أول اتهام لصحافي أميركي بالتجسس منذ العهد السوفياتي

جمع معلومات عن «فاغنر»... واهتم بمستوى الدعم الشعبي للحرب

المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف (أرشيفية - رويترز)
المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف (أرشيفية - رويترز)
TT

أول اتهام لصحافي أميركي بالتجسس منذ العهد السوفياتي

المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف (أرشيفية - رويترز)
المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف (أرشيفية - رويترز)

رفضت موسكو الانتقادات الغربية الموجهة إليها على خلفية اعتقال الصحافي الأميركي إيفان غيرشكوفيتش مراسل «وول ستريت جورنال» في موسكو، واتهامه بالتجسس لصالح الولايات المتحدة. وأثارت القضية الأولى من نوعها منذ سنوات «الحرب الباردة»، نقاشات واسعة وسط ترجيحات بأن تكون موسكو تريد مبادلة الصحافي المعتقل، بعد تثبيت حكم جنائي ضده، بمحكومين روس لدى الولايات المتحدة.
وقلل الكرملين من أهمية الانتقادات الغربية، وقال الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف إن الصحافي الأميركي «ضُبط متلبساً» أثناء قيامه بنشاط تجسسي. في حين دعت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الاتحاد الأوروبي إلى الدفاع عن حرية صحافيين مثل جوليان أسانغ ومارات قاسم. والأول هو مبرمِج يمضي فترة سجن في بريطانيا، والثاني مدير مكتب وكالة «سبوتنيك» في ليتوانيا، وقد اعتقلته سلطات لاتفيا قبل شهرين، ووجهت ضده تهم التجسس وانتهاك العقوبات المفروضة على روسيا.
ومع اكتفاء الرواية الرسمية الروسية بالحديث عن «اتهامات مثبتة» ضد الصحافي الأميركي، فقد لفتت أوساط في موسكو الأنظار إلى أن اعتقال غيرشكوفيتش وتوجيه تهمة التجسس ضده، يشكلان تطوراً غير مسبوق منذ نهاية الحرب الباردة. وكتبت صحيفة «كوميرسانت» أنه «لأول مرة في تاريخ روسيا الحديث، تم القبض على صحافي أجنبي للاشتباه في قيامه بالتجسس (...) وفقاً للمادة 276 من القانون الجنائي للاتحاد الروسي، يواجه عقوبة تصل إلى 20 عاماً في السجن».
تقول الرواية الرسمية إن الصحافي الذي اعتُقل أثناء زيارة قام بها إلى مدينة يكاتيرينبورغ عاصمة الأورال، كان يجمع معلومات تشكل سراً من أسرار الدولة حول أنشطة إحدى مؤسسات المجمع الصناعي العسكري الروسي. بينما قال زملاء إيفان إنه كان مهتماً بجمع شهادات من خبراء وسياسيين ومن مواطنين عن نشاط مجموعة «فاغنر» وعن تدني مستوى دعم الحرب في أوكرانيا.
تعود آخر مرة اتُّهم فيها صحافي أجنبي بالتجسس إلى أغسطس (آب) 1986، عندما اعتقل جهاز المخابرات السوفياتية (KGB) مراسل مجلة «نيوز آند وورلد» ريبورت نيكولاس دانيلوف. ودفع الصحافي ببراءته. وصفت إدارة الرئيس الأميركي رونالد ريغان اعتقاله بالثأر لاحتجاز موظف البعثة السوفياتية لدى الأمم المتحدة، غينادي زاخاروف الذي اتُّهم بالتجسس لصالح موسكو. وفي 23 سبتمبر (أيلول) 1986، أُطلق سراح نيكولاس دانيلوف ومؤسس مجموعة هلسنكي الحقوقية يوري أورلوف، وطُردا من الاتحاد السوفياتي في مقابل تسلم موسكو غينادي زاخاروف.
وأثارت هذه المقاربة ترجيحات بأن موسكو تسعى إلى مبادلة الصحافي الأميركي لاحقاً بمواطنين من روسيا معتقلين لدى واشنطن وعواصم غربية أخرى، وقال الناشط الحقوقي إيفان ميلينكوف، المتخصص في إعادة المواطنين الروس، لصحيفة «كوميرسانت»: «هناك كثير من الروس الذين تم اختطافهم وأخذهم بشكل غير قانوني من دول مختلفة في الولايات المتحدة على خلفيات جرائم الإنترنت أو الاحتيال المالي (...) إذا اتخذت السلطات الأميركية زمام المبادرة لتبادل إيفان غيرشكوفيتش، فقد يطالب الجانب الروسي بالإفراج عن عديد من المواطنين الروس، على سبيل المثال، ألكسندر فينيك، وديمتري أوكرانسكي، ورومان سيليزنيف، وفلاديسلاف كليوشين».
في الوقت نفسه، في الأشهر الأخيرة، تناقلت وسائل الإعلام الغربية مرات عدة معطيات عن الكشف عن «جواسيس روس» في دول مختلفة، وكانت أحدث تلك القضايا عندما اتهمت السلطات الأميركية المواطن الروسي سيرغي تشيركاسوف بالعمل لصالح المخابرات الروسية والقيام بنشاط غير قانوني في مجالات التأشيرات والاحتيال المصرفي والإلكتروني.
اللافت أن مؤسسات إعلامية روسية سألت الناطق باسم الكرملين خلال إحاطة إعلامية، عما إذا كان اعتقال إيفان غيرشكوفيتش يمكن أن يكون رداً على اعتقال سيرغي تشيركاسوف وسبباً لإطلاق جولة من المفاوضات المحتملة بشأن تبادل المسجونين، فأجاب بيسكوف: «ليس لدي مثل هذه المعلومات، ليس لدي ما أقوله في هذا الموضوع».
بينما قال نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف رداً على سؤال مماثل، إن إمكانية تبادل إيفان غيرشكوفيتش «ليست مطروحة على الطاولة الآن»، مذكراً بأن «عمليات التبادل التي أُجريت في السابق، حدثت مع أشخاص كانوا يقضون مدة العقوبات بالفعل» في إشارة إلى أن الصحافي الأميركي ما زال قيد التحقيق ولم تصدر ضده بعد أحكام بالسجن، وأضاف الدبلوماسي الروسي: «دعونا نرى كيف يتطور الأمر».


مقالات ذات صلة

سجن امرأة متهمة بالخيانة في القرم 15 عاماً

أوروبا ميناء سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم (رويترز)

سجن امرأة متهمة بالخيانة في القرم 15 عاماً

حُكم على امرأة في سيفاستوبول بشبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا، بالسجن 15 عاماً بتهمة الخيانة؛ على خلفية عملها لحساب أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم جاء في الحكم على المواطن الأميركي جين سبيكتور أنه سيقضي عقوبته بـ«منشأة سجون بنظام صارم» بعد محاكمة جرت عبر جلسات مغلقة (رويترز)

الحكم على أميركي بالسجن 15 عاماً في روسيا بتهمة «التجسس»

قضت محكمة روسية، اليوم (الثلاثاء)، بسجن المواطن الأميركي جين سبيكتور، 15 عاماً في إطار قضية «تجسس» لا تزال تفاصيلها غامضة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أوكرانيا تكشف 12 عميلاً يتجسسون لصالح روسيا (أ.ف.ب)

أوكرانيا: كشفنا 12 عميلاً يتجسسون لصالح روسيا على دفاعنا الجوي

قال جهاز الأمن الأوكراني (إس بي يو)، الثلاثاء، إنه كشف 12 عميلاً يتجسسون لصالح روسيا لرصد مواقع مقاتلات «إف - 16» وأنظمة الدفاع الجوي في أنحاء أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
شؤون إقليمية قوات الأمن الإسرائيلية تجري دورية في مكان وقوع إطلاق نار بالقرب من نقطة تفتيش (أ.ف.ب)

متورط بمخطط لتنفيذ هجوم... اعتقال إسرائيلي في القدس تجسس لصالح إيران

كشفت قوات الأمن الإسرائيلية اليوم أنها اعتقلت إسرائيلياً مقيماً بالقدس للاشتباه في أنه على اتصال بعملاء للمخابرات الإيرانية في إطار مخطط لتنفيذ هجوم.

«الشرق الأوسط» (القدس)
أوروبا الأمير أندرو (رويترز)

وسط اتهام مقرب منه بالتجسس... الأمير أندرو سيغيب عن احتفال العائلة المالكة بعيد الميلاد

من المقرر أن ينسحب الأمير أندرو، دوق يورك، من التجمع التقليدي للعائلة المالكة في عيد الميلاد بقصر ساندرينغهام الملكي (شرق إنجلترا) هذا العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)

لافروف: على فريق ترمب أن يتحرك أولاً نحو تحسين العلاقات مع موسكو

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)
TT

لافروف: على فريق ترمب أن يتحرك أولاً نحو تحسين العلاقات مع موسكو

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف (د.ب.أ)

قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، اليوم الخميس، إن روسيا مستعدة للعمل مع الإدارة الأميركية المقبلة بقيادة دونالد ترمب لتحسين العلاقات إذا كانت الولايات المتحدة لديها نوايا جادة لذلك، لكن الأمر متروك لواشنطن لاتخاذ الخطوة الأولى.

ووفقاً لـ«رويترز»، يصف ترمب، الذي سيعود رئيساً للولايات المتحدة في 20 يناير (كانون الثاني)، نفسه بأنه صانع صفقات منقطع النظير، وتعهد بإنهاء الحرب في أوكرانيا بسرعة، لكنه لم يحدد كيفية تحقيق ذلك بخلاف إقناع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالموافقة على وقف القتال.

وقال مبعوث ترمب إلى أوكرانيا اللفتنانت المتقاعد، كيث كيلوغ، لشبكة «فوكس نيوز»، في 18 ديسمبر (كانون الأول)، إن كلا الجانبين مستعدان لمحادثات السلام، وإن ترمب في وضع مثالي لتنفيذ صفقة لإنهاء الحرب.

وقال لافروف للصحافيين في موسكو: «إذا كانت الإشارات المقبلة من الفريق الجديد في واشنطن لاستعادة الحوار الذي قاطعته واشنطن بعد بدء عملية عسكرية خاصة (الحرب في أوكرانيا) جادة، فبالطبع سنرد عليها».

وقال لافروف وزير الخارجية لأكثر من 20 عاماً: «لكن الأميركيين قطعوا الحوار، لذا يتعين عليهم اتخاذ الخطوة الأولى».

وخلف غزو روسيا لأوكرانيا في 2022 عشرات الآلاف من القتلى، وشرد الملايين من الناس، وأثار أكبر قطيعة في العلاقات بين موسكو والغرب منذ أزمة الصواريخ الكوبية في 1962.

ويقول مسؤولون أميركيون إن روسيا دولة استبدادية فاسدة تشكل أكبر تهديد للولايات المتحدة، وتدخلت في الانتخابات الأميركية، وسجنت مواطنين أميركيين بتهم كاذبة، ونفذت حملات تخريب ضد حلفاء الولايات المتحدة.

في حين يقول مسؤولون روس إن قوة الولايات المتحدة آخذة في التدهور، تجاهلت مراراً مصالح روسيا منذ تفكك الاتحاد السوفيتي في 1991، بينما زرعت الفتنة داخل روسيا في محاولة لتقسيم المجتمع الروسي وتعزيز المصالح الأميركية.