بخطوات متسارعة وقلوب تخفق شوقاً للوقوف على عرفة وأداء الركن الأعظم في الحج، اتجه ضيوف الرحمن «من كل فج عميق» إلى جبل الرحمة للتضرع والدعاء، مفعمين بأجواء إيمانية يغمرها الخشوع والسكينة، وتحفهم العناية الإلهية.
ويشعر المسلمون في يوم عرفة بالتواضع والتذلل أمام الله، وبالقرب منه، وبالصفاء والنقاء والراحة النفسية والاطمئنان، وبروح التعاون والتآزر، والفرح والسعادة، وتشكل هذه المشاعر الروحانية فرصة للتأمل في الحياة والتفكير في أهمية الدين والإيمان.
وعلى سفح «جبل الرحمة» تحدث الحجاج مع «الشرق الأوسط» عن مشاعرهم وروحانية المكان، ليصفهم السنغالي عبد الله أقوايرو بأنهم كالموج يتحركون في كتلة واحدة نحو عرفة، في منظر مهيب لم يرَ مثله من قبل.
أما الحاجة المصرية أمنية فتقول، إنها لم تكن تتخيل أن توجد هنا اليوم، ولم تستطع أن تحبس دموعها عند مشاهدتها للجبل في الأفق وهو يكتسي بالبياض، كما كانت تتمنى لو أن زوجها كان معها ليشهد معها هذه اللحظات الروحانية، إلا أنه رحل من الدنيا قبل الحج بأشهر قليلة.
«كل عام أشاهد هذا المكان في التلفاز، وأدعو الله أن أكون بينهم يوماً ما»، وهذا ما تحقق للحاج الباكستاني نذير، الذي وصف لحظه اختياره للحج هذا العام بأنها «أجمل شيء حدث له على الإطلاق، حيث إنه حلم انتظره سنوات طويلة».
وعلى قمة الجبل وقفت الحاجة المغربية لطيفة بدموع منهمرة، تدعو لابنها الذي فقدته العام الماضي، إثر حادث مروري لتقرر الحج هذا العام من أجل الدعاء له.
كما استذكر الحاج السعودي راشد المطيري زيارته الأولى للمكان قبل 25 عاماً، ليلاحظ التطور الكبير في الخدمات المقدمة، مشيداً بما تحقق من تطورات في منشآت المشاعر المقدسة والتي تساهم في تسهيل رحلة الحجاج و تساعدهم في أداء عباداتهم بلا مشقة.
تجدر الإشارة إلى أنه بعد انتهاء يوم عرفة، يتوجه الحجاج إلى مزدلفة لقضاء الليل، ومن ثم إلى جمرة العقبة لرمي الجمرات، في أول أيام عيد الأضحى، ليتجهوا بعد ذلك إلى المسجد الحرام لطواف الوداع، وإنهاء مناسك الحج والعودة إلى بلادهم محملين بذكريات لن تنسى في أقدس بقاع الأرض.