مطالب بتشديدات حكومية لفرض كود بناء «زلزالي»

الكوارث الإنشائية في تركيا وسوريا تفتح ملف إعادة النظر في تشريعات التشييد العمراني بالمنطقة العربية

مطالب بتشديدات حكومية لفرض كود بناء «زلزالي»
TT

مطالب بتشديدات حكومية لفرض كود بناء «زلزالي»

مطالب بتشديدات حكومية لفرض كود بناء «زلزالي»

فتح زلزال تركيا وسوريا، الذي ضرب المنطقة خلال فبراير (شباط) الحالي، وخلّفَ نحو 44 ألف قتيل، ملف إعادة النظر في قطاع التشييد وإنشاءات المباني بالمنطقة، ومدى متانة المباني وقدرتها على مواجهة الكوارث الطبيعية كالزلازل والهزات الأرضية، وكذلك متابعة السلطات التشريعية للمقاولين والتزامهم بمتطلبات السلامة العامة وأكواد البناء والاشتراطات الهندسية، بالإضافة إلى مدى جاهزية البنية التحتية المقاومة للكوارث الطبيعية في المدن الكبرى والمزدحمة.
وأكد مختصون لـ«الشرق الأوسط» على وجوب تشدد الدول والسلطات التشريعية في قطاع الإنشاءات، وعدم التهاون في الالتزام بأكواد التصميم الزلزالي، والتخطيط الجيد والمستمر لإدارة مخاطر الزلازل، وتطوير أكواد التصميم الإنشائي، والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال، وإنتاج خرائط الخطورة الزلزالية الضرورية وتقييمها بشكل دوري، بالإضافة إلى تحديث تشريعات البناء وتوافقها مع التغيرات والظواهر المناخية.
- ضبط قطاع الإنشاءات
قال الدكتور أنيس الشطناوي، عضو نقابة المهندسين، أستاذ الهندسة الإنشائية وهندسة الزلازل في الجامعة الأردنية، إن من واجب الدولة والسلطات المعنية من أجل الحفاظ على أرواح البشر وعلى الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، الذي قد يتعرض لضرر واختلال كبير جراء الزلازل، التشدد في قطاع الإنشاءات لأقصى حد ممكن، وعدم التهاون، لضمان تلافي أي قصور في التشييد أو حدوث أي اختلالات في مراحل الإنشاء، مشيراً إلى أن معظم المباني القديمة في الدول العربية أنشئت قبل ظهور أكواد التصميم الزلزالي، ولم تأخذ في الاعتبار مقاومة أفعال الزلازل، بالإضافة إلى تقادم بنائها القائم وتأثره بالعوامل البيئية المؤثرة سلباً على خصائص مواد البناء من تآكل وضعف في الخرسانة القديمة، وصدأ لفولاذ التسليح، وعدم تشييدها باختيار النظام الإنشائي الملائم لمقاومة الزلازل، وعدم توفر جدران القص المقاومة للقوى الجانبية الناتجة عن حركة الأرض.
ودعا الدكتور الشطناوي السلطات التشريعية إلى التخطيط الجيد والمستمر لإدارة مخاطر الزلازل، وتطوير أكواد التصميم الإنشائي، والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال، من خلال إنتاج خرائط الخطورة الزلزالية الضرورية، وتقييمها بشكل دوري، وإنتاج تصاميم هندسية مناسبة، يتبعها تدقيق مستقل للتحقق من سلامة وأمان التصميم، ووضع مواصفات قياسية مناسبة لمواد الإنشاء وفحصها، وتطبيق معايير ومنهجيات دقيقة للتنفيذ من قبل المقاولين المؤهلين والمصنفين، مع وجود نظام إشراف هندسي مستمر على كل مرحلة من مراحل المشروع، يرافقه نظام مراقبة وتفتيش من طرف آخر مستقل، يعنى بضمان جودة ونوعية المواد والنظام الإنشائي ومنهجية التنفيذ.
- تحدي النمو السكاني
أوضح الدكتور الشطناوي أنه منذ نشأة الدول العربية في القرن الماضي وتحدي اضطراد النمو السكاني فيها، لم تكن هنالك معايير ومتطلبات واشتراطات قانونية للتصميم الزلزالي للمنشآت، ولم يكن هنالك اهتمام بخرائط الخطورة الزلزالية، وما يتطلبه الأمر من إجراءات تقييم وتنظيم للمناطق السكنية وحسن توزيعها، لافتاً إلى أنه حتى فترة قريبة من مطلع القرن الحالي، بدأ معظم الدول باستصدار أكواد بناء تعنى بموضوع القوى الزلزالية الناشئة على المباني وتفاصيل التصميم الهندسي المقاوم للزلازل، وتحسين أمور تنظيم البناء، والتخطيط من خلال إدارة المخاطر الزلزالية للمنشآت، والاهتمام بنوعية وجودة المواد والأنظمة الإنشائية المستخدمة لزيادة مقاومة المنشآت الحديثة لقوى الزلازل وقدرتها على الاستجابة للحركة الجانبية.
وبيّن الدكتور الشطناوي أنه مع الاهتمام العلمي بعلوم وهندسة الزلازل، بدأت الدول بالدراسات والأبحاث المتعلقة بحركة الأرض وتأثيراتها على الإنسان، وعلى جميع نشاطاته الأخرى، فوق وتحت الأرض، من منشآت ومبانٍ وسدود، وبنية تحتية من جسور وطرق وسكك حديدية وغيرها، وذلك من خلال تحديد مستويات الخطر الزلزالي للمنشآت عبر 3 عوامل أساسية.
ولفت إلى أن تلك العوامل هي الحد من ضعف المباني، عبر وضع معايير واشتراطات ومتطلبات الحد الأدنى لمقاومة أفعال الزلازل، الذي لا يتأتى إلا عبر أكواد التصميم الزلزالي، للوصول إلى تصميم آمن يؤدي إلى تقوية المنشآت وزيادة مقاومتها والوصول إلى تخفيف أضرار الزلزال، وتحديد مستويات الخطورة الزلزالية للأرض والمناطق، عبر إجراء التقييم اللازم للحركات الأرضية والفوالق والتربة لفهم مستويات الخطورة الزلزالية على سطح الأرض وتصنيفها إلى مناطق أو إحداثيات تبين ذلك المستوى من الخطورة الزلزالية الطبيعية، وإنتاج خرائط الخطورة الزلزالية.
وكذلك التخطيط الجيد لتحديد مواقع الأبنية والمنشآت وتوسع المدن الموجودة أو المدن المستحدثة وتنظيمها بتقليل الاكتظاظات السكنية والسكانية وتحديد المسارات المناسبة للطرق والسكك الحديدية ومواقع السدود وغيرها، بحيث يتم تقليل مستوى التعرض أو الانكشاف لأثر الزلازل، وبالتالي الحد من أضرارها الممكنة.
- الصفيحة التكتونية
ولفت أستاذ الهندسة الإنشائية وهندسة الزلازل الأردني الشطناوي إلى مخاطر الزلازل في المنطقة حيث أفاد أن الدول العربية في غرب آسيا تقع على الصفيحة التكتونية العربية، المجاورة للصفيحة الأفريقية من الغرب، وصفيحة الأناضول الشرقية من الشمال، وصفيحة يورآسيا (الإيرانية) والصفيحة الهندية من الغرب، مضيفاً أن الصفيحة العربية تتحرك باتجاه شمال - غرب، بمعدل 10 إلى 15 مليمتراً سنوياً على حدود فالق البحر الميت، الذي يمتد من بحر العرب عبر منتصف البحر الأحمر، إلى العقبة والبحر الميت، فشمال الأردن عبر لبنان وسوريا، وصولاً إلى جنوب تركيا حيث يلتقي ويصطدم بفالق صفيحة الأناضول الشرقية.
واستطرد: «تتحرك الصفيحة الأفريقية المجاورة باتجاه الشمال تقريباً، بموازاة حركة الصفيحة العربية، لتصطدم مع صفيحة الأناضول الشمالية... وهذه الحركة للصفيحة العربية مع الصفيحة الأفريقية هي من نوع الحركة الانزلاقية الجانبية على التوازي، ما يحفز حدوث الزلازل على امتداد فالق البحر الميت، ويؤدي إلى ابتعاد الصفيحتين إحداهما عن الأخرى نحو 5 مليمترات سنوياً».
وأشار الدكتور الشطناوي إلى أن منطقتنا العربية في آسيا معرضة للزلازل «الضحلة العمق»، وهي من النوع الانزلاقي السطحي الأكثر ضرراً على المباني والمنشآت، ما قد يسبب خسائر بشرية وضرراً كبيراً للمنشآت والاقتصاديات الوطنية للدول وللمواطنين، إذا ما حدث زلزال بمقدار كبير، وما تترتب عليه من آثار اجتماعية سلبية وخيمة.
- الأحمال العمودية
من جانبه، أوضح الدكتور عبد الله العبد الكريم، أستاذ الهندسة الإنشائية في جامعة الملك سعود بالسعودية، أن المباني الخرسانية بشكل عام مصممة لمقاومة الأحمال العمودية كوزن الخرسانة والأسقف، والأحمال الحيّة كالأثاث والأشخاص، ولا تأخذ في الحسبان عادة الأحمال والقوى الجانبية كالزلازل والحركة الأفقية للقشرة الأرضية، مضيفاً: «إننا في منطقة غير مهددة بالزلازل».
وأضاف العبد الكريم أن كود البناء السعودي الذي يلزم المقاولين بالتقيد فيه، يركز على وضع اشتراطات خاصة حول كمية حديد «التسليح» وتوصيل الأعمدة بالقواعد أو بالأسقف وطريقة ربط الزوايا وأبعاد الحديد والزيادة في مقاطع العناصر الخرسانية، بسبب أن نقطة التقاء الأعمدة بالأسقف أو بالقواعد هي أضعف وأخطر نقطة أثناء حدوث الزلزال.
- 4 تقنيات
وأشار الدكتور العبد الكريم إلى وجود 4 تقنيات بناء عامة تستخدم لمقاومة الزلازل والتخفيف منها، وهي استخدام جدران القص الخرسانية المسلحة وتوزيعها من أسفل المبنى حتى أعلاه في الاتجاهين، من أجل جعل حركة المبنى والمفاصل واحدة أثناء الاهتزاز، واستخدام دعامات مائلة بين الأعمدة بشكل هيكلي، بحيث تمتص القوى الأفقية وتحولها للأعمدة، وكذلك استخدام الحديد بشكل مكثف، كما في جميع العناصر الخرسانية، بحيث تساعد على توحيد حركة المبنى، بالإضافة إلى عزل القواعد باستخدام أساسات مرنة لامتصاص القوى الأفقية، وإعطاء حرية أكبر للمبنى للحركة بشكل أفقي أثناء تعرّضه للزلزال.
تكثيف الرقابة
ودعا الدكتور العبد الكريم إلى تكثيف الرقابة والمتابعة لأداء مقاولي البناء ومدى التزامهم بمتطلبات السلامة العامة وبتراخيص وأكواد البناء، مضيفاً: «إن الإهمال الحاصل من قبل بعض المقاولين وانعدام الأمانة عند بعضهم وإخلالهم باشتراطات البناء، وخصوصاً استخدام بعضهم لكثير من الأعمدة (المزروعة) غير الممتدة إلى القواعد، وكذلك البروزات الطويلة، ما يشكل خطراً كبيراً في حال وقوع أي حركة أفقية للمبنى».
- إعادة النظر
من جهته، شدد المستشار الهندسي يزيد العرفج على أهمية إعادة النظر في ملف الإنشاءات والتشييد بالمنطقة، وتحديثه بشكل مستمر، بما يتوافق مع التغيرات والظواهر المناخية في المنطقة، مؤكداً مساهمة ذلك في حماية أرواح البشر، وتقليل الخسائر المادية والمعنوية، والأضرار التي قد تلحق بالمباني والمناطق المتأثرة بالكوارث الطبيعية.
وعرج المهندس العرفج على اهتمام كود البناء السعودي، على سبيل المثال، بمقاومة أحمال الرياح والزلازل وتطبيقه لمعادلات خاصة بذلك، بالإضافة إلى التحديثات المستمرة في الكود، ما سهل على المختصين والمهندسين في تطبيق النمذجة خلال مرحلة تصميم المباني، مضيفاً أن المملكة اهتمت في تشريعات البناء بتحسين معاملات الزلازل والرياح وتوافقها مع الطبيعة المناخية للمملكة، كما ساعد كود البناء السعودي المكاتب الهندسية بتفاصيل إنشائية وتقسيم المباني لدرجات متفاوتة، حسب درجة خطورة المباني، وطبيعة النشاط الزلزالي فيها.
- دور الفساد وإهمال الالتزام بالقوانين المستحدثة
فتح زلزال تركيا باباً واسعاً للحديث عن دور الفساد، إذ أقدمت الحكومة التركية على فتح ملفات فساد كثير من المقاولين والمهندسين المعماريين، وعن الرداءة في إنشاء البنايات والشقق السكنية والغش في جودة مواد البناء المستخدمة فيها، حيث تحركت وزارة العدل التركية، بعد أيام من وقوع الزلزال، ونفذت السلطات حملة اعتقالات طالت أكثر من 100 مقاول في جميع أنحاء المقاطعات العشر المتضررة من الزلزال حيث تطولهم اتهامات بمسؤولية انهيار المباني.
وذكرت وكالة أنباء الأناضول الحكومية أن وزارة العدل التركية أمرت المسؤولين في تلك المقاطعات بإنشاء «وحدات للتحقيق في جرائم الزلزال»، كما أمرت بتعيين مدعين عامين لتوجيه تهم جنائية ضد جميع المقاولين والمسؤولين عن انهيار المباني التي أخفقت في تلبية القوانين الحالية المستحدثة بعد زلزال كارثي مماثل وقع عام 1999.
ووفق ما نقلته الوكالة عن وزير العدل بكر بوزداغ، أخيراً، هناك 245 مشتبهاً به، تم اتخاذ إجراءات بحقهم، مضيفاً أنه «يتم تقييم خطأ كل شخص مسؤول عن البناء والتحكم والاستخدام، بشكل منفصل».
ووضعت تركيا قوانين بناء جديدة بعد زلزال عام 1999، إلا أن السلطات التركية تعتقد أن المقاولين لم يلتزموا في كثير من الأحيان بتلك القوانين والتشريعات التنظيمية، بهدف كسب مزيد من المال، باللجوء لمواد أولية رخيصة من بين أشياء أخرى. وأرجعت السلطات أسباب الدمار الهائل، الذي خلّفه الزلزال، لعوامل عدة. من الأبنية الشاهقة، إلى منح تصاريح بناء في عدة مناطق لم تستوفِ الاشتراطات.


مقالات ذات صلة

«البنك الدولي» يتوقع بلوغ شح المياه أدناه في الشرق الأوسط

الاقتصاد «البنك الدولي» يتوقع بلوغ شح المياه أدناه في الشرق الأوسط

«البنك الدولي» يتوقع بلوغ شح المياه أدناه في الشرق الأوسط

توقع تقرير جديد لـ«البنك الدولي»، أن تواجه الشعوب في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، شحّاً غير مسبوق في المياه، داعياً إلى سلسلة من الإصلاحات بشأن إدارة الموارد تتضمن إصلاحيات مؤسساتية، للتخفيف من حدة الضغوط المائية في المنطقة. وأشار التقرير الذي صدر بعنوان «اقتصاديات شح المياه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا - حلول مؤسساتية»، إلى أنه، بنهاية العقد الحالي، ستنخفض كمية المياه المتاحة للفرد سنوياً عن الحد المطلق لشح المياه، البالغ 500 متر مكعب للفرد سنوياً. ووفق التقديرات الواردة في التقرير، فإنه، بحلول عام 2050، ستكون هناك حاجة إلى 25 مليار متر مكعب إضافية من المياه سنوياً، لتل

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد {النقد الدولي} يحذر الشرق الأوسط من 4 تحديات

{النقد الدولي} يحذر الشرق الأوسط من 4 تحديات

قال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في «صندوق النقد الدولي» جهاد أزعور، إن نمو الناتج المحلي الإجمالي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا سيتباطأ إلى 3.1 في المئة خلال 2023، من 5.3 في المئة خلال العام السابق. وأكد أزعور، في إفادة صحافية، أن النمو في الدول المصدرة للنفط بالمنطقة سيتباطأ إلى 3.1 في المائة أيضاً خلال 2023، من 5.7 في المائة خلال 2022، مع توقعات بأن يكون القطاع غير النفطي المحرك الرئيسي للنمو.

أحمد الغمراوي (القاهرة)
الاقتصاد الضغوطات تحيط بموائد الإفطار في الدول العربية

الضغوطات تحيط بموائد الإفطار في الدول العربية

سجلت حالة الرصد الأولية ضغوطات تواجه موائد الإفطار الرمضانية في المنطقة العربية التي تواجه إشكالية بالغة في توفير السلع خلال شهر رمضان المبارك؛ حيث يرتفع الطلب على مجموعات سلع غذائية يبرز منها القمح واللحوم بأشكالها المختلفة، مقابل قدرة إنفاق محدودة. وساهم ضعف الإصلاحات وتقلبات العملات العربية في تقلص إمكانيات الإنفاق على المائدة العربية، يضيف إليها مسؤول تنمية عربي أن الظروف الحالية للأزمات الأمنية والسياسية في البلدان العربية فاقمت الموقف. - نقص المعروض ووفقا للتقديرات، يسجل شهر رمضان المبارك للعام الحالي تراجعا ملحوظا في الإنفاق من دولة لأخرى في الإقليم العربي مقارنة بمواسم ماضية، خاصة في

سعيد الأبيض (جدة)
الاقتصاد مخاوف من اتساع تداعيات إفلاس «سيليكون فالي» إلى المنطقة العربية

مخاوف من اتساع تداعيات إفلاس «سيليكون فالي» إلى المنطقة العربية

في وقت زرع فيه الإعلان عن إفلاس بنك سيليكون فالي الأميركي مخاوف في أوساط العملاء والمودعين والشركات التكنولوجية المقترضة والمودعة في البنك على المستوى الاقتصاد الأميركي، ربما يدفع ذلك إلى مزيد من التداعيات بمناطق أوسع في العالم. ولا تبدو المنطقة العربية بمنأى عن التداعيات، إذ أفصحت بنوك في الكويت عن انكشافات ضئيلة على إفلاس البنك الأميركي، إلا أن هناك تحرزاً من الإعلان في بقع كثيرة من قطاعات البنوك والمصارف ومؤسسات الاستثمار في العالم العربي. - اتساع الرقعة وتوقع مختصون، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، اتساع رقعة تداعيات إفلاس البنك الأميركي وتأثيرها على بيئة الأعمال والقطاع المصرفي على مستوى العال

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
الاقتصاد صورة إعلان لسيارة «نيو» المغربية المرتقبة قريباً في الأسواق (متداولة)

«نيو»... سيارة مغربية الصنع ستبصر النور قريباً

أثار إعلان وزير الصناعة والتجارة المغربي رياض مزور مؤخراً عن مشروع إنشاء مصنع سيارات مغربي بحت، تساؤلات بين الفاعلين في القطاع. تم تداول هذا الموضوع في الصحافة المغربية في نهاية عام 2022، ومن المفترض أن ترى العلامة التجارية الأولى للسيارة «المغربية» النور قريباً. وفقاً لتقرير أعدته مجلّة «جون أفريك» (أفريقيا الشابة)، ونشرته أمس (الثلاثاء)، كان وزير الصناعة والتجارة المغربي، قد أعلن في بيان أدلى به لموقع «الشرق بلومبرغ»، أنه من المقرر توقيع اتفاقية استثمار في يناير (كانون الثاني) (الفائت) لإنشاء مصنع إنتاج لهذه العلامة التجارية المحلية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

وزير المالية السوري: السياسات الاقتصادية للدولة ستعزز استقرار العملة الجديدة

مركبات في أحد ميادين دمشق التي ستشهد قريباً طرح عملة جديدة (رويترز)
مركبات في أحد ميادين دمشق التي ستشهد قريباً طرح عملة جديدة (رويترز)
TT

وزير المالية السوري: السياسات الاقتصادية للدولة ستعزز استقرار العملة الجديدة

مركبات في أحد ميادين دمشق التي ستشهد قريباً طرح عملة جديدة (رويترز)
مركبات في أحد ميادين دمشق التي ستشهد قريباً طرح عملة جديدة (رويترز)

أكد وزير المالية السوري محمد يسر برنية، السبت، دعم وزارته الكامل والمساندة لمصرف سوريا المركزي في إجراءاته وجهوده قبل وأثناء وبعد عملية استبدال العملة الوطنية. مؤكداً أن «السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية التي تنتهجها السلطات السورية، ستعزز بعون الله من استقرار العملة الوطنية، لتكون ركناً مهماً من أركان دعم التنمية والنمو الاقتصادي في سوريا».

وقال برنية في منشور على حسابه في «لينكد إن»، إن هذه الخطوة تأتي في إطار تعزيز السيادة الوطنية واستقرار الاقتصاد، مشيراً إلى أن «العملة الوطنية رمز مهم من رموز السيادة الوطنية التي نعتز بها، وهي عملة الدولة السورية وعملة كل مواطن سوري».

وأوضح أن الهدف من هذه العملية، ومن السياسات النقدية والمالية المصاحبة، هو تعزيز استقرار العملة الوطنية، لتكون ركناً أساسياً لدعم التنمية والنمو الاقتصادي في سوريا.

وأضاف أن «ما نحتاجه أيضاً هو مشاركة قطاع الأعمال والمجتمع والمواطنين جميعاً للتمسك والاعتزاز بالعملة الوطنية كعملة أساسية للتعاملات والتداول والادخار»، داعياً إلى التعامل معها بالاعتزاز ذاته الذي يتعامل به مع العلم الوطني.

وحث برنية المواطنين والقطاعات الاقتصادية كافة على التقيد بالتعليمات والإجراءات التي سيعلن عنها المصرف المركزي لضمان سير عملية الاستبدال بسلاسة، وعدم الانجرار وراء الشائعات، مؤكداً أن المصرف المركزي قد وضع كل السياسات اللازمة لمواجهة التحديات وضمان نجاح العملية.

وأكد أن هذه الإجراءات تأتي ضمن رؤية شاملة لتعزيز الاقتصاد الوطني واستقراره، داعياً المواطنين إلى الافتخار والاعتزاز «بليرتنا الجديدة» والتفاؤل بمستقبل سوريا واقتصادها.

كان حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، أعلن أن إطلاق العملة الوطنية الجديدة ليس مجرد طرح لنقود ورقية، بل هو احتفاء بسيادة البلاد وهويتها الوطنية، معتبراً أن الليرة تمثل رمزاً لنجاح الثورة وانتماء الشعب وثقته بقدرته على النهوض.

وأشار برنية إلى أن الجهود الكبيرة التي بذلها مصرف سوريا المركزي، «تستحق الشكر والتقدير»، في الشهور الماضية للتحضير لاستبدال الليرة السورية.

لكنه أضاف: «ما نحتاجه أيضاً هو مشاركة قطاع الأعمال والمجتمع والمواطنين جمعياً للتمسك والاعتزاز بالعملة الوطنية كعملة أساسية للتعاملات والتداول والادخار. كما نعتز بعلمنا، سنعتز بعملتنا الوطنية. ولنحرص جميعاً على التقيد بالتعليمات التي سيصدرها المصرف المركزي بشأن إجراءات الاستبدال وعدم الالتفاف للشائعات».

وأكد أن هناك «تحديات كبيرة رافقت التحضير وتحديات سترافق الاستبدال، مصرف سوريا المركزي وضع السياسات والإجراءات اللازمة لنجاح عملية الاستبدال، لنكن على مستوى الوعي المطلوب...».


ألمانيا: تحول الطاقة مهدد بالفشل إذا لم يتم خفض أسعار الكهرباء

مزرعة رياح في ألمانيا وسط دعوات لاستخدام الطاقة المتجددة بشكل إقليمي (رويترز)
مزرعة رياح في ألمانيا وسط دعوات لاستخدام الطاقة المتجددة بشكل إقليمي (رويترز)
TT

ألمانيا: تحول الطاقة مهدد بالفشل إذا لم يتم خفض أسعار الكهرباء

مزرعة رياح في ألمانيا وسط دعوات لاستخدام الطاقة المتجددة بشكل إقليمي (رويترز)
مزرعة رياح في ألمانيا وسط دعوات لاستخدام الطاقة المتجددة بشكل إقليمي (رويترز)

حذر مسؤولون وخبراء من فشل سياسات تحول الطاقة في ألمانيا، نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة في أكبر اقتصاد بأوروبا.

وفي هذا الصدد، حذر رئيس حكومة ولاية براندنبورغ الألمانية، ديتمار فويدكه، من أن التحول إلى اقتصاد محايد مناخياً في ألمانيا مهدد بالفشل إذا لم يتم خفض أسعار الكهرباء بشكل ملموس.

وقال السياسي، الذي ينتمي للحزب «الاشتراكي الديمقراطي»، وفقاً لـ«وكالة الأنباء الألمانية»: «إذا لم ننجح في خفض أسعار الكهرباء، فإن التحول في ألمانيا سيفشل».

وأوضح فويدكه أن التحدي الأكبر أمام الحكومة الاتحادية هو ضمان أسعار كهرباء تنافسية، مؤكداً أن ذلك يمنح الأمان للاستثمارات، خاصة في القطاعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، مثل صناعة الصلب، والكيمياء، والدواء.

وأضاف: «اتخذت الحكومة قرارات صحيحة، مثل تحديد سعر الكهرباء الصناعي، وخفض رسوم الشبكة، لكن هذه الخطوات غير كافية. نحتاج إلى مزيد من الإجراءات».

ودعا فويدكه إلى استخدام الطاقة المتجددة بشكل إقليمي، قائلاً إن سكان براندنبورغ يستحقون الاستفادة من التوسع في الطاقة الخضراء عبر أسعار كهرباء منخفضة، مشيراً إلى أن ذلك سيكون أيضاً ميزة لولايات شمالية أخرى مثل ميكلنبورج-فوربومرن، وشليزفيج-هولشتاين، وسكسونيا السفلى، لكنه أشار إلى وجود عقبات قانونية تحول دون ذلك حالياً.

ورحب فويدكه بقرار المفوضية الأوروبية السماح بمزيد من الدعم الحكومي للصناعات كثيفة الطاقة، لكنه شدد على أن الهدف يجب أن يكون تحقيق أسعار تنافسية من دون دعم دائم.

وفي الوقت نفسه، دافع فويدكه عن أداء الحكومة الاتحادية في وجه الانتقادات الموجهة إليها، قائلاً: «تعمل الحكومة أفضل بكثير مما توحي به سمعتها»، مؤكداً أن المهمة الأساسية لحزبه هي إعادة النمو الاقتصادي، وضمان الحفاظ على الوظائف في القطاع الصناعي.


الأصول الرقمية في 2025... من فوضى النمو إلى مرحلة النضج المؤسسي

تعد عملات «الميم» نوعاً من الرموز الرقمية التي غالباً ما ترتبط بالنكات أو الصور الساخرة (رويترز)
تعد عملات «الميم» نوعاً من الرموز الرقمية التي غالباً ما ترتبط بالنكات أو الصور الساخرة (رويترز)
TT

الأصول الرقمية في 2025... من فوضى النمو إلى مرحلة النضج المؤسسي

تعد عملات «الميم» نوعاً من الرموز الرقمية التي غالباً ما ترتبط بالنكات أو الصور الساخرة (رويترز)
تعد عملات «الميم» نوعاً من الرموز الرقمية التي غالباً ما ترتبط بالنكات أو الصور الساخرة (رويترز)

شهد عام 2025 منعطفاً مفصلياً في مسار أسواق الأصول الرقمية؛ إذ انتقل القطاع من مرحلة «النمو العشوائي» إلى مرحلة «النضج المؤسسي والتنظيمي». وجاء هذا التحول نتيجة تفاعلٍ معقّد بين تسارع الابتكار التكنولوجي، وتوسع مشاركة المؤسسات المالية الكبرى، وصعود الأطر التنظيمية الفيدرالية التي أعادت رسم حدود العلاقة بين العملات الرقمية والنظام المالي التقليدي.

وفي المقابل، لم تخلُ هذه المرحلة الانتقالية من اضطرابات؛ إذ تعرضت الأسواق لهزات مضاربية وأحداث أمنية كشفت هشاشة بعض الشرائح، ولا سيما عملات «الميم» والعملات المستقرة مرتفعة المخاطر، ما عزّز القناعة بأن مرحلة «إعادة التوازن الهيكلي» باتت جزءاً لا يتجزأ من رحلة تحوّل القطاع نحو نموذج أكثر انضباطاً واستدامة.

جاء اسم «عملات الميم» (Meme Coins) من نكت أو ميمات الإنترنت، وهي عملات مشفرة تعتمد بشكل أساسي على الضجيج على وسائل التواصل الاجتماعي والمجتمعات الرقمية لجذب المستثمرين، أشهرها «دوجكوين» (Dogecoin) و«شيبا إينو» (Shiba Inu). وتتميز بتقلبات سعرية عالية جداً لقلة قيمتها الأساسية وغياب المنفعة الملموسة أحياناً، مما يجعلها استثماراً مضارباً عالي المخاطر.

الربع الأول: الانطلاقة وأولويات السيادة الرقمية

افتُتح عام 2025 بإطلاق عملة «ترمب» في 17 يناير (كانون الثاني)، والتي مثلت أكثر من مجرد أداة مضاربية؛ فقد عكست التغلغل الثقافي والسياسي للعملات الرقمية، وأظهرت كيف يمكن للأحداث السياسية أن تخلق ديناميات سعرية مؤثرة. اعتبر البعض أن الإطلاق سحب سيولة من النظام البيئي، في حين رأى آخرون أنه يمثل علامة على تقبل العملات الرقمية على نطاق واسع. وبعد ثلاثة أيام، مع تنصيب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، بدأت الأسواق تشهد تحولاً استراتيجياً في موقف المؤسسات تجاه العملات الرقمية؛ إذ تزايد اعتمادها تدريجياً، مما ساهم في تقليل التقلبات السعريّة وتعزيز النضج السلوكي للأسواق.

وفي 23 يناير من العام، وقع ترمب أمراً تنفيذياً لإنشاء استراتيجية وطنية للأصول الرقمية واحتياطي «بتكوين» استراتيجي، مؤكداً وضع الأصول الرقمية ضمن الاستراتيجية المالية والسيادية الأميركية. تضمن الأمر تعزيز الحفظ الذاتي للأصول الرقمية، ودعم العملات المستقرة المدعومة بالدولار، ورفض العملات الرقمية للبنوك المركزية (CBDCs)، وهو ما عزز الشفافية التنظيمية، وأرسى مفهوم «الاحتياطي الوطني الرقمي» لأول مرة على المستوى المؤسسي والدولي.

الاضطرابات الأمنية وانهيارات السوق

مع هذا الانطلاق، لم يكن الطريق مفروشاً بالاستقرار. ففي 14 فبراير (شباط)، شهدت الأسواق انهيار عملة الميم «ليبرا» المدعومة سياسياً؛ إذ فقدت أكثر من 90 في المائة من قيمتها السوقية في ساعات قليلة بعد إعلان الرئيس الأرجنتيني دعمها. أظهرت الحادثة هشاشة سوق عملات «الميم» أمام المضاربة والسيولة المرتبطة بالمبادرات السياسية المفاجئة؛ إذ تكبد 86 في المائة من المستثمرين خسائر تجاوزت 250 مليون دولار. وفي 21 فبراير، واجهت منصة «بايبت» أكبر اختراق أمني في تاريخها؛ إذ سرق قراصنة مرتبطون بكوريا الشمالية نحو 1.5 مليار دولار من الأصول الرقمية. على الرغم من ضخامة الرقم، ساعدت الاستجابة المؤسسية الشفافة في الحد من عدوى مالية واسعة، مؤكدة أهمية إدارة الأزمات في الأسواق اللامركزية.

النصف الأول من العام: تحديثات تقنية واكتتابات عامة

شهد مايو (أيار) 2025 ترقية «بيترا» لشبكة «إيثيريوم»، والتي حسنت من كفاءة تنفيذ المعاملات واستقرار البروتوكول، مؤكدة مكانة «إيثيريوم» كبنية تحتية مؤسسية قابلة للاعتماد. في 5 يونيو (حزيران)، أكملت شركة «سيركل» اكتتابها العام في بورصة نيويورك، محققة طلباً مؤسسياً قوياً مع ارتفاع أسعار السهم أكثر من 150 في المائة في يوم التداول الأول، وهو ما يعكس رغبة المستثمرين المؤسساتيين في الدخول إلى السوق الرقمي ضمن أطر منظمة وواضحة.

وفي 17 يونيو، أقر مجلس الشيوخ الأميركي قانون «جينيوس»، ليصبح الإطار الفيدرالي الشامل الأول للأصول الرقمية في الولايات المتحدة. قدم القانون قواعد واضحة لإصدار العملات المستقرة والإشراف عليها، ووضع معايير للبنية السوقية للوسطاء، ما قلل بشكل كبير من عدم اليقين القانوني وعزز الثقة المؤسسية في الأسواق الرقمية.

نهاية يونيو شهدت إطلاق منصة «إكس ستوكس» للأصول المرمّزة، والتي أتاحت تداول أكثر من 60 سهماً أميركياً على «البلوكشين» بشكل مباشر، مما وفر للمستثمرين أداة جديدة للوصول إلى الأسهم التقليدية في بيئة رقمية، مع ضمان التغطية الكاملة للأصل الأساسي. وسرعان ما ارتفعت القيمة الإجمالية للأصول على الشبكة من 35 مليون دولار إلى أكثر من 100 مليون دولار خلال أسبوعين، ما أبرز الاهتمام المبكر بالأسهم المرمّزة.

الربع الثالث: المنافسة والتوسع المؤسسي

في 18 يوليو (تموز)، وقع ترمب قانون «جينيوس» ليصبح نافذاً، مؤكداً تحويل الأطر التنظيمية من غموض إنفاذ القوانين إلى تنظيم واضح وقائم على القواعد، ما عزز دمج الأسواق الرقمية ضمن النظام المالي الأميركي التقليدي.

وشهد شهر سبتمبر (أيلول) إطلاق منصة «أستر» على شبكة «بي إن بي تشاين»، بدعم علني من «سي زد»، مع ارتفاع رموز «أستر» عشرة أضعاف خلال أسبوعها الأول. جذب هذا النشاط الكبير انتباه المحللين، الذين أشاروا إلى ضرورة مراجعة مصداقية البيانات المتعلقة بأحجام التداول وتركيز توزيع الرموز.

الربع الرابع: تسجيل الأرقام القياسية واختبارات السيولة

في 6 أكتوبر (تشرين الأول)، بلغت «بتكوين» أعلى مستوى تاريخي عند 126,038 دولاراً، مدفوعة بتدفقات صناديق المؤشرات المتداولة وضعف الدولار خلال فترة عدم اليقين السياسي. ومع إعلان تعريفات على الصين، عادت العملات الرقمية إلى مرحلة تصحيح؛ إذ شهدت عمليات تصفية كبيرة في الأسواق المركزية واللامركزية، مؤكدة الترابط بين الأسواق الرقمية والاقتصاد العالمي.

وفي 7 أكتوبر، جمعت منصة «بولي ماركت» تمويلاً بقيمة مليارَي دولار عند تقييم 9 مليارات دولار، ليصبح إجمالي التمويل 2.28 مليار دولار، مما يعكس الطلب المؤسسي المتزايد على أدوات التنبؤ الرقمية. وفي 11 أكتوبر، شهدت الأسواق أكبر انهيار منذ «إف تي إكس»، مع موجة بيع حادة تضمنت الأسهم والعملات الرقمية والسلع، ما أبرز أهمية إدارة المخاطر والسيولة في البيئات عالية التقلب.

في 28 أكتوبر، أُطلق أول منتجات «سول إي تي إف»، لتوفير وصول منظم للمستثمرين المؤسساتيين إلى نظام «سولانا» البيئي. وسجلت التدفقات الصافية في اليوم الأول نحو 69.5 مليون دولار، وتراكمت حتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) إلى نحو 750 مليون دولار، ما يعكس الطلب المستمر على الأصول الرقمية ضمن أطر منظمة.

تحديات العملات المستقرة

شهدت أسواق «ديفاي» في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) صدمة كبيرة عندما انفصلت العملة المستقرة «إكس يو إس دي» عن قيمتها المرجعية بنسبة تجاوزت 43 في المائة بعد الكشف عن خسارة بقيمة 93 مليون دولار مرتبطة بمدير أصول خارجية. أدى ذلك إلى تجميد السحوبات والاستردادات مؤقتاً، مع انعكاسات على أصول مرتبطة مثل «دي يو إس دي» و«إس دي دي يو إس دي»، مؤكداً أهمية الأطر التنظيمية واستقرار السيولة للحفاظ على ثقة المستثمرين.

اتجاهات 2026

مع نهاية عام 2025، بات جلياً أن أسواق الأصول الرقمية تجاوزت مرحلة المضاربة البحتة، لتتحول إلى مكوّن محوري في البنية المالية العالمية، مدعومةً بتوسع الحضور المؤسسي وتبلور الأطر التنظيمية. ومع دخول عام 2026، يُرجَّح أن يتمحور مسار النمو حول ترسيخ الصلة بين قيمة الرموز الرقمية والتدفقات النقدية الحقيقية التي تولدها البروتوكولات، إلى جانب تطوير آليات الحوكمة، وتعزيز الشفافية، وترسيخ استدامة نماذج التمويل اللامركزي.

وفي هذا السياق، تتشكل ملامح مرحلة جديدة تجمع بين مرونة ابتكارات «البلوكشين» وانضباط الأسواق التقليدية، بما يعيد تعريف دور الأصول الرقمية كأدوات مالية ناضجة، لا مجرد رهانات عالية المخاطر.