تصاعد الاشتباكات بين القوات التركية و«قسد» شمال سوريا

بدء عودة السوريين من عطلة «الزلزال»... ومهلة لمخالفي شروط «الحماية المؤقتة»

موقع قصف مسيّرة تركية لعناصر من «قسد» في الحسكة (تويتر)
موقع قصف مسيّرة تركية لعناصر من «قسد» في الحسكة (تويتر)
TT

تصاعد الاشتباكات بين القوات التركية و«قسد» شمال سوريا

موقع قصف مسيّرة تركية لعناصر من «قسد» في الحسكة (تويتر)
موقع قصف مسيّرة تركية لعناصر من «قسد» في الحسكة (تويتر)

تصاعدت الاشتباكات والهجمات المتبادلة بين القوات التركية وما يعرف بـ«الجيش الوطني السوري» الموالي لأنقرة من جانب، و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) من جانب آخر، على عديد من المحاور في شمال سوريا بعد فترة قصيرة من الهدوء.

وقُتل 5 عناصر من فصائل «الجيش الوطني» وأُصيب آخرون، السبت، في هجوم نفذته مجموعة من «قسد» تسللت إلى مناطق سيطرة الفصائل على محور كلجبرين قرب مدينة مارع الواقعة ضمن مناطق «درع الفرات» في شمال حلب، التي تسيطر عليها القوات التركية و«الجيش الوطني». وعلى الأثر، اندلعت اشتباكات وتبادل للقصف المدفعي بين الطرفين، بحسب ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وكان طفل أُصيب بجروح، ليل الجمعة - السبت، خلال استهداف فصائل «الجيش الوطني»، بالرشاشات الثقيلة والمتوسطة، قرية الذوق الكبير، التابعة لناحية شيراوا بريف عفرين شمال غربي حلب، والخاضعة لسيطرة «قسد» والقوات الحكومية السورية. وجاءت هذه التطورات، بعدما قُتل 4 عناصر من «قسد» في هجوم شنته طائرة مسيّرة تركية على منطقة عامودا في محافظة الحسكة. وبحسب ما أفاد «المرصد» وكذلك المركز الإعلامي لـ«قسد»، استهدفت مسيرّة تركية قرية «خربة خوي» في منطقة عامودا، وأسفر الاستهداف عن مقتل 4 من مقاتلي «قسد». وقال «المرصد» إن المسيّرة هاجمت معسكر تدريب تابعاً لـ«قسد»، التي تشكّل «وحدات حماية الشعب الكردية» غالبية قوامها، في محافظة الحسكة، ما أسفر عن مقتل 4 من عناصر «قسد» وإصابة 8 آخرين. وبحسب المرصد، يعد هذا هو الاستهداف الثاني بالطائرات المسيّرة التركية لمناطق ريف الحسكة خلال يومين. وكشف المرصد عن مقتل 45 شخصاً منذ بداية العام الحالي بضربات جوية تركية، بينهم 10 مدنيين و35 عنصراً من «قسد» أو قوات حليفة لها.

معبر حدودي بين تركيا وسوريا (أرشيفية - أ.ف.ب)

في غضون ذلك، أعلنت إدارة معبر «باب السلامة» الحدودي مع تركيا استئناف حركة عودة السوريين الذين دخلوا بلادهم لقضاء العطلة المخصصة للسوريين المقيمين في الولايات التركية الإحدى عشرة المنكوبة جراء زلزال 6 فبراير (شباط) الماضي، الذي أصاب مناطق في شمال غربي سوريا أيضاً. وقالت إدارة المعبر، في بيان، (السبت)، إنه سيسمح بعودة السوريين إلى داخل تركيا اعتباراً من يوم الاثنين. وسمحت السلطات التركية لآلاف السوريين في مناطق الزلزال الذي خلّف أكثر من 50 ألف قتيل من الأتراك والسوريين، بالسفر لزيارة ذويهم في سوريا. بالتزامن، أعلنت دائرة الهجرة في ولاية إسطنبول التركية أن على السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة، المخالفين لمناطق صدور بطاقات الحماية (كيملك) الخاصة بهم، العودة إلى الولايات التي تم تسجيلهم فيها، وذلك حتى تاريخ 24 سبتمبر (أيلول) المقبل. وجاء في بيان لدائرة الهجرة، تم نشره على الصفحة الرسمية لولاية إسطنبول، (السبت): «يجب على الأجانب الحاملين للجنسية السورية، الخاضعين للحماية المؤقتة، والمسجلين خارج إسطنبول ولكنهم يقيمون حالياً فيها، العودة إلى الولايات التي تم تسجيلهم فيها... في حال تقدم الخاضعون للحماية المؤقتة والمقيمون في المدينة بطلب إلى مديرية إدارة الهجرة في إسطنبول حتى موعد 24 سبتمبر، سيتم إصدار تصريح لهم للعودة إلى الولايات المسجلين فيها». وأضاف البيان أنه سيتم السماح للمواطنين السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة، الذين قدموا من الولايات المتضررة من زلزال 6 فبراير، وحصلوا سابقاً على تصريح مغادرة، بالبقاء في إسطنبول حتى إشعار آخر. جاء ذلك وسط تقارير عن عمليات ترحيل قسري واسعة للسوريين من تركيا إلى بلادهم؛ بسبب مخالفة شروط الحماية المؤقتة، أو الإقامة في ولايات غير المسجلين فيها.

مقاتلون من فصائل مدعومة من تركيا في عرض عسكري بأعزاز ريف محافظة حلب يونيو 2022 (د.ب.أ)

ونفى وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، وجود حالات ترحيل لسوريين من حملة بطاقات الحماية المؤقتة (كيملك) بسبب الإقامة في ولاية غير الولاية الصادرة منها بطاقاتهم. وقال يرلي كايا، (الأربعاء)، إن مَن يُضبط تتم إعادته إلى ولايته وليس ترحيله، مضيفاً: «لا توجد مشكلة بالنسبة للسوري الذي يحمل (كيملك) المقيم في الولاية التي أصدرت بطاقته».

وشدد الوزير التركي على أنهم يعملون بـ«حساسية بالغة» حيال مكافحة الهجرة غير الشرعية، التي باتت مشكلة عالمية، وأنهم لا يتهاونون فيها ويعملون على إخلاء المدن، خصوصاً إسطنبول، من المهاجرين غير الشرعيين، مشيراً إلى أنه تم ترحيل 16 ألفاً منهم خلال الشهرين الأخيرين. وقال إنه يوجد في تركيا حالياً 4 ملايين و888 ألفاً و286 مهاجراً شرعياً، وتم وقف منح تصاريح الإقامة للأجانب في الأحياء التي تزيد نسبتهم فيها على 20 في المائة من السكان. وأضاف أنه بالنسبة للسوريين، ونتيجة الخدمات التي وفرتها تركيا في الشمال السوري، عاد أكثر من 500 ألف سوري إلى بلادهم بشكل طوعي وآمن، لافتاً إلى أن «عدد سكان مدينة جرابلس بلغ مئات الآلاف بسبب العودة الطوعية بفضل الخدمات التي نقدمها هناك».


مقالات ذات صلة

زلزال بقوة 5 درجات يضرب شرق إندونيسيا

آسيا عناصر من البحث والإنقاذ يتدربون على محاكاة لإخلاء ضحايا تسونامي في إندونيسيا (إ.ب.أ)

زلزال بقوة 5 درجات يضرب شرق إندونيسيا

ضرب زلزال بقوة 5 درجات على مقياس ريختر شرق إندونيسيا، اليوم السبت، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
آسيا رسم بياني لزلزال (متداولة)

زلزال بقوة 5.9 درجة قبالة كامتشاتكا الروسية

قال «المركز الأوروبي المتوسطي لرصد الزلازل»، إن زلزالاً بقوة 5.9 درجة وقع قبالة الساحل الشرقي لمنطقة كامتشاتكا الروسية، اليوم (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جانب من أعمال منتدى جزر المحيط الهادئ في نوكي ألوفا اليوم (إ.ب.أ)

تزامناً مع انعقاد قمة إقليمية... زلزال بقوة 6.9 درجة يضرب تونغا

ضرب زلزال بلغت قوته 6.9 درجة اليوم (الاثنين)، تونغا الواقعة في المحيط الهادئ، حسبما ذكرت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية.

«الشرق الأوسط» (نوكي ألوفا)
شؤون إقليمية أشخاص ينتظرون حافلة في كهرمان مرعش المتضررة بالزلزال في 28 مايو 2023 (أ.ف.ب)

بعد 25 عاماً على «كارثة مرمرة»... إسطنبول تعيش مخاوف زلزال كبير

600 ألف مبنى سكني يقطنها نحو 2.5 مليون نسمة معرضة للانهيار في الدقائق الأولى من زلزال محتمل يهدد إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي نقطة تفتيش حدودية بالقرب من معبر نصيب بين الأردن وسوريا 29 سبتمبر 2018 (رويترز)

زلزال بقوة 4.8 يهز الحدود بين الأردن وسوريا

قال مركز أبحاث علوم الأرض الألماني (جي إف زد)، إن زلزالاً بقوة 4.8 درجة هز منطقة الحدود الأردنية - السورية، اليوم (الجمعة).

«الشرق الأوسط» (عمّان)

مصر تشكو إثيوبيا مجدداً لمجلس الأمن: تهدد استقرار الإقليم

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
TT

مصر تشكو إثيوبيا مجدداً لمجلس الأمن: تهدد استقرار الإقليم

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

صعّدت مصر في نزاعها مع إثيوبيا بشأن «سد النهضة» على نهر النيل، مجددة شكواها إلى مجلس الأمن الدولي، ضد ما وصفته بـ«السياسات الأحادية» لأديس أبابا، والتي اعتبرتها «تهدد استقرار الإقليم».

ومصر وإثيوبيا على خلاف منذ سنوات بسبب السد، الذي تبنيه إثيوبيا منذ عام 2011 بداعي توليد الطاقة الكهرومائية على النيل الأزرق (الرافد الأساسي لنهر النيل) بالقرب من الحدود مع السودان.

ووجّه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بعد التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإثيوبي حول المرحلة الخامسة من ملء «سد النهضة»، والتي بدأت في يوليو (تموز) الماضي.

وشدد الخطاب على «رفض مصر القاطع للسياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولي»، والتي اعتبرها «تُشكل خرقاً صريحاً لاتفاق (إعلان المبادئ) الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015، والبيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في 15 سبتمبر (أيلول) 2021».

وأضاف الخطاب أن «تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد حول حجز كمية من مياه النيل الأزرق هذا العام واستكمال بناء الهيكل الخرساني للسد الإثيوبي، تُعد غير مقبولة جملة وتفصيلاً للدولة المصرية، وتمثل استمراراً للنهج الإثيوبي المثير للقلاقل مع جيرانها والمهدد لاستقرار الإقليم الذي تطمح أغلب دوله لتعزيز التعاون والتكامل فيما بينها، بدلاً من زرع بذور الفتن والاختلافات بين شعوب تربطها وشائج الأخوة والمصير المشترك».

وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، الاثنين الماضي، أن «بناء (سد النهضة) سينتهي بشكل كامل بحلول شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل». وكشف في مقابلة مع التلفزيون الإثيوبي من موقع السد، أن إجمالي المياه المحتجزة في بحيرة السد بلغ «62.5 مليار متر مكعب»، متوقعاً أن يصل في ديسمبر المقبل إلى ما بين 70 و71 مليار متر مكعب من إجمالي السعة الكلية للسد؛ 74 مليار متر مكعب.

وتطالب مصر ومعها السودان بـ«اتفاق قانوني ملزم» ينظم عمليتَي الملء والتشغيل، بما لا يضر بحصتيهما المائية.

ولا تعد هذه هي المرة الأولى التي تخاطب مصر فيها مجلس الأمن بشأن نزاع «سد النهضة»؛ فقد سبق أن قدمت شكوى في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عقب انتهاء إثيوبيا من الملء الرابع للسد. كما اعتمد مجلس الأمن في سبتمبر عام 2021، بياناً رئاسياً دعا فيه أطراف «سد النهضة» إلى استئناف المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي.

جانب من آخر جولة مفاوضات بين وزراء مياه مصر والسودان وإثيوبيا العام الماضي (وزارة الموارد المائية المصرية)

واعتبر أستاذ القانون الدولي المصري الدكتور محمد محمود مهران، لجوء مصر إلى مجلس الأمن «خطوة ضرورية»، مطالباً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» المجلس بـ«أن يتحرك لاتخاذ قرار حاسم بعد أن فشل البيان الرئاسي الصادر في سبتمبر 2021 في الوصول إلى تسوية ودية».

وأكد مهران ضرورة «أن يتدخل مجلس الأمن بقرارات جدية، تفرض عقوبات على إثيوبيا وفق القانون الدولي»، داعياً مصر إلى «المزيد من الضغط الدبلوماسي في المحافل الدولية، مع إمكانية اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وطرح تصويت على قرار يؤكد الانتهاكات الإثيوبية لحقوق مصر والسودان، كما يمكن طلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن شرعية التصرفات الأحادية لإثيوبيا».

وفشلت آخر جولة تفاوض بين مصر والسودان وإثيوبيا في الوصول إلى حل في ديسمبر الماضي.

وتأتي هذه التطورات في أعقاب تصاعد التوترات السياسية بين مصر وإثيوبيا على خلفية إرسال مصر معدات ووفوداً عسكرية إلى الصومال للمشاركة في بعثة الدعم التابعة للاتحاد الأفريقي، التي من المقرر أن تحل محل بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية الحالية بحلول يناير (كانون الثاني) 2025.

وأعربت إثيوبيا عن «قلقها» إزاء انتقال بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال إلى بعثة جديدة لدعم السلام، وعدّ متحدث الخارجية الإثيوبية، نبيو تاديلي، أن هذه الخطوة «تشكل مخاطر على المنطقة»، وأكدت أديس أبابا أنها «لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي».

وفي خطابه لمجلس الأمن أكد وزير الخارجية المصري أن «السياسات الإثيوبية غير القانونية سيكون لها آثارها السلبية الخطيرة على دولتَي المَصبّ مصر والسودان»، موضحاً أنه «بالرغم من أن ارتفاع مستوى فيضان النيل في السنوات الأخيرة، وكذلك الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة المصرية، قد أسهما في التعامل مع الآثار السلبية للتصرفات الأحادية لـ(سد النهضة) في السنوات الماضية»، فإن «مصر تظل متابعة عن كثب للتطورات ومستعدة لاتخاذ كافة التدابير والخطوات المكفولة بموجب ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن وجودها ومقدرات شعبها ومصالحه».

وتوقعت مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، الدكتورة أماني الطويل، أن يتفاعل مجلس الأمن مع شكوى مصر بشكل أكثر جدية من مجرد بيان، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «تفاعل مجلس الأمن مع شكوى مصر يجب أن يتزامن مع ترتيبات إقليمية ودولية؛ إذ يوجد بالوقت الراهن متغيرات دولية وإقليمية غيرت معادلة وموازين القوى بالمنطقة، مثل توترات البحر الأحمر، وهو ما يوفر لمصر فرصة للتحرك لحشد التأييد لإلزام إثيوبيا بتوقيع اتفاق ملزم».

وأشارت الطويل إلى أنه «من بين المتغيرات الإقليمية التي تعزز موقف مصر، أن الرهان على الدور الإثيوبي كلاعب إقليمي ضعف كثيراً، هذا بجانب مشكلات أديس أبابا الداخلية، وما يمكن اعتباره فشل المشروع السياسي لآبي أحمد»، حسب وصفها.

وبشأن إمكانية استئناف مفاوضات «سد النهضة»، يرى أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي، أن «بعض التفاصيل الفنية لم تعد مطروحة للتفاوض بسبب اكتمال بناء السد، مثل التصميمات الهندسية للإنشاءات، ودراسات عوامل الأمان».

وقال شراقي لـ«الشرق الأوسط» إنه في حال تم الاتفاق على عودة المفاوضات، فإن أبرز ما يجب أن يُطرح هو «الاتفاق على قواعد محددة للتشغيل والملء المتكرر كل عام، ووضع آلية لفض المنازعات؛ بمعنى أنه إذا حدث خلاف بعد توقيع اتفاق ملزم يجب أن توضع قواعد للتعامل مع ذلك، كما يجب الاتفاق على قواعد تتعلق بأمان السد، مثلاً يجب أن تلتزم أديس أبابا بعدم تخزين كميات كبيرة قد تؤدي لانهيار السد».