بوادر «عاصفة سياسية» في العراق

وسط تأزم علاقة السوداني وداعميه الشيعة... وترجيحات بعودة الصدر

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يتحدث في مؤتمر صحافي في 13 يناير الماضي (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يتحدث في مؤتمر صحافي في 13 يناير الماضي (رويترز)
TT

بوادر «عاصفة سياسية» في العراق

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يتحدث في مؤتمر صحافي في 13 يناير الماضي (رويترز)
رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يتحدث في مؤتمر صحافي في 13 يناير الماضي (رويترز)

تتراكم مؤشرات عديدة في المكاتب والدهاليز الحزبية العراقية، على أنَّ عاصفة سياسية ستطيح المعادلة التي أرست الأرضية لحكومة محمد شياع السوداني، بعدما برز تنافر حاد بين أقطاب «الإطار التنسيقي»، وسط احتمالات مرتفعة بعودة نشاط زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر.
وتقول مصادر موثوقة إنَّ أحزاباً شيعية تحاول استباق «المنعطفات الكبيرة غير المتوقعة» برسم خريطة جديدة قد تشمل تحديد موعد لانتخابات مبكرة، والتفاهم مع الصدر على المرحلة المقبلة.
وتشير هذه المصادر إلى أنَّ العلاقة بين السوداني و«الإطار التنسيقي»، باتت منذ شهرين على الأقل «مضطربة» و«تفتقر إلى التنسيق»، فيما أسهم التفكك غير العلني للتحالف الشيعي إلى «نشوء أقطاب حزبية متنافسة تحاصر رئيس الوزراء وتضيق على فاعليته». وأكد مصدر مطلع أنَّ السوداني و«الإطار» باتا يعملان في اتجاهين متعاكسين.
وتحدثت وسائل إعلام محلية عن أنَّ السوداني سيلجأ إلى تغيير وزاري قد يشمل شخصيات حزبية حظرت واشنطن التعامل معها، لارتباطها مع الفصائل المسلحة، فيما أكد سياسيون لـ«الشرق الأوسط»، ارتباط نية السوداني بالتغيير بالصراع داخل «الإطار التنسيقي». وظهر السوداني، في تسجيل بثه التلفزيون الرسمي، منتقداً أداء بعض الوزراء، مشيراً إلى تلقي آخرين تهديدات من أحزابهم. وقال السوداني: «علاقة الوزير تنتهي مع القوى السياسية بعد ترشيحه ونيله ثقة البرلمان (…) ومن يشعر بالضغط أو التهديد فأنا موجود». ولم يسبق للسوداني أن وجّه مثل هذه العبارات الصريحة، علناً، والتي تلقاها الرأي العام المحلي على أنَّها موجهة لتحالف «الإطار التنسيقي».
وقال قيادي في «الإطار التنسيقي» إنَّ «الصدر جاهز للتحرك، وكل ما يقوم به يرفع القلق لدى قادة الأحزاب الشيعية، وهم بالأساس انهمكوا في خلافات كبيرة على مساحة النفوذ داخل الحكومة».
العراق: تفكك «الإطار» أو انتخابات مبكرة جديدة


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

المشرق العربي الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

الأمم المتحدة تحث دول جوار العراق على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث

حثت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة لدى العراق، جينين هينيس بلاسخارت، أمس (الخميس)، دول العالم، لا سيما تلك المجاورة للعراق، على مساعدته في حل مشكلة نقص المياه ومخاطر الجفاف والتلوث التي يواجهها. وخلال كلمة لها على هامش فعاليات «منتدى العراق» المنعقد في العاصمة العراقية بغداد، قالت بلاسخارت: «ينبغي إيجاد حل جذري لما تعانيه البيئة من تغيرات مناخية». وأضافت أنه «يتعين على الدول مساعدة العراق في إيجاد حل لتأمين حصته المائية ومعالجة النقص الحاصل في إيراداته»، مؤكدة على «ضرورة حفظ الأمن المائي للبلاد».

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

بارزاني: ملتزمون قرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل

أكد رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، أمس الخميس، أن الإقليم ملتزم بقرار عدم وجود علاقات بين العراق وإسرائيل، مشيراً إلى أن العلاقات مع الحكومة المركزية في بغداد، في أفضل حالاتها، إلا أنه «يجب على بغداد حل مشكلة رواتب موظفي إقليم كردستان». وأوضح، في تصريحات بمنتدى «العراق من أجل الاستقرار والازدهار»، أمس الخميس، أن الاتفاق النفطي بين أربيل وبغداد «اتفاق جيد، ومطمئنون بأنه لا توجد عوائق سياسية في تنفيذ هذا الاتفاق، وهناك فريق فني موحد من الحكومة العراقية والإقليم لتنفيذ هذا الاتفاق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

رئيس الوزراء العراقي: علاقاتنا مع الدول العربية بلغت أفضل حالاتها

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أن علاقات بلاده مع الدول العربية الشقيقة «وصلت إلى أفضل حالاتها من خلال الاحترام المتبادل واحترام سيادة الدولة العراقية»، مؤكداً أن «دور العراق اليوم أصبح رياديا في المنطقة». وشدد السوداني على ضرورة أن يكون للعراق «هوية صناعية» بمشاركة القطاع الخاص، وكذلك دعا الشركات النفطية إلى الإسراع في تنفيذ عقودها الموقعة. كلام السوداني جاء خلال نشاطين منفصلين له أمس (الأربعاء) الأول تمثل بلقائه ممثلي عدد من الشركات النفطية العاملة في العراق، والثاني في كلمة ألقاها خلال انطلاق فعالية مؤتمر الاستثمار المعدني والبتروكيماوي والأسمدة والإسمنت في بغداد.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

السوداني يؤكد استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»

أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني استعداد العراق لـ«مساندة شركائه الاقتصاديين»، داعياً الشركات النفطية الموقّعة على جولة التراخيص الخامسة مع العراق إلى «الإسراع في تنفيذ العقود الخاصة بها». جاء ذلك خلال لقاء السوداني، (الثلاثاء)، عدداً من ممثلي الشركات النفطية العالمية، واستعرض معهم مجمل التقدم الحاصل في قطاع الاستثمارات النفطية، وتطوّر الشراكة بين العراق والشركات العالمية الكبرى في هذا المجال. ووفق بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، وجه السوداني الجهات المختصة بـ«تسهيل متطلبات عمل ملاكات الشركات، لناحية منح سمات الدخول، وتسريع التخليص الجمركي والتحاسب الضريبي»، مشدّداً على «ضرورة مراعا

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

مباحثات عراقية ـ إيطالية في مجال التعاون العسكري المشترك

بحث رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني مع وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو العلاقات بين بغداد وروما في الميادين العسكرية والسياسية. وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بعد استقباله الوزير الإيطالي، أمس، إن السوداني «أشاد بدور إيطاليا في مجال مكافحة الإرهاب، والقضاء على عصابات (داعش)، من خلال التحالف الدولي، ودورها في تدريب القوات الأمنية العراقية ضمن بعثة حلف شمال الأطلسي (الناتو)». وأشار السوداني إلى «العلاقة المتميزة بين العراق وإيطاليا من خلال التعاون الثنائي في مجالات متعددة، مؤكداً رغبة العراق للعمل ضمن هذه المسارات، بما يخدم المصالح المشتركة، وأمن المنطقة والعالم». وبي

حمزة مصطفى (بغداد)

المشهداني: الحل الأمثل ترك الحرية للأفراد في اختيار أحوالهم

محمود المشهداني ووفد تحالف المادة 188 (إعلام مجلس النواب)
محمود المشهداني ووفد تحالف المادة 188 (إعلام مجلس النواب)
TT

المشهداني: الحل الأمثل ترك الحرية للأفراد في اختيار أحوالهم

محمود المشهداني ووفد تحالف المادة 188 (إعلام مجلس النواب)
محمود المشهداني ووفد تحالف المادة 188 (إعلام مجلس النواب)

دخل رئيس البرلمان الجديد، محمود المشهداني، بقوة على فضاء الجدل المتواصل منذ أشهر حول مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 الصادر عام 1959.

ويبدو من خلال الإشارات والتصريحات التي أرسلها المشهداني منذ التصويت عليه رئيساً للبرلمان، نهاية شهر أكتوبر(تشرين الأول) الماضي، أنه يتعامل بـ«إيجابية» مع الاتجاهات المعترضة على التعديل، لكنه في الوقت نفسه لم يتخذ موقفاً مناهضاً من المؤيدين له.

فبعد ساعات من انتخابه رئيساً للبرلمان انتقد طريقة النواب الذين طرحوا مشروع التعديل داخل البرلمان، ووصفهم بـ«قليلي الخبرة» في معرض انتقاده لعدم تضمينهم «المدونة الفقهية» في نص القانون وطرحها على البرلمان.

وقال المشهداني إن «المدونة يجب أن تأتي ضمن القانون ولا تتأخر عنه لستة أشهر. هذا شيء غير قانوني وغير مسبوق، ولا يمكن التصويت على قانون مثل هذا».

مدونات فقهية... واعتراضات

وكانت نسخة التعديل التي نوقشت مرتين داخل البرلمان، تقترح أن يقوم كل من الوقفين السني والشيعي بكتابة «مدونة فقهية»، كل حسب المدرسة الفقهية التي ينتمي إليها، على أن تقدم المدونة بعد 6 أشهر من إقرار التعديل داخل البرلمان؛ ما أثار استياء ورفض كثيرين.

في آخر ما يبدو أنها مساعٍ للانتهاء من «أزمة التعديل»، استقبل المشهداني، الأربعاء، وفد «تحالف 188» برئاسة النائبة سروة عبد الواحد، وهو تجمع ينشط منذ أشهر لإلغاء التعديل المقترح. وقدّم التحالف في بداية اللقاء التهنئة للدكتور المشهداني بمناسبة تسلمه رئاسة مجلس النواب، ثم طرح أعضاؤه «وجهات نظرهم واعتراضاتهم حول تعديل قانون الأحوال الشخصية، وتضمنت طروحات قانونية، وأخرى ذات صفة اجتماعية»، بحسب بيان صادر عن رئاسة البرلمان.

ونقل البيان عن المشهداني، قوله، إن «القانون الحالي عليه اعتراضات من بعض شرائح المجتمع، مثلما لـ(تحالف 188) اعتراضات على التعديلات، ومن ثَمَّ فإن هناك خلافات في الآراء حول استمرار العمل به أو الذهاب إلى تعديله». مؤكداً أن «الأبواب مفتوحة لدراسة كل الآراء والطروحات».

وفي مؤشر على إمكانية تمرير صيغة للتعديل تقبل بها الأطراف المعترضة والمؤيدة، يعتقد المشهداني، أن «الحل الأمثل هو ترك الحرية للأشخاص في اختيار أحوالهم الشخصية بين العمل بالقانون الحالي، أو وفقاً للتعديل الجديد الذي يتضمن مدونات مرفقة».

عراقيون يحتجون في بغداد ضد قانون قد يسمح بتزويج القاصرات (إ.ب.أ)

مؤتمر وطني

في سياق متصل بالاعتراضات على مشروع التعديل، اختتم في بغداد، أول من أمس، المؤتمر الوطني الرافض لتعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ، وشارك فيه عدد كبير من الناشطات والمنظمات الحقوقية، وأعلنوا رفضهم لمشروع التعديل.

وقال البيان الختامي للمؤتمر إنهم اجتمعوا كي يعلنوا عن موقف «مُوَحَد رافض لمشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ رقم 188 لسنة 1959، الذي يعدّ من أهم القوانين التي أسهمت في استقرار المجتمع العراقي، والحفاظ على وحدة نسيجه المتنوع دينياً ومذهبياً وقومياً على مدى ستة عقود ونصف العقد».

ورأى البيان أن التعديلات المقترحة «تأتي بخلفيات مذهبية طائفية تتنافى مع مبادئ الدستور العراقي الذي يؤكد على المواطنة المتساوية أمام القانون، وعلى حفظ كرامة المرأة والطفل، وحماية الأسرة والمجتمع من التفتت والتشرذم، كما تهدد ولاية القضاء بصفتها سلطة عليا لا سلطان عليها سوى القانون نفسه».

وأشار البيان إلى أن كل المحاولات السابقة لتعديل القانون النافذ، منذ عام 2003 وحتى الآن، قد قوبلت باستياء ورفض مجتمعي وسياسي وبرلماني واسع النطاق، تم التراجع عنها في حينها، ولكننا اليوم، بحسب البيان، «نرى إصراراً (عجيباً) من بعض الكتل البرلمانية على المضي بالتصويت عليها، رغم كل الاعتراضات والتحذيرات من المخاطر التي ستتولد عن ذلك، ناهيكم عن الخروقات الدستورية المتمثلة في التصويت على مدونات لم يطلع عليها مجلس النواب الذي يعدها قانوناً ساري المفعول قبل التعرف إلى محتواها ومناقشته، وهذه سابقة خطيرة، تخرج عن السياقات التشريعية المعروفة».

وأشار البيان إلى أن قانون الأحوال الشخصية 188 لسنة 1959، «استند إلى أحكام الشريعة الإسلامية، بانتقاء ما يتلاءم منها مع قيم التعددية والمساواة بين مكونات المجتمع العراقي المتنوع، وهو يحمي بالوقت نفسه حقوق المرأة والطفل، مع مساحة مناسبة من الاختيار الحر للمذهب الذي يتم عليه عقد الزواج باتفاق الطرفين».

الدولة ناظمة الأسرة

وبحسب البيان الختامي للمؤتمر الوطني، فإن «التعديلات المقترحة تنسف كل تلك الأسس لتستبدلها بمدونات مذهبية مجهولة المحتوى، لكنها تفتح الأبواب لتفسيرات فقهية مختلفة من أزمان سحيقة تتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان، وخصوصاً المرأة والطفلات».

ويقول حيدر سعيد، رئيس قسم الأبحاث في «المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات»، وأحد المشاركين في المؤتمر، إن «ثمة بروباغاندا تقدّم قانون الأحوال الشخصية بأنه نتاج آيديولوجي، وتنسب له أنه يخالف الشريعة الإسلامية، في حين أن فلسفة القانون (كما يكشف عنها نص "الأسباب الموجبة") تقوم على أن مصدره الأحكام الفقهية الإسلامية، وأنه ينتقي منها ما هو أكثر ملاءمة للعصر».

وأوضح سعيد في تدوينة عبر «إكس» أن «القانون، حين صدر في عام 1959، كان تعبيراً عن النزعة الدولتية المتنامية، ولذلك حاربته المؤسسات المجتمعية التي أحست أن الدولة تنافسها في سلطاتها، ومن ثم، فإن جوهر معارضة القانون ليس ما يُنسب له من مخالفة للشريعة، بل رفض المؤسسة الدينية دخول الدولة منظماً لمجال الأسرة».