الصومال: استراتيجية «الاقتصاد الأزرق» تُفاقم خلافات الأقاليم

«بونت لاند» اعتبرها انتهاكاً لنظام تقاسم الموارد الفيدرالي

الصومال: استراتيجية «الاقتصاد الأزرق» تُفاقم خلافات الأقاليم
TT

الصومال: استراتيجية «الاقتصاد الأزرق» تُفاقم خلافات الأقاليم

الصومال: استراتيجية «الاقتصاد الأزرق» تُفاقم خلافات الأقاليم

في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة المركزية الصومالية إلى التعامل مع ملفات حرجة على رأسها الفقر وأزمات الأمن الغذائي والإرهاب، تهدد الخلافات مع حكومات الولايات الفيدرالية بتراجع تلك الجهود، ومفاقمة معاناة المواطنين.
ويأتي في هذا السياق، خلاف برز أخيراً بين الحكومة المركزية وحكومة ولاية "بونت لاند" الانفصالية حول ما يعرف بإستراتيجية "الاقتصاد الأزرق"، والتي تهدف إلى تعظيم الاستفادة من الموارد الهائلة التي تتمتع بها الصومال، وما تملكه من مساحة كبيرة من السواحل الإستراتيجية.
وهذا الأسبوع، اعترضت حكومة ولاية بونت لاند على إستراتيجية الاقتصاد الأزرق التي أعلنتها الحكومة المركزية والتي قالت إنها تهدف لاستعادة السيطرة على الثروة البحرية للبلاد. وأتت الإستراتيجية كجزء من مشروع قانون جديد يجب أن توافق عليه الولايات الفيدرالية في البلاد حتى يصبح السياسة التوجيهية للبلاد.
وتصف وزارة الثروة السمكية بحكومة "بونت لاند"، القانون بأنه "مخالف لدستور البلاد ويمثل انتهاكاً لنظام تقاسم الموارد الفيدرالي". وقالت إن القانون "مخالف للمادة 44 من الدستور الصومالي التي تحدد كيفية توزيع الموارد الطبيعية بشكل عادل في جمهورية الصومال"، مؤكدة أنها "لن تعترف بمشروع قانون الجديد أو أي قانون يخالف دستور بونت لاند ودستور الحكومة الفيدرالية".
ونهاية شهر فبراير (شباط) الماضي، قدم وزير الثروة السمكية الفيدرالية أحمد حسن آدم القانون إلى مجلس الشعب لإقراره، لكن لم يتم تنفيذه بعد. ووصف الوزير القانون بأنه "يلبي الحاجة الملحة لتشريع شامل للصيد البحري ويستجيب للاحتياجات القانونية لتنظيم الثروة السمكية بالدولة".
والأسبوع الماضي، اتهمت وزارة الثروة السمكية والاقتصاد الأزرق في الحكومة الفيدرالية الصومالية سفنا أجنبية بممارسة صيد الأسماك في المياه الصومالية بطريقة غير شرعية. وأمرت الوزارة تلك السفن بالمغادرة على الفور والامتثال للقانون الدولي. وأشارت الوزارة إلى أن منح تراخيص الصيد للسفن الأجنبية هو سلطة دستورية حصرية للحكومة الفيدرالية.
ويأتي هذا الخلاف وسط تصاعد للخلافات بين الحكومة المركزية وحكومة الولاية الانفصالية التي أعلنت قبل شهرين أنها "علقت تعاونها مع الحكومة الفيدرالية وستعمل كدولة مستقلة".
وليست تلك القضية الملف الخلافي الوحيد الذي يتسبب فيه الخلاف على تقاسم الثروات من بين ملفات أخرى تشهد تنازعاً بين الحكومة المركزية وحكومات الولايات الانفصالية، أو حتى الولايات التابعة للحكومة المركزية. ويأتي في هذا السياق، خلافات بشأن التنقيب عن البترول والغاز بين الحكومة المركزية التي تؤكد مسؤوليتها عن القطاع الحيوي، فيما ترفض حكومتي بونت لاند وحكومة إقليم أرض الصومال الانفصاليتين ذلك.
وفي سياق متصل تعاني البلاد من صراع دام في إقليم أرض الصومال، نتيجة للنزاع بين سلطات الولاية الانفصالية وسكان محليين يطالبون بالانضمام للحكومة المركزية والانفصال عن التبعية للإقليم. الصراع تطور إلى اقتتال قتل المئات وشرد الآلاف بحسب منظمات دولية من بينها منظمات تابعة للأمم المتحدة.
وجدد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية الخاص ببعثة الأمم المتحدة في الصومال، الثلاثاء، تحذيره من حدوث كارثة مجاعة في هذا البلد منتصف العام الجاري، بعدما ارتفع عدد المحتاجين إلى إغاثة إنسانية إلى نحو 8.3 ملايين، نصفهم أطفال ونساء. وبحسب المنظمة، "يواجه 727 ألف صومالي تهديدات جدية ببلوغ مرحلة الجوع الكارثي في تصنيف الأمن الغذائي خلال العام الجاري إن لم يقدم العالم مساعدات كافية".
وبحسب خبراء، يمتلك الصومال هائلة تضعه في مقدمة الدول التي يمكنها تحقيق استثمارات كبرى في مجال الاقتصاد الأزرق بامتلاكها مسطحات شاسعة على منفذين مائيين من أكبر وأهم المنافذ وهما البحر الأحمر والمحيط الهندي، وهو ما يترافق مع تزايد اكتشافات الثروات النفطية البحرية والغاز الطبيعي في مياهها الإقليمية. ويمكن للاقتصاد الأزرق المساهمة في القضاء على انعدام الأمن الغذائي وتطوير الاقتصاد الصومالي المتداعي عبر تحسين استغلال الموانئ الصومالية المطلة على هذه المناطق الحيوية وتحويلها لمراكز لوجستية عالمية بحكم مرور نسبة كبيرة من التجارة والملاحة العالمية عبر هذه المنطقة.
وتتبنى الصومال منذ عام 2004، نظاماً فيدرالياً للحكم بدلاً من نظام الحكم المركزي الذي كان متبعاً قبلها. ويحكم الصومال دستور انتقالي مؤقت تم إصداره في الأول عام 2012، ومنذ ذلك الوقت أحيل إلى البرلمان الفيدرالي لمراجعته والعمل من أجل إقرار دستور دائم للبلاد، ومن ثم عرضه للاستفتاء الشعبي للتوافق على دستور دائم، وهو ما لم يحدث حتى الآن.
ويرى الباحث الصومالي أحمد جيسود أن الخلافات بين الحكومة المركزية وحكومات الولايات "ستزداد وتتفاقم إلى أن يتم التوصل إلى إنشاء دستور موحد يتم الاستفتاء شعبياً عليه، ومحكمة دستورية فيدرالية موحدة للبلاد". واعتقد في تصريحات لـ"الشرق الأوسط" أن الخلاف حول إستراتيجية الاقتصاد الأزرق هو "مثال صارخ على التمزق وعدم إعلاء مصلحة البلاد وإنقاذ المواطن الذي يعاني بشدة برغم الثروات والإمكانات الكبيرة جداً التي يملكها الصومال".


مقالات ذات صلة

الجيش الصومالي يعلن مقتل 60 عنصراً من «الشباب» في عملية عسكرية

العالم العربي الجيش الصومالي يعلن مقتل 60 عنصراً من «الشباب» في عملية عسكرية

الجيش الصومالي يعلن مقتل 60 عنصراً من «الشباب» في عملية عسكرية

أعلن الجيش الصومالي نجاح قواته في «تصفية 60 من عناصر حركة (الشباب) المتطرفة»، في عملية عسكرية مخططة، جرت صباح الثلاثاء، بمنطقة علي قبوبي، على مسافة 30 كيلومتراً جنوب منطقة حررطيري في محافظة مذغ وسط البلاد. وأكد محمد كلمي رئيس المنطقة، وفقاً لوكالة الأنباء الصومالية، أن «الجيش نفذ هذه العملية بعد تلقيه معلومات عن سيارة تحمل عناصر من (ميليشيات الخوارج) (التسمية المتعارف عليها حكومياً لحركة الشباب المرتبطة بالقاعدة) وأسلحة»، مشيراً إلى أنها أسفرت عن «مقتل 60 من العناصر الإرهابية والاستيلاء على الأسلحة التي كانت بحوزتهم وسيارتين عسكريتين». ويشن الجيش الصومالي عمليات عسكرية ضد «الشباب» بدعم من مقات

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي رئيس وزراء الصومال: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش لاستعادة الاستقرار

رئيس وزراء الصومال: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش

(حوار سياسي) بين مواجهة «إرهاب» غاشم، وجفاف قاحل، وإسقاط ديون متراكمة، تتمحور مشاغل رئيس وزراء الصومال حمزة بري، الذي قال إن حكومته تسعى إلى إنهاء أزمتي الديون و«الإرهاب» بحلول نهاية العام الحالي، معولاً في ذلك على الدعم العربي والدولي لإنقاذ أبناء وطنه من مخاطر المجاعة والجفاف. «الشرق الأوسط» التقت المسؤول الصومالي الكبير بالقاهرة في طريق عودته من الأراضي المقدسة، بعد أداء مناسك العمرة، للحديث عن تحديات يواجهها الصومال حاضراً، وآمال كبيرة يتطلع إليها مستقبلاً...

خالد محمود (القاهرة)
العالم رئيس وزراء الصومال لـ«الشرق الأوسط»: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش

رئيس وزراء الصومال لـ«الشرق الأوسط»: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش

رئيس وزراء الصومال لـ«الشرق الأوسط»: نأمل في رفع الحظر عن تسليح الجيش لاستعادة الاستقرار حمزة بري أكد ضرورة القضاء على أزمة الديون لإنقاذ وطنه من المجاعة والجفاف بين مواجهة «إرهاب» غاشم، وجفاف قاحل، وإسقاط ديون متراكمة، تتمحور مشاغل رئيس وزراء الصومال حمزة بري، الذي قال إن حكومته تسعى إلى إنهاء أزمتي الديون و«الإرهاب» بحلول نهاية العام الحالي، معولاً في ذلك على الدعم العربي والدولي لإنقاذ أبناء وطنه من مخاطر المجاعة والجفاف. «الشرق الأوسط» التقت المسؤول الصومالي الكبير بالقاهرة في طريق عودته من الأراضي المقدسة، بعد أداء مناسك العمرة، للحديث عن تحديات يواجهها الصومال حاضراً، وآمال كبيرة يتطلع إ

خالد محمود (القاهرة)
العالم العربي واشنطن: مجلس النواب يرفض مشروعاً لسحب القوات الأميركية من الصومال

واشنطن: مجلس النواب يرفض مشروعاً لسحب القوات الأميركية من الصومال

رفض مجلس النواب الأميركي مشروع قانون، قدمه أحد النواب اليمينيين المتشددين، يدعو الرئيس جو بايدن إلى سحب جميع القوات الأميركية من الصومال في غضون عام واحد. ورغم هيمنة الجمهوريين على المجلس، فإن المشروع الذي تقدم به النائب مات غايتس، الذي لعب دوراً كبيراً في فرض شروط الكتلة اليمينية المتشددة، قبل الموافقة على انتخاب كيفن مكارثي رئيساً للمجلس، رفضه غالبية 321 نائباً، مقابل موافقة 102 عليه. وعلى الرغم من أن عدد القوات الأميركية التي تنتشر في الصومال، قد تراجع كثيراً، عما كان عليه في فترات سابقة، خصوصاً منذ عام 2014، فإن البنتاغون لا يزال يحتفظ بوجود مهم، في الصومال وفي قواعد قريبة.

إيلي يوسف (واشنطن)
العالم العربي الصومال يستعد لرحيل «قوات أتميس» الأفريقية

الصومال يستعد لرحيل «قوات أتميس» الأفريقية

عقدت الدول المشاركة في بعثة قوات الاتحاد الأفريقي العاملة في الصومال (أتميس)، اجتماعاً (الثلاثاء)، بالعاصمة الأوغندية كمبالا، لبحث «سبل تعزيز العمليات العسكرية الرامية إلى القضاء على (حركة الشباب) المتطرفة». ويأتي الاجتماع تمهيداً للقمة التي ستعقد في أوغندا خلال الأيام المقبلة بمشاركة رؤساء الدول المنضوية تحت بعثة «أتميس»، وهي (جيبوتي، وأوغندا، وبوروندي، وكينيا، وإثيوبيا)، وفقاً لوكالة الأنباء الصومالية الرسمية. وناقش الاجتماع «سبل مشاركة قوات الاتحاد الأفريقي في العمليات العسكرية الجارية للقضاء على فلول (حركة الشباب)، كما تم الاستماع إلى تقرير من الدول الأعضاء حول ذلك»، مشيدين بـ«سير العمليات

خالد محمود (القاهرة)

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.