موسكو: علاقاتنا بأفريقيا ليست ضد دول أخرى

ماكرون اتهمها بـ«زعزعة الاستقرار» في القارة السمراء

استقبال شعبي لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لدى وصوله إلى مطار بوجومبرا ببوروندي في 30 مايو 2032 (أ. ف.ب)
استقبال شعبي لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لدى وصوله إلى مطار بوجومبرا ببوروندي في 30 مايو 2032 (أ. ف.ب)
TT

موسكو: علاقاتنا بأفريقيا ليست ضد دول أخرى

استقبال شعبي لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لدى وصوله إلى مطار بوجومبرا ببوروندي في 30 مايو 2032 (أ. ف.ب)
استقبال شعبي لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لدى وصوله إلى مطار بوجومبرا ببوروندي في 30 مايو 2032 (أ. ف.ب)

رفض الكرملين اتهامات غربية لروسيا بالسعي إلى زعزعة الأوضاع في القارة الأفريقية. وأكد أن علاقات موسكو مع بلدان القارة «لا ينبغي أن تكون مصدر قلق لأي طرف».

وانتقد الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، تصريحات أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اتهم فيها موسكو بأنها تلعب «دوراً غير ملائم للمجتمع الدولي في أفريقيا». ووفقاً لبيسكوف، فإن «علاقات روسيا مع الدول الأفريقية ليست موجهة ضد دول ثالثة بأي حال من الأحوال، ولا يمكن توجيهها ضد أي طرف، لذلك ينبغي ألا تصبح مصدر قلق».

وأضاف الناطق الرئاسي أن روسيا: «تطور علاقات جيدة وبناءة مع جميع الدول الأفريقية على أساس الاحترام المتبادل القائم على مراعاة مصالح الأطراف وأخذ مشكلاتها في الاعتبار».

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في باريس الجمعة (أ.ب)

وكان ماكرون قد وجّه انتقادات لروسيا على هامش قمة «من أجل ميثاق مالي جديد»، التي تحتضنها باريس، وقال إن موسكو «تلعب دوراً مزعزعاً للاستقرار في أفريقيا، ودورها ليس مفيداً للمجتمع الدولي». وأضاف أن روسيا «قوة مزعزعة للاستقرار في أفريقيا عبر ميليشيات خاصة تنكّل بالمدنيين»، مشيراً إلى أن «الأمم المتحدة وثّقت (حصول) ذلك عبر مجموعة فاغنر في جمهورية أفريقيا الوسطى».

ورأى ماكرون أن موسكو أوجدت نفسها «في وضع لا تحترم (خلاله) القانون الدولي، وباتت إحدى القوى الاستعمارية القليلة في القرن الحادي والعشرين، من خلال شنّ حرب استعمارية على جارتها أوكرانيا». ورداً على سؤال عمّا سيكون عليه ردّ فعله إذا اتصل به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال: «بالتأكيد سأجيب»، مضيفاً: «إذا اتصل بي ليقدم اقتراحاً ما، سوف أتجاوب لأن فرنسا كانت دائماً قوّة مسهّلة ووسيطة». إلا أنه أشار إلى أن «استئناف الحوار لن يكون ممكناً إلا في حال احترام القانون الدولي، وهو الوحيد الذي يتيح لنا العيش بسلام».

رئيس السنغال وليان روتو مستقبلاً وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في نيروبي 29 مايو 2023 (رويترز)

وتنفي موسكو صحة الاتهامات الغربية بتوظيف مجموعة «فاغنر» لتوسيع التمدد الروسي في أفريقيا. وقامت روسيا بتنشيط تحركاتها الدبلوماسية في القارة بشكل ملحوظ منذ اندلاع الأعمال القتالية في أوكرانيا. وأشار الرئيس الروسي في وقت سابق إلى أن «اتصالات روسيا مع الدول الأفريقية أكثر كثافة حالياً من أي وقت مضى».

وأثارت تحركات في أفريقيا قلق الأوساط الغربية. وقام وزير الخارجية سيرغي لافروف، بأربع جولات في القارة منذ بداية العام، ركز خلالها على مواجهة الضغوط الغربية الممارَسة على بلدان القارة لحملها على مقاطعة موسكو والانخراط في العقوبات الغربية المفروضة عليها.

وقال لافروف في وقت سابق إن الولايات المتحدة والدول الأوروبية تمارسان ضغوطاً قوية على الدول الأفريقية لقطع أشكال التعاون مع روسيا، وبالتالي «تسعى لاستعادة الهيمنة الاستعمارية على القارة السمراء (...) لكن أفريقيا خيبت آمال العالم الغربي بنهجها البراغماتي تجاه روسيا، ومن الواضح أن محاولات الغرب لدق إسفين في هذه العلاقة لن تكون مجدية».

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيرته الجنوب أفريقية ناليدي باندور في كيب تاون مطلع يونيو الحالي (أ.ب)

وينتظر أن تنعقد في نهاية يوليو (تموز) المقبل القمة الروسية - الأفريقية الثانية في سان بطرسبرغ. وتعوّل موسكو على حضور واسع من جانب قادة البلدان الأفريقية في هذه القمة. واتهم لافروف قبل أيام، الولايات المتحدة وحلفاءها بمحاولة «تعطيل هذا المنتدى المهم من خلال ثني الشركاء الأفارقة عن المشاركة فيه».

وتعد الاتهامات التي أطلقها ماكرون ضد موسكو جزءاً من تحرك فرنسي واسع لمواجهة التمدد الروسي في أفريقيا. كان الرئيس الفرنسي قد أعرب في وقت سابق عن رغبته في حضور قمة «بريكس» التي تنعقد في جنوب أفريقيا في أغسطس (آب) المقبل، وهي القمة التي تدور سجالات واسعة حولها بسبب احتمال تغيب الرئيس الروسي عنها على خلفية ملاحقته من جانب محكمة الجنايات الدولية.

وردّت موسكو بحدّة على إعلان الرئاسة الفرنسية عن رغبة ماكرون في المشاركة في القمة، وقال نائب الوزير الروسي سيرغي ريابكوف: «الطرف المضيف هو الذي يحدد دائرة المدعوين، وهذه ممارسة تقليدية. ولكن من المهم أيضاً أن هذا يجب أن تسبقه مشاورات بين جميع المشاركين في (بريكس)». وأوضح أن بلاده «أبلغت جنوب أفريقيا رفضها حضور قادة الدول غير الصديقة لروسيا وبينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قمة (بريكس)».

وأضاف ريابكوف: «من الواضح أن قادة الدول، على غرار ماكرون، ممن يمارسون هذه السياسة العدائية وغير المقبولة بالنسبة إلينا ويجادلون بشدة في أنه يجب عزل روسيا دولياً ويوافقون على خطط الناتو لإلحاق ما يسمونها الهزيمة الاستراتيجية بروسيا، لا محل لهم في قمة (بريكس). هذا أمر مرفوض... لا نخفي موقفنا هذا، وأبلغنا زملاءنا في جنوب أفريقيا به ونأمل أن تؤخذ وجهة نظرنا في الاعتبار».


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يحول لأوكرانيا 1.5 مليار يورو من عائدات الأصول الروسية

أوروبا أوراق نقدية من فئة 20 و50 يورو (د.ب.أ)

الاتحاد الأوروبي يحول لأوكرانيا 1.5 مليار يورو من عائدات الأصول الروسية

أعلن الاتحاد الأوروبي تأمين 1.5 مليار يورو (1.6 مليار دولار) لدعم أوكرانيا، وهي أول دفعة من الأموال المكتسبة من الأرباح على الأصول الروسية المجمدة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يدعو إلى «معاقبة» الساعين لـ«تقسيم» روسيا

شجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المحققين الروس على التصدي لأي خطر يتسبب بانقسام المجتمع في روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم وزير الخارجية الصيني وانغ يي (إلى اليمين) يصافح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال اجتماع وزاري على هامش الاجتماع الـ57 لوزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والاجتماعات ذات الصلة في فينتيان 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

بدء محادثات بين روسيا والصين على هامش اجتماع «آسيان»

التقى وزيرا خارجية روسيا والصين، الخميس، في فينتيان عاصمة لاوس، على هامش اجتماع إقليمي وغداة لقاء الوزير الصيني نظيره الأوكراني في الصين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
رياضة عالمية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

زيلينسكي: مشاركة أوكرانيا في الأولمبياد إنجاز في زمن الحرب

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم (الأربعاء)، إن مجرد مشاركة بلاده في دورة الألعاب الأولمبية تمثل إنجازاً في زمن الحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة تُظهر جانباً من وسط موسكو في روسيا 23 نوفمبر 2020 (رويترز)

«هاكرز» أوكرانيون يوقفون الخدمات المصرفية وشبكات الهواتف في روسيا مؤقتاً

تردَّد أن خبراء في الحواسب الآلية بالاستخبارات العسكرية الأوكرانية عرقلوا أنظمة البنوك والهواتف المحمولة والشركات المقدِّمة لخدمة الإنترنت بروسيا لفترة وجيزة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

محكمة نيجيرية تصدر أحكاماً بالسجن على 125 شخصاً أدينوا بالإرهاب

صورة تظهر آثار هجوم شنته عناصر من جماعة «بوكو حرام» في بلدة دالولي شمال شرق نيجيريا (رويترز)
صورة تظهر آثار هجوم شنته عناصر من جماعة «بوكو حرام» في بلدة دالولي شمال شرق نيجيريا (رويترز)
TT

محكمة نيجيرية تصدر أحكاماً بالسجن على 125 شخصاً أدينوا بالإرهاب

صورة تظهر آثار هجوم شنته عناصر من جماعة «بوكو حرام» في بلدة دالولي شمال شرق نيجيريا (رويترز)
صورة تظهر آثار هجوم شنته عناصر من جماعة «بوكو حرام» في بلدة دالولي شمال شرق نيجيريا (رويترز)

أصدرت محكمة خاصة في نيجيريا أحكاماً بالسجن على 125 شخصاً فيما يتعلق باتهامات بتورطهم في الإرهاب، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية، وتردد أن معظم المتهمين، في أول محاكمة جماعية منذ سنوات، أعضاء في جماعة «بوكو حرام» المتشددة، التي نفذت عمليات خطف وهجمات انتحارية في تلك الدولة الواقعة غرب أفريقيا.

وقال المدعي العام ووزير العدل النيجيري، لطيف فاجبيمي، إن المحكمة أدانت 85 شخصاً بتمويل الإرهاب في إطار المحاكمة. كما أدانت أيضاً 22 شخصاً آخرين في جرائم بموجب قوانين المحكمة الجنائية الدولية، مثل جرائم ضد الإنسانية، أو جرائم الحرب مثل التعذيب أو الاغتصاب. وحُكم على المتهمين الآخرين في تهم مختلفة أيضاً تتعلق بالإرهاب.

وجاء في بيان رسمي أنه حكم على المتهمين بالسجن لمدد مختلفة، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل. وأدى تمرد لـ«بوكو حرام» إلى مقتل الآلاف، ونزوح الملايين منذ بدئه في 2009، ما أحدث أزمة إنسانية في شمال شرق نيجيريا، وزاد الضغوط على الحكومة من أجل إنهاء الصراع.

وقال قمر الدين أوجونديلي، المتحدث باسم مكتب المدعي العام، في بيان، في وقت متأخر أمس الجمعة: «لقد أُدينوا بتهم تصل إلى الإرهاب وتمويله، وتقديم الدعم المادي، وفي قضايا تتعلق بجرائم من اختصاص المحكمة الجنائية الدولية». وجرت آخر محاكمات جماعية لمشتبه في انتمائهم إلى «بوكو حرام» بين 2017 و2018، وأُدين خلالها 163 شخصاً، فيما أُفرج عن 887 آخرين.

وذكر أوجونديلي أن من بين المدانين السابقين من أكمل مدة عقوبته، ونُقل إلى مركز إعادة تأهيل معروف باسم «عملية الممر الآمن في ولاية جومبي» شمال شرق نيجيريا «من أجل إعادة تأهيلهم، والقضاء على تطرفهم، ثم إعادة دمجهم في المجتمع».

واختطفت «بوكو حرام» أكثر من 270 فتاة من مدرسة في بلدة تشيبوك، الواقعة شمال شرق البلاد في أبريل (نيسان) 2014، وهو هجوم أثار حالة من الغضب، وأدى إلى إطلاق حملة عالمية تحت وسم (هاشتاغ) #أعيدوا فتياتنا. وعاد أكثر من نصف الفتيات، إلا أن كثيراً منهن عدن وقد أنجبن عدة أطفال. وأظهرت تفاصيل الإدانات الأحدث أن 85 أُدينوا بتمويل الإرهاب، و22 أُدينوا في جرائم تتعلق باختصاص المحكمة الجنائية الدولية، بينما أُدين البقية بالإرهاب.