تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

44 قتيلاً وجريحاً وانهيار ألف منزل خلال الأشهر الماضية

يمنيان يجتازان شارعاً غمرته الأمطار بقارب صغير في صنعاء (تويتر)
يمنيان يجتازان شارعاً غمرته الأمطار بقارب صغير في صنعاء (تويتر)
TT
20

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يمنيان يجتازان شارعاً غمرته الأمطار بقارب صغير في صنعاء (تويتر)
يمنيان يجتازان شارعاً غمرته الأمطار بقارب صغير في صنعاء (تويتر)

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة.
لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني.
ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول المبكر لأمطار الصيف يبشر بموسم زراعي جيد؛ حيث يتمكن الناس من زراعة البطاطس والذرة والدخن وغيرها من المحاصيل. ويؤكد صالح أنه لم يشهد مثل غزارة هذه الأمطار وتواصلها منذ سنوات طويلة، ويقول إن ذلك أدى إلى عودة تدفق كثير من الينابيع وجريان الوديان واخضرار الهضاب التي توفر مراعيها الغذاء للأبقار والأغنام بعد سنوات من الجفاف.
مع بداية الفصل الثاني من موسم الأمطار، أكد السكان أن الأمطار الغزيرة عمت معظم محافظات البلاد، وأنها بكميات تساوي تلك التي هطلت خلال الفصل الأول من الموسم الذي شهد أيضا هطول أمطار غزيرة شملت معظم مناطق البلاد، وأتاح المجال للسكان زراعة المحاصيل الموسمية وبخاصة الحبوب بمختلف أنواعها، لكنهم اشتكوا من سوء شوارع العاصمة صنعاء وبقية المدن الواقعة تحت سيطرة الحوثيين حيث تآكلت طبقة الإسفلت، وانتشرت الحفر بشكل كبير كما دُمرت طرق ريفية متعددة نتيجة جرف السيول لها.
بدوره، حذر المركز الوطني للأرصاد الجوية السكان في مناطق هطول الأمطار الرعدية من الوجود في ممرات السيول وبطون الأودية وفي الشعاب والوديان وعدم المجازفة بعبورها في أثناء وبعد هطول الأمطار. وحذر سائقي المركبات على الطرقات والمنعطفات الجبلية من الانهيارات الصخرية، ومن التدني في مدى الرؤية الأفقية بسبب هطول الأمطار وتشكل الضباب أو السحب المنخفضة؛ حيث تشير التوقعات إلى أن كمية الأمطار التي ستهطل خلال الأسبوعين القادمين تتجاوز 300 ملم وستمتد إلى المناطق الشرقية في محافظتي حضرموت والمهرة.
وعلى خلاف البهجة التي يظهرها المزارعون بغزارة الأمطار خلال هذا الموسم كشف تقرير لجمعية الهلال الأحمر اليمني عن أن الأمطار الغزيرة التي هطلت منذ منتصف شهر مارس (آذار) وحتى منتصف الشهر الحالي تسببت في فيضانات في العديد من محافظات البلاد، ما أثر على أكثر من 13 ألف أسرة في مخيمات النازحين داخلياً، كما أضرت بملاجئ النازحين والمحاصيل والطرق والمباني في محافظات الجوف ومأرب وسيئون وتعز والمهرة، وخلفت 14 قتيلا وأكثر من 30 جريحا، كما انهار ما يقرب من 1000 مبنى جزئياً على الأقل.
وبموجب نظام الإنذار المبكر المعمول به، يقوم الهلال الأحمر بإعادة توجيه التنبيهات من السلطات إلى فروعه الرئيسية، وتحويلها أولاً إلى رسائل نصية قصيرة؛ حيث قام متطوعو الهلال الأحمر بإجلاء بعض النازحين من المخيمات المعرضة للخطر إلى المدارس، وساعدوا ما يقرب من 2000 أسرة حتى الآن في هذا الموسم.
وتوقع عبد الله العزب، المنسق الوطني لإدارة الأزمات والكوارث في الهلال الأحمر اليمني، صدور إخلاء إلزامي للمجتمعات التي ستتعرض للفيضانات خلال الأشهر المقبلة، وأن يصاحب ذلك حدوث انقطاع في الكهرباء والاتصالات السلكية واللاسلكية عندما تؤثر الفيضانات أو الانهيارات الأرضية الكبيرة على شبكات المرافق.
وأوضحت الجمعية أن استمرار هطول الأمطار الغزيرة قد يؤدي إلى حدوث فيضانات في المجتمعات المنخفضة والوديان والجداول وفي المناطق الحضرية، كما أنه من الممكن أن تحدث فيضانات أيضاً حيث يتم غمر أنظمة الصرف الصحي بسهولة، وكذلك الانهيارات الأرضية في المناطق الجبلية حيث أصبحت التربة مشبعة بالمياه.
ونبهت الجمعية أن الأمطار ستعرض الناس لمخاطر صحية كبيرة، لا سيما في مستوطنات النازحين داخلياً في محافظات حجة والحديدة وتعز ومأرب، سواء بسبب العواصف التي تقتلع الخيام، أو عند جرف السيول لبعضها، أو حين تتشكل برك راكدة ما يجعلها أرضا خصبة لتكاثر البعوض والبكتيريا.
وكان صندوق الطوارئ للاستجابة للكوارث التابع للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر قد أرسل في يوليو (تموز) الماضي أكثر من 450 ألف فرنك سويسري إلى الهلال الأحمر اليمني بعد أن تضرر عشرات الآلاف من الأشخاص من جراء هطول الأمطار الغزيرة بشكل غير عادي في بداية الموسم السنوي الثاني.
وفي دراسة حالة اليمن خلال العام الماضي، ذكرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن النزاع المسلح وتغير المناخ قد ألحقا بالاقتصاد «خسائر فادحة» منذ بدء الاضطرابات في عام 2011.


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي «مذبحة الجوعى» في صنعاء شاهد على مأساة يمنية أوجدها الحوثيون

«مذبحة الجوعى» في صنعاء شاهد على مأساة يمنية أوجدها الحوثيون

بصمت، وارت عشرات الأسر اليمنية جثامين أبنائها الذين قضوا في حادثة التدافع التي شهدتها صنعاء منذ أيام أثناء احتشاد المئات في إحدى المدارس للحصول على مساعدة نقدية توزعها إحدى المجموعات التجارية، ومن بين هؤلاء فاطمة وهي في الستين من العمر حيث فقدت ثلاثة من أبنائها كانوا يأملون الحصول على ما أمكن من الأموال لمساعدتهم على الاحتفال بعيد الفطر. ورغم مقتل نحو 85 شخصاً وإصابة أكثر من 150 آخرين أثناء محاولتهم الحصول على مساعدة نقدية لا تزيد على 9 دولارات أميركية، قررت العائلات المكلومة دفن الضحايا دون انتظار نتائج التحقيق الذي وعدت به سلطات الحوثيين، والاكتفاء بمنح كل عائلة مبلغاً يساوي 2000 دولار أميرك

محمد ناصر (عدن)

محامي دفاع حمدوك يواجه تهماً تصل إلى السجن المؤبد

حمدوك يتوسط قيادات مدنية خلال مؤتمر سابق في لندن (الشرق الأوسط)
حمدوك يتوسط قيادات مدنية خلال مؤتمر سابق في لندن (الشرق الأوسط)
TT
20

محامي دفاع حمدوك يواجه تهماً تصل إلى السجن المؤبد

حمدوك يتوسط قيادات مدنية خلال مؤتمر سابق في لندن (الشرق الأوسط)
حمدوك يتوسط قيادات مدنية خلال مؤتمر سابق في لندن (الشرق الأوسط)

من محامي دفاع تحول إلى متهم. هو منتصر عبد الله، ممثل هيئة الدفاع عن رئيس وزراء السودان السابق عبد الله حمدوك، وعدد من القادة السياسيين في تحالف «تنسيقية تقدم» سابقاً، يواجه تهماً جنائية تصل إلى حد السجن المؤبد.

وعُلّقت جلسة محاكمته التي كان مقرراً لها الاثنين الماضي في مدينة بورتسودان، دون توضيح رسمي من هيئة المحكمة، لتزامنها مع الجلسة الثانية لسماع الشهود في محاكمة قائد «قوات الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» وشقيقه عبد الرحيم و14 من قادة قواته في مقتل حاكم ولاية غرب دارفور خميس أبكر.

النيابة العامة السودانية قيدت في أبريل (نيسان) 2024 بلاغات في مواجهة رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك و15 شخصاً آخرين، بينهم قيادات حزبية وصحافية، تتهمهم بـ«تقويض الدستور وإثارة الحرب ضد الدولة»، وهي اتهامات تصل عقوبتها إلى الإعدام.

ومن بين الأسماء، رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان - التيار الثوري» ياسر عرمان، ورئيس «حزب المؤتمر السوداني» عمر الدقير، ونائبه خالد عمر يوسف، والأمين العام لحزب الأمة الواثق البرير، ووزيرة الخارجية السابقة مريم الصادق المهدي، وشقيقها الصديق، وعضو مجلس السيادة السابق محمد الفكي سليمان.

رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك (موقع «صمود» على فيسبوك)
رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك (موقع «صمود» على فيسبوك)

وألقت الأجهزة الأمنية في مدينة بورتسودان في سبتمبر (أيلول) الماضي القبض على المحامي منتصر عبد الله، بعد ساعات من تقدمه بطلب للنيابة العامة للدفاع عن المتهمين من قادة «تنسيقية تقدم» في البلاغ رقم 1613 المقيد ضد حمدوك وقادة سياسيين وناشطين. ويواجه عبد الله بلاغات بموجب المادتين 51 و52 المتعلقتين بالجرائم الموجهة ضد الدولة، والمادة 53 الخاصة بالتجسس، وهي تهم تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد.

وقالت هيئة «محامو الطوارئ» (منظمة حقوقية ترصد الانتهاكات في حرب السودان)، إن المحامي تقدم بطلب قانوني للنيابة العامة، وبدلاً من الاستجابة له وقبوله تم القبض عليه دون أسباب قانونية ولم يتم الإفراج عنه حتى اليوم. ولم يتسنَّ لـ«الشرق الأوسط» الحصول على تعليق من السلطات الحقوقية في السودان، بشأن هذه المزاعم.

وأضافت الهيئة، في بيان، الثلاثاء، أن «المحامي تعرض لانتهاكات جسيمة، شملت التعذيب الجسدي والنفسي، ما يشكل انتهاكاً صارخاً لحقوقه القانونية وحقوق المحامين بشكل عام». وطالبت بالإفراج الفوري عنه، واعتبار الإجراءات المتخذة ضده باطلة لعدم مراعاتها ضمانات المحاكمة العادلة، بما في ذلك حقه في توكيل محامٍ بحرية وأمان.

ودعت «الهيئة الحقوقية» المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان إلى التدخل الفوري لحماية المحامي وكل المدافعين عن الحقوق في السودان، من هذه الممارسات التي تقوض العدالة وحماية الحريات.

وقال مصدر قضائي إن توقيف المحامي منتصر عبد الله يخالف قانون الإجراءات الجنائية لعام 1991 الذي ينص على حق المتهم في الحصول على محامٍ يترافع عنه، «وفي حالة عبد الله هو محامٍ مرخص له ومسموح بأن يمارس حقه». وأضاف أن احتجاز المحامي وتحويله إلى متهم، من دون ورود اسمه في البلاغات المقدمة ضد القوى المدنية أو في أي بلاغ آخر، «لا يعدو كونه مسألة كيدية سياسية».

وأشار، في إفادة لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «هذا الفعل يبين استخدام القانون لمحاربة الخصوم السياسيين، ويخل بمبدأ المحاكمة العادلة». وذكر المصدر القضائي، الذي طلب حجب اسمه، أن «هذه الإجراءات تدخل في باب التخويف والترهيب، لمنع أي محامٍ من التصدي للدفاع عن القادة السياسيين».

من جهة ثانية، قال محامٍ في «التحالف الديمقراطي للمحامين» (هيئة تضم قانونيين من كل القوى السياسية» إن تأخير تقديم المحامي منتصر عبد الله لأكثر من 7 أشهر «جزء من العقوبة التي يتعرض لها من قبل القضاء السوداني». وأضافت: «لم يرتكب أي جناية ولا توجد أي أدلة تدينه، فهو كان يمارس حقه في القيام بمهامه المهنية، واعتقاله خرق دستوري كبير يلغي حقوقه بوصفه محامياً». وكشف المصدر القانوني عن مخاطبة المقرر الخاص لحقوق الإنسان الحكومة السودانية بالشأن ذاته، لكنها لم تستجب أو ترد على طلبه. وقال إن ما لا يقل عن 300 شخص يقبعون في سجون بورتسودان بالتهم ذاتها، بينهم أطباء ومهندسون ومديرو شركات، لا يجدون حقوقهم في المحاكمة العادلة.