البرهان و{حميدتي}... نهاية عنيفة لصداقة قديمة

علاقة الرجلين وأسباب الحرب بين الجيش و«الدعم السريع»

قائد الجيش الفريق البرهان (أ.ف.ب)  -  قائد قوات {الدعم السريع} محمد دقلو {حميدتي} (أ.ف.ب)
قائد الجيش الفريق البرهان (أ.ف.ب) - قائد قوات {الدعم السريع} محمد دقلو {حميدتي} (أ.ف.ب)
TT

البرهان و{حميدتي}... نهاية عنيفة لصداقة قديمة

قائد الجيش الفريق البرهان (أ.ف.ب)  -  قائد قوات {الدعم السريع} محمد دقلو {حميدتي} (أ.ف.ب)
قائد الجيش الفريق البرهان (أ.ف.ب) - قائد قوات {الدعم السريع} محمد دقلو {حميدتي} (أ.ف.ب)

أنهى النزاع المسلح الذي وقع أمس بين الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وقوات «الدعم السريع» بقيادة الفريق محمد دقلو «حميدتي»، علاقة صداقة وتعاون قديمة بين الرجلين، التي بدأت مع بداية النزاع في إقليم دارفور في عام 2003 إبان حكم الرئيس المخلوع عمر البشير. فكوّن حميدتي وقتذاك مجموعة صغيرة مسلحة تتصدى لحركات مسلحة أخرى في الإقليم تقاوم نظام البشير. لذا فاختار البشير دعم جماعة حميدتي، فيما كان البرهان ينسق عمليات الجيش في دارفور حيث نشأت العلاقة بين الرجلين. ومع الوقت كبر حجم قوات حميدتي التي أصبحت مع الوقت تابعة للجيش، لكنها احتفظت دائماً بنوع من الاستقلالية في قيادتها وعملياتها.
ثم تعززت هذه العلاقة في أبريل (نيسان) 2019، تحت ضغط الثورة الشعبية الكبيرة التي طالبت بسقوط نظام البشير، فاتفق الرجلان على إسقاط البشير المدعوم من «الإخوان المسلمين»، وتشكيل مجلس عسكري لحكم البلاد ترأسه البرهان، بينما احتل حميدتي منصب نائب رئيس المجلس العسكري. ومنذ سقوط البشير مرت العلاقة بتوترات محدودة بين الرجلين بين الحين والآخر، لكنها كانت قصيرة وتُحل دائماً سريعاً وتعود الثقة بينهما.
- المرحلة الثالثة في الخلاف
أما المرحلة الثالثة في العلاقة فقد بدأت بعد فترة بسيطة من الانقلاب الذي دبره الرجلان على الحكومة المدنية في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، حين أعاد البرهان عناصر نظام البشير إلى مواقع حساسة في السلطة، وهو ما اعترض عليه حميدتي الذي يعتبره الإسلاميون خائناً؛ لأنه طعن البشير من الخلف، ويبادلهم حميدتي إحساس العداء. وراح الخلاف في المواقف السياسية يتطور تدريجياً بين الرجلين ويظهر أحياناً إلى السطح في تصريحات تلميحية أحياناً، ومباشرة في أحيان أخرى.

غير أن فشل انقلاب أكتوبر في تشكيل حكومة طوال أكثر من عام، وتردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية في البلاد، دفع الأطراف المختلفة من عسكريين ومدنيين إلى توقيع اتفاق إطاري في ديسمبر (كانون الأول) 2022 الذي لقي قبولاً واسعاً بين المدنيين وأطراف مهمة ومؤثرة من المجتمع الدولي والإقليمي. ورغم أن البرهان وحميدتي وقعا هذا الاتفاق، الذي يقضي بنقل السلطة إلى المدنيين وعودة العسكريين إلى ثكناتهم، فقد ظهر خلاف جديد هو الأقوى بين الجيش والدعم السريع حول تنفيذ أحد بنود الاتفاق الإطاري المتعلق بالإصلاح العسكري ودمج قوات الدعم السريع في الجيش.
- تباين المواقف
واختلف الطرفان حول عدة قضايا في هذا الأمر، أهمها من يتولى هيئة القيادة الجديدة الموحدة. فبينما طالب حميدتي أن يرأس الهيئة رئيس الدولة المدني المرتقب، طالب البرهان بأن يرأسها قائد الجيش. كما طالب حميدتي بالتخلص من الضباط الموالين للإسلاميين في الجيش بالتزامن مع دمج قواته فيه. ورغم الوساطات الأممية والإقليمية والمحلية لخفض التوتر بين القوتين العسكريتين، فقد تطور الصراع بشكل متسارع خلال الأسابيع الأخيرة حتى وصل حد الصدام المسلح الذي وقع أمس (السبت)، والذي وصف فيه حميدتي صديقه القديم البرهان بأنه «مجرم وكاذب»، بينما وصف الجيش قوات الدعم السريع بأنها ميليشيا متمردة، بعد أن كان يصفها بأنها جزء لا يتجزأ من القوات المسلحة، بل هي «وُلدت من رحم الجيش».
وفي آخر حلقات التصعيد خلال الأسابيع الماضية، تصاعدت حدة التصريحات والحرب الكلامية بين الطرفين، التي كان من ضمنها ما صرح به نائب قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو (أخو حميدتي) حين وجه حديثاً مباشراً إلى قادة الجيش المسيطرين على مفاصل السلطة في البلاد، قائلاً: «رسالتنا إلى إخواننا في السلطة، تسليم السلطة للشعب من دون لف ولا دوران». وأضاف: «من اليوم فصاعداً لن نسمح بقتل الشباب المتظاهرين أو اعتقال السياسيين. ففي صدورنا الكثير وصمتنا كثيراً، ولا نريد أن نصبح سبباً فيما يحدث، لكن لن نتزحزح أو نرجع من المبادئ الأساسية التي تجمع وتنصف الشعب السوداني».
من جانبه، قال البرهان، في خضم التصعيد الكلامي: «نحن كعسكريين يهمنا دمج الدعم السريع... وبغير هذا لن يذهب أي شخص في الاتفاق للأمام»، ما فهمه الكثيرون أنه يشترط دمج الدعم السريع في الجيش أولاً قبل المواصلة في تنفيذ بقية الاتفاق الإطاري. وأبدى الكثيرون استغرابهم من تصريح البرهان نظراً إلى أن الدمج منصوص عليه أصلاً في الاتفاق، وفق جدول زمني يتم الاتفاق عليه بين الطرفين.
- الخلاف حول «الاتفاق الإطاري»
وتفاقم الخلاف على الاتفاق الإطاري وتحول إلى ملاسنات بين الرجلين، وإلى اتهامات تستبطن تهديدات، لتبلغ ذروتها بانسحاب الجيش السوداني والقوات العسكرية من «ورشة» الإصلاح الأمني والعسكري التي انسحب منها ممثلو الجيش. ثم أصبح التراشق الكلامي بين الرجلين علنياً وأكثر وضوحاً إثر فشل اللجان الفنية المشكلة من الطرفين للاتفاق على الفترة الزمنية اللازمة لإدماج قوات الدعم السريع، ويرى الجيش أن تتم في حدود 3 سنوات، فيما يصر الدعم السريع على ألا تقل عن 10 سنوات، كما فشلت اللجان في الاتفاق على رئاسة هيئة القيادة والسيطرة على القوات، فبينما يتمسك الجيش بقائده العام البرهان رئيساً للقيادة، تتمسك الدعم السريع بأن تؤول قيادة القوات العسكرية إلى رأس الدولة المدني الذي ينتظر تسميته بعد توقيع الاتفاق النهائي.
واعتبر حميدتي ما يقوم به الجيش محاولة وضع العربة أمام الحصان للحيلولة دون تكوين حكومة مدنية، وأن قيادات الجيش يخططون للبقاء في السلطة، مستخدماً مفردة «مكنكشين» الشعبية قوية الدلالة على التشبث بالسلطة. ثم بدأت عمليات تحشيد وتحشيد مضاد للقوات، فالجيش السوداني حذر «الدعم السريع» واتهمها بتحشيد أعداد كبيرة في العاصمة الخرطوم وبعض المدن، وهو ما يؤكده شهود عيان. لكن حميدتي، بموازاة ذلك قال إنه متمسك بالاتفاق الإطاري وتسليم السلطة للمدنيين، وإن قواته حريصة على تعزيز الاستقرار في البلاد.
- التحشيد العسكري
وقبل اندلاع الصدام العسكري بين الطرفين تواصل التحشيد العسكري بين الجانبين في الأيام القليلة الماضية، والتي توجت بتمركز قوة من «الدعم السريع» قرب القاعدة الجوية في مدينة مروي شمال البلاد.
بلغت الأزمة ذروتها في مطار مدينة مروي شمال البلاد، بالقرب من القاعدة الجوية التابعة للجيش السوداني، بنشر قوات «الدعم السريع» لعدد كبير من الآليات والجنود بالقرب من القاعدة العسكرية، زاعماً أنه حشد تلك القوات للدفاع عن قواته حتى لا تستخدم الطائرات ضدها.
وكانت مصادر قد أبلغت «الشرق الأوسط»، في وقت سابق، أن اجتماعاً ضم كلاً من البرهان وحميدتي والقوى الدولية الداعمة للانتقال المدني، والقوى الموقعة على الاتفاق الإطاري، توصل إلى اتفاق على نزع فتيل الأزمة بتقديم تطمينات للدعم السريع، وإخلاء القاعدة الجوية من الطيران الذي يتهدد قوات «الدعم السريع»، لكن قوات الجيش لم تلتزم به، فأصدر حميدتي تعليماته لقواته القادمة من الغرب بمواصلة المسير إلى كل من مروي والخرطوم والارتكاز فيهما.
وظلت الأوضاع متوترة بحدة طوال الأسبوع الفائت، بيد أن وساطات قادتها أطراف متعددة أعلنت فلاحها في نزع الفتيل، وأعلنت عن اجتماع بين الرجلين كان مقرراً أن ينعقد صباح أمس (السبت)، ولكن بدلاً من ذلك وقع الصدام المسلح بين الطرفين، وهو ما كان يخشاه السودانيون رغم علمهم أنه قد أصبح وشيكاً. وتقول مصادر إنه بوقوع الحرب بين الطرفين فقد انتهت الصداقة القديمة بين البرهان وحميدتي، والتي شكلت كثيراً من المشاهد السياسية والعسكرية في السودان منذ عام 2013. فحتى لو انتهت هذه الحرب في أي لحظة، فمن المستبعد أن تعود علاقة الصداقة التي تحولت إلى عداء كبير.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

تبّون يتهم مسؤولين من مرحلة بوتفليقة بـ«بيع سيادة الجزائر»

تبون يتهم مسؤولين من مرحلة بوتفليقة ببيع سيادة البلاد في خطاب بالنقابة المركزية (الرئاسة)
تبون يتهم مسؤولين من مرحلة بوتفليقة ببيع سيادة البلاد في خطاب بالنقابة المركزية (الرئاسة)
TT

تبّون يتهم مسؤولين من مرحلة بوتفليقة بـ«بيع سيادة الجزائر»

تبون يتهم مسؤولين من مرحلة بوتفليقة ببيع سيادة البلاد في خطاب بالنقابة المركزية (الرئاسة)
تبون يتهم مسؤولين من مرحلة بوتفليقة ببيع سيادة البلاد في خطاب بالنقابة المركزية (الرئاسة)

حمل الرئيس عبد المجيد تبون بشدةٍ على مسؤولين بارزين من مرحلة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة، واتَّهمهم بـ«بيع سيادة الجزائر». وفي مقدم الذين طالهم هجوم تبّون الوزير الأول السابق أحمد أويحيى المتهم بأنَّه «سوّق مشهداً سوداوياً» عن أوضاع البلاد المالية والاقتصادية عام 2017، بعد أيام قليلة من إزاحة بوتفليقة لتبون من منصب رئيس الوزراء. وأويحيى مسجون منذ عام 2019 بتهم «فساد».

وتابع الجزائريون، ليلة الخميس، خطاباً لرئيس الجمهورية بمناسبة عيد العمال العالمي، تضمن انتقادات حادة لأبرز المسؤولين الذين اشتغلوا في المرحلة الأخيرة من حكم بوتفليقة (1999 - 2019)، ومن بينهم رئيس الحكومة السابق عبد المالك سلال الذي يقضي عقوبة بالسجن 12 سنة لاتهامه بـ«الفساد» و«سوء التسيير»، و«تبديد المال العام»، و«استغلال النفوذ بغرض التربح».

وقال تبّون إنَّ «البلاد كان يسودها خطاب سياسي مدمّر في تلك المرحلة (من حكم بوتفليقة)، يتضمّن خطة مدروسة، الهدف منها تثبيط عزيمة الجزائريين، وتسليم البلاد للخارج، ووضعها بين يدي صندوق النقد الدولي».


معارضة مدنية سودانية لقرار والي الخرطوم فرض الطوارئ

أحد شوارع أم درمان القديمة التي يسيطر عليها الجيش السوداني (رويترز)
أحد شوارع أم درمان القديمة التي يسيطر عليها الجيش السوداني (رويترز)
TT

معارضة مدنية سودانية لقرار والي الخرطوم فرض الطوارئ

أحد شوارع أم درمان القديمة التي يسيطر عليها الجيش السوداني (رويترز)
أحد شوارع أم درمان القديمة التي يسيطر عليها الجيش السوداني (رويترز)

عدّ معارضون سياسيون الخطوة التي اتخذها والي ولاية الخرطوم المكلف، تكوين «خلية أمنية» بصلاحيات واسعة، وإعلان حالة الطوارئ في الولاية، محاولة لـ«التشفي من خصوم تنظيم الإخوان المسلمين السياسيين»، ورأوا فيها عودة من البوابة الخلفية لـ«جهاز الأمن الشعبي» سيئ الصيت، للقيام بأفعال غير قانونية ضدهم.

وشكل والي الخرطوم المكلف، الخميس، «خلية أمنية» لجمع المعلومات وتصنيفها، للعمل كجهاز إنذار مبكر، للقوات المسلحة، بالتركيز على المعلومات الاستخبارية والأمنية العاجلة، لمواجهة أي تهديد، مستنداً إلى قوانين الطوارئ التي أعلنها في الولاية.

وقال القيادي في «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم)، شهاب إبراهيم، إن الحكومة الحالية هي «حكومة أمر واقع» وجزء من الحرب، وإن ما اتخذته من قرارات يعد «خطيراً» ودعوة لاستمرار الحرب وتحويلها إلى حرب أهلية، مضيفاً أن «هذا استهداف لمواطنين ليسوا جزءاً من الحرب، بل هم متضررون منها». وتابع: «هذه القرارات استهداف لمن هم في مناطق الحرب، تضعهم أمام خيارات أصعب، فهم يهربون من الحرب إلى حرب أخرى تنتظرهم».

تحذير من «ردات الفعل»

وتعد «تقدم» مثل هذه الخطوة استمراراً لنهج «الحركة الإسلامية» و«حزب المؤتمر الوطني» في دارفور منذ 2003، الذي نتجت عنه «جرائم حرب» أدت لاتهام الرئيس المعزول عمر البشير و50 من قيادات الحركة الإسلامية والدولة من قبل المحكمة الجنائية الدولية.

مدينة الخرطوم تعيش حالة من الاشتباكات بين الجيش وقوات «الدعم السريع» منذ 15 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح إبراهيم أن خطورة هذه القرارات تكمن في «ردات الفعل» العنيفة التي قد تنجم لدى الطرف الآخر (الدعم السريع) في المناطق التي يسيطر عليها، الأمر الذي قد يفاقم من جرائم الحرب، لأن مثل هذا المسلك يعد من «جرائم حرب»، لأنه يستهدف المواطنين حسب الجهة أو السحنة.

ورأى إبراهيم أن مثل هذه القرارات تؤكد أهمية «استبعاد الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني من أي صيغة للعملية السياسية بعد وقف الحرب»، وتعزز الطلب من المجتمعين الإقليمي والدولي لتصنيف الحركة الإسلامية «جماعة إرهابية».

جهاز إنذار مبكر للقوات النظامية

وأصدر الوالي المكلف أحمد عثمان حمزة، الخميس، أمر طوارئ أعلن بموجبه حالة الطوارئ في الولاية، وأتبعه بقرارات تكوين «خلية أمنية» لولاية الخرطوم، لجمع المعلومات وتحليلها وتصنيفها والتعامل معها.

وعدّ القرار الخلية المنشأة «جهاز إنذار مبكر» لصالح القوات النظامية، يجمع لها المعلومات الاستخبارية والأمنية العاجلة والمتمهلة، التي تعد من وجهة نظر الولاية «تشكل تهديداً وشيكاً أو محتملاً».

رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان وافق على توصية باعلان الطوارئ في الخرطوم (رويترز)

وأُوكلت إلى الخلية الأمنية مهمة رصد ما أطلق عليها «الخلايا النائمة»، ومراقبة الأشخاص والأماكن والأنشطة المشتبه بها والتحري عنها، إلى جانب سلطة التفتيش والمداهمة والقبض والاستجواب.

وعد المراقبون قرار الوالي منح اللجنة الأمنية، التي شكلها، سلطة مراقبة ما سمته «حركة الحواضن المجتمعية من مناطق وجود العدو، إلى مناطق سيطرة القوات المسلحة»، أخطر ما ورد في أوامر الطوارئ، واستهدافاً للمدنيين، وفقاً للجهة والسحنة والعرق.

صلاحيات اللجنة الأمنية

رئيس تحرير صحيفة «الجريدة» المستقلة، أشرف عبد العزيز، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن والي الخرطوم معروف بخلفيته الأمنية الإسلامية وبعلاقته بجهاز «الأمن الشعبي»، وإنه بهذا القرار يحاول الاستفادة من تجربه جهاز «الأمن الشعبي» التابع لتنظيم «الحركة الإسلامية» إبان حكمهم للبلاد، في قمع المعارضين.

صفوف للحصول على الطعام من متطوعين في أم درمان حيث يسيطر الجيش السوداني (رويترز)

وأوضح عبد العزيز، وهو إسلامي سابق، أن الخلية الأمنية بتكوينها المعلن خارج السيطرة النظامية، وأن تكوينها سيكون من مجموعات تابعة للوالي بخلفيته المعروفة، وتابع: «طالما هي كذلك، فإن الخلية ستتكون من الإسلاميين الذين تحركهم حساسية واستهداف للقوى المدنية وقوى ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018 بكل أطرافها».

ووصف عبد العزيز الصلاحيات الممنوحة لهذه الخلية بأنها «صلاحيات خطيرة»، تفتح الباب لتكوين «جهاز أمن» خاص بالوالي، يوظف فيه تجربته في «الأمن الشعبي» التابع لـ«الحركة الإسلامية» إبان حكمها للبلاد، وقال: «هذه عودة لجهاز الأمن الشعبي» من جديد.

وجهاز «الأمن الشعبي» تنظيم أمني خاص بالإسلاميين، وموازٍ لجهاز الأمن والمخابرات الرسمي، اتهم خلال حكم الرئيس السابق عمر البشير بارتكاب انتهاكات وفظائع خطيرة، بما في ذلك الاعتقال خارج القانون والتعذيب والقتل تحت التعذيب، وإنشاء ما عرفت وقتها بـ«بيوت الأشباح»، وهي معتقلات خارج إشراف الدولة ترتكب فيها الانتهاكات ضد المعارضين.

التمييز بين الإثنيات والمناطق

بدوره، وصف الأمين السياسي لـ«حزب المؤتمر السوداني» والقيادي في «تقدم»، شريف محمد عثمان، في تغريدة على صفحته على «فيسبوك»، النص المتعلق بمراقبة «حركة الحواضن الاجتماعية للدعم السريع من مناطق سيطرة الدعم السريع في ولاية الخرطوم»، وقرارات أخرى للجنة الأمنية منحتها سلطات الاعتقال والتحقيق، بأنها «من أخطر القرارات التي صدرت خلال الفترة الماضية».

اقرأ أيضاً

وقال عثمان إن القرار يميز بين السودانيين على أساس إثني ومناطقي، وإنه يمثل تهديداً لحركة المستهدفين داخل البلاد ومناطق سيطرة القوات المسلحة في الولاية، بما في ذلك إعطاء الأجهزة الأمنية سلطة التحقيق واعتقال كل من ينتمي إلى تلك المناطق.

وتابع: «الحرب انحدرت بالفعل إلى ما كنا نحذر منه، لكن شرعنة هذا الانقسام عبر إصدار أوامر حكومية أمر مهدد للوحدة الوطنية ولسلامة السودانيين والسودانيات».

ودعا عثمان لإيقاف الحرب، وأن يعمل الجميع على إيقافها بأسرع ما يكون.

ولا تسيطر حكومة ولاية الخرطوم المكونة من 7 محليات بشكل فعلي إلا على محلية «كرري» التي تقع شمال مدينة أم درمان، المنطقة التي ظل الجيش السوداني يسيطر عليها منذ بدء الحرب، وأجزاء من محلية أم درمان القديمة التي استعادها الجيش مؤخراً، بينما يسيطر «الدعم السريع» بصورة شبه كاملة على بقية محليات الولاية الست، ما يجعل من صلاحيات «الخلية الأمنية» مقتصرة على مناطق سيطرة الجيش، أو المدنيين الذين يفدون من مناطق سيطرة «الدعم السريع»، أو الجماعات المحسوبة ثقافياً وجهوياً على مناطق «الدعم السريع» وتقطن في مناطق سيطرة الجيش.


مصر: عشرات آلاف الغزيين في حاجة إلى توفيق أوضاع إقامتهم

مبانٍ مدمرة بشمال غزة بعد القصف الإسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)
مبانٍ مدمرة بشمال غزة بعد القصف الإسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)
TT

مصر: عشرات آلاف الغزيين في حاجة إلى توفيق أوضاع إقامتهم

مبانٍ مدمرة بشمال غزة بعد القصف الإسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)
مبانٍ مدمرة بشمال غزة بعد القصف الإسرائيلي في وقت سابق (أ.ف.ب)

دفعت مناشدة السفير الفلسطيني بالقاهرة، دياب اللوح، للسلطات المصرية، «ضرورة استصدار تصاريح إقامة مؤقتة للفلسطينيين الذين وصلوا إلى القاهرة خلال الحرب على غزة، وذلك لأغراض قانونية وإنسانية»، إلى الحديث عن «حاجة عشرات آلاف الغزيين إلى توفيق أوضاع إقامتهم في مصر». وبينما حذر بعض الخبراء الأمنيين من «تداعيات منح تصاريح إقامة للغزيين»، دعا آخرون إلى «ضرورة تحديد ضوابط لإقامتهم في مصر».

وكان السفير الفلسطيني بالقاهرة قد أكد في تصريحات لوكالة «رويترز» للأنباء، «وجود ما يقرب من 100 ألف من سكان غزة في مصر عبروا قطاع غزة منذ بدء الحرب، ويفتقرون إلى الوثائق اللازمة لتسجيل أطفالهم في المدارس أو فتح شركات أو حسابات مصرفية أو السفر أو الحصول على خدمات صحية». وعدّ السفير الفلسطيني أن «التصاريح للغزيين في مصر ستكون بشكل مؤقت، حيث تستهدف فئة من الفلسطينيين في ظرف استثنائي»، كما طالب بـ«منحهم إقامات مؤقتة قابلة للتجديد لحين انتهاء الأزمة في غزة».

ووفق عضوة اتحاد المرأة الفلسطينية بالقاهرة، إيمان بعلوشة، «يواجه عشرات الفلسطينيين المقيمين في مصر تحديات تتعلق بخدمات التعليم والصحة والإقامة». وأوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك جامعات كثيرة قدمت تسهيلات للطلاب الفلسطينيين بالإعفاء من المصروفات أو تخفيضها، والبعض الآخر يشترط ضرورة تحصيل المصروفات قبل امتحانات نهاية العام، فضلاً عن الصعوبات القانونية الخاصة بتحركات الفلسطينيين داخل مصر أو استئجار وحدات سكنية للإقامة بها بسبب عدم وجود تصاريح الإقامة».

جريحة فلسطينية تظهر أثناء نقلها عبر معبر رفح الحدودي في مصر بعد إجلائها من قطاع غزة (أ.ف.ب)

ومنذ بداية الحرب على قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تستقبل مصر حالات استثنائية من المصابين ومرافقيهم للعلاج في المستشفيات المصرية. وقالت عضو اتحاد المرأة الفلسطينية بالقاهرة إن «استخراج تصاريح إقامة ولو مؤقتة سوف يسهل أي تحديات أمام الغزيين»، مضيفة أن «السفير الفلسطيني طالب باستخراج تصاريح مؤقتة للغزيين، بسبب كثرة المطالب التي تتلقاها السفارة الفلسطينية بالقاهرة في هذا الصدد وللتخفيف من ظروف الحرب القاسية».

وفي فبراير (شباط) الماضي، قال محافظ شمال سيناء، محمد عبد الفضيل شوشة، إن «مصر استقبلت منذ بدء العدوان على غزة نحو 1500 من المصابين والمرضى الفلسطينيين من سكان قطاع غزة للعلاج في المستشفيات المصرية، يرافقهم نحو ألفي شخص من أقاربهم».

ورأى مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، محمد نجم، أن «منح تصاريح للفلسطينيين سيفتح الباب أمام باقي الغزيين لترك قطاع غزة، ويشجع على الهجرة من القطاع، وسيسهم في تنفيذ المخطط الإسرائيلي الهادف لتهجير الفلسطينيين من أرضهم»، مشيراً إلى أن «أي إجراء يشجع الفلسطينيين على الهجرة لمصر سوف يشكل أعباء سياسية وأمنية واقتصادية على المجتمع المصري».

صورة مأخوذة من رفح تظهر الدخان الناتج عن القصف الإسرائيلي الذي يغطي أفق خان يونس (أ.ف.ب)

وكان رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قد أكد أخيراً أن «مصر تنفق نحو 10 مليارات دولار سنوياً مقابل استضافة أكثر من 9 ملايين أجنبي يقيمون على أراضيها» (الدولار الأميركي يساوي 47.94 جنيه في البنوك المصرية).

وأضاف نجم لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر تقوم بدور محوري في دعم الفلسطينيين بغزة، حيث تتولى تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية بشكل يومي للغزيين في القطاع، وفي الوقت نفسه تتبنى الدفاع عن القضية الفلسطينية وحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإعلان دولة فلسطين المستقلة، كما تقوم باستقبال الحالات الإنسانية والطبية لعلاجهم في المستشفيات المصرية». ولفت في الوقت نفسه إلى أن «الغزيين لا مبرر لانتقالهم لمصر».

وسبق للقاهرة ودول عربية وغربية عدة أن أكدت أكثر من مرة «رفضها تهجير الفلسطينيين داخل أو خارج أراضيهم». وعدّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي «التهجير» بمثابة «تصفية للقضية».

بينما عدّ مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، أشرف أمين، أن «الإشكالية في منح تصاريح إقامة للغزاويين في مصر، تتمثل في منحها بشكل مطلق، ووقتها سيساعد في هجرة الفلسطينيين من قطاع غزة». لكنه أشار إلى أنه «من المهم أن يتم تقنين إقامة الفلسطينيين الموجودين في مصر، كما الحال في الإجراءات بكل دول العالم». وقال أمين لـ«الشرق الأوسط»، إن «التقنين المقصود به وضع ضوابط محددة للإقامة في مصر، وهذا من شأنه سيساعد في التصدي لمسألة الهجرة من غزة لمصر».


وفاة نجل رئيس مجلس السيادة السوداني في أحد مستشفيات تركيا

رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (مجلس السيادة السوداني عبر «تلغرام»)
رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (مجلس السيادة السوداني عبر «تلغرام»)
TT

وفاة نجل رئيس مجلس السيادة السوداني في أحد مستشفيات تركيا

رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (مجلس السيادة السوداني عبر «تلغرام»)
رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (مجلس السيادة السوداني عبر «تلغرام»)

تُوفي محمد عبد الفتاح البرهان، نجل رئيس مجلس السيادة السوداني، بعدما أمضى قرابة شهرين بالعناية المركزة في مدينة بلكنت الطيبة بالعاصمة التركية أنقرة.

وأعلن وفاة نجل البرهان، ليل الجمعة، متأثراً بجروح خطيرة أُصيب بها في حادث سير. وكان قد أصيب نجل رئيس مجلس السيادة السوداني في حادث سير وقع مساء 7 مارس (آذار) الماضي، أثناء قيادته دراجته النارية بالعاصمة التركية أنقرة، وجرى نقله إلى المستشفى في حالة خطيرة.

ووقع الحادث أثناء قيادة نجل البرهان دراجة نارية في شارع كيراز بمنطقة كيزلجاشار مقابل جامعة أتيليم الخاصة في أنقرة، حيث اصطدم بمركبة تجارية خفيفة كانت تسير أمامه. وتسبب الاصطدام في إلقائه لأمتار بسبب شدة الارتطام، ليسقط على الأرض على مسافة بعيدة.

وانتفلت إلى المكان على الفور فِرق من الشرطة والإسعاف، وأثناء الفحص الأولي أفاد المسعفون بأن جراحه خطيرة، وجرى نقله إلى قسم العناية المركزة بمدينة بلكنت الطبية. وأكد الأطباء أن حالته خطيرة.

وأفادت وسائل إعلام تركية بأن الشرطة ألقت القبض على سائق المركبة التجارية الخفيفة التي اصطدم بها نجل رئيس مجلس السيادة السوداني.


مصر تواصل المشاورات... وتترقب رد «حماس» على «هدنة غزة»

صبي يحمل كيساً مملوءاً بالمواد التي تم انتشالها من أنقاض مدرسة ثانوية مدمرة في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين (أ.ف.ب)
صبي يحمل كيساً مملوءاً بالمواد التي تم انتشالها من أنقاض مدرسة ثانوية مدمرة في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين (أ.ف.ب)
TT

مصر تواصل المشاورات... وتترقب رد «حماس» على «هدنة غزة»

صبي يحمل كيساً مملوءاً بالمواد التي تم انتشالها من أنقاض مدرسة ثانوية مدمرة في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين (أ.ف.ب)
صبي يحمل كيساً مملوءاً بالمواد التي تم انتشالها من أنقاض مدرسة ثانوية مدمرة في مخيم النصيرات للاجئين الفلسطينيين (أ.ف.ب)

تزامناً مع اتصالات مصرية مكثفة تستهدف الاتفاق على «هدنة» في قطاع غزة، يتم خلالها تنفيذ صفقة لـ«تبادل الأسرى»، قال مصدر أمني مصري، لوكالة أنباء «رويترز»، الجمعة، إن «مدير المخابرات المركزية الأميركية، وليام بيرنز، في القاهرة من أجل اجتماعات بشأن غزة».

ولم تسلّم حركة «حماس» بعد ردّها على مقترح الهدنة الذي نقله لها الوسطاء، بعد أن أعلنت الخميس، أنها تدرسه بـ«روح إيجابية»، علماً بأن الحركة تتمسّك «بوقف إطلاق نار دائم في حربها مع إسرائيل»، بينما تؤكد إسرائيل أنها لن تنهي الحرب قبل دخول رفح و«القضاء» على ما تبقى من حركة «حماس».

وتنتظر دول الوساطة؛ قطر ومصر والولايات المتحدة، ردّ حركة «حماس» على اقتراح هدنة لمدة 40 يوماً «يشمل الإفراج عن رهائن محتجزين في قطاع غزة وفلسطينيين في سجون إسرائيلية وزيادة المساعدات إلى القطاع».

وأعلنت «حماس»، الخميس، أن وفداً من الحركة سيزور مصر «في أقرب وقت لاستكمال المباحثات الجارية بهدف إنضاج اتفاق يحقّق مطالب وقف النار». وكان مصدر مصري قد أكد، الخميس، أن «هناك مشاورات مصرية لحسم بعض النقاط الخلافية بين الطرفين». وأضاف المصدر أن المفاوضات الرامية للتوصل إلى اتفاق على هدنة في قطاع غزة تشهد «تقدماً إيجابياً».

مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

ومنذ بداية الحرب، تمّ التوصل إلى هدنة لمدة أسبوع في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، سمحت بالإفراج عن نحو 80 محتجزاً لدى «حماس» مقابل 240 أسيراً فلسطينياً لدى إسرائيل. ويسعى الوسطاء في مصر وقطر والولايات المتحدة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، لإنجاز هدنة في غزة، لكن جولات المفاوضات الماراثونية لم تسفر عن اتفاق بسبب تمسك إسرائيل و«حماس» بمطالبهما.

وقالت مصادر مصرية مطلعة على سير المفاوضات، الجمعة، إن «القاهرة تبذل جهوداً مكثفة على محاور عدة لوقف الحرب في قطاع غزة، والحيلولة دون توسيع رقعة الصراع»، موضحة أن «تكثيف اللقاءات والاتصالات مع الأطراف المعنية يصب في صالح حشد موقف دولي داعم لوقف إطلاق النار».

وأكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير رخا أحمد حسن، أن «الجهود المصرية متواصلة لتحقيق (هدنة في غزة)»، لافتاً إلى أن «مصر تواصل المشاورات لإزالة أي خلافات بشأن الاتفاق». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن «مصر تترقب رد (حماس) على المقترح المصري، وأن إنجاز اتفاق هدنة من عدمه أصبح مرتبطاً الآن بما سيتضمنه رد حركة (حماس)».

ووفق مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، «يبدو أن هناك محاذير بشأن الاتفاق؛ لكن هناك آمالاً بالتوصل إلى توافق، وألا تضع (حماس) شروطاً قد تستغلها إسرائيل لصالحها وترفض الاتفاق»، معرباً عن أمله في «أن يتجاوز الطرفان مصالحهما الشخصية من أجل التوصل إلى اتفاق».

إلا أن حسن قال إن «الأزمة في عدم وجود ثقة بين الطرفين، في ظل التصريحات التي تتصاعد كثيراً من الحكومة الإسرائيلية والتي تتعلق باجتياح رفح الفلسطينية مثلاً».

وسبق أن أكدت مصر أكثر من مرة رفضها «تهجير الفلسطينيين» داخل أو خارج أراضيهم، وعدّته «تصفية للقضية الفلسطينية». وازدادت المخاوف أخيراً من تنفيذ «مخطط التهجير» مع تهديدات إسرائيلية متكررة بتنفيذ عملية عسكرية واسعة في مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة، يخشى أن تتسبب في دفع الفلسطينيين تجاه الحدود المصرية.

إجلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

في سياق ذلك نقلت «القناة 12» في التلفزيون الإسرائيلي عن مصدر مقرب من رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» في قطاع غزة، يحيى السنوار، الجمعة، قوله إن «السنوار لا يزال يطالب بضمانات لإنهاء الحرب، وهو ما ترفضه إسرائيل حتى الآن». وبحسب القناة، فإن «السنوار يريد التزاماً مكتوباً من أجل إنهاء غير مشروط للقتال». كما يطالب أيضاً «بألا تمنع إسرائيل الفلسطينيين الذين تم إطلاق سراحهم مقابل إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين من العودة إلى الضفة الغربية». كما نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الجمعة، عن مسؤولين مصريين، أن إسرائيل أمهلت حركة «حماس» أسبوعاً لقبول مقترح الهدنة قبل أن تبدأ الهجوم على مدينة رفح. وذكرت الصحيفة، بحسب ما أوردت وكالة «أنباء العالم العربي»، أن «مصر عملت مع إسرائيل على مقترح معدل لوقف إطلاق النار قُدم لـ(حماس) الأسبوع الماضي». وذكر المسؤولون المصريون أن «حماس» تريد هدنة طويلة الأجل وضمانات من الولايات المتحدة بأن تحترم إسرائيل وقف إطلاق النار.

ولم يستبعد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق «وجود خلافات بين الطرفين»، موضحاً أن «(حماس) متمسكة بوقف شامل لإطلاق النار، وهو ما ترفضه إسرائيل، كما أن (حماس) تطالب بعودة النازحين إلى شمال غزة بلا تفتيش من قبل تل أبيب، وإسرائيل متمسكة بالإبقاء على الشريط الفاصل بين شمال وجنوب قطاع غزة لتفتيش العائدين إلى الشمال»، لكن أعداد «المُفرج عنهم أعتقد أنه لا مشكلة حولها».

إلى ذلك، أكدت وزارة الصحة المصرية، الجمعة، «تقديم 10 آلاف و628 جلسة دعم نفسي لـ927 وافداً من الفلسطينيين منذ اندلاع الأحداث في قطاع غزة، وذلك تنفيذاً لتوجيهات القيادة السياسية بتوفير جميع الخدمات الطبية، للتخفيف من معاناة الفلسطينيين».


لماذا تصدر «هاشتاغ القبائل العربية في سيناء» تفاعلات «السوشيال ميديا» المصرية؟

لافتة بموقع مدينة «السيسي» (مصطفى بكري عبر حسابه على «فيسبوك»)
لافتة بموقع مدينة «السيسي» (مصطفى بكري عبر حسابه على «فيسبوك»)
TT

لماذا تصدر «هاشتاغ القبائل العربية في سيناء» تفاعلات «السوشيال ميديا» المصرية؟

لافتة بموقع مدينة «السيسي» (مصطفى بكري عبر حسابه على «فيسبوك»)
لافتة بموقع مدينة «السيسي» (مصطفى بكري عبر حسابه على «فيسبوك»)

تصدر هاشتاغ «#القبائل_العربية» في سيناء المصرية «التريند» على موقع «إكس» في مصر، الجمعة، وتفاعل مغردون مع اسم رئيس الاتحاد وصوره عبر هاشتاغ «#إبراهيم_العرجاني».

وأرجع متابعون زيادة التفاعل مع هذا الهاشتاغ إلى الأهمية التصاعدية لشخصية العرجاني، واختياره رئيساً للاتحاد خلال مؤتمر جماهيري، الأربعاء الماضي، وهو المؤتمر الذي شهد الإعلان عن البدء في تنفيذ مدينة «السيسي» بمنطقة «العجرة» بالقرب من مدينة رفح الحدودية.

وانشغلت «السوشيال ميديا»، الجمعة، بالحديث عن الاتحاد ودوره، ما دعا الإعلامي المصري عضو مجلس النواب (البرلمان)، مصطفى بكري، المتحدث باسم الاتحاد، إلى نشر فيديو عبر برنامجه الحواري الذي يقدمه على إحدى القنوات المصرية، يتحدث عن الاتحاد ودوره خلال السنوات الماضية في «مواجهة الإرهاب» بسيناء.

وقال بكري لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتحاد موجود وقائم وبالفعل منذ 15 عاماً، والرئيس الجديد للاتحاد شغل منصب الأمين العام خلال السنوات الماضية». ويهدف اتحاد القبائل، بحسب بيان له، إلى «إدماج جميع الكيانات القبلية في إطار واحد؛ دعماً لثوابت الدولة الوطنية، ومواجهة التحديات التي تهدّد أمنها واستقرارها خصوصاً في هذا الوقت».

وتباينت تعليقات رواد «السوشيال ميديا» حول الاتحاد، الجمعة، إذ تساءل البرلماني المصري السابق محمد أبو حامد، عبر «إكس»، عن «سبب عدم تقدم أي نائب بالبرلمان بسؤال أو بيان عاجل، ليسأل عن ماهية الاتحاد ودوره ونفوذه وصلاحياته التي تجعل أحد زعمائه يسير في موكب مهيب بحراسة».

https://x.com/MohamedAbuHamed/status/1786149690314015227

ودافع حساب باسم «أحمد رفاعي» على «إكس» عن «دور القبائل العربية في سيناء خلال السنوات الأخيرة».

https://x.com/ahmedrefaie1950/status/1786330115489533997

وتحدث حساب باسم «محمد جرمون» على «إكس» عن «دور الاتحاد بوصفه جمعية رسمية لا تخالف القانون».

https://x.com/mgramoun/status/1786163537707999251

كما نشر حساب باسم «سحر عبد الله» على «إكس» صورة تجمع العرجاني مع الضابط المصري أحمد منسي (قُتل عام 2017 في مواجهات مع الإرهابيين بسيناء)، وكتبت: «صورة تكفي لإسكات الألسنة».

https://x.com/sahar45erter/status/1786287645473051025

وكان فيديو «موكب» رئيس الاتحاد خلال حضوره مؤتمر الاتحاد، الأربعاء الماضي، مثار حديث على مواقع التواصل بسبب «فخامة السيارات التي ظهرت في الفيديو وأعداد أفراد الحراسة». وشارك حساب باسم «أحمد موسى» على «إكس» مقطع فيديو موكب العرجاني، معلقاً: «موكب العرجاني ولا موكب جو بايدن».

https://twitter.com/AhmedMo00332602/status/1786250255266156586

ورأى الخبير بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «تدشين الاتحاد وغيره من الكيانات الموازية للأحزاب السياسية أمر بلا فائدة». وأكد ربيع، الذي يشغل عضوية مجلس أمناء «الحوار الوطني» بمصر، لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك تساؤلات حول الهدف من الاتحاد والشخصيات التي تصدرت المشهد خلال مؤتمر الأربعاء الماضي».

من جانبه، عدّ مصطفى بكري ما ظهر خلال موكب رئيس الاتحاد «أمراً طبيعياً في ظل حراسة أبناء القبائل لرئيس الاتحاد الجديد». كما اتهم بكري تنظيم «الإخوان» بالوقوف وراء الانتقادات التي طالت العرجاني عبر «السوشيال ميديا»، معتبراً أنها «محاولة للانتقاص من دوره في دعم الجيش المصري للقضاء على الإرهاب خلال السنوات الماضية».

جانب من مؤتمر «اتحاد القبائل» (حساب مصطفى بكري على «فيسبوك»)

وسبق لبكري نشر تدوينات عدة عن دور العرجاني في مواجهة الإرهاب منذ عام 2011، ومرافقة العرجاني مسؤولين رسميين خلال زيارتهم شمال سيناء في الفترة الأخيرة، من بينهم رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي.

في السياق نفسه، قالت أمينة المرأة بحزب «حماة الوطن» عن شمال سيناء، حسناء الشريف، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المشهد الذي ظهر خلال مؤتمر الاتحاد الأخير يشير إلى وجود تواصل بين أبناء القبائل والدولة المصرية للتعرف على المشاكل التي تواجه أبناء القبائل».

في حين رأى شيخ مشايخ قبائل سيناء، عيسى الخرافين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «تفعيل دور الاتحاد سوف يقضي على العصبية بين القبائل»، موضحاً أن باكورة التعاون بين الحكومة والاتحاد تتمثل في مدينة «السيسي»، فضلاً عن إنشاء تجمعات قبلية أخرى.

ودشن «اتحاد القبائل العربية» في شبه جزيرة سيناء المصرية، الأربعاء الماضي، مدينة جديدة تحمل اسم «السيسي»، في رفح بشمال سيناء. وقال الاتحاد في مناسبة الإعلان عن تأسيسه، إنه تم التوافق على «اختيار الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيساً شرفياً للاتحاد، وتغيير اسم منطقة (العجرة) إلى مدينة السيسي».

وتقع المدينة المزمع إنشاؤها في منطقة صحراوية برفح المصرية، قريبة من قرية «العجرة» بشمال سيناء، وعلى مقربة من حدود مصر مع رفح الفلسطينية، على مساحة نحو 15 كيلومتراً مربعاً.


تونس: نقابة الصحافيين ترصد تهديدات متصاعدة لحرية الصحافة

جانب من الوقفة الاحتجاجية التي نظمها صحافيون تونسيون وسط العاصمة اليوم الجمعة (إ.ب.أ)
جانب من الوقفة الاحتجاجية التي نظمها صحافيون تونسيون وسط العاصمة اليوم الجمعة (إ.ب.أ)
TT

تونس: نقابة الصحافيين ترصد تهديدات متصاعدة لحرية الصحافة

جانب من الوقفة الاحتجاجية التي نظمها صحافيون تونسيون وسط العاصمة اليوم الجمعة (إ.ب.أ)
جانب من الوقفة الاحتجاجية التي نظمها صحافيون تونسيون وسط العاصمة اليوم الجمعة (إ.ب.أ)

قالت نقابة الصحافيين التونسيين، اليوم الجمعة، إن الوضع الاستثنائي للصحافيين في تونس اتسم «بتصاعد التهديدات ضد حرية الصحافة».

ونشرت النقابة تقريرها اليوم، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، في وقت أحرزت فيه تونس تقدماً طفيفاً في التصنيف السنوي لمنظمة «مراسلون بلا حدود»؛ حيث تقدمت من المركز 121 إلى المركز 118. ولفتت النقابة في تقريرها إلى تواتر محاكمات الصحافيين على خلفية أعمالهم الصحافية، بجانب التضييقات والتهديدات والاعتداءات عليهم. وبحسب المنظمة، فقد أحيل الصحافيون إلى القضاء على خلفية أعمالهم، في 39 مناسبة بقوانين زجرية، مثل قانون مكافحة الإرهاب وغسل الأموال، ومجلة الاتصالات، والمجلة الجزائية، والمرسوم 54 الذي أصدره الرئيس قيس سعيد لتنظيم العقوبات، المرتبطة بجرائم الاتصال والمعلومات على شبكة الإنترنت. وأصدرت المحاكم التونسية خلال هذه السنة خمسة أحكام بالسجن في حق صحافيين ومعلقين، عدّتها النقابة «سابقة خطيرة». وتنقد النقابة استخدام السلطات لقوانين غير تلك المنظمة لقطاع الإعلام، في تحريك دعاوى ضد الصحافيين. وتشكو المنظمة والمؤسسات الإعلامية في تونس، منذ إطاحة الرئيس قيس سعيد بالنظام السياسي في 2021، ووضع مؤسسات دستورية بديلة، من قيود على تداول المعلومات، وعلى التعددية الإعلامية في الإعلام العمومي.


سلطات بنغازي تطبّق قانون «الجرائم الإلكترونية»... وتتعقب «المتورطين»

وزير الداخلية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب اللواء عصام أبو زريبة (المكتب الإعلامي للوزير)
وزير الداخلية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب اللواء عصام أبو زريبة (المكتب الإعلامي للوزير)
TT

سلطات بنغازي تطبّق قانون «الجرائم الإلكترونية»... وتتعقب «المتورطين»

وزير الداخلية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب اللواء عصام أبو زريبة (المكتب الإعلامي للوزير)
وزير الداخلية بالحكومة المكلفة من مجلس النواب اللواء عصام أبو زريبة (المكتب الإعلامي للوزير)

فعّلت السلطات الأمنية في شرق ليبيا تطبيق قانون «مكافحة الجرائم الإلكترونية»، على الرغم من تحذيرات جمعيات ومنظمات حقوقية محلية ودولية، عدّته «قمعياً»، وقالت إنها تستهدف أمنياً «المتورطين في استخدام شبكة المعلومات الدولية، ووسائل التقنية الحديثة بشكل غير مشروع».

مجلس النواب أصدر القانون رقم (5) لسنة 2022 بشأن مكافحة الجرائم الإلكترونية رغم انتقادات حقوقية (النواب)

وكان مجلس النواب أصدر القانون رقم (5) لسنة 2022 بشأن مكافحة الجرائم الإلكترونية، رغم انتقادات حقوقية محلية ودولية واسعة، وقد نص هذا القانون على أن «استخدام شبكة المعلومات الدولية ووسائل التقنية الحديثة مشروعة، ما لم تترتب عليه مخالفة للنظام العام أو الآداب العامة، أو الإساءة إلى الآخرين أو الإضرار بهم».

ومع تفعيل القانون، قال جهاز البحث الجنائي بشرق ليبيا، مساء (الخميس)، إنه أطلق حملة أمنية موسعة ضد «كل من يتورط في ارتكاب الأفعال المنصوص عليها في القانون»، محذراً من أنهم «سيعاملون معاملة المجرمين، وسيتم القبض عليهم وفقاً لصحيح القانون؛ حيث صدرت عدة أوامر ضبط على متورطين في مثل هذه الأساليب البذيئة».

كما أوضح الجهاز أن القانون، المكون من 53 مادة: «جرّم الأفعال الإلكترونية التي من ضمنها التشهير والسب، والقذف على مواقع التواصل الاجتماعي، والتلفظ بألفاظ لا تليق بتعاليم ديننا الإسلامي، أو تنافي عاداتنا وخصوصاً أمتنا الليبية».

الجهاز أوضح أن القانون المكون من 53 مادة جرّم الأفعال الإلكترونية التي من ضمنها التشهير والسب والقذف (رويترز)

ومع حديث مجلس النواب في 16 من فبراير (شباط) الماضي عن أنه بصدد تطبيق القانون، سارعت منظمة «هيومن رايتس ووتش» بدعوة الأول إلى إلغاء القانون، الذي عدّته «مقيداً لحرية التعبير»، ووصفته بأنه «قمعي».

وقالت المنظمة الدولية إن أربعة خبراء من «الأمم المتحدة» انتقدوا القانون، بعدّه ينتهك حقوق حرية التعبير والخصوصية، وتكوين الجمعيات، ودعوا إلى ضرورة «إبطاله».

وفي 17 من فبراير (شباط) الماضي اعتقلت السلطات الليبية امرأتين، إحداهما مغنية، والأُخرى صانعة محتوى على الإنترنت، بدعوى انتهاك هذا القانون، والإخلال بـ«الشرف والآداب العامة».

وقال حقوقي ليبي بشرق البلاد إن الهدف من تفعيل هذا القانون، رغم إصداره منذ أكثر من شهرين، يعود «لرغبة من في السلطة بالتصدي لمعارضيهم من المدوّنِين».

وأضاف الحقوقي الليبي لـ«الشرق الأوسط»، رافضاً ذكر اسمه لدواعٍ أمنية، أن جهاز الأمن الداخلي «توسع في اعتقال كل من يعبر عن رأيه كتابة، وينتقد السلطة الحاكمة، وأصبح لدينا عدد من النشطاء في المعتقلات»، مبرزاً أن «الالتزام بالقانون عموماً فرض على الجميع؛ لكن الغرض منه وطريقة تطبيقه هما الفارق».

ويهدف القانون، وفق مادته الثانية، إلى المساعدة على تحقيق العدالة والأمن المعلوماتي، وحماية الاقتصاد والنظام العام والآداب العامة، بالإضافة إلى حفظ الحقوق المترتبة على الاستخدام المشروع لوسائل التقنية الحديثة.

وتسري أحكام القانون، بحسب المادة الرابعة، على أي من الجرائم المنصوص عليها فيه، إذا ارتكبت كل أفعالها أو بعضها داخل ليبيا، أو ارتكبت كل أفعالها خارج ليبيا، وامتدت نتائجها وآثارها لداخل ليبيا، ولو لم يكن الفعل معاقباً عليه في الدولة التي ارتكب فيها.

ويعاقب القانون طبقا للمادة (13) بالحبس مدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن ألف دينار، ولا تزيد على 5 آلاف دينار لكل من اعترض نظاماً معلوماتياً بقصد الحصول على بيانات رقمية، أو للربط مع أنظمة إلكترونية أخرى. (الدولار يساوي 4.84 دينار في السوق الرسمية).

وقالت حنان صلاح، المديرة المشاركة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومن رايتس ووتش»، وفق بيان سابق للمنظمة، إنه «ينبغي أن يتمتع الليبيون بالحق في حرية التعبير على شبكة الإنترنت أو خارجها. وليس من المقبول التعدي على هذا الحق باسم مكافحة الجرائم الإلكترونية».

ومن بين المواد التي أثارت انتقادات واسعة المادة الخاصة بـ«تعطيل الأعمال الحكومية»، إذ نصت على أنه «يعاقب بالسجن، وبغرامة لا تقل عن 10 عشرة آلاف دينار، ولا تزيد على 100 ألف دينار، كل من عطل الأعمال الحكومية أو أعمال السلطة العامة، أو قام بعرقلتها باستعمال أي وسيلة إلكترونية. ويعاقب بالعقوبة ذاتها كل من أنتج أو زرع، أو حاز برامج معدة لهذا الاستعمال».

وزاد القانون المادة (37)، التي تتحدث عن «تهديد الأمن أو السلامة العامة»، وتضمنت العقوبة نفسها في المادة السابقة لكل من بث إشاعة، أو نشر بيانات أو معلومات تهدد الأمن والسلامة العامة في الدولة، أو أي دولة أخرى من خلال شبكة المعلومات الدولية، أو استعمال أي وسيلة إلكترونية أخرى، وهو ما عدّه منتقدو القانون «سلاحاً يرفع في وجه من يسعى لمعارضة السلطة حتى ولو بالطرق السلمية».

تتنافس سلطتان على الشرعية السياسية الوطنية والسيطرة في ليبيا، هما حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة ومقرها طرابلس، وحكومة «الاستقرار»، الإدارة المنافسة في شرق البلاد ومقرها شرق ليبيا، التي رشحها مجلس النواب في مارس (آذار) 2022، وتلقى دعماً واسعاً من الجيش «الوطني».


تقرير: بيرنز في القاهرة لحضور اجتماعات بشأن غزة

وليام بيرنز مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (رويترز)
وليام بيرنز مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (رويترز)
TT

تقرير: بيرنز في القاهرة لحضور اجتماعات بشأن غزة

وليام بيرنز مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (رويترز)
وليام بيرنز مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (رويترز)

كشفت ثلاثة مصادر أمنية مصرية في مطار القاهرة الدولي أن وليام بيرنز، مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية «سي.آي.إيه»، وصل إلى القاهرة؛ لحضور اجتماعات بشأن الصراع في قطاع غزة، وفق «رويترز».

وتبذل مصر، بالإضافة إلى قطر والولايات المتحدة، جهوداً حثيثة للتوسط بين إسرائيل وحركة «حماس» في سبيل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، والإفراج عن الرهائن المحتجَزين في غزة.


تونس: 13 عاماً سجناً لإرهابي مُدان بـ«التخطيط لتفجير منطقة سياحية»

قوات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة في حالة استنفار (موقع وزارة الداخلية التونسية)
قوات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة في حالة استنفار (موقع وزارة الداخلية التونسية)
TT

تونس: 13 عاماً سجناً لإرهابي مُدان بـ«التخطيط لتفجير منطقة سياحية»

قوات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة في حالة استنفار (موقع وزارة الداخلية التونسية)
قوات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة في حالة استنفار (موقع وزارة الداخلية التونسية)

كشفت مصادر رسمية تابعة لوزارتي العدل والداخلية في تونس عن قرارات كثيرة بشأن المشتبه بهم في قضايا «الانتماء إلى تنظيم إرهابي» و«التآمر على أمن الدولة»، وقضايا جنائية كثيرة من بينها تهريب المخدرات والبشر وتنظيم شبكات لتهريب المهاجرين غير النظاميين وغالبيتهم من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء عبر السواحل التونسية والليبية نحو السواحل الإيطالية.

في هذا السياق، أصدرت هيئة الدائرة الجنائية «المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب» بالمحكمة الابتدائية بتونس العاصمة حكماً بالسجن لمدة 13 عاماً ضد «تكفيري» متهم في قضايا إرهابية، من بينها «التخطيط للقيام بعملية انتحارية بواسطة حزام ناسف بإحدى المدن السياحية التونسية عام 2022».

محاميات وحقوقيات في مظاهرة أمام محكمة تونس للمطالبة باحترام القانون في قضايا المتهمين بالإرهاب والتآمر على أمن الدولة (صور متداولة في وسائل الإعلام التونسية)

إيقافات

كما أعلن ناطق باسم المحاكم التونسية والمتحدث باسم الإدارة العامة للحرس الوطني عن إيقاف عدد من المشتبه بانتمائهم إلى «التكفيريين» ومجموعات متورطة في تهريب البشر والمخدرات والسلع مجهولة المصدر.

وكان بعض هؤلاء من بين الذين صدرت ضدهم منذ مدة بطاقات تفتيش أمنية أو قضائية بتهم «الانتماء إلى تنظيم إرهابي» أو إلى شبكات المتشددين (التكفيريين).

المعارض اليساري عز الدين الحزقي والحقوقية شيماء عيسى الجمعة داخل قاعة محكمة تونس التي نظرت مجدداً في إحدى قضايا جوهر بن مبارك الذي أحيل مع 40 من رفاقه بتهم الإرهاب (صور متداولة في وسائل الإعلام التونسية)

كما شملت الإيقافات في تونس مجموعات من المتهمين بالتهريب في محافظات عدة حجزت قوات الأمن لديهم عشرات «المراكب البحرية» والمحركات التي يستخدمها أعضاء شبكات تهريب المهاجرين غير النظاميين بين سواحل تونس وليبيا وجنوب أوروبا.

وشدد وزير الداخلية كمال الفقي، في تصريحات صحافية على هامش مشاركته في مؤتمر جمعه بنظرائه الليبي والجزائري والإيطالي في روما، على واجب التعامل بحزم مع المتهمين في قضايا الإرهاب والجريمة المنظمة بأنواعها.

إحالة 40 سياسياً إلى «دائرة الإرهاب»

من جهة أخرى، أعلنت المحامية منية العابد، المختصة بقضايا الإرهاب وملفات السياسيين المتهمين بـ«التآمر على أمن الدولة»، الجمعة، أن «دائرة الاتهام المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بمحكمة الاستئناف بالعاصمة رفضت جميع مطالب الإفراج عن الموقوفين المتهمين، وبينهم السياسيون والوزراء السابقون رضا بالحاج وغازي الشواشي وعبد الحميد الجلاصي وخيام التركي ورجل الأعمال كمال اللطيف».

كما أورد الناطق باسم محكمة الاستئناف في تونس الحبيب الترخاني أن «دائرة الاتهام المختصّة قرّرت إحالة المتهمين الأربعين إلى المحاكمة لمقاضاتهم من أجل تهم ذات صبغة إرهابية»، بينهم إعلاميون وسياسيون سابقون ورجال أعمال في حالة إيقاف وآخرون في حالة فرار أو في حالة سراح.

قوات الأمن التونسية والليبية والإيطالية رفعت تنسيقها في مجالات مكافحة التهريب والإرهاب والمخدرات (صور متداولة في وسائل الإعلام التونسية)

وقررت المحكمة حفظ القضية بالنسبة لـ12 شخصاً، بينما أبقت على قراري منع الظّهور في الأماكن العامة لمتّهمين اثنين وحظر سفرهما وأيضاً قرار منع التداول الإعلامي في حيثيات القضيّة إلى حين إحالة ملف القضيّة للمحكمة الابتدائية المختصّة.

وأعلن الزعيم الحقوقي اليساري عز الدين الحزقي، الجمعة، أن ابنه الوزير السابق والقيادي في «جبهة الخلاص الوطني المعارضة» جوهر بن مبارك مثُل، الجمعة، أمام محكمة تونسية في قضية أخرى اتُّهم فيها بسبب تشكيكه في نتائج الانتخابات البرلمانية التي نُظمت أواخر 2022.

وكشفت المحامية دليلة مصدق عن أن «جوهر بن مبارك ورفاقه السياسيين يحالون في الوقت نفسه أمام قطب الإرهاب في قضايا إرهابية» ووُجهت إلى بعضهم اتهامات خطيرة أخرى تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد والإعدام.

وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد قد قال، الشهر الماضي، خلال اجتماع لمجلس الأمن القومي: «بالنسبة لعدد من الأشخاص الذين تآمروا على أمن الدولة وما زال هناك عدد آخر ممن يتآمرون على أمن الدولة، آن الأوان لتتم محاكمتهم محاكمة عادلة».

وأضاف: «تم احترام الإجراءات (القضائية) لكن التمطيط في الإجراءات بهذا الشكل يجعل هؤلاء يتآمرون وما زالت هناك أموال تتدفق عليهم من الخارج عن طريق جمعيات».

وفي شهر فبراير (شباط) من عام 2023 ألقت قوات الأمن التونسية القبض على عشرات المعارضين والشخصيات؛ بينهم زعماء أحزاب ونشطاء سياسيون من بينهم جوهر بن مبارك وعصام الشابي وعبد الحميد الجلاصي وخيام التركي وغازي الشواشي ورضا بلحاج، ووجهت إليهم تهم «التآمر على أمن الدولة» و«الضلوع في قضايا إرهابية» و«ارتكاب جرائم حق عام مختلفة».

في المقابل، أصدرت نقابة المحامين في العاصمة التونسية، أمس، بلاغات تطالب بـ«توفير ضمانات المحاكمة العادلة وظروف الدفاع اللائقة عن كل المتهمين في قضايا التآمر والإرهاب».