تونس تواصل اعتقال قيادات «النهضة»... والنقابات تحشد لـ«التحرك الأكبر»

واشنطن قلقة من توقيف نشطاء على خلفية «تواصلهم مع دبلوماسييها»

جانب من مظاهرة وسط العاصمة ضد تصريحات الرئيس سعيد حول المهاجرين غير الشرعيين الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرة وسط العاصمة ضد تصريحات الرئيس سعيد حول المهاجرين غير الشرعيين الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
TT

تونس تواصل اعتقال قيادات «النهضة»... والنقابات تحشد لـ«التحرك الأكبر»

جانب من مظاهرة وسط العاصمة ضد تصريحات الرئيس سعيد حول المهاجرين غير الشرعيين الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرة وسط العاصمة ضد تصريحات الرئيس سعيد حول المهاجرين غير الشرعيين الأسبوع الماضي (إ.ب.أ)

واصلت أجهزة الأمن التونسي، ملاحقة عدد من قيادات حركة «النهضة»، المتهمة بالتآمر ضد أمن الدولة، وبعلاقاتها مع ملفات الإرهاب، وتضاربت الأنباء، أمس، حول وضعية الصادق شورو والحبيب اللوز، وكلاهما من قيادات الصف الأول من حركة «النهضة»، كما تعددت التساؤلات لمعرفة إن كانا يخضعان للاعتقال، أم في حالة «اختفاء قسري»، أم بحال سراح مؤقت، بعد إعلان هيئة الدفاع عنهما عن وجود «غموض يلفّ مكان الاحتفاظ بهما»، خصوصاً في ظل عدم وجود أي توضيحات رسمية.
كانت حركة «النهضة» قد أوردت خبر اعتقال شورو من فرقة أمنية، قبل أن تعود لتنفي هذا الخبر لاحقاً، وهو ما زاد من ضبابية هذا الملف، في وقت تدخلت فيه أطراف حقوقية لتوفير بعض المعلومات حول ملف الاعتقالات التي طالت نشطاء سياسيين وقضاة وإعلاميين ومحامين.
وقال مختار الجماعي، محامي الحبيب اللوز، إنه لا يعرف مكان احتجازه، بعد توجهه إلى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب للإعلام باختفائه، ومحاولة معرفة مكانه، خصوصاً بعد أن أنكرت مختلف الوحدات الأمنيّة علمها بمكانه. لكنّ أسامة بن سالم، ابن المنصف بن سالم القيادي بحركة «النهضة»، أكد خبر إطلاق سراح الحبيب اللوز الليلة قبل الماضية، ونقله إلى المستشفى لتلقي العلاج نتيجة تعرضه لمشكلات صحية. موضحاً أن الصادق شورو «حرّ طليق، ولا صحة لما راج حول اعتقاله».
وكان القضاء التونسي قد أمر مؤخراً بسجن بعض قيادات حركة «النهضة»، من بينهم علي العريض، ونور الدين البحيري، وعبد الحميد الجلاصي، فيما أبقى على راشد الغنوشي رئيس الحزب، بحال سراح، على الرغم من دعوته في مناسبات سابقة للمثول أمام التحقيق. ويُتَّهم بعض القياديين في «النهضة» بالتآمر ضد أمن الدولة، ومحاولة تغيير نظام الحكم، وتسفير الشباب إلى بؤر التوتر في العراق وسوريا، وقد ضمت قائمة الموقوفين أيضاً نشطاء سياسيين، وقضاة ومحامين وإعلاميين، علاوة على قيادات نقابية، وهو ما أثَّر سلباً على المشهد السياسي والاجتماعي في تونس.
في سياق ذلك، استنكرت الولايات المتحدة، تزايد توقيف المعارضين في تونس، وعبّرت عن قلقها إزاء تقارير عن بدء إجراءات قضائية ضد نشطاء، على خلفية تواصلهم مع مسؤولين في السفارة الأميركية في تونس. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس: «نحن قلقون بشأن تقارير تفيد ببدء إجراءات قضائية بحق أفراد في تونس، بسبب لقاءاتهم أو محادثاتهم مع موظفين في سفارة الولايات المتحدة على ما يبدو». وأضاف برايس في تصريح للصحافيين: «هذا... جزء من تصعيد في حملة توقيف أشخاص، يُنظر إليهم على أنهم ينتقدون الحكومة... وهذا جزء... من وتيرة متصاعدة من الاعتقالات ضد من يُعدُّون معارضين للسلطة». لكنه رفض تحديد الأشخاص المعنيين، أو تفصيل الظروف المحيطة بتلك الاتصالات، التي بررها بالقول إن «كلّ سفاراتنا وجميع دبلوماسيينا في أنحاء العالم يلتقون شخصيات مختلفة في كل البلدان».
وجاء هذا التصريح بعد أن أصدرت وزارة الخارجية التونسية بياناً دعت فيه السفارات الأجنبية في البلاد إلى «عدم التدخل في شؤونها الداخلية»، في أعقاب تقارير تفيد بأن شخصيات معارضة تونسية أُوقفت مؤخراً بعد أن عقدت لقاءات مع دبلوماسيين غربيين.
على صعيد آخر، واصل اتحاد الشغل (نقابة العمال) حشد أنصاره للمشاركة فيما سمّاه «التحرك الأكبر»، المنتظَر اليوم (السبت) ضد السلطات التونسية، التي يتهمها بالتضييق على الحق النقابي، وتقليص هامش الحريات الفردية والجماعية. كما دعت حركة «النهضة»، التي تعد أكبر الأحزاب المعارضة للرئيس قيس سعيد، أنصارها إلى المشاركة بقوة في مسيرة احتجاجية بوسط العاصمة غداً (الأحد)، دعت إليها «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة، على الرغم من قرار السلطات حظرها. وطالب الحزب كل «القوى الحية» بالتظاهر السلمي في شارع «الثورة» الرئيسي، الحبيب بورقيبة، وقال في بيان إنه «يستنكر محاولات التضييق، وبث البلبلة بشكل غير قانوني من طرف والي مدينة تونس». في إشارة إلى رفض سلطات الولاية في العاصمة، أول من أمس، الترخيص لجبهة الخلاص الوطني، التي تضم حركة «النهضة»، التظاهر غداً (الأحد)، بدعوى وجود شبهات بالتآمر على أمن الدولة في صفوف عدد من قيادييها. ويرى مراقبون أن العلاقة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة اتحاد الشغل ماضية نحو مزيد من التعقيد، بعد أن منعت السلطات نقابيين من عدة دول من دخول تونس للمشاركة في التجمع العمالي الذي تحتضنه العاصمة يوم السبت، على الرغم من سماحها بتنظيمه، إضافةً إلى منع ماركو بيريز مولينا، وهو مسؤول نقابي إسباني من دخول تونس، بعد برمجة مشاركته في التجمع النقابي، «لدواعٍ أمنية»، على حد تعبير السلطات.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
TT

جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين لتعميق التعاون

بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)
بدر عبد العاطي خلال لقاء رموز الجالية المصرية في الصين (الخارجية المصرية)

تشهد العاصمة بكين جولة جديدة من «الحوار الاستراتيجي» بين مصر والصين، على مستوى وزيري خارجية البلدين، وذلك لتعميق التعاون، وتبادل الرؤى بشأن المستجدات الإقليمية والدولية.

ووصل وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، إلى بكين، مساء الأربعاء، وأشارت وزارة الخارجية المصرية في إفادة لها، إلى «عقد الجولة الرابعة من آلية الحوار الاستراتيجي بين مصر والصين».

والتقى عبد العاطي، الخميس، رموز الجالية المصرية في الصين، وأبرز اعتزاز بلاده بأبناء الجاليات المصرية في الخارج؛ «نظراً لدورهم المهم في تعزيز روابط الصداقة مع مختلف الدول، بما يسهم في توطيد تلك العلاقات حكومة وشعباً، خصوصاً مع شريك اقتصادي مهم مثل الصين».

وحثّ الوزير عبد العاطي، رموز الجالية المصرية في بكين، للمشاركة في النسخة المقبلة من «مؤتمر المصريين بالخارج» في أغسطس (آب) 2025، والذي من المقرر أن يشارك فيه عدد من الوزراء، بما يجعله بمثابة «منصة للحوار المستمر بين الجاليات المصرية في الخارج والوزارات الخدمية»، وفق «الخارجية المصرية».

وتُقدر عدد الشركات الصينية العاملة في مصر بنحو 2066 شركة في قطاعات متنوعة، ويصل حجم استثماراتها إلى نحو 8 مليارات دولار، وفق تصريح لنائب رئيس الهيئة العامة للاستثمار المصرية، ياسر عباس، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. (الدولار الأميركي يساوي 50.8 جنيه في البنوك المصرية).

الرئيس الصيني خلال استقبال نظيره المصري في بكين مايو الماضي (الرئاسة المصرية)

ووفق نائب وزير الخارجية المصري الأسبق، نائب رئيس «جمعية الصداقة المصرية - الصينية»، السفير على الحفني، فإنه «لدى مصر والصين حرص دائم على تعميق العلاقات، واستمرار التشاور فيما يتعلق بعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن الزيارات المتبادلة بين مسؤولي البلدين، تعكس الإرادة المستمرة لتبادل وجهات النظر وتنسيق المواقف بين البلدين».

وأعلن الرئيسان المصري عبد الفتاح السيسي، والصيني شي جينبينغ، في بكين، مايو (أيار) الماضي، عن تدشين عام «الشراكة المصرية - الصينية» بمناسبة مرور 10 سنوات على إطلاق «الشراكة الاستراتيجية الشاملة».

وأكد الحفني أن «(الحوار الاستراتيجي المصري - الصيني) يأتي في ظل مناخ إقليمي ودولي مضطرب»، عادّاً أن «الحوار ضروري بين القاهرة وبكين، من منطلق وضع الصين قوةً دولية، وعضواً دائماً بمجلس الأمن الدولي، وبهدف تنسيق المواقف بشأن التطورات الخاصة بالقضية الفلسطينية، والمستجدات في غزة ولبنان وسوريا والسودان ومنطقة البحر الأحمر».

وتدعم الصين «حل الدولتين» بوصفه مساراً لحل القضية الفلسطينية، ودعت خلال استضافتها الدورة العاشرة للاجتماع الوزاري لـ«منتدى التعاون الصيني - العربي» في مايو الماضي، إلى «عقد مؤتمر للسلام لإنهاء الحرب في غزة».

ويرى خبير الشؤون الآسيوية في المجلس المصري للشؤون الخارجية، ضياء حلمي، أن «الملفات الإقليمية، وتطورات الأوضاع في المنطقة، تتصدر أولويات زيارة وزير الخارجية المصري لبكين»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن اتساع رقعة الصراع بالشرق الأوسط، والتوترات التي تشهدها دول المنطقة، تفرض التنسيق المصري - الصيني في هذه المرحلة، وإطلاع الجانب الصيني على ما تقوم بها مصر على الصعيد السياسي، للتهدئة في المنطقة».

وأشار حلمي إلى أن هناك تقارباً في المواقف المصرية - الصينية تجاه صراعات المنطقة، وضرورة التهدئة، لافتاً إلى أن «الملفات الاقتصادية تحظى باهتمام من جانب الدولة المصرية لزيادة حجم الاستثمارات الصينية، ورفع معدلات التبادل التجاري بين الجانبين».

وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والصين نحو 13.9 مليار دولار خلال 2023، مقابل 16.6 مليار دولار خلال عام 2022، وفق إفادة جهاز التعبئة والإحصاء المصري، في مايو الماضي.