خالد يوسف لـ«الشرق الأوسط»: انهيار الدولة السودانية وارد إذا استمرت الحرب

المتحدث باسم «العملية السياسية» أكد أن المبادرة الأميركية ـ السعودية فرصة حقيقية لإنهائها

خالد يوسف (أ.ف.ب)
خالد يوسف (أ.ف.ب)
TT

خالد يوسف لـ«الشرق الأوسط»: انهيار الدولة السودانية وارد إذا استمرت الحرب

خالد يوسف (أ.ف.ب)
خالد يوسف (أ.ف.ب)

وصف معارض بارز ووزير سابق وقيادي في «تحالف التغيير» السوداني، الحرب الجارية في البلاد بأنها «حرب لا منتصر فيها»، وأن الخاسر فيها هو الوطن، وحذر من «انهيار الدولة حال استمرارها»، وشدد على أهمية إيقافها «على الفور».
وقال المتحدث باسم العملية السياسية، خالد عمر يوسف، في مقابلة عبر الإنترنت لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، إن اتهام تحالفه والقوى المدنية الموقعة على «الاتفاق الإطاري» بإذكاء نار الحرب «أكذوبة تروج لها عناصر نظام المؤتمر الوطني لتغطية دورهم في إشعال الحرب والعمل على استمرارها».
وأوضح يوسف، الذي كان يشغل منصب وزير شؤون الرئاسة في حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك السابقة، أن تحالف «الحرية والتغيير انتبه مبكراً لمحاولات عناصر النظام البائد للإيقاع بين القوات المسلحة والدعم السريع، وتقدم بالحل السياسي التفاوضي لتجنب أي صراع مسلح»، مضيفاً أن «التحالف توصل لاتفاق سياسي مع قيادة القوات المسلحة والدعم السريع والقوى المدنية، يقضي بإصلاح القطاع الأمني والعسكري، وظل يسعى إلى ذلك حتى قبل يوم من اندلاع القتال».
وكشف يوسف عن «استمرار التواصل بين القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري وقيادة كل من القوات المسلحة والدعم السريع، لحضهما على وقف الحرب وحل القضايا المتفق عليها سلمياً»، وتعهد بمواصلة الاتصالات والنقاشات معهم «من أجل وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب ومعالجة آثارها، بما يحول دون العودة إليها مجدداً».
وقال يوسف: «إن المبادرة الأميركية - السعودية قطعت خطوات مهمة في التوصل لتمديد الهدنة الإنسانية السارية الآن، والترتيب للقاء مباشر للوصول لوقف دائم لإطلاق النار، تمهيداً لحل سياسي شامل»، وإن تحالف «الحرية والتغيير» يدعم هذه المبادرة بقوة باعتبارها فرصة حقيقية لإنهاء الحرب.
وتابع: «الحقيقة هي أن قوى الحرية والتغيير تنبهت مبكراً لمحاولات عناصر النظام البائد للإيقاع بين القوات المسلحة والدعم السريع، وطرحت طريق الحل السياسي التفاوضي لتجنب أي صراع مسلح، وتوصلت مع قيادة القوات المسلحة والدعم السريع والقوى المدنية لاتفاق سياسي في 5 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وجرى توقيع ورقة حول مبادئ وأسس إصلاح القطاع الأمني والعسكري في 15 مارس (آذار) الماضي».

آثار الدمار تبدو على أحد بيوت الخرطوم صباح الأربعاء (أ.ب)

وأوضح يوسف أن تحالفه ظل يسعى حتى اليوم الأخير، وقبيل اندلاع القتال بين الجيش و«الدعم السريع»، للحيلولة دون الحرب. وقال: «وقفنا ضد الحرب منذ يومها الأول وحتى الآن، وظللنا، ولا نزال، نتواصل بشكل متوازن ومتصل، مع قيادتي القوات المسلحة والدعم السريع، لوقف القتال واختيار الحلول السياسية السلمية طريقاً أوحد لمعالجة الخلافات».
وانتقد «خلافات المدنيين وانقساماتهم»، وحملهم «مسؤولية توفير مناخ الحرب»، بقوله إن خلافاتهم «وفرت مناخاً ملائماً لعناصر النظام البائد للعودة إلى المشهد مرة أخرى، وأضعفت الانتقال، وقدرة المدنيين على العمل الجماعي المحكم الذي يجنب البلاد السيناريوهات الأسوأ التي كانت تلوح في الأفق».
وكان الائتلاف في «تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير»، الذي قاد الثورة الشعبية التي أسقطت نظام الرئيس المعزول عمر البشير، انقسم بعيد توقيع «الاتفاق الإطاري»، وخرجت منه أحزاب يسارية، على رأسها «الحزب الشيوعي»، ولاحقاً خرجت الحركات الموقعة على اتفاق سلام السودان في جوبا، ودعمت انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 الذي نفذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ثم كونت تحالفاً جديداً باسم «الحرية والتغيير - الكتلة الديمقراطية»، كما خرج منه «حزب البعث العربي الاشتراكي» عشية توقيع الاتفاق الإطاري.
وبشأن دور القوى الموقعة على «الاتفاق الإطاري» ودور «ائتلاف التغيير» أثناء الحرب، أوضح يوسف أنهم يعملون على 3 مسارات؛ أولها «بناء أوسع جبهة مدنية مناهضة للحرب». وقال: «بالفعل، نجحنا في المشاركة في تأسيس الجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية، وهي الجسم التنسيقي الأكبر في السودان حالياً، ويضم القوى السياسية الرئيسية ولجان المقاومة، والمجتمع المدني الديمقراطي، والمجموعات المهنية والنقابية، وشخصيات وطنية ذات ثقل وتأثير».
وأضاف يوسف أن «المسار الثاني الذي يعمل عليه الائتلاف، يتمثل في التواصل مع قيادتي القوات المسلحة والدعم السريع؛ لحضهما على وقف القتال وتطوير خارطة طريق لوقف دائم لإطلاق النار، ومعالجة القضايا العالقة سلماً لا حرباً»، فيما يتمثل المسار الثالث في «التواصل الإقليمي والدولي من أجل حشد موقف عالمي مناهض للحرب، وتنسيق الجهود الدولية بشكل أفضل، من أجل المساعدة على إيقاف الحرب وانتظام العون الإنساني للمتأثرين بالنزاع، والتنسيق المحكم لإيجاد حل سياسي للكارثة التي يمر بها السودان».
وبمواجهة ما تشيعه الجماعات المؤيدة لاستمرار الحرب من الإسلاميين وأنصار «حزب المؤتمر الوطني» (حزب البشير)، والمجموعات التي تدعو لتحميل الائتلاف المسؤولية عن اندلاع الحرب، ولقطع الصلة مع قوى التغيير، كشف يوسف عن تواصل مستمر مع قيادات الطرفين المتقاتلين، وقال: «نعم، نتواصل مع قيادة القوات المسلحة والدعم السريع بشكل مستمر، ونحض الطرفين على وقف الحرب وحل القضايا المتفق عليها سلماً»، متعهداً بمواصلة الاتصالات والنقاشات من أجل «التنسيق لمعالجة الأوضاع الإنسانية الملحة الناتجة عن الحرب، ومن أجل التوصل لوقف دائم لإطلاق النار، وصولاً لحل سياسي سلمي شامل ينهي الحرب ويعالج آثارها ويمنع العودة إليها مجدداً».
وقال يوسف: «إن المبادرة السعودية - الأميركية قطعت خطوات مهمة في التوصل لتمديد الهدنة الإنسانية السارية الآن، والترتيب للقاء مباشر للوصول لوقف دائم لإطلاق النار، تمهيداً للوصول لحل سياسي شامل»، معلناً دعم ائتلافه لها بقوله: «هذه المبادرة تجد منا كامل التعاون والسند، وهي تمثل فرصة حقيقية لإنهاء الحرب، ونحن نتواصل بصورة مستمرة مع المبادرة والأسرة الدولية التي تنسق معها، ونعمل على تكامل الجهود من أجل أن تحقق وقفاً عاجلاً ودائماً لإطلاق النار، ومعالجة للوضع الإنساني وحل سياسي مستدام».
وأبدى يوسف استعداد ائتلافه «لتشجيع دور دولي إيجابي يعمل على تيسير الحوار بين الأطراف السودانية، ومساعدتها على حل القضايا بالحوار لا بالبنادق»، داعياً إلى ما أسماه «عملاً دولياً واسعاً لتوفير الاحتياجات الإنسانية الملحة للمتأثرين بالحرب». وتابع: «نتطلع لتنسيق محكم بين كل المبادرات الدولية والإقليمية لوقف الحرب، حتى لا تتعدد المنابر ولا تبدد الجهود والوقت الذي يجب أن يستثمر لصالح إنهاء الحرب دون أي تأخير».
وطالب الأطراف الدولية «بالامتناع عن أي أقوال أو أفعال قد تؤجج الحرب، أو تطيل أمدها»، وأضاف: «للمجتمعين الدولي والإقليمي مصلحة حقيقية في إنهاء هذه الحرب، التي إن استمرت ستكون لها تأثيرات كارثية على نطاق إقليمي وعالمي واسع».
وأعرب يوسف عن أمله «في نهاية قريبة للحرب اللعينة»، محذراً من «انهيار البلاد». وقال: «نحن نأمل ونعمل لكي ينتهي القتال اليوم قبل الغد. هذه حرب لعينة ستقود لانهيار البلاد وتدميرها، ومصدر أملنا هذا هو الموقف الشعبي العريض الرافض للحرب، والقناعة التي بدأت تتبلور بأن هذه حرب سيخسر منها الوطن، ولا خير يرجى من ورائها إطلاقاً».
وإزاء تهديدات وجّهها قادة إسلاميون اتهموا التحالف المدني بالمسؤولية عن الحرب، ودعوا على لسان الداعية المتشدد عبد الحي يوسف لقتلهم، وتهديدات أخرى مضمرة جاءت على لسان القيادي في المؤتمر الوطني أنس عمر، بأنهم سيواجهون المعارضة بأكثر من الاعتقال، قال يوسف: «هذه فئة مجرمة، أجرمت في حق الشعب السوداني لثلاثين عاماً، قتلت وشردت فيها الملايين، ولم تشبع من الدماء بعد... تهديداتهم تفضح مشروعهم الإرهابي المتطرف»، مؤكداً أن «التهديدات التي يوجهها أنصار النظام السابق من الإسلاميين ومؤيديهم، لن تخيف دعاة المدنية والحريات»، وقال: «إنها لا تخيفنا إطلاقاً، فهذه بلادنا، ولن نتراجع عن أداء واجبنا الوطني تجاهها مهما أطلق هؤلاء من تهديدات»، وتابع: «نحن نعمل لوقف هذه الحرب، ولن نخضع لمن يدقون طبولها. هم يهدفون للعودة إلى السلطة، حتى لو أريقت دماء غالب السودانيين والسودانيات، وهو ما فعلوه من قبل، وحاولوا حتى أن يطوعوا الدين زوراً كغطاء لأفعالهم الإجرامية. نحن نعمل على الحفاظ على الوطن من التمزق والتشرذم وحفظ حياة الناس وذلك عبر إنهاء الحرب، والعودة لمسار مدني ديمقراطي لا استبداد أو هيمنة فيه».
واعتبر وقف الحرب «أولوية قصوى قبل الحديث عن أي خيارات سياسية أخرى»، وقال: «الأولوية الآن لوقف الحرب، ونحن على يقين بأن هذه الحرب لم تكسر آمال وتطلعات الشعب السوداني في حكم مدني ديمقراطي، وأنها أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك بأن المسار المدني، هو الأمثل لتوفير الاستقرار والأمن والسلام والتنمية والحرية، وكل ما يكفل العيش الكريم لشعبنا».
وبشأن تأثيرات القتال بين الجيش وقوات «الدعم السريع» على مجريات الأوضاع السياسية في البلاد، وما إذا كانت ستشكل نهاية للعملية السياسية و«الاتفاق الإطاري» الموقع بين الطرفين، قال يوسف: «من المبكر الآن الحديث عن مستقبل العملية السياسية التي انقطعت باندلاع الحرب في 15 أبريل (نيسان). نحن نركز كلياً في الوقت الحالي على الأولوية الوطنية الأكثر الحاحاً، وهي وقف الحرب الآن ودون إبطاء. الاتفاق الإطاري حمل مجموعة من الأسس والمبادئ التي تعبر عن تطلعات قطاع غالب من أبناء وبنات الشعب السوداني، وأهمها وجود سلطة مدنية كاملة وإصلاح أمني وعسكري يقود لجيش مهني وقومي واحد ينأى عن السياسة كلياً، وانتقال يقود لانتخابات حرة ونزيهة».
وختم: «جاءت الحرب لتؤكد بأن هذه المبادئ والأسس هي الحل الأمثل والبديل الموضوعي للغة السلاح والموت والدمار».


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

زعيم المعارضة الموريتانية يبحث مع الوزير الأول تحضير «الحوار السياسي»

الوزير الأول خلال استقبال زعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)
الوزير الأول خلال استقبال زعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)
TT

زعيم المعارضة الموريتانية يبحث مع الوزير الأول تحضير «الحوار السياسي»

الوزير الأول خلال استقبال زعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)
الوزير الأول خلال استقبال زعيم المعارضة في مكتبه بنواكشوط (الوزارة الأولى)

ناقش الوزير الأول الموريتاني، المختار ولد اجاي، ملف «الحوار السياسي» مع زعيم المعارضة الموريتانية، حمادي ولد سيدي المختار، خلال لقاء يعد الأول من نوعه منذ إعادة انتخاب الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني رئيساً للبلاد في يونيو (حزيران) الماضي، وتعهده بتنظيم «حوار وطني» مع المعارضة.

ويعد هذا الحوار أحد أهم مطالب المعارضة الموريتانية، خاصة بعد أعمال عنف وتوتر سياسي أعقبت الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي فاز بها ولد الشيخ الغزواني من الشوط الأول بنسبة 56 في المائة من الأصوات، وهو فوز اعترف به مرشحو المعارضة، باستثناء الناشط الحقوقي، بيرام الداه اعبيد، صاحب المرتبة الثانية بنسبة 22 في المائة.

مرشح المعارضة الناشط الحقوقي بيرام الداه اعبيد (أ.ف.ب)

وبعد الانتخابات الأخيرة دعت أحزاب المعارضة إلى حوار سياسي يناقش جميع الملفات، وخاصة الملف الانتخابي، بسبب ما تقول المعارضة إنها اختلالات كبيرة تعاني منها اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، وتورطها في «شبهات» تزوير.

تحضير للحوار

عين ولد الغزواني بعد تنصيبه في أغسطس (آب) الماضي حكومة جديدة، بقيادة الوزير الأول المختار ولد اجاي، وأسند إليه الملف السياسي، حيث بدأ الأخير عقد لقاءات مع عدة سياسيين، شملت قادة أحزاب الأغلبية الرئاسية، وشخصيات بارزة في المعارضة التقليدية، وصولاً إلى زعيم مؤسسة المعارضة الديمقراطية، والهيئة الدستورية المشكلة من أحزاب المعارضة، الممثلة في البرلمان الموريتاني.

زعيم المعارضة متحدثاً للإعلام العمومي بُعيد اللقاء (الوزارة الأولى)

حضر اللقاء الأخير مع زعيم المعارضة الديمقراطية جوب أمادو تيجان، وعبد السلام ولد حرمة، العضوان في مكتب تسيير مؤسسة المعارضة الديمقراطية، وقائدا حزبين معارضين، حصلا خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة على أكثر من 12 مقعداً في البرلمان.

وقال زعيم المعارضة في تصريح صحافي إن اللقاء مع الوزير الأول «يدخل في إطار اللقاءات الدورية، التي نص عليها القانون بين الوزارة الأولى ومؤسسة المعارضة»، مبرزاً أنه كان «فرصة لنقاش العديد من القضايا، من أبرزها الحوار السياسي المرتقب ودور مؤسسة المعارضة فيه، حيث إن المشرع الموريتاني جعل لها نصيباً في تنظيم الحوارات السياسية ما بين المعارضة والحكومة».

وأكد زعيم المعارضة أن الوزير الأول «عبر عن استعداده لاتخاذ التدابير اللازمة من أجل تنظيم حوار سياسي على الوجه الأكمل، وفق ما تتيحه القوانين»، مؤكداً أن ذلك «هو ما تأمله مؤسسة المعارضة».

ملفات سياسية

خلال الحديث مع الوزير الأول، طرح زعيم المعارضة ملفات تتعلق بصعوبة ترخيص الأحزاب السياسية، وما يواجه ذلك من تأخير في أروقة وزارة الداخلية، وهي قضية تثير الكثير من انتقادات الناشطين السياسيين المعارضين الذين يتهمون الدولة بعرقلة الترخيص لأحزابهم السياسية منذ عدة سنوات.

وكان حوار سياسي بين الحكومة والمعارضة نظم عام 2011 قد أسفر عن سن قوانين تهدف إلى تقليص عدد الأحزاب السياسية في البلاد، ووضع عراقيل أمام ترخيص الأحزاب الجديدة، لكن في الفترة الأخيرة بدأت أصوات ترتفع متهمة وزارة الداخلية باستهداف المعارضين لحرمانهم من الحق في تأسيس أحزاب سياسية.

من لقاء سابق لقادة المعارضة في موريتانيا (الشرق الأوسط)

وقال زعيم المعارضة إن «الاجتماع كان فرصة أيضاً للحديث عن ترخيص الأحزاب السياسية، وضرورة تسريعها وحماية الحريات العامة»، مشيراً في السياق ذاته إلى أنه طرح على الوزير الأول أزمة «ارتفاع الأسعار وخدمات المياه الكهرباء والفيضانات».

انفتاح على المعارضة

نشرت الوزارة الأولى بياناً عن اللقاء، وقالت إنه «استعرض جميع القضايا المتعلقة بالشأن العام السياسي والاجتماعي للبلد، وما تطرحه المعارضة من تساؤلات، أو ملاحظات حول عمل الحكومة»، وفق نص البيان، مشيرة إلى أن الوزير الأول «قدم عرضاً مفصلاً يجيب على جميع التساؤلات المطروحة، وأوضح ما تقدمه الحكومة من حلول استعجالية، أو استراتيجية على المدى القريب أو المتوسط لمختلف القضايا المطروحة، بتعليمات مباشرة ومواكبة قريبة من فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني».

وأبدى الوزير الأول تفهمه للانتقادات التي تعبر عنها المعارضة حيال عمل الحكومة، وقال إن الجميع «مدعو للمشاركة بالنقد البناء والتحسيس حول الإجراءات التي تمس حياة المواطنين مباشرة»، قبل أن يؤكد «انفتاح الحكومة على كل ما من شأنه أن يحسن من أداء العمل».

وخلص الوزير الأول إلى التأكيد على أهمية أن يشارك الجميع في «الرقابة على المسار، وصيانة المنجز والمبادرة الجدية للإشارة لتصحيح المسارات، مواكبة لعمل الحكومة»، وفق البيان الصادر عن الوزارة الأولى.

صعوبات الحوار

ورغم اتفاق الحكومة والمعارضة على ضرورة تنظيم حوار وطني يشارك فيه الجميع، ويناقش كافة الملفات، فإنه لم يعلن -حتى الآن- أي سقف زمني محدد لتنظيم هذا الحوار المرتقب.

الرئيس ولد الشيخ الغزواني تعهد بتنظيم «حوار وطني» مع المعارضة (أ.ب)

ومع أنه خلال الأيام الأخيرة بدأت تقطع خطوات لتحضير الحوار السياسي، خاصة من طرف الوزير الأول، إلا أن هذا الحوار لم تتضح بعد ملامحه العامة، ولا أجندته وملفاته، ولا حتى الجهة التي ستتولى الإشراف عليه وتنسيقه.

وفيما سبق برزت خلافات حول بعض الملفات «الحساسة»، كقضايا الإرث الإنساني والعبودية، حيث تصر المعارضة على طرحها على طاولة الحوار، فيما تعارض ذلك أطراف داخل السلطة، وهو ما يعتقد أنه عصف بمحاولات سابقة للحوار.