قمة الأطلسي في فيلنيوس ستشدد على الضمانات الأمنية لأوكرانيا

مصادر رئاسية فرنسية: رسالتنا لروسيا أن رهانها على عامل الزمن سيكون خاسراً

مقر حلف «الناتو» ببروكسل (أ.ب)
مقر حلف «الناتو» ببروكسل (أ.ب)
TT

قمة الأطلسي في فيلنيوس ستشدد على الضمانات الأمنية لأوكرانيا

مقر حلف «الناتو» ببروكسل (أ.ب)
مقر حلف «الناتو» ببروكسل (أ.ب)

إذا كانت ثمة حاجة إلى قياس شدة الضغوط التي تمارسها كييف على الحلف الأطلسي لدفعه لقبول انضمامها إليه في أسرع وقت، فيكفي التذكير بأن 33 ألف عَلم أوكراني سيتم رفعها في فيلنيوس، عاصمة ليتوانيا التي تستضيف يومي الثلاثاء والأربعاء المقبلين القمة الأطلسية. ويترافق ذلك مع تصريحات أكثر قوة للرئيس فولوديمير زيلينسكي الذي سيكون ضيف القمة وسيشارك يوم الأربعاء في أول قمة للمجلس الأطلسي - الأوكراني الذي تَشكّل مؤخراً والذي يعدّ الباب الذي ستلج كييف عبره إلى عضوية الحلف. وسيترافق هذا الاجتماع مع اجتماع ممثل للحلف في إطار المجلس المشترك الذي يضم أربع دول رئيسية، هي اليابان، وكوريا الجنوبية، وأستراليا ونيوزيلندا.

زيلينسكي مع الأمين العام لـ«الناتو» في أبريل الماضي (إ.ب.أ)

حقيقة الأمر، أن الملف الأوكراني سيكون في وضع تنافسي مع ملف انضمام السويد. وقالت مصادر رئاسية فرنسية، اليوم، في معرض تقديمها للقمة الأطلسية، إن رئيس وزراء السويد أولف كريسترسون سيكون إلى جانب الـ31 رئيس دولة وحكومة الذين سيشاركون في القمة ما يعدّ وسيلة ضغط إضافية على تركيا والمجر وإظهار أن انضمام السويد أصبح أمراً واقعاً قبل أن يصبح منتهياً من الناحية القانونية والإجرائية.

تعدّ باريس أن القمة المقبلة، التي تلتئم وسط تدابير دفاعية وأمنية مشددة، «استثنائية» من أوجه عدة. فهي، من جهة، تحصل بينما الهجوم المعاكس الذي تشنّه القوات الأوكرانية قد دخل شهره الثاني ومن الضروري إعادة تأكيد وقوف الحلف إلى جانب أوكرانيا من خلال «الضمانات الأمنية» التي يتعين توفيرها لكييف. وأفادت المصادر الفرنسية، بأن هذا الملف سيكون أساسياً وستتم مناقشته. وتؤكد المصادر المشار إليها أن الغرض المطلوب من الضمانات عنوانه «الوقوف إلى جانب كييف اليوم وغداً وبعد غد وطالما ستكون في حاجة إلى المساعدة الميدانية حتى تواصل القتال». والمقصود بذلك إفهام موسكو أن رهانها على عامل الوقت وعلى «تعب» الغربيين أو على تبدل في الرأي العام الغربي لا فائدة منه رغم التكلفة المرتفعة المترتبة على الدول الغربية في هذه الحرب. وحرصت باريس على التنبيه إلى أن الحلف كمنظومة لا يقدم الأسلحة الفتاكة مباشرة، بل إن دوله تقدمها ثنائياً بعكس الدعم الجماعي الذي يذهب لكييف من الاتحاد الأوروبي.

بالمقابل، يعدّ الجانب الفرنسي أن روسيا تعاني حالة ضعف و«هشاشة وضعها»؛ الأمر الذي برز مع مغامرة ميليشيا «فاغنر» وزعيمها بريغوجين. أما التغير الآخر، فيتثمل بخطط موسكو لنشر أسلحة نووية تكتيكية على أراضي بيلاروسيا؛ الأمر الذي استدعى إحداث تغيير في دستور بيلاروسيا. ويعدّ الغربيون قرار موسكو انتهاكاً للاتفاق الذي أُبرم مع الدول الغربية في عام 1997 والذي ينصّ على استرجاع موسكو للأسلحة النووية التي كانت قد نشرت في جمهورياتها السابقة ومنها بيلاروسيا. ووعدت موسكو بإنشاء البنى التحتية الضرورية لإيواء هذه الأسلحة ووعدت بإنجازها بحلول السابع من الشهر الحالي.

ثمة إجماع على أن انضمام أوكرانيا اليوم إلى الحلف الأطلسي ليس متاحاً بسبب نصوصه التي تمنع انضمام بلد في حالة حرب. وفي حالة أوكرانيا، فإن ذلك يعني، في حال حصوله، أن الحلف سيكون في حالة حرب مع روسيا بموجب البند الخامس من شرعة الحلف. وتذكر المصادر الرئاسية الفرنسية أن انضمام أوكرانيا (وأيضاً جورجيا) فُتح بابه في قمة بوخارست في عام 2008. وقتها، كانت الولايات المتحدة مؤيدة بينما جاءت المعارضة من فرنسا وألمانيا.

ينس ستولتنبرغ خلال مؤتمر صحافي في بروكسل أمس (أ.ف.ب)

يأمل الأطلسيون بالتوصل إلى اتفاق فيما بينهم بخصوص انضمام أوكرانيا إليه. وليس سراً أن دول البلطيق وبولندا ودولاً أخرى في شرق أوروبا تقف في هذا الصف، بينما هناك دول مترددة وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية. وثمة رأي يقول إن تحذيرات موسكو منذ بداية الحرب للغربيين بخصوص تقديمهم الأسلحة المتطورة لأوكرانيا بقيت في حيز الكلام إلى حد أن الغربيين اليوم على طريق تقديم طائرات قتالية حديثة للقوات الأوكرانية بعد أن زوّدوها بمنظومات الدفاع الجوي الصاروخي وبالمدفعية بعيدة المدى وبالدبابات القتالية... ولا يتوقع هؤلاء أن يكون رد موسكو على قبول عضوية أوكرانيا مختلفاً عن ردودها السابقة. وبالمقابل، هناك رأي آخر يعدّ أن قبول كييف يعني مشاركة الحلف مباشرة في الحرب، وهو ما سعى الغربيون إلى تجنبه دوماً منذ فبراير (شباط) 2022 أي منذ انطلاق «العملية العسكرية الخاصة» الروسية في أوكرانيا.

يضاف إلى ما سبق أن أحد أهداف روسيا المعلنة من حربها هو تحديداً منع أوكرانيا من الانضمام إلى النادي الأطلسي. لذا؛ فإن التوجه الراهن هو «فتح أفق» لانضمام كييف وربط ذلك بانتهاء الحرب مع روسيا. ويعني ذلك أن الأطلسيين سيؤكدون أن كييف ستنضم إلى الحلف، ولكن من غير تحديد إطار زمني. ويرى الغربيون أن قدر كييف أن تكون داخل الحلف الأطلسي وهم يرون أن «لا أمن للدول الواقعة في المنطقة الرمادية بين الحلف من جهة وروسيا من جهة أخرى» وهي حال أوكرانيا ومولدافيا وجورجيا...

يبقى أنه إلى جانب السويد وأوكرانيا، ثمة مسائل أخرى سيتم بحثها وعلى رأسها تبني «خطط الدفاع الإقليمية» التي تمت مناقشتها في قمة مدريد العام الماضي. وتفصل الخطط المذكورة التهديدات التي تتعرض لها كل منطقة من مناطق الحلف وخطط الدفاع عنها. وسيصدر بنهاية القمة بيانان، الأول سيعرض قرارات القمة والآخر ما تم الاتفاق بشأن العلاقات الأطلسية - الأوكرانية.


مقالات ذات صلة

تقرير: ترمب طلب نصيحة بوتين بشأن تسليح أوكرانيا في عام 2017

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب خلال لقاء سابق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

تقرير: ترمب طلب نصيحة بوتين بشأن تسليح أوكرانيا في عام 2017

كشف تقرير صحافي أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب طلب نصيحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن تسليح الولايات المتحدة لأوكرانيا في عام 2017.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش (من حسابه في «إكس»)

رئيس البرلمان التركي: لا مفاوضات لحل أزمة أوكرانيا من دون روسيا

أكد رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش ضرورة إدراك أميركا وبعض الدول الأوروبية استحالة نجاح أي مفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا من دون روسيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا زيلينسكي يصافح الرئيس الأميركي جو بايدن على هامش اجتماعات الجمعية العامة بنيويورك في 25 سبتمبر (أ.ف.ب)

زيلينسكي يستعدّ لطرح «خطة النصر» في اجتماع الحلفاء الأسبوع المقبل

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن بلاده ستطرح «خطة النصر» في اجتماع دوري لحلفائها في رامشتاين بألمانيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا انفجار في السماء خلال هجوم روسي بطائرة مسيّرة على كييف (رويترز)

إعلانات روسية أوكرانية متبادلة باستهداف بنى تحتية حيوية

كييف تعلن عن هجوم بمسيرات ونشوب حرائق في مستودعات وقود روسية وعن إسقاط 19 طائرة مهاجمة

«الشرق الأوسط» (موسكو) «الشرق الأوسط» (كييف)
يوميات الشرق المراهقة تواجه تهمة القتل غير العمد وهي حالياً قيد الاحتجاز الوقائي (رويترز)

صدمة في الرأس وكدمات ونزيف... مراهقة عائدة من أوكرانيا تضرب جدتها حتى الموت

وُجهت اتهامات لفتاة أوكرانية تبلغ من العمر 14 عاماً انتقلت مؤخراً إلى ولاية فلوريدا الأميركية بصفتها شخصاً بالغاً بعدما ضربت جدتها البالغة من العمر 79 عاماً حتى

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تحريك دعوى قضائية في ألمانيا ضد 3 مراهقين للاشتباه بإعدادهم لهجوم إرهابي إسلاموي

عناصر من الشرطة الألمانية المختصة بمكافحة الإرهاب (غيتي)
عناصر من الشرطة الألمانية المختصة بمكافحة الإرهاب (غيتي)
TT

تحريك دعوى قضائية في ألمانيا ضد 3 مراهقين للاشتباه بإعدادهم لهجوم إرهابي إسلاموي

عناصر من الشرطة الألمانية المختصة بمكافحة الإرهاب (غيتي)
عناصر من الشرطة الألمانية المختصة بمكافحة الإرهاب (غيتي)

حرك الادعاء العام الألماني دعوى قضائية ضد ثلاثة مراهقين من ولاية شمال الراين-ويستفاليا بتهمة الإعداد لهجوم إرهابي إسلاموي.

وقالت متحدثة باسم محكمة دوسلدورف الإقليمية في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية، إن المشتبه بهم، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و16عاماً، محتجَزون منذ عيد الفصح، وأمرت المحكمة بتمديد حبسهم الاحتياطي مؤخراً.

وتشتبه السلطات في أن فتاة من دوسلدورف وأخرى من إيزرلون وفتى من ليبشتات ناقشوا خططاً إرهابية عبر تطبيق «تلغرام»، شملت شن هجمات على كنائس أو قاعات المحاكم، أو محطات قطار، أو مراكز شرطة.

وحسب البيانات، أدلى المشتبه بهم بأقوالهم في هذه الاتهامات. ولم تذكر السلطات ما إذا كانوا قد أنكروا الاتهامات أم اعترفوا بها. ووفقاً للمتحدثة، لم تقرر المحكمة بعد ما إذا كانت ستقبل الدعوى، وبالتالي لا يوجد حتى الآن موعد للمحاكمة. وتم فصل القضية المرفوعة ضد مشتبه به رابع من أوستفيلدرن في بادن-فورتمبرغ وإحالتها إلى مكتب المدعي العام في شتوتغارت. وذكرت السلطات في الربيع الماضي أن الخطط تسترشد بآيديولوجية تنظيم «داعش». ووفقاً للدعوى التي حرَّكها مكتب المدعي العام في دوسلدورف، يُشتبه في أن المراهقين أعلنوا استعدادهم لارتكاب جريمة وحضّروا لـ«عمل عنف خطير يُعرِّض الدولة للخطر». وعلمت الشرطة في هاغن في البداية بأمر الفتاة البالغة من العمر 16 عاماً من مدينة إيزرلون، بسبب وجود مؤشرات على أنها أرادت مغادرة البلاد للانضمام إلى تنظيم «داعش» والقتال في صفوفه. ويشتبه في أنها ناقشت هذا الأمر مع الفتاة الأخرى من دوسلدورف. وعند تحليل بيانات هاتفها الخلوي، عثر المحققون على محادثة ثانية نوقشت فيها خطط الهجوم. وحسب مصادر أمنية، لم تكن هناك خطة هجومية محددة بزمان ومكان. وحسب الادعاء العام، فإن أحد المراهقين الثلاثة جمع معلومات عن مراكز الشرطة في دورتموند.

ووفقاً للمصادر الأمنية، ضُبط منجل وخنجر خلال عمليات تفتيش في دوسلدورف. وأشارت المصادر إلى أن والد فتاة دوسلدورف لفت انتباه السلطات من قبل، وحُقِّق معه بوصفه مؤيداً للإرهاب على خلفية جمعه تبرعات لصالح «داعش».