لافروف يستبعد إحياء «النووي» في خضم انتقادات إيرانية لموسكو

خامنئي يحمل أميركا مسؤولية الحرب الأوكرانية... وظريف ينفى معاداة روسيا

لافروف يتحدث إلى وسائل الإعلام في جاكارتا اليوم (أ.ب)
لافروف يتحدث إلى وسائل الإعلام في جاكارتا اليوم (أ.ب)
TT

لافروف يستبعد إحياء «النووي» في خضم انتقادات إيرانية لموسكو

لافروف يتحدث إلى وسائل الإعلام في جاكارتا اليوم (أ.ب)
لافروف يتحدث إلى وسائل الإعلام في جاكارتا اليوم (أ.ب)

قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم، إنه من غير الواقعي حالياً توقع أي تفاهمات إضافية لإحياء خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وذلك في وقت تواجه موسكو انتقادات غاضبة من حلفائها وخصومها في طهران بعد تأييدها مبادرة إماراتية تدعو إلى حل قضية الجزر الثلاث في الخليج العربي.

وحمل لافروف الولايات المتحدة مسؤولية «فشل» الاتفاق النووي. وقال للصحافيين إن التوقعات بأي تفاهمات إضافية لإحياء الاتفاق النووي «غير واقعية في ظل الظروف الحالية مع بقاء ما يزيد على سنة بقليل حتى الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024».

وأفادت وكالة «تاس» الروسية عن لافروف قوله على هامش المؤتمر الوزاري لرابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) في جاكرتا اليوم: «أشك في أن يكون من الواقعي توقع هذا (إحياء الاتفاق) مع (احتمال) وصول إدارة جديدة إلى السلطة في الولايات المتحدة في غضون عام».

وأبدى لافروف شكوكا في تماسك الاتفاق، قائلا: «من يدري ما إذا كانت الإدارة ستكون ديمقراطية أم جمهورية، لا أحد يستطيع ضمان أن الإدارة الجديدة لن تنسحب من الاتفاق مرة أخرى».

وقال لافروف إن واشنطن «رفضت القرار الذي جرى تبنيه بالإجماع»، معرباً عن أسفه على أن إدارة بايدن «عندما وصلت إلى السلطة، قالوا إنهم مستعدون لاستعادة البرنامج (...)، ولكن بدلاً من اتخاذ قرار بإحياء الاتفاق بالكامل، كانوا يتفاوضون على شيء إضافي من طهران».

وقال مسؤولون غربيون وإيرانيون في وقت سابق من الشهر الحالي إن الولايات المتحدة، بعد الفشل في إحياء الاتفاق، أجرت محادثات مع إيران في محاولة لتخفيف حدة التوتر عن طريق تحديد خطوات من شأنها أن تحد من البرنامج النووي الإيراني وتؤدي للإفراج عن رعايا أميركيين تحتجزهم طهران منذ سنوات وإلغاء تجميد بعض الأصول الإيرانية في الخارج.

وقال لافروف «سنرحب فقط بالسيناريو الذي يمكن من خلاله تطبيق هذه الصفقة، لكن لا علاقة لذلك بالاتفاق النووي».

وجاءت تصريحات لافروف بعد أقل من 24 ساعة، حمّل فيها المرشد الإيراني علي خامنئي الولايات المتحدة وشركاتها لصناعة الأسلحة مسؤولية الحرب في أوكرانيا، من دون أن يتطرق مرة أخرى إلى اسم روسيا.

صورة نشرها موقع خامنئي من لقائه مع مجموعة من رجال الدين في طهران أمس

ووصف خامنئي الشعب الأوكراني بـ«البائس» و«الأعزل» و«الضحية». وقال: «هؤلاء (الأميركيون) مستعدون أن يدفعوا الأمة الأوكرانية البائسة والمعزولة إلى الأمام لكي يملأوا جيوب شركات صناعة الأسلحة الأميركية» حسبما أورد موقعه الرسمي.

تتزامن انتقادات لافروف وخامنئي للولايات المتحدة، مع أحدث موجة انتقادات داخلية في إيران للتقارب مع روسيا، وذلك بعدما أصدر وزراء خارجية روسيا ومجلس التعاون الخليجي بياناً مشتركاً يدعم مبادرة إماراتية ومساعيها للتوصل إلى حل سلمي لقضية الجزر الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، من خلال المفاوضات الثنائية أو محكمة العدل الدولية.

وأثار الموقف الروسي، حفيظة خصوم التقارب والتعاون بين طهران وموسكو؛ خصوصاً في الأوساط الإصلاحية والمعتدلة وأنصار الحكومة السابقة المؤيدين لسياسة الانفتاح على الغرب.

ونشر كل من وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبداللهيان والناطق باسم الحكومة علي بهادري جهرمي، بيانا يرفض «المساس بسيادة الأراضي الإيرانية» دون الإشارة إلى روسيا. وهو ما عرض عبداللهيان لمزيد من الانتقادات على «تويتر».

وكان بعض مسؤولي الحكومة السابقة والنواب السابقين قد انتقدوا الموقف الروسي.

«سذاجة روسية»

 

اضطر علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، إلى اتخاذ موقف من البيان الخليجي - الروسي، واصفا دعم روسيا لقضية الجزر الثلاث بأنه «ناجم عن سذاجتها».

وقال: «هذا العمل نوع من السذاجة التي نراها من الروس في بعض الأحيان، بعض أصدقائنا مثل روسيا وقفوا في الحفرة نفسها التي وقع فيها الصينيون».

ويوصف ولايتي بأنه أحد مهندسي استراتيجية «التطلع نحو الشرق» التي يطالب بتطبيقها خامنئي منذ سنوات.

وكان ولايتي يشير ضمناً إلى بيان صيني - خليجي صادر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وأبدى موقفاً مماثلاً من الجزر الثلاث، وأكد على أهمية مشاركة دول المنطقة لمعالجة الملف النووي الإيراني، والأنشطة الإقليمية المزعزعة للاستقرار، ومنع انتشار الصواريخ الباليستية، والطائرات المسيرة وضمان سلامة الملاحة الدولية والمنشآت النفطية.

وقال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، النائب حسين فدا مالكي لموقع «ديده بان»: «روسيا تقف إلى جانب إيران في بعض المواقف الدولية لكننا لم نتوقع هذه الخطوة منهم». وأضاف: «لقد ارتكب الروس خطأ تاريخياً».

ظريف ينتقد روسيا

ونقلت صحيفة «دنياي اقتصادي» عن وزير الخارجية السابق، محمد جواد ظريف، قوله إن «من الخطر معاداة روسيا وأميركا في إيران، لأننا يجب أن نعطي الأولوية لمصالحنا الوطنية، وبعد ذلك تؤخذ معارضة الهيمنة الأميركية في الحسبان».

وعلى غرار خامنئي، أعاد ظريف الحرب في أوكرانيا إلى الولايات المتحدة. وقال: «الوضع في أوكرانيا نتيجة اللعبة الأمنية لأميركا، بالطبع هذا لا يقلل من جرائم روسيا في أوكرانيا، لكن في الواقع أوكرانيا ضحية أميركا لكي تورط روسيا في مواجهة الإجماع العالمي».

ظريف يتحدث خلال مؤتمر بجامعة طهران (جماران)

انطلاقا من ذلك، اتهم ظريف إسرائيل بمتابعة «لعبة» و«مشروع» لجعل الملف النووي الإيراني «ذا طابع أمني» منذ عام 2004.

ومع ذلك، قال ظريف إن الاتفاق النووي «يعاني من خطابات مختلفة في إيران وأميركا». وأشار إلى خطابين «أحدهما خطاب غالب أراد القضاء على الاتفاق النووي». وأضاف: «في إيران كان خطاب التفاوض في مواجهة خطاب المقاومة أو رفض التفاوض... وفي أميركا خطاب الفرض يقابله خطاب التوصل لتفاهم، لذلك لم تتمكن طهران وواشنطن من مواجهة الخطاب الغالب».

وقال ظريف إن طهران «لديها تصور خاطئ من وضع علاقتها بروسيا، وتعتقد أن موسكو بإمكانها أن تكون حليفتها». وأضاف: «عندما لم تستخدم روسيا الفيتو ضد القرار 1696، فوجئ كثيرون رغم أنني كنت واثقا أن روسيا لن تستخدم حق النقض ضد هذا القرار».

وتابع ظريف «إنني لست معاديا لروسيا وكانت لدي 28 رحلة إلى روسيا في أثناء وزارتي».

وفي الشهور الأخيرة من مهامه الوزارية، تسربت شهادة صوتية من الأرشيف الرئاسي الإيراني، ويوجه فيها ظريف اتهامات لروسيا بالسعي لقلب الطاولة على مفاوضات الاتفاق النووي في عام 2015.

ويتهم ظريف موسكو في التسجيل نفسه بتوسيع نطاق التعاون الحربي في سوريا، مع قاسم سليماني مسؤول العلميات الخارجية لـ«الحرس الثوري» الذي قضى بضربة أميركية في العراق، بهدف منع إيران من قطف ثمار الاتفاق النووي والشراكة مع الغرب.


مقالات ذات صلة

عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

شؤون إقليمية صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس

عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

حذّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من «مؤامرة جديدة» قال إن خصوم إيران يعملون على تنفيذها عبر تعقيد الأوضاع الاقتصادية وإذكاء السخط الاجتماعي

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
خاص وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يبكي على نعش قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي خلال تشييع عسكريين كبار قتلوا في الضربات الإسرائيلية في طهران يوم 28 يونيو الماضي (أرشيفية- أ.ف.ب)

خاص «مطرقة الليل» في 2025... ترمب ينهي «أنصاف الحلول» في إيران

مع عودة دونالد ترمب إلى المكتب البيضاوي في مطلع 2025، لم تحتج استراتيجيته المحدثة لـ«الضغوط القصوى» سوى أقل من عام كي تفرض إيقاعها الكامل على إيران.

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية إيرانيون يمرون بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون. هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة فلسطين وسط طهران (إ.ب.أ)

إيران تربط التعاون النووي بإدانة قصف منشآتها

رهنت طهران أي تعاون جديد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولا سيما ما يتعلق بإعادة تفتيش المنشآت النووية التي تعرضت للقصف، بإدانة واضحة وصريحة من الوكالة.

«الشرق الأوسط» (لندن - نيويورك - طهران)
شؤون إقليمية بزشكيان يسلم مسودة مشروع الموازنة إلى قاليباف الثلاثاء (الرئاسة الإيرانية)

الحكومة الإيرانية تعرض موازنة تتجاوز 107 مليارات دولار

قدّمت الحكومة الإيرانية الثلاثاء مشروع موازنة العام الجديد إلى البرلمان بقيمة تتجاوز 107 مليارات دولار

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية أبو الفضل شكارجي خلال حوار ويبدو خلفه ملصق لأجهزة الطرد المركزي (دفاع برس)

«الأركان الإيرانية»: جاهزون لكل السيناريوهات

قال المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، أبو الفضل شكارجي، إن القدرات البحرية والبرية والصاروخية لإيران «جاهزة لمواجهة أي سيناريو يفرضه العدو».

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

إسرائيل تعترف بـ«جمهورية أرض الصومال»

نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
TT

إسرائيل تعترف بـ«جمهورية أرض الصومال»

نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)
نتنياهو يوقع على قرار في مكتبه (إكس)

أصبحت إسرائيل، أمس، أولَ دولة تعترف رسمياً بـ«جمهورية أرض الصومال» (صومالي لاند) المعلنة من جانب واحد «دولة مستقلة ذات سيادة»، وهو قرار من شأنه أن يعيدَ تشكيل الديناميكيات الإقليمية ويختبر معارضة ​الصومال الطويلة الأمد للانفصال، ويعطي تل أبيب موطئَ قدم في منطقة القرن الأفريقي الحساسة، في بلد يملك أطولَ حدود بحرية في قارة أفريقيا.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إنَّ إسرائيل ستسعى إلى تعاون فوري مع «أرض الصومال» - التي كانت تُعرف باسم «الصومال البريطاني» سابقاً - وفي بيان له، هنأ نتنياهو رئيس «أرض الصومال» عبد الرحمن محمد عبد الله، وأشادَ بقيادته ودعاه إلى زيارة إسرائيل. وقال نتنياهو إنَّ الإعلان «يتماشى مع روح اتفاقيات إبراهيم، التي وقعت بمبادرة من الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب».

وأعلنت مصرُ أنَّ وزير خارجيتها، بدر عبد العاطي، تحدَّث هاتفياً مع نظرائه من الصومال وتركيا وجيبوتي لمناقشة ما وصفوه بالتطورات الخطيرة في القرن الأفريقي عقب الإعلان الإسرائيلي.

وقالت وزارة الخارجية المصرية إنَّ الوزراء ندَّدوا بالاعتراف الإسرائيلي وأكَّدوا دعمَهم الكامل لوحدة الصومال ‌وسلامة أراضيه.

وتتمتَّع منطقة «أرض الصومال» بحكم ذاتي فعلي، وسلام واستقرار نسبيين، منذ عام 1991 حين انزلق الصومال إلى حرب أهلية، إلا أنَّ هذه المنطقة الانفصالية لم تحظَ باعتراف أي دولة أخرى.


إيران تتطلَّع إلى حكومة عراقية «تراعي مصالحها»

السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)
السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)
TT

إيران تتطلَّع إلى حكومة عراقية «تراعي مصالحها»

السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)
السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)

قالَ السفير الإيراني لدى العراق، كاظم آل صادق، إنَّ طهران تتطلَّع إلى تشكيل حكومة عراقية مقبلة تراعي مصالح بلدها وإيران معاً، مؤكّداً أنَّ الفصائل العراقية قرَّرت بنفسها طرحَ مبادرة حصر السلاح بيد الدولة، ولديها مخاوفُ من تداعيات الخطوة.

ونفى آل صادق، أمس (الجمعة)، أن تكون تلك الفصائل «وكيلة» لإيران، عادّاً هذا الوصف إهانة لها، ومشدداً على أنَّها باتت تتخذ قراراتها بصورة مستقلة، على حدّ تعبيره.

ولا تزال إيران تمتلك مستحقاتٍ مالية في مصارفَ عراقية لا تستطيع سحبَها بالكامل بسبب قيود العقوبات الأميركية، وفق كلام السفير الذي أكَّد أنَّ طهران تمكَّنت خلال حكومة محمد شياع السوداني من الحصول على «أكبر كمية» من أموالها مقارنة بالحكومات السابقة.

وانتقد آل صادق الدور الأميركي في العراق، مؤكّداً دعمَ بلاده لاستقرار العراق وتعزيز علاقاته الإقليمية.


تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
TT

تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إعطاء أولوية لمراجعة قضية احتجاز رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو. كما قرّرت عقد جلسة الاستماع بشأن طلب رجل الأعمال البارز، عثمان كافالا، المسجون منذ 8 سنوات، للإفراج عنه.

وقال محمد بهلون، محامي إمام أوغلو: «تلقينا إخطاراً رسمياً بأن طلبنا المقدم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن الاحتجاز غير المبرر لموكلنا، أكرم إمام أوغلو، سيُنظر فيه على وجه السرعة».

وأضاف بهلون عبر حسابه في «إكس»، الجمعة: «يُعد قرار المحكمة الأوروبية بإعطاء الأولوية للنظر في الطلب، المتعلق بإمام أوغلو، أمراً نادراً في الطلبات المقدمة من تركيا حتى الآن».

«حالة نادرة»

واعتُقل إمام أوغلو، الذي ينظر إليه على أنه أقوى منافس للرئيس التركي رجب طيب إردوغان على الرئاسة والمرشح عن حزب «الشعب الجمهوري» أكبر أحزاب المعارضة، في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2028، في 19 مارس (آذار) الماضي لاتهامات تتعلق بشبهات فساد في بلدية إسطنبول.

وأودع إمام أوغلو، الذي فجّر اعتقاله احتجاجات شعبية غير مسبوقة في تركيا منذ احتجاجات «غيزي بارك» عام 2013، إلى سجن سيليفري منذ 23 مارس، في إطار تحقيقات تتعلق بشبهات الفساد والرشوة والمخالفات في المناقصات.

اشتباكات بين الشرطة ومحتجين على اعتقال أكرم إمام أوغلو في إسطنبول في مارس الماضي (رويترز)

ويشمل التحقيق، الذي بدأ مع اعتقاله في 19 مارس، التي تصفها المعارضة بأنها عملية سياسية تستهدف منع إمام أوغلو من منافسة إردوغان، 122 مشتبهاً به. كما تضُمّ لائحة الاتهام، التي صدرت بعد 237 يوماً من الاعتقالات في 3900 صفحة، 402 شخص كمشتبه بهم، وشملت العديد من التهم المالية، بالإضافة إلى 17 تهمة بينها «التلوث البيئي المتعمد».

ويطالب الادعاء العام بسجن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى لمدة تتراوح بين 828 و2352 عاماً، بوصفه «مؤسس وزعيم منظمة إمام أوغلو الإجرامية». وستبدأ المحاكمة نظر القضية في 9 مارس المقبل، أمام الدائرة الـ40 لمحكمة إسطنبول الجنائية العليا.

قضية عثمان كافالا

بالتوازي، أعلنت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن جلسة الاستماع بشأن الطلب الثاني لرجل الأعمال الناشط البارز في مجال المجتمع المدني، عثمان كافالا، المسجون منذ عام 2017، ستُعقد في 25 مارس المقبل.

وأحالت المحكمة طلب كافالا، المتعلق باحتجازه والسجن المؤبد المشدد، إلى الدائرة الكبرى في 16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. ودعت الدائرة الأطراف إلى تقديم آرائهم الخطية بحلول 26 يناير (كانون الثاني) المقبل.

متظاهر يرفع صورة للناشط عثمان كافالا خلال مسيرة في إسطنبول في الذكرى الثامنة لاعتقاله (أ.ف.ب)

ولكي تتمكن حكومة تركيا أو أي أطراف ثالثة من المشاركة في جلسة الاستماع، يجب عليها تقديم طلب للحصول على إذن بحلول 29 يناير. وفي حال الموافقة على هذا الإذن، يجب تقديم الآراء الخطية إلى المحكمة في موعد أقصاه 12 فبراير (شباط).

وتنظر الدائرة الكبرى في الطلبات التي تتضمن مسائل جوهرية تتعلق بتطبيق وتفسير الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

ويتعلق الطلب الثاني، المُقدم في 18 يناير 2024، باستمرار احتجاز عثمان كافالا رغم قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بوقوع انتهاك لحقوقه، والمحاكمة التي أسفرت عن الحكم عليه بالسجن المؤبد المشدد.

وذكرت المحكمة الأوروبية في قرارها الصادر في 10 ديسمبر 2019 أن اعتقال كافالا واحتجازه كانا يهدفان إلى إسكاته وتثبيط عزيمة المدافعين الآخرين عن حقوق الإنسان.

إجراءات ضد تركيا

دعت المفوضية الأوروبية الحكومة التركية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للإفراج الفوري عن كافالا، وباشرت في عام 2021 إجراءات قانونية ضد أنقرة لعدم تنفيذها قرار الإفراج عنه.

الشرطة التركية تفرق متظاهرين خلال احتجاجات «غيزي بارك» في عام 2013 بخراطيم المياه (أرشيفية)

واحتجز كافالا في 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وتم توقيفه في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، بتهمة تنظيم أو تمويل احتجاجات حديقة «غيزي بارك» في إسطنبول عام 2013، ومحاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016.

ومنذ ذلك الحين، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أحكاماً تنص على أن احتجازه يُعد انتهاكاً لحقوقه، وأنه يجب الإفراج عنه فوراً. وفي أبريل (نيسان) 2022، حُكم على كافالا بالسجن المؤبد المشدد بتهمة «محاولة قلب نظام الحكم» في قضية «غيزي بارك»، وأيّدت محكمة النقض الحكم في سبتمبر (أيلول) 2023.