تطرف الحوثيين يضرب معاهد اللغات ومراكز التدريب

الجماعة استهدفت أقدم مؤسسة لتعليم الإنجليزية في صنعاء

وقفة تحريضية لعناصر الانقلاب الحوثي للمطالبة بإغلاق أقدم معهد للغة الإنجليزية في اليمن (تويتر)
وقفة تحريضية لعناصر الانقلاب الحوثي للمطالبة بإغلاق أقدم معهد للغة الإنجليزية في اليمن (تويتر)
TT

تطرف الحوثيين يضرب معاهد اللغات ومراكز التدريب

وقفة تحريضية لعناصر الانقلاب الحوثي للمطالبة بإغلاق أقدم معهد للغة الإنجليزية في اليمن (تويتر)
وقفة تحريضية لعناصر الانقلاب الحوثي للمطالبة بإغلاق أقدم معهد للغة الإنجليزية في اليمن (تويتر)

امتد سلوك الميليشيات الحوثية الذي يحاكي سلوك تنظيم «داعش» الإرهابي إلى معاهد اللغات ومراكز التدريب، وصولاً إلى استهداف معهد «يالي»، وهو أقدم مؤسسة لتعليم اللغة الإنجليزية في صنعاء، من بوابة حماية الفضيلة ومنع الاختلاط، تنفيذاً لما يطلق عليه زعيم الجماعة «الهوية الإيمانية».

في هذا السياق، برز خلال إجازة عيد الأضحى صراع القيادات الحوثية على المعهد اليمني - الأميركي لتعليم اللغة الإنجليزية «يالي»، إلى العلن من خلال تنظيم وقفة عقب صلاة الجمعة الماضية في ثالث أيام العيد تطالب بإغلاق المعهد ومنع الدراسة فيه بحجة الاختلاط والفساد الأخلاقي ونشر الثقافة الأميركية وتشكيل خطر على الهوية الإيمانية، وذلك رداً على مطالب إدارته وموظفيه برواتبهم المتوقفة.

ويخضع «يالي» لإشراف قطاع التعاون الدولي، الذي يسيطر عليه الحوثيون منذ انقلابهم، بعدما كان تم تأسيسه باتفاق حكومي يمني - أميركي في سبعينات القرن الماضي لتأهيل الموظفين العموميين في بعض القطاعات ونشر اللغة الإنجليزية؛ إذ يقدم مناهج تعليمية بالتعاون مع جامعة أكسفورد ومؤسسات دولية أخرى، على أن يحقق موارده من خلال رسوم يدفعها الراغبون في الدراسة فيه.

تنافس على الموارد

تفيد مصادر في العاصمة المختطفة صنعاء بأن الوقفة التي جرى تنظيمها كانت لمساندة القيادي الحوثي يحيى المحاقري الذي عينه الانقلابيون مديراً جديداً للمعهد بعد عزل المدير السابق مطلع الشهر الماضي، وذلك رداً على مساعٍ لإعادة المدير السابق إلى منصبه وصرف رواتب موظفي المعهد ومدرسيه.

وجرى عزل المدير السابق يوسف الديلمي، وهو شخصية موالية للانقلاب الحوثي أيضاً، مطلع الشهر الماضي بعد حملة تحريض ضد المعهد استمرت لأشهر، واستُخدمت فيها مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلامية حوثية وحتى خطب الجمعة في عدد من مساجد وجوامع العاصمة صنعاء.

تأسس معهد «يالي» في سبعينات القرن الماضي باتفاق بين الحكومتين اليمنية والأميركية لنشر اللغة الإنجليزية في اليمن (فيسبوك)

وأعلن الانقلابيون الحوثيون خلال حملتهم أن تعميماً صدر من وزارة الإرشاد في حكومتهم غير المعترف بها، يحذر من معهد «يالي» بصفته إحدى أدوات الغزو الأميركي، ووسيلة من وسائل الانحلال الأخلاقي، وفق زعمهم.

بدايات السيطرة

الديلمي نفسه، جرى تعيينه من طرف الميليشيات الحوثية بعد أن تسببت سياساتها وممارساتها في توقف الدراسة في المعهد ونزوح واستقالة عدد كبير من طاقمه بعد أن أوقفت رواتبهم بين عامي 2016 و2019.

وطبقاً للمصادر، فإن الميليشيات الحوثية سيطرت خلال تلك الفترة على موارد المعهد لتمويل جبهات القتال؛ وأدت هذه الممارسات إلى تراجع إيراداته مع نزوح طاقم التدريس وعزوف الطلبة عن الالتحاق بالدراسة فيه، وعندها قررت الميليشيات الحوثية الاستفادة من المعهد لتحقيق الإيرادات، ولجأت إلى تعيين القيادي فيها يوسف الديلمي مديراً للمعهد.

ورغم ممارسته الفساد، والتعسف بحق الموظفين وطاقم التدريس، وتسببه بمغادرة العديد منهم موقعه الوظيفي؛ فإن الديلمي تمكن من تحقيق إيرادات جديدة للمعهد، وساعده في ذلك إجراءات تعسفية نفذتها الميليشيات ضد معاهد أخرى في نفس المستوى، وصلت إلى حد إغلاق بعضها لفترات طويلة أو بشكل دائم.

جانب من التحريض الحوثي على المعهد وطلابه ومدرسيه (تويتر)

وفي ظل صعوبة الأوضاع المعيشية التي خفضت أعداد الراغبين في دراسة اللغة الإنجليزية في أوساط السكان؛ استفاد الديلمي من اتفاقيات عقدها مع المنظمات العاملة في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية لإلحاق موظفيها الراغبين في دراسة اللغة الإنجليزية بالمعهد، وساعده في توقيع تلك الاتفاقيات ما يُعرف بالمجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي الذي أنشأته الميليشيات للسيطرة على المساعدات الإغاثية الموجهة إلى المتضررين من الأزمة الإنسانية في اليمن.

حملات مستمرة

لم تقتصر حملات الميليشيات الحوثية على معهد «يالي»؛ فمنذ انقلابها واصلت إجراءاتها التعسفية ضد معاهد اللغات ومراكز التدريب بحجة محاربة الاختلاط والفساد الأخلاقي المزعوم، وأجبرت عدداً كبيراً منها على الإغلاق، قبل أن تعاود العمل بشروط عزل الذكور عن الإناث، ودفع إتاوات ومبالغ مالية كبيرة مقابل السماح لها باستمرار مزاولة نشاطها.

وفي مايو (أيار) الماضي، وقبل أسبوعين من حملتها ضد «يالي»، شنت الميليشيات الحوثية عبر خطب الجمعة ووسائل الإعلام هجوماً على المعاهد ومراكز التدريب، متهمة إياها بنشر الهوية الغربية وطمس الهوية الإيمانية، محذرة من تسببها بوقوع كوارث طبيعية كعقاب إلهي كما حدث في زلزال تركيا وسوريا.

وتزامنت تلك الحملة مع بدء تنظيم المراكز الصيفية التي تحشد فيها الميليشيات الحوثية الأطفال لتلقينهم دروساً طائفية ومذهبية خلال فترة الإجازة الصيفية للمدارس؛ إذ دعت الميليشيات إلى إلحاق الطلاب بتلك المراكز عوضاً عن إلحاقهم بمعاهد اللغات من أجل حمايتهم من الانحلال الأخلاقي والعمالة، حسب ادعاءاتها.

تعميم حوثي لمعاهد اللغات ومراكز التدريب الخاصة للترويج للمراكز الصيفية (تويتر)

كما منعت الميليشيات عبر قطاع التعليم الفني والتدريب المهني الذي تديره، المعاهد والمراكز من الإعلان عن دوراتها ومناهجها التعليمية والتدريبية خلال الإجازة الصيفية، بحجة عدم صرف أنظار الأطفال والطلاب عن المراكز الصيفية، بل ألزمتها بالترويج للمراكز الصيفية على حساب الخدمات التي تقدمها.

ومطلع العام الحالي حذرت سفارة الولايات المتحدة الأميركية لدى اليمن من استخدام الميليشيات الحوثية بشكل غير قانوني العلامة التجارية وشعار معهد «أميدست» التابع للسفارة، بعد أن سيطرت الجماعة على جامعة العلوم والتكنولوجيا الخاصة، ومنحت علامة المعهد لإحدى كلياتها التي تدرس اللغة الإنجليزية، رغم أن المعهد لم يعد له وجود في العاصمة صنعاء، وجرى نقل مقره إلى العاصمة المؤقتة عدن.

وكانت الميليشيات استولت على جامعة العلوم والتكنولوجيا في العاصمة صنعاء خلال عام 2020 بواسطة ما يسمى «الحارس القضائي» على الجامعة والمؤسسات التابعة لها ضمن حملتها للسيطرة على قطاع المال والأعمال.


مقالات ذات صلة

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
TT

بغداد لتكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي عدوان محتمل» على العراق

عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)
عناصر من الأمن العراقي في شوارع بغداد (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، اليوم الاثنين، إن هناك خطة لتوسيع الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان لتشمل دولاً أخرى.

وفي كلمة، خلال افتتاح مؤتمر سفراء العراق الثامن حول العالم في بغداد، أكد الوزير أنه يجب تكثيف العمل الدبلوماسي لوقف «أي تهديد أو عدوان محتمل» على العراق.

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد قال، الأسبوع الماضي، إنه بعث رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي حثَّ فيها على اتخاذ إجراء فوري للتصدي لأنشطة الجماعات المسلَّحة المُوالية لإيران في العراق، قائلاً إن الحكومة العراقية مسؤولة عن أي أعمال تحدث داخل أراضيها أو انطلاقاً منها.

كما ذكرت تقارير إعلامية أميركية، في وقت سابق من هذا الشهر، أن إدارة الرئيس جو بايدن حذرت الحكومة العراقية من أنها إذا لم تمنع وقوع هجوم إيراني من أراضيها على إسرائيل، فقد تواجه هجوماً إسرائيلياً.

وشنت إسرائيل هجوماً على منشآت وبنى تحتية عسكرية إيرانية، الشهر الماضي؛ رداً على هجوم صاروخي إيراني على إسرائيل، وذلك بعد أن قتلت إسرائيل الأمين العام لجماعة «حزب الله» اللبنانية المتحالفة مع إيران، حسن نصر الله، في سبتمبر (أيلول) الماضي.