منظمة دولية تكرر اتهام الحكومة العراقية بـ«خذلان» ضحايا «داعش» في سنجار

وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بايربوك في سنجار مارس الماضي (د.ب.أ)
وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بايربوك في سنجار مارس الماضي (د.ب.أ)
TT

منظمة دولية تكرر اتهام الحكومة العراقية بـ«خذلان» ضحايا «داعش» في سنجار

وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بايربوك في سنجار مارس الماضي (د.ب.أ)
وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بايربوك في سنجار مارس الماضي (د.ب.أ)

اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، الخميس، الحكومة العراقية مجدداً بـ«خذلان ضحايا داعش» في قضاء سنجار شمال محافظة نينوى، الذي يضم أغلبية سكانية من الطائفة الإيزيدية، وخضع لسيطرة التنظيم الإرهابي في أغسطس (آب) 2014، ما أدى إلى تدمير معظم بناه التحتية، فضلاً عن قتل وسبي آلاف من نسائه ورجاله على يد عناصر التنظيم.

ويأتي التقرير الجديد الذي نشرته المنظمة الحقوقية بعد أقل من عشرة أيام على إصدارها تقريراً مماثلاً انتقدت فيه بغداد لـ«عدم التزامها بتقديم التعويضات المالية لضحايا (داعش) من الإزيديين وغيرهم» التي أقرها قانون صادر من البرلمان عام 2020.

وطبقاً للتقرير، فإن المنظمة أجرت مقابلة مع مواطن إيزيدي يدعى سليم، يبلغ من العمر 42 عاماً، قال لها إنه «فقد كل شيء عندما اقتحم (داعش) قريته في قضاء سنجار بالعراق في 2014». وأضاف: «كانت لدينا مزرعة، لكن التنظيم دمرها، دمر منزلي وسرق أثاثي كله». ووفقاً للمنظمة، فإن سليم عانى كثيراً للوقوف على قدميه وإعالة أسرته منذ عودته إلى قريته في 2016.

ويرى تقرير المنظمة أن «سليم يحق له الحصول على تعويض بموجب القانون العراقي رقم 20، الذي يسمح لجميع العراقيين بالمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي تكبدوها أثناء العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية، لكن الحصول على تعويض مهمة شاقة».

وأشار التقرير إلى أن «الخلاف السياسي المتواصل بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان العراق حول حكم المنطقة، وعملية التقديم المعقدة والمكلفة، وعدم توزيع السلطات العراقية للأموال المخصصة؛ كلها عوامل تركت العديد السنجاريين في حالة من عدم اليقين، وغير قادرين على استعادة حياتهم وممتلكاتهم».

حقائق

200 ألف سنجاري

لا يزالون نازحين عن منازلهم بعد سنوات من النزاع مع «داعش»

وكررت المنظمة ما سبق وذكرته في تقريرها الصادر قبل نحو عشرة أيام، من أن نحو نصف طلبات السنجاريين البالغ عددها 10.500 طلب، لم تتلق أي أسرة حتى الآن تعويضات بموجب القانون العراقي رقم 20، وذلك «يتناقض بشدة» مع مناطق عراقية أخرى تلقت جميعها على الأقل بعض التعويضات. بحسب تقريرها.
وأكد (التقرير) على أن «حوالي 200 ألف سنجاري لا يزالون نازحين بعد سنوات من النزاع. يعيش الكثيرون في مخيمات ويأملون أن يوفر لهم التعويض مخرجاً. لكن رغم الحاجة الملحة، لم يحصل في سنجار على تعويض سوى عدد صغير من الإيزيديات».

وسبق لبرلمان العراق أن صوت عام 2020، على قانون الناجيات الإيزيديات من قبضة «داعش»، يخصص لهن، طبقاً للقانون، تعويضات مالية ورواتب تقاعدية بهدف تأهليهن وإعادتهن إلى حياتهن الطبيعية بعد خلاصهن من قبضة عناصر التنظيم.
ورسم تقرير المنظمة الحقوقية صورة قاتمة لمجمل ملف التعويضات للمتضررين من «داعش» في قضاء سنجار، حين قال: «لا يبدو المستقبل بالنسبة لسليم مشرقاً. كان مؤهلاً لتقديم طلب في 2021، لكنه بدأ مؤخراً بإجراءات التقديم لأنه لم يكن قادراً في السابق على تحمل التكاليف ذات الصلة. وهو لا يعرف بعد إذا كان سيكمل الطلب، وقال سليم: بالنظر إلى أن الأمر سيتطلب وقتاً ومالاً، لست متأكداً من أنني سأكمله».

 

أمور معقدة

ويتفق خدر سالم، الذي يقيم في منطقة شارية بمحافظة دهوك في كردستان، مع ما يذهب إليه تقرير المنظمة الأممية. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أنا وكثير من أقاربي وأصدقائي يفترض أننا من يحق لهم الحصول على تعويضات أقرها القانون، لكننا لم نحصل على كامل حقوقنا حتى الآن. الأمور معقدة والإجراءات صعبة ومملة جداً».
وأضاف سالم: «لا أدري لماذا تتخذ الدولة القرارات المتعلقة بالتعويضات من دون أن تكون قادرة على الالتزام بها؟... أحياناً أفكر بأن التعقيدات المرتبطة بهذا الملف متعمدة، وأحياناً أخرى أفكر بأن ذلك مرتبط بعجلة الإجراءات الرسمية البطيئة والمعقدة في كل مكان في الدولة العراقية».

 

وبعيداً عن مشكلة التعقيدات المرتبطة بتعويض الأسر المتضررة والناجية في سنجار، ما زال القضاء يعاني من مشكلة الصراعات الأمنية والسياسية التي تتنازعها نحو 4 جهات هناك موزعة بين القوات الحكومية الاتحادية، والحزب الديمقراطي الكردستاني، وحزب العمال التركي الذي تتمركز بعض عناصره هناك، إلى جانب بعض فصائل الحشد الشعبي. وما زال نحو نصف سكان القضاء يعيشون في إقليم كردستان ودولة المهجر، إلى جانب وجود إدارتين محليتين، واحدة تتبع الحزب الديمقراطي الكردستاني، وأخرى تابعة للحكومة المحلية في نينوى.


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

أكدت تركيا أن «وحدات حماية الشعب الكردية» لن يكون لها مكان في سوريا في ظل إدارتها الجديدة... وتحولت التطورات في سوريا إلى مادة للسجال بين إردوغان والمعارضة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

مؤسس «الجيش السوري الحر» واثق من توحيد صفوف الفصائل

رياض الأسعد (أ.ف.ب)
رياض الأسعد (أ.ف.ب)
TT

مؤسس «الجيش السوري الحر» واثق من توحيد صفوف الفصائل

رياض الأسعد (أ.ف.ب)
رياض الأسعد (أ.ف.ب)

أعرب رياض الأسعد، أحد أوائل المنشقين عن الجيش السوري لدى اندلاع النزاع عام 2011، عن ثقته بأن الفصائل التي أطاحت بالرئيس بشار الأسد بعد سنوات من الحرب ستوحد صفوفها، وذلك في مقابلة أجرتها معه «وكالة الصحافة الفرنسية».

كان الأسعد عقيداً في سلاح الجو السوري قبل أن ينشق عنه في يوليو (تموز) 2011 عند بدء حملة قمع الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية التي تصاعدت إلى حرب أهلية. وأسس «الجيش السوري الحر»، أحد فصائل المعارضة الرئيسية خلال النزاع الذي استمر 13 عاماً، وبترت ساقه في مارس (آذار) 2013 في هجوم استهدف سيارته في شرق سوريا.

وأطيح بالأسد الأسبوع الماضي بعد هجوم خاطف شنته فصائل بقيادة «هيئة تحرير الشام» التي عينت حكومة انتقالية.

وقال الأسعد إنه يعمل بصورة وثيقة مع «هيئة تحرير الشام»، مبدياً ثقته بأن الحكومة الجديدة ستسعى لتوحيد مختلف الفصائل المعارضة سابقاً لنظام الأسد. وقال الأسعد: «من الطبيعي أن تكون الثورة مرت في عدة مخاضات أفرزت فصائل» مختلفة. وأضاف: «الحقيقة أننا كنا نسعى منذ البداية إلى الآن أن يكون هناك جسم واحد للساحة السورية، ويكون هناك مجلس يقود هذا العمل العسكري لتحقيق النصر».

ومنذ الإطاحة بالأسد، تشدد «هيئة تحرير الشام» والحكومة الانتقالية على ضمان حماية حقوق جميع السوريين. واندلعت في سوريا عام 2011 احتجاجات مناهضة للأسد، قمعتها القوات الأمنية بعنف. وعلى مر الأعوام، انزلقت البلاد إلى نزاع دامٍ متعدّد الأطراف. وتدخلت إيران وروسيا و«حزب الله» اللبناني المدعوم من طهران عسكرياً لدعم الأسد، بينما دعمت تركيا ودول أخرى بعض أطياف المعارضة. كما شهدت البلاد حضوراً واسعاً لتنظيمات جهادية.

«العدالة»

ولم يعد الأسعد يقود «الجيش السوري الحر» الذي انقسم إلى مجموعات مختلفة، لكنه يبقى من رموز المعارضة ويبدي سروره بالعودة إلى دمشق. وقال إنه يعمل مع السلطات الانتقالية الجديدة التي عينتها «هيئة تحرير الشام» على توحيد الفصائل المسلحة في إطار وزارة دفاع جديدة، على أمل قطع الطريق على أي اقتتال داخلي وأعمال انتقامية.

وأوضح: «هدفنا المسامحة والمصالحة، ولكن يجب أن تكون هناك عدالة انتقالية حتى لا يكون هناك انتقام»، مطالباً بـ«محاسبة المجرمين ضمن القانون وضمن القضاء وضمن المؤسسات الدولية»، عن الجرائم التي ارتكبت في عهد الأسد.

وحض الأسرة الدولية على دعم السلطات الجديدة، قائلاً: «نتمنى من كل دول العالم والدول الإقليمية أن تقف إلى جانب الشعب السوري... بحيث تكون سوريا حقيقة لكل الشعب السوري». وبعدما سعى «الجيش السوري الحر» خلال النزاع للحصول على دعم خارجي، قال الأسعد: «نطلب مجدداً اليوم الوقوف إلى جانب الشعب السوري... حتى تكون سوريا حقاً لكل الشعب السوري».

وأكد أن سوريا «ستبني علاقات جيدة مع كل دول العام والدول الإقليمية». أما بالنسبة إلى روسيا التي كانت الداعم الرئيسي للأسد ولا تزال تملك قاعدة جوية وميناء في غرب سوريا، فقال إن عليها أن «تعيد حساباتها وعلاقاتها الاستراتيجية». وأضاف أن «روسيا كانت عدوة للشعب السوري، ونتمنى أن تتخلى عن هذا العداء وتكون صديقة».