صندوق النقد الدولي يحذّر: استمرار الوضع الراهن في لبنان يمثل الخطر الأكبر

توقع ارتفاع الدين العام إلى 550 في المائة... وخسارة المودعين 10 مليارات دولار

سياج شائك يحيط بالمقر الرئيسي لمصرف لبنان في بيروت (رويترز)
سياج شائك يحيط بالمقر الرئيسي لمصرف لبنان في بيروت (رويترز)
TT

صندوق النقد الدولي يحذّر: استمرار الوضع الراهن في لبنان يمثل الخطر الأكبر

سياج شائك يحيط بالمقر الرئيسي لمصرف لبنان في بيروت (رويترز)
سياج شائك يحيط بالمقر الرئيسي لمصرف لبنان في بيروت (رويترز)

حذّر صندوق النقد الدولي من أن استمرار الوضع الراهن في لبنان يمثل الخطر الأكبر، متوقعاً ارتفاع الدين العام إلى 550 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2027 إذا استمر الوضع القائم، وأشار في المقابل إلى «أن إجراءات الإصلاحات لا تزال دون التوقعات، كاشفاً أن تأخير إعادة هيكلة القطاع المالي في لبنان أدى إلى خسارة المودعين 10 مليارات دولار من أموالهم منذ 2020.

وقال الصندوق في بيان له إن لبنان «يُواجه أزمة مالية ونقدية سيادية غير مسبوقة لا تزال مستمرة لأكثر من 3 سنوات. ومنذ بداية الأزمة شهد الاقتصاد انكماشاً ناهز 40 في المائة، وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 98 في المائة من قيمتها، وسجّل التضخّم معدلات غير مسبوقة، كما خسر المصرف المركزي ثلثي احتياطاته من النقد الأجنبي».

وفيما لفت إلى أن الاقتصاد شهد بعضاً من الاستقرار عام 2022، لكنه أكد أنه لا يزال يعاني من ركود حاد، مشيراً إلى أن التدهور الكبير في سعر الصرف خلال الربع الأول من عام 2023 زاد دولرة النقد، وتسارعت نتيجة وتيرة التضخم لتصل إلى 270 في المائة في أبريل (نيسان) 2023.

وشدد على أن التنفيذ الحاسم لخطة شاملة للتعافي الاقتصادي من شأنه أن يحد بشكل تدريجي وثابت من الاختلالات، وأن يشكل ركيزة للسياسات للمساعدة في استعادة الثقة، وتسهيل العودة إلى مسار النمو، لكنه أكد «أن استمرار الوضع الراهن يمثل الخطر الأكبر، وستظل مستويات الثقة متدنية، وستزداد الدولرة النقدية للاقتصاد في حال الاستمرار في إرجاء الإصلاحات، كذلك سيواصل سعر الصرف تراجعه لتظل معدلات التضخم مرتفعة. وسيتحول النشاط الاقتصادي إلى القطاعات غير الرسمية، ما سيزيد من صعوبة تحصيل إيرادات المالية العامة، كما سيواصل مصرف لبنان، المثقل نتيجة الخسائر غير المعالجة وفقدان الثقة، خسارة احتياطياته الخارجية، ولن تتمكن المصارف من أداء دورها المهم في توفير الائتمان، وسيستمر تباطؤ النمو الحقيقي، متوقعاً أن تكون قدرة الدولة محدودة على توفير الخدمات، حيث إن تدني الإيرادات وغياب التمويل سيزيدان من الضغط على النفقات، وستزداد الأوضاع الاجتماعية هشاشة بمرور الوقت».

ونتيجة ذلك، أعرب المديرون التنفيذيون للصندوق عن بالغ قلقهم إزاء الأزمة العميقة متعددة الأبعاد التي تواجه لبنان لأكثر من 3 سنوات، وتوقّع صندوق النقد، «ارتفاع الدين العام اللبناني إلى 550 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2027 إذا استمر الوضع القائم مشيراً إلى أنّ «إجراءات الإصلاح دون التوقعات، ولم يجرِ الالتزام بما نصحنا به».

وكشف في المقابل أنّ «تأخير إعادة هيكلة القطاع المالي في لبنان كلف المودعين 10 مليارات دولار منذ 2020»، داعياً إلى اتخاذ إجراءات مسبقة لمواجهة الخسائر الضخمة، مؤكداً ضرورة توفير أقصى حماية ممكنة لصغار المودعين، مشيراً إلى أن استخدام الموارد العامة ينبغي أن يكون محدوداً، وأن يتناسب مع هدف استدامة الدين، كما شدد على ضرورة معالجة مواطن الضعف في قانون السرية المصرفية، وتعزيز الإطار المؤسسي للمصرف المركزي.

وأكد المديرون أن توحيد أسعار الصرف الرسمية سيساعد في تنظيم السياسة النقدية بدرجة أكبر، والحد من الضغوط على احتياطيات المصرف المركزي، وزيادة إيرادات المالية العامة، مشددين على ضرورة ضبط أوضاع المالية العامة على المدى المتوسط، مصحوباً بإعادة هيكلة الدين العام، كما دعوا إلى التعجيل بإقرار ميزانية العام 2023 على أن تتسم بالمصداقية، وتقوم على إجراءات إدارة الضرائب والإيرادات لدعم الإنفاق الاجتماعي والإنمائي الضروري، وأوصوا باتخاذ إجراءات لتحسين الحوكمة ودعم استمرارية العمليات في المؤسسات العامة وإصلاح نظام التقاعد، وشددوا على أن استعادة ثقة الرأي العام تستلزم اتخاذ خطوات لتعزيز الحوكمة، ووضع معايير وممارسات لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب.


مقالات ذات صلة

جبهة جنوب لبنان تزيد تعقيدات الاستحقاق الرئاسي

المشرق العربي فشل مجلس النواب اللبناني بتوازناته الحالية في انتخاب رئيس للجمهورية (رويترز)

جبهة جنوب لبنان تزيد تعقيدات الاستحقاق الرئاسي

برزت في لبنان تلويحات بالمطالبة بانتخابات نيابية مبكّرة، في حين تُلقي جبهة الجنوب اللبناني المشتعلة بين «حزب الله» وإسرائيل، بثقلها على الاستحقاق الرئاسي.

يوسف دياب (بيروت)
خاص رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (الوكالة الوطنية)

خاص بري لـ«الشرق الأوسط»: التشاور ضروري لانتخاب رئيس للبنان في 10 أيام

قال رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري، إنه يرفض دعوة النواب إلى الحوار أو التشاور بمن حضر لانتخاب رئيس للجمهورية، وإنه يتطلّع إلى حوار جامع بلا شروط مسبقة.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي عناصر في قوات «يونيفيل» خلال مشاركتهم في حماية فعاليات اليوم الطبي لمساعدة العائلات النازحة إلى مدينة صور (إ.ب.أ)

«حزب الله» يجدد التمسك بمعادلة غزة - لبنان

جدّد «حزب الله» التأكيد على المعادلة التي يتمسك بها في حربه مع إسرائيل بربط «توقف العدوان على غزة بتوقف جبهة المساندة في جنوب لبنان».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي المبنى الرئيسي لمؤسسة «كهرباء لبنان» في بيروت (أ.ف.ب)

أزمة كهرباء لبنان تتجدد والعتمة تتهدد موسم الاصطياف

عادت أزمة الكهرباء في لبنان لتطلّ مجدداً على أبواب موسم الاصطياف، جرّاء الفساد المستحكم في هذا القطاع وامتناع مصرف لبنان المركزي.

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي خلال تشييع القيادي في «حزب الله» نعمة ناصر الذي اغتالته إسرائيل باستهداف سيارته يوم الأربعاء (د.ب.أ)

استراتيجية «حزب الله» الانتقامية: تصعيد مدروس بخسائر محدودة

تراجعت المواجهات على جبهة الجنوب بشكل ملحوظ، الجمعة، بعد يوم تصعيدي غير مسبوق، إثر اغتيال القيادي في «حزب الله» نعمة ناصر.

كارولين عاكوم (بيروت )

ارتفاع الاحتياطات الأجنبية في مصر لمستويات قياسية

مقر البنك المركزي المصري في العاصمة القاهرة (رويترز)
مقر البنك المركزي المصري في العاصمة القاهرة (رويترز)
TT

ارتفاع الاحتياطات الأجنبية في مصر لمستويات قياسية

مقر البنك المركزي المصري في العاصمة القاهرة (رويترز)
مقر البنك المركزي المصري في العاصمة القاهرة (رويترز)

ارتفعت الاحتياطات الأجنبية في مصر إلى أعلى مستوى على الإطلاق، بعد زيادتها خلال شهر يونيو (حزيران) بنحو 258.4 مليون دولار.

وأظهرت بيانات البنك المركزي المصري (الأحد)، ارتفاع صافي الاحتياطات الأجنبية إلى 46.384 مليار دولار في يونيو من 46.126 مليار دولار في مايو (أيار).

وعادة ما يبث الاحتياطي النقدي الأجنبي، الطمأنينة للمستثمرين المحليين والأجانب، في اقتصاد يعتمد على الاستيراد بنسبة كبيرة.

وأسهم ارتفاع الاحتياطات الأجنبية في استقرار الجنيه المصري، بعد الاضطرابات الأخيرة التي وصلت به إلى أدنى مستوى على الإطلاق أمام الدولار.

إلى ذلك، أوشك القطاع الخاص غير المنتج للنفط في مصر على التعافي والوصول إلى المستوى المحايد الذي يفصل النمو عن الانكماش، بعدما ارتفع مؤشره في يونيو إلى أعلى مستوى له منذ 3 سنوات، بحسب بيانات مؤشر مديري المشتريات الصادرة عن «إس آند بي غلوبال».

وسجّلت الشركات المصرية غير المنتجة للنفط زيادة في حجم المبيعات في يونيو للمرة الأولى منذ شهر أغسطس (آب) 2021. «وجاء هذا الارتفاع في أعقاب المؤشرات الأخيرة على استقرار الظروف الاقتصادية، حيث ساعد التحرك على مستوى السياسات على تخفيف ضغوط الأسعار وتحسن آفاق الطلب»، وفق البيان.

وقالت الشركات التي شملتها الدراسة، إن ارتفاع المبيعات جاء نتيجة لتحسن الظروف في الأسواق المحلية والدولية، وأفادت بوجود زيادة حادة في طلبات التصدير الجديدة في الشهر الماضي، وهي أقوى زيادة مسجّلة منذ عامين ونصف العام، مما دفعها «لبذل جهود أكبر لتوسيع قدراتها».

كما انخفضت مستويات الإنتاج بأضعف معدل منذ نحو 3 سنوات، في حين ارتفع حجم مشتريات مستلزمات الإنتاج للمرة الأولى منذ ديسمبر (كانون الأول) 2021.

كما ظل تضخم تكاليف مستلزمات الإنتاج ضعيفاً، على الرغم من تسارعه إلى أعلى مستوى في 3 أشهر؛ مما أدى إلى ارتفاع متواضع آخر في أسعار المبيعات، حسب البيان. أسهمت كل تلك التطورات في أن يرتفع المؤشر إلى 49.9 نقطة في يونيو، مسجلاً قراءة أقل بقليل من المستوى المحايد، مقابل 49.6 نقطة في مايو.

والأربعاء الماضي، عينت مصر حكومة جديدة تضم خبيراً اقتصادياً سابقاً في البنك الدولي يتبنى نهجاً داعماً للمستثمرين في منصب وزيراً للمالية، هو أحمد كوجك، إلى جانب تعيين مصرفيين ومسؤولين تنفيذيين سابقين في مجال الأعمال في حقائب وزارية رئيسية أخرى.