الكويت... أزمة تلد أخرى

المشهد السياسي بعد حكم المحكمة الدستورية وتصاعد الخلاف بين «الرئيسين»

البرلمان الكويتي (كونا)
البرلمان الكويتي (كونا)
TT

الكويت... أزمة تلد أخرى

البرلمان الكويتي (كونا)
البرلمان الكويتي (كونا)

لا يوجد عنوان للأزمات السياسية المتكررة في الكويت أكثر شيوعاً لدى الكتّاب والمحللين السياسيين هناك مِن «أزمة تَلِدُ أخرى»؛ فمنذ أكثر من عقد من الزمان والحياة السياسية تخرج من رحم أزمة لتسقط في أزمات متجددة... ليست المرة الأولى التي تبطل المحكمة الدستورية في الكويت مجلساً منتخباً وتعيد مجلساً تم حله بمرسوم، بسبب شوائب دستورية؛ فقد سبق أن أصدرت المحكمة، في عام 2012، حكماً مشابهاً بإبطال الانتخابات، وبالتالي «مجلس الأمة» المنتخَب، الذي كانت تهيمن عليه المعارضة، وعودة المجلس السابق. فقد حكمت المحكمة الدستورية في 20 يونيو (حزيران) 2012 ببطلان حل مجلس الأمة (2009) وإجراءات الدعوة لانتخابات «مجلس 2012». وبذلك قضت بعودة «مجلس 2009» والنواب الممثلين فيه للانعقاد وفق الأطر الدستورية. لكن قرار المحكمة الدستورية في 19 مارس (آذار) الماضي ببطلان انتخابات مجلس الأمة الكويتي (2022)، وعودة رئيس وكامل أعضاء مجلس الأمة السابق (مجلس 2020)، برئاسة مرزوق الغانم، مثَّل صدمة مدوية؛ فالمجلس المبطل جاء على إيقاع انتخابات حشدت لها الدولة كل طاقاتها لتمثل المشروع السياسي للعهد الجديد الذي ترافق مع وصول رئيس وزراء جديد، وتم تحييد أجهزة الدولة عن التدخل في تلك الانتخابات والتعهُّد بكف يد الحكومة عن التأثير في الانتخابات البرلمانية أو في اختيار رئيس «مجلس الأمة»، مع جهود كبيرة لمكافحة توظيف المال السياسي، ومنع الانتخابات الفرعية التي تضر بالعملية الانتخابية، وكذلك منع نقل الأصوات بين الدوائر.
كانت هناك إرادة في الكويت للخروج من النفق السياسي المعتم، خصوصاً أن البلاد شهدت مشادات سياسية جمدت الإصلاحات الاقتصادية وأضرت بالعملية السياسية برمتها. وعلى وقع تلك الأزمة أعلن ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، يوم 22 يونيو (حزيران) 2022، حل البرلمان، وأطلق على الفترة المقبلة «تصحيح المسار»، وأشار إلى أن المشهد السياسي «تمزقه الاختلافات، وتدمره الصراعات، وتسيره المصالح والأهواء الشخصية على حساب استقرار الوطن وتقدمه وازدهاره»، ملقياً باللوم على السلطتين التشريعية والتنفيذية في هذا الوضع.
ويوم 24 يوليو (تموز) 2022، أصدر أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح، أمراً أميرياً بتعيين الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح رئيساً جديداً للوزراء ليحل محل رئيس وزراء الحكومة المستقيلة الشيخ صباح الخالد، الذي واجه خلافات مستحكمة مع المعارضة في البرلمان أدت لتقديم استقالته 4 مرات، منذ تشكيله أول حكومة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019.
وبعد تشكيل الحكومة الجديدة، مطلع أغسطس (آب) 2022، وعقدها اجتماعها الأول، رفعت مرسوم حل «مجلس الأمة»، في الثاني من أغسطس 2022، بعد ساعات من أداء الحكومة الجديدة القسم الدستوري؛ ما أوقعها في معضلة دستورية، وهي انتفاء سبب حل المجلس (عدم التعاون) لكون رئيس الحكومة للتو قد تم تكليفه تشكيل الحكومة. وبحسب رأي رئيس المجلس مرزوق الغانم، في 5 أبريل (نيسان) الحالي، فإن «مَن يفقه أبجديات التشريع والدستور والقوانين يعلم تماماً أن الخلاف وعدم التعاون بين (مجلس الأمة) والحكومة ينتهي أمره ويزول أثره بمجرد تكليف رئيس وزراء جديد».
لكن قبل صدور حكم المحكمة الدستورية لم تكن العلاقة بين الحكومة التي يرأسها أحمد النواف، ومجلس الأمة الذي يقوده البرلماني المخضرم أحمد السعدون، في أحسن حالاتها؛ إذ شابها التوتر وتعطيل الجلسات، وقاطعت الحكومة حضور البرلمان. وفي 23 يناير (كانون الثاني) الماضي قدم رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح استقالة حكومته إلى ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح، على أثر خلاف مع مجلس الأمة (البرلمان) بشأن الاتفاق على حزمة معونات مالية يرغب النواب في دفع الحكومة لإقرارها، مقابل التنازل عن مطلب شراء القروض. جاءت هذه الاستقالة بعد إصرار الحكومة على موقفها بشأن إعادة تقارير اللجنة المالية إلى اللجان من دون تعهدات، إضافة إلى طلبها سحب استجوابين إلى وزير المالية عبد الوهاب الرشيد، ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء براك الشيتان.

د. خديجة جعفر

صورة المشهد السياسي
في البدء يرسم لنا الدكتور عايد المناع، الأكاديمي والباحث السياسي الكويتي، صورة المشهد السياسي الراهن، خصوصاً بعد صدور حكم المحكمة الدستورية، قائلاً: «المشهد السياسي في الكويت بعد حكم المحكمة الدستورية مختلفٌ عما قبله. هذا الحكم قلب الأوضاع رأساً على عقب؛ فربما لم يتوقع كثيرون أن تحكم المحكمة الدستورية ببطلان (مجلس 2022)، وعودة (مجلس 2020)، ولكن ما حصل أن المحكمة الدستورية أصدرت هذا الحكم، في 19 مارس (آذار) الماضي. ولذلك أصبح الوضع مختلفاً؛ فقد عاد (مجلس 2022) الذي يرأسه مرزوق الغانم لممارسة أعماله، ولكن من الواضح تماماً أن رئيس مجلس الوزراء الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح، لا يريد أن يتجه بحكومته إلى مجلس الأمة لتؤدي اليمين الدستورية، وليصبح الوزراء، ورئيس الوزراء، أعضاء في مجلس الأمة (بحكم وظائفهم)، ولتبدأ مسيرة التشريع والرقابة ما بين مجلس الأمة ومجلس الوزراء أو الحكومة».
ويضيف مناع: «هذا الوضع أدى إلى أن يفقد رئيس مجلس الأمة، مرزوق الغانم، صبره، ويتكلم بكلام قاسٍ جداً على رئيس الوزراء (في 5 أبريل الحالي) وصفه خلاله بأنه (يمثل خطراً على البلاد وعلى الوضع العام). وبالتأكيد رغم عدم رد رئيس مجلس الوزراء بشكل مباشر، فإنه من الواضح وجود حالة من الجفاء الشديد بين الرئيسين. وبالتالي، نحن الآن بالفعل ندور في الأزمة؛ فقد كانت الأزمة (في السابق) ما بين بعض الأعضاء في مجلس الأمة ورئيس المجلس (مرزوق الغانم)، الأمر الذي انعكس على العلاقة مع رئيس الحكومة السابق الشيخ صباح الخالد الصباح وحكومته، وأدى إلى رحيل رئيس الوزراء السابق صباح الخالد. أما الآن، فأصبحت الأزمة بين رئيس مجلس الأمة ورئيس مجلس الوزراء. وهذه المعضلة تتطلب حلاً من القيادة العليا عبر تحكيم الدستور بالشكل الذي يراه أهل الاختصاص الدستوري، خصوصاً فيما إذا كان رئيس مجلس الوزراء والحكومة مُلزمين بأداء اليمين الدستورية وممارسة عملهم (أمام المجلس)، وبعد ذلك إذا حصلت أزمة ما بين الطرفين يتدخل المرجع الأعلى للسلطات، الأمير وولي العهد (ممثلاً للأمير) بقبول استقالة الحكومة وحل مجلس الأمة وإجراء انتخابات جديدة».
> ماذا إذاً يمكن أن يحمل الخطاب من أفكار؟
يجيب مناع: «حتى الآن ليس لدينا ما يشير إلى إمكانية استخدام أداة غير مرسوم الحل، وفقاً للمادة 107 من الدستور، لأن صلاحيات الأمير بالأوامر الأميرية محددة بتسمية ولي العهد وتسمية رئيس الوزراء بعد موافقة مجلس الأمة وتعيين نائب عن الأمير في حال غيابه أو كان ولي العهد غير موجود أو لا يستطيع العمل أو لأي سبب آخر».

د. عايد المنّاع

جوهر الأزمة عدم الإيمان بالنهج الديمقراطي
من جانب آخر، تقول الدكتورة خديجة جعفر، الأمين العام لتجمع «ولاء» الوطني لـ«الشرق الأوسط» في تحليلها للوضع الراهن في الكويت: «المشهد السياسي في الكويت استمرار لوضع نعيشه منذ أكثر من 15 سنة؛ فهذا ليس أول مجلس تبطله المحكمة الدستورية، وفي النهاية نحن في دولة مؤسسات، ما يتطلب احترام أحكام القضاء، واللجوء إلى الإجراءات الدستورية لحل الإشكاليات الواردة. أما التشكيلة الحكومية، فهي استمرار لذات المنهجية السالفة».
ثم تضيف جعفر، حيال تفاصيل هذا المشهد والعلاقة المتوترة بين رئيسي السلطتين: «العلاقة بين الرئيسين شابها عدم الانسجام والتوتر منذ قدوم الشيخ أحمد النواف الصباح لرئاسة الحكومة؛ فهو، منذ توليه رئاسة مجلس الوزراء، رفض التعاون مع رئيس البرلمان مرزوق الغانم. وكما هو معلوم للجميع، باشر رئيس الحكومة عمله برفع مرسوم حل البرلمان الذي كان يترأسه السيد مرزوق الغانم، وكان قراره هذا مبنياً على التزامه بتنفيذ توجهات القيادة السياسية والإرادة الشعبية التي خاضت حراكاً لرحيل رئيس البرلمان ورئيس الحكومة السابق الشيخ صباح الخالد. إلا أن حكومة الشيخ أحمد النواف ومستشاريها وقعوا بأخطاء إجرائية أبطلت حلَّه للبرلمان، وهذا ما نص عليه حكم المحكمة الدستورية».
رداً على السؤال: هل نحن مقبلون على تبريد الأزمة أم تصعيدها وصولاً لحل المجلس والعودة للشعب مرة أخرى؟
تقول الأمين العام لتجمع «ولاء» إن «أي إجراء سيُتخذ من دون إصلاحات سياسية حقيقية، هو حتماً عملية تبريد للوضع الراهن وتأجيل للمشكلة، ولن تأتي بجديد... والعودة للانتخابات بالنظام الانتخابي ذاته والآلية نفسها ليست إلا محاولة لتصحيح الوضع بذات الأسلوب الذي خلق المشكلة. وهذا يدخل في خانة هدر الوقت واستمرار لحالة اللااستقرار وتعطيل لأي محاولة جادة للإصلاح». وتتابع: «بشكل محدد، فإن استمرار المشهد السياسي بالمنهجية ذاتها لا يستفيد منه إلا الحكومة وحلفاؤها الذين يسعون لتعزيز نفوذهم واستمرار سيطرتهم على مقدَّرات الدولة».
وهنا تُعيد خديجة جعفر جوهر الأزمة إلى ما تسميه «عدم إيمان بعض الأقطاب المؤثرين في القرار السياسي بالنهج الديمقراطي وبمشاركة الشعب في القرار، ورغبة الحكومة الدائمة بالانفراد بمقدرات الدولة والسيطرة على القرارات السياسية والإدارية والمالية».
ولا تستثني النظام الانتخابي؛ فهي ترى أن «النظام الانتخابي غير العادل لجهات تقسيم الدوائر وتوزيع الشريحة الانتخابية وآلية التصويت لا يعكس الواقع الحقيقي للإرادة الشعبية؛ فالحكومة تدير العملية الانتخابية من خلال وزارتي العدل والداخلية».
ثم تضيف جوهر عناصر أخرى للب المشكلة السياسية المتجددة في الكويت، وهي أن «آلية التشكيل الحكومي قائمة على الولاءات لا الكفاءات... ودستورنا ليس مطَبّقاً بشكل حقيقي، وآلية عمل مؤسساتنا بالمنهجية السابقة لم تعد مناسبة. إننا نحتاج إلى مراجعة وتقييم لتجربتنا الديمقراطية لتحقيق مزيد من الحريات وتطوير منظومتنا السياسية لكي يستطيع الشعب التعبير عن إرادته بشكل حقيقي».

التنافس على المناصب
في لقاء مع {الشرق الأوسط}، تحدث ناصر العبدلي، رئيس مركز دراسات التنمية فتطرّق إلى الأزمة المستجدة في البلاد، بعد حكم المحكمة الدستورية غير المسبوق، وقال إن هذا الحكم «أدى إلى إرباك الساحة السياسية، وأعاد كل الفرقاء إلى المربع الأول، الأمر الذي أدى إلى توتير الأجواء السياسية مرة أخرى بين رئيس الوزراء من جهة ورئيس البرلمان العائد بحكم المحكمة الدستورية مرزوق الغانم من جهة أخرى».
غير أن العبدلي يرى أن المشكلة «تكمن في مكان آخر؛ فالخلافات بين السلطتين طبيعية ومتوقعة دائماً بحكم التعدد في مجلس الأمة وفي مجلس الوزراء، لكن المشكلة اليوم تكمن في وجود ازدواجية عند اتخاذ القرارات الخاصة بعمل السلطتين، وهي تحدث للمرة الثانية في تاريخ البلاد». ويستطرد موضحاً: «طبيعة النظام السياسي في البلاد أدى إلى وجود تنافس وصراع بين أفراد الأسرة الحاكمة للحصول على مراكز متقدمة في المناصب الرئيسية، وقد درجت الساحة السياسية على هذا الأمر. كل هذا والأمور عادية جداً، وغالباً ما يكون التنافس بين أبناء الأسرة ينحصر في شخصين أو ثلاثة على الأغلب، ولكن هذه المرة هناك إحساس باتساع دائرة التنافس ما أدى إلى ضراوة وشراسة في هذا التنافس. وقد أدخلت وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً (تويتر)، أجواءً جديدة على هذا التنافس؛ ما دفع بقطاعات شعبية في المساهمة في هذه الخلافات الداخلية. وهذا أمر يحدث للمرة الأولى في تاريخ البلاد، وثمة تخوف فعلي من أن يؤدي الزج بالقطاعات الشعبية في أتون هذا التنافس أو الصراع إلى تمزيق البلد»
لكن ما آفاق هذه الأزمة؟ يجيب العبدلي: «أعتقد أن الأزمة الحالية ستتصاعد أكثر، وستكون هناك معركة كسر عظم بين كل الأطراف المتنافسة والمتصارعة والقوى المحسوبة على كل طرف... والمخيف أن الضحية يمكن أن تكون البلد فيما لو انجرت الأمور إلى مسارات أخطر مما هي عليه الآن.
وبالتأكيد، سيكون لهذه المعركة ضحايا كثر لأن المعركة الوحيدة المذكورة في التاريخ ولم يكن لها ضحايا هي (معركة الطواحين). أما المعركة الدائرة الآن في البلاد فهي خطيرة جداً وضحاياها ستكون مؤسسات وأشخاص. إن جوهر الأزمة هو التنافس على المناصب الرئيسية في البلاد. وللأسف، لم يكن التنافس لخدمة المواطن أو الوطن... بل أصبح هذا التنافس خنادق ربطت معها القواعد الشعبية وشارك فيها الجميع. وهذا الواقع يدعونا جميعاً إلى وضع إطار سياسي جديد يمكن من خلاله إعادة ترسيم حدود التنافس للحصول على أي مكاسب سياسية سواء من جانب أبناء الأسرة الحاكمة أو حتى من التيارات السياسية أو الشخوص المستقلة».


مقالات ذات صلة

السعدون يخوض السباق لـ«الأمة 2023» ووزير النفط يستقيل تمهيداً لدخوله

الخليج السعدون يخوض السباق لـ«الأمة 2023» ووزير النفط يستقيل تمهيداً لدخوله

السعدون يخوض السباق لـ«الأمة 2023» ووزير النفط يستقيل تمهيداً لدخوله

أعلنت وزارة الداخلية الكويتية، الخميس، فتح باب الترشح لانتخاب أعضاء «مجلس الأمة»، اعتباراً من اليوم الجمعة، وحتى نهاية الدوام الرسمي ليوم الرابع عشر من شهر مايو (أيار) الحالي. وأوضحت الوزارة أنه جرى اعتماد 5 مدارس لتكون لجاناً رئيسية في الدوائر الانتخابية الخمس، لإعلان النتائج النهائية للانتخابات. كان مجلس الوزراء قد قرر، في مستهل اجتماعه الاستثنائي، أول من أمس الأربعاء، الموافقة على مشروع مرسوم بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء «مجلس الأمة»، يوم الثلاثاء، الموافق 6 يونيو (حزيران) 2023 المقبل. ونقلت «وكالة الأنباء الكويتية» عن المدير العام للشؤون القانونية في وزارة الداخلية، العميد صلاح الشطي، قوله

ميرزا الخويلدي (الكويت)
الخليج الكويت: انتخابات «أمة 2023» في 6 يونيو

الكويت: انتخابات «أمة 2023» في 6 يونيو

حددت الحكومة الكويتية يوم 6 يونيو (حزيران) المقبل موعداً لإجراء الانتخابات البرلمانية، بعد حلّ مجلس الأمة حلاً دستورياً.

ميرزا الخويلدي (الكويت)
الخليج الكويت تحدد 6 يونيو موعداً للانتخابات التشريعية

الكويت تحدد 6 يونيو موعداً للانتخابات التشريعية

وافق مجلس الوزراء الكويتي، في اجتماعه الاستثنائي الذي عُقد، اليوم الأربعاء، في قصر بيان، على مشروع مرسوم بدعوة الناخبين لانتخاب أعضاء مجلس الأمة، يوم الثلاثاء 6 يونيو (حزيران) المقبل 2023، ورفعه إلى ولي العهد. وجرى حل مجلس الأمة «البرلمان» المنتخَب في 2020، الذي أعادته المحكمة الدستورية في مارس (آذار)، بمرسوم أميري، يوم الاثنين، والعودة للشعب؛ لاختيار ممثليه من جديد. وقالت «الوكالة الرسمية الكويتية»، اليوم، إن مجلس الوزراء قرَّر تعطيل العمل في جميع الوزارات والجهات الحكومية والمؤسسات العامة، يوم الاقتراع، واعتباره يوم راحة. كان ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، قد أعلن، في كلمة ألقاها نيابة عن الأم

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الخليج حلّ «الأمة» الكويتي بمرسوم... وبدء السباق الانتخابي

حلّ «الأمة» الكويتي بمرسوم... وبدء السباق الانتخابي

صدر في الكويت، أمس (الاثنين)، مرسوم أميري بحل مجلس الأمة، بعد أن وافق مجلس الوزراء على مشروع المرسوم، ورفعه إلى ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح في وقت سابق من يوم أمس. وصدر المرسوم باسم ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الذي يتولى بعض صلاحيات الأمير.

ميرزا الخويلدي (الكويت)
الخليج «الوزراء الكويتي» يرفع مرسوم حل مجلس الأمة إلى ولي العهد

«الوزراء الكويتي» يرفع مرسوم حل مجلس الأمة إلى ولي العهد

رفع مجلس الوزراء الكويتي مشروع مرسوم حل مجلس الأمة إلى ولي العهد، بعد موافقته عليه خلال اجتماعه الأسبوعي، اليوم (الاثنين)، برئاسة الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، رئيس المجلس، وذلك بناءً على عرض الرئيس، واستناداً إلى نص المادة 107 من الدستور. كان ولي العهد، الشيخ مشعل الأحمد، قد أعلن الشهر الماضي، حل مجلس الأمة 2020 المعاد بحكم المحكمة الدستورية حلاً دستورياً استناداً للمادة 107، والدعوة لانتخابات عامة في الأشهر المقبلة.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
TT

أفريقيا... ساحة تنافس جديد بين الهند والصين

Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)
Chinese Foreign Minister Wang Yi (C) speaks during a press conference with Senegal's Foreign Minister Yassine Fall (L) and Congo Foreign Minister Jean-Claude Gakosso (R) at the Forum on China-Africa Cooperation (FOCAC) in Beijing on September 5, 2024. (Photo by GREG BAKER / AFP)

منذ فترة ولايته الأولى عام 2014، كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أكبر مناصر للعلاقات بين الهند وأفريقيا.

على خلفية ذلك، تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الهندية بذلت جهداً استثنائياً للتواصل مع الدول الأفريقية عبر زيارات رفيعة المستوى من القيادة العليا، أي الرئيس ونائب الرئيس ورئيس الوزراء، إلى ما مجموعه 40 بلداً في أفريقيا بين عامي 2014 و2019. ولا شك أن هذا هو أكبر عدد من الزيارات قبل تلك الفترة المحددة أو بعدها.

من ثم، فإن الزيارة التي قام بها مؤخراً رئيس الوزراء الهندي مودي إلى نيجيريا قبل سفره إلى البرازيل لحضور قمة مجموعة العشرين، تدل على أن زيارة أبوجا (في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي) ليست مجرد زيارة ودية، وإنما خطوة استراتيجية لتعزيز القوة. مما يؤكد على التزام الهند ببناء علاقات أعمق مع أفريقيا، والبناء على الروابط التاريخية، والخبرات المشتركة، والمنافع المتبادلة.

صرح إتش. إس. فيسواناثان، الزميل البارز في مؤسسة «أوبزرفر» للأبحاث وعضو السلك الدبلوماسي الهندي لمدة 34 عاماً، بأنه «من خلال تعزيز الشراكات الاقتصادية، وتعزيز التعاون الدفاعي، وتعزيز التبادل الثقافي، تُظهِر الهند نفسها بصفتها لاعباً رئيسياً في مستقبل أفريقيا، في الوقت الذي تقدم فيه بديلاً لنهج الصين الذي غالباً ما يتعرض للانتقاد. إن تواصل الهند في أفريقيا هو جزء من أهدافها الجيوسياسية الأوسع نطاقاً للحد من نفوذ الصين».

سافر مودي إلى 14 دولة أفريقية خلال السنوات العشر الماضية من حكمه بالمقارنة مع عشر زيارات لنظيره الصيني شي جينبينغ. بيد أن زيارته الجديدة إلى نيجيريا تعد أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء هندي لهذه الدولة منذ 17 عاماً. كانت الأهمية التي توليها نيجيريا للهند واضحة من حقيقة أن رئيس الوزراء الهندي مُنح أعلى وسام وطني في البلاد، وسام القائد الأكبر، وهو ثاني شخصية أجنبية فقط تحصل على هذا التميز منذ عام 1969، بعد الملكة إليزابيث الثانية؛ مما يؤكد على المكانة التي توليها نيجيريا للهند.

نجاح الهند في ضم الاتحاد الأفريقي إلى قمة مجموعة العشرين

كان الإنجاز الكبير الذي حققته الهند هو جهدها لضمان إدراج الاتحاد الأفريقي عضواً دائماً في مجموعة العشرين، وهي منصة عالمية للنخبة تؤثر قراراتها الاقتصادية على ملايين الأفارقة. وقد تم الإشادة برئيس الوزراء مودي لجهوده الشخصية في إدراج الاتحاد الأفريقي ضمن مجموعة العشرين من خلال اتصالات هاتفية مع رؤساء دول مجموعة العشرين. وكانت جهود الهند تتماشى مع دعمها الثابت لدور أكبر لأفريقيا في المنصات العالمية، وهدفها المتمثل في استخدام رئاستها للمجموعة في منح الأولوية لشواغل الجنوب العالمي.

يُذكر أن الاتحاد الأفريقي هو هيئة قارية تتألف من 55 دولة.

دعا مودي، بصفته مضيف مجموعة العشرين، رئيس الاتحاد الأفريقي، غزالي عثماني، إلى شغل مقعده بصفته عضواً دائماً في عصبة الدول الأكثر ثراء في العالم، حيث صفق له القادة الآخرون وتطلعوا إليه.

وفقاً لراجيف باتيا، الذي شغل أيضاً منصب المدير العام للمجلس الهندي للشؤون العالمية في الفترة من 2012 - 2015، فإنه «لولا الهند لكانت مبادرة ضم الاتحاد الأفريقي إلى مجموعة العشرين قد فشلت. بيد أن الفضل في ذلك يذهب إلى الهند لأنها بدأت العملية برمتها وواصلت تنفيذها حتى النهاية. وعليه، فإن الأفارقة يدركون تمام الإدراك أنه لولا الدعم الثابت من جانب الهند ورئيس الوزراء مودي، لكانت المبادرة قد انهارت كما حدث العام قبل الماضي أثناء رئاسة إندونيسيا. لقد تأثرت البلدان الأفريقية بأن الهند لم تعد تسمح للغرب بفرض أخلاقياته».

التوغلات الصينية في أفريقيا

تهيمن الصين في الواقع على أفريقيا، وقد حققت توغلات أعمق في القارة السمراء لأسباب استراتيجية واقتصادية على حد سواء. بدأت العلاقات السياسية والاقتصادية الحديثة بين البر الصيني الرئيسي والقارة الأفريقية في عهد ماو تسي تونغ، بعد انتصار الحزب الشيوعي الصيني في الحرب الأهلية الصينية. زادت التجارة بين الصين وأفريقيا بنسبة 700 في المائة خلال التسعينات، والصين حالياً هي أكبر شريك تجاري لأفريقيا. وقد أصبح منتدى التعاون الصيني - الافريقي منذ عام 2000 المنتدى الرسمي لدعم العلاقات. في الواقع، الأثر الصيني في الحياة اليومية الأفريقية عميق - الهواتف المحمولة المستخدمة، وأجهزة التلفزيون، والطرق التي تتم القيادة عليها مبنية من قِبل الصينيين.

كانت الصين متسقة مع سياستها الأفريقية. وقد عُقدت الدورة التاسعة من منتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر (أيلول) 2024، في بكين.

كما زوّدت الصين البلدان الأفريقية بمليارات الدولارات في هيئة قروض ساعدت في بناء البنية التحتية المطلوبة بشدة. علاوة على ذلك، فإن تعزيز موطئ قدم لها في ثاني أكبر قارة من حيث عدد السكان في العالم يأتي مع ميزة مربحة تتمثل في إمكانية الوصول إلى السوق الضخمة، فضلاً عن الاستفادة من الموارد الطبيعية الهائلة في القارة، بما في ذلك النحاس، والذهب، والليثيوم، والمعادن الأرضية النادرة. وفي الأثناء ذاتها، بالنسبة للكثير من الدول الأفريقية التي تعاني ضائقة مالية، فإن أفريقيا تشكل أيضاً جزءاً حيوياً من مبادرة الحزام والطريق الصينية، حيث وقَّعت 53 دولة على المسعى الذي تنظر إليه الهند بريبة عميقة.

كانت الصين متسقة بشكل ملحوظ مع قممها التي تُعقد كل ثلاث سنوات؛ وعُقدت الدورة التاسعة لمنتدى التعاون الصيني - الأفريقي في سبتمبر 2024. وفي الوقت نفسه، بلغ إجمالي تجارة الصين مع القارة ثلاثة أمثال هذا المبلغ تقريباً الذي بلغ 282 مليار دولار.

الهند والصين تناضلان من أجل فرض الهيمنة

تملك الهند والصين مصالح متنامية في أفريقيا وتتنافسان على نحو متزايد على الصعيدين السياسي والاقتصادي.

في حين تحاول الصين والهند صياغة نهجهما الثنائي والإقليمي بشكل مستقل عن بعضهما بعضاً، فإن عنصر المنافسة واضح. وبينما ألقت بكين بثقلها الاقتصادي الهائل على تطوير القدرة التصنيعية واستخراج الموارد الطبيعية، ركزت نيودلهي على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والتعليم، والرعاية الصحية.

مع ذلك، قال براميت بول شاودهوري، المتابع للشؤون الهندية في مجموعة «أوراسيا» والزميل البارز في «مركز أنانتا أسبن - الهند»: «إن الاستثمارات الهندية في أفريقيا هي إلى حد كبير رأسمال خاص مقارنة بالصينيين. ولهذا السبب؛ فإن خطوط الائتمان التي ترعاها الحكومة ليست جزءاً رئيسياً من قصة الاستثمار الهندية في أفريقيا. الفرق الرئيسي بين الاستثمارات الهندية في أفريقيا مقابل الصين هو أن الأولى تأتي مع أقل المخاطر السياسية وأكثر انسجاماً مع الحساسيات الأفريقية، لا سيما فيما يتعلق بقضية الديون».

ناريندرا مودي وشي جينبينغ في اجتماع سابق (أ.ب)

على عكس الصين، التي ركزت على إقامة البنية التحتية واستخراج الموارد الطبيعية، فإن الهند من خلال استثماراتها ركزت على كفاءاتها الأساسية في تنمية الموارد البشرية، وتكنولوجيا المعلومات، والأمن البحري، والتعليم، والرعاية الصحية. والحقيقة أن الشركات الصينية كثيراً ما تُتهم بتوظيف أغلب العاملين الصينيين، والإقلال من جهودها الرامية إلى تنمية القدرات المحلية، وتقديم قدر ضئيل من التدريب وتنمية المهارات للموظفين الأفارقة. على النقيض من ذلك، يهدف بناء المشاريع الهندية وتمويلها في أفريقيا إلى تيسير المشاركة المحلية والتنمية، بحسب ما يقول الهنود. تعتمد الشركات الهندية أكثر على المواهب الأفريقية وتقوم ببناء قدرات السكان المحليين. علاوة على ذلك، وعلى عكس الإقراض من الصين، فإن المساعدة الإنمائية التي تقدمها الهند من خلال خطوط الائتمان الميسرة والمنح وبرامج بناء القدرات هي برامج مدفوعة بالطلب وغير مقيدة. ومن ثم، فإن دور الهند في أفريقيا يسير جنباً إلى جنب مع أجندة النمو الخاصة بأفريقيا التي حددتها أمانة الاتحاد الأفريقي، أو الهيئات الإقليمية، أو فرادى البلدان، بحسب ما يقول مدافعون عن السياسة الهندية.

ويقول هوما صديقي، الصحافي البارز الذي يكتب عن الشؤون الاستراتيجية، إن الهند قطعت في السنوات الأخيرة شوطاً كبيراً في توسيع نفوذها في أفريقيا، لكي تظهر بوصفها ثاني أكبر مزود للائتمان بالقارة. شركة الاتصالات الهندية العملاقة «إيرتل» - التي دخلت أفريقيا عام 1998، هي الآن أحد أكبر مزودي خدمات الهاتف المحمول في القارة، كما أنها طرحت خطاً خاصاً بها للهواتف الذكية من الجيل الرابع بأسعار زهيدة في رواندا. وكانت الهند رائدة في برامج التعليم عن بعد والطب عن بعد لربط المستشفيات والمؤسسات التعليمية في كل البلدان الأفريقية مع الهند من خلال شبكة الألياف البصرية. وقد ساعدت الهند أفريقيا في مكافحة جائحة «كوفيد – 19» بإمداد 42 بلداً باللقاحات والمعدات.

تعدّ الهند حالياً ثالث أكبر شريك تجاري لأفريقيا، حيث يبلغ حجم التجارة الثنائية بين الطرفين نحو 100 مليار دولار. وتعدّ الهند عاشر أكبر مستثمر في أفريقيا من حيث حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كما توسع التعاون الإنمائي الهندي بسرعة منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وكانت البلدان الأفريقية هي المستفيد الرئيسي من برنامج الخطوط الائتمانية الهندية.

قالت هارشا بانغاري، المديرة الإدارية لبنك الهند للاستيراد والتصدير: «على مدى العقد الماضي، قدمت الهند ما يقرب من 32 مليار دولار أميركي في صورة ائتمان إلى 42 دولة أفريقية، وهو ما يمثل 38 في المائة من إجمالي توزيع الائتمان. وهذه الأموال، التي تُوجه من خلال بنك الهند للاستيراد والتصدير، تدعم مجموعة واسعة من المشاريع، بما في ذلك الرعاية الصحية والبنية التحتية والزراعة والري».

رغم أن الصين تتصدر الطريق في قطاع البنية التحتية، فإن التمويل الصيني للبنية التحتية في أفريقيا قد تباطأ بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة. برزت عملية تطوير البنية التحتية سمةً مهمة من سمات الشراكة التنموية الهندية مع أفريقيا. وقد أنجزت الهند حتى الآن 206 مشاريع في 43 بلداً أفريقياً، ويجري حالياً تنفيذ 65 مشروعاً، يبلغ مجموع الإنفاق عليها نحو 12.4 مليار دولار. وتقدم الهند أيضاً إسهامات كبيرة لبناء القدرات الأفريقية من خلال برنامجها للتعاون التقني والتكنولوجي، والمنح الدراسية، وبناء المؤسسات في القارة.

وتجدر الإشارة إلى أن الهند أكثر ارتباطاً جغرافياً من الصين بالقارة الأفريقية، وهي بالتالي تتشاطر مخاوفها الأمنية أيضاً. وتعتبر الهند الدول المطلة على المحيط الهندي في افريقيا مهمة لاستراتيجيتها الخاصة بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، ووقّعت الهند مع الكثير منها اتفاقيات للدفاع والشحن تشمل التدريبات المشتركة. كما أن دور قوات حفظ السلام الهندية موضع تقدير كبير.

يقول السفير الهندي السابق والأمين المشترك السابق لشؤون أفريقيا في وزارة الخارجية، السفير ناريندر تشوهان: «إن الانتقادات الموجهة إلى المشاركة الاقتصادية للصين مع أفريقيا قد تتزايد من النقابات العمالية والمجتمع المدني بشأن ظروف العمل السيئة والممارسات البيئية غير المستدامة والتشرد الوظيفي الذي تسببه الشركات الصينية. ويعتقد أيضاً أن الصين تستغل نقاط ضعف الحكومات الأفريقية، وبالتالي تشجع الفساد واتخاذ القرارات المتهورة. فقد شهدت أنغولا، وغانا، وغامبيا، وكينيا مظاهرات مناهضة للمشاريع التي تمولها الصين. وهناك مخاوف دولية متزايدة بشأن الدور الذي تلعبه الصين في القارة الأفريقية».

القواعد العسكرية الصينية والهندية في أفريقيا

قد يكون تحقيق التوازن بين البصمة المتزايدة للصين في أفريقيا عاملاً آخر يدفع نيودلهي إلى تعزيز العلاقات الدفاعية مع الدول الافريقية.

أنشأت الصين أول قاعدة عسكرية لها في الخارج في جيبوتي، في القرن الأفريقي، عام 2017؛ مما أثار قلق الولايات المتحدة؛ إذ تقع القاعدة الصينية على بعد ستة أميال فقط من قاعدة عسكرية أميركية في البلد نفسه.

تقول تقارير إعلامية إن الصين تتطلع إلى وجود عسكري آخر في دولة الغابون الواقعة في وسط أفريقيا. ونقلت وكالة أنباء «بلومبرغ» عن مصادر قولها إن الصين تعمل حالياً على دخول المواني العسكرية في تنزانيا وموزمبيق الواقعتين على الساحل الشرقي لأفريقيا. وذكرت المصادر أنها عملت أيضاً على التوصل إلى اتفاقيات حول وضع القوات مع كلا البلدين؛ الأمر الذي سيقدم للصين مبرراً قانونياً لنشر جنودها هناك.

تقليدياً، كان انخراط الهند الدفاعي مع الدول الأفريقية يتركز على التدريب وتنمية الموارد البشرية.

في السنوات الأخيرة، زادت البحرية الهندية من زياراتها للمواني في الدول الأفريقية، ونفذت التدريبات البحرية الثنائية ومتعددة الأطراف مع الدول الأفريقية. من التطورات المهمة إطلاق أول مناورة ثلاثية بين الهند وموزمبيق وتنزانيا في دار السلام في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022.

هناك مجال آخر مهم للمشاركة الدفاعية الهندية، وهو الدفع نحو تصدير معدات الدفاع الهندية إلى القارة.

ألقى التركيز الدولي على توسع الوجود الصيني في أفريقيا بظلاله على تطور مهم آخر - وهو الاستثمار الاستراتيجي الهندي في المنطقة. فقد شرعت الهند بهدوء، لكن بحزم، في بناء قاعدة بحرية على جزر أغاليغا النائية في موريشيوس.

تخدم قاعدة أغاليغا المنشأة حديثاً الكثير من الأغراض الحيوية للهند. وسوف تدعم طائرات الاستطلاع والحرب المضادة للغواصات، وتدعم الدوريات البحرية فوق قناة موزمبيق، وتوفر نقطة مراقبة استراتيجية لمراقبة طرق الشحن حول الجنوب الأفريقي.

وفي سابقة من نوعها، عيَّنت الهند ملحقين عسكريين عدة في بعثاتها الدبلوماسية في أفريقيا.

وفقاً لغورجيت سينغ، السفير السابق لدى إثيوبيا والاتحاد الأفريقي ومؤلف كتاب «عامل هارامبي: الشراكة الاقتصادية والتنموية بين الهند وأفريقيا»: «في حين حققت الهند تقدماً كبيراً في أفريقيا، فإنها لا تزال متخلفة عن الصين من حيث النفوذ الإجمالي. لقد بذلت الهند الكثير من الجهد لجعل أفريقيا في بؤرة الاهتمام، هل الهند هي الشريك المفضل لأفريقيا؟ صحيح أن الهند تتمتع بقدر هائل من النوايا الحسنة في القارة الأفريقية بفضل تضامنها القديم، لكن هل تتمتع بالقدر الكافي من النفوذ؟ من الصعب الإجابة عن هذه التساؤلات، سيما في سياق القوى العالمية الكبرى كافة المتنافسة على فرض نفوذها في المنطقة. ومع ذلك، فإن عدم القدرة على عقد القمة الرابعة بين الهند وأفريقيا حتى بعد 9 سنوات من استضافة القمة الثالثة لمنتدى الهند وأفريقيا بنجاح في نيودلهي، هو انعكاس لافتقار الهند إلى النفوذ في أفريقيا. غالباً ما تم الاستشهاد بجائحة «كوفيد - 19» والجداول الزمنية للانتخابات بصفتها أسباباً رئيسية وراء التأخير المفرط في عقد قمة المنتدى الهندي الأفريقي».