بوش وترامب يتواجهان في نيو هامبشير.. والفائز دونالد

المقارنة بين المرشحين الجمهوريين تظهر فجوة كبيرة في حملتهما الانتخابية

حاكم ولاية فلوريدا السابق ومرشح الحزب الجمهوري للرئاسة الأميركية جب بوش يتحدث أمام الجمهور في نيو هامبشير (رويترز)
حاكم ولاية فلوريدا السابق ومرشح الحزب الجمهوري للرئاسة الأميركية جب بوش يتحدث أمام الجمهور في نيو هامبشير (رويترز)
TT

بوش وترامب يتواجهان في نيو هامبشير.. والفائز دونالد

حاكم ولاية فلوريدا السابق ومرشح الحزب الجمهوري للرئاسة الأميركية جب بوش يتحدث أمام الجمهور في نيو هامبشير (رويترز)
حاكم ولاية فلوريدا السابق ومرشح الحزب الجمهوري للرئاسة الأميركية جب بوش يتحدث أمام الجمهور في نيو هامبشير (رويترز)

احتشدوا بالمئات، واصطفوا تحت أشعة الشمس الحارقة لساعات، حاملين صورًا ورقية لوجه دونالد ترامب. بعد ذلك، جلسوا على مقاعد إحدى قاعات المدارس الثانوية، وتهيئوا لطرح الأسئلة على الملياردير المتأنق الذي يأملون في انتخابه رئيسًا. كان ذلك أول اجتماع عمومي يعقده ترامب في نيو هامبشير.
وبعد لحظات قليلة، صاح رجل من الحشد: «أليس جيب بوش يغرق في طريقه لقاع بحيرة الآن؟»
وأجاب ترامب: «هذه هي روح أنصاري الحقيقيين».
في واقع الأمر، لم يكن جيب بوش يغرق إطلاقًا في أية بحيرة، وإنما كان على بعد 19 ميلاً من ديري، يلقي كلمة أمام حشد من نحو 150 شخصًا داخل مركز يتبع «جنود الحروب الأجنبية» داخل ميريماك.
وفي ثنايا كلمته، شن بوش أقوى هجماته حتى الآن ضد ترامب، قائلاً إنه «لا يملك أي سجل مؤكد على صعيد التوجهات المحافظة» بالنظر لكونه عضوًا سابقًا بالحزب الديمقراطي سبق وأن أيد زيادة الضرائب ونظام رعاية صحية تتحمل الحكومة بمفردها جميع تكاليفه.
وخلال ظهوره في إطار المنافسات الأولية للفوز بالترشح للرئاسة، بدا بوش محصورًا بين قوى صاعدة من اليمين واليسار، وعجز عن التأكيد على صورة المرشح المتميز الذي يتوقع كثير من الجمهوريين منه تحقيقها.
ويعكس ذلك حجم الفوضى واسعة النطاق التي ألمت بالسباق على الترشح للرئاسة داخل الحزب الجمهوري على مستوى البلاد بوجه عام، حيث يخوض السباق 17 مرشحًا يسعون للفوز بتأييد فرق متنوعة ومتداخلة داخل الحزب. في الوقت الراهن، يهيمن على السباق ترامب وعدد من السياسيين المبتدئين الذين يجذبون إليهم حشودًا متحمسة ويطلقون رسائل مناهضة للطبقة الحاكمة، وإن كان المفكرون الاستراتيجيون داخل الحزب يتوقعون تحول الاهتمام نحو المرشحين التقليديين نهاية المطاف.
في الوقت الراهن على الأقل، يواجه بوش مشكلة، حيث يتحرك حاكم أوهايو، جون كايسك، بسرعة نحو الاستفادة من المصاعب التي واجهها حاكم فلوريدا السابق واجتذاب بعض الناخبين الممثلين للتيار الرئيس الذين كان من المتوقع تأييدهم لبوش.
وبالمثل، يحاول مرشحون آخرون الظهور على السطح. على سبيل المثال، يناضل حاكم نيو جيرسي، كريس كريستي، للفوز ببعض التأييد هنا، بعد أن راوغ في الرد على أسئلة خلال أحد اللقاءات خارج مانشستر. ويفعل حاكم ويسكونسن، سكوت والكر، الممثل في بارينغتون، بينما أجرى كارلي فيورينا، المسؤول التنفيذي السابق لدى شركة «هيلويت - باكارد» الذي يحقق تقدمًا ملحوظًا أيضًا في استطلاعات الرأي، تواصلاً مع الناخبين في لاكونيا.
ومن جهته، سعى ترامب لحشد تأييد كثير من أعضاء تيار اليمين هنا، وعلى مستوى البلاد عبر التزام نبرة صارمة تجاه أساليب مداهنة الرأي العام والهجرة غير الشرعية. ويكشف استطلاع رأي أجرته مؤخرًا مؤسسة «بوسطن هيرالد» بالتعاون مع جامعة فرانكلين بيرس، تقدم ترامب مرشحي الحزب الجمهوري داخل نيو هامبشير بنسبة 18 في المائة، يعقبه بوش 13 في المائة، يليه مباشرة كايسك 12 في المائة، بين المرشحين الجمهوريين المحتملين للرئاسة.
والواضح أن ترامب أثار ضيق بوش بزيارته التي أجراها أول من أمس، ذلك أنه فقط بعدما أعلن بوش عن عزمه عقد لقاء جماهيريًا داخل قاعة مدينة ميريماك، حدد ترامب لقاءً في التوقيت ذاته تقريبًا في ديري المجاورة، في محاولة لاستثارة مقارنات بين حج الحشدين ومستوى أداء كل منهما.
وخلال لقائه الجماهيري، تعالت الحشود المؤيدة لترامب هاتفة: «نريد ترامب!»، بينما انبرى المرشح في الهجوم على بوش بسبب تعليقاته السابقة حول الهجرة وحرب العراق وصحة المرأة. وأضاف: «لا أرى سببًا يدعو لانتخابه».
وقال: «جيب بوش من الأشخاص ذوي الطاقة الهزيلة، لذا يصعب عليه إنجاز المهام».
وعندما صعد ترامب على المنصة، وجه حديثه للجمهور قائلاً: «هل تدرون ماذا يحدث لجمهور جيب في نهاية الشارع؟ إنهم يغطون في النوم».
ولكن في الواقع، المقارنة بين المرشحين ليست من مصلحة بوش، الذي يتعرض لانتقادات تتهمه بالافتقار إلى الحماسة في وقت ينتظر الناخبون من السياسيين مجهودًا قويًا لإلهاب حماسهم.
ومع ذلك، فإن ما يفتقره بوش على صعيد قدرته على استعراض الشجاعة على نحو شعبوي، فإنه يعوضه بمجال المعرفة السياسية، حيث نجح في أن يناقش بذكاء تفاصيل دقيقة تتعلق بساسة التعليم على امتداد 45 دقيقة خلال منتدى في لندنيري بنيو هامبشير، صباح أول من أمس.
وخلال لقائه الجماهيري في ميريماك، شن هجومًا ضد ترامب، حيث قال: «خلال العقد الماضي، قضى وقتًا أطول كديمقراطي عنه كجمهوري. في الحقيقة، من الواضح أن ترامب يملك موهبة، لكن عندما يمعن الناس النظر في سجله يتضح أنه ليس سجلاً محافظًا. حتى فيما يخص قضية الهجرة، فإنه يستخدم لغة لاذعة بالتأكيد، لكن ملايين الدولارات اللازمة لتنفيذ خططه المقترحة لا تشي بخطة محافظة».
ورغم ذلك، أخفق بوش في تعزيز موقعه بين جمهور يمين الوسط الذي شكل أساس قاعدة تأييد المرشح الجمهوري ميت رومني هنا عام 2012. ولم يتمكن بوش من اجتذاب أصوات ضخمة نحوه خصوصًا في صفوف النشطاء الذين مروا بلحظات عصيبة للغاية من دونه خلال المشاحنات السياسية في عهد رئاسة أوباما.
من ناحية أخرى، خلال حديث له في مدينة سالم بنيو هامبشير، أول من أمس، تحدث كايسك عن سجله البراغماتي داخل الكونغرس وأثناء عمله حاكمًا، إضافة لتعاطفه مع الفقراء ومدمني المخدرات وذوي الأمراض العقلية. وكانت الرسالة التي خرج بها الجمهور أنه على المستوى ذاته من الخبرة والبراغماتية والقدرة مثل بوش، لكنه ابن رجل بريد عادي وليس رئيسًا.
ومن جهتهم، يقول مستشارو ومؤيدو بوش إن لديه استراتيجية «طويلة الأمد» مصممة بحيث تبلغ ذروتها مطلع العام المقبل، ثم تمضي به على امتداد السباق الطويل لنيل ترشيح الحزب له في الانتخابات الرئاسية.
ومن المقرر أن تبدأ «رايت تو رايز يو إس إيه»، وهي لجنة عمل سياسي جمعت أكثر من مائة مليون دولار، في بث إعلانات تلفزيونية في نيو هامبشير والولايات الأخرى التي ستشهد تصويتًا مبكرًا. ومن المتوقع أن تركز الإعلانات الأولى على السيرة الذاتية الإيجابية لبوش خلال فترة عمله حاكمًا لفلوريدا الممتدة لثماني سنوات، التي يعتقد مستشاروه أنها ستسهم في إظهار أنه سياسي له سجله الخاص المميز عن سجل والده وشقيقه.
وفي المقابل، يحرز كايسك، الذي انضم للسباق الانتخابي متأخرًا، تقدمًا في استطلاعات الرأي في ضخم حملة بتكلفة عدة ملايين تشنها لجنة العمل السياسي المتحالفة معه «نيو داي فور أميركا».
يذكر أنه خلال الأسبوع الماضي، انضم عضوان مهمان من فريق رومني في هامبشير إلى كايسك، وهما المستشار البارز توم راث، ورئيس مجلس نواب الولاية سابقًا دوغ سكامان.
ومثل بوش، تتركز جهود كايسك لاجتذاب الناخبين على سجله كحاكم محافظ ينتمي ليمين الوسط.
يذكر أن مساعدي بوش داخل مقر رئاسة حملته في ميامي يعكفون حاليًا على البحث في خلفية كايسك، بما في ذلك الأصوات التي أدلى بها داخل الكونغرس، ويعملون على جمع التغطيات السلبية التي وردت عنه بالصحف، وذلك في إطار ما يسمى «أبحاث المعارض» التي تعد جزءًا أساسيًا من غالبية الحملات الانتخابية. ويشير هذا الأمر إلى أن كايسك الآن أصبح تحت مجهر الفريق المعاون لبوش.
كما أفادت مصادر جمهورية مطلعة بأن بعض كبار المتبرعين لبوش تواصلوا مع الفريق المعاون لكايسك مؤخرًا للتعرف أكثر على مؤهلات حاكم أوهايو، وأبدوا إمكانية دعمهم له.

*خدمة: «واشنطن بوست»
خاص لـ«الشرق الأوسط»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.