إيران تحمل الولايات المتحدة مسؤولية أي عمل إسرائيلي يستهدفها

المتحدث باسم «الخارجية» طالب واشنطن بـ«حسن النية» في الاتفاق النووي وانتقد التصريحات الفرنسية عن «الباليستي»

صورة نشرتها «القيادة المركزية» لقاذفة تقود سرباً من المقاتلات الأميركية والإسرائيلية فوق ميناء «أسدود» في يناير الماضي
صورة نشرتها «القيادة المركزية» لقاذفة تقود سرباً من المقاتلات الأميركية والإسرائيلية فوق ميناء «أسدود» في يناير الماضي
TT

إيران تحمل الولايات المتحدة مسؤولية أي عمل إسرائيلي يستهدفها

صورة نشرتها «القيادة المركزية» لقاذفة تقود سرباً من المقاتلات الأميركية والإسرائيلية فوق ميناء «أسدود» في يناير الماضي
صورة نشرتها «القيادة المركزية» لقاذفة تقود سرباً من المقاتلات الأميركية والإسرائيلية فوق ميناء «أسدود» في يناير الماضي

غداة انطلاق أحدث جولة من التدريبات المشتركة بين الجيشين الأميركي والإسرائيلي، لوحت طهران برد «حازم» على أي عمل يهدد أمنها، وحمّلت واشنطن مسؤولية أي أعمال تقوم بها حليفتها إسرائيل ضد إيران، وذلك بعد أسبوعين على تجدد التوتر بين البلدين إثر هجوم بطائرة مسيّرة ضد منشأة في أصفهان؛ فيما بدت أحدث حلقة من حرب سرية طويلة الأمد. وقال الجيش الإسرائيلي إن وحداته بدأت تدريبات مشتركة، الأحد، مع وحدات «القيادة المركزية الأميركية»، ركزت على الدفاع الجوي والأمن السيبراني والاستخبارات والخدمات اللوجيستية.
وهذه هي التدريبات الثانية من نوعها هذا العام، بعدما شارك أكثر من 6 آلاف جندي أميركي و1500 جندي إسرائيلي، و140 مقاتلة حربية؛ بينها 104 طائرات أميركية، وسفن بحرية، في مناورات «سنديان البازلت» التي تمحورت حول شن غارات والتمرن على سيناريوهات معقدة... وقال مسؤول أميركي كبير يومها إن الرسالة من التدريب هي أن الحرب في أوكرانيا والتهديد الصيني لا يجعلان الولايات المتحدة تتجاهل التهديد الإيراني.
وأعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي عن إجراء تدريب ثان له مع «القيادة المركزية للجيش الأميركي» (الأحد والاثنين)، لكنه هذه المرة يقتصر على القيادات. وقال إن «هذا التمرين يعدّ جزءاً من سلسلة المناورات الجارية مع (القيادة المركزية للجيش الأميركي)؛ حيث جرى التخطيط لها في إطار برنامج التدريبات لعام 2023».
وقال إن التمرين «جونيبر فالكون» سيركز على أداء مقار القيادة خلال سيناريوهات مختلفة تتعلق بالدفاع الجوي، والفضاء الإلكتروني، والسبكتروم، والمعلومات الاستخباراتية، واللوجيستيات، ويجري فيه اختبار مدى الجاهزية الإسرائيلية والأميركية المشتركة للتعامل مع مختلف السيناريوهات ذات الصلة، كما سيعزز العلاقات العملياتية بين كلا الجيشين.
ووفق الناطق باسم الجيش الإسرائيلي؛ فإن التدريب الثاني مكمل للتمرين الأول من حيث الأهداف والاعتبارات الفنية.
تأتي المناورات الجديدة وسط تجدد التوتر الإيراني - الإسرائيلي على أثر هجوم استهدف منشأة عسكرية بطائرة مسيّرة في 29 يناير (كانون الثاني) الماضي بعد 3 أيام فقط من انتهاء التدريبات الأميركية - الإسرائيلية التي وصفت بأنها الأكبر في تاريخ البلدين.
وتزامن الهجوم على أصفهان مع توتر العلاقات بين إيران والغرب بشأن البرنامج النووي لطهران وتزويدها روسيا بأسلحة و«طائرات انتحارية مسيّرة» بعيدة المدى لاستخدامها في الحرب ضد أوكرانيا. ووقع الهجوم أيضاً في وقت كانت تشهد فيه طهران مظاهرات مناهضة للحكومة منذ شهور.
رداً على سؤال ربط بين المناورات الأميركية - الإسرائيلية، والهجوم في أصفهان، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، خلال مؤتمر صحافي أمس، إن «الجمهورية الإسلامية في إيران تتعامل مع التهديدات والأطراف التي تقف وراءها؛ بجدية وحزم». وقال: «إذا ثبت أن أحد الأطراف أو نظاماً ما أقدم على عمل غير حكيم فيما يتعلق بأمن إيران، فإننا سنتعامل معه بجدية وحزم، وستقطع يد المعتدي بالتأكيد».
وأضاف: «لقد وجد الكيان الصهيوني جدية من إيران في الرد على الإجراءات المعادية للأمن وعلى الاعتداءات». وقال: «لدينا أدبيات واضحة حيال الإجراءات التي يقوم بها الكيان الصهيوني إلى جانب الحكومة الأميركية». وأضاف: «أميركا تتحمل مسؤولية أي تحركات إسرائيلية بدعم أميركي ضد أمن إيران».
وقال كنعاني إن «أميركا في موضع المساءلة إذا أقدم الكيان الصهيوني على أي عمل ضد إيران؛ لأن أميركا حليف وداعم لهذا الكيان»، وقال: «على الكيان الصهيوني أن يفكر في أوضاعه الداخلية المضطربة»، وتابع: «هذا الكيان أضعف من أن يقدم على خطوة عسكرية ضد إيران. لقد ذاقوا طعم ضرباتنا القوية في بعض القضايا الجزئية التي أقدموا فيها على خطوات غير حكيمة»، وفق ما نقلت وكالات حكومية في طهران.
ولطالما عبرت إسرائيل، التي تناصبها إيران العداء، عن استعدادها لضرب أهداف إيرانية في حال فشلت الطرق الدبلوماسية في وقف برامج طهران النووية أو الصاروخية، لكنها لم تعلق على حوادث محددة.
وكانت إيران قد أعلنت، الجمعة الماضي، أن قواتها الأمنية «ألقت القبض على الجناة الرئيسيين» في الهجوم على أصفهان، وقالت وكالة «إرنا» الرسمية: «تم تحديد واعتقال الجناة الرئيسيين في المحاولة الفاشلة لتخريب مركز صناعي تابع لوزارة الدفاع في أصفهان... حتى الآن، ثبت تورط مرتزقة النظام الصهيوني (إسرائيل) في هذا العمل».
وقبل الإعلان كانت إيران قد اتهمت حزب «كومولة» الكردي المعارض بأنه نقل المعدات التي استخدمت في الهجوم.
وفي سياق متصل، قال كنعاني إن طهران تعطي الأولوية لرفع العقوبات في مسار المفاوضات الهادفة إلى إحياء الاتفاق النووي لعام 2015.
وتعثرت المفاوضات في مارس (آذار) العام الماضي، وفشلت آخرة محاولات الوساطة بين طهران وواشنطن وأهمها وساطة الاتحاد الأوروبي في سبتمبر (أيلول) الماضي. وقال مسؤولون أميركيون إن طهران رفضت في سبتمبر مسودة جاهزة للاتفاق.
وسُئل كنعاني عمّا إذا كان الاتصال الهاتفي بين وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، ونظيره العراقي فؤاد حسين، الأحد الماضي، تناول مفاوضات الاتفاق النووي، قبل أن يجري كبير الدبلوماسيين العراقيين مشاورات مع المبعوث الأميركي الخاص بإيران، روب مالي، على هامش زيارته إلى واشنطن.
وقال كنعاني للصحافيين، الاثنين: «نحن نسير على طريق المفاوضات... وما يتعلق بنا قمنا به من منطلق حسن النية. نأمل أن تعمل الأطراف الأخرى، خصوصاً الحكومة الأميركية، على تنفيذ ما يعلنونه؛ أي العودة إلى المفاوضات والاتفاق النووي بحسن النية». وأضاف: «ليست لدينا علاقات مباشرة مع أميركا، لكننا نستخدم كل القدرات الدبلوماسية لتحقيق المصالح الوطنية، خصوصاً في مفاوضات رفع العقوبات».
وعلق كنعاني على سؤال حول الوساطة العراقية لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران، وحول ما إذا كانت الدعوة التي تلقاها عبد اللهيان من وزير الخارجية العراقي لزيارة بغداد، تندرج في هذا السياق، فقال كنعاني: «لقد تم الترحيب بدور الحكومة العراقية في هذا الصدد، وجرت الجولة الخامسة، وفي تكملة للمسار السابق، نحترم الدور العراقي، ونرحب بالدور الإيجابي لحكومة هذا البلد، ونأمل أن نحقق تقدماً في مسار المفاوضات بين إيران والسعودية».
تعليقاً على زيارة روب مالي إلى السعودية، قال: «اطلعنا على الزيارة، ولن نتدخل في العلاقات بين البلدين، لكن فيما يخص القضايا الإقليمية؛ فمن الطبيعي أن نتابعها». وقال: «فيما يخص السياسات الإقليمية الأميركية؛ موقفنا واضح... ليس لديهم دور بناء وموثوق في ثبات استقرار المنطقة»، متهماً واشنطن بمتابعة سياسة «الترهيب من إيران».
وخاطب كنعاني دول المنطقة، قائلاً: «أفضل حل لأمن المنطقة هو التعاون الإقليمي بين الدول. حضور الأجانب في المجال الأمني لن يجلب الاستقرار والطمأنينة». وقال: «يجب أن نعزز الآليات الإقليمية، ونخلق آليات جديدة إذا لزم الأمر»، وأوصى دول المنطقة بألا «ترتكب خطأ في الحسابات، وتضحى بالمقاربات الإقليمية بالتعاون مع أطراف غير إقليمية؛ بما في ذلك أميركا». وتخشى طهران من إجماع دولي على تعديل سلوكها الإقليمي، خصوصاً فيما يخص أنشطة «الحرس الثوري» الإقليمية، أو برنامجه لتطوير الصواريخ الباليستية والمسيّرات، في وقت يواجه فيه الاتفاق النووي أفقاً معتماً.
وانتقد كنعاني وزيرة الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، التي أبلغت نظيرها الأميركي أنتوني بلينكن، الجمعة، بضرورة أن يكون هناك «رد دولي» أقوى على التهديد الذي يشكله برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني.
ووصف كنعاني تصريح الوزيرة الفرنسية بـ«الإسقاطات». وقال: «لن تؤثر على مسار حلحلة القضايا والمشكلات وسوء التفاهم بين إيران والأطراف الأوروبية؛ بالأحرى إثارة القضايا (الجانبية) محاولة لعدم التركيز على القضايا السياسية». وقال: «برنامجنا الصاروخي دفاعي وقائم على الحقوق القانونية والأعراف والمبادئ الدولية».
من جهة أخرى؛ انتقد كنعاني «مؤتمر ميونيخ للأمن» لعدم دعوته مسؤولين إيرانيين للمشاركة.
وقال كنعاني إن «قرار المؤتمر ذا الدوافع السياسية هو سوء تقدير، ويضع معايير خاطئة»، مضيفاً أنه «إذا كان الهدف من المؤتمر هو السلام العالمي والإقليمي، فإن هذه الانتقاءات ليست خاطئة فقط؛ بل تنتهك أيضاً الحياد السياسي للمؤتمر».
في السنوات الأخيرة كان وزراء خارجية إيران ضيوفاً منتظمين في «مؤتمر ميونيخ للأمن».
ولم يُدعَ أي ممثلين رسميين، ودُعي أعضاء المعارضة فقط هذا العام؛ على رأسهم نجل الشاه محمد رضا بهلوي.
وفي الأشهر الأخيرة؛ أدينت طهران مراراً على المستوى الدولي بسبب تصديها العنيف للاحتجاجات المناهضة للنظام والمستمرة منذ نحو 5 أشهر. كما فُرضت عقوبات جديدة على البلاد.
وقال رئيس المؤتمر، كريستوف هويسجن، مؤخراً، إنه ليس هناك من يرغب في منح منتدى لنظام «ينتهك حقوق الإنسان الأساسية بشكل جذري، لكن بالطبع نريد أيضاً أن نمنح أعضاء المعارضة الإيرانية مساحة»، موضحاً أن «المؤتمر الأمني لا يرى نفسه محايداً؛ بل إنه منظمة تؤيد السياسة القائمة على القواعد في هذه الآلية الدولية»، مضيفاً أنه «من المبرر لذلك الخروج عن مبدأ دعوة جميع الدول، وذلك في الحالات القصوى، مثل روسيا وإيران».
وسيعقد أهم اجتماع للخبراء حول السياسة الأمنية خلال الفترة من 17 حتى 19 فبراير (شباط) الحالي في فندق «بايريشر هوف» بمدينة ميونيخ. وستكون هذه أول نسخة من المؤتمر تُعقد منذ بدء الحرب الروسية على أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

ضربات وقائية على طاولة ترمب لمنع إيران من تطوير قنبلة نووية

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)
TT

ضربات وقائية على طاولة ترمب لمنع إيران من تطوير قنبلة نووية

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

يدرس الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، خيارات لمنع إيران من إنتاج سلاح نووي، بما في ذلك إمكانية شن غارات جوية استباقية، مما يشكل خرقاً للسياسة الأميركية القائمة على احتواء طهران بالدبلوماسية والعقوبات.

وأفادت صحيفة «وول ستريت جورنال» إن فريق ترمب الانتقالي يناقش تداعيات ضعف موقف إيران الإقليمي وسقوط نظام الأسد في سوريا، بالإضافة إلى تدمير إسرائيل لميليشيات مثل «حزب الله» و«حماس».

وقال مسؤولون انتقاليون إن ضعف موقف إيران الإقليمي، والكشف عن تقدم الجهود النووية لطهران، قد أديا إلى تفاقم المناقشات الداخلية الحساسة. ومع ذلك، لا تزال جميع المداولات حول هذه القضية في المراحل المبكرة.

تساؤلات حول نوع الضغوط التي قد يمارسها ترمب على نتنياهو (أ.ف.ب)

وقال شخصان مطلعان على محادثاتهما، إن ترمب أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مكالمات هاتفية حديثة، بأنه قلق بشأن اندلاع حرب نووية إيرانية في عهده، مما يشير إلى أنه يبحث عن مقترحات لمنع هذه النتيجة.

ويريد ترمب خططاً تتوقف عن إشعال حرب جديدة، خصوصاً تلك التي يمكن أن تجرَّ الجيش الأميركي، حيث إن الضربات على المنشآت النووية في طهران لديها القدرة على وضع الولايات المتحدة وإيران على مسار تصادم.

وتمتلك إيران ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب وحده لبناء 4 قنابل نووية، مما يجعلها الدولة الوحيدة غير النووية التي تنتج 60 في المائة من المواد الانشطارية التي تقترب من درجة الأسلحة، ولن يستغرق الأمر سوى بضعة أيام لتحويل هذا المخزون إلى وقود نووي صالح للأسلحة.

وقال مسؤولون أميركيون، في وقت سابق، إن الأمر قد يستغرق من إيران أشهراً عدة لنشر سلاح نووي.

وقال أشخاص مطلعون على التخطيط إن الفريق الانتقالي للرئيس المنتخب يبتكر ما يطلق عليها استراتيجية «الضغط الأقصى 2» ضد النظام الإيراني، وهي استكمال لنهجه في فترة ولايته الأولى، الذي ركز على العقوبات الاقتصادية الصارمة.

وهذه المرة، يقوم الرئيس المنتخب ومساعدوه بوضع خطوات عسكرية يمكن أن تكون محوريةً لحملته المناهضة لطهران، وإن كانت لا تزال مقترنةً بعقوبات مالية أكثر صرامة.

قال 4 أشخاص مطلعون على التخطيط إن خيارين ظهرا في المناقشات، بما في ذلك في بعض المحادثات التي جرت مع ترمب.

وأحد المسارات، الذي وصفه شخصان مطلعان على الخطة، يتضمَّن زيادة الضغط العسكري من خلال إرسال مزيد من القوات الأميركية والطائرات الحربية والسفن إلى الشرق الأوسط، ويمكن للولايات المتحدة أيضاً بيع أسلحة متقدمة لإسرائيل، مثل القنابل الخارقة للتحصينات، مما يعزز قوتها الهجومية لإخراج المنشآت النووية الإيرانية عن الخدمة.

والتهديد باستخدام القوة العسكرية، خصوصاً إذا اقترن بالعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة والتي تنجح في شلِّ الاقتصاد الإيراني، قد يقنع طهران بأنه لا يوجد خيار سوى حل الأزمة دبلوماسياً.

عرض عدد من أجهزة الطرد المركزي في طهران خلال اليوم الوطني للطاقة النووية الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

والمسار البديل هو السعي إلى استخدام التهديد باستخدام القوة العسكرية، خصوصاً إذا اقترن بالعقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة؛ لدفع طهران إلى قبول حل دبلوماسي، وهذه هي الاستراتيجية التي استخدمها ترمب مع كوريا الشمالية في ولايته الأولى، على الرغم من تعثر الدبلوماسية في نهاية المطاف.

وليس من الواضح أي خيار سيختاره ترمب، الذي تحدَّث عن تجنب حرب عالمية ثالثة، والتوسط في صفقات مع طهران.

في حين أصرَّ ترمب على أنه يسعى إلى تجنب التصعيد الهائل في الشرق الأوسط، فإنه قال لمجلة «تايم»، في مقابلة نُشرت يوم الخميس، إن هناك فرصةً لأن تخوض الولايات المتحدة حرباً مع إيران، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن طهران خطَّطت لاغتياله، وقال: «أي شيء يمكن أن يحدث. إنه وضع متقلب للغاية».

ولم يقم بعض المسؤولين الجدد في الإدارة بعد بإبداء رأيهم الكامل في هذه القضية، وقد تتغير المقترحات المتعلقة بإيران مع تولي المسؤولين الحكوميين مناصبهم، وتوافر المعلومات السرية، وعقد المناقشات مع الحلفاء الإقليميين مثل إسرائيل.

والأمر الحاسم هو أن ترمب نادراً ما يخوض بعمق في التفاصيل المتعلقة بمسائل السياسة الخارجية حتى يتم تقديم خيارات نهائية له ويجب اتخاذ قرار، كما يقول مسؤولون سابقون في إدارة ترمب.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد إجراء 3 مكالمات مع ترمب، قال نتنياهو إنهما «يتفقان على التهديد الإيراني في جميع مكوناته، والخطر الذي يشكِّله».

وقال مسؤولون سابقون إن ترمب درس فكرة توجيه ضربات استباقية للبرنامج النووي الإيراني نحو نهاية ولايته الأولى، بعد وقت قصير من كشف المفتشين الدوليين عن نمو مخزون إيران من المواد النووية لكن ترمب، الذي كان من بين القادة الذين عارضوا بشدة، لم يعلق على هذا الأمر.

وبعد أن ترك منصبه، نفى منذ ذلك الحين أنه فكَّر في العمل العسكري بجدية، مدعياً أن كبار مساعديه وضعوا خطط حرب ودفعوه إلى تفويض ضربة.

وقال مساعدو ترمب والمقربون منه، الذين يدعمون الخيارات العسكرية لولايته الثانية، إن الفكرة الرئيسية ستكون دعم الضربات الإسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية؛ مثل «فوردو» و«أصفهان»، وربما حتى مشاركة الولايات المتحدة في عملية مشتركة.

ترمب ونتنياهو يتصافحان في «متحف إسرائيل» بالقدس يوم 23 مايو 2017 (أ.ب)

يقول كثير من المسؤولين الإسرائيليين الحاليين والسابقين إن هناك شكوكاً كبيرة حول مدى نجاح إسرائيل في شن هجوم منفرد على المنشآت النووية الإيرانية، وبعضها مدفون عميقاً تحت الأرض.

ومع ذلك، يصرُّ بعض حلفاء ترمب على أن الأشهر الأولى من عودته إلى منصبه تُقدِّم له فرصةً نادرةً لمواجهة البرنامج النووي الإيراني، بينما النظام في وضع ضعيف.

وفكرت إسرائيل لسنوات في مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، لكنها لم تفعل ذلك، جزئياً؛ بسبب الحذر الأميركي ضدها.

وفي عام 2012، حذَّرت إدارة أوباما نتنياهو من شن هجمات، بينما كانت إيران تبني برنامجها النووي قبل الاتفاق النووي لعام 2015. وقالت إدارة بايدن باستمرار إنها تسعى إلى حل دبلوماسي للتقدم النووي الإيراني.

ستكون المناقشات حول ضربة إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية مختلفًة هذه المرة.

وقال غابرييل نورونها، الذي عمل على ملف إيران في وزارة الخارجية خلال إدارة ترمب الأولى: «هناك دعم قوي لإسرائيل لاتخاذ إجراء عسكري كما تراه في مصلحتها، ولا تملك إيران مساحةً كبيرةً قبل أن تصل إلى الخطوط الحمراء لإسرائيل، ولا تزال تبدو عازمة على التصعيد أكثر».

ويقول المسؤولون في فريق ترمب إنهم ينوون فرض العقوبات الحالية وفرض عقوبات جديدة، بما في ذلك إعادة تصنيف الحوثيين المدعومين من طهران في اليمن «منظمةً إرهابيةً أجنبيةً»، ومنع الدول التي تشتري النفط الإيراني من شراء الطاقة الأميركية.

لكن هناك حاجة إلى بذل مزيد من الجهود أكثر من زيادة الضغوط الاقتصادية والمالية؛ لأن إيران «تحاول بنشاط قتل الرئيس ترمب، وهذا يؤثر بالتأكيد في تفكير الجميع عندما يتعلق الأمر بما ستكون عليه العلاقة في المستقبل».

وقدمت إيران للولايات المتحدة تأكيدات بأنها لن تغتال ترمب رداً على أمره الصادر في عام 2020 بقتل الجنرال قاسم سليماني، وهو العمل العسكري الأكثر عدوانية من قبل الولايات المتحدة ضد إيران منذ سنوات.

وأشار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إلى أنه منفتح على المحادثات الدبلوماسية مع إدارة ترمب المقبلة، التي تصرُّ على أنه لا يمكن مواجهة شبكة وكلاء طهران بالكامل ما لم يتم حرمان إيران من الموارد الاقتصادية والعسكرية. وقال مسؤول: «إنها رأس الأخطبوط. لن نحلَّ كل هذه القضايا حيث هي. سنحلها في كيفية تعاملنا مع طهران».

منشأة بوشهر النووية الإيرانية (أ.ف.ب)

ويبدو أن الرئيس الإيراني الجديد يستجيب لرغبة ترمب في إبرام اتفاقات رفيعة المستوى، فقد كتب جواد ظريف، نائب الرئيس الإيراني للشؤون الاستراتيجية، في مجلة «فورين أفيرز»، الأسبوع الماضي: «بزشكيان يأمل في إجراء مفاوضات بشأن الاتفاق النووي... وربما أكثر».

ولكن النهج الدبلوماسي له عيوبه. يقول المسؤولون الإيرانيون إنهم لن يتفاوضوا مع الولايات المتحدة تحت الضغط، وأخبروا المسؤولين الأوروبيين في جنيف، الشهر الماضي، بأنهم لن يتخذوا أي خطوات أحادية الجانب لتقليص برنامجهم النووي.

وفقاً لتقديرات استخباراتية أميركية، صدرت الأسبوع الماضي، تمتلك طهران بالفعل ما يكفي من المواد الانشطارية لإنتاج أكثر من 12 قنبلة نووية، وعلى الرغم من أن إيران لا تبني قنبلة حالياً، فإن التقرير قال إنها مستعدة بشكل أفضل للقيام بذلك بفضل الأبحاث التي أجرتها في الأشهر الأخيرة.

لقد أوضح المسؤولون الإيرانيون، منذ فترة طويلة، أن رد فعلهم على أي ضربة سوف يكون طرد مفتشي الأمم المتحدة، والانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، التي تلزم إيران بوقف برنامجها النووي.

والدولة الوحيدة التي فعلت ذلك هي كوريا الشمالية، التي بدأت في إنتاج الأسلحة النووية سراً، وهو المسار الذي لمَّحت طهران إلى أنها قد تسلكه.