أمطار الشتاء المتأخرة تُحيي آمال العراقيين بموسم أقل جفافاً

أحد شوارع مدينة النجف التي غمرتها الأمطار في 26 مارس (أ.ف.ب)
أحد شوارع مدينة النجف التي غمرتها الأمطار في 26 مارس (أ.ف.ب)
TT

أمطار الشتاء المتأخرة تُحيي آمال العراقيين بموسم أقل جفافاً

أحد شوارع مدينة النجف التي غمرتها الأمطار في 26 مارس (أ.ف.ب)
أحد شوارع مدينة النجف التي غمرتها الأمطار في 26 مارس (أ.ف.ب)

أحيَت أمطار وثلوج الشتاء المتأخرة نسبياً والتي سقطت خلال الأسبوعين الأخيرين، في معظم المحافظات العراقية، الآمال بموسم أقل جفافاً هذا العام. وكانت مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات قد انخفضت بنحو خطير قبل نحو شهرين في مناطق وسط وجنوب البلاد نتيجة قلة الأمطار في مناطق منابع النهرين في تركيا وسوريا، ما دفع رئيس الوزراء محمد السوداني إلى زيارة تركيا الأسبوع قبل الماضي، وحصل من رئيسها رجب طيب إردوغان على تعهد بزيادة الإطلاقات المائية إلى العراق لضعفين ولمدة شهر واحد على نهر دجلة لتجاوز حالة الجفاف التي يمر بها في جنوب العراق.
الأمطار والثلوج المتأخرة و«الهدية» التركية أنعشت الآمال بالتقليل من حدة مواسم الجفاف المتواصلة منذ سنوات وبموسم زراعي جيد. وفي هذا الصدد قال المتحدث باسم وزارة الزراعة محمد الخزاعي، أول من أمس، إن «الموسم الحالي فاق التوقعات وأمَّن جميع الريّات لمحصولي الحنطة والشعير، ولم نضطر إلى استخدام الخزين المائي في السقي».
وأضاف في تصريحات صحافية، أن «التفاهمات التي حصلت مؤخراً بين العراق وتركيا بشأن المياه مع موسم ذوبان الثلوج ستؤدي جميعها إلى زيادة الخزين المائي العراقي، وأن امتلاء السدود في العراق يدعو إلى التفاؤل بخطة زراعية صيفية».
بدورها، كشفت وزارة الموارد المائية عن أن «الوضع الحالي في منطقة الأهوار (الجنوبية) هو الأفضل» بعد أن أصاب الجفاف مساحات شائعة من تلك المنطقة خلال السنوات الأخيرة وتسبب في هجرة الكثير من سكانها. وقال مدير عام مركز إنعاش الأهوار والأراضي الرطبة في وزارة الموارد المائية حسين علي الكناني، يوم الاثنين، لوكالة الأنباء العراقية الرسمية، إن «الأهوار تأثرت خلال السنوات الثلاث الماضية بشكل كبير نتيجة قلة الإيرادات من دول المنبع والتغيرات المناخية». وأضاف أن «الوزارة أعدت خطة بداية موسم الأمطار لاستغلال كميات الأمطار في الجداول والأنهار لإطلاقها إلى الأهوار والاستفادة من ري المساحات الزراعية». وأشار الكناني إلى أن «الخطة شملت إطلاق كميات من المياه إلى الأهوار التي تتغذى من نهري دجلة والفرات، وهناك زيادة تدريجية في مناسيب الأهوار». وأكد أن «الوضع في الأهوار حالياً أفضل من العام الماضي نتيجة استغلال مياه الأمطار، والوزارة وضعت خطة لتوسيع وتعميق مغذيات الأهوار ومسالك المياه الداخلة للأهوار بهدف توطين السكان».
من جهة أخرى، وفي إطار مساعيها لإدارة أزمة المياه التي تعاني منها البلاد منذ سنوات ويتوقع تفاقمها في السنوات المقبلة التي في حال استمرت مواسم الجفاف وتأثُّر العراق الشديد بالتغيرات المناخية، أصدرت اللجنة العليا لإدارة المياه، أول من أمس، مجموعة من القرارات والتوصيات بهذا الشأن، من بينها «اعتبار المعلومات المتعلقة بالواقع المائي حساسة ويمنع تداولها أمام العامة»، الأمر الذي أثار استغراب عدد كبير من المراقبين والمتابعين لملف المياه، بوصفه ملفاً حيوياً، ومن حق الجميع معرفة تفاصيله لتعلقه بحياتهم اليومية.
وبهدف إلزام المحافظات العراقية، خصوصاً تلك التي تقع في مقدمة مياه الأنهار، بعدم التجاوز على حصصها المائية، قررت اللجنة «إلزام المحافظات بالحصص المائية التي تقرها وزارة الموارد المائية». كما قررت «الالتزام بالخطة الزراعية وتوجيهات مجلس الوزراء والجهات القطاعية خلال الصيف».
ومن ضمن المقررات الأخرى، القرار المتعلق بـ«تشجيع الفلاحين والمزارعين على اقتناء منظومات الري الحديثة بالتنسيق مع وزارة الزراعة، وتخصيص قوة أمنية تتولى مساعدة الجهات القطاعية المختلفة لتنفيذ رفع التجاوزات على مجاري الأنهر كافة». وتضمن قرارات اللجنة العليا لإدارة المياه، كذلك «قيام المحافظات بدعم مشاريع وزارة الموارد المائية الخاصة بتنظيم وتطوير الري، والحد من تلوث مياه الأنهار من خلال تنفيذ مشاريع محطات معالجة مياه الصرف الصحي وعدم رمي المخلفات الصلبة في مجاريها».
يشار إلى أن العراق أودع نهاية الشهر الماضي، صك الانضمام إلى اتفاقية حماية واستخدام المجاري المائية العابرة للحدود والبحيرات الدولية (المعروفة باسم اتفاقية الأمم المتحدة للمياه) على هامش مؤتمر المياه في نيويورك. وحسب وزارة الموارد المائية، فإن الاتفاقية «تهدف إلى ضمان الاستخدام المستدام لموارد المياه العابرة للحدود من خلال تسهيل التعاون وتحسين إدارة الموارد المائية على المستوى الوطني»، في إشارة إلى مشكلات العراق المائية مع الجارتين تركيا وإيران. وتقول الوزارة إن «العراق يعد أول دولة في الشرق الأوسط تنضم إلى هذه الاتفاقية، والعضو الـ49 في هذا الإطار القانوني الدولي الفريد والحكومي الدولي».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
TT

بارزاني يحذر من مخاطر الانسحاب الأميركي

مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)
مسعود بارزاني زعيم «الحزب الديمقراطي الكردستاني» (إكس)

حدد رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، مسعود بارزاني، موقف الكرد من الصراع الجاري في المنطقة بطريقة تبدو مختلفة عن خيارات القوى السياسية في بغداد، لا سيما من الحرب الدائرة في المنطقة.

وفي لقاء له مع قناة «سكاي نيوز عربية»، الثلاثاء، أكد بارزاني أن العراق «هو المتضرر في حال جره للحرب في المنطقة». وأضاف أن «العلاقة بين أربيل وبغداد جيدة، مع أن بعض الملفات العالقة لا تزال طور النقاش لحلها، من بينها حصة الإقليم من النفط».

وقال بارزاني: «ليس من مصلحتنا أي توتر مع إيران وتركيا والعلاقات طبيعية مع الطرفين»، مؤكداً أنه «لم يكن في برنامجنا أبداً توتر العلاقات مع تركيا وإيران، لكن لن نسمح لأي أحد بأن يتدخل في شؤوننا».

ولفت بارازني إلى أن «المعارضة الإيرانية الموجودة في إقليم كردستان لم تتدخل وتستمع للتعليمات، بينما (حزب العمال الكردستاني) يتدخل ولا يستمع للتعليمات».

العراق وطبول الحرب

وبشأن طبول الحرب التي تقرع في المنطقة وطريقة تعاطي العراق الرسمي والعراق الموازي المتمثل بالفصائل المسلحة الموالية لإيران، قال بارزاني إن «العراق هو المتضرر من جره للحرب الحالية في المنطقة».

ومع أن بارزاني لم يخض في تفاصيل موقف العراق من الحرب، لكنه عبَّر عن رأي كردي منسجم مع موقف الحكومة العراقية سواء على لسان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أو وزير الخارجية فؤاد حسين، لكنه انتقد صراحة «الفصائل المسلحة التي لا تزال تهدد بالرد على إسرائيل في حال تنفيذها هجوما على العراق».

وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني أعلن، الأحد الماضي، خلال كلمة له بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس الدبلوماسية العراقية أن إسرائيل باتت تبحث عما سماها «ذرائع واهية لضرب العراق»، مبيناً أنه وجَّه وزارة الخارجية للتعامل مع الأمر، وفق الأطر الدبلوماسية.

مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي والسفيرة الأميركية لدى العراق إلينا رومانسكي خلال لقاء الأحد (واع)

وكانت السفيرة الأميركية إلينا رومانسكي التي انتهت مدة عملها في العراق، قد حذرت من إمكانية أن تقوم إسرائيل باستهداف العراق قائلة: «أود أن أكون واضحة جداً من البداية. الإسرائيليون أدلوا بتحذيرات ردع على الميليشيات المدعومة إيرانياً والموجودة هنا في العراق، والتي تعتدي على إسرائيل».

وأضافت أن «هذه الميليشيات هي من بدأت في الاعتداء على إسرائيل، وأكون واضحة جداً لهذه النقطة وأن الإسرائيليين حذروا حكومة العراق بأن يوقفوا هذه الميليشيات من اعتداءاتها المتكررة والمستمرة على إسرائيل».

وتابعت السفيرة بالقول: «رسالتنا إلى حكومة العراق هي أن تسيطر على هذه الميليشيات المنفلتة التي لا تنصاع لأوامر الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء، وأن إسرائيل أمة لها سيادتها، وستقوم بالرد على أي اعتداء من أي مكان ضدها».

خطر الانسحاب الأميركي

وعن موقفه من الوجود الأميركي في العراق، قال بارزاني إن «(داعش) لا يزال يشكل تهديداً جدياً، وانسحاب قوات التحالف مشكلة من دون تجهيز الجيش العراقي والبيشمركة».

ويعد موقف بارزاني أول موقف كردي بهذا الوضوح بعد سلسلة مباحثات أجرتها الحكومة العراقية طوال هذا العام مع الأميركيين بشأن إعادة تنظيم العلاقة بين العراق والولايات المتحدة الأميركية والتي تتضمن انسحاب ما تبقى من القوات الأميركية من العراق والعودة إلى اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقَّعة بين بغداد وواشنطن عام 2008.

وفي هذا السياق، يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية الدكتور عصام فيلي لـ«الشرق الأوسط» إن «موقف بارزاني من الانسحاب الأميركي يمثل مخاوف كثير من القوى السياسية وحتى الشارع العراقي في أن يكون العراق جزءاً من ساحة حرب».

وأضاف فيلي أن «هذه الحرب لا بد أن يكون لمن يشترك فيها اصطفاف لصالح طرف ضد آخر، وهو ما يتناقض مع الدستور العراقي وتصريحات كبار مسؤوليه في أن العراق لا يمكن أن يكون ساحة للحرب في المنطقة بين قوتين وهما أميركا وإيران».

وأوضح فيلي أن «العراق لا يزال يواجه تحديات داخلية في المقدمة منها التنظيمات الإرهابية، وأن قوات التحالف الدولي تمثل ضمانة أمنية»، وأشار إلى أن «الكرد يخشون من غياب قوات التحالف؛ لأنهم يرون أن وجود بعض الأطراف المسلحة في بعض المناطق المتنازع عليها سيشكل تهديداً لهم بعد الانسحاب الأميركي».