فاجأت وزيرة اسكوتلندا الأولى، نيكولا ستورجن، الساحة السياسية البريطانية باستقالتها، وفتحت الباب أمام تكهنات حول مصير مطالب الاستقلال عن المملكة المتحدة. ومنذ أن تسلمت قيادة الحكومة الأسكوتلندية قبل 8 سنوات، تحولت ستورجن إلى رمز لهذه المطالب التي زادت حدتها بعد خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي.
وقالت ستورجن لصحافيين بمقر إقامتها الرسمي في إدنبره إن وظيفتها أصبحت تشكل عبئاً عليها وعلى من حولها، مضيفة: «أعلم؛ في عقلي وقلبي، أن الوقت قد حان» للاستقالة. وواجهت ستورجن ضغوطاً متزايدة في الأسابيع الماضية، على خلفية استراتيجيتها من أجل الاستقلال. كما أثار دعمها مشروع قانون يسهّل التحوّل الجنسي، ويسمح به من عمر 16 عاماً، جدلاً واسعاً ومعارضة حتى بين أعضاء حزبها.
ولطالما كانت علاقة ستورجن؛ التي أصبحت أول امرأة تقود اسكوتلندا في 2014، متوترة مع الحكومات المحافظة المتتالية، ولم تتردد في توجيه انتقادات حادة لسكان «10 داونينغ ستريت» الخمسة الذين عاصرتهم، عادّةً بعض القرارات الصادرة من لندن غير ديمقراطية. ولم تمنع هذه الخلافات رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، من شكر ستورجن على «خدمتها الطويلة»، فيما أشاد زعيم المعارضة العمالية كير ستارمر بتفانيها وشغفها. أما وزير شؤون اسكوتلندا، أليستر جاك، فاستغل المناسبة للدعوة إلى «التخلّي عن الهوس بالاستقلال الذي يعدّ مصدر انقسام».
واستفادت ستورجن، التي تطالب باستقلال اسكوتلندا منذ الثمانينات، من تراجع شعبية «المحافظين» للدفع بالقضية، وتمسكت بمطالب تنظيم استفتاء جديد رغم رفض 55 في المائة من الناخبين الانفصال عن المملكة المتحدة في 2014. وترى ستورجن أن «الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست)» كشف عن تباين جوهري بين لندن وإدنبره؛ إذ صوّت 62 في المائة من الأسكوتلنديين لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي.
وقادت ستورجن حزبها في سلسلة من الانتصارات الانتخابية، بينها 3 انتخابات تشريعية، وحظيت سياساتها بشعبية واسعة بين الناخبين الأسكوتلنديين. بيد أنها فشلت في تحقيق عدد من وعودها السياسية؛ أبرزها تقليص الفجوة بين التلاميذ من الطبقات الاجتماعية العاملة وتلك الميسورة، وتخفيف وطأة أزمة غلاء المعيشة، وإصلاح النظام الصحي المتضرر من جائحة «كورونا».
ومع مغادرة ستورجن منصبها قبل الدورة الانتخابية المقبلة، حذّر أنصار الاستقلال من تلاشي جهود تنظيم استفتاء جديد، خصوصاً بعد اشتراط المحكمة العليا حصول إدنبره على موافقة مسبقة من الحكومة البريطانية. كما أن دعوة ستورجن إلى تحويل الانتخابات التشريعية المقرّر إجراؤها في غضون عامين إلى استفتاء «بحكم الأمر الواقع» على الانفصال، لم تلقَ دعماً كبيراً بين الناخبين.
وستبقى ستورجن رئيسة للحكومة الأسكوتلندية حتى ينتخب «الحزب الوطني الأسكوتلندي» رئيساً له خلفاً لها. وظهر عدد من المرشحين المحتملين لخلافة ستورجن؛ في مقدمتهم: نائبها جون سويني الذي يحظى بدعم واسع داخل الحزب، والسياسي الأسكوتلندي المخضرم الذي قاد كتلة الحزب في وستمنستر، أنغوس روبرتسن، والنائبة جوانا شيري التي قادت معارضة الحزب لموقف ستورجن من حقوق المتحولين جنسياً.
كما برز عدد من النواب الشباب الذين يعدّهم البعض قيادات الحزب المستقبلية، مثل وزير الصحة، حمزة يوسف، الذي أصبح نائباً عن غلاسكو في البرلمان الأسكوتلندي في 2011، ووزيرة المالية، كيت فوربس، التي تسلمت منصبها في 2020، وقائد كتلة «الحزب القومي الأسكوتلندي» بمجلس العموم، ستيفن فلين، الذي تسلّم منصبه في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ووزيرة البيئة الثلاثينية مايري ماكآلن.
وفازت ستورجن بمقعد في البرلمان الأسكوتلندي في عام 1999 بعد سنوات من النشاط السياسي الداعم للاستقلال، وأصبحت نائبة زعيم «الحزب الوطني الأسكوتلندي» في عام 2004، وخلفت أليكس سالموند في منصب الوزير الأول خلال نوفمبر (تشرين الثاني) 2014 بعد الهزيمة في استفتاء الانفصال.
هل تتلاشى جهود الانفصال الاسكوتلندي بعد استقالة ستورجن؟
إشادات بتفانيها... و7 مرشحين محتملين لخلافتها
هل تتلاشى جهود الانفصال الاسكوتلندي بعد استقالة ستورجن؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة