الملفات الأمنية والتموضع العسكري على طاولة «التطبيع» السوري ـ التركي

أنقرة استبقت اجتماع موسكو الرباعي بتأكيد رفضها سحب قواتها

وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو (وزارة الدفاع الروسية / أ.ف.ب)
وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو (وزارة الدفاع الروسية / أ.ف.ب)
TT

الملفات الأمنية والتموضع العسكري على طاولة «التطبيع» السوري ـ التركي

وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو (وزارة الدفاع الروسية / أ.ف.ب)
وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو (وزارة الدفاع الروسية / أ.ف.ب)

عقد وزراء دفاع روسيا وسوريا وتركيا وإيران جولة مشاورات جديدة في موسكو، أمس (الثلاثاء)، ركزت على الملفات الأمنية ومسائل التموضع العسكري لكل من سوريا وتركيا قرب المناطق الحدودية في الشمال السوري. وشكّلت نتائج اللقاء الذي جرى خلف أبواب مغلقة، مقدمة لإنجاح ترتيبات عقد اجتماع مرتقب على مستوى وزراء الخارجية لهذه الدول. وأبلغ مصدر دبلوماسي روسي «الشرق الأوسط» بأنه تم التوافق «بشكل مبدئي» على موعده في الثاني من مايو (أيار) المقبل.
وفي حين أعلنت وزارة الدفاع التركية أن الاجتماع بحث سبل تكثيف الجهود لإعادة اللاجئين السوريين إلى أراضيهم، نقلت صحيفة «الوطن» السورية عن مصدر لم تسمه القول إنه «لا صحة للبيان الذي بثته وزارة الدفاع التركية والذي تحدث عن خطوات ملموسة تتعلق بتطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا»، مضيفة أن الاجتماع بحث آلية انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية «ولم يتطرق إلى أي خطوات» للتطبيع بين البلدين. وأكد المصدر أن «التطبيع يعني انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية، وبغير الانسحاب لا تنشأ ولا تكون هناك علاقات طبيعية»، بحسب ما أوردت «وكالة أنباء العالم العربي».

وزير الدفاع السوري علي محمود عباس (وزارة الدفاع الروسية / أ.ف.ب)

وتعمدت موسكو فرض نوع من التكتم على مجريات اللقاء «العسكري الأمني»؛ إذ لم يتم الإعلان مسبقاً عن موعد عقده أو أجندته، واكتفت وزارة الدفاع الروسية بإصدار بيان صحافي مقتضب، في ختامه، شدد على «الروح الإيجابية التي سادت النقاشات خلاله». وأوضح البيان أنه «تمت مناقشة قضايا الساعة المتعلقة بالتعاون الثنائي، بالإضافة إلى مختلف جوانب ضمان الأمن العالمي والإقليمي». وتابع أنه «تم عقد محادثات رباعية لوزراء الدفاع في موسكو. وتم خلال الاجتماع بحث الخطوات العملية لتعزيز الأمن في الجمهورية العربية السورية وتطبيع العلاقات السورية - التركية».
ولفت بيان وزارة الدفاع إلى أنه «تم إيلاء اهتمام خاص لقضايا مواجهة جميع مظاهر التهديدات الإرهابية، ومحاربة جميع الجماعات المتطرفة على الأراضي السورية».
وزاد أن «الطرفين (السوري والتركي) أكّدا في ختام اللقاء رغبتهما في الحفاظ على وحدة أراضي سوريا، وضرورة تكثيف الجهود من أجل العودة السريعة للاجئين السوريين إلى وطنهم. وأولى الوزراء الحاضرون اهتماماً خاصاً بالطبيعة البنّاءة للحديث الذي جرى بهذا الشكل، وضرورة استمراره من أجل زيادة استقرار الوضع في الجمهورية العربية السورية والمنطقة ككل».

وزير الدفاع الإيراني العميد محمد ضا آشتياني (وزارة الدفاع الروسية / أ.ف.ب)

ويعد هذا الاجتماع الثاني بالمستوى نفسه بعدما كان وزراء الدفاع ورؤساء الأجهزة الأمنية في سوريا وتركيا وروسيا عقدوا اجتماعاً سابقاً في نهاية العام الماضي وضع أساساً للتحرك نحو تطبيع العلاقات السورية - التركية برعاية روسية. وانضمت إيران التي تردد أنها اعترضت على تغييبها عن جولة المشاورات الأولى، إلى هذا المسار لاحقاً. وفي بداية الشهر الحالي، استضافت العاصمة الروسية اجتماعاً لنواب وزراء خارجية روسيا وسوريا وتركيا وإيران، تم في ختامه اتفاق الأطراف على مواصلة التنسيق والبدء بالتحضير لعقد اجتماع على مستوى وزراء الخارجية يمهد لقمة تجمع رؤساء هذه الدول لاحقاً.
وعلى الرغم من أن اجتماع وزراء الدفاع الحالي جاء مفاجئاً لكثيرين؛ كونه لم يتم الإعلان عنه سوى قبل يومين على لسان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، كما أن ترتيبه تزامن مع ترقب الإعلان عن اجتماع وزراء الخارجية، لكن مصادر دبلوماسية روسية قالت إنه شكّل محطة إضافية ضرورية لاستكمال المناقشات حول ملفات التطبيع بين دمشق وأنقرة التي ما زال فيها الكثير من النقاط العالقة التي تحتاج إلى نقاش أوسع على المستويات الأمنية والعسكرية. وقال لـ«الشرق الأوسط» دبلوماسي روسي مطلع على مضمون النقاشات إن اللقاء بهذا المعنى «لم يكن مفاجئاً وكان قد تم الاتفاق مسبقاً على عقد جولة ثانية من المفاوضات على المستوى العسكري أثناء اللقاء الأول الذي التأم في نهاية العام الماضي».
ووفق المصدر ذاته، نصت التوافقات في حينها على «عقد لقاءات متسلسلة وعلى مستويات عدة من أجل متابعة كل الملفات المطروحة ومواصلة التنسيق حول ما يتم الاتفاق عليه». وقال إن اللقاء الحالي شكّل استمراراً لمواصلة مسار تنفيذ التوافقات التي تم التوصل إليها في اللقاء الأول، وبينها «التوافق على اتخاذ بعض الخطوات لإعادة تموضع الجيش التركي والجيش السوري في بعض المناطق في الشمال السوري». وزاد أن التطورات التي جرت لاحقاً «احتاجت إلى مزيد من الوقت ومزيد من النقاشات وهو ما يجري حالياً».

ووزير الدفاع التركي خلوصي أكار خلال الاجتماع الرباعي في موسكو أمس (وزارة الدفاع الروسية / أ.ف.ب)

وأكد المصدر أن اللقاء على المستوى العسكري لا يشكل مساراً منفصلاً عن المسار العام للتطبيع بين دمشق وأنقرة، وهو يأتي «التزاماً بالسياسة التي تم اعتمادها على مستوى قادة الدول الأربع».
ووصف المصدر مضمون اللقاء بأنه «جدي للغاية وإيجابي»، مشيراً إلى أن الحوارات «تجري حول المسائل التي تتطلب مزيداً من التنسيق، خصوصاً في مجالات القضايا الأمنية وملفات مكافحة الإرهاب التي تم إعطاء أولوية لها؛ لأنها مرتبطة بمتطلبات حماية الأمن القومي لكل من سوريا وتركيا». وحملت عبارة الدبلوماسي الروسي حول مناقشة ملف مكافحة الإرهاب إشارة لافتة بسبب تباين التقييمات السورية والتركية حول المنظمات المدرجة على لوائح الإرهاب في البلدين.
وفي إشارة إلى البعد الدبلوماسي السياسي لأهمية اجتماع المستوى الأمني العسكري، أضاف المصدر الروسي أن اللقاء يشكل حلقة إضافية مهمة؛ تحضيراً لاجتماع وزراء الخارجية الذي «تم التوافق بشكل مبدئي على عقده في الثاني من مايو المقبل في العاصمة الروسية».

- الموقف التركي
وفي أنقرة، قالت وزارة الدفاع التركية، في بيان حول الاجتماع الرباعي بالعاصمة الروسية، أمس، إن المجتمعين ناقشوا «الخطوات الملموسة» التي يمكن اتخاذها لتطبيع علاقات أنقرة ودمشق، كما تناولوا سبل تكثيف الجهود لإعادة اللاجئين السوريين إلى أراضيهم. وأضاف البيان أن المجتمعين ناقشوا كذلك سبل مكافحة جميع التنظيمات الإرهابية والمجموعات المتطرفة على الأراضي السورية، وجددوا رغبتهم في الحفاظ على وحدة أراضي سوريا. وتابع أنه تم التأكيد خلال الاجتماع، الذي عُقد في أجواء «إيجابية وبناءة»، على أهمية استمرار الاجتماعات في شكل رباعي من أجل ضمان والحفاظ على الاستقرار في سوريا والمنطقة ككل.
واستبقت أنقرة الاجتماع بالتأكيد أنها لن تسحب قواتها من شمال سوريا، من دون أن تستبعد، في الوقت نفسه، عقد لقاء بين الرئيسين رجب طيب إردوغان وبشار الأسد «وفق خريطة طريق خاصة، ومن دون شروط مسبقة».
وجدد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، في مقابلة تلفزيونية ليل الاثنين - الثلاثاء، التأكيد على أن قوات بلاده لن تنسحب من شمال سوريا وشمال العراق في الوقت الراهن، قائلاً «انسحابنا من شمال سوريا وشمال العراق يعني توقف عملياتنا العسكرية ضد الإرهاب، واقتراب الإرهابيين من حدودنا، وهذا يشكل تهديداً لأمننا القومي».
وفي إشارة إلى «وحدات حماية الشعب الكردية» التي تعدّ أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، التي تعدّها تركيا ذراعاً لـ«حزب العمال الكردستاني» الذي تتمركز قياداته في شمال العراق، وتخوض القوات التركية حرباً ضدهما في البلدين، قال جاويش أوغلو إن «المنظمات الإرهابية ستملأ الفراغ الذي سيحدث في حال انسحبت القوات التركية من شمال سوريا، وإن الأمن القومي وأمن الحدود بالغا الأهمية بالنسبة لتركيا». وتابع «لا نطمع في اقتطاع أجزاء من الأراضي السورية، ولا يمكننا الانسحاب من الشمال السوري إلا حين يستتب الأمن، ويعود الاستقرار الكامل إلى تلك المناطق».
وتقول تركيا إن محادثاتها لتطبيع العلاقات مع سوريا تنطلق من 3 مبادئ رئيسية، هي: التعاون والتنسيق في مكافحة الإرهاب، وضمان العودة الكريمة للاجئين، وتنفيذ العملية السياسية الخاصة بالملف السوري. ولا تعتقد أنقرة أن نظام الرئيس السوري بشار الأسد قادر في الوقت الراهن على ضمان أمن الحدود التركية، وإبعاد خطر «الوحدات» الكردية التي تعدّها امتداداً لـ«حزب العمال الكردستاني» في سوريا، وترهن انسحاب قواتها بإبعاد «الوحدات» الكردية إلى عمق 30 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، وإنشاء منطقة آمنة تستوعب اللاجئين السوريين، وتمنع نشوء ما تسميه «الممر الإرهابي» على الحدود التركية - السورية.
وتوقع وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، عشية الاجتماع الرباعي في موسكو، أن يسفر الاجتماع عن تطورات إيجابية، لافتاً إلى أن اللقاءات تجري في ظل الاحترام المتبادل بين الأطراف. وأكد أن تركيا تبذل وستواصل بذل ما بوسعها من أجل السلام في المنطقة. وجدد تأكيده أن تركيا ستواصل مطاردة الإرهابيين بكل حزم، كما أنها لا ترغب في موجة لجوء جديدة، وتهدف لتوفير الظروف الملائمة لعودة السوريين إلى ديارهم بشكل آمن وكريم، وأن تركيا لن تتخذ أي خطوات من شأنها أن تضع السوريين لديها أو في الداخل السوري في مأزق.
وعن الاجتماع الرباعي لوزراء الخارجية، الذي كانت أنقرة أعلنت عن انعقاده أوائل مايو المقبل، قبل الإعلان عن اجتماع وزراء الدفاع ورؤساء الاستخبارات واحتمال عقد لقاء بين الرئيسين إردوغان والأسد، قال وزير الخارجية، مولود جاويش أوغلو، إن اجتماع وزراء الخارجية قد يعقد في مطلع مايو، لكنه موعد غير مؤكد، مضيفاً «نعم، احتمال اللقاء بين إردوغان والأسد وباقي القادة الأربعة قائم، لكن يجب أولاً تحضير خريطة طريق لهذا اللقاء تتضمن عدم فرض شروط مسبقة، ودراسة المرحلة السياسية ومكافحة الإرهاب وإحلال الاستقرار في سوريا». وتابع أن «التواصل مع النظام السوري مفيد إذا كنا نريد إعادة اللاجئين السوريين، وإذا كنا نريد مواصلة مكافحة الإرهاب بشكل أكثر فاعلية، وإذا أردنا الحفاظ على وحدة أراضي سوريا». ولفت إلى أنه في حال لم يتم إحلال الاستقرار في سوريا، فإن الآثار السلبية على تركيا ستكون كبيرة، وإن تركيا لا تثق بالولايات المتحدة وفرنسا فيما يخص مكافحة الإرهاب، قائلاً إن «واشنطن تواصل دعم إرهابيي العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية».
وجاءت تصريحات جاويش أوغلو كتأكيد جديد لموقف تركيا الرافض لمطلب دمشق بالانسحاب من شمال سوريا كشرط لأي محادثات تتعلق بتطبيع العلاقات بين البلدين الجارين بعد 12 عاماً من القطيعة، عشية انطلاق الاجتماع الرباعي في موسكو، في جولة جديدة من محادثات تطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.
وكانت الأيام الماضية شهدت تصعيداً جديداً في شمال سوريا بين القوات التركية وفصائل «الجيش الوطني» السوري الموالي لها، من جهة، وقوات «قسد»، من جهة أخرى، بعد هجوم استهدف قاعدتين عسكريتين تركيتين في حلب، أسفر عن إصابة 4 جنود أتراك، وردت تركيا بقصف لمواقع «قسد» التي توجد جنباً إلى جنب مع قوات النظام السوري، ما أدى إلى مقتل 12 عنصراً من «الوحدات» الكردية، بحسب ما أعلن وزير الدفاع خلوصي أكار.
كما أعلنت الاستخبارات التركية، بالتزامن مع اجتماع موسكو، القضاء على أحد العناصر القيادية في «وحدات حماية الشعب» الكردية، يدعى محمد صاري في «عملية أمنية بمدينة القامشلي» شمال شرقي سوريا.
وبحسب ما نقلت وكالة «الأناضول» عن مصادر أمنية، الثلاثاء، فإن «الإرهابي صاري» الذي كان يحمل الاسم الحركي «باران كورتاي» كان أحد المسؤولين عن محافظة الرقة السورية، وأنه قتل في 14 أبريل (نيسان) الحالي، مشيرة إلى أنه انتقل إلى سوريا عام 2014 بعد «أن شارك في كثير من العمليات الإرهابية داخل تركيا».


مقالات ذات صلة

«قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

المشرق العربي «قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

«قصف إسرائيلي» يُخرج مطار حلب من الخدمة

أعلنت سوريا، أمس، سقوط قتلى وجرحى عسكريين ومدنيين ليلة الاثنين، في ضربات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع في محيط مدينة حلب بشمال سوريا. ولم تعلن إسرائيل، كعادتها، مسؤوليتها عن الهجوم الجديد الذي تسبب في إخراج مطار حلب الدولي من الخدمة.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي لا تأكيد أميركياً لقتل تركيا زعيم «داعش» في سوريا

لا تأكيد أميركياً لقتل تركيا زعيم «داعش» في سوريا

في حين أعلنت الولايات المتحدة أنها لا تستطيع تأكيد ما أعلنته تركيا عن مقتل زعيم تنظيم «داعش» الإرهابي أبو الحسين الحسيني القرشي في عملية نفذتها مخابراتها في شمال سوريا، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن قوات بلاده حيدت (قتلت) 17 ألف إرهابي في السنوات الست الأخيرة خلال العمليات التي نفذتها، انطلاقاً من مبدأ «الدفاع عن النفس».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي إردوغان يعلن مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا

إردوغان يعلن مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، يوم أمس (الأحد)، مقتل «الزعيم المفترض» لتنظيم «داعش» في سوريا خلال عملية نفذتها الاستخبارات التركية. وقال إردوغان خلال مقابلة متلفزة: «تم تحييد الزعيم المفترض لداعش، واسمه الحركي أبو الحسين القرشي، خلال عملية نفذها أمس (السبت) جهاز الاستخبارات الوطني في سوريا». وكان تنظيم «داعش» قد أعلن في 30 نوفمبر (تشرين الأول) مقتل زعيمه السابق أبو حسن الهاشمي القرشي، وتعيين أبي الحسين القرشي خليفة له. وبحسب وكالة الصحافة الفرنيسة (إ.ف.ب)، أغلقت عناصر من الاستخبارات التركية والشرطة العسكرية المحلية المدعومة من تركيا، السبت، منطقة في جينديرس في منطقة عفرين شمال غرب سوريا.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
المشرق العربي الرئيس التونسي يعيّن سفيراً جديداً لدى سوريا

الرئيس التونسي يعيّن سفيراً جديداً لدى سوريا

قالت الرئاسة التونسية في بيان إن الرئيس قيس سعيد عيّن، اليوم الخميس، السفير محمد المهذبي سفيراً فوق العادة ومفوضاً للجمهورية التونسية لدى سوريا، في أحدث تحرك عربي لإنهاء العزلة الإقليمية لسوريا. وكانت تونس قد قطعت العلاقات الدبلوماسية مع سوريا قبل نحو عشر سنوات، احتجاجاً على حملة الأسد القمعية على التظاهرات المؤيدة للديمقراطية عام 2011، والتي تطورت إلى حرب أهلية لاقى فيها مئات آلاف المدنيين حتفهم ونزح الملايين.

«الشرق الأوسط» (تونس)
المشرق العربي شرط «الانسحاب» يُربك «مسار التطبيع» السوري ـ التركي

شرط «الانسحاب» يُربك «مسار التطبيع» السوري ـ التركي

أثار تمسك سوريا بانسحاب تركيا من أراضيها ارتباكاً حول نتائج اجتماعٍ رباعي استضافته العاصمة الروسية، أمس، وناقش مسار التطبيع بين دمشق وأنقرة.


هدنة غزة... مشاورات من دون حسم


فلسطينيون يتفقدون موقع غارة إسرائيلية على منزل في رفح جنوب قطاع غزة الأحد (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون موقع غارة إسرائيلية على منزل في رفح جنوب قطاع غزة الأحد (رويترز)
TT

هدنة غزة... مشاورات من دون حسم


فلسطينيون يتفقدون موقع غارة إسرائيلية على منزل في رفح جنوب قطاع غزة الأحد (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون موقع غارة إسرائيلية على منزل في رفح جنوب قطاع غزة الأحد (رويترز)

رغم «تفاؤل» ساد التصريحات خلال الأيام الماضية بشأن قرب إتمام تهدئة بين إسرائيل وحركة «حماس» في غزة، فإن إفادات الطرفين، حتى مساء أمس، لم تحسم مصير المشاورات المتعثرة على صخرة بند «إنهاء الحرب» الذي تتمسك به «حماس»، وترفضه تل أبيب.

وفي حين تم الإعلان عن مغادرة وفد «حماس» القاهرة، مساء أمس، بعد تسليم رده على بنود المقترح المصري للهدنة، شدد رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، على أن «الحركة لا تزال حريصة على التوصل إلى اتفاق شامل ومترابط لإنهاء الحرب، وضمان الانسحاب الإسرائيلي من غزة».

لكن في المقابل، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس، إن إسرائيل «لا يمكنها أن تقبل» بشرط «حماس» إنهاء الحرب للموافقة على مقترح الهدنة. ورأى أن «الاستسلام» لمطالب «حماس» سيكون بمثابة «هزيمة مروعة» لإسرائيل.

وحمّلت واشنطن وتل أبيب، خلال الفترة الماضية «حماس» مسؤولية تأخر الاتفاق، بينما عَدّ هنية، أمس، أن «نتنياهو يريد اختراع مبررات دائمة لاستمرار العدوان، وتوسيع الصراع».

واستضافت القاهرة جولة جديدة من المحادثات بين وفد من حركة «حماس»، وممثلين عن دول الوساطة (مصر وقطر والولايات المتحدة)، بينما لم ترسل إسرائيل وفداً.

على الصعيد الميداني، فاجأت «كتائب القسام» (الجناح العسكري لـ«حماس») القوات الإسرائيلية المتمركزة عند موقع كرم أبو سالم العسكري شرق مدينة رفح، برشقة صاروخية، ما تسبب في إصابة نحو 10 إسرائيليين بجروح. وقال مصدر أمني مصري إن الجانب الإسرائيلي أبلغ السلطات المصرية بإغلاق معبر كرم أبو سالم وتوقف دخول شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة عبر المعبر لأجل غير مسمى.

إسرائيلياً، ساد الانقسام في أوساط الحكومة بين فريق يضم وزراء «المعسكر الوطني»، بقيادة بيني غانتس، الذي قاطع الجلسة الأسبوعية، وجانب يضم ثلث أعضائها (13 وزيراً) خرج من الجلسة وانضم إلى مظاهرة ضد الحكومة تدعوها إلى رفض الصفقة مع «حماس» ومواصلة الحرب واجتياح رفح، وفريق أخير حضر الجلسة، لكنه انشغل بقرار إغلاق مكاتب قناة «الجزيرة» القطرية، الذي اتخذه «بالإجماع»، وبدأت السلطات في تنفيذه.


مقتل 4 مدنيين يشعل جبهة جنوب لبنان مجدداً


رجلان على متن دراجة نارية يعاينان مباني متضررة بفعل غارة إسرائيلية في قرية ميس الجبل الحدودية بجنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
رجلان على متن دراجة نارية يعاينان مباني متضررة بفعل غارة إسرائيلية في قرية ميس الجبل الحدودية بجنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
TT

مقتل 4 مدنيين يشعل جبهة جنوب لبنان مجدداً


رجلان على متن دراجة نارية يعاينان مباني متضررة بفعل غارة إسرائيلية في قرية ميس الجبل الحدودية بجنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)
رجلان على متن دراجة نارية يعاينان مباني متضررة بفعل غارة إسرائيلية في قرية ميس الجبل الحدودية بجنوب لبنان أمس (أ.ف.ب)

اشتعلت جبهة جنوب لبنان بين «حزب الله» وإسرائيل، أمس (الأحد) مجدداً، بعد مقتل 4 مدنيين لبنانيين بغارة إسرائيلية على بلدة ميس الجبل الحدودية.

ويعد هذا التصعيد الأول من نوعه منذ أسبوعين، حيث شهدت الجبهة تبادلاً محدوداً للقصف، بينما لم يعلن أي من «حزب الله» أو الجيش الإسرائيلي عن سقوط قتلى.

وتصاعدت نيران الجبهة إثر غارة إسرائيلية على بلدة ميس الجبل في جنوب لبنان، أسفرت عن مقتل «4 من عائلة واحدة»، حسبما أوردت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية.

في غضون ذلك، تدخل المفاوضات بين فرنسا ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، لتهدئة الوضع في الجنوب، مرحلة جديدة مع تسليمه، اليوم (الاثنين)، السفارة الفرنسية في بيروت الملاحظات التي أعدها «الثنائي الشيعي» (حركة أمل و«حزب الله») بالتنسيق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على الورقة الفرنسية بنسختها الثانية.


16 قتيلاً من عائلتين في غارات إسرائيلية على رفح

فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على ضحايا غارة إسرائيلية في مستشفى أبو يوسف النجار في رفح (رويترز)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على ضحايا غارة إسرائيلية في مستشفى أبو يوسف النجار في رفح (رويترز)
TT

16 قتيلاً من عائلتين في غارات إسرائيلية على رفح

فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على ضحايا غارة إسرائيلية في مستشفى أبو يوسف النجار في رفح (رويترز)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على ضحايا غارة إسرائيلية في مستشفى أبو يوسف النجار في رفح (رويترز)

أعلنت فرق إنقاذ ومسعفون، فجر اليوم (الاثنين)، مقتل 16 شخصاً من عائلتين في غارات إسرائيلية على مدينة رفح الجنوبية في قطاع غزة، بعد مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين في هجوم استهدف معبر كرم أبو سالم وتبنته حركة «حماس».

وأفادت فرق الدفاع المدني بأن «حصيلة الشهداء في رفح وصلت إلى 16 شهيداً. 7 شهداء من استهداف عائلة العطار و9 شهداء من استهداف عائلة قشطة». وأكدت مصادر طبية الحصيلة، مشيرة إلى أن الهجومين وقعا مساء الأحد في «مخيم يبنا للاجئين وفي حي السلام في شرق رفح».

وجاءت هذه الغارات الإسرائيلية بعد مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين وإصابة 12 آخرين في هجوم صاروخي استهدف معبر كرم أبو سالم.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الجيش الإسرائيلي، بأن 14 صاروخاً أطلِقت على المعبر من منطقة محاذية لمعبر رفح، موضحاً أن ثلاثة من الجرحى في حالة خطرة.

وكانت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، قد أعلنت مسؤوليتها عن إطلاق صواريخ على موقع عسكري قرب المعبر بين إسرائيل وقطاع غزة، ما دفع الجيش الإسرائيلي إلى إغلاقه.

ويهدد نتانياهو بشن هجوم على مدينة رفح المكتظة في الطرف الجنوبي من قطاع غزة، حيث تتجمع وفقاً له أربع كتائب تابعة لحماس.

وأصبحت هذه المدينة، وهي الوحيدة في القطاع التي لم يدخلها الجنود الإسرائيليون بعد، الملاذ الأخير لمئات آلاف المدنيين الذين فروا من القصف والقتال في مناطق أخرى. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، لا يزال 1,2 مليون فلسطيني محتشدين في المدينة.


إسرائيل تبلغ مصر بإغلاق معبر كرم أبو سالم لأجل غير مسمى

قوافل تحمل المساعدات عند معبر كرم أبو سالم (رويترز)
قوافل تحمل المساعدات عند معبر كرم أبو سالم (رويترز)
TT

إسرائيل تبلغ مصر بإغلاق معبر كرم أبو سالم لأجل غير مسمى

قوافل تحمل المساعدات عند معبر كرم أبو سالم (رويترز)
قوافل تحمل المساعدات عند معبر كرم أبو سالم (رويترز)

قال مصدر أمني مصري مسؤول، اليوم (الأحد)، إن الجانب الإسرائيلي أبلغ السلطات المصرية بإغلاق معبر كرم أبو سالم وتوقف دخول شاحنات المساعدات إلى قطاع غزة عبر المعبر لأجل غير مسمى بعد استهدافه من جانب الفصائل الفلسطينية، وفق ما أوردته «وكالة أنباء العالم العربي».

وأضاف المصدر للوكالة: «بعد اتصالات مع الجانب الإسرائيلي أبلغنا بوقف العمل في معبر كرم أبو سالم لأجل غير مسمى بعد تعرضه للقصف اليوم من قبل الفصائل الفلسطينية».

وتابع: «لم يتم إخطارنا بموعد استئناف العمل، وسيتم إرسال الشاحنات فور إبلاغنا بعودة حركة المرور في المعبر».

كانت «كتائب القسام»، الجناح المسلح لحركة «حماس»، أعلنت أنها قصفت مقر قيادة تابعاً للجيش الإسرائيلي عند موقع كرم أبو سالم العسكري شرق مدينة رفح، برشقة صاروخية. وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه قصف عدة مناطق في غزة رداً على الهجوم الذي تسبب في إصابة نحو 10 إسرائيليين بجروح.


«هدنة غزة»: هل تتحول «الإشارات الإيجابية» اتفاقاً؟

فلسطينيون يتفقدون موقع غارة إسرائيلية على منزل في رفح جنوب قطاع غزة الأحد (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون موقع غارة إسرائيلية على منزل في رفح جنوب قطاع غزة الأحد (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: هل تتحول «الإشارات الإيجابية» اتفاقاً؟

فلسطينيون يتفقدون موقع غارة إسرائيلية على منزل في رفح جنوب قطاع غزة الأحد (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون موقع غارة إسرائيلية على منزل في رفح جنوب قطاع غزة الأحد (رويترز)

بينما لا تزال القاهرة تتحدث عن «تقدم ملحوظ» في مسار المفاوضات الرامية لتحقيق «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، تبادلت إسرائيل وحركة «حماس» الاتهامات بشأن المسؤولية عن «عرقلة الاتفاق» حتى الآن. وأبدى خبراء، تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، «تفاؤلاً حذراً» بشأن إمكانية أن تسهم «الإشارات الإيجابية» الصادرة عن الوسطاء في اتفاق قريب يوقف النار في غزة.

وأشار مصدر مصري رفيع المستوى، الأحد، إلى «تقدم إيجابي في المفاوضات»، مؤكداً، بحسب قناة «القاهرة الإخبارية»، أن «الوفد الأمني المصري مستمر في مشاوراته مع الأطراف كافة»، لافتاً إلى «عدم دقة» ما يتم نشره من بنود الاتفاق في وسائل الإعلام.

وأوضح المصدر أن «عودة السكان الفلسطينيين المهجّرين من جنوب قطاع غزة إلى شماله ضمن بنود الاتفاق» التي يجري التفاوض بشأنها.

واستضافت القاهرة، السبت، جولة أولى من المحادثات الراهنة بحضور وفد من حركة «حماس»، وممثلين عن دول الوساطة، مصر وقطر والولايات المتحدة، بينما لم ترسل إسرائيل وفدها إلى القاهرة، حيث رهنت تل أبيب مشاركتها بتلقيها رداً من «حماس» بشأن مقترح الهدنة.

ونقلت «رويترز» عن مسؤولين فلسطينيين، الأحد، تأكيدهم «استمرار المفاوضات مع وفد (حماس) في القاهرة لليوم الثاني على التوالي، دون أنباء عن إحراز تقدم واضح في ظل إصرار الحركة على مطلبها بأن يتضمن أي اتفاق إنهاء الحرب في القطاع».

رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية (رويترز)

من جانبه، أكد رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، في بيان صحافي الأحد، أن «الحركة لا تزال حريصة على التوصل إلى اتفاق شامل ومترابط لإنهاء الحرب وضمان الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وتحقيق صفقة تبادل جدية للأسرى».

وقال إن «الأولوية لدى (حماس) هي لوقف العدوان على شعبنا وهو موقف جوهري ومنطقي ويؤسس لمستقبل أكثر استقراراً»، متسائلاً: «ما مفهوم الاتفاق إذا لم يكن وقف إطلاق النار أولى نتائجه؟».

وحمّل هنية الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، «المسؤولية عن فشل المباحثات»، قائلاً: «نتنياهو يريد اختراع مبررات دائمة لاستمرار العدوان وتوسيع دائرة الصراع وتخريب الجهود المبذولة عبر الوسطاء والأطراف المختلفة».

في المقابل، أعلن نتنياهو رفضه تنفيذ مطالب «حماس». ونقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عنه قوله في رسالة مصورة، الأحد، إن «إسرائيل لن تقبل ذلك. لسنا مستعدين للقبول بموقف تخرج فيه كتائب (حماس) من مخابئها وتسيطر على غزة مرة أخرى وتعيد بناء البنى التحتية العسكرية وتهدد أمن الإسرائيليين».

وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، أن «بلاده مستعدة لوقف القتال في غزة، مؤقتاً، من أجل ضمان إطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين لدى (حماس)، ويعتقد أن عددهم يزيد على 130»، مشيراً إلى أنه «بينما أبدت حكومته استعدادا، لا تزال (حماس) مصرّة على مواقفها المتشددة، وعلى رأسها المطالبة بسحب جميع قواتنا من قطاع غزة وإنهاء الحرب وإبقاء (حماس) في السلطة».

مساعدات مصرية في طريقها إلى غزة عبر معبر رفح (الشرق الأوسط)

ومنذ انطلاق المفاوضات بوساطة مصرية - قطرية - أميركية، أكدت حركة «حماس» تمسكها بمطالبها وهي «الوقف الدائم والشامل لإطلاق النار في غزة، وانسحاب إسرائيل الكامل من القطاع، وإعادة الإعمار وإنهاء الحصار وإدخال المساعدات لسكان غزة».

جنديان إسرائيليان يقفزان من دبابة عند نقطة انطلاق بالقرب من الحدود مع قطاع غزة الأحد (أ.ب)

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، «تفاؤلاً حذراً» بشأن إمكانية الاتفاق على «هدنة مؤقتة طويلة» في قطاع غزة. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «الموضوع معقد جداً»، موضحاً أن «حركة (حماس) توافق على بعض بنود الاتفاق، وكذلك توافق إسرائيل على بنود أخرى، لكن لا يبدو أن هناك توافقاً بين الجانبين على بنود واحدة».

وأوضح أن «حركة (حماس) تطالب بوقفٍ كامل ودائم لإطلاق النار في غزة، وهو أمر من المستحيل أن تقبل به إسرائيل لأنه يعني هزيمتها، وفي المقابل لا يمكن للحركة أن تقبل بهدنة مؤقتة طويلة لأن هذا يعني أيضاً هزيمتها».

ولفت إلى أن «الوسطاء كانوا يأملون في الاتفاق على هدنة مؤقتة طويلة، تخفف الضغوط، وقد تفتح الباب للحلول الدبلوماسية، لكن هذه الآمال اصطدمت بخطوط حمراء وضعتها إسرائيل و(حماس)».

ودعا «منتدى عائلات الرهائن» في بيان صحافي مساء السبت، نتنياهو إلى «عدم الرضوخ للضغوط السياسية» والقبول باتفاق يسمح بالإفراج عن المحتجزين، متوعدين بأن «التاريخ لن يغفر له إن فوّت هذه الفرصة».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع ممثلي عائلات الرهائن لدى «حماس» في 30 أبريل (د.ب.أ)

الأمر ذاته أشار إليه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك قدراً من التفاؤل الحذر بشأن إمكانية الاتفاق على هدنة»، موضحاً أن «الأمور قد تستغرق أياماً وليس ساعات كما تردد في السابق».

وأكد الرقب أن «الأيام الأخيرة شهدت تقدماً في إنجاز عدد من الملفات العالقة، مثل عدد المفرج عنهم في إطار الصفقة، ومدة الهدنة»، مشيراً إلى أن «حركة (حماس) طلبت ضمانات أميركية بوقف الحرب نهائياً بعد انتهاء مدة الهدنة، وهو ما لم تقدمه واشنطن حتى الآن».

وقال الرقب: إن «وقف الحرب يعني انهيار حكومة نتنياهو، وبالتالي تماطل تل أبيب في المفاوضات على أمل أن يأتي الرفض من (حماس)».

ومنذ يناير (كانون الثاني) الماضي يسعى الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة إلى الوصول إلى اتفاق بشأن هدنة مؤقتة، ولم تنجح جولات مفاوضات ماراثونية غير مباشرة عقدت بين باريس والقاهرة والدوحة في دفع الطرفين إلى اتفاق، لتعلن الدوحة مراجعة دورها كوسيط إثر انتقادات أميركية وإسرائيلية بعدم ممارستها ضغوطاً كافية على «حماس».

وتجددت الآمال مرة أخرى مع زيارة وفد أمني مصري إلى تل أبيب، وتقديم مقترح جديد للهدنة تمت مناقشته مع حركة «حماس» أخيراً، وسط إشارات «إيجابية» من القاهرة بالوصول إلى «صيغ توافقية بشأن معظم نقاط الخلاف».

ويرى مراقبون أن المفاوضات الآن تقف في مفترق طرق بين المضي قدماً وإنجاز الاتفاق، أو العودة مرة أخرى إلى نقطة الصفر. وتضاءلت الآمال بالوصول إلى اتفاق مع هجوم على الجانب الإسرائيلي من معبر كرم أبو سالم الحدودي، أعلنت حركة «حماس» مسؤوليتها عنه، مشيرة إلى أنها «استهدفت قاعدة عسكرية إسرائيلية».

وهنا أشار عكاشة إلى أن «هجوم كرم أبو سالم يعقّد جهود المفاوضات ويزيد من رغبة إسرائيل في الانتقام».

لكن رغم ذلك يسعى الوسطاء للوصول إلى اتفاق، وأشارت هيئة البث الإسرائيلية، الأحد، إلى «جهود أميركية يقودها رئيس وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز، بهدف التوصل لاتفاق نهائي في القاهرة»، لكنها حددت بعض العقبات التي وضعها رئيس الوزراء الإسرائيلي عندما رفض طلباً لبيرنز بإرسال الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة.

وأضافت هيئة البث الإسرائيلية أن «هناك مؤشرات قوية على أن (حماس) تخلت عن مطلبها بإنهاء الحرب في المرحلة الأولى من الصفقة»، لكنها أشارت إلى «احتمال أن تكون التسريبات المصرية حول التقدم الإيجابي تهدف إلى تأخير بدء العملية في رفح»، حيث تهدد تل أبيب باجتياح المدينة التي أصبحت الملاذ الأخير لنحو 1.5 مليون نازح فلسطيني.


رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يؤكد الفشل في 7 أكتوبر... و«التغيير نحو الأفضل»

جندي إسرائيلي متقدماً دبابتين في منطقة على مشارف قطاع غزة (أ.ب)
جندي إسرائيلي متقدماً دبابتين في منطقة على مشارف قطاع غزة (أ.ب)
TT

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يؤكد الفشل في 7 أكتوبر... و«التغيير نحو الأفضل»

جندي إسرائيلي متقدماً دبابتين في منطقة على مشارف قطاع غزة (أ.ب)
جندي إسرائيلي متقدماً دبابتين في منطقة على مشارف قطاع غزة (أ.ب)

قال رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، إن الجيش الإسرائيلي يخوض حرباً وصفها بـ«العادلة»، مشيراً إلى أن الجيش فشل وأخفق في بداية الحرب، لكنه عاد واسترد عزيمته وتغير للأفضل.

وقد وردت أقوال هليفي في «رسالة رئيس الأركان إلى الجنود والضباط عشية ذكرى المحرقة النازية لليهود وقتلى معارك إسرائيل». وقال في رسالته إن «دولة إسرائيل تأسست، بفضل المقاتلين والمحاربين من جميع الأجيال، الذين كانوا على استعداد للتضحية بحياتهم من أجلها. واليوم، نحن نوجد في حرب فشلنا في البداية في مهمتنا وخسرنا الكثير والكثير. ولكننا نخوض حربنا العادلة، رداً على مهاجمتنا، وستكون هذه الذكرى مصدر قوتنا، وتذكيراً بأهمية وجود قوة حامية لشعبنا»، على حد تعبيره.

وأضاف هليفي، في رسالته، «إننا نخوض في هذه الأيام غمار حرب شهدت في بدايتها إخفاقنا وعجزنا عن أداء المهمة المناطة بنا، فيما فقدنا حياة العديد من الرجال والنساء من مدنيين وجنود وأفراد وحدات الحماية في القرى والبلدات ورجال قوى الأمن والإنقاذ. ولكن، طرأ تغيير جذري على طبيعة الشعب اليهودي. إنه تحول من شعب يفتقد الصوت وينعدم الحماية إلى شعب يتحمل المسؤولية عن مصيره... لن يعود الشعب شرذماً مشرداً مضطهداً في المنفى، بل إنه شعب قوي ومستقل ومتماسك يعيش على تراب بلاده وفي وطنه».

وختم هليفي رسالته بالقول: «نرجو أن تكون هذه الذكرى، في الوقت الذي نخوض فيه حربنا العادلة، مصدراً لقوتنا، لتعيد إلى ذاكرتنا أهمية وجود القوة الحامية لشعبنا. ها نحن نتحمل وزر المسؤولية عن مواصلة القتال من أجل حرية شعب إسرائيل، وأن نضمن أن المحرقة لن تتكرر أبداً».

وقد جاءت صياغة الرسالة بهذه الطريقة، وسط ارتفاع أصوات في الحكومة والشارع اليميني السياسي تطالب باستقالة هليفي من منصبه وتعيين رئيس أركان آخر يحدث التغييرات المطلوبة في الجيش. ويرى هؤلاء أن هليفي يتصرف كمن يرفض تحمل المسؤولية بشكل حقيقي عن الفشل ويقرر مواصلة أداء مهامه كما لو أن شيئاً لم يكن. بل يبادر إلى تعيين قيادات الجيل القادم من قادة الجيش من رجال مقربين إليه، ليمنع الحكومة من تعيين قادة ملائمين.

وكان رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، أيضاً، أدلى ببيان بمناسبة إحياء ذكرى المحرقة التي بدأت (الأحد)، وقال: «أنا وزوجتي سارة التقينا بالناجين من المحرقة الذين سيضيئون مشاعل لذكرى الأحداث مساء اليوم». وأضاف: «التقينا إيزي كابيلو، الناجي من المحرقة والبالغ من العمر 96 عاماً من يوغوسلافيا. روى لنا الفظائع التي مر بها، وقال: (دولة إسرائيل اليوم هي الملاذ والملجأ الوحيد للشعب اليهودي). والتقينا بميخائيل بار أون، وهو ناج آخر سيشعل مشعلاً الليلة، وقال لنا: (يجب عدم الاعتماد على غير اليهود الذين يقدمون الوعود)».

وأوضح نتنياهو: «هؤلاء الناجون الأبطال على حق. في المحرقة الرهيبة، كان هناك قادة كبار في العالم وقفوا على الجانب الآخر، لذا فإن الدرس الأول من المحرقة هو: إذا لم نحم أنفسنا فلن يحمينا أحد. وإذا كان علينا أن نقف وحدنا، فيجب أن نقف وحدنا». واختتم قائلاً: «لذلك، سنحمي أنفسنا بكل الطرق، سنتغلب على أعدائنا، وسنضمن أمننا، في قطاع غزة، على الحدود الشمالية، وفي كل مكان».


نيجيرفان بارزاني يزور طهران في مسعى جديد لتأجيل انتخابات إقليم كردستان

صورة نشرتها رئاسة إقليم كردستان من لقاء نيجيرفان بارزاني ومستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي في بغداد الأسبوع الماضي
صورة نشرتها رئاسة إقليم كردستان من لقاء نيجيرفان بارزاني ومستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي في بغداد الأسبوع الماضي
TT

نيجيرفان بارزاني يزور طهران في مسعى جديد لتأجيل انتخابات إقليم كردستان

صورة نشرتها رئاسة إقليم كردستان من لقاء نيجيرفان بارزاني ومستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي في بغداد الأسبوع الماضي
صورة نشرتها رئاسة إقليم كردستان من لقاء نيجيرفان بارزاني ومستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي في بغداد الأسبوع الماضي

وصل رئيس إقليم كردستان العراقي نيجيرفان بارزاني، الأحد، إلى طهران في زيارة وصفها مصدر في الإطار التنسيقي الشيعي بأنها «الفرصة الأخيرة لتأجيل انتخابات برلمان الإقليم والحفاظ على وحدته».

وذكرت وسائل إعلام إيرانية أن بارزاني سيلتقي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف ووزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان.

ونقلت وكالة «أنباء العالم العربي» عن مصدر في الإطار التنسيقي الشيعي أحد مكونات تحالف إدارة الدولة الذي يضم أحزاباً شيعية وسُنية وكردية شكلت الحكومة العراقية الحالية، قوله إن «زيارة بارزاني إلى طهران تأتي في سياق مساعي الحزب الديمقراطي الكردستاني (بزعامة مسعود بارزاني) لتأجيل انتخابات برلمانهم لمنحه فرصة إجراء تعديلات على قرار المحكمة الاتحادية فيما يخص حصص الأقليات وإشراف مفوضية الانتخابات الاتحادية عليها بدلاً من مفوضية الإقليم».

وأفاد المصدر أن بارزاني سيركز على مطالبة طهران الضغط على حليفهم حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، الذي يتزعمه بافل طالباني، للموافقة على تأجيل الانتخابات.

وأضاف: «يضع الإيرانيون على طاولتهم ملف المنظمات الإسرائيلية الموجودة في الإقليم والتي تستهدف أمن بلادهم باستمرار».

وكانت النائبة الكردية السابقة في البرلمان العراقي ريزان الشيخ دلير حذرت في وقت سابق من أن إجراء الانتخابات في موعدها في العاشر من يونيو (حزيران) «يعني انقسام الإقليم إلى إدارتين».

وتابع المصدر قائلاً: «الإيرانيون يرون أن بارزاني في موقف ضعيف، وهي فرصة ذهبية لمساومته على ملف المنظمات الإسرائيلية ومجموعات إيرانية مسلحة معارضة لطهران تتخذ من الإقليم مقرات لها ونقاط انطلاق إلى الداخل الإيراني عبر الحدود من أربيل، مقابل التدخل لدى حزب (الاتحاد)، والقبول بتأجيل انتخابات برلمان الإقليم والحفاظ على وحدة كيانه».

صورة نشرتها رئاسة إقليم كردستان من لقاء نيجيرفان بارزاني والسفير الإيراني في أربيل سبتمبر الماضي

وكان «الحزب الديمقراطي الكردستاني» قد قرر في مارس (آذار) مقاطعة انتخابات الإقليم احتجاجاً على حكم أصدرته المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستورية مواد في قانون انتخابات برلمان الإقليم.

وأبلغ جبار ياور، عضو المجلس القيادي في حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني»، «وكالة أنباء العالم العربي» بأن الخلافات السياسية في الإقليم ستكون ضمن أجندة بارزاني في إيران، وكذلك القضايا الاقتصادية وأمن الحدود المهمة جداً لطهران.

وقال: «الإيرانيون كثيراً ما لعبوا دوراً في حل الخلافات بين الأحزاب الكردية وأيضاً بين الإقليم والحكومة الاتحادية».

وذكرت «وكالة أنباء العالم العربي» أن زيارة بارزاني إلى طهران، هي الخامسة له لإيران في أقل من عام، مع قرب انطلاق الحملة الانتخابية في الإقليم في وقت لاحق من الأسبوع الحالي.

وكتبت النائبة سروة عبد الواحد، رئيسة كتلة الجيل الجديد الكردستانية في البرلمان العراقي، في حسابها على منصة «إكس»، الأحد: «‏الحزب الديمقراطي يقول إنه لن يشارك في الانتخابات حتى لو جرى تأجيلها إذا لم يجرِ تنفيذ شروطه، وهي عدم الاعتراف بقرارات المحكمة الاتحادية، وحل المفوضية الحالية، وتشكيل مفوضية بمباركة الحزب الديمقراطي».

وأضافت: «الأحزاب الأربعة الرئيسية بعيداً عن الحزب الديمقراطي ما زالت مصممة على عدم التأجيل واحترام قرارات المحكمة الاتحادية».

وقضت المحكمة الاتحادية العليا في فبراير (شباط) الماضي بعدم دستورية مواد في قانون انتخابات برلمان كردستان، وقسمت قرارات المحكمة الإقليم لـ4 مناطق انتخابية، كما أقرت الاعتماد على مفوضية الانتخابات الاتحادية في إجراء انتخابات برلمان الإقليم، بدلاً من تلك التي شكَّلها البرلمان بوصفها غير دستورية.

وأضافت النائبة الكردية سروة: «في حال إصدار مرسوم من قبل رئيس حكومة الإقليم منتهية الولاية فإننا سنذهب إلى المحكمة للطعن، وسنطالب بحل الرئاسة لأن وجودها غير دستوري. ليس من حقه، وفق القانون، إلغاء أو تأجيل الانتخابات، بل مهمته تقتصر على تحديد الوقت، وقد جرى التحديد، والمفوضية صرفت ملايين الدولارات».


غارة إسرائيلية تقتل 4 من عائلة واحدة في جنوب لبنان

أفراد أمن إسرائيليون وعمال طوارئ ينتشرون في موقع بكريات شمونة تعرض لقصف من جنوب لبنان (أ.ف.ب)
أفراد أمن إسرائيليون وعمال طوارئ ينتشرون في موقع بكريات شمونة تعرض لقصف من جنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

غارة إسرائيلية تقتل 4 من عائلة واحدة في جنوب لبنان

أفراد أمن إسرائيليون وعمال طوارئ ينتشرون في موقع بكريات شمونة تعرض لقصف من جنوب لبنان (أ.ف.ب)
أفراد أمن إسرائيليون وعمال طوارئ ينتشرون في موقع بكريات شمونة تعرض لقصف من جنوب لبنان (أ.ف.ب)

أشعل استهداف إسرائيلي لمدنيين في بلدة ميس الجبل، الأحد، جبهة جنوب لبنان التي تصاعدت وتيرتها إثر مقتل 4 مدنيين من عائلة واحدة أثناء تفقّد منزلهم، ما دفع «حزب الله» إلى الردّ باستهداف مستعمرتين إسرائيليتين ومواقع عسكرية للجيش الإسرائيلي.

ويعد هذا التصعيد الأول من نوعه منذ أسبوعين، حيث شهدت الجبهة تبادلاً محدوداً للقصف، بينما لم يعلن أي من «حزب الله» أو الجيش الإسرائيلي عن سقوط قتلى.

وتصاعدت نيران الجبهة إثر غارة إسرائيلية على بلدة ميس الجبل في جنوب لبنان، أسفرت عن مقتل «4 من عائلة واحدة»، حسبما أوردت «الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية». هم فادي محمد خضر حنيكة، وزوجته مايا علي عمار، وأبناؤهما محمّد (21 عاماً) وأحمد (12 عاماً). وأضافت الوكالة أيضاً أن شخصين أصيبا بجروح جراء الغارة، بينهما امرأة. واستهدفت الغارة حي الجعافرة قرب البركة في بلدة ميس الجبل، وأحدثت دماراً هائلاً.

وقالت مصادر مواكبة لتطورات المنطقة الحدودية لـ«الشرق الأوسط» إن العائلة التي كانت قد نزحت في وقت سابق من بلدة ميس الجبل عادت إليها الأحد، في محاولة لإخراج ما يمكن حمله من متجر للسمانة يمتلكه محمد حنيكة، واستقدم لهذه الغاية شاحنة صغيرة (بيك أب) لحمل البضائع في المتجر، قبل أن تغير طائرة إسرائيلية على المكان، وتستهدفهم بصواريخ ما أدى إلى مقتل العائلة وتدمير المنزل بالكامل.

وأظهرت مقاطع فيديو، تداولها ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي، دماراً واسعاً في الحي السكني الذي يُضاف إلى أحياء أخرى تعرضت لتدمير واسع في البلدة التي تعد من أكبر بلدات قضاء مرجعيون.

ركام ناتج عن غارات إسرائيلية استهدفت بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

وقال «حزب الله» إنه ردّ على تلك الضربة على 3 دفعات، حيث أعلن في بيان أنه «رداً على الجريمة المروعة التي ارتكبها العدو الإسرائيلي في بلدة ميس الجبل وارتقاء شهداء وجرحى مدنيين، قصف مجاهدو المقاومة الإسلامية» شمال إسرائيل «بعشرات صواريخ الكاتيوشا والفلق». وفي وقت لاحق، الأحد، قال «حزب الله»، في بيان، إنه قصف «بعشرات صواريخ الكاتيوشا» آليات وأماكن انتشار الجنود الإسرائيليين في مناطق أخرى، وذلك «في إطار الرد» على غارة ميس الجبل.

وبعد أول رشقة صاروخية، قال الجيش الإسرائيلي لوكالة «فرانس برس» إنه «رصد نحو 40 صاروخاً» قادماً من لبنان. وأضاف: «تم اعتراض بعضها». ولم يتم الإبلاغ عن إصابات، وفق الجيش.

رجل إطفاء يعمل على إخماد نيران اندلعت في كريات شمونة إثر صواريخ «حزب الله» (رويترز)

وعصراً، أعلن الحزب عن استهداف مبنى في مستعمرة أفيفيم بالأسلحة المناسبة، واستهداف مبنى في مستعمرة «شتولا» بالأسلحة المناسبة، كما أعلن عن «استهداف مرابض مدفعيّة العدو وانتشاراً لجنوده وآلياته في الزاعورة بعشرات صواريخ الكاتيوشا، ما أدى إلى إصابتها واندلاع النيران فيها».

وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن دوي صفارات الإنذار في عدة بلدات في الشمال، فيما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه «رصد إطلاق 85 صاروخاً منذ صباح الأحد».

وأشار المجلس الإقليمي للجليل الأعلى إلى «سقوط عدة صواريخ في كريات شمونة»، ما أدى إلى «إصابة عدة مبانٍ وسيارات، وانقطاع الكهرباء عن المنارة والمطلة».

جندي إسرائيلي يراقب نيران اندلعت بسيارة في كريات شمونة إثر صواريخ انطلقت من جنوب لبنان (رويترز)

وردّ الجيش الإسرائيلي بمروحة واسعة من القصف، استهدفت كفركلا وميس الجبل والطيبة ومركبا والعديسة، وتقع جميعها في القطاع الشرقي، كما استهدف قصف مدفعي أطراف شبعا وكفرشوبا، ومناطق أخرى في القطاع الغربي. وتداول ناشطون ميدانيون صوراً لأبنية مدمرة بالكامل جراء الغارات الجوية الإسرائيلية.

حراك دولي للتهدئة

ويأتي هذا التصعيد في ظل حراك دولي باتجاه لبنان وإسرائيل، لفرض تهدئة وتعزيز الاستقرار على ضفتي الحدود. وبعد زيارة وزير الخارجية الفرنسي الذي حمل مقترحات جديدة، أشار عضو كتلة «حزب الله» البرلمانية (الوفاء للمقاومة) النائب إيهاب حمادة إلى أن «الورقة الفرنسية بغضّ النظر عما ورد فيها من تفاصيل وعناوين، لها علاقة بالجنوب اللبناني المجاهد المساند في هذه اللحظات لأهله في فلسطين وغزة».

ورأى، خلال لقاء سياسي حواري في بلدة نبحا في قضاء بعلبك، أن «كل كلام عن واقع الجنوب وعن مستقبله هو كلام لا نقاش فيه من قبلنا، ولا تعليق حتى تضع الحرب أوزارها في فلسطين وفي غزة على نحو كامل».

وفي المقابل، يطالب خصوم «حزب الله» بتطبيق القرار 1701. وكتبت عضو تكتل «الجمهورية القوية» (القوات اللبنانية) النائبة غادة أيوب، عبر منصة «إكس»: «حرب المساندة لن تنتهي سوى بتطبيق القرار 1701، سواء بالدبلوماسية أم بالقوة. ‏لو كان قراره لبنانياً من قال يوماً لو كنت أعلم، في 2006 وسعى إلى تطبيق القرار 1701 الذي وافق عليه في الحكومة لما كنا نسمع اليوم لبنان لا يريد الحرب وضرورة الالتزام بتطبيق القرار 1701، لأن من أهدر 18 عاماً لمنع قيامة الدولة و33 عاماً لمنع تطبيق وثيقة الوفاق الوطني حماية لسلاحه وعلة وجوده، ها هو يكاد يقول لم أكن أعلم أن حرب المساندة والمشاغلة التي أعلنتها سوف تطول ولن تجلب سوى القتل والدمار والانهيار ولن تنتهي سوى بتطبيق القرار 1701، سواء بالدبلوماسية أم بالقوة».


الأسد يصف تطوير حزب البعث بـ«إعادة تموضع»

الرئيس السوري بشار الأسد في اجتماع القيادة المركزية لحزب البعث السبت بقصر المؤتمرات (سانا)
الرئيس السوري بشار الأسد في اجتماع القيادة المركزية لحزب البعث السبت بقصر المؤتمرات (سانا)
TT

الأسد يصف تطوير حزب البعث بـ«إعادة تموضع»

الرئيس السوري بشار الأسد في اجتماع القيادة المركزية لحزب البعث السبت بقصر المؤتمرات (سانا)
الرئيس السوري بشار الأسد في اجتماع القيادة المركزية لحزب البعث السبت بقصر المؤتمرات (سانا)

مع تصاعد القلق جنوب البلاد حيال ارتفاع زخم الحراك الشعبي في السويداء، أتم حزب البعث (الحاكم) مساء السبت، عملية انتخابات القيادة المركزية للحزب التي انطلقت منذ ثلاثة أشهر، وأعيد انتخاب الرئيس بشار الأسد أميناً عاماً بـ«الإجماع»، وبدوره قام بتعيين اللجنة المركزية، فيما جرى انتخاب فروعها في المحافظات.

وقد وصف الأسد عملية الانتخابات التي تجري للمرة الأولى بطريقة «مؤتمتة»، بأنها انتخابات «تاريخية ومفصلية» وتشكل «قيمة مضافة» لمسيرة تطوير الحزب الذي يحكم سوريا منذ عام 1963.

ساحة الكرامة تكتظ بالمتظاهرين صباح الأحد (السويداء 24)

خارج الدوائر الحزبية ومحيطها، لم تلق العملية الانتخابية لحزب البعث اهتماماً في الشارع السوري المشغول بهمومه المعيشية الثقيلة، التي أشار إليها الأسد في كلمته خلال الاجتماع بالتطرق إلى النهج الاشتراكي لحزب البعث والآيديولوجيا والقواعد الاقتصادية، و«علاقة الحزب بالسلطة»، ومراجعة النظام الداخلي، ودور اللجنة المركزية عصباً رئيسياً للحزب، ودور لجنة الرقابة والتفتيش الحزبي والمحاسبة «داخل الحزب»، وأهمية تطوير البنية التنظيمية بوصفها حاجة حزبية ووطنية، وبناء مؤسسة الحزب، والتشديد على «المحاسبة داخل الحزب»، وفق وكالة الأنباء الرسمية (سانا).

وفد قرية مردك الذي انطلق إلى مدينة السويداء سيراً على الأقدام باتجاه وسط مدينة السويداء الأحد (السويداء24)

وفي حين تتصاعد المشاعر المناهضة للحزب في السويداء التي سبق التعبير عنها بمداهمة المقرات الحزبية وإغلاقها، وفي الشعارات التي ترفع في الاحتجاجات مطالبة بتحقيق التغيير والانتقال السياسي وتطبيق قرار الأمم المتحدة 2254؛ توجهت جموع المحتجين في السويداء، الأحد، إلى «دارة قنوات» لإعلان تأييد الحراك لمواقف شيخ العقل بهجت الهجري، الرافض لأي تهديد محتمل، بعد إرسال القوات الحكومية تعزيزات عسكرية خلال الأيام الماضية إلى محافظة السويداء.

وبث موقع «السويداء 24» مقاطع فيديو لكلمة الهجري أمام حشود المحتجين الذين أموا «دارة قنوات»، حذر فيها من الفتن التي تستهدف الحراك السلمي ووحدته وسلميته. وقال: «الحراك يزداد نقاء، ونحن ننشد الخلاص والمطالب المحقة، محلياً وسورياً ودولياً»، فيما يخص تنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بالانتقال السلمي، مؤكداً على أن «مطالب الحراك ليست خاصة وإنما هي مطالب الشعب السوري المقهور؛ فهي البوصلة». مشدداً على أن مطالب الحراك «بعيدة عن أي نوايا خارج النوايا السلمية التي عبر عنها الحراك»، وقال: «بدأنا بالسلام وننتهي بالسلام».

يشار إلى أن الاجتماع الموسع للجنة المركزية لحزب البعث الذي عقد السبت في قصر المؤتمرات جنوب دمشق، ترافق مع تحركات أمنية على طريق «دمشق - السويداء»، بوصفها إجراءات أمنية ظنها ناشطون تعزيزات عسكرية متجهة إلى محافظة السويداء. ونفت مصادر متقاطعة، الأحد، أن تكون القوات الحكومية قد دفعت بمزيد من التعزيزات إلى المحافظة.

وأكد ناشطون أن الدوريات الأمنية التي شوهدت على طريق دمشق - السويداء يوم السبت، كانت مهمتها تأمين الحماية للمؤتمر الذي انعقد في قصر المؤتمرات على طريق المطار، بحضور الرئيس الأسد، لأنها المرة الأولى منذ اندلاع الأزمة السورية، التي يحضر فيها الأسد اجتماعاً على هذا المستوى خارج القصر الجمهوري.

اجتماع إحدى لجان حزب البعث في دمشق (حساب رسمي)

المؤتمر الذي استمر نهاراً كاملاً، خلص إلى انتخاب أعضاء القيادة المركزية، وهم: عزت عربي كاتبي، وصفوان أبو سعدى، ومحمود زنبوعة، وإبراهيم الحديد، وفاضل نجار، وأيمن الدقاق، وطه خليفة، وسمير خضر، وفاضل وردة، وياسر شاهين، وجمانة النوري، وحموده الصباغ، وحسين عرنوس، وعلي محمود عباس. وقد عُيِّن هيثم سطايحي في منصب أمين سر اللجنة المركزية للحزب، وعُيِّن أعضاء لجنة الرقابة والتفتيش الحزبية، وهم: عبد الرزاق الجاسم، وراما عزيز، وعبد الأحد سفر، وثريا مسلمانية، ومازن تفاحة.

سبق ذلك انتخاب أعضاء اللجنة المركزية الموسعة للحزب، إلكترونياً، أي ممثلي الفروع الحزبية لعضوية اللجنة، وعدد 125 عضواً منهم 45 عضواً اقترحهم الرئيس السوري، الذي لفت في كلمة له خلال الاجتماع، إلى أن هذه الانتخابات ليست الأولى، لكن هذه المرة تحديداً «ستكون مفصلاً حقيقياً في تاريخ الحزب».

وأوضح أن «التطوير» الجاري ليس استجابة لظروف خارجية أو ضغوط «كما يحلو للبعض أن يحلّل من وقت لآخر»، وإنما «نطور لأن التطوير حاجة حسية ووطنية وطبيعية». معتبراً أن «سياسات الحكومة يجب أن تنبثق من رؤية الحزب، من دون أن يلغي أحدهما الآخر».

ورداً على الحديث حول تراجع دور الحزب ومحاولة «إضعافه»، شدد الأسد على أن ما يجري «ليس تراجعاً وإنما إعادة تموضع»، وهي تهدف إلى «حماية الحزب من إشكالات العمل الإجرائي اليومي الذي تقوم به الحكومة، وبالتالي تحميل الحزب مسؤوليات لا يحملها».

الرئيس الأسد في كلمة خلال الاجتماع الموسع للجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي في قصر المؤتمرات بدمشق السبت

تجدر الإشارة إلى أنه منذ تسلم الرئيس بشار الأسد قيادة حزب البعث في المؤتمر القطري التاسع للحزب عام 2000 بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد، بدأ دور الحزب يتراجع بوصفه قائداً للدولة والمجتمع، وفق المادة الثامنة من دستور عام 1973، التي ألغيت في دستور عام 2012، وحل مكانها مادة تنظم العمل السياسي الحزبي وفق «تعددية سياسية ديمقراطية» مشروطة.

وبعد اندلاع الاحتجاجات عام 2011 تحول حزب البعث الذي هوجمت مقراته في متخلف مناطق الاحتجاج، إلى ميليشيا مسلحة رديفة للقوات الحكومية، لتتحول المواقع الحزبية إلى مركز جذب للراغبين بالتقرب من السلطة والحصول على امتيازاتها.

وفي عام 2018، تحول حزب البعث في سوريا من حزب قومي عربي ينشط مع أحزاب البعث في العديد من الدول العربية، بهدف تحقيق «الوحدة والحرية والاشتراكية»، إلى حزب محلي سوري، فقد ألغيت «القيادة القومية»، كما تبدلت تسمية القيادة القطرية إلى «القيادة المركزية»، وأُلغي منصب الأمين القطري المساعد، ليبقى فقط منصب الأمين العام والأمين العام المساعد.

ومنذ نهاية العام الماضي، وبعد بوادر للعودة إلى المحيط العربي، أعلن عن بدء مرحلة جديدة لتطوير الحزب وإطلاق عملية انتخاب أعضاء اللجنة المركزية وقيادات الفروع في المحافظات، ضمن إطار أوسع شمل الإعلان عن إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية، شملت تنقلات وتغييرات في الأجهزة الأمنية، وإحداث الأمانة العامة للرئاسة السورية، في رسالة واضحة إلى الخارج بإطلاق الرئيس بشار الأسد مرحلة جديدة في الإصلاح والتغيير داخل مؤسسات الدولة بعد 12 عاماً من الحرب.

إلا أن الشارع لم يلمس أي انعكاسات واضحة لتلك التغييرات، وواصل الوضع الاقتصادي تدهوره في ظل أوضاع إقليمية متوترة، وعقوبات دولية اقتصادية، أسهمت في تزايد حركة الهجرة من البلاد، بعد تفشي الفقر وتجاوزه نسبة الـ90 في المائة من عدد السكان.


الوسيط الأميركي يعاود تحركه لبنانياً فور وقف النار في غزة

لماذا علّق الوسيط الأميركي هوكستين وساطته مع السلطات اللبنانية لمنع توسعة الحرب؟ (أ.ف.ب)
لماذا علّق الوسيط الأميركي هوكستين وساطته مع السلطات اللبنانية لمنع توسعة الحرب؟ (أ.ف.ب)
TT

الوسيط الأميركي يعاود تحركه لبنانياً فور وقف النار في غزة

لماذا علّق الوسيط الأميركي هوكستين وساطته مع السلطات اللبنانية لمنع توسعة الحرب؟ (أ.ف.ب)
لماذا علّق الوسيط الأميركي هوكستين وساطته مع السلطات اللبنانية لمنع توسعة الحرب؟ (أ.ف.ب)

تدخل المفاوضات بين فرنسا ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، لتهدئة الوضع في الجنوب، مرحلة جديدة مع تسليمه، الاثنين، السفارة الفرنسية في بيروت الملاحظات التي أعدها «الثنائي الشيعي» (حركة أمل وحزب الله) بالتنسيق مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على الورقة الفرنسية بنسختها الثانية، والتي تنطلق من تطبيق القرار الدولي 1701، كونه الممر الإلزامي لإعادة الاستقرار، بوضع حد لتصاعد المواجهة العسكرية بين «حزب الله» وإسرائيل، شرط التوصل إلى وقف لإطلاق النار على الجبهة الغزاوية، لأن من دونه لا يمكن الركون للجهود الرامية إلى منع جنوح إسرائيل نحو توسعة الحرب جنوباً.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر سياسية مواكبة للاتصالات التي تولاها الرئيس بري، أن الملاحظات على مسودة الورقة الفرنسية بنسختها الثانية، التي صيغت باللغة الإنجليزية، أُنجزت، الجمعة الماضي، في ختام اللقاءات التي عُقدت بين المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي النائب علي حسن خليل، ونظيره المعاون السياسي للأمين العام لـ «حزب الله» حسين خليل، بتواصلهما المفتوح برئيس الحكومة نجيب ميقاتي قبل أن يغادر بيروت في زيارة خاصة.

1701 دون «ترتيبات أمنية»

وكشفت المصادر السياسية أن الملاحظات تأخذ في الحسبان ضرورة اعتماد القرار 1701 كإطار عام لتهدئة الوضع في الجنوب، وقالت إنه لا مكان للترتيبات الأمنية لئلا يذهب البعض للتعاطي معها على أنها مقدمة لتعديل هذا القرار، وهذا ما ينسحب أيضاً على تشكيل لجنة رباعية للإشراف على تطبيقه، وحصر هذه المهمة بلجنة ثلاثية تتشكل، كما هو حاصل الآن، من قيادة القوات الدولية «يونيفيل» ومندوبين من لبنان وإسرائيل.

ولدى سؤال المصادر نفسها عن موقف الولايات المتحدة الأميركية من المسودة الفرنسية المطروحة للتفاوض، أكدت عدم التواصل معها، على الأقل من الجانب اللبناني، منذ أن تسلم لبنان الورقة الفرنسية بنسختها الأولى، لكنها سألت: ما المغزى من حرص باريس على تسليمنا النسخة الثانية باللغة الإنجليزية؟ وهل أرادت تمرير رسالة يُفهم منها بأنها أعدتها بالتشاور مع واشنطن، خصوصاً أن الرئيس ميقاتي، كما علمت «الشرق الأوسط»، كان سأل لدى تسلُّمه النسخة الأولى عن الموقف الأميركي، وربما أتاه الجواب بإعدادها باللغة الإنجليزية؟

تشاور بين باريس وواشنطن

وفي هذا السياق، قالت مصادر دبلوماسية غربية إن باريس حرصت، قبل أن تعد ورقتها الأولى، على التشاور مع واشنطن، التي أبدت تفهُّماً للدوافع التي أملت عليها التحرك سعياً وراء تهدئة الوضع في الجنوب لقطع الطريق على إسرائيل التي تجنح لتوسعتها، وأكدت أن ذلك يشكل نقطة تقاطع والتقاء بينهما.

حرصت باريس على التشاور مع واشنطن قبل تقديم ورقتها لإعادة الهدوء إلى الجبهة بين إسرائيل و«حزب الله» (إ.ب.أ)

وقالت المصادر الدبلوماسية الغربية لـ«الشرق الأوسط» إن باريس تبدي اهتماماً خاصاً بالوضع في لبنان، وتقوم بكل ما بوسعها لتهدئة الوضع في جنوبه، ولإخراج الاستحقاق الرئاسي من التأزم بانتخاب رئيس للجمهورية. وأضافت أن الرئيس إيمانويل ماكرون يتابع شخصياً الوضع من كثب، وهو أوفد ممثله الشخصي جان إيف لودريان إلى بيروت، في مهمة خاصة لحث النواب على إنهاء الشغور في الرئاسة الأولى، وهذا ما تصدّر استقباله للرئيس السابق لـ«الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط.

وأكدت المصادر نفسها أن لبنان يعني الكثير لفرنسا، ولن تدعه ينهار، وهي تتحرك على كل المستويات لإنقاذه، وقالت إن واشنطن تتفهم الدوافع الفرنسية الكامنة وراء الورقة التي أعدتها لتهدئة الوضع في الجنوب، والتي تشكل، من وجهة نظرها، خريطة الطريق لمنع تدحرجه نحو الحرب، رغم أن «حزب الله» ليس في وارد الانجرار إليها.

هوكستين عائد بعد وقف النار في غزة

لكن، تبقى هناك مجموعة من الأسئلة، كما تقول المصادر اللبنانية المواكبة: هل تتفرّد باريس بالتحرك جنوباً؟ وأين تقف واشنطن؟ وماذا عن المهمة التي أوكلتها إلى مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكستين، في تنقله بين بيروت وتل أبيب، لتعبيد الطريق سياسياً وعسكرياً لتطبيق القرار 1701، قبل أن يجمّد تحركه ريثما تنجح الوساطة الأميركية - المصرية - القطرية لوقف إطلاق النار في غزة باتفاق بين إسرائيل وحركة «حماس»، تتولى رعاية تطبيقه كشرط لمعاودة الوساطة؟ وهل تنخرط باريس في الوساطة الأميركية؟ أم أنها تتحرك في الوقت الضائع لملء الفراغ، رغبة منها في أن تحجز لها مقعداً في الجهود الرامية لتهدئة الوضع في الجنوب لما يعنيه لها لبنان، خصوصاً أنها، وفق المصادر، لا تضع نفسها في سباق مع واشنطن، التي ستطلق الضوء الأخضر لهوكستين لمعاودة تحركه بين بيروت وتل أبيب فور التوصل إلى وقف إطلاق النار على الجبهة الغزاوية؟

ميقاتي لا يريد تكرار تجربة السنيورة

لذلك، مع ترقب الرهان على نجاح الوساطة لوقف النار في غزة، هناك من يسأل: أين يقف ميقاتي من حصر التفاوض برئيس المجلس النيابي؟ وهل قرر عزوفه عن تولي المفاوضات مع فرنسا؟

فالرئيس ميقاتي ارتأى، عن سابق تصور وتصميم، الوقوف إلى جانب الرئيس بري في توليه المفاوضات والتنسيق معه في كل شاردة وواردة، ما دام يحظى بتفويض «على بياض» من حليفه «حزب الله» الذي يسر له ما لا يسره لغيره. وبالتالي، لقطع الطريق منذ الآن على القيل والقال، وصولاً إلى تحميله مسؤولية أي خلل يمكن أن يلحق بالمفاوضات، على غرار ما تعرّض له سابقاً رئيس الحكومة فؤاد السنيورة، عندما نفض «حزب الله» يديه من النقاط السبع التي أجمع عليها مجلس الوزراء في حينه لوقف حرب تموز 2006، وصولاً إلى استقالة الوزراء الشيعة من الحكومة، مع أن الحكومة كانت بكامل أعضائها وراء استعجال صدور القرار 1701 الذي أوقف الحرب، توخى الرئيس ميقاتي من موقفه هذا توفير الحماية لساحته، مع أنه قام بكل ما يتوجب عليه لوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان، وأجرى، كما يقول أحد الوزراء لـ«الشرق الأوسط»، مروحة واسعة من الاتصالات العربية والدولية، توّجها بلقاء الرئيس ماكرون، الذي فتح الباب أمام تعديل الورقة الفرنسية بنسختيها الأولى والثانية، وبقي على تواصل مع الرئيس بري إلى ما بعد إعداد الملاحظات على المسودة الفرنسية الثانية، كإطار للتفاوض من أجل تهدئة الوضع في الجنوب.