معرض مصري يرصد «التفاصيل الرمضانية» تشكيلياً

30 فناناً عبّروا عن روحانيات شهر الصيام

عمل للفنان نبيل متولي   -  عمل للفنانة لينا أمين     -    عمل للفنان محمد يوسف (الشرق الأوسط)
عمل للفنان نبيل متولي - عمل للفنانة لينا أمين - عمل للفنان محمد يوسف (الشرق الأوسط)
TT

معرض مصري يرصد «التفاصيل الرمضانية» تشكيلياً

عمل للفنان نبيل متولي   -  عمل للفنانة لينا أمين     -    عمل للفنان محمد يوسف (الشرق الأوسط)
عمل للفنان نبيل متولي - عمل للفنانة لينا أمين - عمل للفنان محمد يوسف (الشرق الأوسط)

يرصد المعرض التشكيلي الجماعي «رمضان في مصر»، الذي يستضيفه غاليري «دروب» بحي جاردن سيتي بالقاهرة، ملامح شهر الصيام في البلاد. حيث يطوف المعرض بأعماله التي أبدعها نحو 30 فناناً، بين مظاهر احتفالات المصريين بشهر رمضان، من زينة مُبهجة وفوانيس، والفنون التي ترتبط بشهر الصيام مثل التنورة والمولوية، ولم يغفل كذلك العادات والتقاليد الرمضانية خصوصاً المرتبط منها بالمأكولات والمشروبات، وكذلك الخط العربي.
الفنانة سوسن سالم، مديرة غاليري «دروب»، قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «شهر رمضان كما هو شهر الروحانيات فهو أيضاً شهر الفن، حيث نجد أن الكثير من الفنانين يحاولون رصد بعض تفاصيله والتعبير عن مظاهره وملامحه وعاداته بما يرسخ روحانياته في النفوس، لذا فالمعرض يقدم من خلال فنانين من مختلف الأجيال حالة إبداعية متميزة تحاكي الواقع المميز لشهر رمضان في مصر». ولفتت إلى أن المعرض يطوف بين المساجد والقباب، والفنون المرتبطة بالشهر الكريم، وعادات المصريين في التجمع والجلوس على المقاهي، كما لم يغفل المعرض الخط العربي عبر مجموعة من أشهر الخطاطين، عبّروا خلالها عن جانب آخر من روحانيات شهر رمضان.
في جولة بين التفاصيل الرمضانية يمكن التوقف أمام فن المولوية الصوفي، الذي امتدت إليه أنامل أكثر من فنان بالمعرض للتعبير عنه كملمح رمضاني مميز، من بينهم الفنانة لينا أمين، التي تقول عن اختيارها المولوية تحديداً للتعبير عن شهر رمضان، «لديّ شغف بتصوير الحركة، والتي يبدع أصحابها بالرقص في دوائر، كما أنها مظهر فلكلوري يناسب الشهر الكريم، وحاولت التعبير عنها من خلال وجود التوازن من حيث التكوين واللون، واخترت لذلك اللون الأزرق، الذي أُفضّله لإظهار التباين اللوني في اللوحة، ومن ثم إحداث جاذبية للموضوع وخلق صورة معبرة تجذب المشاهد».
كما عبرت الفنانة فاطمة حسن، عن نفس الفن، لكن هذه المرة تظهر المولوية بـ«الأبيض والأسود»، وعنها تقول: «فيها حالة تأمل كبيرة، عبر الدوران حول النفس، وفي لوحتي استخدمت ألوان الأكريليك الأبيض والأسود لتعطي بساطة وراحة للعين عند التأمل في اللوحة، مع اختيار بعض الموتيفات في الخلفية تتماشى مع الروحانيات في المولوية».
ويتوقف الزائر للمعرض أمام لوحة للفنان الدكتور نبيل متولي، الذي عبّر عن شهر رمضان من خلال نقل ملمح من القاهرة التاريخية، وتحديداً حي الجمّالية. ويقول: «الأماكن التاريخية في القاهرة تعكس أجواء رمضان والروح المصرية، وتميزها الأصالة والحميمية بين الجيران، لذا اخترت التعبير عن ملامح حياتية يومية من خلال اجتماع بعض الجيران في أحد المقاهي واحتساء الشاي، بينما تظهر من حولهم جماليات العمارة في حي الجمالية حيث القباب والمباني القديمة، في وصف تسجيلي للمكان وتفاصيله». فيما لجأ متولي إلى الأسلوب الأكاديمي الواقعي في نقل المشهد الرمضاني، معتمداً على الباليتة الترابية، حيث لون الأصفر الأكسيد، الذي يتلاءم مع لون الحجر، ويعبر عن بيئة المشهد.
كما تظهر ملامح القاهرة التاريخية في المعرض، عبر الفنانة أميمة السيسي، التي تشارك بلوحتين بخامة الأكريليك التي تعكس جماليات الأبواب القديمة في حي الجمالية أيضاً، وتمتزج مع الحروف العربية والتيمات والزخارف التي تحمل الطابع المصري الأصيل، مستخدمةً الألوان الدافئة مع الذهبيات، لإعطاء روح الاحتفاء بشهر رمضان.
أيضاً عكست الفنانة جيهان ماهر تأثرها بمظاهر وعادات وطقوس شهر رمضان، عبر لوحة عن الفوانيس وأخرى لرجل يدخن «الشيشة» في أحد المقاهي. وتقول: «مظاهر رمضان في مصر هي روح مصرية لا تفرّق بين مسلم ومسيحي، فكلانا يندمج مع الآخر، وحاولت أن أعكس تأثري بملامح الشهر وعاداته لا سيما ما يتعلق بالفلكلور والتراث المصري المرتبط بهذا الشهر».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
TT

لماذا يرفض مصريون إعادة تمثال ديليسبس لمدخل قناة السويس؟

تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)
تمثال ديليسبس بمتحف قناة السويس (فيسبوك)

في الوقت الذي يشهد تصاعداً للجدل حول إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه الأصلي في المدخل الشمالي لقناة السويس، قررت محكمة القضاء الإداري بمصر الثلاثاء تأجيل نظر الطعن على قرار إعادة التمثال لجلسة 21 يناير (كانون الثاني) الحالي، للاطلاع على تقرير المفوضين.

وتباينت الآراء حول إعادة التمثال إلى موقعه، فبينما رأى معارضو الفكرة أن «ديليسبس يعدّ رمزاً للاستعمار، ولا يجوز وضع تمثاله في مدخل القناة»، رأى آخرون أنه «قدّم خدمات لمصر وساهم في إنشاء القناة التي تدر مليارات الدولارات على البلاد حتى الآن».

وكان محافظ بورسعيد قد أعلن أثناء الاحتفال بالعيد القومي للمحافظة، قبل أيام عدة، بأنه طلب من رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إعادة تمثال ديليسبس إلى مكانه في مدخل القناة بناءً على مطالبات أهالي المحافظة، وأن رئيس الوزراء وعده بدراسة الأمر.

ويعود جدل إعادة التمثال إلى مدخل قناة السويس بمحافظة بورسعيد لعام 2020 حين تم نقل التمثال إلى متحف قناة السويس بمدينة الإسماعيلية (إحدى مدن القناة)، حينها بارك الكثير من الكتاب هذه الخطوة، رافضين وجود تمثال ديليسبس بمدخل قناة السويس، معتبرين أن «المقاول الفرنسي»، بحسب وصف بعضهم، «سارق لفكرة القناة وإحدى أذرع التدخل الأجنبي في شؤون مصر».

قاعدة تمثال ديليسبس ببورسعيد (محافظة بورسعيد)

ويعدّ فرديناند ديليسبس (1805 - 1894) من السياسيين الفرنسيين الذين عاشوا في مصر خلال القرن الـ19، وحصل على امتياز حفر قناة السويس من سعيد باشا حاكم مصر من الأسرة العلوية عام 1854 لمدة 99 عاماً، وتقرب من الخديو إسماعيل، حتى تم افتتاح القناة التي استغرق حفرها نحو 10 أعوام، وتم افتتاحها عام 1869.

وفي عام 1899، أي بعد مرور 5 سنوات على رحيل ديليسبس تقرر نصب تمثال له في مدخل القناة بمحافظة بورسعيد، وهذا التمثال الذي صممه الفنان الفرنسي إمانويل فرميم، مجوف من الداخل ومصنوع من الحديد والبرونز، بارتفاع 7.5 متر، وتم إدراجه عام 2017 ضمن الآثار الإسلامية والقبطية.

ويصل الأمر بالبعض إلى وصف ديليسبس بـ«الخائن الذي سهَّل دخول الإنجليز إلى مصر بعد أن وعد عرابي أن القناة منطقة محايدة ولن يسمح بدخول قوات عسكرية منها»، بحسب ما يؤكد المؤرخ المصري محمد الشافعي.

ويوضح الشافعي (صاحب كتاب «ديليسبس الأسطورة الكاذبة») وأحد قادة الحملة التي ترفض عودة التمثال إلى مكانه، لـ«الشرق الأوسط» أن «ديليسبس استعبد المصريين، وتسبب في مقتل نحو 120 ألف مصري في أعمال السخرة وحفر القناة، كما تسبب في إغراق مصر بالديون في عصري سعيد باشا والخديو إسماعيل، وأنه مدان بالسرقة والنصب على صاحب المشروع الأصلي».

وتعد قناة السويس أحد مصادر الدخل الرئيسية لمصر، وبلغت إيراداتها في العام المالي (2022- 2023) 9.4 مليار دولار، لكنها فقدت ما يقرب من 50 إلى 60 في المائة من دخلها خلال الشهور الماضية بسبب «حرب غزة» وهجمات الحوثيين باليمن على سفن في البحر الأحمر، وقدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخسائر بأكثر من 6 مليارات دولار. وفق تصريح له في شهر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي.

في المقابل، يقول الكاتب المصري علي سعدة، إن تمثال ديليسبس يمثل أثراً وجزءاً من تاريخ بورسعيد، رافضاً ما وصفه في مقال بجريدة «الدستور» المصرية بـ«المغالطات التاريخية» التي تروّجها جبهة الرفض، كما نشر سعدة خطاباً مفتوحاً موجهاً لمحافظ بورسعيد، كتبه مسؤول سابق بمكتب المحافظ جاء فيه «باسم الأغلبية المطلقة الواعية من أهل بورسعيد نود أن نشكركم على القرار الحكيم والشجاع بعودة تمثال ديليسبس إلى قاعدته».

واجتمع عدد من الرافضين لإعادة التمثال بنقابة الصحافيين المصرية مؤخراً، وأكدوا رفضهم عودته، كما طالبوا فرنسا بإزالة تمثال شامبليون الذي يظهر أمام إحدى الجامعات الفرنسية وهو يضع قدمه على أثر مصري قديم.

«المهندس النمساوي الإيطالي نيجريلي هو صاحب المشروع الأصلي لحفر قناة السويس، وتمت سرقته منه، بينما ديليسبس لم يكن مهندساً، فقد درس لعام واحد في كلية الحقوق وأُلحق بالسلك الدبلوماسي بتزكية من والده وعمه وتم فصله لفشله، وابنته نيجريلي التي حصلت على تعويض بعد إثباتها سرقة مشروع والدها»، وفق الشافعي.

وكانت الجمعية المصرية للدراسات التاريخية قد أصدرت بياناً أكدت فيه أن ديليسبس لا يستحق التكريم بوضع تمثاله في مدخل القناة، موضحة أن ما قام به من مخالفات ومن أعمال لم تكن في صالح مصر.

في حين كتب الدكتور أسامة الغزالي حرب مقالاً يؤكد فيه على موقفه السابق المؤيد لعودة التمثال إلى قاعدته في محافظة بورسعيد، باعتباره استكمالاً لطابع المدينة التاريخي، وممشاها السياحي بمدخل القناة.

وبحسب أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس المصرية والمحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، الدكتور جمال شقرة، فقد «تمت صياغة وثيقة من الجمعية حين أثير الموضوع في المرة الأولى تؤكد أن ديليسبس ليس هو صاحب المشروع، لكنه لص سرق المشروع من آل سان سيمون». بحسب تصريحاته.

وفي ختام حديثه، قال شقرة لـ«الشرق الأوسط» إن «ديليسبس خان مصر وخدع أحمد عرابي حين فتح القناة أمام القوات الإنجليزية عام 1882، ونرى بوصفنا مؤرخين أنه لا يستحق أن يوضع له تمثال في مدخل قناة السويس».