إدانات واسعة لمقتل والي «غرب دارفور»... وتراشق الاتهامات بين طرفي الصراع

اتساع رقعة الحرب في السودان مع دخول القتال شهره الثالث

والي ولاية غرب دارفور خميس أبكر خلال مؤتمر صحافي سابق في الخرطوم (سونا)
والي ولاية غرب دارفور خميس أبكر خلال مؤتمر صحافي سابق في الخرطوم (سونا)
TT

إدانات واسعة لمقتل والي «غرب دارفور»... وتراشق الاتهامات بين طرفي الصراع

والي ولاية غرب دارفور خميس أبكر خلال مؤتمر صحافي سابق في الخرطوم (سونا)
والي ولاية غرب دارفور خميس أبكر خلال مؤتمر صحافي سابق في الخرطوم (سونا)

دخلت الحرب في السودان منعطفاً جديداً، إذ أقدمت مجموعة مسلحة بقتل والي ولاية غرب دارفور، خميس أبكر، فيما تراشقت أطراف النزاع الاتهامات بالوقوف وراء الحادث، فيما أدانت أطراف عديدة محلية ودولية مقتل الوالي ووصفته بأنه «خطير للغاية».

وقالت حركة العدل والمساواة السودانية، وهي جماعة مسلحة يقودها وزير المالية جبريل إبراهيم، إن «مليشيات مسلحة اقتحمت مقر إقامة والي غرب دارفور، الجنرال خميس أبكر، واختطفته وذهبت به إلى جهة مجهولة، ثم نشرت مقاطع فيديو تظهر اغتياله بوحشية وبربرية لا مثيل لها».

وصفت الحركة الحادث في بيان على موقعها على «فيسبوك»، بأنه «تطور خطير، وامتداد للانتهاكات الفظيعة التي ارتكبت وما زالت ترتكب في الجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور والمناطق المحيطة بها».

واتّهم الجيش السوداني ليل الأربعاء/ الخميس قوات الدعم السريع بـ«اختطاف واغتيال» والي غرب دارفور، الذي كان قد حمّل، قبل ساعات من مقتله، هذه القوات المسؤولية عن انتهاكات ارتُكبت في الولاية، وخصوصاً في عاصمتها الجنينة.

الفريق البرهان أدان الحدث واتهم الدعم السريع (أ.ف.ب)

وكانت وكالة الأنباء السودانية ذكرت أن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان استنكر مقتل أبكر، محملاً «قوات الدعم السريع» المسؤولية عن مقتله. وقال البرهان إن والي ولاية غرب دارفور تولى منصبه بناء على اتفاق جوبا لسلام السودان مع حركات «الكفاح المسلح»، مشيراً إلى أن أبكر رئيس لحركة مسلحة استجابت لنداء السلام. وقالت القوات المسلّحة السودانية في بيان إنّها «تدين بأشدّ عبارات الاستهجان التصرّف الغادر الذي قامت به ميليشيا الدعم السريع المتمرّدة (الأربعاء)، باختطاف واغتيال والي ولاية غرب دارفور خميس عبد الله أبكر» على الرّغم من أنّه «لا علاقة له بمجريات الصراع الدائر منذ شهرين بين الطرفين».من جانبه أدان بيان للدعم السريع، مقتل والي غرب دارفور واتهم «متفلتين»بقتله على خلفية الصراع القبلي المحتدم بالولاية. كما اتهم البيان، الاستخبارات العسكرية السودانية بالتورط في إشعال حرب قبلية في ولاية غرب دارفور وتغذيتها عبر تسليح القبائل. وأشار إلى أنها ستجري تحقيقاً حول مقتل والي غرب دارفور وتتعهد بتقديم أي من عناصرها التي يثبت تورطها في الحادث إلى العدالة. إلا أن الأمم المتحدة وجّهت أصابع الاتهام مباشرة الى قوات الدعم السريع.ودانت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) في بيان «هذا العمل الشنيع»، مضيفة «تنسب إفادات شهود عيان مقنعة هذا الفعل إلى الميليشيات العربية وقوات الدعم السريع».ودعت البعثة «إلى تقديم الجناة بسرعة إلى العدالة وإلى عدم توسيع دائرة العنف في المنطقة بشكل أكبر».

وكان أبكر أحد زعماء حركات التمرد الموقعة على اتفاق جوبا للسلام مع الحكومة عام 2020 سعياً إلى وضع حد لنزاع في الإقليم امتد زهاء عقدين. وأتى مقتل أبكر بعد ساعات من تصريحات أدلى بها لقناة «الحدث» التلفزيونية واتّهم فيها قوات الدعم السريع بـ«تدمير» مدينة الجنينة. وقال خلال اتصال هاتفي وأزيز الرصاص يُسمع قربه «الآن أنا أتكلم معكم والهجوم مستمرّ»، متّهماً قوات الدعم السريع بإطلاق قذائف «على رؤوس المواطنين» في الجنينة، حيث كان موجوداً. وأضاف: «المواطنون اليوم يُقتلون بطريقة عشوائية جداً وبأعداد كبيرة. اليوم عندنا أعداد كبيرة من الجرحى لا يجدون علاجاً. لا يوجد لدينا مستشفى... الآن لا توجد أي مؤسسة صحية تقدّم خدمات للمواطنين».

ووصف أبكر ولايته بأنّها «منكوبة»، مضيفاً: «اليوم الجنينة مستباحة كلّها... كلّها، كلّها دُمّرت».

وتابع: «هذا شعب تمّ قتله بدم بارد بأعداد كبيرة جداً، بالآلاف... لذا نحن بحاجة إلى تدخّل حاسم من المجتمع الدولي لحماية ما تبقّى من الأرواح في هذه المنطقة». وكان رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس حذّر الثلاثاء من أنّ أعمال العنف التي يشهدها إقليم دارفور قد ترقى إلى «جرائم ضد الإنسانية». وقال بيرتس: «مع استمرار تدهور الوضع في دارفور، يساورني القلق بشكل خاص إزاء الوضع في الجنينة في أعقاب موجات العنف المختلفة منذ أواخر أبريل (نيسان)، التي اتخذت أبعاداً عرقية».

حزب الأمة يدين

من جهته، وصف حزب الأمة القومي، أبرز الأحزاب السياسية في السودان، ما يحدث من عنف في الجنينة بأنّه «جريمة إنسانية مكتملة الأركان جعلت منها منطقة منكوبة بلا شك، مما يتطلب إعلان ذلك بصورة رسمية لتضطلع المنظمات الدولية بدورها حيال الوضع فيها».

وقال الحزب في بيان إن التداعيات المتسارعة لاستمرار الحرب ستجر البلاد إلى «وضع كارثي غير مسبوق، مما يحتم على كافة أبناء الوطن التنادي العاجل لإيقاف هذه الحرب فوراً، والعمل على محاسبة كل المتسببين فيها، ومن أجرم بحق المواطنين العزل».

ودعا الحزب إلى «إنقاذ» البلاد «ببناء جبهة وطنية مدنية لإيقاف الحرب، واستعادة الأمن والسلام».

إدانات واسعة لمقتل الوالي في ظل تقارير بشأن وقوع أعمال عنف مرعبة في دارفور (أرشيفية - رويترز)

وأدان سفير الاتحاد الأوروبي لدى السودان إيدان أوهارا اليوم الخميس مقتل والي غرب دارفور خميس أبكر وعدد غير معلوم من المدنيين جراء الصراع في البلاد. وقال السفير في تغريدة إن عملية القتل «الوحشية» للوالي أبكر أمس «أمر مروع». وأضاف السفير أن مقتل الوالي يأتي في ظل تقارير بشأن وقوع أعمال عنف مرعبة على نطاق واسع في دارفور.

وقال أوهارا: «حماية المدنيين في السودان ووصول المساعدات الإنسانية أمران ملزمان بموجب القانون الدولي، المسؤولون عن الانتهاكات سيخضعون للمساءلة».


مقالات ذات صلة

قائد «الدعم السريع»: الحركات المسلحة تتحمل نتيجة التصعيد في الفاشر

شمال افريقيا صورة أرشيفية لقائد «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو مع قواته في جنوب دارفور (أ.ف.ب)

قائد «الدعم السريع»: الحركات المسلحة تتحمل نتيجة التصعيد في الفاشر

دقلو يؤكد أنه «لن نتهاون في الدفاع عن أنفسنا ومواجهة فلول الحركة الإسلامية وعناصرها في القوات المسلحة وجهاز المخابرات وحركات الارتزاق المسلحة».

محمد أمين ياسين (ود مدني السودان)
شمال افريقيا سودانيون يشربون من مياه استُخرجت من بئر جوفية في ولاية القضارف شرق السودان (أ.ف.ب)

السودان: مع الحرّ والحرب نقص حاد في المياه

حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية من أن 26 في المائة من السكان يسيرون أكثر من 50 دقيقة للعثور على مياه ويُعرضون أنفسهم لمخاطر، لا سيما النساء.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
شمال افريقيا ممثلون لطرفَي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق جدة في مايو 2023 (رويترز)

عضو في «السيادة» السوداني: لا بوادر للسلام و«منبر جدة» هو المخرج من الحرب

قال العضو الجديد في مجلس السيادة السوداني صلاح الدين آدم تور، يوم الجمعة إنه كُلف بمهامه في ظروف وصفها بأنها «بالغة التعقيد»، مشيراً إلى أنه ينتظر تسلم مهامه.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا «قوات الدعم السريع» السودانية (أ.ف.ب)

جيش السودان: مقتل قائد من «قوات الدعم السريع» في معركة بدارفور

قال الجيش السوداني، اليوم الجمعة، إنه قتل علي يعقوب جبريل، قائد قطاع وسط دارفور في «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية خلال معركة في الفاشر.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا قائد «قوات الدعم» بوسط دارفور علي يعقوب جبريل (إكس)

السودان: «الدعم السريع» تؤكد مقتل أحد قادتها البارزين في معارك الفاشر

أكد مصدر من «قوات الدعم السريع» في السودان، في تصريحات لـ«وكالة أنباء العالم العربي»، مقتل قائد قوات الدعم بوسط دارفور، علي يعقوب جبريل.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

«حرب غزة»: اتصالات مكثفة لحلحلة عقبات «الهدنة»

منازل مدمرة في مخيم المغازي للاجئين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
منازل مدمرة في مخيم المغازي للاجئين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

«حرب غزة»: اتصالات مكثفة لحلحلة عقبات «الهدنة»

منازل مدمرة في مخيم المغازي للاجئين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
منازل مدمرة في مخيم المغازي للاجئين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

في وقت أشارت فيه واشنطن إلى سلسلة اتصالات يجريها الوسطاء لبحث المضي قدماً نحو تنفيذ مقترح الرئيس الأميركي جو بايدن لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، تحدثت حركة «حماس» عن «مرونة» من أجل الوصول لاتفاق.

التأكيدات الأميركية الأخيرة عدها خبراء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط»، «محاولات لحلحلة العقبات التي تضعها إسرائيل، وشروط (حماس)، لكنهم رأوا أن (هدنة غزة) تتطلب تنازلات ومرونة حقيقية وليس مجرد تصريحات».

وقال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، في كلمة متلفزة، الأحد، إن رد الحركة على أحدث اقتراح لوقف إطلاق النار في غزة يتوافق مع المبادئ التي طرحتها خطة بايدن (وتتضمن 3 مراحل)، معتقداً أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، «فشل في تحقيق أهدافه، ولا يتجاوب مع مرونة الحركة (أي حماس)».

وتمسك هنية بدور الوسطاء وإعطاء مدة كافية لإنجاز مهمتهم، مؤكداً أن «الحركة جادة ومرنة في التوصل إلى اتفاق يتضمن البنود الأربعة، وقف إطلاق النار الدائم، والانسحاب الشامل من غزة، والإعمار، وصفقة تبادل للأسرى».

وجاءت كلمة هنية عقب اتهامات وجَّهها وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، لـ«حماس»، «بتعطيل الوصول لاتفاق»، وغداة إعلان مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، السبت، أن «الوسطاء من قطر ومصر يعتزمون التواصل مع قيادات الحركة الفلسطينية لمعرفة ما إذا كان هناك سبيل للمضي قدماً في اقتراح بايدن».

فلسطينيون يقفون في طابور بعد اعتقالهم من قبل القوات الإسرائيلية بالقرب من مدينة طولكرم في وقت سابق (إ.ب.أ)

وكان بلينكن نفسه قد أعلن، الأربعاء الماضي، «مواصلة العمل مع الوسطاء لسد الفجوات للوصول إلى اتفاق»، وذلك خلال مؤتمر صحافي بالدوحة مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني. بينما قال المسؤول القطري حينها: «ملتزمون في قطر مع شريكي (الوساطة) مصر والولايات المتحدة، بجسر الهوة، ومحاولة حل هذه الفروقات لأفضل وسيلة لإنهاء الحرب في غزة في أسرع وقت ممكن».

وبينما تتحدث «حماس» عن أنها «جادة ومرنة»، أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أنه بدأ تنفيذ «هدنة تكتيكية» يومياً في قسم من جنوب قطاع غزة خلال ساعات محددة من النهار للسماح بإدخال المساعدات الإنسانية، وذلك إثر محادثات مع الأمم المتحدة ومنظمات أخرى. لكن واجه ذلك التوجه، رفضاً من الوزير الإسرائيلي المنتمي لليمين المتطرف، إيتمار بن غفير.

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير على الحنفي، رأى أن «اتصالات الوسطاء مستمرة سواء عبر استقبال طروحات حل، أو العمل على تقديم حلول وسط لحلحلة عقبات الهدنة»، مؤكداً أن مصر «مستمرة في الوساطة بصورة قوية للوصول لاتفاق». ويعتقد أن «هناك رغبة واهتماماً بالوصول لاتفاق باستثناء الكيان الإسرائيلي، الذي لا يزال يعقد الأمور، ومواقفه الداخلية المتناقضة لا تبدي مرونة كافية».

الحفني أوضح أنه من الناحية النظرية «أي اتفاق يشهد خلافات وضغوطاً، ويجب أن يكون التعبير عن التنازلات، أو إبداء مواقف مرنة من أطرافه، بمثابة دفعة باتجاه التوصل لحلول»، مشيراً إلى أن «الحرب مستمرة من 9 أشهر، ولا أفق نراه لهذا الاتفاق؛ لكن الاتصالات ستبقى مهمة لتجاوز العقبات، وتحقيق اختراق».

دخان تصاعد خلال عملية عسكرية إسرائيلية على مخيم نور شمس للاجئين (إ.ب.أ)

أما الخبير السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، فقد قال إن الإدارة الأميركية «بحاجة لهذه الهدنة، لذلك سنلمس تكثيف الاتصالات ومحاولة بذل مزيد من الضغط على (حماس) للقبول بما طرحه بايدن من وجهة نظره».

ويعتقد مطاوع، وهو المدير التنفيذي لـ«منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي»، أن «الوسطاء سيقومون بجلسة متواصلة لتجسير هوة الخلافات، بالتزامن مع ضغط أميركي على إسرائيل مشروط بقبول حماس للخطة»، مرجحاً أن «تستمر تلك الجهود بشكل مكثف حتى زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي الشهر المقبل للكونغرس الأميركي»، مضيفاً حينها سنرى إما «الذهاب لأول مراحل الهدنة، وإما سنتأكد من أن الصفقة التي طُرحت قد فشلت».

وتشترط حركة «حماس» انسحاباً إسرائيلياً من قطاع غزة ووقف الحرب، بينما تصر إسرائيل على وقف مرحلي للقتال، والاحتفاظ بحقها في مواصلة الحرب فيما بعد».