إردوغان يواصل حملته الانتخابية «افتراضياً» بسبب ظروفه الصحية

أكبر حزب كردي في تركيا أعلن رسمياً دعمه لكليتشدار أوغلو

رجب طيب إردوغان (أ.ب)
رجب طيب إردوغان (أ.ب)
TT

إردوغان يواصل حملته الانتخابية «افتراضياً» بسبب ظروفه الصحية

رجب طيب إردوغان (أ.ب)
رجب طيب إردوغان (أ.ب)

في أوج تصاعد الحملات الدعائية استعداداً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تشهدها تركيا في 14 مايو (أيار) المقبل، اضطر الرئيس رجب طيب إردوغان لمواصلة حملته لليوم الثاني على التوالي عبر «الفيديو كونفرنس»، بسبب ظروفه الصحية.
في الوقت ذاته اكتسب مرشح المعارضة للرئاسة رئيس «حزب الشعب الجمهوري»، كمال كليتشدار أوغلو، دفعة قوية بإعلان «حزب الشعوب الديمقراطية» المؤيد للأكراد الذي يمتلك كتلة تصويتية كبيرة، دعمه له رسمياً. كما وجه قادة المعارضة دعوات لملايين الأتراك بالخارج الذين بدأوا التصويت في الانتخابات، اعتباراً من الخميس إلى التصويت لكليتشدار أوغلو من أجل مستقبل تركيا.
وأعلنت الرئاسة التركية أن إردوغان سيواصل برنامجه لليوم الثاني على التوالي من داخل القصر الرئاسي في أنقرة، حيث يفتتح في وقت لاحق، الجمعة، أحد الجسور الجديدة في ولاية أضنة جنوب البلاد عبر «الفيديو كونفرنس».
كان إردوغان بدأ استئناف نشاطه تدريجياً، بعد يومين من الوعكة الصحية التي ألَمّت به نتيجة التهابات في المعدة والأمعاء اضطرته لإلغاء مشاركته في بث مباشر لقناتين محليتين الثلاثاء، وإلغاء تجمعات انتخابية في عدد من الولايات التركية نزولاً على نصائح الأطباء له بالراحة في أوج حملته للانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
وأطل إردوغان، أمس (الخميس)، في مشاركة عبر «الفيديو كونفرنس» مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في حفل أقيم بمناسبة تزويد أول مفاعل من 4 مفاعلات بمحطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء، التي تنشئها شركة «روساتوم» الروسية في مرسين بجنوب تركيا، بالوقود النووي.
وكان مقرراً أن يحضر إردوغان هذا الحدث في موقع المحطة في «أككويو»، ثم يلتقي أنصاره في تجمع جماهيري في مرسين، لكن «حزب العدالة والتنمية» الحاكم أعلن، ليل الأربعاء، أن مشاركته ستكون بالفيديو.
وأكد وزير الصحة التركي، فخر الدين كوجا، أن الحالة الصحية لإردوغان «جيدة جداً»، وأن التهاب المعدة والأمعاء الذي أصابه «في تراجع».

دعم كردي لكليتشدار أوغلو

وفي تطور متوقع، أعلن حزب «الشعوب الديمقراطية»، ثالث أكبر أحزاب البرلمان التركي بعد «العدالة والتنمية» الحاكم، و«الشعب الجمهوري»، الذي يمتلك كتلة تصويتية تصل إلى نحو 13 في المائة من إجمالي الناخبين، أن الحزب قرر دعم كليتشدار أوغلو في الانتخابات الرئاسية.
وبذلك يكون كليتشدار أوغلو حصل، رسمياً، على دعم غالبية الأكراد بعدما لمح الحزب من قبل إلى أنه سيدعمه، وامتنع عن تقديم مرشح منافس على الرئاسة لعدم تشتيت أصوات المعارضة، كما أعلن الحزب خوض الانتخابات البرلمانية على قائمة حزب «اليسار الأخضر»، تحسباً لاتخاذ المحكمة الدستورية العليا قراراً بإغلاقه في الدعوى المقدمة من المدعي العام لمحكمة الاستئناف العليا في أنقرة، بكر شاهين، في 2021، لإغلاق الحزب، بدعوى دعم الإرهاب والأنشطة الانفصالية لـ«حزب العمال الكردستاني».
وقال الرئيس المشارك للحزب، مدحت سانجار، في تصريحات ليل الخميس - الجمعة،: «سندعم كليتشدار أوغلو في الانتخابات الرئاسية. نرى أن هذه الانتخابات هي الأكثر أهمية. لدينا هدفان استراتيجيان: الهدف الأول إنهاء نظام الرجل الواحد، والهدف الثاني أن نصبح القوة الأكثر فاعلية في التحول الديمقراطي».
في السياق ذاته، لمح المرشح الرئاسي عن تحالف «أتا» القومي، سنان أوغان، إلى أن أنصار التحالف سيدعمون المرشح الذي ينأى بنفسه عن كل من حزبي «الشعوب الديمقراطية»، و«هدى بار»، وهو حزب كردي إسلامي منبثق عن «حزب الله» التركي، الذي ينظر إليه في تركيا على أنه تنظيم إرهابي لا يختلف عن «حزب العمال الكردستاني»، وذلك حال الانتقال إلى جولة ثانية في الانتخابات الرئاسية، رجح أن تنحصر بين كليتشدار أوغلو وإردوغان، في ظل عدم قدرة المرشح الرابع، محرم إينجه، على الحصول على أصوات في الجولة الأولى تمكنه من خوض جولة الإعادة.
وقال أوغان، في مقابلة تلفزيونية ليل الخميس - الجمعة،: «إذا خسرنا في الجولة الأولى فسنتحدث مع مكونات تحالف أتا (أحزاب النصر، العدالة، وبلدي)، ومع المنظمات غير الحكومية التي تدعمنا، سنقول للمرشحين المتنافسين في الجولة الثانية، كليتشدار أوغلو وإردوغان، إنك لست بحاجة إلى دعم (الشعوب الديمقراطية) أو (هدى بار)، سنقدم لك هذا الدعم، وليس هناك مرشح للقوميين غيري، وأصواتي في المرحلة الثانية سنعطيها للمرشح الذي يلبي هذا الشرط».
وأعلن «هدى بار» دعمه لإردوغان، وقرر خوض الانتخابات البرلمانية على قائمة «حزب العدالة والتنمية» الحاكم.

أتراك الخارج

في الوقت ذاته، وجه كليتشدار أوغلو رسالة إلى الناخبين الأتراك في الخارج، الذين بدأوا التصويت في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية حتى 9 مايو (أيار) المقبل، عبر بث على مواقع التواصل الاجتماعي، دعاهم فيه للتصويت لصالحه، وتعهد بأن يكون لكل منهم مكان للتغيير في تركيا وبإنشاء دوائر انتخابية في الخارج تكفل لهم اختيار نواب بالبرلمان يمثلونهم.
وقال كليتشدار أوغلو: «إن تصويتك الفردي حيوي لمستقبل تركيا وأمتنا. تعالَ واحصل على مكانك في التغيير الذي نحتاج إليه لتركيا عادلة وغنية وتنافسية مع شباب متفائل».
وأضاف أن الفقر في تركيا يزداد عمقاً، وأن السلام الاجتماعي ووحدة الشعب يتدهوران في ظل حكم القصر (إردوغان)، ولا يستطيع الشباب رؤية مستقبل لأنفسهم في تركيا، لأنهم حولوا البلاد إلى وكر للمحسوبية وظلم الكفاءات.
وتابع: «لهذا، قد تنتظرون تعافي البلد، وتحسين الاقتصاد، وحرية العودة، بطريقة أو بأخرى، أنتم كمواطنين لا بد أن يكون لكم رأي في مستقبل هذا البلد. أنتم تعانون مشاكل أيضاً، سننشئ لكم دوائر انتخابية لتنتخبوا نوابكم من بينكم، ولترسلوهم إلى البرلمان. سنضمن رفع القيود المطبَّقة عليك أثناء تقاعدك في تركيا والعمل في بلد آخر وتحسين معاشاتك التقاعدية، ستكون قادراً على الاستفادة من الخدمات الصحية على قدم المساواة في تركيا. سنقوم بإلغاء المظالم التي قد تنشأ من تطبيق اتفاقية مشاركة المعلومات التلقائية. سنقوم بتمديد مدة إقامة سيارتك المستخدمة في الخارج في تركيا. سنخفض أسعار تذاكر الطيران الباهظة إلى مستويات معقولة. سنقوم بتمديد فترة استخدام الهواتف التي تحضرها معك عندما تأتي إلى تركيا».
من جانب آخر، دعا رئيس حزب «العمال» التركي اليساري، أركان باش، الناخبين الأتراك في الخارج للتصويت لكليتشدار أوغلو في انتخابات الرئاسة، ولحزب العمال، أحد أحزاب تحالف «العمل والحرية»، في الانتخابات البرلمانية.
وقال في بث عبر مواقع التواصل الاجتماعي: «اليوم هو اليوم الذي كنتم تنتظرونه، والانتخابات هي هذه الانتخابات التي انتظرتموها للتغيير وللإطاحة بنظام (حزب العدالة والتنمية)... إذا كنتم موجودين، فلدينا مستقبل... هذه لحظة تاريخية».
وبدأ 3 ملايين و416 ألفاً و671 ناخباً تركيا خارج البلاد، أمس (الخميس)، التصويت في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، في عملية تستمر حتى 9 مايو (أيار) المقبل، في 156 ممثلية وبعثة في 75 دولة، إضافة إلى صناديق الاقتراع عند البوابات الحدودية والجمركية وفي المطارات الدولية، بإجمالي 4671 صندوقاً.


مقالات ذات صلة

إردوغان يحشد أنصاره بعد وعكة صحية

شؤون إقليمية إردوغان يحشد أنصاره بعد وعكة صحية

إردوغان يحشد أنصاره بعد وعكة صحية

حشد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أنصاره في أول ظهور شخصي له، منذ إصابته بوعكة صحية عرقلت حملته الانتخابية لمدة 3 أيام، وذلك قبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في 14 مايو (أيار). وبعد تعافيه من «نزلة معوية» تسبّبت في إلغائه أنشطة انتخابية، شارك إردوغان أمس، في افتتاح معرض «تكنوفست» السنوي لتكنولوجيا الطيران والفضاء. ووصل الرئيس التركي برفقة حليفه المقرب الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، ورئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان يستأنف نشاطه بعد الوعكة الصحية

إردوغان يستأنف نشاطه بعد الوعكة الصحية

استأنف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان نشاطه تدريجياً بعد يومين من الوعكة الصحية التي ألمت به نتيجة التهابات في المعدة والأمعاء، اضطرته لإلغاء مشاركته في بث مباشر لقناتين محليتين، الثلاثاء، وإلغاء تجمعات انتخابية في عدد من الولايات التركية نزولاً على نصائح الأطباء له بالراحة في أوج حملته للانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وأطل إردوغان، أمس الخميس مجدداً، في مشاركة عبر «الفيديو كونفرنس» مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في حفل أقيم بمناسبة تزويد أول مفاعل من 4 مفاعلات بمحطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء، التي تنشئها شركة «روسآتوم» الروسية في مرسين بجنوب تركيا، بالوقود النووي. وكان مقرراً أن يحضر إر

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية كليتشدار أوغلو يشعل معركة حول مطار «أتاتورك» في إسطنبول

كليتشدار أوغلو يشعل معركة حول مطار «أتاتورك» في إسطنبول

أشعل مرشح المعارضة للرئاسة التركية رئيس «حزب الشعب الجمهوري» معركة جديدة مع الحكومة حول مطار «أتاتورك» الذي أُغلق مع افتتاح مطار «إسطنبول» عام 2019، حيث أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان أن المطار الذي يقع في منطقة يشيل كوي سيجري تحويله إلى حديقة للشعب. وشارك كليتشدار أوغلو مقطع فيديو بعنوان «مطار أتاتورك» على حسابه في «تويتر»، ليل الخميس - الجمعة، تحدث فيه عن رؤيته للمطار والمشروعات التي سينجزها فيه إذا أصبح رئيساً للجمهورية بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي ستجري في 14 مايو (أيار) المقبل. وقال كليتشدار أوغلو إن حديثه موجَّه إلى الشباب على وجه الخصوص حيث «سأعلن لهم عن أحد أكبر مشاريع حياتي»،

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية تدشين أول مفاعل نووي لتوليد الكهرباء في جنوب تركيا

تدشين أول مفاعل نووي لتوليد الكهرباء في جنوب تركيا

أكّدت تركيا وروسيا عزمهما على تعزيز التعاون بعد نجاح إطلاق أكبر مشروع في تاريخ العلاقات بين البلدين اليوم (الخميس)، وهو محطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء التي أنشأتها شركة «روسآتوم» الروسية للطاقة النووية في ولاية مرسين جنوبي تركيا. وأعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، خلال مشاركته إلى جانب نظيره الروسي فلاديمير بوتين، عبر تقنية الفيديو الخميس، في حفل تزويد أول مفاعل للمحطة التركية بالوقود النووي، أن تركيا ستصبح من خلال هذا المشروع واحدة من القوى النووية في العالم.

العالم إردوغان يلغي أنشطته الانتخابية اليوم بسبب إنفلونزا المعدة

إردوغان يلغي أنشطته الانتخابية اليوم بسبب إنفلونزا المعدة

قطع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أمس (الثلاثاء)، مقابلة تلفزيونية مباشرة قبل أن يعود ويعتذر متحدثاً عن إصابته بإنفلونزا المعدة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. ألقى الزعيم البالغ التاسعة والستين ثلاثة خطابات انتخابية، أمس، قبل انتخابات رئاسية وتشريعية في 14 مايو (أيار) تبدو نتائجها غير محسومة. وكان مقرراً أن يُنهي إردوغان الأمسية بمقابلة مباشرة مشتركة مع قناتي «Ulke» و«Kanal 7»، وقد بدأ ظهوره التلفزيوني بعد تأخير لأكثر من 90 دقيقة، ثم قطعه بعد عشر دقائق خلال طرح سؤال عليه. وعاد إردوغان بعد 15 دقيقة واعتذر قائلاً إنه أصيب بوعكة. وأوضح: «أمس واليوم كان هناك عمل كثير.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

التقدم الكبير في المفاوضات لا يزيل الشكوك حول نيات نتنياهو الحقيقية

TT

التقدم الكبير في المفاوضات لا يزيل الشكوك حول نيات نتنياهو الحقيقية

يهودي متشدد يسير بالقدس قرب رسم غرافيتي لبعض الأسرى لدى «حماس» الاثنين (أ.ب)
يهودي متشدد يسير بالقدس قرب رسم غرافيتي لبعض الأسرى لدى «حماس» الاثنين (أ.ب)

على الرغم من ان مصادر سياسية كثيرة في تل أبيب تؤكد أن هذه المرة يوجد أساس متين للتفاؤل بقرب إبرام صفقة تُوقِف إطلاق النار في قطاع غزة، وتحقق تبادل أسرى بين إسرائيل والفلسطينيين، ووسط حديث عن تفاصيل الاتفاق الذي جرى التوصل إليه في الدوحة، يشكك كثيرون في نيات رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو الحقيقية، ولا يستبعدون أن يُقْدم على خطوات تجهض الصفقة مرة أخرى، كما فعل في كثير من المرات السابقة.

لكن مصادر كثيرة في تل أبيب تؤكد أن ما يعوق إتمام الصفقة في الحكومة الإسرائيلية يمكن التغلب عليه، رغم الخطاب العدائي الرافض للصفقة. وإذا كان اليمين المتطرف يدير اليوم حملة ضد الصفقة، فإن نتنياهو قادر على التغلب عليها، بل إنه يستفيد من هذا الرفض ليظهر للرئيس الأميركي، دونالد ترمب، قدراته القيادية في التغلب على الصعاب.

رجل يتابع من جنوب لبنان دخاناً يتصاعد من قطاع غزة جراء قصف إسرائيلي الاثنين (أ.ب)

وكان نتنياهو قد اجتمع بالوزيرين المتطرفين في حكومته، بتسلئيل سموترتش وإيتمار بن غفير، واتفق معهما على حدود معارضتهما، بحيث لا تتجاوز مسألة التهديد بسقوط الحكومة.

وقد خرج سموتريتش بمنشور في الشبكات الاجتماعية يهاجم فيها الصفقة بدعوى أنها لا تشمل إطلاق سراح كل المحتجزين الإسرائيليين لدى «حماس»، وأنها تتيح وقف الحرب قبل تصفية «حماس»، لكنه كان حريصاً على القول إنه سيصوِّت ضدها في الحكومة، ولم يهدد بالانسحاب. ويتوقع أن يكون بن غفير أشد حدة في مهاجمة الصفقة، لكنه هو أيضاً لن ينسحب من الحكومة، علماً بأنه حتى لو انسحب فإنها لن تسقط، إذ ستبقى بأكثرية 62 نائباً.

وهناك 10 نواب في الكنيست (البرلمان)، نصفهم من حزب نتنياهو (الليكود)، توجهوا إليه برسالة يطالبونه فيها بالامتناع عن تمرير الصفقة بشكلها الحالي. لكن هؤلاء يطالبون بمواصلة التفاوض على صفقة شاملة، ولا يعترضون على المبدأ، ثم إنهم لا يهددون الحكومة؛ لأن الصفقة لن تُطْرَح على الكنيست، وسيتم إقرارها فقط في الحكومة، وهناك توجد أكثرية مضمونة لنتنياهو في تأييدها. وبالإضافة إلى ذلك، حتى لو قرر نتنياهو اللجوء إلى الكنيست لإقرار الصفقة، فإنه سيحظى بأكثرية ساحقة؛ لأن معظم نواب المعارضة وعدوا بمنح نتنياهو شبكة أمان بالتصويت معها. وقد أطلق رؤساء 4 أحزاب تصريحات، الاثنين، بهذه الروح، هم: يائير لبيد، رئيس المعارضة وله 24 نائباً، وبيني غانتس، رئيس حزب «المعسكر الرسمي» وله 8 نواب، ومنصور عباس، رئيس «القائمة العربية الموحدة للحركة الإسلامية» وله 5 مقاعد، ويائير غولان، رئيس «حزب الديمقراطيين» وله 4 مقاعد.

وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش المعارض بشدة لاتفاق غزة (رويترز)

وتؤكد المصادر الإسرائيلية أن الانعطاف في موقف نتنياهو لصالح الصفقة يعود أولاً وقبل أي شيء إلى دخول الرئيس ترمب، على الصورة بكل قوته. وهو لم يعد الصفقة لوقف النار وتحرير الأسرى جزءاً من صفقة أكبر يطمح إليها، لفتح آفاق سياسية في الشرق الأوسط كله.

وبحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن ترمب يرمي إلى وقف الحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا، ولديه طموح جدي للحصول على جائزة نوبل للسلام. وأكدت المصادر أن ترمب ينوي منح «رزمة هدايا» لليمين الإسرائيلي، مقابل عدم إجهاض الصفقة، وذلك بالسماح له ببناء كمية غير عادية من الوحدات السكنية في المستوطنات، وإلغاء العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس جو بايدن على قادة المستوطنين المتطرفين.

وفي هذا السياق، نقلت «القناة 12» الإسرائيلية، عن مسؤول رفيع في تل أبيب قوله إن ترمب لا يريد الانشغال في بداية ولايته بحروب جديدة أو بتعميق حروب قديمة في الشرق الأوسط، وإن مبعوثه، ستيف ويتكوف، الذي وصل إلى إسرائيل، السبت، التقى نتنياهو بهدف دفع صفقة تبادل أسرى، وفي أعقاب ذلك تقرر إيفاد رئيسي «الموساد» و«الشاباك» إلى الدوحة، أوضح أنه «في اليومين الأخيرين بدأ ترمب يتدخل في قضية تبادل الأسرى بشكل شخصي»، وأنه «مَعْنِيّ بالتوصل إلى اتفاق قبل بدء ولايته، في الـ20 من الشهر الحالي، بشكل قاطع». وقال ويتكوف في مقابلة للقناة نفسها حول ضلوع ترمب في صفقة تبادل الأسرى، إن «هذه المهمة الأكثر أهمية بالنسبة للرئيس ترمب. وقد أوعز الرئيس لي بشكل شخصي أن أمارس الحد الأقصى من الضغط من أجل دفع الصفقة».

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أرشيفية - أ.ب)

أضاف ويتكوف أن «الرئيس يفضل حلاً دبلوماسياً، لكن إذا لم يحدث هذا الأمر، مثلما كان الرئيس قد أعلن، فستكون لذلك عواقب وخيمة». وبحسب مصدر آخر، قال ويتكوف إن ترمب سيقف إلى جانب إسرائيل بقوة في حال أجهضت «حماس» الصفقة، وسيؤيد العودة إلى القتال.

أما فيما يتعلق بمضمون الصفقة، فقد كشفت مصادر في السلطة الفلسطينية في رام الله، أن رئيس الهيئة العامة للأسرى، قدورة فارس، سافر إلى الدوحة وذلك بوصفه المسؤول عن هذا الملف في الحكومة الفلسطينية، ودوره سيتركز على اختيار أسماء الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاق سراحهم في هذه الصفقة. وبحسب تصريحات له فإن الدفعة الأولى للصفقة ستفضي إلى إطلاق سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل نحو 3 آلاف أسير، بينهم جميع الأطفال والنساء والمرضى المزمنين، وبينهم أيضاً 150 – 200 أسير «ثقيل»، أي ممن يمضون حكماً بالسجن المؤبد.

وأفاد مسؤول مطّلع على المفاوضات في الدوحة، الإثنين، بأن قطر سلمت إسرائيل و«حماس» «مُسَوَّدة نهائية» لوقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الأسرى بهدف إنهاء الحرب في غزة. وأضاف أن انفراجة تحققت في الدوحة، بعد منتصف الليل، بعد محادثات بين رؤساء أجهزة المخابرات الإسرائيلية وبين ويتكوف، ورئيس الوزراء القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، حسبما نقلت وكالة «رويترز» عنه.

وحسب «القناة 12»، فإنه ليس مؤكداً التوصل إلى صفقة منتهية وموقَّعة، وإنما ربما يتم التوصل إلى مذكرة تفاهمات أو مبادئ تلتزم بها إسرائيل و«حماس» «وقد تشكل إنجازاً مع دخول ترمب إلى البيت الأبيض».

وعلى الرغم من هذه الأجواء المتفائلة فإن عائلات المحتجزين الإسرائيليين رفضت بناء آمال عليها وقال ناطق بلسانها، «إن تجاربنا المُرة لا تزيل الشكوك في إجهاض الصفقة في لحظة، ولذلك لن نصدق حقيقة الصفقة إلا إذا رأينا أولادنا في أحضاننا».