رئيس جنوب أفريقيا يؤكد تنظيم قمة «بريكس» حضورياً الشهر المقبل

رغم مذكرة التوقيف بحق بوتين

جانب من لقاء رئيس جنوب أفريقيا ونظيره الروسي في سان بطرسبورغ الشهر الماضي (إ.ب.أ)
جانب من لقاء رئيس جنوب أفريقيا ونظيره الروسي في سان بطرسبورغ الشهر الماضي (إ.ب.أ)
TT

رئيس جنوب أفريقيا يؤكد تنظيم قمة «بريكس» حضورياً الشهر المقبل

جانب من لقاء رئيس جنوب أفريقيا ونظيره الروسي في سان بطرسبورغ الشهر الماضي (إ.ب.أ)
جانب من لقاء رئيس جنوب أفريقيا ونظيره الروسي في سان بطرسبورغ الشهر الماضي (إ.ب.أ)

أنهى رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، الأحد، التكهنات حول احتمال نقل قمة «بريكس» المزمع تنظيمها الشهر المقبل إلى الصين، مؤكداً أن بلاده ماضية في استعدادات تنظيمها رغم مذكرة التوقيف الصادرة بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من المحكمة الجنائية الدولية. وسرت منذ أسابيع تكهنات تناقلتها وسائل إعلام محلية مفادها أن بريتوريا تدرس نقل القمة إلى الصين، تجنّبا لتوقيف بوتين الذي دُعي إلى القمة. وصرح رامافوزا لصحافيين: «نتقدم في تنظيم قمة بريكس ونجري مناقشات نهائية حول الشكل»، موضحا أن هذا الاجتماع الذي يضم مبدئياً جنوب أفريقيا والبرازيل والصين والهند وروسيا سيتم «حضورياً». بيد أن الرئيس الجنوب أفريقي لم يشر إلى حضور بوتين أو عدم حضوره، علما أن الأخير مستهدف منذ مارس (آذار) بمذكرة توقيف أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جريمة حرب عبر «ترحيل» أطفال أوكرانيين منذ غزو الجيش الروسي لأوكرانيا، الأمر الذي تنفيه موسكو. وأضاف رامافوزا ردا على سؤال على هامش مؤتمر لحزبه الحاكم: «سننظم قمة بريكس حضورياً. التزمنا جميعاً (هذا الأمر). لم نعقد قمة حضورية منذ نحو ثلاثة أعوام. لن تكون افتراضية». وبوصفها عضواً في المحكمة الجنائية الدولية، من واجب جنوب أفريقيا نظريا توقيف الرئيس الروسي في حال دخوله أراضيها. ويشكّل هذا الأمر معضلة دبلوماسية جدية لبريتوريا التي رفضت إدانة موسكو منذ بدء هجومها على أوكرانيا. وتؤكد جنوب أفريقيا أنها تبنت موقفاً محايداً لتتمكن من «أداء دور في حل النزاعات»، على ما قال رامافوزا سابقا، مؤكدا أنه تشاور مراراً مع بوتين.

عضوية «بريكس»

ويطرح موضوع توسيع عضوية «بريكس» نفسه بقوة على العلاقات الأفريقية - الروسية، خاصة مع اقتراب موعد عقد القمة الروسية الأفريقية الثانية في سان بطرسبورغ نهاية يوليو (تموز) الحالي.

صورة جماعية للوزراء في اجتماع «أصدقاء مجموعة بريكس» بمدينة كاب تاون في جنوب أفريقيا الشهر الماضي (إ.ب.أ)

وأفاد مراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأن طرح توسيع عضوية «بريكس»، والدعم الروسي للمساعي الأفريقية في هذا الصدد، من شأنه أن يعزز الحضور الروسي في القارة، باعتبارها قوة جيو - استراتيجية قادرة على بناء تحالفات جديدة في مواجهة المعسكر الغربي، وهو ما يراه المراقبون «تدشينا جديدا» لدور المنظمة التي يغلب الطابع الاقتصادي عليها.

وكان السفير أوليغ أوزيروف، رئيس أمانة منتدى الشراكة الروسية الأفريقية، أعلن نهاية الأسبوع الماضي في تصريحات صحافية أن عدداً من الدول الأفريقية أعربت عن رغبتها في أن تصبح أعضاء في منظمة «بريكس»، وقد قدم البعض طلبات رسمية للانضمام إليها. وأضاف «من الممكن تناول هذا الموضوع بناء على طلب شركائنا الأفارقة في القمة الروسية الأفريقية».

اهتمام دولي

يستقطب تجمع «بريكس» الذي تأسس من البرازيل وروسيا والهند والصين عام 2006، وانضمت إليه جنوب أفريقيا عام 2010، اهتماماً دولياً متصاعداً، إذ من المنتظر أن تناقش القمة المقبلة للتجمع نحو 19 طلبا من عدة دول بينها دول أفريقية بارزة، مثل مصر والجزائر والغابون، إلى جانب دولتين من شرق أفريقيا وواحدة من غرب القارة وفق تصريحات لسفير جنوب أفريقيا لدى «بريكس»، أنيل سوكلال، الشهر الماضي.

وتعتقد ميهايلا بابا، الأستاذ المساعد في جامعة «تافتس» بالولايات المتحدة والمختصة بقضايا التنمية المستدامة واقتصادات القوى الصاعدة، أن تجمع دول «بريكس» بات يمثل «وجهة جاذبة» لكثير من الاقتصادات الناشئة عالميا، خاصة مع تنامي المركز الاقتصادي للصين، التي تمثل أكثر من نصف القوة الاقتصادية للتجمع، والتي ترغب في تعزيز نفوذها الدولي عبره.

اجتماع لوزراء خارجية دول «بريكس» في كيب تاون بجنوب أفريقيا في 1 يونيو 2023 (رويترز)

وتضيف بابا التي درست دول «بريكس» لأكثر من عقد من الزمان، لـ«الشرق الأوسط» أن إصدار عملة موحدة لدول «بريكس» لتكون بديلا للتعامل بالدولار تمثل «إغراء كبيرا» لكثير من الدول التي تعاني ضغوطاً اقتصادية متصاعدة في السنوات الأخيرة، خاصة مع ارتفاع أسعار الفائدة وأزمة سقف الديون الأخيرة في الولايات المتحدة التي أدت إلى إثارة مخاوف بين البلدان الأخرى بشأن ديونها المقومة بالدولار، وزوال الدولار في حالة التخلف عن السداد.

وتضيف خبيرة قضايا التنمية المستدامة أن دول «بريكس»، ورغم كثير من الصعوبات التي يمكن أن تواجه التطبيق السريع لفكرة العملة الموحدة، خاصة في ظل استمرار هيمنة الدولار على المعاملات الدولية بنسبة 88 في المائة وتمثيله 58 في المائة من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية، قدمت «أفكارا بديلة» للمنظومة الاقتصادية العالمية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد. وأنشأت المجموعة «بنك التنمية الجديد»، مع وضع احتياطيات نقدية طارئة تدعم الدول التي تعمل على سداد ديونها، وهو ما يمثل مسألة ذات جاذبية لكثير من الدول الأفريقية التي تعاني من تضخم ديونها، وتواجه صعوبات في تنفيذ أجندة المؤسسات المالية الدولية.

أولوية أفريقية

من هذا المنطلق أيضا يعتقد رامي زهدي، خبير الشؤون الأفريقية، أن التعاون مع تجمع «بريكس» بات «أولوية» بالنسبة لكثير من الدول الأفريقية، سواء اتخذ هذا التعاون شكل الانضمام الرسمي مثل بعض الدول الرئيسية في أفريقيا مثل مصر والجزائر ونيجيريا والسنغال، أو عبر توسيع نطاق التعاون مع التجمع اقتصاديا وتجاريا.

وأوضح زهدي لـ«الشرق الأوسط» أن معدل ثقة الدول الأفريقية في المنظومة الاقتصادية التي تقودها الدول الغربية «يتراجع بقوة»، مشيرا إلى أن ذلك يترافق مع رغبة دول «بريكس»، وخاصة الصين وروسيا في توسيع مظلة التجمع، ليتحول من مجرد منظومة اقتصادية إلى تجمع جيوسياسي يمكن أن يكون بمثابة «قطب دولي صاعد»، لا سيما وأن التجمع يمثل لاعباً رئيسياً في الاقتصاد العالمي، كما أن توسيع العضوية، وضم دول أفريقية فاعلة «يمثل أولوية لدى بكين وموسكو اللتين لا تخفيان تطلعهما لتوسيع نفوذهما في القارة».

ويضم تجمع «بريكس» ما يزيد على 40 في المائة من سكان ومساحة العالم، حيث يتضمن 5 من أكبر دول العالم مساحة وأكثرها كثافة سكانية، كما ينتج أكثر من 30 في المائة من السلع والخدمات. وكشفت إحصاءات حديثة عن تفوق مجموعة «بريكس» لأول مرة على دول مجموعة السبع الأكثر تقدما في العالم، وذلك بعد أن وصلت مساهمة «بريكس» إلى 31.5 في المائة من الاقتصاد العالمي، مقابل 30.7 للقوى السبع الصناعية.

وفي عام 2014، دشن تجمع «بريكس» بنك التنمية الجديد برأس مالي أولي قدره 50 مليار دولار، ليكون بديلا للبنك وصندوق النقد الدوليين، وجذبت هذه المؤسسات كثيرا من الاقتصادات النامية والناشئة خارج «بريكس»، إذ اكتتبت دول مثل مصر والإمارات وأوروغواي وبنغلاديش عام 2021 فِي أسهم البنك باستثمارات بلغت 10 مليارات دولار.

ترقب أميركي

وحول ما إذا كانت الطموحات الأفريقية المدعومة روسياً وصينياً بشأن التقارب أو الانضمام إلى «بريكس» ستثير حفيظة الولايات المتحدة، أشارت ميهايلا بابا إلى أن واشنطن «ستتحرك بالتأكيد لتحجيم مساعي دول بريكس لتقليص الاعتماد على الدولار، لأن ذلك يمثل ضربة قوية للاقتصاد الأميركي». لكنها استدركت قائلة: «الأمر سيتوقف على مدى قدرة دول بريكس وحلفائهم المستقبليين على الصمود أمام ضغوط واشنطن».

ورأى رامي زهدي أن الولايات المتحدة «لن تقف مكتوفة الأيدي»، مشيرا إلى أنها «ربما تسعى إلى بناء تحالفات بديلة أو حتى مضادة لـ(بريكس)، أو تقديم إغراءات اقتصادية لدول القارة»، وهو ما يراه في كل الأحوال «تعزيزاً لفرص دول القارة، في أن تكون طرفاً فاعلاً في النظام الدولي الجديد».


مقالات ذات صلة

جنوب أفريقيا تحقق في انضمام 17 من مواطنيها للمرتزقة بصراع روسيا وأوكرانيا

أفريقيا حكومة جنوب أفريقيا تحقق في كيفية انضمام 17 من مواطنيها إلى قوات المرتزقة المشاركة بالصراع بين روسيا وأوكرانيا (إ.ب.أ)

جنوب أفريقيا تحقق في انضمام 17 من مواطنيها للمرتزقة بصراع روسيا وأوكرانيا

قالت حكومة جنوب أفريقيا، اليوم (الخميس)، إنها ستحقق في كيفية انضمام 17 من مواطنيها إلى قوات المرتزقة المشارِكة في الصراع بين روسيا وأوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (جوهانسبرغ)
أميركا اللاتينية الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا (أ.ف.ب) play-circle

لولا يعدّ الانتشار العسكري الأميركي في الكاريبي «عامل توتر»

عدّ الرئيس البرازيلي، لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، خلال اجتماع عبر الفيديو لمجموعة «بريكس»، الانتشار العسكري الأميركي في منطقة البحر الكاريبي «عاملَ توتر».

«الشرق الأوسط» (برازيليا)
الاقتصاد الزعيمان الصيني والهندي خلال لقائهما على هامش أحد مؤتمرات «بريكس» في روسيا (رويترز)

بكين ونيودلهي لإعادة بناء علاقاتهما التجارية بسبب الرسوم الأميركية على الهند

تعمل الهند والصين على استعادة الصلات الاقتصادية التي توترت إثر اشتباك حدودي مميت عام 2020، وذلك في أحدث علامة على اقتراب رئيس الوزراء الهندي من دول «بريكس».

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد سفينة وحاويات في ميناء سانتوس بالبرازيل (رويترز)

ما سبب الخلاف غير المسبوق بين الولايات المتحدة والبرازيل؟

دخلت العلاقات بين الولايات المتحدة والبرازيل منعطفاً حاداً وخطراً، بعد أن فرض الرئيس الأميركي دونالد ترمب رسوماً جمركية قياسية على السلع البرازيلية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن - برازيليا)
الاقتصاد زعماء الدول الأعضاء بـ«بريكس» يلتقطون صورة جماعية في ريو دي جانيرو الأحد 6 يوليو 2025 (أ.ب)

البرازيل والصين تناقشان دور مجموعة «بريكس» في الاقتصاد العالمي

قال مكتب الرئيس البرازيلي ووسائل إعلام رسمية صينية إن الرئيس الصيني شي جينبينغ ناقش مع نظيره البرازيلي دور مجموعة «البريكس» في الاقتصاد العالمي وسط رسوم ترمب.

«الشرق الأوسط» (برازيليا) «الشرق الأوسط» (برازيليا)

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
TT

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

احتدم القتال في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية اليوم (الجمعة)، بعد يوم واحد من استضافة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لزعيمي الكونغو ورواندا في واشنطن لتوقيع اتفاقات جديدة تهدف إلى إنهاء سنوات من الصراع في منطقة غنية بالمعادن، حسب ما نشرت «رويترز».

وأكد الرئيس الرواندي بول كاغامي، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، أمس الخميس، التزامهما باتفاق السلام الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في يونيو (حزيران) لتوطيد الاستقرار، وفتح الباب أيضاً أمام المزيد من الاستثمارات الغربية في مجال التعدين.

وقال ترمب، الذي تدخلت إدارته في سلسلة من النزاعات حول العالم لتعزيز صورته صانعاً للسلام، وكذلك لتعزيز المصالح التجارية الأميركية: «إننا نضع حلاً لحرب دائرة منذ عقود».

ولكن على أرض الواقع، استمر القتال العنيف مع تبادل الاتهامات بين الأطراف المتحاربة.

وقالت حركة «23 مارس» المدعومة من رواندا، التي استولت على أكبر مدينتين في شرق الكونغو في وقت سابق من هذا العام، وغير ملزمة باتفاق واشنطن، إن القوات الموالية للحكومة تشن هجمات واسعة النطاق.

ومن ناحيته، قال متحدث باسم جيش الكونغو الديمقراطية إن الاشتباكات مستمرة، وإن القوات الرواندية تشن هجمات قصف.

ويقول محللون إن الجهود الدبلوماسية الأميركية أوقفت تصعيد القتال في شرق الكونغو لكنها فشلت في حل القضايا الجوهرية، مشيرين إلى عدم وفاء الكونغو ورواندا بالتعهدات التي قطعها الجانبان في اتفاق يونيو (حزيران).

وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على الإنترنت الجمعة عشرات العائلات النازحة وهي تفر سيراً على الأقدام مع أخذ الأمتعة والماشية في إقليم جنوب كيفو بشرق الكونغو.

اقرأ أيضاً


بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
TT

بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

قررت السلطات العسكرية في بوركينا فاسو، الخميس، إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي أُلغيت عام 2018، خصوصاً فيما يتعلق بتهمة الإرهاب والخيانة العظمى والتجسس، في وقت يعيش فيه البلد تصاعداً في الهجمات الإرهابية التي تنفذها مجموعة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

وأُعلن القرار في بيان صادر عقب اجتماع مجلس الوزراء، وقالت الحكومة إنها صدّقت على «مشروع قانون العقوبات»، الذي يحدد عقوبات صارمة تجاه عدد كبير من الجرائم والجنايات، ذات الطابع الأمني والاقتصادي والسياسي.

وأضافت الحكومة موضحة أن مشروع القانون «يُعيد العمل بعقوبة الإعدام لعدد من الجرائم، من بينها الخيانة العظمى، والأعمال الإرهابية، وأعمال التجسس، وغيرها».

وقال وزير العدل وحقوق الإنسان، إداسو رودريغ بايالا، في بيان الحكومة، إن اعتماد هذا المشروع «يندرج ضمن الإصلاحات الواسعة التي يشهدها القطاع، بهدف تحقيق عدالة تلبي التطلعات العميقة للشعب».

كما يتضمن مشروع القانون الجديد تجريم «الترويج والممارسات المثلية والأفعال المرتبطة بها»، وفق ما أعلنته الحكومة، علماً بأنه سبق أن اعتمدت بوركينا فاسو في سبتمبر (أيلول) الماضي قانوناً يستهدف «مرتكبي الممارسات المثلية» بعقوبات تصل إلى خمس سنوات سجناً.

غرامات وأعمال مفيدة

أوضح الوزير رودريغ بايالا أن مشروع القانون اعتمد «العمل للمصلحة العامة» بوصفه عقوبة رئيسية، وهو ما يعني إحلال عقوبة تقوم على إلزام الشخص المحكوم عليه بأداء أعمال مفيدة للمجتمع، تحت إشراف السلطات، ووفق ضوابط قانونية محددة، محل بعض العقوبات التقليدية، مثل السجن أو الغرامة.

في غضون ذلك، شهدت الغرامات المالية المرتبطة بجميع المخالفات، سواء الجنح أو الجرائم، زيادة ملحوظة في مشروع القانون الجديد؛ إذ ارتفع الحد الأدنى للغرامة من 250 ألف فرنك أفريقي (450 دولاراً أميركياً) إلى 500 ألف فرنك أفريقي (900 دولار أميركي).

لقطة من فيديو لمعسكر تدريب لمقاتلي «القاعدة» في بوركينا فاسو (تواصل اجتماعي)

وأشار الوزير إلى أن العقوبات المتعلقة بسلامة المرور «رُفعت بشكل خاص، لأننا لاحظنا أن 90 إلى 95 في المائة من حوادث السير التي تفجع الأسر البوركينابية سببها المستخدمون أنفسهم»، على حد تعبيره.

وحول الجرائم الاقتصادية، مثل الاختلاس وأعمال الفساد، يمكن أن تصل العقوبات إلى السجن المؤبد عندما تتجاوز قيمة الأموال المختلسة، أو موضوع الجريمة، 5 مليارات فرنك أفريقي (نحو 9 ملايين دولار أميركي)، حسب الوزير.

في انتظار قرار البرلمان

من أجل أن يصبح مشروع القانون الجديد ساري المفعول، لا بد من موافقة الجمعية التشريعية الانتقالية التي أنشأتها السلطة العسكرية، بوصفها بديلاً للبرلمان الذي تم حله في أعقاب الانقلاب العسكري.

ويتوقع المراقبون أن مشروع القانون الجديد لن يجد أي مشكلة أمام الجمعية التشريعية الانتقالية، حيث تتماهى هذه الجمعية مع سياسات الحكومة، ولم يسبق أن رفضت أي قانون مقترح من طرف السلطة التنفيذية.

وحسب منظمة العفو الدولية، فإن آخر تنفيذ لعقوبة الإعدام في بوركينا فاسو كان عام 1988، خلال حكم الرئيس الأسبق توماس سانكارا، وهو أيقونة التحرر الأفريقي، ويتخذ منه الرئيس الحالي إبراهيم تراوري نموذجاً.

لكن عقوبة الإعدام أُلغيت في بوركينا فاسو منذ عام 2018، في عهد الحكومة المدنية برئاسة روش مارك كريستيان كابوري الذي أُطيح به في انقلاب عسكري عام 2021، ويحكم البلاد منذ 2022 الكابتن إبراهيم تراوري، ومنذ وصوله إلى السلطة، انتهج تراوري سياسات مناهضة للغرب، وابتعد عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، في الوقت الذي عزز فيه علاقاته مع روسيا.

توسع الإرهاب

رغم التحالف مع روسيا وإعادة هيكلة الجيش في بوركينا فاسو، لا يزال الإرهاب يتوسع في البلاد، حيث تشير تقارير إلى أن الجماعات الإرهابية تسيطر على أكثر من 40 في المائة من مساحة البلد الواقع في غرب أفريقيا.

وكثفت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، التابعة لتنظيم «القاعدة»، هجماتها في شمال وشرق بوركينا فاسو خلال الأسابيع الأخيرة، وأعلنت، الخميس، أنها سيطرت على ثكنة عسكرية في قرية باكاسولوغو، في ولاية كايا، الواقعة في الوسط الشرقي من بوركينا فاسو.

كما نشرت الجماعة الإرهابية مقطع فيديو دعائياً، الجمعة، يظهر معسكر تدريب لمقاتليه في بوركينا فاسو، ويكشف الفيديو عن وجود مئات المقاتلين في المعسكر، يرتدون ملابس شبه عسكرية، ويقومون بحركات قتالية.


النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
TT

النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)

اتهمت النيجر شركة «أورانو» الفرنسية للوقود النووي بـ«السلوك الاستغلالي» وارتكاب جرائم بيئية، في تصعيد جديد لنزاع محتدم حول السيطرة على مناجم اليورانيوم في الدولة الواقعة بغرب أفريقيا.

وذكرت الحكومة التي يقودها الجيش أن شركة «أورانو» يمكن أن تواجه إجراءات جنائية بتهمة ارتكاب «جرائم جماعية» بعد أن أفادت السلطات بالعثور على 400 برميل من المواد الأساسية المشعة في منطقة ماداويلة بالقرب من منطقة أرليت.

وقالت شركة «أورانو»، المملوكة بنسبة 90 بالمائة للدولة الفرنسية، إنها لم تتلقَّ أي إشعار رسمي بالإجراءات القانونية، ونفت العمل في منطقة ماداويلة.

وأضافت الشركة، في رد مكتوب على أسئلة وكالة «رويترز»، «(أورانو) لا تملك رخصة تشغيل لموقع ماداويلة، ولم تقم بأي عمليات هناك».

وقال وزير العدل أليو داوودا إن الإشعاع في المنطقة تجاوز المعدلات الطبيعية بشكل كبير؛ إذ بلغ نحو سبعة إلى عشرة ميكروسيفرت في الساعة، مقارنة بالمعدل المعتاد البالغ 0.5 ميكروسيفرت. ووجدت الفحوص مادتين مرتبطتين بمشاكل تنفسية يمكن أن تشكل ضرراً على صحة الناس.

يأتي هذا الخلاف عقب تأميم النيجر منجم «سومير» في يونيو (حزيران)، مما أدى إلى تجريد «أورانو» من حصتها البالغة 63.4 بالمائة.