إيران تحمل الولايات المتحدة مسؤولية أي عمل إسرائيلي يستهدفها

المتحدث باسم «الخارجية» طالب واشنطن بـ«حسن النية» في الاتفاق النووي وانتقد التصريحات الفرنسية عن «الباليستي»

صورة نشرتها «القيادة المركزية» لقاذفة تقود سرباً من المقاتلات الأميركية والإسرائيلية فوق ميناء «أسدود» في يناير الماضي
صورة نشرتها «القيادة المركزية» لقاذفة تقود سرباً من المقاتلات الأميركية والإسرائيلية فوق ميناء «أسدود» في يناير الماضي
TT

إيران تحمل الولايات المتحدة مسؤولية أي عمل إسرائيلي يستهدفها

صورة نشرتها «القيادة المركزية» لقاذفة تقود سرباً من المقاتلات الأميركية والإسرائيلية فوق ميناء «أسدود» في يناير الماضي
صورة نشرتها «القيادة المركزية» لقاذفة تقود سرباً من المقاتلات الأميركية والإسرائيلية فوق ميناء «أسدود» في يناير الماضي

غداة انطلاق أحدث جولة من التدريبات المشتركة بين الجيشين الأميركي والإسرائيلي، لوحت طهران برد «حازم» على أي عمل يهدد أمنها، وحمّلت واشنطن مسؤولية أي أعمال تقوم بها حليفتها إسرائيل ضد إيران، وذلك بعد أسبوعين على تجدد التوتر بين البلدين إثر هجوم بطائرة مسيّرة ضد منشأة في أصفهان؛ فيما بدت أحدث حلقة من حرب سرية طويلة الأمد. وقال الجيش الإسرائيلي إن وحداته بدأت تدريبات مشتركة، الأحد، مع وحدات «القيادة المركزية الأميركية»، ركزت على الدفاع الجوي والأمن السيبراني والاستخبارات والخدمات اللوجيستية.
وهذه هي التدريبات الثانية من نوعها هذا العام، بعدما شارك أكثر من 6 آلاف جندي أميركي و1500 جندي إسرائيلي، و140 مقاتلة حربية؛ بينها 104 طائرات أميركية، وسفن بحرية، في مناورات «سنديان البازلت» التي تمحورت حول شن غارات والتمرن على سيناريوهات معقدة... وقال مسؤول أميركي كبير يومها إن الرسالة من التدريب هي أن الحرب في أوكرانيا والتهديد الصيني لا يجعلان الولايات المتحدة تتجاهل التهديد الإيراني.
وأعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي عن إجراء تدريب ثان له مع «القيادة المركزية للجيش الأميركي» (الأحد والاثنين)، لكنه هذه المرة يقتصر على القيادات. وقال إن «هذا التمرين يعدّ جزءاً من سلسلة المناورات الجارية مع (القيادة المركزية للجيش الأميركي)؛ حيث جرى التخطيط لها في إطار برنامج التدريبات لعام 2023».
وقال إن التمرين «جونيبر فالكون» سيركز على أداء مقار القيادة خلال سيناريوهات مختلفة تتعلق بالدفاع الجوي، والفضاء الإلكتروني، والسبكتروم، والمعلومات الاستخباراتية، واللوجيستيات، ويجري فيه اختبار مدى الجاهزية الإسرائيلية والأميركية المشتركة للتعامل مع مختلف السيناريوهات ذات الصلة، كما سيعزز العلاقات العملياتية بين كلا الجيشين.
ووفق الناطق باسم الجيش الإسرائيلي؛ فإن التدريب الثاني مكمل للتمرين الأول من حيث الأهداف والاعتبارات الفنية.
تأتي المناورات الجديدة وسط تجدد التوتر الإيراني - الإسرائيلي على أثر هجوم استهدف منشأة عسكرية بطائرة مسيّرة في 29 يناير (كانون الثاني) الماضي بعد 3 أيام فقط من انتهاء التدريبات الأميركية - الإسرائيلية التي وصفت بأنها الأكبر في تاريخ البلدين.
وتزامن الهجوم على أصفهان مع توتر العلاقات بين إيران والغرب بشأن البرنامج النووي لطهران وتزويدها روسيا بأسلحة و«طائرات انتحارية مسيّرة» بعيدة المدى لاستخدامها في الحرب ضد أوكرانيا. ووقع الهجوم أيضاً في وقت كانت تشهد فيه طهران مظاهرات مناهضة للحكومة منذ شهور.
رداً على سؤال ربط بين المناورات الأميركية - الإسرائيلية، والهجوم في أصفهان، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، خلال مؤتمر صحافي أمس، إن «الجمهورية الإسلامية في إيران تتعامل مع التهديدات والأطراف التي تقف وراءها؛ بجدية وحزم». وقال: «إذا ثبت أن أحد الأطراف أو نظاماً ما أقدم على عمل غير حكيم فيما يتعلق بأمن إيران، فإننا سنتعامل معه بجدية وحزم، وستقطع يد المعتدي بالتأكيد».
وأضاف: «لقد وجد الكيان الصهيوني جدية من إيران في الرد على الإجراءات المعادية للأمن وعلى الاعتداءات». وقال: «لدينا أدبيات واضحة حيال الإجراءات التي يقوم بها الكيان الصهيوني إلى جانب الحكومة الأميركية». وأضاف: «أميركا تتحمل مسؤولية أي تحركات إسرائيلية بدعم أميركي ضد أمن إيران».
وقال كنعاني إن «أميركا في موضع المساءلة إذا أقدم الكيان الصهيوني على أي عمل ضد إيران؛ لأن أميركا حليف وداعم لهذا الكيان»، وقال: «على الكيان الصهيوني أن يفكر في أوضاعه الداخلية المضطربة»، وتابع: «هذا الكيان أضعف من أن يقدم على خطوة عسكرية ضد إيران. لقد ذاقوا طعم ضرباتنا القوية في بعض القضايا الجزئية التي أقدموا فيها على خطوات غير حكيمة»، وفق ما نقلت وكالات حكومية في طهران.
ولطالما عبرت إسرائيل، التي تناصبها إيران العداء، عن استعدادها لضرب أهداف إيرانية في حال فشلت الطرق الدبلوماسية في وقف برامج طهران النووية أو الصاروخية، لكنها لم تعلق على حوادث محددة.
وكانت إيران قد أعلنت، الجمعة الماضي، أن قواتها الأمنية «ألقت القبض على الجناة الرئيسيين» في الهجوم على أصفهان، وقالت وكالة «إرنا» الرسمية: «تم تحديد واعتقال الجناة الرئيسيين في المحاولة الفاشلة لتخريب مركز صناعي تابع لوزارة الدفاع في أصفهان... حتى الآن، ثبت تورط مرتزقة النظام الصهيوني (إسرائيل) في هذا العمل».
وقبل الإعلان كانت إيران قد اتهمت حزب «كومولة» الكردي المعارض بأنه نقل المعدات التي استخدمت في الهجوم.
وفي سياق متصل، قال كنعاني إن طهران تعطي الأولوية لرفع العقوبات في مسار المفاوضات الهادفة إلى إحياء الاتفاق النووي لعام 2015.
وتعثرت المفاوضات في مارس (آذار) العام الماضي، وفشلت آخرة محاولات الوساطة بين طهران وواشنطن وأهمها وساطة الاتحاد الأوروبي في سبتمبر (أيلول) الماضي. وقال مسؤولون أميركيون إن طهران رفضت في سبتمبر مسودة جاهزة للاتفاق.
وسُئل كنعاني عمّا إذا كان الاتصال الهاتفي بين وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، ونظيره العراقي فؤاد حسين، الأحد الماضي، تناول مفاوضات الاتفاق النووي، قبل أن يجري كبير الدبلوماسيين العراقيين مشاورات مع المبعوث الأميركي الخاص بإيران، روب مالي، على هامش زيارته إلى واشنطن.
وقال كنعاني للصحافيين، الاثنين: «نحن نسير على طريق المفاوضات... وما يتعلق بنا قمنا به من منطلق حسن النية. نأمل أن تعمل الأطراف الأخرى، خصوصاً الحكومة الأميركية، على تنفيذ ما يعلنونه؛ أي العودة إلى المفاوضات والاتفاق النووي بحسن النية». وأضاف: «ليست لدينا علاقات مباشرة مع أميركا، لكننا نستخدم كل القدرات الدبلوماسية لتحقيق المصالح الوطنية، خصوصاً في مفاوضات رفع العقوبات».
وعلق كنعاني على سؤال حول الوساطة العراقية لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران، وحول ما إذا كانت الدعوة التي تلقاها عبد اللهيان من وزير الخارجية العراقي لزيارة بغداد، تندرج في هذا السياق، فقال كنعاني: «لقد تم الترحيب بدور الحكومة العراقية في هذا الصدد، وجرت الجولة الخامسة، وفي تكملة للمسار السابق، نحترم الدور العراقي، ونرحب بالدور الإيجابي لحكومة هذا البلد، ونأمل أن نحقق تقدماً في مسار المفاوضات بين إيران والسعودية».
تعليقاً على زيارة روب مالي إلى السعودية، قال: «اطلعنا على الزيارة، ولن نتدخل في العلاقات بين البلدين، لكن فيما يخص القضايا الإقليمية؛ فمن الطبيعي أن نتابعها». وقال: «فيما يخص السياسات الإقليمية الأميركية؛ موقفنا واضح... ليس لديهم دور بناء وموثوق في ثبات استقرار المنطقة»، متهماً واشنطن بمتابعة سياسة «الترهيب من إيران».
وخاطب كنعاني دول المنطقة، قائلاً: «أفضل حل لأمن المنطقة هو التعاون الإقليمي بين الدول. حضور الأجانب في المجال الأمني لن يجلب الاستقرار والطمأنينة». وقال: «يجب أن نعزز الآليات الإقليمية، ونخلق آليات جديدة إذا لزم الأمر»، وأوصى دول المنطقة بألا «ترتكب خطأ في الحسابات، وتضحى بالمقاربات الإقليمية بالتعاون مع أطراف غير إقليمية؛ بما في ذلك أميركا». وتخشى طهران من إجماع دولي على تعديل سلوكها الإقليمي، خصوصاً فيما يخص أنشطة «الحرس الثوري» الإقليمية، أو برنامجه لتطوير الصواريخ الباليستية والمسيّرات، في وقت يواجه فيه الاتفاق النووي أفقاً معتماً.
وانتقد كنعاني وزيرة الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، التي أبلغت نظيرها الأميركي أنتوني بلينكن، الجمعة، بضرورة أن يكون هناك «رد دولي» أقوى على التهديد الذي يشكله برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني.
ووصف كنعاني تصريح الوزيرة الفرنسية بـ«الإسقاطات». وقال: «لن تؤثر على مسار حلحلة القضايا والمشكلات وسوء التفاهم بين إيران والأطراف الأوروبية؛ بالأحرى إثارة القضايا (الجانبية) محاولة لعدم التركيز على القضايا السياسية». وقال: «برنامجنا الصاروخي دفاعي وقائم على الحقوق القانونية والأعراف والمبادئ الدولية».
من جهة أخرى؛ انتقد كنعاني «مؤتمر ميونيخ للأمن» لعدم دعوته مسؤولين إيرانيين للمشاركة.
وقال كنعاني إن «قرار المؤتمر ذا الدوافع السياسية هو سوء تقدير، ويضع معايير خاطئة»، مضيفاً أنه «إذا كان الهدف من المؤتمر هو السلام العالمي والإقليمي، فإن هذه الانتقاءات ليست خاطئة فقط؛ بل تنتهك أيضاً الحياد السياسي للمؤتمر».
في السنوات الأخيرة كان وزراء خارجية إيران ضيوفاً منتظمين في «مؤتمر ميونيخ للأمن».
ولم يُدعَ أي ممثلين رسميين، ودُعي أعضاء المعارضة فقط هذا العام؛ على رأسهم نجل الشاه محمد رضا بهلوي.
وفي الأشهر الأخيرة؛ أدينت طهران مراراً على المستوى الدولي بسبب تصديها العنيف للاحتجاجات المناهضة للنظام والمستمرة منذ نحو 5 أشهر. كما فُرضت عقوبات جديدة على البلاد.
وقال رئيس المؤتمر، كريستوف هويسجن، مؤخراً، إنه ليس هناك من يرغب في منح منتدى لنظام «ينتهك حقوق الإنسان الأساسية بشكل جذري، لكن بالطبع نريد أيضاً أن نمنح أعضاء المعارضة الإيرانية مساحة»، موضحاً أن «المؤتمر الأمني لا يرى نفسه محايداً؛ بل إنه منظمة تؤيد السياسة القائمة على القواعد في هذه الآلية الدولية»، مضيفاً أنه «من المبرر لذلك الخروج عن مبدأ دعوة جميع الدول، وذلك في الحالات القصوى، مثل روسيا وإيران».
وسيعقد أهم اجتماع للخبراء حول السياسة الأمنية خلال الفترة من 17 حتى 19 فبراير (شباط) الحالي في فندق «بايريشر هوف» بمدينة ميونيخ. وستكون هذه أول نسخة من المؤتمر تُعقد منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

محكمة إسرائيل العليا تعلّق قرار الحكومة إغلاق الإذاعة العسكرية

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس خلال اجتماع في أحد مقار الجيش (الحكومة الإسرائيلية)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس خلال اجتماع في أحد مقار الجيش (الحكومة الإسرائيلية)
TT

محكمة إسرائيل العليا تعلّق قرار الحكومة إغلاق الإذاعة العسكرية

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس خلال اجتماع في أحد مقار الجيش (الحكومة الإسرائيلية)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس خلال اجتماع في أحد مقار الجيش (الحكومة الإسرائيلية)

أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية أمراً احترازياً يقضي بتعليق قرار الحكومة إغلاق إذاعة الجيش التي تأسست قبل 75 عاماً ويتابعها عدد كبير من المستمعين.

وفي قرار صدر في وقت متأخر من مساء الأحد، قال رئيس المحكمة العليا إسحاق عميت إن قرار التعليق جاء جزئياً؛ لأن الحكومة «لم تقدّم التزاماً واضحاً بعدم اتخاذ خطوات لا يمكن التراجع عنها قبل أن تصدر المحكمة قرارها النهائي». وأضاف عميت أن المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهراف-ميارا، أيّدت تعليق القرار.

وصادق المجلس الوزاري الأسبوع الماضي على إغلاق إذاعة «غالي تساهل»، على أن يدخل القرار حيّز التنفيذ قبل الأول من مارس (آذار) 2026.

وتُقدّم إذاعة «غالي تساهَل» التي تأسست عام 1950 برامج إخبارية وتلقى متابعة واسعة، حتّى من الإعلاميين الأجانب. وتأتي وفق آخر الاستطلاعات في المرتبة الثالثة من حيث عدد مستمعيها في إسرائيل حيث تحظى بنسبة 17.7 في المائة.

وكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد طلب من الوزراء تأييد الإغلاق، مشيراً إلى أنه طُرحت مراراً على مرّ السنين مقترحات لإخراج الإذاعة من السياق العسكري أو إلغائها أو خصخصتها.

واعتبرت المستشارة القضائية للحكومة غالي بهراف-ميارا التي تسعى الحكومة الإسرائيلية إلى إقالتها من منصبها، أن هذا القرار «يثير مخاوف من تدخّل سياسي محتمل في البثّ العام، ويطرح تساؤلات بشأن احتمال المساس بحرّية التعبير والصحافة».

وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (د.ب.أ)

من جهته، قال وزير الدفاع يسرائيل كاتس الأسبوع الماضي إن الإذاعة العسكرية تنشر «محتويات سياسية تثير الانقسام ولا تراعي قيم» الجيش.

واعتبر كاتس أنه «في خلال السنتين الماضيتين وطوال الحرب، اشتكى عدّة جنود ومدنيين، بمن فيهم عائلات مفجوعة، مراراً من أن الإذاعة لا تمثّلهم، حتّى إنها تمسّ بمجهود الحرب وبالمعنويات».

في المقابل، ندّد زعيم المعارضة يائير لبيد في منشور على «إكس» بقرار الإغلاق، مشيراً إلى أنه «يندرج في سياق مساعي الحكومة لخنق حرّية التعبير في إسرائيل خلال الفترة الانتخابية». واعتبر لبيد أنهم «يعجزون عن التحكّم في الواقع، فيحاولون التحكّم في العقول».


تحقيقات إسرائيلية: جنودنا تلقوا رشى من فلسطينيين يبحثون عن عمل

جنود إسرائيليون يراقبون بينما ينتظر الفلسطينيون عند حاجز قلنديا بين الضفة الغربية والقدس (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يراقبون بينما ينتظر الفلسطينيون عند حاجز قلنديا بين الضفة الغربية والقدس (إ.ب.أ)
TT

تحقيقات إسرائيلية: جنودنا تلقوا رشى من فلسطينيين يبحثون عن عمل

جنود إسرائيليون يراقبون بينما ينتظر الفلسطينيون عند حاجز قلنديا بين الضفة الغربية والقدس (إ.ب.أ)
جنود إسرائيليون يراقبون بينما ينتظر الفلسطينيون عند حاجز قلنديا بين الضفة الغربية والقدس (إ.ب.أ)

كشفت تحقيقات في الشرطة العسكرية والشرطة القضائية الإسرائيلية أن الفلسطينيين في الضفة الغربية قدموا رشى للعشرات من جنود الاحتلال العاملين على الحواجز العسكرية، بأموال كثيرة مقابل إدخالهم إلى إسرائيل بحثاً عن العمل.

وقالت مصادر في قيادة هذه العملية إن «مثل هذه الرشى باتت مخيفة»، زاعمةً أنها «تُتيح دخول عناصر مسلحة تنفذ عمليات في البلدات الإسرائيلية».

وجاء في تقرير لصحيفة «يديعوت أحرونوت» أن «هؤلاء الجنود، وبعضهم يحملون رتب ضباط، نفذوا عمليات التهريب مقابل المال، رغم أنهم كانوا يعلمون أن أفعالهم هذه يمكن أن تتسبب في تنفيذ عمليات إرهاب ضد إسرائيل».

وحدد التقرير «ثلاثة حواجز عسكرية تم استخدامها للتهريب، أحدها في معبر عوفر، والثاني قرب بلدتي بيدو واكسا، والثالث قرب شعفاط، وجميعها تقع شمال القدس»، مشيراً إلى أن التحقيقات توصلت إلى أن «أحمد أبو الرب، الذي نفذ هجوم بيسان يوم الجمعة الماضي، وأسفرت عن مقتل مواطنين إسرائيليين اثنين وجرح أربعة، دخل إسرائيل من أحد هذه الحواجز».

وحسب التقرير، «كان الفلسطينيون يدفعون الرشوة بوضعها داخل بطاقة الهوية، أو في مغلف يوضع على المقعد الخلفي عندما يتم توقيف السيارة وإنزال ركابها للتفتيش، فعندما يحصل الضابط على المغلف يعيد العمال إلى السيارة ويسمح لها بالمرور».

ومنذ الانتفاضة الثانية سنة 2002، أتمت إسرائيل بناء جدار عازل بين حدودها قبل الاحتلال في عام 1967 وبين الضفة الغربية (الخط الأخضر)، حتى تمنع تسلل فلسطينيين إليها.

ويبلغ طول الجدار 770 كيلومتراً، بينها نحو 142 كيلومتراً في الجزء المحيط بالقدس الشرقية، وارتفاعه ثمانية أمتار. لكنّ قسماً منه لم ينجز بعد، لأسباب خلافية أو بسبب ضرورات بيئية.

فلسطيني يقطف الزيتون بجانب الجدار الإسرائيلي قرب الخليل (رويترز)

وعندما قررت إسرائيل مع بداية الحرب على غزة، إلغاء التصاريح لنحو 150 ألف عامل فلسطيني تسبب في أزمة اقتصادية خانقة، وحاول عشرات ألوف العمال تجاوز الحواجز والقفز عن الجدار العالي.

كم تعريفة الرشوة؟

ويتضح من التقرير المذكور أن بعض رجال الأعمال والعمال وجدوا طريقة أخرى للتسلل إلى إسرائيل بحثاً عن العمل، هي رشوة الجنود والضباط الإسرائيليين.

وفي بعض الأحيان كانوا يدفعون 50 شيقلاً (الدولار يساوي 3.2 شيقل)، عن كل راكب في سيارة ترنزيت. وفي بعض الأحيان يدفعون 1500 شيقل مقابل تمرير سيارة ركاب. وفي إحدى المرات دفع رجل أعمال فلسطيني مبلغ 5000 شيقل، مقابل تهريبه بسيارة شرطة إلى إسرائيل.

سيارات منتظرة عند حاجز عطارة الإسرائيلي قرب رام الله يناير الماضي (أ.ف.ب)

وتركز جزءٌ من عمليات التهريب داخل المستوطنات اليهودية التي بنيت في الضفة الغربية، وفي بعض الأحيان أصدر جنود تصاريح رسمية مزيفة، ويقدر الجيش أن عدد هذه التصاريح بلغ 300 تصريح.

تسجيلات كشفت نتائج مذهلة

وفق التقارير العبرية، فإن عرض الرشى بدأ بمبادرة من الفلسطينيين، لكن أصبح لاحقاً بمبادرة من الإسرائيليين، الذين عرضوا التهريب مقابل المال، ومع تطور الظاهرة، أصبح التهريب يجري بالاتفاق بين جنود ومهربين فلسطينيين عبر شبكة «تلغرام».

وتم تسجيل عدة محادثات جرت بين مهرب فلسطيني والضابط الإسرائيلي، وكان الضابط يشدد على أنه يُريد المال نقداً، وشعر أحد الضباط الكبار بما يدور فقرر إجراء تحقيق سري وذهل من النتيجة، وبالإضافة إلى الكشف عن ظاهرة الرشوة، وجد أن فرقة عسكرية على خلاف مع فرقة عسكرية أخرى تعمدت تهريب فلسطينيين لتظهر الفرقة الثانية مُقصرة.

قوات أمن إسرائيلية في مواجهة مع متظاهرين فلسطينيين قرب قرية كفر قدوم الفلسطينية (أ.ف.ب)

ولم تقتصر المسألة على تهريب متسللين، بل تم الكشف عن قيام موظف سابق في دائرة الصحة في الإدارة المدنية، ببيع أدوية للفلسطينيين، مستغلاً معرفته القريبة للأوضاع الطبية لدى الفلسطينيين، فجلب أدوية نادرة التوافر، وزودهم بها، ولدى اعتقاله تم تفتيش بيته والعثور على كميات كبيرة من الدواء.

وقال مصدر في الجيش إن عشرات الجنود والضباط أوقفوا للتحقيق معهم بهذه القضايا، وسيتم تقديمهم إلى القضاء لمحاكمتهم وإنزال العقوبات بهم.


تركيا: زعيم المعارضة يؤكد استمرار الاحتجاجات في 2026 بأساليب جديدة

زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل متحدثاً خلال المؤتمر العام لحزب الشعب الجمهوري الذي أعيد فيه انتخابه رئيساً للحزب 29 نوفمبر الماضي (حساب الحزب في إكس)
زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل متحدثاً خلال المؤتمر العام لحزب الشعب الجمهوري الذي أعيد فيه انتخابه رئيساً للحزب 29 نوفمبر الماضي (حساب الحزب في إكس)
TT

تركيا: زعيم المعارضة يؤكد استمرار الاحتجاجات في 2026 بأساليب جديدة

زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل متحدثاً خلال المؤتمر العام لحزب الشعب الجمهوري الذي أعيد فيه انتخابه رئيساً للحزب 29 نوفمبر الماضي (حساب الحزب في إكس)
زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل متحدثاً خلال المؤتمر العام لحزب الشعب الجمهوري الذي أعيد فيه انتخابه رئيساً للحزب 29 نوفمبر الماضي (حساب الحزب في إكس)

أكد زعيم المعارضة التركية، رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوغور أوزيل أن الحزب سيواصل التجمعات والمسيرات التي انطلقت عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو في 19 مارس (آذار) الماضي، وستكون لديه مسيرات أكثر إيجابية في العام الجديد.

وقال أوزيل إن إمام أوغلو، الذي أعلنه الحزب مرشحاً رئاسياً في 23 مارس عقب انتخابات تمهيدية صوَّت فيها 15 مليوناً و500 ألف مواطن، لا يزال هو المرشح الوحيد من جانب الحزب لخوض الانتخابات المقررة في عام 2028.

وأضاف أوزيل، في مقابلة صحافية، الاثنين، أن حزبه سيواصل مسيرته، وسيسعى لتخليص تركيا من «الفقر والظلم والاستبداد»، وأنه إذا أراد حزبه الحصول على أصوات ثلثي الناخبين في الانتخابات المقبلة، فعليه أن يجعل الشعب يقول إن حزب «الشعب الجمهوري سيحكم بشكل أفضل منهم (إردوغان وحكومته)».

أوزيل متحدثاً خلال أحد التجمعات للمطالبة بإطلاق سراح إمام أوغلو (من حسابه في إكس)

وتابع: «لذلك؛ علينا أن نبدأ مسيرتنا نحو السلطة من هذه النقطة، وأن نثبت أن حزب الشعب الجمهوري قادر على إدارة الاقتصاد والسياسة الخارجية وتركيا بشكل أفضل».

إلغاء النظام الرئاسي

وشدد على أن حزبه سيغير نظام الحكم حال فوزه، قائلاً إن «الانتخابات المقبلة ستُجرى وفقاً للنظام الحالي (الرئاسي)، لكن هذا لا يعني أننا سنبقى في هذا النظام، إذا منحنا شعبنا السلطة، فسنتحول إلى نظام برلماني مُعزز وسنخدم الشعب من خلاله».

وعدّ أوزيل أن منع إمام أوغلو من خوض الانتخابات عبر قضية تتعلق بادعاء تزوير شهادته الجامعية أو دعاوى قضائية أخرى سيكون «انقلاباً على الديمقراطية»، مضيفاً أن على الرئيس رجب طيب إردوغان أن يدرك أن ثمن إبعاد منافسه من خلال وضعه بالسجن أمر غير مقبول، فتركيا «ليست دولة من دول جنوب الصحراء الكبرى».

المظاهرات الاحتجاجية ضد اعتقال إمام أوغلو مستمرة منذ توقيفه في مارس الماضي (حزب الشعب الجمهوري)

ويواجه إمام أوغلو سلسلة قضايا، منها إلغاء شهادته الجامعية التي حصل عليها منذ أكثر من 30 عاماً من جامعة إسطنبول، إضافة إلى اتهامات بالفساد في بلدية إسطنبول، يبدأ نظر الدعوى الخاصة بها في 9 مارس المقبل، ويواجه فيها مطالبة بسجنه لمدة 2453 سنة.

وفجَّر اعتقاله أوسع موجة احتجاجات في تركيا منذ احتجاجات «غيزي بارك» عام 2013، وعدت المعارضة أن توقيفه هو عملية سياسية تهدف إلى إبعاده عن منافسة إردوغان على رئاسة البلاد؛ كونه أبرز المنافسين الذين يمكنهم الفوز بانتخاباتها.

وقررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الأسبوع الماضي، إعطاء الأولية لنظر مسألة اعتقال إمام أوغلو دون صدور إدانة ضده.

بديل إمام أوغلو

وقال أوزيل: «إذا استمر إردوغان في إبقاء أكرم إمام أوغلو في السجن في ظل هذه الظروف، فسيتم العثور على مرشح قادر على هزيمته في الانتخابات».

أوزيل يتوسط إمام أوغلو قبل اعتقاله ومنصور ياواش (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

وعن الادعاءات حول إمكانية منع ترشيح رئيس بلدية أنقرة منصور ياواش، عبر اتهامات مماثلة لتلك التي يواجهها إمام أوغلو، حال عدم تمكن الأخير من خوض الانتخابات، أشار أوزيل إلى أن ياواش أيضاً رشح إمام أوغلو لخوض انتخابات الرئاسة، وصوَّت له في الانتخابات التمهيدية في 23 مارس، في اليوم ذاته الذي أودع فيه إمام أوغلو سجن سيليفري في غرب إسطنبول.

واستدرك: «لكن إذا كان حزب الشعب الجمهوري والبلاد ينتظران مهمة من منصور ياواش، فهو يمتلك القدرة على إنجازها على أكمل وجه»، لافتاً إلى أن أي محاولة لمنع ترشيحه في الانتخابات على غرار ما حدث مع إمام أوغلو، ستفجر غضب تركيا والعالم مجدداً.

وأضاف: «منصور ياواش يحظى بمكانة عظيمة في قلوب هذا الشعب، ولا أحد يستطيع إيقافه».

عمليات لتشويه المعارضين

واتهم أوزيل الرئيس إردوغان بمحاولة تعزيز سلطة المدعي العام في إسطنبول بوصفه حامي النظام، لافتاً إلى أن التحقيقات الأخيرة التي استهدفت فنانين ومشاهير بدعوى تعاطي المخدرات أو القمار، كان هدفها «تطبيع» العمليات التي تنفذ ضد حزب «الشعب الجمهوري»، وأن شريحة واسعة من المجتمع تُسلّم بأن ما يُنفذ ضد الحزب هو «عملية سياسية».

إحدى العمليات الأمنية ضد المشاهير في تركيا في إطار مكافحة المخدرات (إعلام تركي)

وأضاف أن الهدف الثاني لهذه العمليات هو «تشويه سمعة الأفراد الذين يُنظر إليهم على أنهم يُشكلون تهديداً للنظام بسبب معارضتهم له».

وأشار إلى اعتقال 20 أو 30 فناناً لمجرد نشرهم تغريدات مُعارضة أو عدم تأييدهم للحكومة، فيظن الناس أنهم قبضوا على تاجر مخدرات، وبعد 15 يوماً تظهر النتائج أن عينات التعاطي لدى 3 أو 4 منهم إيجابية، لكن لا أحد اهتم بماذا سيحدث لأبناء هؤلاء أو زوجاتهم أو عائلاتهم جراء عمليات التشويه واغتيال السمعة.