طرفا القتال في السودان يعلنان استعدادهما بحث تمديد الهدنة

بعد دعوة سعودية - أميركية لتجديد وقف إطلاق النار

جنود من الجيش السوداني في إحدى مناطق الخرطوم (أ.ف.ب)
جنود من الجيش السوداني في إحدى مناطق الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

طرفا القتال في السودان يعلنان استعدادهما بحث تمديد الهدنة

جنود من الجيش السوداني في إحدى مناطق الخرطوم (أ.ف.ب)
جنود من الجيش السوداني في إحدى مناطق الخرطوم (أ.ف.ب)

أبدى طرفا القتال في السودان، الجيش وقوات «الدعم السريع»، استعدادهما لبحث الدعوة السعودية - الأميركية لتمديد وقف إطلاق النار الذي ينتهي مساء يوم الاثنين، وفقاً للاتفاق الذي وقّعاه في 20 مايو (أيار) الحالي في مدينة جدة بوساطة سعودية وأميركية. ويجوز للطرفين تمديد الاتفاق لسبعة أيام أخرى أو أي مدة جديدة يتفق عليها، في حين أعلن الطرفان في بيانين منفصلين، أنهما يبحثان إمكانية الموافقة على تمديد الهدنة الإنسانية.

الدعوة المشتركة

من جانبهما، قالت السعودية والولايات المتحدة في بيان مشترك يوم الأحد، إن طرفي الصراع في السودان ارتكبا انتهاكات أعاقت بشكل كبير إيصال المساعدات الإنسانية واستعادة الخدمات الأساسية خلال الهدنة الحالية التي أصبحت في ساعاتها الأخيرة. وأضافتا في البيان، الذي نشرته وكالة «الأنباء السعودية»، أن طرفي الصراع أبلغا الرياض وواشنطن التزامهما «بتسهيل المساعدة الإنسانية واستعادة الخدمات الأساسية لصالح الشعب السوداني. ومع ذلك، ارتكبت قوات (الدعم السريع) والقوات المسلحة السودانية أعمالاً محظورة أعاقت تلك الجهود». ونقل البيان عن الجانبين السعودي والأميركي قولهما «إدراكاً منا بأنه لم يتم مراعاة وقف إطلاق النار الحالي بشكل كامل، إلا أننا قمنا بحثّ كلا الطرفين على الموافقة على تمديده، وإن لم يتم التقيد به بشكل كامل، لتوفير مزيد من الوقت للجهات الفاعلة الإنسانية للاضطلاع بهذا العمل الحيوي». وقال البلدان إن وقف الضربات الجوية للجيش وانسحاب قوات «الدعم السريع» من المناطق الحضرية، وإنهاء الهجمات ضد الجهات الفاعلة الإنسانية، من شأنه أن يسهل تقديم المساعدة التي يحتاجها السودانيون بشدة.

وأكد الجيش التزامه باتفاقية وقف إطلاق النار قصير الأمد والترتيبات الإنسانية، كما أكدت قوات «الدعم السريع» في بيان، أنها مستمرة في مراقبة الهدنة الحالية ومدى جدية والتزام الطرف الآخر للمضي في تجديد الاتفاق من عدمه.

هدوء في اليوم الأخير للهدنة

وشهدت الهدنة الحالية الكثير من الخروقات من قبل الطرفين الجيش و«الدعم السريع» بتجدد القتال في العاصمة الخرطوم وولاية شمال كردفان وعدد من ولايات دارفور. وسادت حالة من الهدوء أنحاء واسعة من العاصمة إثر توقف القتال وانحساره بصورة لافتة، عدا بعض المناوشات المحدودة. ووفقاً لشهود عيان، تراجعت الاشتباكات والمواجهات في مدن العاصمة الثلاث - الخرطوم وبحري وأم درمان - مقارنة بالأيام السابقة للهدنة والتي شهدت قتالاً بأسلحة ثقيلة وبالطيران الحربي في العديد من مناطق الخرطوم. ويشكو مواطنو العديد من أحياء الخرطوم من احتلال قوات «الدعم السريع» منازلهم، وتحويل الأحياء إلى ثكنات عسكرية، واستمرار التضييق عليهم أثناء تنقلهم.

ارتفاع أعداد القتلى

وفي هذا الصدد، أعلنت نقابة أطباء السودان غير الحكومية، ارتفاع أعداد القتلى بين المدنيين منذ بداية الاشتباكات إلى 866 قتيلاً، وإصابة 3721 آخرين. وأضافت في بيان يوم الأحد، أن الاشتباكات جارية بين الجيش وقوات «الدعم السريع» حتى يوم أمس، وأسفرت عن وقوع المزيد من الضحايا في العاصمة وفي الأقاليم، لم يتم حصرها بالكامل بعد. وأشارت النقابة إلى أنه يوجد العديد من المصابين لم تستطع النقابة الوصول إلى المستشفيات لحصرهم بسبب صعوبة التنقل والوضع الأمني في البلاد.

من جانبه، دعا حزب الأمة القومي، أكبر أحزاب السودان، طرفي الصراع في البلاد إلى تمديد وقف إطلاق النار الحالي والالتزام به، محذراً في الوقت ذاته من الدعوات إلى تسليح المواطنين. وقال الحزب في بيان نشره على منصة «فيسبوك»، إنه يجدد الدعوة للجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» للسعي الجاد للوقف الفوري لما سماه «الحرب العبثية»، والتوصل إلى حل تفاوضي يعالج أسباب الحرب ويؤسس لعملية سياسية تحقق مطالب الشعب في التحول المدني الديمقراطي. وحذر الحزب في بيانه من «الدعوات الداعية لتسليح المواطنين بحجة حماية أنفسهم»، منبهاً إلى ما وصفه بالمخططات «الخبيثة لفلول النظام البائد (برئاسة عمر البشير) الرامية إلى توسيع دائرة الحرب ونشر الفوضى العامة». كما رحب الحزب ببيان مجلس السلم والأمن الأفريقي الداعي لوقف الحرب والعمل على معالجة أسبابها عبر الحوار المفضي للحل السلمي للأزمة.


مقالات ذات صلة

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

شمال افريقيا قصف مدفعي يدمر منازل بمخيم زمزم (متداولة)

الجيش السوداني يعلن مقتل قائد لـ«الدعم السريع» في الفاشر

أعلن الجيش السوداني، السبت، مقتل القائد العسكري في «قوات الدعم السريع» العميد جمعة إدريس، خلال قصف بالمدفعية الثقيلة استهدف تحركات قواته.

محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا أشخاص يسيرون بجوار مركبة مدمَّرة بعد قصف لقوات «الدعم السريع» على أم درمان (رويترز)

مقتل 9 بعد هجوم لـ«الدعم السريع» على المستشفى الرئيسي في الفاشر

قالت مصادر سودانية إن قوات «الدعم السريع» هاجمت المستشفى الرئيسي الذي ما زال يعمل في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، الجمعة، مما أسفر عن مقتل 9 وإصابة 20.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا إردوغان مستقبلاً البرهان في أنقرة 12 أغسطس 2021 (رويترز)

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان والإمارات على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا في أرض الصومال

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شمال افريقيا صورة من المحكمة الجنائية الدولية تظهر القائد السابق في ميليشيا «الجنجويد» السودانية، علي كوشيب، خلال جلسة استماع لتأكيد التهم المتعلقة بجرائم الحرب (أ.ف.ب)

قائد «الجنجويد» في دارفور ينفي أمام الجنائية الدولية ارتكابه جرائم حرب

نفى زعيم ميليشيا سوداني، اليوم (الجمعة)، أمام المحكمة الجنائية الدولية الاتهامات الموجّهة إليه بارتكاب جرائم حرب في إقليم دارفور.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)
شمال افريقيا علي عبد الرحمن الشهير بـ«علي كوشيب» المتهم بجرائم حرب في إقليم دارفور (موقع الجنائية الدولية)

مدعي «الجنائية الدولية»: غالبية الأدلة تثبت التهم ضد «كوشيب»

أبلغ مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية القضاة أن علي عبد الرحمن (كوشيب)، المتهم بارتكاب جرائم حرب في دارفور، كان زعيم ميليشيا مرهوب الجانب وأمر بارتكاب فظائع.


ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.