مطالب حقوقية بمحاسبة «منتهكي القانون الدولي» في ليبيا

وسط دعوات لوضع «خطة وطنية» لتعزيز سيادة القانون

دورية أمنية تضبط 20 مهاجراً غير نظامي جنوب شرقي ليبيا (مديرية أمن ربيانة)
دورية أمنية تضبط 20 مهاجراً غير نظامي جنوب شرقي ليبيا (مديرية أمن ربيانة)
TT

مطالب حقوقية بمحاسبة «منتهكي القانون الدولي» في ليبيا

دورية أمنية تضبط 20 مهاجراً غير نظامي جنوب شرقي ليبيا (مديرية أمن ربيانة)
دورية أمنية تضبط 20 مهاجراً غير نظامي جنوب شرقي ليبيا (مديرية أمن ربيانة)

بالتزامن مع إعلان السفارة الأميركية في ليبيا دعمها مساعي محاسبة منتهكي القانون الدولي في البلاد، انضم حقوقيون ونشطاء ليبيون إلى دعوات مماثلة، وذلك بعد أسبوع من إصدار «البعثة المستقلة لتقصي الحقائق» تقريرها، الذي يشير إلى تورط بعض الأطراف المحلية في «جرائم» يتعلق معظمها بالمهاجرين غير النظاميين، والنساء.
ويوثّق التقرير - الذي يقع في 9 آلاف و583 كلمة - الانتهاكات والتجاوزات المزعومة للقانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، التي ارتكبتها جميع الأطراف في ليبيا، منذ بداية عام 2016.
ويرى حقوقيون، منهم رئيس «اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان» في ليبيا، أحمد حمزة، أن السلطات الليبية مطالَبة باتخاذ خطوات جادة وحاسمة لمعالجة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني. ويقول، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»: «نُشيد ونُرحب بما جاء في التقرير النهائي لبعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق الخاصة بليبيا، ونؤكد أن ما جاء في التقرير ما هو إلا نسبة قليلة أمام الكم الهائل والسجل الطويل والمروّع لانتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا».
ويدعو الحقوقي الليبي إلى العمل على اتخاذ خطوات جادة وحاسمة، من جانب أطراف الصراع؛ لتعزيز سيادة القانون والعدالة، وإنهاء الإفلات من العقاب، وضمان حقوق الضحايا والمتضررين، والأخذ بما جاء في التوصيات الختامية للتقرير، وهي المطالب التي ينادي بها عدد من الحقوقيين في البلاد.
وقد تضمّن التقرير قائمة طويلة من التوصيات؛ منها: التحقيق مع الأفراد الذين يُزعم ارتكابهم انتهاكات وتجاوزات تتعارض مع القانون، ونزع السلاح، والتسريح، وإعادة الإدماج، وإعادة التأهيل بشكل فعال لإنشاء قوات مسلحة وأمنية موحدة؛ تماشياً مع المعايير والممارسات الدولية، ووقف جميع المحاكمات العسكرية للمدنيين، ووقف تنفيذ الأحكام الصادرة عن المحاكم العسكرية ضد المدنيين، وإنهاء تجريم الدخول والإقامة غير النظامييْن للمهاجرين في ليبيا، والإفراج الفوري عن المهاجرين المحتجزين تعسفياً، وإغلاق السجون السرية، والإفراج الفوري عن جميع المعتقلين تعسفياً.
في السياق نفسه، غرّدت سفارة الولايات المتحدة لدى ليبيا، عبر حسابها على «تويتر»، معلنة مساندة جهود تعقب الجناة المتورطين في جرائم حقوقية. وجاء في التغريدة: «تشارك الولايات المتحدة القلق العميق الذي أعربت عنه بعثة تقصي الحقائق، التابعة للأمم المتحدة. سنواصل الوقوف إلى جانب الشعب الليبي، وسنستخدم الأدوات والسلطات المتاحة لنا، بما ذلك مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة؛ للسعي إلى مساءلة جميع منتهكي حقوق الإنسان».
كما نشر السفير السويسري لدى تونس وليبيا جوزيف رينجلي، تغريدة، عبر حسابه على «تويتر»، أعرب فيها عن قلقه إزاء ما توصّل إليه التقرير النهائي لبعثة تقصي الحقائق في ليبيا، والذي عُرض، في «مجلس حقوق الإنسان» في جينيف. وأضاف: «سيكون السلام بعيداً إذا لم يجرِ التركيز على المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب، يتوجّب وجود متابعة وخطوات ملموسة».
ويطالب أحمد حمزة بتكثيف العمل من أجل وضع آلية تحقيق بشأن ما تضمّنه التقرير، وضمان تحقيق العدالة للضحايا والمتضررين، وتعزيز المساءلة، وإنهاء الإفلات من العقاب حيال الجرائم والانتهاكات، ووضع خطة وطنية شاملة لحماية حقوق الإنسان، وتعزيز سيادة القانون.
وكان المتحدث باسم مجلس النواب الليبي عبد الله بليحق، قد نشر بياناً يصف التقرير بـ«الانحياز، وغياب الموضوعية، وتعمد تشويه صورة ليبيا»، في حين رأت وزارة الخارجية في حكومة عبد الحميد الدبيبة، في تعليق مطوّل، أن التقرير «يحمل إساءة لدولة ليبيا وشعبها»، خصوصاً ما يتعلق باتهام مراكز الاحتجاز الرسمية بـ«التورط في عمليات استعباد» مهاجرين.
ويعلق رئيس «اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا» أحمد حمزة، على رد وزارة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية، بالقول إنه يفتقر إلى «الحقائق، والأدلة، وإنما سرد تعبيري لا يرقى لمستوى الرد الفني والموضوعي، بل عبارة عن رد سياسي»، على حد تعبيره.
وفي حين يقول التقرير إن سلطات الدولة، والكيانات التابعة لها (من الشرق والغرب الليبي)، بالإضافة إلى قياداتها، «قد شاركت مراراً وتكراراً في الانتهاكات والتجاوزات التي نشأت في سياق الاحتجاز»، يقول المحلل السياسي الليبي محمد الأسمر إن الحالة الأمنية غير المستقرة تجعل الليبيين أنفسهم عرضة للجريمة.
ويضيف الأسمر، في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، أن السياسيين في السلطة التنفيذية «فشلوا فشلاً ذريعاً في إرساء دعائم الأمن والسلام؛ لأن ليبيا ما زالت تعاني على مستوى سكانها، أو الوافدين».
وفي بيان لها، دعت «اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا»، «مجلس حقوق الإنسان»، التابع للأمم المتحدة، إلى تعيين مقرر دولي خاص بحقوق الإنسان في ليبيا، أو اعتماد إنشاء آلية دولية دائمة تُعنى برصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في البلاد؛ لضمان متابعة مدة التزام السلطات الليبية بالتزاماتها، إزاء كل ما تضمّنه تقرير تقصي الحقائق الأخير.
تأتي هذه التطورات في الملف الحقوقي، بينما يتواصل العد التنازلي أمام فرقاء الصراع، والبعثة الأممية، نحو إجراء الانتخابات العامة المأمولة، خلال العام الحالي، كما سبق أن أعلن المبعوث الأممي لدى ليبيا عبد الله باتيلي.


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

تونس تنتخب رئيسها اليوم

نقل صناديق الاقتراع داخل أحد مراكز العاصمة تونس (إ.ب.أ)
نقل صناديق الاقتراع داخل أحد مراكز العاصمة تونس (إ.ب.أ)
TT

تونس تنتخب رئيسها اليوم

نقل صناديق الاقتراع داخل أحد مراكز العاصمة تونس (إ.ب.أ)
نقل صناديق الاقتراع داخل أحد مراكز العاصمة تونس (إ.ب.أ)

يتوجّه التونسيون اليوم إلى صناديق الاقتراع لاختيار رئيس جديد للبلاد، بعد نحو 3 أسابيع من انطلاق حملة المترشّحين للرئاسة.

ويواجه الرئيس قيس سعيّد، النائب البرلماني السابق زهير المغزاوي، والنائب السابق ورجل الأعمال العياشي زمال، الذي سُجن، بعد قبول هيئة الانتخابات ترشحه الشهر الماضي.

هذه الانتخابات تعد، وفق مراقبين، مختلفة عن سابقاتها، وذلك بسبب الاحتجاجات التي رافقت الحملة الانتخابية، والانتقادات التي وجهت لهيئة الانتخابات، واتهامها بتعبيد الطريق أمام الرئيس للفوز بسهولة على منافسيه، وأيضاً بسبب مخاوف من عزوف التونسيين عن الاقتراع.

وقال رئيس «الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات» (عتيد)، بسام معطر، إن نسبة المشاركة «تواجه تحديات بسبب الإشكالات الكثيرة التي رافقت الحملة الانتخابية، ودعوات المقاطعة من قِبَل عدة أحزاب من المعارضة».