«مشروع توثيقي» لمصري يفوز بجائزة من «وورلد برس فوتو»

«هنا الأبواب لا تعرفني» يرصد ذكريات سكان «المكس» بالإسكندرية

أبرز معالم حي المكس قبل الإزالة (الشرق الأوسط)
أبرز معالم حي المكس قبل الإزالة (الشرق الأوسط)
TT

«مشروع توثيقي» لمصري يفوز بجائزة من «وورلد برس فوتو»

أبرز معالم حي المكس قبل الإزالة (الشرق الأوسط)
أبرز معالم حي المكس قبل الإزالة (الشرق الأوسط)

«هنا الأبواب لا تعرفني» عنوان المشروع، الذي فاز به المصور المصري الشاب محمد مهدي في المسابقة الدولية للتصوير الفوتوغرافي «وورلد برس فوتو» لعام 2023. وهو أيضاً عنوان الفقد الذي يشعر به المرء حين يغادر بيته الذي احتضنه لسنوات طويلة وشهد أجمل ذكرياته، وفق ما جاء في المشروع.
يستكشف العمل عبر الفوتوغرافيا آثار ارتفاع منسوب البحر على المجتمع المحلي في منطقة «المكس»؛ وهي قرية صيد تقع على طول قناة المحمودية في الإسكندرية (شمال مصر)، ويرصد ذكريات ومشاعر السكان بعد اضطرار بعضهم إلى مغادرة المكان واستعداد بعضهم الآخر إلى الرحيل تنفيذاً لقرار الحكومة المصرية بإخلاء المنطقة بالكامل ونقلهم إلى مساكن أخرى.
تتكون القصص المصوَّرة، المعروضة ضمن عمله الفائز، من عشرات الصور والوثائق التي أدرجها الفنان في منصة إلكترونية تفاعلية، في حين يمثل بناء أرشيف للذكريات الخاصة للأجيال المقبلة. واللافت أن الفنان دعا زائري المنصة أيضاً لتوجيه رسائل إلى سكان أهل المكس، أو كتابة قصص أو قصائد لهم، في حالة من الدعم الإنساني لهم، التي تصل على الفور إلى «غروب» إلكتروني يضمهم، مما يفتح قناة اتصال بالعالم.
وتسمح تقنية المنصة، عند الضغط على الصور أو الرسائل، بالاستماع إلى أصوات أصحابها الممتلئ بالفقد والحنين. ووفق وصف موقع الجائزة العالمية، فإن «المشروع يمثل رثاءً لأسلوب حياة مشترك على وشك الاختفاء».


محمد مهدي (الشرق الأوسط)

فاز بالمسابقة الدولية التي تُعدّ الجائزة الأرفع مستوى في عالم التصوير الصحافي المحترف، العام الحالي، 24 مشروعاً جرى اختيارها من بين 60 ألف مشروع، من 127 دولة حول العالم، وحصل المصور المصري محمد مهدي على فئة «أوبن فورمات» - أفريقيا بالمسابقة، وسيتبع ذلك مشاركته مع سائر الفائزين في سلسلة معارض ستقام في 80 دولة تبدأ بهولندا في 20 أبريل (نيسان) الحالي، كما سيُدرج مشروعه في كتاب سيُطبع منه 30 ألف نسخة بـ6 لغات، وفق قانون الجائزة.
منذ طفولته كان مهدي مولعاً بحي «المكس». يقول، لـ«الشرق الأوسط»: «بدأت هواية التصوير في سن الرابعة عشرة، وكنت أتدرب عليه في هذا الحي، الذي لا يبعد كثيراً عن منطقة العجمي التي أقطن بها، فهو يمثل مكاناً ملهماً لأي مصور أو فنان؛ من فرط جماله، وزخمه الإنساني». ويتابع: «مرت السنوات وكونتُ علاقات صداقة مع السكان، وحين بدأت دراستي بكلية الفنون والتصميم، كنت وزملائي نذهب في مجموعات لتصوير هذه المنطقة ورسمها».
شعر مهدي بحجم الألم الذي سيطر على سكان المكس؛ بسبب قرار إخلاء المكان: «كانوا يقدّرون أن ذلك أمر ضروري؛ بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر، لكنهم أيضاً كانوا يشعرون كما لو أنهم مثل (السمك حين يغادر المياه)!». وأضاف: «المكس ليس مجرد مكان عادي للسكن؛ فهي منطقة ذات طابع خاص؛ كونها تطل مباشرةً على البحر بكل هدوئه وصخبه وجمال إطلالته، ولأنها أيضاً تضم ناساً يعملون في الصيد منذ عشرات السنين، توارثوا هذه المهنة عن أجدادهم؛ فهي تمثل البيت والعمل معاً، ومن ثم الحياة بأكملها».
امتزجت مشاعر مهدي مع أحاسيس أصحاب المكان، وكان معهم يوثِّق لحالة الفقد، التي سيطرت عليهم، سواء بالنسبة لهؤلاء الذين هُدمت بيوتهم بالفعل، أو هؤلاء الذين ينتظرون الهدم والنقل: «قررت أن أوثق ذكرياتهم، وأن أتناول تاريخ المنطقة وطبيعة حياتهم وتفاصيلهم اليومية وعملهم بمهنة الصيد، قبل أن يندثر ذلك كله». يركز الفنان الشاب عمله على المجتمعات غير المرئية في مصر: «أردت أن أقدم لأهل المكس نوعاً من الدعم النفسي عبر الفن، ومن هنا أسست هذا المشروع الذي سيتبعه قريباً صدور كتاب سيضم رسائل أصحاب المكان والردود التفاعلية التي تصلهم من مختلف أنحاء العالم؛ حتى لا يشعروا بأنهم بمفردهم».
جاء فوز مهدي في فئة «أوبن فورمات» بالمسابقة، وهي تمنح المصور مساحة كبيرة من الحرية في اختيار تقنية عمله الفني. يقول: «بدلاً من أن أوثق للمكان والناس، من وجهة نظري وحدي، جعلتهم هم أنفسهم يشاركونني الأمر؛ فطلبت من بعضهم الرسم، ومن بعضهم الآخر رسائل بخط اليد، كما أعطيت البعض الكاميرا وجعلتهم يصورون حياتهم اليومية، وأعطاني البعض صوراً من ألبوم العائلة، فضلاً عن الصور والتسجيلات التي قمت بها، وهكذا أقدم قصة توثيقية إنسانية متكاملة بعيونهم؛ مما يخلق قدراً كبيراً من الواقعية والمصداقية».
وتتعدد الصور والرسائل المؤثرة بالمشروع؛ ومنها رسالة لسيدة تتحدث عن أنها «لا تزال تزور يومياً مكان بيتها بعد هدمه، وتتذكر كيف كانت تجلس، في صباح كل يوم، أسفل الشجرة التي زرعتها أمامه تقرأ القرآن وحولها العصافير، كما تتحدث عن ذكرياتها مع زوجها العطوف، التي شهدتها جدران البيت المتهدم».


مقالات ذات صلة

«الإسماعيلية التسجيلي» يُبرز مسيرة سينمائيين مصريين

يوميات الشرق «الإسماعيلية التسجيلي» يُبرز مسيرة سينمائيين مصريين

«الإسماعيلية التسجيلي» يُبرز مسيرة سينمائيين مصريين

يحتفي «مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والقصيرة» خلال دورته اﻟ24. بمسيرة 2 من السينمائيين المصريين، وهما مدير التصوير السينمائي دكتور محمود عبد السميع، والناقد والمؤرخ محمود علي، اللذين جمعهما توثيق السينما، حيث وثقها عبد السميع بالكاميرا عبر أفلامه، بينما وثقها علي بالقلم عبر كتب وموسوعات عن تاريخ السينما، واستهل المهرجان أولى فاعلياته بإقامة ندوة لكل منهما ظهر اليوم (الأربعاء). وأكد مدير التصوير السينمائي عبد السميع، خلال الندوة، أنه «كلما كانت اللقطة التي يتم تصويرها واقعية جنح الفيلم إلى التوثيق». وقال إن «الصورة يجب أن تبقى في خدمة المضمون في الفيلم التسجيلي بعيداً عن الجماليات».

انتصار دردير (الإسماعيلية)
يوميات الشرق مسعود هانتشر ممسكاً بيد ابنته إرماك البالغة 15 عاماً المتوفاة تحت الأنقاض جراء الزلزال في كهرمان ماراش (أ.ف.ب)

حملة تضامن مع رجل تركي ينشر صورته ممسكاً بيد ابنته المتوفاة تحت الأنقاض

حرّكت صورة مسعود هانتشر ممسكاً بيد ابنته المتوفاة تحت الأنقاض، عقب الزلزال العنيف الذي ضرب تركيا يوم 6 فبراير (شباط)، العالم بأسره، واستتبعت حملة من التضامن مع هذا الرجل المحطم، كما روى لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». بعد نحو 3 أسابيع على هذه الكارثة الطبيعية التي أودت بأكثر من 44 ألف شخص في تركيا، غادر هانتشر، وهو والد لأربعة أطفال، من بينهم إرماك (15 عاماً) التي قضت مدفونة تحت أنقاض مبنى من 8 طوابق، بلدته كهرمان مراش، في جنوب شرقي تركيا، ليستقر في أنقرة. وقال: «لقد فقدت أيضاً والدتي وإخوتي وأبناء إخوتي في الزلزال. لكن دفن ولدك لا نظير لمأساويته...

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
يوميات الشرق الفنانة الروسية - (الجامعة الأميركية بالقاهرة)

فوتوغرافية روسية تعيد اكتشاف المباني المهجورة في مصر (صور)

تأثرت المصورة الفوتوغرافية الروسية زينيا نيكولسكايا بالبنايات القديمة بمدينة سانت بطرسبرغ، التي تم تأسيسها عام 1703-، كميناء مهم وقاعدة بحرية، لدرجة أنه أُطلق عليها لقب «نافذة على أوروبا» من قبل مؤسسها بطرس الأكبر، ولا تزال كذلك.

عبد الفتاح فرج (القاهرة)
يوميات الشرق الفريق المنظم لمهرجان «ما بين بين» خلال الإعلان عن فقراته (من المركز البريطاني)

مهرجان «ما بين بين» مساحات من الإبداع تضيء بيروت

حزم المجلس الثقافي البريطاني أمره في ما يخص تنظيمه للنشاطات الفنية، فقد قرر أن يشارك فيها بعد أن كان ينظمها ويشرف عليها فقط. وفي مؤتمر صحافي عقد في مركز «ستايشن» الثقافي، أعلن مارك معركش مدير الفنون في المجلس المذكور عن هذا التبديل. وأطلق في المناسبة مهرجان «ما بين بين» (in between) الثقافي والفني. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «الفنون حاضرة دائماً في نشاطات المجلس الثقافي البريطاني. لكن منذ نحو سنة ونيف أعدنا النظر بالاستراتيجية الخاصة بنا. ففي السابق كنا نعتمد على دعم مادي يوزع على شركائنا في الحقل الثقافي من دون أن يكون لنا أي دور مباشر فيه.

يوميات الشرق بنايات تعكس وجه السودان القديم (الشرق الأوسط)

مباني الخرطوم المهجورة تعود إلى الحياة عبر الصور

«سودانية بكتوريل التصويرية» هو واحد من برامج كثيرة لإحياء بنايات تعكس وجه السودان القديم، عبر توثيق لمبانيه المهجورة والأثرية التي أشرفت على الاندثار، بإعادة قراءتها للأجيال القادمة والحاضرة عبر الصورة. وتقول ريم حسين (مهندسة) صاحبة الفكرة: «إن المبادرة منبثقة من حب السودان.

سهام صالح (الخرطوم)

الخفافيش تتكيف مع فقدان السمع بخطة بديلة

الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
TT

الخفافيش تتكيف مع فقدان السمع بخطة بديلة

الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)
الخفافيش تعتمد على حاسة السمع للتنقل والتواصل (رويترز)

كشفت دراسة أميركية عن استراتيجية بديلة تلجأ إليها الخفافيش عندما تفقد قدرتها على السمع، وهي حاسة أساسية تستخدمها للتوجيه عبر تقنية الصدى الصوتي.

وأوضح الباحثون من جامعة جونز هوبكنز أن النتائج تثير تساؤلات في إمكانية وجود استجابات مشابهة لدى البشر أو الحيوانات الأخرى، مما يستدعي إجراء مزيد من الدراسات المستقبلية، ونُشرت النتائج، الاثنين، في دورية (Current Biology).

وتعتمد الخفافيش بشكل أساسي على حاسة السمع للتنقل والتواصل عبر نظام تحديد المواقع بالصدى (Echolocation)، إذ تُصدر إشارات صوتية عالية التّردد وتستمع إلى صدى ارتدادها عن الأشياء المحيطة لتحديد موقعها واتجاهها. وتعد هذه القدرة إحدى الحواس الأساسية لها.

وشملت الدراسة تدريب الخفافيش على الطيران في مسار محدد للحصول على مكافأة، ومن ثم تكرار التجربة بعد تعطيل مسار سمعي مهمٍّ في الدماغ باستخدام تقنية قابلة للعكس لمدة 90 دقيقة.

وعلى الرغم من تعطيل السمع، تمكنت الخفافيش من إتمام المسار، لكنها واجهت بعض الصعوبات مثل التصادم بالأشياء.

وأوضح الفريق البحثي أن الخفافيش تكيفت بسرعة بتغيير مسار طيرانها وزيادة عدد وطول إشاراتها الصوتية، مما عزّز قوة الإشارات الصدوية التي تعتمد عليها. كما وسّعت الخفافيش نطاق الترددات الصوتية لهذه الإشارات، وهي استجابة عادةً ما تحدث للتعويض عن الضوضاء الخارجية، لكنها في هذه الحالة كانت لمعالجة نقص داخلي في الدماغ.

وأظهرت النتائج أن هذه الاستجابات لم تكن مكتسبة، بل كانت فطرية ومبرمجة في دوائر الدماغ العصبية للخفافيش.

وأشار الباحثون إلى أن هذه المرونة «المذهلة» قد تعكس وجود مسارات غير معروفة مسبقاً تعزّز معالجة السمع في الدماغ.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة، الدكتورة سينثيا موس، من جامعة جونز هوبكنز: «هذا السلوك التكيفي المذهل يعكس مدى مرونة دماغ الخفافيش في مواجهة التحديات».

وأضافت عبر موقع الجامعة، أن النتائج قد تفتح آفاقاً جديدة لفهم استجابات البشر والحيوانات الأخرى لفقدان السمع أو ضعف الإدراك الحسي.

ويخطط الفريق لإجراء مزيد من الأبحاث لمعرفة مدى تطبيق هذه النتائج على الحيوانات الأخرى والبشر، واستكشاف احتمال وجود مسارات سمعية غير معروفة في الدماغ يمكن أن تُستخدم في تطوير علاجات مبتكرة لمشكلات السمع لدى البشر.