ذوو الاحتياجات الخاصة وإعاقات الحرب فئة منسية في الجنوب

قدرت الأمم المتحدة نسبتهم بنحو 28 %... غالبيتهم من الأطفال

أحد المصابين في الحرب من ذوي الاحتياجات الخاصة بدرعا (الشرق الأوسط)
أحد المصابين في الحرب من ذوي الاحتياجات الخاصة بدرعا (الشرق الأوسط)
TT

ذوو الاحتياجات الخاصة وإعاقات الحرب فئة منسية في الجنوب

أحد المصابين في الحرب من ذوي الاحتياجات الخاصة بدرعا (الشرق الأوسط)
أحد المصابين في الحرب من ذوي الاحتياجات الخاصة بدرعا (الشرق الأوسط)

أضافت الحرب السورية بويلاتها الدائرة منذ سنوات، مأساة مضاعفة على فئة أصحاب الإعاقات والاحتياجات الخاصة، إذ ثمة فئة جديدة أُضيفت هم متضررو الحرب ممن فقدوا أحد أطرافهم أو قدرتهم على الحياة الطبيعية؛ نتيجة القصف أو مخلفاته من ألغام وقنابل غير منفجرة، أو نتيجة التعذيب في التوقيف والاعتقال. غير أن كلتا الفئتين بقيت خارج دائرة الاهتمام، أمام إهمال حكومي من جهة، وتقاعس منظمات المجتمع المدني والمنظمات الإنسانية الدولية من جهة أخرى.
قدرت إحصاءات الأمم المتحدة في العام الماضي (2022) نسبة ذوي الإعاقة في سوريا بنحو 28 في المائة من السوريين، أي ضعف المعدل العالمي، وأن العدد الأكبر منهم أطفال. وفي تقرير أعدته منظمة «هيومن رايتس ووتش» تحدثت الباحثة أمينة سيريموفيتش عن «التأثير الكارثي والمدمر على الأطفال ذوي الإعاقة». وقد شمل التقرير أرقاماً مرعبة حول معاناة ما يقارب 19 في المائة من السوريين ممن تتراوح أعمارهم بين عامين و17 عاماً من إعاقة جسدية أو ذهنية، ويرجع ذلك إلى آثار الحرب الدائرة في البلاد.
في الجنوب السوري الذي يشمل محافظتي السويداء ودرعا، بقيت البرامج المعدة لذوي الاحتياجات الخاصة عاجزة عن تغطية الأعداد المتزايدة منهم. وقد رصدنا في محافظة درعا أربعة مراكز متخصصة لذوي الهمم، ومركزاً واحداً خاصاً بالأطراف الصناعية وإعادة تأهيل متضرري الحرب، بينما في محافظة السويداء، تجاوز عدد المراكز الخاصة بهذه الفئة 5 مراكز أغلبها مراكز خاصة (غير مجانية) لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة.
وفقاً لموظف مسؤول في أحد مراكز رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة في درعا تحدث لـ«الشرق الأوسط»، فإنه ليست ثمة إحصائية دقيقة لأعداد ذوي الاحتياجات الخاصة في المحافظة «لكنها في ازدياد دائم»، ولا تكاد الخدمات التي تقدم تكفي لعُشر الأعداد (المسجلة)، مشيراً إلى أن نسبة الأشخاص الذين يعانون من إعاقة بالحركة، هي الأكبر، وتزايدت بفعل الحرب في سوريا.
الحرب أضافت كثيراً لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، وفي الوقت نفسه سلبتهم حقوقهم، ودفعت إلى حالة أمنية واقتصادية متردية، أدت إلى غياب الكوادر المتخصصة بالهجرة والسفر بحثاً عن حياة ودخل يحقق لهم معيشة أفضل وآمنة، وما وصلت إليه الحالة الاقتصادية المتردية وانخفاض قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، أفضى إلى زيادة أسعار الأطراف الصناعية، حيث إن كلفة الطرف الصناعي التقليدي اليوم، لا تقل عن خمسة ملايين ليرة سورية للأنواع متوسطة الجودة. بينما الأطراف الإلكترونية أسعارها 3 أضعاف الأطراف التقليدية، يشتريها المقتدرون مادياً، وينتظر آخرون دفع الجمعيات الخيرية تكاليفها.
الحكومة السورية غافلة عن هذه الفئة، والمشروعات التي تمولها منظمات المجتمع المدني في دمشق تتطلب التسجيل والانتظار لأجل مجهول. ويشير الموظف المسؤول، إلى حالات عاجزة عن توفير ولو جلسة علاج فيزيائية واحدة بعد أن وصلت تسعيرتها في المراكز الخاصة لأكثر من 60 ألف ليرة سورية. والمراكز الحكومية غير قادرة على تغطية كامل الحالات.
أما المسؤولة في مركز متخصص في السويداء التي تحفظت على ذكر اسمها، فتصف لـ«الشرق الأوسط»، وضع الأفراد الذين يعانون من إعاقة، سواء أكانت بالولادة أم حديثة جراء الحرب بـ«المأساوي»، فهم يعانون من التهميش ومن غياب الرعاية الصحية والنفسية والتعليمية، وكأن الجميع يدير عنهم وجهه سواء الجهات الحكومية أو المجتمع، أو منظمات المجتمع المدني، رغم أنهم أكثر الشرائح تضرراً جراء الحرب، لافتة إلى أن الحكومة السورية لا تتحمل مسؤوليتها تجاههم، واكتفت بأنها خصصت لكل فرد من ذوي الاحتياجات الخاصة مبلغ 12 ألف ليرة سورية في السنة (أقل من دولارين)!
ولولا دعم بعض الجمعيات الخيرية والأفراد للمراكز المتخصصة، لكان الوضع مزرياً أكثر مما هو عليه، وخصوصاً أن المراكز لا ترتادها أعداد كبيرة؛ بسبب الوضع المادي لمعظم العائلات، والمبالغ المترتبة على رعاية المصابين، التي تتجاوز 8 آلاف ليرة سورية للساعة الواحدة. بينما تتصاعد فئة ذوي الاحتياجات الخاصة بالسويداء نتيجة الحوادث الأمنية المستمرة. الوضع مأساوي وبحاجة إلى التدخل الفوري من قبل المنظمات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني والجهات الحكومية صاحبة الشأن.
- اعتقال وإعاقات
رياض من ريف درعا يقول لـ«الشرق الأوسط»: «تعرضت للاعتقال مدة 3 أشهر عام 2011، دخلت المعتقل إنساناً طبيعياً وخرجت معاقاً نتيجة الضرب المبرح الذي تعرضت له على منطقة الظهر، حتى أصبحت أعاني من اعوجاج جانبي للعمود الفقري، مع انزلاق للفقرات، وديسك سفلي وآخر رقبي، ترافقني آلامها دائماً»، مضيفاً أن حالته منعته من مزاولة أي مهنة، وقيدت من حركته وتنقله، وأنه يقضي معظم وقته مستلقياً، والطامة الكبرى وفقاً للمصدر، أن حالته غير مصنفه في سوريا إعاقة، لذا، لا يتمتع بأي حقوق (سواء لدى جهات حكومية أو لدى منظمات المجتمع المدني) تسهل تلقيه الرعاية الطبية اللازمة من أدوية أو علاجات فيزيائية، وعليه أن يدبر شخصياً علاجه على نفقته الخاصة.
أما حسام (23 عاماً) من مدينة درعا فيعاني من شلل بالحركة بعد أن فقد إحدى قدميه بسبب شظايا قذيفة اخترقت منزله عام 2012 أدت إلى مقتل شقيقه وإعاقة تلازمه منذ سن العاشرة. يقول: «طلب كرسي متحرك أو طرف صناعي يتطلب انتظار شهوراً طويلة، أو تبرعاً من أحد الأفراد أو الجمعيات الخيرية الأهلية» موضحاً أنه حتى «تسهيلات العمل أو التنقل في المرافق العامة والخاصة ووسائل النقل غير متوفرة»، مشيراً إلى أنه «بعد أن كانت منظمات المجتمع المدني قد أطلقت العشرات من المشروعات الداعمة لذوي الاحتياجات الخاصة في درعا، وقدمت الأطراف الصناعية وأدوات ووسائل الحركة بشكل مجاني، وتقريباً أصبح في كل مدينة وبلدة مركز للرعاية النفسية والتعليم لذوي الاحتياجات الخاصة، أُغلقت هذه المشروعات والجمعيات دون سابق إنذار، مع سيطرة قوات النظام السوري على المنطقة عام 2018».
مصدر في الشؤون الاجتماعية والعمل بالحكومة السورية، تحدث لنا، بالقول، إن الأعداد كبيرة والإمكانيات المخصصة لنا صغيرة جداً، والميزانية لا تكاد تغطي النفقات، فالمنطقة الجنوبية بحاجة لمزيد من المراكز المجانية لرعاية ومتابعة ذوي الاحتياجات الخاصة المجهزة بالرنين المغناطيسي، والتصوير الشعاعي، وأجهزة تخطيط السمع والدماغ والأعصاب، والمختصين بالنطق والعلاج الفيزيائي ومهارات الحركة والتواصل الإيمائي والتحسسي، وهذا معظمه غير متوفر لمحدودية الميزانية والكوادر في المراكز الحكومية. واعتبر أن الحل، يكمن في دعم الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لإنشاء مراكز رعاية لهذه الفئة.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

الأردن يوسّع مشاورات «عودة سوريا»

أطلق الأردن سلسلة اتصالات مع دول عربية غداة استضافته اجتماعاً لبحث مسألة احتمالات عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ومشاركتها في القمة المقبلة المقرر عقدها في المملكة العربية السعودية هذا الشهر. وقالت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، إن اجتماع عمّان التشاوري الذي عُقد (الاثنين) بحضور وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن وسوريا، ناقش احتمالات التصويت على قرار عودة سوريا إلى الجامعة العربية ضمن أنظمة الجامعة وآليات اعتماد القرارات فيها. وفي حين أن قرار عودة سوريا إلى الجامعة ليس مقتصراً على الاجتماعات التشاورية التي يعقدها وزراء خارجية مصر والسعودية والعراق والأردن، فإن المصادر لا تستبعد اتفاق

شؤون إقليمية الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

الأسد ورئيسي يتفقان على «تعاون استراتيجي طويل الأمد»

بدأ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أمس (الأربعاء) زيارة لدمشق تدوم يومين واستهلها بجولة محادثات مع نظيره السوري بشار الأسد تناولت تعزيز العلاقات المتينة أصلاً بين البلدين. وفيما تحدث رئيسي عن «انتصارات كبيرة» حققتها سوريا، أشار الأسد إلى أن إيران وقفت إلى جانب الحكومة السورية مثلما وقفت هذه الأخيرة إلى جانب إيران في حرب السنوات الثماني مع إيران في ثمانينات القرن الماضي. ووقع الأسد ورئيسي في نهاية محادثاتهما أمس «مذكرة تفاهم لخطة التعاون الاستراتيجي الشامل الطويل الأمد». وزيارة رئيسي لدمشق هي الأولى التي يقوم بها رئيس إيراني منذ 13 سنة عندما زارها الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.