بالتزامن مع إعلان السفارة الأميركية في ليبيا دعمها مساعي محاسبة منتهكي القانون الدولي في البلاد، انضم حقوقيون ونشطاء ليبيون إلى دعوات مماثلة، وذلك بعد أسبوع من إصدار «البعثة المستقلة لتقصي الحقائق» تقريرها، الذي يشير إلى تورط بعض الأطراف المحلية في «جرائم» يتعلق معظمها بالمهاجرين غير النظاميين، والنساء.
ويوثّق التقرير - الذي يقع في 9 آلاف و583 كلمة - الانتهاكات والتجاوزات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، التي ارتكبتها جميع الأطراف في ليبيا، منذ بداية عام 2016.
ويرى حقوقيون، منهم رئيس «اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان» في ليبيا، أحمد حمزة، أن السلطات الليبية مطالَبة باتخاذ خطوات جادة وحاسمة لمعالجة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني. ويقول، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»: «نُشيد ونُرحب بما جاء في التقرير النهائي لبعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق الخاصة بليبيا، ونؤكد أن ما جاء في التقرير ما هو إلا نسبة قليلة أمام الكم الهائل والسجل الطويل والمروّع لانتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا».
ويدعو الحقوقي الليبي إلى العمل على اتخاذ خطوات جادة وحاسمة، من جانب أطراف الصراع؛ لتعزيز سيادة القانون والعدالة، وإنهاء الإفلات من العقاب، وضمان حقوق الضحايا والمتضررين، والأخذ بما جاء في التوصيات الختامية للتقرير، وهي المطالب التي ينادي بها عدد من الحقوقيين في البلاد.
وقد تضمّن التقرير قائمة طويلة من التوصيات؛ منها: التحقيق مع الأفراد الذين يُزعم ارتكابهم انتهاكات وتجاوزات تتعارض مع القانون، ونزع السلاح، والتسريح، وإعادة الإدماج، وإعادة التأهيل بشكل فعال لإنشاء قوات مسلحة وأمنية موحدة؛ تماشياً مع المعايير والممارسات الدولية، ووقف جميع المحاكمات العسكرية للمدنيين، ووقف تنفيذ الأحكام الصادرة عن المحاكم العسكرية ضد المدنيين، وإنهاء تجريم الدخول والإقامة غير النظامييْن للمهاجرين في ليبيا، والإفراج الفوري عن المهاجرين المحتجزين تعسفياً، وإغلاق السجون السرية، والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين تعسفياً.
في السياق نفسه، غرّدت سفارة الولايات المتحدة لدى ليبيا، عبر حسابها على «تويتر»، معلنة مساندة جهود تعقب الجناة المتورطين في جرائم حقوقية. وجاء في التغريدة: «تشارك الولايات المتحدة القلق العميق الذي أعربت عنه بعثة تقصي الحقائق، التابعة للأمم المتحدة. سنواصل الوقوف إلى جانب الشعب الليبي، وسنستخدم الأدوات والسلطات المتاحة لنا، بما ذلك مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة؛ للسعي إلى مساءلة جميع منتهكي حقوق الإنسان».
كما نشر السفير السويسري لدى تونس وليبيا جوزيف رينجلي، تغريدة، عبر حسابه على «تويتر»، أعرب فيها عن قلقه إزاء ما توصّل إليه التقرير النهائي لبعثة تقصي الحقائق في ليبيا، والذي عُرض، في «مجلس حقوق الإنسان» في جينيف. وأضاف: «سيكون السلام بعيداً إذا لم يجرِ التركيز على المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، يتوجّب وجود متابعة وخطوات ملموسة».
ويطالب أحمد حمزة بتكثيف العمل من أجل وضع آلية تحقيق بشأن ما تضمّنه التقرير، وضمان تحقيق العدالة للضحايا والمتضررين، وتعزيز المساءلة، وإنهاء الإفلات من العقاب حيال الجرائم والانتهاكات، ووضع خطة وطنية شاملة لحماية حقوق الإنسان، وتعزيز سيادة القانون.
وكان المتحدث باسم مجلس النواب الليبي عبد الله بليحق، قد نشر بياناً يصف التقرير بـ«الانحياز، وغياب الموضوعية، وتعمد تشويه صورة ليبيا»، في حين رأت وزارة الخارجية في حكومة عبد الحميد الدبيبة، في تعليق مطوّل، أن التقرير «يحمل إساءة لدولة ليبيا وشعبها»، خصوصاً ما يتعلق باتهام مراكز الاحتجاز الرسمية بـ«التورط في عمليات استعباد» مهاجرين.
ويعلق رئيس «اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا» أحمد حمزة، على رد وزارة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية، بالقول إنه يفتقر إلى «الحقائق، والأدلة، وإنما سرد تعبيري لا يرقى لمستوى الرد الفني والموضوعي، بل عبارة عن رد سياسي»، على حد تعبيره.
وفي حين يقول التقرير إن سلطات الدولة، والكيانات التابعة لها (من الشرق والغرب الليبي)، بالإضافة إلى قياداتها، «قد شاركت مراراً وتكراراً في الانتهاكات والتجاوزات التي نشأت في سياق الاحتجاز»، يقول المحلل السياسي الليبي محمد الأسمر إن الحالة الأمنية غير المستقرة تجعل الليبيين أنفسهم عرضة للجريمة.
ويضيف الأسمر، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، أن السياسيين في السلطة التنفيذية «فشلوا فشلاً ذريعاً في إرساء دعائم الأمن والسلام؛ لأن ليبيا ما زالت تعاني على مستوى سكانها، أو الوافدين».
وفي بيان لها، دعت «اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا»، «مجلس حقوق الإنسان»، التابع للأمم المتحدة، إلى تعيين مقرر دولي خاص بحقوق الإنسان في ليبيا، أو اعتماد إنشاء آلية دولية دائمة تُعنى برصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في البلاد؛ لضمان متابعة مدة التزام السلطات الليبية بالتزاماتها، إزاء كل ما تضمّنه تقرير تقصي الحقائق الأخير.
تأتي هذه التطورات في الملف الحقوقي، بينما يتواصل العد التنازلي أمام فرقاء الصراع، والبعثة الأممية، نحو إجراء الانتخابات العامة المأمولة، خلال العام الحالي، كما سبق أن أعلن المبعوث الأممي لدى ليبيا عبد الله باتيلي.
مطالب حقوقية بمحاسبة «منتهكي القانون الدولي» في ليبيا
وسط دعوات لوضع «خطة وطنية» لتعزيز سيادة القانون
مطالب حقوقية بمحاسبة «منتهكي القانون الدولي» في ليبيا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة