«الحركات المسلحة»... مواقف كلامية في انتظار المنتصر

منّي أركو مناوي وجبريل إبراهيم خلال توقيع اتفاقية جوبا في أكتوبر 2020 (رويترز)
منّي أركو مناوي وجبريل إبراهيم خلال توقيع اتفاقية جوبا في أكتوبر 2020 (رويترز)
TT

«الحركات المسلحة»... مواقف كلامية في انتظار المنتصر

منّي أركو مناوي وجبريل إبراهيم خلال توقيع اتفاقية جوبا في أكتوبر 2020 (رويترز)
منّي أركو مناوي وجبريل إبراهيم خلال توقيع اتفاقية جوبا في أكتوبر 2020 (رويترز)

اكتفت الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا لسلام السودان، والمشاركة في الحكومة الانتقالية، بإعلان مواقف كلامية، ولم تصدر عن معظمها تصريحات أو مواقف جدية صريحة من الحرب الجارية في البلاد بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، عدا تصريح يتيم منسوب لرئيس «حركة تحرير السودان»، مني أركو مناوي، أعلن فيه عزمه تشكيل قوة تفصل بين القوتين في دارفور، في الوقت الذي تواجه فيه بعضها اتهامات بالتسبب في التوتر الذي ساهم في إشعال نار الحرب بين القوتين.
ووقع اتفاقية سلام السودان في جوبا في أكتوبر (تشرين الأول) 2020، عدد من الحركات المسلحة من دارفور والنيل الأزرق، ونصت الاتفاقية على مشاركتها في السلطة المدنية، وحصل 3 من قادتها هم: مالك عقار رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، والهادي إدريس رئيس «حركة تحرير السودان - المجلس الانتقالي»، والطاهر حجر رئيس «حركة تجمع قوى تحرير السودان»، على عضوية مجلس السيادة الانتقالي، فيما نال رئيس «حركة تحرير السودان»، مني أركو مناوي منصب حاكم إقليم دارفور، ونال رئيس «حركة العدل والمساواة» جبريل إبراهيم، منصب وزير المالية، إلى جانب عدد من الوزرات والمنشآت.
وأسهم كل من «حركة تحرير السودان» - جناح مني، و«حركة العدل والمساواة»، و«الحركة الشعبية لتحرير السودان»، فيما عرف باعتصام القصر الرئاسي، والذي وفر غطاءً سياسياً لانقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021 بقيادة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وهو الأمر الذي دفعه للإبقاء عليهم في مناصبهم رغم حله لحكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك واعتقاله مع عدد من وزرائه وتنفيذييه وقادة سياسيين، ما أثار موجة غضب واسعة ضدهما من قبل الأوساط السياسية.
وتوصلت القوى المدنية لتوقيع اتفاق إطاري مع قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، وقائد «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو، نص على خروج العسكريين من السلطة، وتكوين حكومة مدنية، ودمج «الدعم السريع» في الجيش، لكن حركتي «العدل والمساواة»، و«تحرير السودان» - جناح مني أركو مناوي، عارضتاه، فاتخذت قيادة الجيش من موقفهما ذريعة للتنصل من الاتفاق، وهو الأمر الذي اعتبره قائد قوات «الدعم السريع» (حميدتي) «نقضاً للمواثيق»، فأثار حنق الجيش وتوترت العلاقات بين القائدين، ليصل الوضع إلى الحرب القائمة حالياً.
أما أعضاء مجلس السيادة: مالك عقار، والطاهر حجر، والهادي إدريس، فرغم احتفاظهم بمناصبهم في مجلس السيادة، فإنهم احتفظوا بعضويتهم في تحالف المعارضة «الحرية والتغيير»، ووقعوا الاتفاق الإطاري، باعتبارهم جزءاً من قوى الثورة، واقتصر دورهم قبل الحرب على محاولة منع وقوعها، ويواصلون المناداة بوقفها والعودة للتفاوض.
‏وفي أول تصريح من قبل الحركات المسلحة أُشير فيه إلى استخدام قوة هذه الحركات العسكرية في مواجهة الحرب، أعلن مني أركو مناوي، قائد «حركة تحرير السودان»، أن قيادات الحركات المسلحة تواصلوا وقرروا «تحريك قوة عسكرية مشتركة للفصل بين المتحاربين بالتعاون مع السلطات المحلية، منعاً لتوسع دائرة الانفلات».
أما «حركة العدل والمساواة»، فأعلنت في بيان أنها ظلت قبل وبعد اندلاع الحرب على اتصال مستمر بكلا الطرفين، وأنها بذلت جهوداً كبيرة للحيلولة دون اندلاع الحرب، ثم عملت مع من أسمتهم «آخرين من الوطنيين الخلص» لوقف الحرب بشكل فورى، وقالت إن «المنتصر في هذه الحرب خاسر لا محالة».
وأعلنت الحركة، وفقاً للبيان الموقع باسم سليمان صندل حقار، ترحيبها بالهدنة التي قُبلت من الطرفين، ودعتهما لـ«الالتزام بالهدنة، وأن نعمل معاً لتطويرها إلى وقف لإطلاق نار دائم، والدخول في مفاوضات سياسية لا تستثني أحداً من القوى السياسية، بغرض إيجاد حل سياسي شامل يفضي إلى تشكيل حكومة مدنية».
وأكدت الحركة «دعمها لكل الجهود المبذولة من الأطراف الوطنية والإقليمية والدولية في سبيل إنهاء الحرب، والوصول إلى سلام مستدام».
وتعليقاً على مواقف الحركات المسلحة الموقعة على اتفاقية سلام جوبا، اعتبر عدد من مواقع التواصل الاجتماعي السودانية مواقف هذه الحركات «انتهازية»، وأنها تنتظر المنتصر لتؤيده وتحافظ على مناصبها التي حازت عليها، وفقاً لاتفاقية سلام جوبا، فيما تظل عملية دمج قواتها في الجيش - وفقاً لما نصت عليه الاتفاقية - رهينة بما يتمخض عنه القتال بين الجيش وقوات «الدعم السريع».


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

بسبب القفطان... المغرب يشكو الجزائر في «اليونيسكو»

القفطان المغربي خلال عرض أزياء أفريقي بمقر «اليونيسكو» بباريس
القفطان المغربي خلال عرض أزياء أفريقي بمقر «اليونيسكو» بباريس
TT

بسبب القفطان... المغرب يشكو الجزائر في «اليونيسكو»

القفطان المغربي خلال عرض أزياء أفريقي بمقر «اليونيسكو» بباريس
القفطان المغربي خلال عرض أزياء أفريقي بمقر «اليونيسكو» بباريس

قدمت وزارة الشباب والثقافة والتواصل المغربية، رسمياً شكوى لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو)، عقب تقديم ملف جزائري للجنة المكلفة بصون التراث، يتضمن صورة ومقطع فيديو يظهر فيه «قفطان مغربي من صنف نطع فاس» منسوباً إلى مناطق الشرق الجزائري.

ونبّهت الوزارة المغربية «اليونيسكو» رسمياً، بالتنسيق مع المندوبية الدائمة للمغرب لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم، حول إدراج الجزائر ملف التسجيل لعام 2024، من «عملية سطو ليست الأولى من نوعها» على حد قولها.

ونظراً للحساسية التي يثيرها هذا الموضوع بين البلدين، دعت الوزارة إلى الحفاظ على روح وحياد اتفاقية عام 2003، وعدم إخضاعها للاستغلال لأغراض سياسية.

تأتي هذه الشكوى بعد ملاحظة الوزارة وجود صورة للباس «نطع فاس» أو «النطع الفاسي» نسبة لمدينة فاس الواقعة شمال شرقي المغرب، ضمن ملف الجزائر، وتوصّلت مصادر إلى أن صورة القفطان تمت سرقتها من متحف يوجد بالعاصمة الهولندية، أمستردام، وهو ملكية مغربية.

ودعت وزارة الثقافة المغربية «اليونيسكو» إلى الحذر واليقظة في معالجة طلبات تسجيل التراث غير المادي، بما يحافظ ويحترم تاريخ كل بلد وخصوصيته وتراثه الثقافي.

من جهتها، أعلنت وزارة الثقافة والفنون الجزائرية، تقديمها طلب إدراج الزي النسوي الاحتفالي للشرق الجزائري الكبير: «معارف ومهارات متعلقة بخياطة وصناعة حلي التزين القندورة والملحفة» في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لـ«اليونيسكو» منذ 31 من شهر مارس (آذار) الماضي.

وأضافت الوزارة الجزائرية أنها قامت منذ شهر مايو (أيار) 2022 بتجنيد مديريات الثقافة والفنون ومؤسسات ثقافية والمتاحف ومتخصصين وباحثين وحرفيين لإعداد هذا الملف الذي قامت بإيداعه في 31 من شهر مارس الماضي، للقفطان الذي تعددت أسماؤه عبر المدن الجزائرية من «قفطان الداي»، و«قفطان القاضي» وصولاً إلى «قفطان تلمسان».

صورة للقفطان من صفحة وزارة الثقافة والفنون الجزائرية على «فيسبوك»

كما قالت الجزائر إن هذا الاقتراح يأتي بعد تصنيف «اليونيسكو» لزي الزفاف التلمساني «الشدة» والقطع المشكلة له على لائحة التراث العالمي للإنسانية في عام 2012، وهو لباس يتشكل من 12 قطعة تم تصنيفها جميعاً من بينها البلوزة والقفطان والحايك والشاشية والمجوهرات.

صورة للقفطان منشورة على وكالة الأنباء الجزائرية

كما أكدت الوزارة الجزائرية أنها أنهت ملف اقتراح 10 أنواع موسيقية جزائرية، وسيتم إيداع الملف في الدورة المقبلة لهذا العام، باعتبار أن «اليونيسكو» تسمح بإيداع أكثر من ملف واحد سنوياً لكل دولة.

وكان القفطان المغربي حاضراً خلال عرض أزياء أفريقي، نُظّم بالعاصمة الفرنسية، باريس، في إطار الأسبوع الأفريقي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو).

جدل محتدم بين الجارين

واحتدم الجدل خلال الأشهر الماضية بين المغرب والجزائر حول أصل القفطان، وما إذا كان مغربي الأصل أم جزائرياً، ما أشعل سجالات بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي من نشطاء ومؤثرين وفنانين وإعلاميين من كلا الطرفين حول أصل القفطان.

ولا يزال القفطان، والكسكس، وفن الراي، وموسيقى كناوة، والزليج (بلاط فسيفسائي تقليدي) وغيرها من التراث الثقافي غير المادي، من بين القضايا الساخنة التي تثير تجاذبات بين الجزائريين والمغاربة بشأن أحقية الملكية الثقافية سواء للأكلات أم الأزياء أم الفنون.

ويعدّ الجزائريون القفطان موروثهم، وأن أصوله عثمانية، في حين يؤكد المغاربة أنه زي تقليدي مغربي متوارث منذ سنوات.

ويعود تاريخ القفطان التقليدي إلى ما يزيد على 200 سنة، وتعود جذوره إلى القرن الثاني عشر ميلادي، في عهد الدولة الموحدية حسب كتب التاريخ.

وكانت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو)، قد دخلت على خط الأزمات بين البلدين بشكل رسمي، وحسمت أن القفطان تراث مغربي غير مادي، بعدما قدمت الرباط عناصر التراث غير المادي في قائمة تسجيل المواقع التراثية والعناصر الثقافية على قائمة منظمة «الإيسيسكو» للتراث في العالم الإسلامي من خلال لجنة التراث التابعة للمنظمة صيف عام 2023.

وتضم «الإيسيسكو» دولاً من منظمة التعاون الإسلامي، من بينها الجزائر.


ما سر أهمية مدينة الفاشر في الصراع السوداني؟

سودانيون يفرون من العنف في غرب دارفور (رويترز)
سودانيون يفرون من العنف في غرب دارفور (رويترز)
TT

ما سر أهمية مدينة الفاشر في الصراع السوداني؟

سودانيون يفرون من العنف في غرب دارفور (رويترز)
سودانيون يفرون من العنف في غرب دارفور (رويترز)

يقاتل الجيش السوداني وحلفاؤه من الفصائل المسلحة بضراوة لتحقيق الغلبة في مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد)، في حين تُحكم «قوات الدعم السريع» حصارها عليها وتشنّ هجمات متتابعة منذ أسابيع على نطاقاتها المختلفة، ما يزيد من سخونة المعارك ويرفع أعداد الضحايا.

والفاشر تُعد المعقل الأخير للجيش السوداني وحلفائه من الحركات المسلحة في إقليم دارفور، وتحاول «الدعم السريع» السيطرة عليها لإحكام نفوذها على الإقليم، الذي باتت 4 من أصل 5 ولايات تشكّله تحت إمرتها.

وتبلغ مساحة ولاية شمال دارفور (عاصمتها الفاشر) 296 ألف كيلومتر مربع، وهي تعادل 12 في المائة من مساحة السودان تقريباً، وتمثل أكثر من نصف مساحة إقليم دارفور.

لماذا الفاشر؟

لكن النظر إلى فكرة أن الفاشر المدينة الأخيرة التي لا تزال خارج السيطرة الكاملة لـ«الدعم» في دارفور، ليس سبباً وحيداً لكونها مهمة في الصراع السوداني الممتد منذ أبريل (نيسان) من العام الماضي؛ فقد تسببت الحرب بين الجيش و«الدعم»، التي نشبت أولاً بالخرطوم (وسط البلاد)، في خلق موجة نزوح كبيرة باتجاه مدن إقليم دارفور (الذي تعد الفاشر من مدنه الرئيسية) والمكون من 5 ولايات.

نطاق سيطرة قوات الجيش السوداني و«الدعم السريع» في ديسمبر الماضي

ونزح نحو نصف مليون شخص إلى الفاشر خلال الحرب الجارية التي اندلعت بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، وبالإضافة إلى ذلك فمع نمو الصراع السوداني، باتت الفاشر مركزاً رئيسياً للمساعدات في إقليم دارفور كله، فضلاً عن أن موقعها الجغرافي يجعل منها ذات أهمية لخطوط الاتصال مع تشاد ومصر وليبيا، والطريق المؤدية من غرب إلى شرق السودان.

يقول عوض الله إبراهيم، وهو سوداني مقيم في الفاشر لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوات الدعم السريع أطلقت (الأحد) العشرات من قذائف الدانات العشوائية على أحياء المدينة، تركزت حول المستشفى الجنوبي». وأضاف أن «الوضع صعب للغاية، وأن آلاف المواطنين نزحوا إلى مراكز الإيواء والعراء في أطراف المدينة».

تأمين خطوط... وحكومة جديدة

ويشرح مصدر سوداني، طلب عدم ذكر اسمه، أن «فقدان الجيش للفاشر لصالح (الدعم) يعني خسارة عسكرية كبيرة لأكبر مدن إقليم دارفور من حيث المساحة والسكان». ويضيف أن «استيلاء (الدعم) على الفاشر يؤمّن لها خطوط الإمداد المحصنة بالسلاح والعتاد العسكري، وتأسيس مركز للسيطرة والقيادة مفتوح المجال الجغرافي في الحدود الغربية، يُمكّنها من مهاجمة ولايات كردفان، وتقوية دفاعاتها في ولاية الجزيرة (وسط السودان) لتهديد ولايات الشرق حتى الحدود الإثيوبية».

وأضاف المصدر أن ما وصفه بـ«السيناريو المخيف» من وجهة نظره أن «تعلن (قوات الدعم) فور سيطرتها على الفاشر حكومة في المناطق التي تسيطر عليها في دارفور والخرطوم وولاية الجزيرة، في مقابل حكومة الأمر الواقع التي يسيّرها قادة الجيش من مدينة بورتسودان الساحلية في شرق البلاد، بالإضافة إلى السلطة المدنية للحركة الشعبية في منطقة جبال النوبة في جنوب كردفان».

لاجئون سودانيون يتلقون إمدادات المياه أبريل الماضي في مخيم فرشانا بتشاد (أ.ف.ب)

وبحسب المصدر فإن «دوائر غربية ترى أن وجود 3 حكومات في البلاد، يُمكّن من إجراء مفاوضات سياسية بين طرَفي الصراع في أجواء باردة تضع أسساً لوقف الحرب، لكن هذا الرأي يجد معارضة ومخاوف من بعض الدول الأوروبية».

وقال المصدر المطلع إن «سقوط الفاشر سيكون له تأثير كبير جداً في الجيش السوداني، الذي يعاني من نقص الأموال لتمويل الحرب من المؤن وشراء المعدات العسكرية من الأسلحة والذخائر».

وشرح المصدر أنه على وجه الخصوص يعاني «سلاح الجو» من صعوبة الحصول على «قطع الغيار للطيران الحربي، والصواريخ التي تحملها الطائرات، وأصبح يعتمد بشكل رئيسي على البراميل المتفجرة التي على وشك النفاد».

معبر لـ3 دول

وقال محلل سياسي مقيم في السودان، طلب ححب هويته لدواعٍ أمنية لــ«الشرق الأوسط»، إن «مدينة الفاشر لها رمزية تاريخية بوصفها آخر عاصمة لإقليم دارفور قبل تقسيمه إدارياً إلى 5 ولايات في عهد نظام الرئيس السوداني المعزول عمر البشير».

وشرح أن «الفاشر تقع جغرافياً في ملتقى طرق ثلاث دول مجاورة للسودان، وهي: تشاد عبر معبر الطينة، وليبيا من خلال جبل عوينات، بالإضافة إلى مصر عبر الطريق التاريخية لدرب الأربعين».

وقال إنه «بالنسبة لـ(الدعم السريع) فإن سيطرتها على الفاشر تعني فرض نفوذها بالكامل على إقليم دارفور، ومنها يمكنها أن تصل عبر الصحراء، وتهدد الولاية الشمالية التي تقع تحت نفوذ الجيش السوداني، ولذلك فـ(الدعم) تقاتل بشراسة».

وحذّر المحلل السياسي من أن «الخطر الأكبر أن يؤدي تحالف الحركات الدارفورية المسلحة مع الجيش السوداني إلى تحول الصراع إلى حرب أهلية ذات طابع قبلي وإثني في دارفور».

وقال ضابط سوداني متقاعد برتبة رفيعة لـ«الشرق الأوسط»: «من ناحية عسكرية تعدّ الفاشر منطقة استراتيجية مهمة للجيش السوداني، وفقدانها يعني انسحابه من الإقليم، وبالتالي يفقد مركزاً عسكرياً ضرورياً لاستعادة بقية الولايات الأخرى في الإقليم».

وأشار المصدر العسكري، الذي فضّل حجب اسمه، إلى أن «الأطراف المتحاربة تمضي في المعركة إلى نهايتها»، وقال: «في هذا الوقت نعول كثيراً على استجابتهم للضغوط الدولية والإقليمية التي ترى أن هذا التصعيد قد يخلق متغيرات على الأرض تعقّد من مسار المفاوضات لوقف الحرب في البلاد».


هل تشهد أزمة معبر رفح «انفراجة» بين مصر وإسرائيل؟

صورة من مخيم خان يونس (رويترز)
صورة من مخيم خان يونس (رويترز)
TT

هل تشهد أزمة معبر رفح «انفراجة» بين مصر وإسرائيل؟

صورة من مخيم خان يونس (رويترز)
صورة من مخيم خان يونس (رويترز)

عقب تقارير إعلامية إسرائيلية تحدثت عن «إمكانية» انسحاب تل أبيب من الجانب الفلسطيني لمعبر رفح، وبموازاة تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر معبر «كرم أبو سالم»، الأحد، أثيرت تساؤلات حول هل تشهد أزمة معبر رفح بين مصر وإسرائيل «انفراجة» قريبة؟

ورجح خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، «توصل مصر وإسرائيل إلى حل وشيك لأزمة معبر رفح مع انطلاقة منتظرة لمفاوضات (هدنة غزة)».

ويعد معبر رفح الذي احتلت إسرائيل الجانب الفلسطيني منه في 7 مايو (أيار) الحالي، شرياناً اقتصادياً وأمنياً على الحدود بين مصر وقطاع غزة، يُسهل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، وخروج المسافرين والمصابين منه... وكان يخضع لاتفاق 2005 الذي ينص على «إدارة فلسطينية ورقابة أوروبية، قبل سيطرة (حماس) عليه في 2007».

ووفق قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، فإن «200 شاحنة من المساعدات الإنسانية، بينها 4 شاحنات وقود، انطلقت الأحد من أمام معبر رفح إلى معبر كرم أبو سالم؛ تمهيداً للدخول إلى قطاع غزة»، وذلك بعد وقت قصير من إعلان وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين «الأونروا» أنها «لا تملك أي مساعدات إنسانية لتوزيعها على السكان في قطاع غزة».

ونقلت القناة عن مصدر مصري، الأحد، قوله إن «هناك تنسيقاً مصرياً مع الأمم المتحدة لتوفير أكبر قدر من المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة لمواطني قطاع غزة».

صورة من مخيم خان يونس (رويترز)

واتفق الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الأميركي جو بايدن خلال اتصال هاتفي، الجمعة، على «دفع كميات من المساعدات الإنسانية والوقود، لتسليمها إلى الأمم المتحدة في معبر كرم أبو سالم (الإسرائيلي)، وذلك بصورة مؤقتة، لحين التوصل إلى آلية قانونية لإعادة تشغيل معبر رفح من الجانب الفلسطيني؛ نظراً للموقف الإنساني الصعب بالقطاع».

إلى ذلك، نقلت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية، عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين قولهم، الأحد، إن «إسرائيل ستكون مستعدة لإخراج قوات الجيش الإسرائيلي من معبر رفح؛ وفقاً لاعتبارات عملية وسياسية». ووفق المسؤولين، فإنه «في الأيام القليلة الماضية دارت نقاشات في المؤسسة الأمنية حول إمكانية تسلم أطراف أوروبية أو أميركية مسؤولية إدارة معبر رفح من الجانب الفلسطيني».

جانب من المساعدات التي عبرت «رفح» في وقت سابق (رويترز)

وشهدت الأيام الأخيرة سيناريوهات مطروحة لإدارة معبر رفح، منها محادثات أميركية مع منظمة أوروبية لتولي الإدارة، وفق ما نقلته مجلة «بوليتيكو» الأميركية عن مسؤول بالبيت الأبيض. كما تحدثت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن أن «شركة أمن أميركية خاصة ستتولى الإدارة». في مقابل رفض القاهرة التنسيق مع تل أبيب بشأن المعبر «في ظل سيطرة إسرائيل عليه من الجانب الفلسطيني».

وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، إن «هناك عدة اعتبارات قد تُسهم في انفراجة محتملة، أولها رد الفعل المصري القوي، الذي شمل تهديداً بالانسحاب من الوساطة، ورفض تسليم المساعدات لسلطة الاحتلال، يضاف إلى ذلك حالة العزلة الدولية التي لم يسبق لإسرائيل أن مرت بها».

وربط حسن «انفراجة» أزمة معبر رفح بالانطلاق الوشيك للمفاوضات حول الهدنة في غزة، في ظل مطلب مصري بانسحاب إسرائيلي ليس من الجانب الفلسطيني من المعبر، لكن أيضاً من «محور فيلادلفيا» لتسهيل مرور المساعدات.

والانسحاب الإسرائيلي من معبر رفح، لن يأتي، وفق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، إلا «تحت ضغط أميركي»، مضيفاً أن «هناك تصورات تطرح في هذا الصدد لإدارة المعبر مستقبلاً عبر لجنة فلسطينية - مصرية مع رقابة أوروبية».

ويعتقد حسن أن الموقف المصري «يريد العودة لما كان عليه الوضع قبل السيطرة الإسرائيلية، بوجود فلسطيني في إدارة المعبر، وسنرى النتائج قريباً، خاصة وأن انفراجة معبر رفح جزء من المفاوضات».

منازل مدمرة في مخيم المغازي للاجئين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

فيما يتوقع المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية، اللواء عادل العمدة، أن «تشهد أزمة معبر رفح انفراجة قريبة برعاية أميركية، وستظهر للعلن مع بدء المفاوضات الجديدة للهدنة في غزة». وأرجع تلك «الانفراجة» المحتملة إلى «الضغوط المصرية، التي كان أبرزها رفض التنسيق مع تل أبيب بشأن المعبر، وأخرى دولية ضد إسرائيل ظهرت مع إعلان 3 دول غربية بينها إسبانيا والنرويج اعتزام الاعتراف بدولة فلسطينية».

ويضاف إلى ذلك عامل ثالث يعجل بتلك «الانفراجة»، وفق العمدة، «يتمثل في الضغوط الداخلية الإسرائيلية التي تحدثت عبر وسائل إعلامها بشكل واضح عن الانسحاب من الجانب الفلسطيني من المعبر، مع النزيف الاقتصادي، والميداني، والاحتجاجات اليومية المطالبة بعقد صفقة لإعادة الرهائن».

كما رأى المدير التنفيذي لمنتدى «الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي»، الخبير الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن الانسحاب الإسرائيلي من المعبر «قد يكون وارداً»، نظراً «لموقف مصر الرافض لبقاء تل أبيب هناك، والضغوط الدولية». لكنه قال إن هذا الانسحاب مشروط، بـ«الوصول إلى ترتيبات لإدارة المعبر مستقبلاً»، مرجحاً أن «تعود الأطراف لتشغيل المعبر وفق اتفاق المعابر 2005 بوجود مصري - فلسطيني وطرف ثالث سيكون على الأرجح أوروبياً كما كان سابقاً».


«تقدم» السودانية تتطلع لتوسيع «الجبهة المدنية» المناهضة للحرب

اجتماعات تنسيقية «تقدم» في العاصمة الإثيوبية يوم الأحد (الشرق الأوسط)
اجتماعات تنسيقية «تقدم» في العاصمة الإثيوبية يوم الأحد (الشرق الأوسط)
TT

«تقدم» السودانية تتطلع لتوسيع «الجبهة المدنية» المناهضة للحرب

اجتماعات تنسيقية «تقدم» في العاصمة الإثيوبية يوم الأحد (الشرق الأوسط)
اجتماعات تنسيقية «تقدم» في العاصمة الإثيوبية يوم الأحد (الشرق الأوسط)

تخطو تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية السودانية «تقدم» (الاثنين) باتجاه تشكيل هيئاتها الدائمة وحشد «أكبر جبهة مدنية مناهضة للحرب»، بعد شهور من العمل في إطار الأجسام المؤقتة التي كان على رأسها رئيس الوزراء الأسبق، عبد الله حمدوك.

وتستضيف العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، مؤتمراً لـ«تقدم» يُنتظر أن يختار المشاركون فيه الأجسام الإدارية والسياسية الجديدة والدائمة للتنسيقية بعد إنهاء أعمال الأجسام المؤقتة، بما في ذلك المكتب التنفيذي والهيئة القيادية برئاسة حمدوك.

وأوضح المتحدث باسم «تقدم» بكري الجاك، خلال مؤتمر صحافي في أديس أبابا، الأحد، أن المكتب القيادي المؤقت للتنسيقية برئاسة حمدوك عقد اجتماعات عدة، أجاز خلالها الأوراق السياسية والتنظيمية المقدمة للمؤتمر، بجانب اجتماعه الأخير الذي يعلن خلاله التحول للجنة عليا للمؤتمر لحين اختيار الهياكل الدائمة للتحالف المدني من قبل عضوية المؤتمر.

وقال: «سيتم حل الهيئة القيادية وتكوين لجنة عليا للمؤتمر، تمارس مهامها حتى اختيار قيادة جديدة عن طريق التوافق بين الأجسام الأعضاء».

المتحدث باسم تنسيقية «تقدم» بكري الجاك (الشرق الأوسط)

وأوضح الجاك أن «الهيئة القيادية التي تولت قيادة التحالف المدني عقب التكوين المؤقت لـ(تقدم) في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أجازت رؤية سياسية متطورة». ورأى أنها «نجحت من خلالها في عزل وتحييد سرديات الحرب ومبرراتها».

وأكد أن رؤية الهيئة «ستُقدم للمؤتمر لتطويرها مجدداً، لتكون خريطة طريق لوقف الحرب عبر الوسائل المدنية». وتعهد بمواصلة «الضغوط السياسية الشعبية المدنية، وتكوين تنظيمات محلية للتحالف، بجانب توظيف الجهود الدبلوماسية مع المجتمع الإقليمي والدولي والأممي».

ويستهدف المؤتمر التأسيسي للتنسيقية تشكيل «أكبر جبهة مدنية مناهضة للحرب ووقف القتال في السودان والحيلولة دون تحويل المواطنين لرهائن حرب»، بحسب «تقدم».

ومن المقرر مشاركة أكثر من 600 شخصية سياسية في مؤتمر «تقدم»، تم ترشيحهم من الأجسام السياسية والنقابية والمهنية ومنظمات المجتمع المدني والأهلي، في ولايات البلاد الـ18، بجانب ممثلين عن المهجرين واللاجئين في أكثر من 30 دولة حول العالم.

ووصف عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر صديق الصادق المهدي في حديثه للصحافيين المؤتمر المقبل بأنه «أكبر تجمع مدني مناهض للحرب، من دون توجهات إقصائية»، وقال: «نحن مقبلون على تشكيل أكبر جبهة مدنية من خلال المؤتمر التأسيسي، تتكون بموجبه الأجسام القيادية الدائمة بعد إجازة الهيكل القيادي، وتنهي حالة ارتهان المواطنين للحرب في كل أنحاء البلاد».

وأوضح المهدي أن «أكثر من 600 شخص يمثلون المجتمع السياسي والمدني والأهلي والديني والثقافي والفني والأكاديمي، سيشاركون في المؤتمر الذي يعد الأول من نوعه، وصل حتى الأحد أكثر من 500 منهم، وينتظر وصول المتبقين تباعاً، وحال تعثر وصول البعض ستتم مشاركتهم افتراضياً عبر الإنترنت، إلى جانب توسيع التنسيقية وقبول 20 جسماً وتكويناً جديداً أعضاء في (تقدم)».

جانب من المشاركين في الاجتماعات التحضيرية لمؤتمر «تقدم» في أديس أبابا (الشرق الأوسط)

ويضم المؤتمر ممثلين عن ولايات السودان الـ18، بجانب ممثلين عن النازحين واللاجئين والمغتربين والمجموعات النسوية والشبابية، في تجسيد لما سماه المهدي لـ«روح ثورة ديسمبر».

واستهلت الفعاليات التحضيرية للمؤتمر، باجتماع موسع للنساء المشاركات في المؤتمر، السبت، استهدف دور المرأة في وقف الحرب والانتقال المدني الديمقراطي، فيما عُقد الأحد اجتماع مماثل للشباب يتناول دورهم في مواجهة الأزمة الحالية التي تعيشها البلاد، ومرحلة ما بعد وقف الحرب.

من جهة أخرى، وصلت وفود من تنظيمات حليفة لـ«تقدم» وجهت لها الدعوة للمشاركة بصفة «مراقب»، وعلى رأسها وفد الحركة الشعبية لتحرير السودان، ووفد حزب المؤتمر الشعبي، والحزب الاتحادي الديمقراطي، وهو ما اعتبرته «تقدم» خطوة لتنسيق المواقف الرامية لوقف الحرب واستعادة الانتقال المدني الديمقراطي.

ووقعت «تقدم» في يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقاً أطلق عليه «إعلان أديس أبابا»، مع قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (الشهير بحميدتي)، نص على «وقف الحرب عن طريق التفاوض في (منبر جدة)»، ووجهت دعوة مماثلة للقاء قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، بيد أن قيادة الجيش رغم ترحيبها بالدعوة لم تحدد زماناً أو موقعاً للاجتماع بـ«تقدم».

وكانت النيابة العامة في السودان، قد أصدرت، في أبريل (نيسان) أوامر قبض ضد قادة «تقدم» وصحافيين ونشطاء مناوئين للحرب، بمن فيهم حمدوك، تحت اتهامات بارتكاب «جرائم ضد الدولة وتقويض النظام الدستوري التي تصل عقوبتها إلى(الإعدام)». وهي اتهامات عدته قطاعات إقليمية ومحلية «كيداً سياسياً».


جدل مصري إزاء «بدائل صعبة» لحل أزمة قطع الكهرباء

الحكومة المصرية مستمرة في تطبيق تخفيف أحمال الكهرباء (الشرق الأوسط)
الحكومة المصرية مستمرة في تطبيق تخفيف أحمال الكهرباء (الشرق الأوسط)
TT

جدل مصري إزاء «بدائل صعبة» لحل أزمة قطع الكهرباء

الحكومة المصرية مستمرة في تطبيق تخفيف أحمال الكهرباء (الشرق الأوسط)
الحكومة المصرية مستمرة في تطبيق تخفيف أحمال الكهرباء (الشرق الأوسط)

شهدت مصر حالة من الجدل في أعقاب تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن موارد البلاد، ومواجهة التحديات، لا سيما انقطاع الكهرباء، متحدثاً عن «بدائل صعبة» لحل الأزمة، مشيراً في هذا الصدد إلى أنه إن لم يجرِ تطبيق خطة «تخفيف الأحمال»، فسوف يتضاعف سعرها مرة أو مرتين.

ولجأت مصر إلى سياسة تخفيف الأحمال الكهربائية منذ الصيف الماضي، بينما أقرت الحكومة جداول لتخفيف الأحمال الكهربائية في ربوع البلاد مدة ساعتين يومياً بالتبادل بين المناطق والأحياء، في ظل ارتفاع أسعار الوقود عالمياً، حيث «يوفر تخفيف أحمال الكهرباء 35 مليون دولار شهرياً (الدولار يساوي 47.12 جنيه في البنوك المصرية)»، وفق إفادة سابقة لوزارة الكهرباء المصرية.

وأدت انقطاعات الكهرباء إلى شكاوى كثيرة من جانب المواطنين، تبعاً لذلك أعلنت الشركة القابضة لتوزيع الكهرباء في مصر، مطلع الشهر الحالي، تعديل مواعيد تخفيف الأحمال الكهربائية، تلبية لطلب وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني. وقالت الشركة وقتها: «ستجري عملية تخفيف الأحمال من الساعة 3 عصراً حتى 7 مساءً»، في الفترة من «8 مايو (أيار) حتى 20 يوليو (تموز) المقبل»، بسبب امتحانات نهاية العام الدراسي بمختلف المراحل الدراسية.

وخلال افتتاحه عبر تقنية «الفيديو كونفرانس» عدداً من المشروعات التنموية بجنوب الوادي، السبت، لفت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى أن المواطنين يدفعون نصف الثمن الحقيقي لسعر الوقود في ظل دعم الدولة، وأن الحكومة لو حصّلت الثمن الحقيقي لتكلفة الكهرباء لتضاعفت فاتورة استهلاك المواطنين مرتين، قائلاً: «لو المواطن بيدفع 100 جنيه شهرياً هاخد منه 300 جنيه شهرياً بتكلفتها حالياً».

وألمح إلى انقطاعات الكهرباء قائلاً: «يمكننا تشغيل الكهرباء 24 ساعة، فالمحطات موجودة ونستطيع، لكن لكي يحصل وزير الكهرباء على الوقود اللازم لها عليه أن يدفع فاتورته (لوزارة البترول)»، مشيراً إلى أن وزارة الكهرباء تُضطر في النهاية لتشغيل المحطات بما يتوافر لديها من وقود في ضوء مديونيتها لوزارة البترول، مضيفاً: «لكن هل من الممكن تشغيلها (الكهرباء) 24 ساعة؟ نعم... ولكن بكم؟»، مؤكداً أنه إن لم يجرِ قطعها فسيرتفع ثمنها مرتين أو 3 مرات.

ووجَّه الرئيس المصري كلامه لوزراء المالية والكهرباء والتموين في الحكومة المصرية قائلاً: «كلموا الناس، وقولولهم الحكاية».

ويتطلب توقُّف خطة تخفيف الأحمال، مدة ساعتين، تمويلاً إضافياً يصل إلى 300 مليون دولار شهرياً، وفق وزير المالية المصري محمد معيط، الذي أوضح في تصريحات تلفزيونية، أن العلاقة بين قطاعي الكهرباء والبترول، تزداد تعقيداً بسبب الحاجة إلى استيراد المواد البترولية لتشغيل محطات الكهرباء، وأوضح أن قطاع البترول يورد الغاز للكهرباء بسعر منخفض، في حين يشتريه بسعر أعلى، وهو ما يضطر الخزانة العامة لتحمل الفارق.

وقدَّر وزير البترول والثروة المعدنية، طارق الملا، فرق التكلفة الذي تتحمله وزارة البترول لإمداد وزارة الكهرباء بالغاز فقط، بـ70 مليار جنيه، إضافة إلى 40 مليار جنيه للمازوت. ونوه، خلال تصريحات تلفزيونية، بأن خطة تخفيف الأحمال ليست إلى ما لا نهاية، لكنها خطة بديلة بالتوازي مع جهود الإصلاح الاقتصادي، موضحاً أن الدولة رفضت رفع أسعار الكهرباء من أجل المواطن.

وانتقلت كلمات الرئيس وأعضاء الحكومة إلى مواقع التواصل الاجتماعي، لتثير معها حالة من الجدل والتفاعل، وانتقاد الحكومة بسبب تواصل انقطاع التيار الكهربائي.

وحمَّل البعض الحكومة الحالية أزمة استمرار قطع الكهرباء، مطالبين الرئيس السيسي بتعيين حكومة بديلة يمكنها إيجاد مخرج للوضع الحالي.

وترى البرلمانية نيفين حمدي، عضوة مجلس النواب المصري، أن كلمات الرئيس السيسي عن الكهرباء «رسالة قوية وصريحة عن حجم التحديات التي تشهدها الدولة المصرية، وما تتخذه القيادة السياسية من قرارات لمواجهتها والتغلب عليها، حتى لا يتأثر المواطن البسيط بها، فضلاً عن حجم الدعم الذي تقدمه الدولة للمصريين في ظل الأزمات الاقتصادية العالمية».

ووصفت النائبة، في بيان، دعوة الرئيس السيسي المسؤولين للظهور، والرد على الرأي العام بأنه «يعكس مدى المصداقية التي تتمتع بها القيادة السياسية، وهي من الأمور الصعبة في ظل التحديات الحالية».


الدبيبة يبحث مع وزيرة ألمانية الجهود الدولية الداعمة للانتخابات

الدبيبة مستقبلاً وزيرة الدولة بوزارة الخارجية الألمانية كاتيا كويل في طرابلس (حكومة «الوحدة»)
الدبيبة مستقبلاً وزيرة الدولة بوزارة الخارجية الألمانية كاتيا كويل في طرابلس (حكومة «الوحدة»)
TT

الدبيبة يبحث مع وزيرة ألمانية الجهود الدولية الداعمة للانتخابات

الدبيبة مستقبلاً وزيرة الدولة بوزارة الخارجية الألمانية كاتيا كويل في طرابلس (حكومة «الوحدة»)
الدبيبة مستقبلاً وزيرة الدولة بوزارة الخارجية الألمانية كاتيا كويل في طرابلس (حكومة «الوحدة»)

بحث رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة عبد الحميد الدبيبة، مع وزيرة الدولة بوزارة الخارجية الألمانية كاتيا كويل، «الجهود الدولية المبذولة لدعم الانتخابات وفق قوانين عادلة ونزيهة».

وقال المكتب الإعلامي للدبيبة، (الأحد)، إنه جرى الاتفاق على دعم جهود بعثة الأمم المتحدة في ليبيا؛ للقيام بالمهام المناطة بها. كما تطرق الجانبان إلى المؤتمر الدولي لمكافحة الهجرة غير النظامية وأمن الحدود، المزمع عقده في 17 من يوليو (تموز) المقبل، بمشاركة الدول ذات العلاقة، والاتفاق على دعمه لتحقيق أهدافه، لافتاً إلى أنه تم التطرق أيضاً إلى زيادة التعاون الاقتصادي بين البلدين، وتوسيع المشاركة بالمنتدى الاقتصادي الألماني - الليبي السنوي من أجل زيادة فرص العمل والاستثمار للقطاعين الخاص والعام بالبلدين.

اجتماع اللافي وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية بحكومة «الوحدة» مع خوري (حكومة «الوحدة»)

وكانت حكومة «الوحدة» قالت إن الدبيبة ناقش مع القائمة بأعمال رئيس البعثة الأممية، ستيفاني خوري، وفريقها الرؤيةَ الحكوميةَ للمسار السياسي في ليبيا، وما وصفتها بـ«العوائق والتحديات الراهنة وتصورات الحلول المناسبة لتمكين البلاد من تحقيق الوصول إلى الاستحقاق الانتخابي».

وبحسب بيان للحكومة، فقد عرض وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية وليد اللافي، الذي يرأس اللجنة الوزارية لدعم وتنفيذ الانتخابات، خلال اجتماعه مساء السبت، مع خوري في العاصمة طرابلس، عدداً من المبادرات الهادفة لتعزيز المشاركة الشعبية ودور مؤسسات المجتمع المدني في العملية السياسية، وتجديد المقاربة الدستورية والقانونية للانتخابات.

بدورها، قالت خوري في بيان مقتضب أصدرته الأحد، عبر منصة «إكس»، إنها ناقشت مع اللافي، أهمية إشراك مختلف الأطراف والمكونّات في العملية السياسية، وضمان مشاركة شعبية واسعة من أجل سماع أصوات الجميع وإشراكهم في المسار نحو المستقبل.

كما تعهدت البعثة الأممية بمواصلة دعم المجتمعات المحلية والسلطات الحكومية في جميع أنحاء ليبيا، والعمل معها لتسريع عملية السلام، وكذلك التنمية المستدامة لصالح الجميع في البلاد.

صورة وزعتها سفارة ألمانيا لاجتماع كاتيا مع خوري

بدوره، أعلن مايكل أونماخت سفير ألمانيا، أن كاتيا كويل، التي وصلت إلى ليبيا مساء السبت، استهلت زيارتها باجتماع عقدته (الأحد) في طرابلس مع خوري، وجورجيت غانيون منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في ليبيا، مشيراً إلى أن ألمانيا تدعم بالكامل بعثة الأمم المتحدة في تحريك العملية السياسية في ليبيا، وأنه من المهم أن ينخرط الفاعلون الليبيون في حوار ذي مغزى مع الأمم المتحدة لتجاوز الانقسام.

في غضون ذلك، وبينما يعتزم الدبيبة زيارة الصين للمشاركة بصفته وزيراً للخارجية، في منتدى التعاون العربي - الصيني، ستخصص اللجنة التحضيرية للمنتدى الاقتصادي الليبي - الإيطالي، الذي سيعقد نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل بمدينة طرابلس، اجتماعها الأول (الاثنين) في طرابلس، بمشاركة سفير إيطاليا وملحقها التجاري؛ للتنسيق بين الجانبين بشأن محاور المنتدى والتصور العام لتفاصيله.

وأكد عادل جمعة وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، في بيان وزّعته الحكومة، اتفاق الدبيبة ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، خلال زيارتها الأخيرة لطرابلس، على عقد المنتدى لدعم القطاع الخاص بالبلدين، وزيادة التعاون الاقتصادي في مجالاته كافة.

في شأن مختلف، نشر «مجلس حكماء وأعيان» بلدية صبراتة، صوراً لمذكرات ومراسلات موجّهة إلى حكومة الدبيبة، وعماد الطرابلسي وزيرها المكلف الداخلية، تطالبهما فيها بتحديد الحدود الإدارية للمدينة والفصل فيها.

وأعلن المجلس رفضه التعدي على الحدود الإدارية للبلدية من قبل منطقة العجيلات، واتهم حكومة «الاستقرار» في شرق البلاد برئاسة أسامة حماد، بـ«التسبب فيما آلت إليه الأوضاع»، بخصوص هذا الملف باستحداثها بلديتَي الجديدة وجنان عطية.

وعدّ أن موضوع الحدود الإدارية لمدينة صبراتة، محسوم من جميع النواحي القانونية والاجتماعية، لافتاً إلى «العمل بالطرق القانونية والاجتماعية، حتى لا تصل الأمور إلى ما لا يحمد عقباه، ويخرج الموضوع عن سيطرة أهل العقل والحكمة». على حد تعبيره.

وكان مكتب النائب العام، قد أعلن مساء السبت، القبض على متهم بقتل 8 أشخاص، وخطف 5 آخرين لتحصيل أموال من ذويهم، في مدينة العجيلات، خلال سنوات سابقة، والتحقيق معه بشأن جريمة حجز حرّية 18 طالبة كنّ في طريقهن للمدرسة.

وقال إنه تسلم المتهم في واقعات، «قتل، وتهجير قسري، وإضرام نار في بعض منازل سكان المدينة بعد سنوات من ملاحقته»، مشيراً إلى اتهامه أيضاً بعمل مسلح استهدف الاستيلاء على أموال فرع «مصرف الوحدة» في العجيلات.

من جهة أخرى، شكّك بعض أعضاء مجلس النواب، في إمكانية عقده جلسة طارئة هذا الأسبوع، للتشاور في قضية خطف النائب إبراهيم الدرسي؛ لوجود رئيس المجلس عقيلة صالح، خارج البلاد.


هل تنجح سلطات شرق ليبيا في وقف تدفقات الهجرة إلى أوروبا؟

جانب من المؤتمر الأفريقي - الأوروبي الذي تنظمه حكومة حماد في بنغازي (حكومة شرق ليبيا)
جانب من المؤتمر الأفريقي - الأوروبي الذي تنظمه حكومة حماد في بنغازي (حكومة شرق ليبيا)
TT

هل تنجح سلطات شرق ليبيا في وقف تدفقات الهجرة إلى أوروبا؟

جانب من المؤتمر الأفريقي - الأوروبي الذي تنظمه حكومة حماد في بنغازي (حكومة شرق ليبيا)
جانب من المؤتمر الأفريقي - الأوروبي الذي تنظمه حكومة حماد في بنغازي (حكومة شرق ليبيا)

وسط مناقشات مستفيضة عن الهجرة غير النظامية وأسبابها، والبحث عن حلول لها، انتهى اليوم الثاني للمؤتمر الأوروبي - الأفريقي الذي عُقد في مدينة بنغازي بـ«شرق ليبيا»، تاركاً تساؤلات كثيرة، حول جدوى مثل هذه المؤتمرات وقدرتها على وقف تدفقات الهجرة من ليبيا إلى الشاطئ الأوروبي، ولا سيما مناطق شرق البلاد.

وكان المؤتمر، الذي دعت إليه الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، قد انطلقت جلساته السبت، بحضور وفود رسمية من دول أوروبا وأفريقيا، تمت خلالها مناقشة مقترحات لكيفية التغلب على هذه الأزمة التي تؤرق ليبيا ودولاً أوروبية.

جانب من المؤتمر الأفريقي - الأوروبي الذي تنظمه حكومة حماد في بنغازي (حكومة شرق ليبيا)

ويهدف المؤتمر، الذي ينتهي الاثنين، وفقاً لوزير الخارجية بالحكومة عبد الهادي الحويج، إلى «جمع الأطراف المختلفة من الجانب الأفريقي ودول العبور بشمال أفريقيا وأوروبا، لإيجاد حلول غير تقليدية من أجل مقاربات جديدة لمعالجة قضية الهجرة».

وليست هذه المرة الأولى التي تعقد فيها مؤتمرات تأخذ صفة دولية، بقصد البحث في قضية الهجرة غير النظامية، حيث سبق أن عُقدت مؤتمرات مماثلة في شرق ليبيا وغربها، تناولت الظاهرة من جوانب عدة، لكن لا تزال الأزمة تراوح مكانها لأسباب عدة.

ويتمسك المتابعون لملف الهجرة بضرورة «القضاء أولاً على سوق السمسرة في المهاجرين المنتشرة في غالبية المدن الليبية»، ويرون أن هناك «تجارة رائجة تديرها عصابات ومجموعات مسلحة، وأحياناً جهات أمنية رسمية».

وتظهر إحصاءات «الأمم المتحدة» أن ليبيا تؤوي قرابة 704 آلاف مهاجر من 43 جنسية، بحسب بيانات جُمعت من 100 بلدية ليبية في منتصف عام 2023. وفي مارس (آذار) الماضي، قالت «المنظمة الدولية للهجرة» إن إدارة البحث الجنائي عثرت على جثث 65 مهاجراً على الأقل في مقبرة جماعية جنوب غربي ليبيا.

مهاجرون جرى اعتراضهم من قبل خفر السواحل التونسي في أكتوبر الماضي (أ.ف.ب)

وأمام المؤتمر، قال أسامة حمّاد، رئيس الحكومة، إن «الحلول المستدامة لقضايا الهجرة لا بد أن تتبناها دول المصدر والعبور ودول المقصد أو الاستقبال»، داعياً إلى ضرورة «خلق برامج تطوير وتنمية في دول المصدر، تساعد على توفير حياة آمنة ومستقرة لتفادي خيار الهجرة».

وحضّ حماد جميع الأطراف على «عدم التدخل في الشؤون السياسية والداخلية لدول المصدر من قارة أفريقيا»، وقال إن «التدخل أحياناً ينتج عنه عدم استقرار سياسي واحتراب داخلي بين القوى السياسية، ويؤدي إلى تردي الأوضاع، ومن ثم تتوافر الأسباب التي تدفع إلى الهجرة بحثاً عن الأمن والاستقرار».

وانتقد حماد ما أسماه بـ«السياسات الخاطئة» لبعض دول الاستقبال في الاعتراض والإنقاذ للمهاجرين «ما نتج عنه وأد وقتل أحلام هؤلاء المستضعفين الذين تركوا بلدانهم هرباً من أوضاع اقتصادية سيئة أو حروب، وانتهى الأمر بموت آلاف منهم في عرض البحر».

وشدّد على أنه «لا بد من خلق كيان أوروبي - أفريقي، مهمته مراقبة تشغيل اليد العاملة وفقاً للاشتراطات القانونية، وبشكل يضمن حقوق العاملين من خلال الهجرة النظامية وفقاً لمؤشرات سوق العمل».

وأمام ما تكشفه الأجهزة الأمنية بشرق ليبيا وغربها من وجود «عصابات تتاجر في البشر» من وقت لآخر، لا تزال البلاد تشهد «عمليات واسعة لتهريب المهاجرين من أجل الحصول على الأموال»، وفق إفادات رسمية.

وسبق أن تحدث طارق لملوم، الحقوقي الليبي رئيس مؤسسة «بلادي لحقوق الإنسان»، مع «الشرق الأوسط»، عن «ازدياد المجموعات المسلحة التي تمارس عمليات تهريب المهاجرين».

ورأى أن «عمليات التهريب في ليبيا أصبحت تشهد تسهيلاً كبيراً جداً، ومع الأسف الغالبية متورطة في ذلك، سواء أكان من الغرب أم المنطقة الوسطى أم الشرق»، لافتاً إلى أن تهريب المهاجرين «يزداد في مناطق زوارة وصبراتة، التي تكثر فيها مخازن البشر، وتعلم الأجهزة الأمنية مكانها، لكن يظل موعد الإعلان عنها وكشفها وضبط من فيها يرتبط بسياسة هذه الأجهزة... وهي للأسف حكومية».

مهاجرات تم تحريرهن ضمن عشرات بالكفرة الليبية (وزارة الداخلية بشرق ليبيا)

وفي مواجهة الاتهامات التي تنتقد تزايد عمليات التهريب من شرق ليبيا، أضاف حمّاد أن «الجيش الوطني والأجهزة الأمنية نفّذا كثيراً من الحملات الأمنية لحماية هؤلاء المستضعفين المهاجرين وتخليصهم من قبضة العصابات»، ودعا إلى إنشاء «المرصد الأوروبي - الأفريقي للهجرة، تكون مهمته مراقبة تشغيل الأيدي العاملة وفقاً للاشتراطات القانونية، بشكل يضمن حقوق العاملين من خلال الهجرة النظامية وفقاً لمؤشرات سوق العمل».

ويرهن مصدر ليبي، مقرب من حكومة حماد، قدرة سلطات شرق ليبيا على التصدي لتدفقات المهاجرين بـ«التعاون المشترك بين الدول المصدرة والمستقبلة»، وقال: «بلدي دولة معبر، ونعاني من هذه الأزمة، ولن نعمل كشرطي لأوروبا. على الجميع أن يعمل معنا لإيجاد حلّ».

وتمكنت قوة أمن ليبية، في 7 مايو (أيار) الحالي، من «تحرير» 107 مهاجرين، من بينهم نساء وأطفال، من الأسر في بلدة بجنوب شرقي ليبيا. وقال وليد العرفي، المتحدث باسم الإدارة العامة للبحث الجنائي في بنغازي، إن المهاجرين، وفقاً لما قاله بعضهم، احتُجزوا لمدة تصل إلى 7 أشهر، وإنهم «كانوا يرغبون في الهجرة إلى أوروبا»، منوهاً إلى أن المهاجرين قادمون من دول مختلفة جنوب الصحراء الكبرى، إلا أن معظمهم من الصومال.

ونهاية الأسبوع الماضي، قالت «المنظمة الدولية للهجرة» إنه جرى إعادة 80 ألف مهاجر غير نظامي إلى بلدانهم عبر «نظام العودة الطوعية الإنسانية» منذ عام 2015.


تململ في صفوف «إخوان الجزائر» بسبب «رئاسية» 2024

عبد العالي حساني مرشح إخوان الجزائر للانتخابات (حساب الحزب)
عبد العالي حساني مرشح إخوان الجزائر للانتخابات (حساب الحزب)
TT

تململ في صفوف «إخوان الجزائر» بسبب «رئاسية» 2024

عبد العالي حساني مرشح إخوان الجزائر للانتخابات (حساب الحزب)
عبد العالي حساني مرشح إخوان الجزائر للانتخابات (حساب الحزب)

يحتدم خلاف كبير داخل الحزب الإسلامي الجزائري؛ «حركة مجتمع السلم»، المحسوب على «تيار الإخوان»، بخصوص «آلية الاختيار» التي تم على أساسها ترشيح رئيسه عبد العالي حساني لانتخابات الرئاسة المقررة يوم 7 سبتمبر (أيلول) المقبل.

وكان الحزب، المعروف اختصاراً بـ«حمس»، أعلن السبت، عزمه دخول سباق «الرئاسية»، بعد أن غاب عنها في دورتي 2014 و2019، وتم ذلك في اجتماع لـ«مجلسه الشوري» الذي بحث في موقفين: المشاركة في الاستحقاق الرئاسي بمرشح الحزب، أو المقاطعة. وتم الحسم لصالح الخيار الأول. غير أنه بعد 24 ساعة من صدور القرار، خرج الرئيس السابق لـ«حمس» عبد الرزاق مقري، بمنشور في حسابه بالإعلام الاجتماعي، ينتقد فيه بشدة مجريات «المجلس الشوري»، مؤكداً أن «الاتصال بي لا يتوقف منذ إعلان (حركة مجتمع السلم) قرارها بخصوص الانتخابات الرئاسية، وذلك للسؤال عن عدم ترشحي، وبعض التحليلات والتعليقات في الوسائط الاجتماعية، ذهبت بعيداً في شرح الموقف ودوري فيه، بما لا علاقة له بالواقع وبما يتصادم مع مبادئي وأخلاقي وقناعاتي السياسية».

رئيس «حمس» السابق: لديّ القدرة لأصبح رئيساً للجمهورية (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

ويقصد مقري قراءات محللين وصحافيين، نسبت إليه أنه هو من وضع حساني على رأس الحزب في العام الماضي بعد نهاية ولايتيه (10 سنوات). وهي قراءات خاطئة، حسبه. وكان مقرّي كرّس نهج «المغالبة» لكل سياسات السلطة خلال السنوات العشر التي قضاها على رأس «حمس»، والتي غطت 7 السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، ونحو 3 سنوات ونصف من الولاية الأولى للرئيس الحالي عبد المجيد تبون.

وأوضح مقري في منشوره، أنه كان يرغب في أن يصبح رئيساً للجمهورية عن طريق ترشيحه من طرف حزبه، مبرزاً أنه «قادر على قيادة البلد، وبما يحقق تنميته ونهوضه بين الأمم، غير أنني لا أتحكم بالفرصة التي تملكها مؤسسات الحركة وتتحكم فيها السلطات».

عبد الرزاق مقري رئيس «مجتمع السلم» سابقاً (حسابه الشخصي بالإعلام الاجتماعي)

وفي كلام مقري إشارة إلى أن القرار الذي انتهى إليه «مجلس الشورى»، وهو أعلى هيئة ما بين مؤتمرين في الحزب، فرضته السلطة عليه. بعكس تماماً ما ذكره عبد العالي حساني، السبت، في خطاب بعد ترشيحه للانتخابات، حينما شدد على أن «قرارنا مستقل وسيادي».

ولفت مقري إلى علمه مبكّراً أن «الحسم (بشأن الترشيحات للانتخابات) داخل الحركة سيكون حسماً تنظيمياً، لا تتاح فيه الفرصة للمنافسة السياسية بين الرجال والأفكار، فلم أترشح ولم أطلب من أحد ولم أتصل بأحد ولم أجتمع بأي كان لدعم ترشحي، رغم الاتصالات الحثيثة من العديد من الأطراف، ومن المواطنين حيثما ذهبت، ولو علمت أن المنافسة مفتوحة داخل الحركة لقبلت الترشح».

تهنئة رئيس «حمس» بترشيحه لانتخابات الرئاسة (إعلام الحزب)

وأضاف: «أؤكد للمواطنين والمناصرين المهتمين بترشحي، أنه ما زالت تهمني قيادة البلد، وما زلت أعتقد أن لديّ الرؤية والقدرة على جعل الجزائر بلداً صاعداً مزدهراً، وأنا متأكد أنه ستتوفر الفرصة في وقت آخر، تكون الظروف فيه أكثر ملاءمة، والمنافسة الديمقراطية على رئاسة الجمهورية حقيقية وممكنة، وأنني سأستمر في الكفاح من أجل توفير هذه الفرصة لصالح الجزائر والجزائريين، مع كثير من الشرفاء في الوطن الفسيح، وفي مختلف المواقع والميادين وفق رؤية حضارية جادة، مستفيداً من التجربة، وأنا واثق تمام الوثوق في تحقيق ذلك بحول الله».

وتهاطلت ردود الفعل على مقري بعد هذا الموقف المثير، وتراوحت بين مؤيد له ومعارض. وبدا من خلال الردود أن أصحابها في أغلبهم أعضاء في «حمس»؛ فهناك من عدّه «الأنسب» ليكون مرشحها للانتخابات، في حين عاب عليه البعض «إنكار الديمقراطية التي ميزت النقاش في (المجلس الشوري)»، وأنه «طعن في استقلالية قرار الحركة التي كانت لك فيها مساهمة معتبرة»، وفق تقدير أحد المعلقين.


مصر تحذر من مخاطر العمليات العسكرية في رفح على المنطقة

الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على رفح جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على رفح جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

مصر تحذر من مخاطر العمليات العسكرية في رفح على المنطقة

الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على رفح جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
الدخان يتصاعد بعد غارة جوية إسرائيلية على رفح جنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

جددت مصر «التحذير من مخاطر العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية؛ لتداعياتها الإنسانية الكارثية على أكثر من 1.4 مليون فلسطيني، وتأثيراتها الأمنية في السلام، واستقرار المنطقة ومقدرات شعوبها».

وطالبت القاهرة، الأحد، بـ«فتح جميع المعابر البرية بين إسرائيل وقطاع غزة».

كانت التحذيرات المصرية قد جاءت خلال لقاء وزير الخارجية المصري، سامح شكري، مع الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، جوزيب بوريل، في بروكسل، على هامش اجتماع مشترك لـ«مجلس الشؤون الخارجية للاتحاد الأوروبي».

وقصف الجيش الإسرائيلي، السبت، قطاع غزة بما في ذلك مدينة رفح الفلسطينية، غداة أمر محكمة العدل الدولية لإسرائيل بتعليق عملياتها العسكرية في رفح «فوراً». كما أمرت «العدل الدولية»، وهي أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، وتعد قراراتها ملزمة قانوناً، إسرائيل، بـ«الإبقاء على معبر رفح بين مصر وغزة مفتوحاً»، وهو مغلق منذ إطلاق عمليتها البرية في المدينة، أوائل مايو (أيار) الحالي.

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، فقد أكد شكري وبوريل خلال اللقاء على «ضرورة التوصل لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، ووقف العمليات العسكرية في مدينة رفح الفلسطينية، فضلاً عن ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية والمواد الإغاثية بشكل كامل وآمن إلى القطاع، وفي جميع أنحائه، لتلبية الاحتياجات الملحة للفلسطينيين في غزة». كما جرى التأكيد على «أهمية قيام إسرائيل باحترام وحماية العاملين في المجال الإنساني، وعدم استهداف مقرات وكالات الإغاثة الدولية، فضلاً عن ضمان وصول وحرية تنقل طواقم الإغاثة في قطاع غزة اتساقاً مع أحكام القانون الدولي الإنساني».

شكري خلال لقاء الممثل الأعلى الأوروبي في بروكسل (الخارجية المصرية)

وذكر متحدث وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، أن مباحثات الوزير شكري والممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي، تناولت مختلف الأبعاد الإنسانية والأمنية والسياسية للأزمة في قطاع غزة، وسبل احتواء تداعياتها، ودعم المسار السياسي لتنفيذ حل الدولتين، واقتلاع هذه الأزمة من جذورها.

وأكد شكري على الدور الهام المنشود من الأطراف الدولية المؤثرة، مثل الاتحاد الأوروبي، في دعم التحركات الحالية لوقف الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة، ووقف نزيف دماء الفلسطينيين، معرباً عن تقديره الدور الهام للممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي في العمل على احتواء الأزمة الإنسانية، والتخفيف من تداعياتها.

كما حذر الوزير المصري من مخاطر العمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية، مطالباً بضرورة امتثال إسرائيل لالتزاماتها بوصفها القوة القائمة بالاحتلال، وإزالة جميع العقبات التي تضعها أمام عملية دخول المساعدات، وفتح جميع المعابر البرية بين إسرائيل والقطاع، فضلاً عن توفير الظروف الآمنة لطواقم الإغاثة الدولية لتسلُّم وتوزيع المساعدات في القطاع.

وقبل أيام نقلت قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية عن مصدر مصري وصفته بـ«رفيع المستوى»، تأكيده «عدم صحة ما جرى تداوله بوسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن وجود أي نوع من التنسيق مع إسرائيل بشأن عمليتها العسكرية في رفح الفلسطينية»، مشدداً على أن «مصر حذّرت إسرائيل من تداعيات التصعيد في قطاع غزة، ورفضت أي تنسيق معها بشأن معبر رفح».

فلسطينيون يتفقدون دراجة نارية محترقة بعد غارة للجيش الإسرائيلي بمخيم الفارعة للاجئين في وقت سابق (إ.ب.أ)

في سياق ذلك، أكد شكري خلال مباحثاته مع بوريل في بروكسل «رفض مصر توظيف إسرائيل إمعانها في السيطرة على كل معابر القطاع أداةً لإحكام الحصار، وتجويع الفلسطينيين في غزة، وخلق واقع غير مأهول بالحياة في القطاع»، مشدداً على «رفض مصر القاطع أي محاولات لدفع الفلسطينيين للتهجير خارج أراضهم، أو تصفية القضية الفلسطينية».

وأكدت مصر، الشهر الحالي، «تمسّكها بالانضمام لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية»، مشددة على «ضرورة إنهاء العمليات العسكرية في محيط معبر رفح». وكانت القاهرة قد أعلنت أخيراً اعتزامها التدخل رسمياً لدعم الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية للنظر في «انتهاكات إسرائيل لالتزاماتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، والمعاقبة عليها في قطاع غزة».

ووفق متحدث «الخارجية المصرية»، الأحد، فقد دار حوار بين الوزير شكري والممثل الأعلى الأوروبي حول الرؤية العربية ومسارات التحرك مع الاتحاد الأوروبي؛ لإنهاء أزمة غزة هذه من جذورها، من خلال الدفع بالمسار السياسي لدعم تنفيذ حل الدولتين، حيث أكد الطرفان «ضرورة إيجاد الأفق السياسي لتنفيذ مقررات الشرعية الدولية ذات الصِّلة، ودعم إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، لتعيش في سلام جنباً إلى جنب مع إسرائيل».


تونس: «استبعاد السياسيين» وتعيين «التكنوقراط» على رأس مؤسسات الأمن السياسي والاجتماعي

وزير الداخلية الجديد القاضي خالد النوري يؤدي القسم أمام الرئيس سعيّد (موقع رئاسة الجمهورية)
وزير الداخلية الجديد القاضي خالد النوري يؤدي القسم أمام الرئيس سعيّد (موقع رئاسة الجمهورية)
TT

تونس: «استبعاد السياسيين» وتعيين «التكنوقراط» على رأس مؤسسات الأمن السياسي والاجتماعي

وزير الداخلية الجديد القاضي خالد النوري يؤدي القسم أمام الرئيس سعيّد (موقع رئاسة الجمهورية)
وزير الداخلية الجديد القاضي خالد النوري يؤدي القسم أمام الرئيس سعيّد (موقع رئاسة الجمهورية)

أدخل الرئيس التونسي، قيس سعيد، تعديلاً سياسياً على تركيبة الحكومة، شمل بالخصوص وزارات الداخلية والشؤون الاجتماعية وتكنولوجيا الاتصالات؛ أي الوزارات المكلفة ملفات الأمن السياسي والإرهاب والهجرة غير النظامية، والعلاقات مع نقابات العمال ورجال الأعمال والأمن الاجتماعي.

وأسفر هذا التعديل عن إقالة وزير الداخلية والناشط السياسي السابق كمال الفقي، وتعيين القاضي خالد النوري المحافظ السابق لولاية أريانة شرق العاصمة، وزيراً جديداً.

في الوقت نفسه، أحدث التعديل منصب «كاتب دولة للأمن الوطني» معتمد لدى وزير الداخلية، (وكيل وزارة)، أسند إلى القاضي سفيان بن الصادق، الذي سبق له أن تولى مسؤوليات قضائية؛ بينها رئاسة «الدائرة الجناحية السادسة»، كما تولى مسؤوليات أمنية وإدارية وقانونية في وزارة تكنولوجيا الاتصالات.

وزير الداخلية التونسي المُقال كمال الفقي (أ.ف.ب)

ووفق مصادر مطلعة، فإن تغيير وزير الداخلية وإعادة مؤسسة «كتابة الدولة للأمن الوطني» تقررا في سياق إصلاحات جاءت بعد «أخطاء» سجلت في تسيير القطاع الأمني وبعض مؤسسات الدولة والإدارة.

ومن المقرر الإعلان رسمياً عن تعديلات على رأس عدد من المحافظات وإدارات الأمن المركزية والجهوية والمؤسسات المكلفة ملفات الهجرة غير النظامية والإرهاب والشرطة.

في سياق متصل، أسفر التعديل الحكومي الجزئي عن إبعاد وزير الشؤون الاجتماعية؛ السياسي الذي لعب أدواراً سياسية وأمنية من الدرجة الأولى خلال الأعوام الثلاثة الماضية، مالك الزاهي.

والوزير الزاهي، هو نجل قيادي سابق في «مركزية» أكبر نقابة تونسية (الاتحاد العام التونسي للشغل)، وكان يعدّ من بين أكثر المتدخلين في ملفات الأمن السياسي والاجتماعي والهجرة والعلاقات مع نقابات العمال ورجال الأعمال، التي شهدت في المدة الماضية «تصعيداً غير مسبوق»، تطور إلى إحالة نقابيين إلى التحقيق الأمني والمحاكم بسبب شبهات خطرة بعضها له علاقة بـ«قطب الإرهاب» و«قطب مكافحة الفساد».

الرئيس سعيّد مستقبلاً وزير الداخلية الجديد (موقع رئاسة الجمهورية)

وقد عين على رأس وزارة الشؤون الاجتماعية الخبير في الأمن الاجتماعي كمال المدوري. والوزير الجديد «تكنوقراط» حمل خلال الأعوام الماضية مسؤوليات كثيرة على رأس مؤسسات «الأمن الاجتماعي» خلال توليه منصب المدير العام في الوزارة، ورئاسة «الصندوق الوطني للتأمين على المرض»، و«صندوق التقاعد»، اللذين يشرفان على ملايين الموظفين والمتقاعدين.

وجاءت خطوة «استبعاد السياسيين» وتعيين «التكنوقراط» على رأس مؤسسات الأمن السياسي والاجتماعي، بعد أسابيع من إقالة وزير التربية والتعليم محمد علي البوغديري، الذي سبق له أن تصدر المشهدين السياسي والنقابي من خلال تحمله مسؤولية الأمين العام المساعد لاتحاد نقابات العمال، والمشاركة في الحراك السياسي الوطني مع حزب «حركة الشعب القومي العروبي».

وجاءت التغييرات على رأس قطاعي الأمن السياسي والاجتماعي بعد أيام قليلة من زيارات عدد من موفدي الحكومات الغربية إلى تونس؛ بينهم مسؤولون أمنيون وعسكريون من أميركا وأوروبا مثل وزير العدل والشرطة المستشار الفيديرالي السويسري بيت جانز.

وقد التقى هؤلاء المسؤولون نظراءهم في وزارتي الداخلية والدفاع لمتابعة «التنسيق» في مجال الهجرة غير النظامية، ومكافحة الإرهاب، وبرامج التدريب المشتركة.

وزير الدفاع التونسي عماد مميش (الشرق الاوسط)

كما أعلنت وزارة الخارجية التونسية أن وزير الخارجية، نبيل عمار، التقى وزير العدل والشرطة السويسري وعدداً من السفراء الأجانب المعتمدين لدى تونس، بينهم السفير الأميركي، وبحث معهم ملفات أمنية وقضائية وسياسية؛ بينها تحركات السلطات التونسية منذ أكثر من 13 عاماً للمطالبة باسترجاع الأموال والأصول المصادرة في سويسرا وبلدان غربية عدة، التي كان يملكها مقربون من الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي.

طائرات نقل

في سياق متصل، أعلنت وزارة الدفاع التونسية، في بلاغ رسمي، عن تنظيم الدورة الـ36 للجنة العسكرية المشتركة التونسيّة - الأميركيّة في تونس يومي 23 و24 من الشهر الحالي بحضور أعضاء المجلس الأعلى للجيوش في تونس ونائبة السفير الأميركي لدى تونس وقيادات عسكريّة رفيعة المستوى من الجانبين.

كما حضر الأشغال وزير الدفاع التونسي عماد مميش ومساعدة وزير الدفاع الأميركي المكلّفة الشّؤون الأمنية سيليست وولدنر.

وتوج الاجتماع بتوقيع محضر اتفاق حول «الشراكة بين تونس والولايات المتحدة العام القادم» في مجالات التعاون الأمني والعسكري وبرامج التدريب وتبادل المعلومات وتطوير التجهيزات.

من الاجتماعات التونسية - الأميركية (موقع رئاسة الجمهورية)

في السياق نفسه، أعلنت السفارة الأميركية أن وفداً عسكرياً أمنياً يقوده اللواء غريغوري بورتر من «الحرس الوطني» في وايومينغ، ونائب عميد جامعة وايومينغ المكلفة البرامج الدولية، إيزادورا هلفغوت، زار تونس قبل أيام «للاحتفال بالذكرى العشرين لبرنامج الشراكة العسكرية والأمنية والعلمية».

وأورد البلاغ أن الوفد الأميركي بحث في تونس «مجالات التعاون القائمة والمستجدة في مجالات الأمن، والتعليم العالي، والفلاحة، والسياحة».

كما أعلن بلاغ السفارة الأميركية لدى تونس عن مشاركة مسؤولين عسكريين وأمنيين تونسيين وأميركيين في حفل نظم في «القاعدة العسكرية التونسية الجوية»، في العوينة شمال مطار تونس - قرطاج الدولي، وقع خلاله تسليم تونس سادس طائرة نقل عسكرية من طراز «C-130» جرى اقتناؤها في إطار برنامج المبيعات العسكرية الأجنبية.

طائرة النقل العسكرية من طراز «C-130»... (موقع رئاسة الجمهورية)

وستدخل هذه الطائرة العسكرية الخدمة ضمن أسطول تونس العسكري قريباً.

وأوضح أن تونس استخدمت هذا النوع من الطائرات، الذي تبلغ قيمته 588 مليون دينار تونسي (190 مليون دولار)، في مجموعة من المهام الإنسانية؛ بما في ذلك توصيل المساعدات إلى المناطق التي غمرتها الفيضانات في ليبيا، وتقديم الدعم الطبي لضحايا الزلزال في تركيا، ودعم عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، ومكافحة الحرائق في تونس.