الأطفال وخصوصية الجسد

توصيات صحية في «شهر الحماية من الاعتداء على الطفل»

الأطفال وخصوصية الجسد
TT
20

الأطفال وخصوصية الجسد

الأطفال وخصوصية الجسد

نشرت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال (AAP) حديثاً، توصيات بضرورة التوعية بخصوصية الجسد كنوع من تعليم الأطفال الحدود الجسدية body boundaries لأنفسهم وللآخرين. ويعتبر شهر أبريل (نيسان) شهر الحماية من الاعتداء على الطفل جسدياً وجنسياً Child Abuse Prevention. ويأتي هذا للمساعدة في توفير الحماية من التحرش الجنسي الذي يشكل ظاهرة عالمية تهدد الصحة النفسية للأطفال؛ حيث تشير الإحصائيات إلى تعرض فتاة من كل 3 إلى التحرش الجنسي، وذَكَر من كل 20 قبل حلول عامهم الـ17. وتحدث هذه الظاهرة في كل المجتمعات ومعظم الثقافات، حتى الدول ذات الأغلبية المتدينة.

- وعي جسدي
أوضحت التوصيات أن الأطفال كلما كان لديهم وعي كافٍ بأجسادهم ومعلومات كافية عن الخصوصية بشكل عام وخصوصية الجسد بشكل خاص، كانوا أقدر على مواجهة التحرش ورفضه؛ خصوصاً في العمر الصغير؛ لأن المتحرش في الأغلب يستغل حداثة عمر الطفل وعدم درايته الكافية بما يدور حوله، ويجبره على التعامل بحميمية معه.
ولذلك يجب على الآباء التواصل المستمر مع أطفالهم وأن يحرصوا على أن يقوم الطفل بإخبارهم بجميع أحداث يومه مهما كانت صغيرة، والسؤال عن التفاصيل، وعدم إبداء الانزعاج أمامه، مما يشجع الطفل على إخبار الأهل بأي حدث يثير الريبة.
ونصحت الأكاديمية بضرورة تعليم الأطفال الأسماء الصحيحة لجميع أجزاء الجسم، بما في ذلك الأعضاء التناسلية، بعيداً عن الكناية أو الدعابة، ولكن ذِكر التسمية العلمية للعضو بشكل مبسط يستطيع الطفل استيعابه، ويشمل الأعضاء الخاصة، مثل القضيب والمهبل والثدي والأرداف؛ لأن إطلاق أسماء خاصة للأعضاء التناسلية يمكن أن يعطي انطباعاً للطفل بأنها سيئة أو مخجلة، وبالتالي لا يجب الحديث عنها في حالة ملامستها أو النظر إليها. وبالنسبة للأطفال الأصغر عمراً يمكن شرح أعضاء الجسم بطريقة مبسطة، بأنها الأجزاء المغطاة بملابس السباحة، وتوضيح أنها تعتبر خاصة ولا يجوز لمسها أو مشاهدتها أبداً إلا لغرض طبي.
وذكرت الأكاديمية أن تعليم الأطفال خصوصية جسدهم يجب أن يشمل احترام خصوصية جسد الآخرين، بما في ذلك الإخوة والأقارب. وعلى سبيل المثال يجب أن يقوم الطفل بتغيير ملابسه في غرفة خاصة فارغة من دون مشاركة الآخرين، حتى لو كانوا من الجنس نفسه، وذلك حتى تترسخ في ذهنه خصوصية رؤية الجسد. والأمر نفسه ينطبق على الوالدين لأنهما يتعاملان في بعض الأوقات بقدر كبير من الأريحية مع الأطفال بدعوى عدم إدراكهم. ويجب أيضاً عدم إجبار الطفل على إبداء مشاعر معينة، مثل معانقة أو تقبيل شخص لا يريد تقبيله من البالغين أو الأطفال؛ سواء من جنسه نفسه، أو من الجنس الآخر، لكي يتعلم رفض أي فعل فيه إجبار حتى لو كان نوعاً من التودد.

- إظهار المودّة والترحيب
يجب تعليم الطفل أن هناك عدة طرق لإظهار المودة والترحيب بعيداً عن التلامس. وفي بعض الثقافات مثل الدول العربية وشعوب البحر المتوسط، دائماً تظهر المودة بالتلامس الجسدي، مثل التقبيل أو الاحتضان أو التربيت على الأكتاف والفخذين.
ويمكن تعليم الطفل أن مصافحة الأيدي بحميمية تعتبر فعلاً كافياً للترحيب؛ خصوصاً للأشخاص الذين لا تربطهم صلة قرابة قوية، لتعزيز مفهوم عدم اقتحام المساحة الخاصة للآخرين، وهو ما يسمى استقلالية الجسد body autonomy مما يجعله يشعر بالانزعاج من انتهاك خصوصية جسده.
يمكن أيضاً أن يقوم الآباء بشرح وتوضيح معنى التلامس الملائم، وهو التلامس العفوي أو الذي يبتعد تماماً عن الأجزاء الخاصة في الجسد (باستثناء الفحص الطبي)، مقابل التلامس غير الملائم الذي يلامس عمداً أو بشكل متكرر -حتى لو كان يبدو عفوياً- المناطق الخاصة في جسم الطفل، مهما كان هذا الشخص، بغض النظر عن عمره أو صلة قرابته بالطفل أو جنسه أو مهنته. ويجب إخبار البالغين الموثوق بهم عن هذا التلامس في حالة حدوثه، ويمكن طمأنة الطفل بأن معظم التلامس جيد بالفعل، ولكن يجب إخبار الآباء أو المدرسين بأي فعل يمكن أن يثير الشبهات.
يجب على الآباء مراقبة المحتوى الذي يشاهده الطفل في التلفاز أو على الهواتف الجوالة؛ لأن رؤية المشاهد الجنسية حتى التي لا تحتوي على مناظر فاضحة تقوم بما يشبه التطبيع مع التلامس الجسدي. وفي السن الصغيرة لا يستطيع الطفل إدراك الفرق بين الفعل الإرادي والإجبار عليه. ولذلك يفضل في حالة مشاركة الأسرة مشاهدة أحد الأعمال الفنية أن يدرك الآباء أن ما يمكن اعتباره مناسباً لهم، ربما لا يكون مناسباً لطفلهم.
يمكن للآباء أن يقدموا نموذجاً عملياً لاحترام الجسد عن طريق الاستئذان، في حالة ملامسة الأطفال الآخرين من الأقارب والأصدقاء. وفي حالة القيام بعمل ما للطفل يستدعي الاحتكاك الجسدي يجب الحديث معه عن تفاصيل هذا العمل، مثل: «سوف أقوم بضبط زر القميص حتى تكون مستعداً للمدرسة»، وهو الأمر الذي يؤكد احترام جسد الطفل مهما كانت سنه صغيرة، ويُعلِّم الطفل أن كل أنواع التلامس حتى الجيدة منها تستوجب الاستئذان في البداية.
يجب انتقاد الخطاب الإعلامي الذي يلقي باللوم على الطفل الضحية، نتيجة للسلوك أو الملابس أو مكان الوجود، مما يوحي بأن الضحية مسؤول عما حدث له، وحتى لو كان الطفل أصغر من أن يستوعب. ويجب التأكيد على عدم مسؤولية الطفل عن الاعتداء عليه، مما يجعله يشعر بالتعضيد النفسي والاطمئنان لوجود أذن صاغية في أسرته، في حالة تعرضه للأذى الجسدي أو الجنسي.

* استشاري طب الأطفال


مقالات ذات صلة

«بطانة الرحم المهاجرة» تزيد خطر الإصابة بأمراض المناعة

صحتك بطانة الرحم المهاجرة حالة صحية شائعة ومؤلمة (رويترز)

«بطانة الرحم المهاجرة» تزيد خطر الإصابة بأمراض المناعة

أظهرت دراسة جديدة أن مرض بطانة الرحم المهاجرة يجعل النساء أكثر عرضة للإصابة بمجموعة من أمراض المناعة الذاتية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك التمارين الرياضية قد تُخفف من الآثار الجانبية الضارة لعلاج السرطان (رويترز)

ممارسة مرضى السرطان للرياضة تقلل الآثار الجانبية للعلاج

يمكن للتمارين الرياضية أن تُخفف من الآثار الجانبية الضارة لعلاج السرطان، وفقاً لما أكدته دراسة جديدة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك يُنصح بتناول المثلجات أو الآيس كريم عند الشعور بالتهاب الحلق (أ.ب)

لكل داء غذاء... ماذا تأكل عندما يصيبك المرض؟

أجسامنا تحتاج بالفعل إلى التغذية عندما نكون مرضى. فماذا نتناول عند كل مرض؟

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك يبدأ الجسم بامتصاص المغنسيوم بعد نحو ساعة من تناوله ويصل الامتصاص إلى نحو 80 في المائة من الجرعة بعد ست ساعات في الظروف الطبيعية (متداولة)

كم يبقى المغنسيوم في جسمك؟... اكتشف السر

المغنسيوم معدن أساسي يلعب دوراً محورياً في وظائف متعددة بالجسم، أبرزها تعزيز صحة العظام وتنظيم ضغط الدم ودعم عمل العضلات.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«بطانة الرحم المهاجرة» تزيد خطر الإصابة بأمراض المناعة

بطانة الرحم المهاجرة حالة صحية شائعة ومؤلمة (رويترز)
بطانة الرحم المهاجرة حالة صحية شائعة ومؤلمة (رويترز)
TT
20

«بطانة الرحم المهاجرة» تزيد خطر الإصابة بأمراض المناعة

بطانة الرحم المهاجرة حالة صحية شائعة ومؤلمة (رويترز)
بطانة الرحم المهاجرة حالة صحية شائعة ومؤلمة (رويترز)

أظهرت دراسة جديدة أن مرض بطانة الرحم المهاجرة يجعل النساء أكثر عرضة للإصابة بمجموعة من أمراض المناعة الذاتية.

وبطانة الرحم المهاجرة مرض التهابي مزمن ينمو فيه نسيج يشبه بطانة الرحم خارج الرحم. وتشمل أعراضه الأكثر شيوعاً آلام الحوض المنهكة قبل وأثناء الدورة الشهرية، أو أثناء الجماع.

ويمكن أن يؤدي هذا المرض إلى العقم ومشاكل في الجهاز الهضمي مثل حركات الأمعاء المؤلمة، من بين كثير من الأعراض الأخرى.

ووفق شبكة «بي بي سي» البريطانية، فقد أُجريت الدراسة الجديدة بواسطة باحثين من جامعة أكسفورد، وحللت أكثر من 8 آلاف حالة إصابة ببطانة الرحم المهاجرة، و64 ألف مشكلة صحية.

ودرس الباحثون العلاقة بين بطانة الرحم المهاجرة، و31 مرضاً مناعياً؛ من بينها التهاب المفاصل الروماتويدي، وداء الاضطرابات الهضمية، والتصلب اللويحي، ووجدوا صلة وراثية قوية بين بطانة الرحم المهاجرة والأمراض المناعية.

ووفقاً للباحثين، فقد أثبتت النتائج أن النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المناعية بنسبة تتراوح بين 30 و80 في المائة.

وصرحت البروفيسورة كرينا زوندرفان، المؤلفة الرئيسية للدراسة ورئيسة قسم نوفيلد لصحة المرأة والإنجاب بجامعة أكسفورد، بأن هذه الدراسة الواسعة النطاق تُقدم «رؤى جديدة قيّمة في بيولوجيا الأمراض».

وأضافت: «لقد توصلنا إلى ​​أدلة دامغة على وجود صلة بين بطانة الرحم المهاجرة وخطر الإصابة بالأمراض المناعية. وقد أثبتنا أن هذا الأمر له أساس بيولوجي».

حقائق

190 مليون

سيدة على مستوى العالم مصابة بمرض بطانة الرحم المهاجرة

وأشار الفريق إلى أن نتائجهم تؤكد ضرورة مراقبة النساء المصابات ببطانة الرحم المهاجرة من كثب؛ تحسباً لتطور أي أمراض مناعية لديهن.

وجرى تمويل الدراسة بشكل رئيسي من قِبل منظمة «رفاهية المرأة في المملكة المتحدة».

وصرحت الرئيسة التنفيذية للمنظمة، جانيت ليندسي، بأن الدراسة «خطوة مهمة» في فهم مرض بطانة الرحم بصورة أدق.

وأضافت: «لفترة طويلة، كان الاستثمار في الأبحاث المتعلقة بقضايا صحة المرأة، مثل بطانة الرحم المهاجرة، ضئيلاً جداً. لكن من الضروري زيادة الاستثمار في مثل هذه الأبحاث، خلال الفترة المقبلة».

ويؤثر مرض بطانة الرحم المهاجرة على ما يقرب من 10 - 15 في المائة من الإناث في سن الإنجاب؛ أي ما يقرب من 190 مليون سيدة على مستوى العالم.