أزمات تؤرق فرنسا المرتبكة بالاحتجاجات

سقف لأسعار الوقود... ورفض لتخفيف التمويل العقاري

جانب من المسيرات الاحتجاجية وسط العاصمة الفرنسية باريس يوم الخميس (أ.ف.ب)
جانب من المسيرات الاحتجاجية وسط العاصمة الفرنسية باريس يوم الخميس (أ.ف.ب)
TT

أزمات تؤرق فرنسا المرتبكة بالاحتجاجات

جانب من المسيرات الاحتجاجية وسط العاصمة الفرنسية باريس يوم الخميس (أ.ف.ب)
جانب من المسيرات الاحتجاجية وسط العاصمة الفرنسية باريس يوم الخميس (أ.ف.ب)

بينما شكل الخميس يوم التعبئة الحادي عشر احتجاجا على إصلاح نظام التقاعد الذي لا يلقى شعبية في فرنسا، مؤشرا لمعرفة ما إذا كانت الحركة التي اتسمت بالعنف مؤخرا وبتراجع في عدد المتظاهرين، تضعف أو بالعكس تزداد زخما بينما تصر كل من الحكومة والنقابات على مواقفها... كانت المشكلات المؤرقة تحاصر أعدادا متنامية من المواطنين، سواء في الطرقات أو حتى بالمنازل.
وأعلنت شركة النفط الفرنسية العملاقة «توتال إنيرجيز» تمديد العمل مؤقتا بسقف سعر البنزين في محطات الوقود التابعة لها بفرنسا، وهو 1.99 يورو لكل لتر حتى تنتهي أزمة نقص إمدادات الوقود الناجمة عن الإضرابات العمالية في البلاد. وأشارت وكالة «بلومبرغ» للأنباء يوم الخميس إلى أن «توتال» تطبق سقف أسعار على بعض أنواع الوقود اعتبارا من أول مارس (آذار) الماضي.
وقالت وزيرة الطاقة الفرنسية أنجي بانيه رانشر الأربعاء إن حوالي ثلث محطات تموين السيارات في منطقة باريس تخلو من أحد أنواع الوقود -على الأقل- بسبب اضطراب عمل مصافي التكرير نتيجة الإضرابات العمالية احتجاجا على تعديل نظام التقاعد في فرنسا.
وأضافت أن نقص الإمداد مستمر في المنطقة، لدرجة أن محطة من كل 3 محطات على الأقل تخلو من أحد أنواع الوقود.
من ناحيتها، قالت «توتال إنيرجيز» إن 27 بالمائة من العاملين في المصافي انضموا للإضراب عن العمل يوم الأربعاء، مشيرة إلى أن هذا يمثل 80 من بين 294 عاملا، وليس جميع العاملين.
ولا تقتصر المنغصات على الشارع الفرنسي، لكنها تتمدد إلى المنازل. حيث أكد بنك فرنسا المركزي رفضه لأي تحرك يستهدف تخفيف شروط ومعايير التمويل العقاري. ونقلت «بلومبرغ» يوم الخميس عن بيان للبنك المركزي القول إن تخفيف شروط ومعايير التمويل العقاري يمكن أن يدفع بعض الأسر إلى الحصول على الكثير من القروض طويلة الأجل بفوائد أعلى.
وأضاف البيان أن الوقت الحالي هو الأسوأ بالنسبة لتخفيف شروط الاقتراض، لأن فرنسا تعاني بالفعل من أعلى مستويات الدين داخل منطقة اليورو. وفي الوقت نفسه يشير البنك إلى تباطؤ وتيرة نمو قروض التمويل العقاري في فرنسا بسبب ارتفاع معدلات الفائدة. وكانت صحيفة «ليز إيكو» الفرنسية قد ذكرت في وقت سابق أن وزارة المالية تدرس احتمالات تغيير معايير التمويل العقاري بهدف تخفيف الشروط.
وبالعودة إلى الشارع الفرنسي، فيبدو أن النشاط الاقتصادي الذي عانى كثيرا في ذروة الحركة، كان قريبا من مستواه الاعتيادي الخميس. فثلاثة من أصل أربعة قطارات عالية السرعة واثنان من كل ثلاثة قطارات أنفاق وقطارات الضواحي في باريس تعمل حسب شركة السكك الحديد (إس إن سي إف) والإدارة الباريسية لوسائل النقل الباريسية (ار آ تي بي). وأعلنت الحكومة أنها قررت إصدار أوامر لإلزام مضربين إضافيين في القطاع النفطي العمل من أجل الحد من نقص الوقود في البلاد.
وظهر الانقسام الأساسي بين السلطة التنفيذية والشركاء الاجتماعيين مرة أخرى الأربعاء. فخرج قادة ثماني نقابات عمالية استقبلتهم رئيسة الوزراء إليزابيت بورن للمرة الأولى منذ العاشر من يناير (كانون الثاني) بعد ساعة دون التوصل إلى اتفاق. وأشادت رئيسة الحكومة بما وصفته أنه «خطوة مهمة»، بينما رأى لوران بيرجيه رئيس النقابة الإصلاحية الاتحاد الفرنسي الديمقراطي للعمال (سي إف دي تي) أن «هناك أزمة اجتماعية تتحول إلى أزمة اقتصادية». وبيرجيه كان محاورا في السابق لإيمانويل ماكرون.
واحتجت أوساط الرئيس الفرنسي، الذي يزور الصين حاليا، بشدة على هذا التحليل، معتبرة أن «رئيسا منتخبا بغالبية منتخبة، مع أنها نسبية، يسعى إلى تطبيق مشروع عرض بطريقة ديمقراطية، لا يمكن أن يوصف على أنه أزمة ديمقراطية».
ورأت مايفا بيسموت (35 عاما) مستشارة التوجيه المدرسي في روبيه (شمال) أنها ستشارك في المظاهرة الخميس «كما في الأيام العشرة السابقة»، ودانت سلطة تنفيذية «لا تزال» تستخدم الحجج نفسها «مع أن نقابيين وكذلك خبراء واقتصاديين أسقطوها».
وفرنسا واحدة من الدول الأوروبية التي تعتمد أدنى سن للتقاعد مع أنه لا يمكن المقارنة فعلا بين أنظمة التقاعد بين البلدان المختلفة. واختارت الحكومة تمديد فترة العمل من أجل الاستجابة للتدهور المالي لصناديق التقاعد وتشيّخ السكان.
وأوضحت مونيك كوكيا (51 عاماً) الناشطة في حزب اليسار الراديكالي وتدير شركة في لوم: «ما دام هناك هذا الإصلاح سأبقى مع رفاقي متأهبين... نريد سحبه بالكامل».
ويبقى الأمل الأخير للمعارضين المجلس الدستوري الذي يتوقع أن يصدر قراره في 14 أبريل (نيسان) بشأن مشروع القانون. وقد يصادق عليه أو يفرض منعه جزئيا أو كليا.


مقالات ذات صلة

فرنسا لإنهاء سقف أسعار الغاز للأسر العام الحالي

الاقتصاد فرنسا لإنهاء سقف أسعار الغاز للأسر العام الحالي

فرنسا لإنهاء سقف أسعار الغاز للأسر العام الحالي

تعتزم فرنسا إنهاء الحد الأقصى لأسعار الغاز للأسر، لكنها تريد الإبقاء على خطط الحد الأقصى لأسعار الكهرباء حتى بداية عام 2025. وقال وزير الاقتصاد والمالية الفرنسي برونو لو مير لشبكة «إل سي آي» أمس، إنه نظراً لانخفاض أسعار الغاز إلى مستوى مقبول مرة أخرى، فإن السقف الذي تم طرحه في عام 2021 لحماية المستهلكين من ارتفاع الفواتير سيتم إلغاؤه هذا العام.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد فرنسا ترفع حد الأجور لمواجهة لهيب التضخم

فرنسا ترفع حد الأجور لمواجهة لهيب التضخم

قالت وزارة العمل في فرنسا، إن الحد الأدنى للأجور سيرتفع 2.19 في المائة إلى 11.52 يورو (12.73 دولار) في الساعة في أول مايو (أيار)، وذلك في محاولة لمساعدة العمال على التأقلم مع التضخم. ويعني هذا رفع الحد الأدنى للأجور شهرياً إلى 1747.20 يورو من 1709.28 يورو.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد فرنسا تبحث إقرار «الإجازات النسائية»

فرنسا تبحث إقرار «الإجازات النسائية»

بدأ الحديث في فرنسا عن السماح للنساء بالتغيّب عن وظائفهنّ خلال الدورة الشهرية من دون الحسم من رواتبهنّ، إذ يتولّى نواب فرنسيون إعداد مشاريع قوانين تنص على منح إجازة الدورة الشهرية للنساء اللواتي يعانين من آلام خلال فترة الطمث، بعدما كانت إسبانيا تبنّت أخيراً قانوناً مماثلاً. وتمنح شركات فرنسية قليلة أصلاً إجازة الدورة الشهرية للعاملات فيها، إذ توفر شركة «لوي ديزاين» المتخصصة في تصنيع الأثاث إجازة مدفوعة للنساء اللواتي يتألّمن خلال الحيض.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم تعليق التحركات المطلبية في مصافي النفط الفرنسية قبل عطلة الفصح

تعليق التحركات المطلبية في مصافي النفط الفرنسية قبل عطلة الفصح

قرّرت النقابات، اليوم الجمعة، تعليق التحرّكات الاحتجاجية ضدّ إصلاح نظام التقاعد في فرنسا في المصافي، عشية عطلة عيد الفصح الطويلة، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية. وغداة اليوم الحادي عشر للتحرّكات ضدّ الإصلاح المثير للجدل، بقيت مصفاة «توتال» في غونفرفيل لورشيه الواقعة في شرق فرنسا، التي تعدّ الأكبر في البلاد، وحدها مغلقة تماما. وقرّر موظّفو غونفرفيل اليوم (الجمعة) في جمعية عامة، تمديد الإضراب إلى الثلاثاء و«لن تدخل أي مواد أو تخرج إلى ذلك الحين»، حسبما أكد دافيد غيمار مندوب الاتحاد النقابي (CGT) لوكالة الصحافة الفرنسية. واليوم (الجمعة)، بعد شهر من التحرّكات المتتابعة، قرّرت نقابات مصفاة «توت

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد تساؤلات عن تأخر النيابة المالية الفرنسية في التحرك ضد البنوك المخطئة

تساؤلات عن تأخر النيابة المالية الفرنسية في التحرك ضد البنوك المخطئة

كثيرة الأسئلة التي تحيط بعملية الاحتيال المالي والضريبي التي مارستها بنوك رئيسية في فرنسا منذ عشرين عاما، ولم تتحرك النيابة العامة المالية إلا في الأيام الأخيرة من خلال عملية مداهمة واسعة طالت خمسة بنوك، أربعة فرنسية كما طالت بنكا أجنبيا واحدا. وهذه العملية الواسعة لم يشهد القطاع المصرفي مثيلا لها منذ إطلاق النيابة العامة المالية التي كانت وراء إطلاق تحقيقات قضائية أولية منذ شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 2021، وهي تبرر التأخير بالحاجة للقيام بتحقيق دقيق ومعمق، إلا أن عملية الاحتيال على نطاق واسع كانت معروفة منذ خمس سنوات على الأقل. وأكدت صحيفة «لو موند» المستقلة أنها كانت أول من أثار هذه الم

ميشال أبونجم (باريس)

الخريّف: مؤتمر التعدين في السعودية أصبح المنصة العالمية الأبرز حول العالم

وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريّف متحدثاً في افتتاح مؤتمر التعدين (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريّف متحدثاً في افتتاح مؤتمر التعدين (الشرق الأوسط)
TT

الخريّف: مؤتمر التعدين في السعودية أصبح المنصة العالمية الأبرز حول العالم

وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريّف متحدثاً في افتتاح مؤتمر التعدين (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريّف متحدثاً في افتتاح مؤتمر التعدين (الشرق الأوسط)

أعلن وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريّف أن مؤتمر التعدين أصبح المنصة العالمية الأبرز حول العالم، موضحاً أن المملكة باتت من بين أبرز وجهات الاستثمار في المعادن.

كلام الخريّف جاء في افتتاحه أعمال النسخة الرابعة من مؤتمر التعدين الدولي في الرياض، وذلك وسط إقبال غير مسبوق فاقَ الـ20 ألف مسجل، ومشاركة الرؤساء التنفيذيين لكبرى الشركات العالمية المتخصصة، وقادة القطاعات ذات الصلة؛ لمناقشة أبرز التحديات التي تواجه قطاع المعادن، مع تقديم رؤى وحلول مبتكرة تدعم مستقبل الصناعة وتعزز استدامتها.

ومن المتوقع أن يشهد الحدث توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بين الجهات المحلية والدولية، ما يعكس التزام المملكة بتعزيز مكانتها بوصفها مركزاً عالمياً رائداً في قطاع المعادن، ودعم الجهود الرامية إلى بناء أطر التعاون الدولي في هذا القطاع الحيوي لتحقيق التنمية المستدامة.

وأوضح الخريّف، في كلمته الافتتاحية، أنه على مدار السنوات الأربع الماضية، أصبح هذا المنتدى منصة عالمية رائدة للدعوة إلى إمدادات المعادن بشكل مرن ومسؤول، وعرض بشكل فريد التأثير الإيجابي الذي يمكن أن يُحدثه هذا القطاع على التنمية الاجتماعية والاقتصادية.

ولفت إلى أن المؤتمر تطوَّر وتوسَّع في أعداد الحضور منذ نسخته الأولى وحتى الرابعة الحالية، حيث ازداد من 3500 مشارك في 2022 إلى أكثر من 20 ألفاً هذا العام. وأوضح أن برنامج هذا العام يضم أيضاً 250 متحدثاً، بما في ذلك رؤساء تنفيذيون من 11 من أكبر 20 شركة تعدين، إلى جانب قادة من الحكومات والمؤسسات البحثية والصناعات التابعة.

وقال الخريّف: «نطلق مبادرة استوديو الابتكار التعديني، الذي يهدف إلى جذب المواهب العالمية، وتسريع التكنولوجيا الحديثة. وهذه خطوة واحدة نحو جعل المملكة وادياً سيليكونياً للتعدين".

وأضاف: «نطلق، لأول مرة، القيادة الإقليمية في أفريقيا وآسيا الوسطى وأميركا اللاتينية، حيث نجمع دول المورّدين لإنشاء مجتمع عالمي قوي. أيضاً، نطلق المناظرة، التي ستجمع قادة القطاع، لمناقشة قضايا صعبة؛ مثل توزيع الموارد، والاستدامة، وإشراك أصحاب المصلحة».

ولفت إلى أن السعودية تفتخر بأن تكون قدوة في قطاع التعدين، حيث أصبح، تحت مظلة «رؤية 2030»، الأسرع نمواً، مع تقدير احتياطات المعادن في المملكة بنحو 2.5 تريليون دولار. وقال: «ساعد تركيزنا على الابتكار في الإطار التنظيمي، وتطوير البنية التحتية للمملكة في أن تكون وجهة استثمارية رائدة في مجال التعدين واستكشاف المعادن». وأضاف: «هذا العام، نروِّج أيضاً لفرص استكشاف جديدة عبر 50 ألف كيلومتر مربع من أحزمة المعادن الواعدة».

وأوضح أن برنامج تحفيز الاستكشاف، الذي جرى إطلاقه العام الماضي بدأ بالفعل يحقق نتائج، حيث حصلت ست شركات على تمويل.