيران الجيش السوداني غارات مكثفة حول محيط «سلاح المدرعات»، جنوب المدينة؛ لفك الحصار الذي تفرضه قوات «الدعم السريع» على المنطقة العسكرية التابعة له منذ قرابة الأسبوعين.

وقال فيصل التوم، مقيم بمنطقة جبرة، إن اشتباكات بالمدفعية والأسلحة الثقيلة مستمرة بين الطرفين في الأحياء قبالة محيط سلاح المدرعات، مضيفاً: «شاهدنا طيران الجيش يحلق في سماء المدينة ويقصف أهدافاً يرجَّح أن تكون تمركزات لقوات (الدعم السريع)، الذي يكثف من وجود قواته في غالبية الأحياء السكنية جنوب الخرطوم».

وأفاد الشهود بأن الاشتباكات تدور في محيط سلاح المدرَّعات الذي يشهد مواجهات مستمرة، لليوم الثالث على التوالي. ونفّذ الجيش السوداني، في الأيام الماضية، عمليات نوعية خاصة تستهدف فك الارتكازات التي أقامتها قوات «الدعم السريع» حول الأحياء السكنية جنوب الخرطوم.

وقال شهود العيان إن قوات «الدعم السريع» تطلق القذائف المدفعية والدانات من داخل الأحياء التي تتحصن بها في اتجاه المنطقة العسكرية للجيش. وتسعى قوات «الدعم السريع» للاستيلاء على معسكر المدرعات والذخيرة بمنطقة الشجرة، بعد سيطرتها على مجمع اليرموك ومقر قوات «شرطة الاحتياطي المركزي»؛ أهم المقارّ العسكرية الاستراتجية التابعة للجيش، جنوب مدينة الخرطوم.

وكانت لجان المقاومة وغرف الطوارئ بجنوب الخرطوم قد اشتكت من اعتداءات مستمرة من أفراد «الدعم السريع» على المواطنين، ومطالبتهم بمغادرة منازلهم. وشهدت ضواحي جنوب المدينة، خلال الفترة الماضية، موجات نزوح جماعي للمدنيين الذين علقوا وسط الاشتباكات، وسط انعدام للمواد الغذائية ومياه الشرب، واستمرار انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من شهر.

وفي موازاة ذلك، قالت مصادر محلية بمدينة أمدرمان، إن مقاتلات الجيش وجّهت عدداً من الضربات الجوية، والقصف المدفعي الثقيل باتجاه مناطق السوق الشعبية وضاحية الصالحة غرب مدينة أمدرمان. ولم تتوقف المواجهات وحالة الكر والفر بين الجيش وقوات «الدعم السريع» وسط أحياء أمدرمان، مع استمرار الجيش في شن ضربات جوية تسببت في قوع ضحايا بين قتيل وجريح، وسط المدنيين ودمار عدد كبير من المنازل السكنية.

وأفادت قوات «الدعم السريع»، في بيان، أمس، بأنها أحبطت محاولة من الجيش لفكّ الحصار المفروض على معسكر المدرَّعات بالشجرة، إلا أنها تصدّت لهذه المحاولة، واستطاعت تدمير 5 دبابات و9 سيارات مدرَّعة،

وأَسْر العشرات من قوات الجيش. من جهة ثانية أشاد المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني، نبيل عبد الله، بالشباب الذين هبُّوا لتلبية النداء الوطني، والاستجابة لنداء القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان، للالتحاق بصفوف المتطوعين والمستنفرين بالمعسكرات بجميع ولايات البلاد. وأضاف، في تصريح صحافي على موقع الجيش الرسمي في «فيسبوك»، أن الشعب السوداني لم يتوانَ عن وقفته الصلبة خلف قواته المسلَّحة رغم المحنة، ولم يتزعزع. وفي منتصف أبريل (نيسان) الماضي، اندلعت الحرب بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، بدأت في العاصمة الخرطوم، وانتقلت إلى ولايات دارفور وجنوب كردفان. ووقع طرفا القتال في السودان، في مايو (أيار)، على اتفاق إعلان مبادئ، ووقف إطلاق النار محدود الأجل بمدينة جدة، بوساطة سعودية أمريكية، إلا أن كل طرف يتهم الآخر بخرقه.


مقالات ذات صلة

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

شمال افريقيا حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

تكثف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار... وناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي، لتقليل تأثيرات وخسائر الحرب.

أحمد إمبابي (القاهرة )
شمال افريقيا عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من «قوات الدعم السريع»

أعلن الجيش السوداني، اليوم السبت، «تحرير» مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، من عناصر «قوات الدعم السريع».

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أعلن الجيش السوداني اليوم (السبت) «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم بدارفور (موقع «الجنائية الدولية»)

«الجنائية الدولية»: ديسمبر للمرافعات الختامية في قضية «كوشيب»

حددت المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي 11 ديسمبر المقبل لبدء المرافعات الختامية في قضية السوداني علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بدارفور.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا سودانيون فارُّون من منطقة الجزيرة السودانية يصلون إلى مخيم للنازحين في مدينة القضارف شرق البلاد 31 أكتوبر (أ.ف.ب)

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

مقتل العشرات في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة، فيما تعتزم الحكومة الألمانية دعم مشروع لدمج وتوطين اللاجئين السودانيين في تشاد.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)
حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر تُكثف دعمها للسودان في إعادة الإعمار وتقليل تأثيرات الحرب

حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)
حضور «الملتقى المصري - السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة» (مجلس الوزراء المصري)

في سياق تكثيف مصر دعمها للسودان في إعادة الإعمار، ناقش ملتقى اقتصادي في القاهرة الاستثمارات المشتركة بين البلدين، والتعاون الاقتصادي بهدف تقليل تأثيرات وخسائر الحرب السودانية، ودعم الأمن الغذائي بين البلدين.

واستضافت العاصمة المصرية القاهرة فعاليات «الملتقى المصري - السوداني الأول لرجال الأعمال»، اليوم السبت، بعد أيام من انعقاد «المؤتمر الاقتصادي الأول» في السودان، وناقش مسؤولون ورجال أعمال من البلدين فرص التوسع في الشراكات الاقتصادية.

ويشهد السودان منذ أبريل (نيسان) 2023 حرباً داخلية بين الجيش السوداني، و«قوات الدعم السريع»، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت «نحو 13 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار»، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء المصري، ووزير النقل والصناعة، كامل الوزير، في كلمته بالملتقى، أن التحديات التي تواجهها مصر والسودان «تفرض التعاون المشترك في مختلف المجالات»، لافتاً إلى حرص بلاده على «دعم السودان لتجاوز محنة الحرب وعودة الاستقرار».

وعدد الوزير المصري مجموعة من الفرص، التي يمكن استثمارها لدفع مجالات التجارة والصناعة والاستثمار في البلدين، منها «ثلاثة محاور للنقل البري، والمواني الجافة على الحدود المشتركة في معبري (قسطل وأرقين)»، إلى جانب ميناء للملاحة النهرية بين بحيرة ناصر (جنوب مصر) إلى وادي حلفا (شمال السودان)، معلناً عن مخطط مصري لمد مشروع خط القطار السريع «أبو سمبل - الإسكندرية» إلى السودان في منطقة «وادي حلفا»، ومؤكداً أن دراسات المشروع «باتت جاهزة للتنفيذ وتتبقى موافقة الجانب السوداني».

ويربط مصر والسودان منفذان بريان، هما معبرا «أرقين»، و«أشكيت» (ميناء قسطل) بوادي حلفا بالولاية الشمالية، ويعتمد البلدان على المعبرين في التبادل التجاري ونقل الأفراد.

وزير النقل المصري خلال كلمته بـ"الملتقى المصري-السوداني" (مجلس الوزراء المصري)

ودعا كامل الوزير المستثمرين السودانيين لتوسيع أعمالهم في السوق المصرية، مشيراً إلى أن حكومة بلاده «مستعدة لإزالة أي عقبات أمام الشركات السودانية للاستفادة من الفرص المتاحة في قطاعات التجارة والقطاعات الإنتاجية»، ومنوهاً بـ«إجراءات تحسين مناخ الاستثمار بمصر لتسهيل تأسيس الشركات، وإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة».

وأضاف الوزير موضحاً أن «ملتقى رجال الأعمال المصري - السوداني» سيشكل «نواة للشراكة في المجال الصناعي بين البلدين، بما يعزز من التكامل الإقليمي، مع التعاون في مجال الأمن الغذائي».

وشارك في الملتقى وفد حكومي سوداني، ضم وزراء الصناعة والنقل والتموين والنفط والكهرباء، إلى جانب ممثلين من مجتمع الأعمال المصري - السوداني، وروابط الجالية السودانية بمصر.

وحسب تقديرات رسمية، تستضيف مصر نحو مليون و200 ألف سوداني، فروا من الحرب الداخلية، إلى جانب آلاف آخرين من الذين يعيشون في المدن المصرية منذ سنوات.

وعدّ السفير السوداني بمصر، عماد الدين عدوي، أن مبادرة انعقاد (ملتقى رجال الأعمال) بين البلدين «تستهدف تدشين شراكة لإعادة الإعمار في بلاده بعد الحرب»، مشيراً إلى أن الشركات المصرية (حكومية وخاصة) «هي الأجدر والأقدر على القيام بعملية الإعمار، وإعادة بناء ما دمرته الحرب».

كما أشار عدوي إلى أن الحرب «أثرت على النشاط الاقتصادي لبلاده، وحدّت من فرص التبادل التجاري»، غير أنه لفت إلى أن «نسب التجارة المصرية - السودانية لم تتأثر كثيراً، إذ حافظت على استقرارها عامي 2022 و2023»، وقال إن من أهداف الملتقى «دفع الشراكة لتحقيق الأمن الغذائي».

وسجل حجم التبادل التجاري بين مصر والسودان نحو 1.4 مليار دولار خلال عام 2023، مقابل 1.5 مليار دولار عام 2022، بنسبة انخفاض قدرها 6.4 في المائة، وفق إفادة لـ«الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر، في مارس (آذار) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية).

مشاركات واسعة في "الملتقى المصري-السوداني لرجال الأعمال بالقاهرة" (مجلس الوزراء المصري)

من جانبه، تحدث وزير التموين المصري، شريف فاروق، عما تنفذه بلاده من مشروعات بنية تحتية ولوجيستية، وقال إن تلك المشروعات «تمنح فرصاً للمستثمرين المصريين والسودانيين لتعزيز شراكتهم واستثماراتهم».

بينما أشار وزير التموين والتجارة السوداني، عمر محمد أحمد، إلى تأثير الحرب الداخلية على القطاعات الإنتاجية في بلاده، لافتاً في كلمته بالملتقى إلى «حاجة بلاده لمزيد من الاستثمارات في الأمن الغذائي»، ودعا إلى «تأسيس تحالف استراتيجي اقتصادي تجاري بين البلدين».

وناقش الملتقى ورقتي عمل حول عملية «إعادة الإعمار في السودان»، وفرص «تحقيق الأمن الغذائي بين البلدين»، وقدّر مدير «مركز التكامل المصري - السوداني»، عادل عبد العزيز، حجم خسائر القطاع الاقتصادي في السودان بسبب الحرب بنحو «89 مليار دولار»، من دون احتساب خسائر تدمير البنية التحتية والمنشآت، وقال في كلمته بالملتقى إن السودان «يواجه إشكالية مع المجتمع الدولي، ويعوّل على الشراكة مع الدول الصديقة مثل مصر لتجاوز أي تحديات».

وخلال فعاليات الملتقى، تحدث ممثلون عن المستثمرين ورجال الأعمال بالبلدين، وأشار ممثل مجتمع الأعمال السوداني، سعود مؤمن، إلى أن الملتقى «يروم تكامل جهود البلدين في إعادة الإعمار، وتوفير احتياجات السودان من السلع الضرورية»، منوهاً بـ«رغبة القطاع الخاص السوداني في تدشين تجمعات اقتصادية مع نظرائهم بمصر في مجال الصناعات الغذائية».

كما أشار رجل الأعمال المصري، نجيب ساويرس، إلى أن «الزراعة تعد من أكثر المجالات جذباً للاستثمار بالسودان لتوافر المياه والأرض الصالحة»، فيما رأى ممثل مجتمع الأعمال المصري، أحمد السويدي، أن «التصنيع الزراعي أحد المجالات التي يمكن الاستثمار بها في السودان».