وجه الجيش السوداني بياناً للشعب أمس (السبت) اتهم فيه بعض الجهات، لم يسمها، بالمزايدة على مواقفه وقيادته، وعدها محاولات «مكشوفة للتكسب السياسي والاستعطاف، وعرقلة مسيرة الانتقال» إلى النظام المدني الديمقراطي، مضيفاً أن «هذه المزايدات لن تنطلي على فطنة وذكاء الشعب، ووعي ثوار وثائرات وشباب بلادنا». واعتبر كثير من المراقبين أن المقصود بهذه الجهات هي قوات «الدعم السريع»، وذلك في إطار الحرب الكلامية التي اندلعت منذ أسابيع بين الجيش وتلك القوات.
وأكد بيان الجيش، الذي تلاه المتحدث الرسمي باسمه، نبيل عبد الله، أن القوات المسلحة وقيادتها «ملتزمة بالعملية السياسية الجارية في البلاد، والتقيد الصارم والتام بما تم الاتفاق عليه حول توحيد المنظومة العسكرية، وقيام حكومة بقيادة مدنية» فيما تبقى من الفترة الانتقالية لحين إجراء الانتخابات.
وأضاف البيان: «ظلت القوات المسلحة منذ ما يقارب القرن من الزمن متلاحمة مع شعبها، ومناصرة لقضاياه، وحامية لأرضه وسماه وعرضه وبحره، ومدافعة عن وحدته وأمنه». وتابع: «تشكلت هذه القوات وتكونت واستمدت قوتها وشرعيتها من صوت وهتاف الشعب السوداني (شعب واحد... جيش واحد). ومن هذا المنطلق نؤكد لشعبنا أن قواته المسلحة ستبقى أملاً مستداماً، ورفيقاً وفياً لاستكمال مسيرة الثورة».
وكان نائب رئيس مجلس السيادة، قائد قوات «الدعم السريع»، الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قد أكد أخيراً عدم وجود خلاف بين قواته والجيش، وأن خلافه فقط مع «المتشبثين بالسلطة»، في إشارة إلى رئيس مجلس السيادة قائد الجيش، الفريق عبد الفتاح البرهان، وكبار القادة العسكريين في المجلس السيادي. وشهدت الفترة الماضية تشاحناً كلامياً متصاعداً بين قادة الجيش وقادة «الدعم السريع» بشأن دمج الأخيرة في الجيش الواحد وتكملة «الاتفاق الإطاري» الذي وقعه الطرفان في 5 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ويقضي بنقل السلطة إلى المدنيين وعودة العسكريين إلى الثكنات.
من جانبه، سارع تحالف المعارضة «الحرية والتغيير» للترحيب بالبيان الذي أصدره الجيش، خصوصاً الجانب المتعلق بتأكيد الجيش التزامه بالاتفاق الإطاري، كما كثف التحالف اتصالاته لنزع فتيل التوتر بين البرهان ونائبه حميدتي.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن لجنة الاتصال في «الحرية والتغيير» في تواصل يومي ومستمر مع البرهان وحميدتي، لتجاوز الخلافات وتباين وجهات النظر بين الجيش و«الدعم السريع». وأضافت المصادر أن التحالف يسعى إلى عقد اجتماع بين الرجلين لحل الخلاف بينهما.
ومن جهة ثانية رحبت القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري، بالبيان الذي أصدره الجيش، وحمل «رسائل مهمة وإيجابية»، على حد تعبيرها. وقالت إن البيان أكد التزام القوات المسلحة بالعملية السياسية الجارية، بكل ما ورد في الاتفاق الإطاري، وأن هذا الموقف يعزز التزام كل الأطراف بالمضي قدماً في العملية السياسية، وتجاوز ما يعترضها من تحديات بروح وطنية مسؤولة.
وأشارت، في بيان أمس، إلى أن الاتفاق الإطاري وضع أساساً سليماً لأهم القضايا التي تواجه البلاد، وفي مقدمتها استرداد مسار الانتقال الديمقراطي، تحت قيادة سلطة مدنية كاملة. وأوضحت القوى المدنية، أن وحدة الجيش السوداني ونأيه عن السياسة يأتيان ضمن عملية شاملة للإصلاح الأمني والعسكري، والشروع في عملية تحقيق العدالة الانتقالية. وقالت إن الاتفاق الإطاري يضع على عاتق أطرافه جميعاً ضرورة إكمال مناقشات المرحلة النهائية في أقرب وقت ممكن؛ للتأسيس لمرحلة انتقالية مستقرة وناجحة تقود في نهايتها إلى انتخابات حرة ونزيهة.وكان البرهان وحميدتي قد وقعا في 5 ديسمبر الماضي مع تحالف «الحرية والتغيير» وأطراف مدنية أخرى اتفاقاً إطارياً، يقضي بانسحاب الجيش من السلطة وإفساح المجال أمام القوى السياسية لتشكيل حكومة مدنية.
الجيش السوداني يتهم «جهات» بالمزايدة على مواقفه
وساطة مدنية لتجاوز التوتر بين البرهان و«حميدتي»
الجيش السوداني يتهم «جهات» بالمزايدة على مواقفه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة