غلاء «الذرة» يفاقم مشكلة الأمن الغذائي في السودان

تجار ومزارعون يتوقعون استمرار ارتفاع الأسعار

TT

غلاء «الذرة» يفاقم مشكلة الأمن الغذائي في السودان

رصدت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) ارتفاعاً كبيراً في أسعار الحبوب (الذرة الرفيعة)، بدءاً من مطلع العام الحالي، وهي التي تشكل غذاء رئيسياً لغالبية السكان في السودان. ويترافق ذلك مع ازدياد المخاوف من تفاقم الأوضاع المعيشية، في ظل مؤشرات الانخفاض الكبير للإنتاج في العام الحالي مقارنة بالمواسم السابقة. ويقول تجار لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع الأسعار «يتكرر للعام الثاني على التوالي، بسبب قلة الإنتاج، وضعف الموسم الزراعي نتيجة لارتفاع تكاليف الزراعة».
وقال التاجر عبد الله آدم، في ولاية الجزيرة بوسط البلاد، إن سعر جوال الذرة البيضاء من نوع «طابت» بلغ 31 ألف جنيه سوداني، (نحو 50 دولاراً)، وهي الأكثر استهلاكاً لأنها تدخل في صناعة رغيف الخبز. ويضيف: «إن سعر الأنواع الأخرى من الذرة مثل (الهجين والفترتيتة) يبلغ 28 ألف جنيه سوداني».
وعلى الرغم من التغيير الكبير في الثقافة الغذائية لدى السودانيين، باتجاه اعتماد رغيف الخبز المصنَّع من القمح في المناطق الحضرية، فلا يزال الملايين في الأرياف يعتمدون بشكل أساسي على الذرة.
ولا يتجاوز الاستهلاك المحلي من الذرة الرفيعة المزروعة محلياً 3 ملايين طن في العام، من جملة الإنتاج الكلي السنوي الذي يقدر بنحو 6 ملايين طن، حسب إحصائيات «بنك السودان المركزي».
ويقول محمد الخليفة، المزارع بمشروع الجزيرة الذي يعد أكبر المشروعات الزراعية المروية في البلاد: «إن إنتاجه من الذرة هذا الموسم في مساحة 5 فدادين؛ بلغ 6 جوالات، لا تغطي نصف تكلفة الزراعة، وهذا يبرر ارتفاع الأسعار»، متوقعاً «ارتفاعها أكثر في الأشهر المقبلة، كما حدث في العام الماضي؛ حيث تجاوز سعر جوال الذرة 50 ألف جنيه».
وعلى الرغم من تذبذب إنتاج الذرة الرفيعة وتراجعه سنوياً في السودان، تلجأ الحكومة لفتح باب تصدير الفائض من المخزون الاستراتيجي، لرفد خزينة الدولة من العملات الأجنبية. وقال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، وفقاً لتقرير «الفاو»، إن أسعار الذرة الرفيعة بدأت في الارتفاع بنسبة 3 إلى 9 في المائة في بعض الأسواق في السودان مطلع العام الحالي، بمعدل الضعفين إلى 3 أضعاف عن الموسم السابق. وذكر التقرير أنه منذ عام 2017، استمر تصاعد ارتفاع أسعار الحبوب في السودان، بسبب الوضع الاقتصادي الكلي الصعب، إلى جانب ارتفاع أسعار الوقود. كما أدى تصاعد عدم الاستقرار السياسي والنزاعات القبلية إلى مزيد من الضغط التصاعدي على الأسعار.
وحسب أحدث تقارير المنظمات الإنسانية، فإن نحو 9.6 مليون شخص في السودان: «يعانون انعدام الأمن الغذائي بدرجة عالية تصل إلى المرحلة الرابعة (الطوارئ)، وهي الأسوأ في التصنيف الأممي للأمن الغذائي».


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

السيسي يؤكد ثوابت الموقف المصري الداعم لوحدة السودان

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يصافح قائد الجيش السوداني الجنرال عبد الفتاح البرهان في القاهرة 18 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يصافح قائد الجيش السوداني الجنرال عبد الفتاح البرهان في القاهرة 18 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

السيسي يؤكد ثوابت الموقف المصري الداعم لوحدة السودان

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يصافح قائد الجيش السوداني الجنرال عبد الفتاح البرهان في القاهرة 18 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يصافح قائد الجيش السوداني الجنرال عبد الفتاح البرهان في القاهرة 18 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الخميس، ثوابت الموقف المصري الداعم لوحدة السودان وسيادته وأمنه واستقراره.

جاء ذلك خلال استقبال السيسي، اليوم، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني، وفق المتحدث باسم الرئاسة محمد الشناوي.

وصرّح المتحدث، في بيان نشرته الرئاسة على صفحتها بموقع «فيسبوك»، بأن «مراسم الاستقبال الرسمية شملت استعراض حرس الشرف وعزف السلامين الوطنيين لمصر والسودان، أعقبها التقاط صورة تذكارية. ثم عقدت جلسة مباحثات موسعة بمشاركة وفدي البلدين، تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية، بما يجسد تطلعات الشعبين الشقيقين نحو تحقيق التكامل والتنمية المتبادلة. واختتمت المراسم بمأدبة غداء أقيمت على شرف ضيف مصر الكريم»، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الألمانية».

وأشار المتحدث إلى أن المحادثات تطرقت كذلك إلى مستجدات الأوضاع الميدانية في السودان، حيث أكد السيسي دعم مصر الكامل للشعب السوداني في مساعيه لتجاوز المرحلة الدقيقة الراهنة، كما تم استعراض الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لاستعادة السلام والاستقرار. وشدد الرئيس المصري على استعداد بلاده لبذل كل جهد ممكن في هذا السياق.

كما اتفق الجانبان على أهمية تكثيف المساعي الرامية إلى تقديم الدعم والمساندة للشعب السوداني في ظل الظروف الإنسانية القاسية التي يواجهها جراء النزاع الدائر، مع التشديد على ضرورة وقف الجرائم التي ترتكب بحق الشعب السوداني الشقيق ومحاسبة المسؤولين عنها.

ومن جانبه، أعرب رئيس مجلس السيادة الانتقالي عن تقديره لمساندة مصر المتواصلة للسودان ولمساعيه لإنهاء الأزمة الراهنة، مؤكداً أن ذلك يعكس عمق العلاقات الأخوية بين البلدين.

وذكر المتحدث أن اللقاء تناول أيضاً الأوضاع الإقليمية في منطقة حوض النيل وفي منطقة القرن الأفريقي، حيث تم التأكيد على تطابق رؤى البلدين بشأن الأولويات المرتبطة بالأمن القومي، وحرصهما على مواصلة التنسيق والعمل المشترك لحماية الأمن المائي، ورفض الإجراءات الأحادية في حوض النيل الأزرق، مع التشديد على ضرورة احترام قواعد القانون الدولي بما يحقق المصالح المشتركة لدول الحوض.


«الوحدة» الليبية لمواجهة «غسل الأموال وتمويل الإرهاب»

الدبيبة مجتمعاً في مكتبه بطرابلس مع محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى (مكتب الدبيبة)
الدبيبة مجتمعاً في مكتبه بطرابلس مع محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى (مكتب الدبيبة)
TT

«الوحدة» الليبية لمواجهة «غسل الأموال وتمويل الإرهاب»

الدبيبة مجتمعاً في مكتبه بطرابلس مع محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى (مكتب الدبيبة)
الدبيبة مجتمعاً في مكتبه بطرابلس مع محافظ مصرف ليبيا المركزي ناجي عيسى (مكتب الدبيبة)

وجّه عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» الليبية المؤقتة، بضرورة التصدي لعمليات «غسل الأموال وتمويل الإرهاب»، بالإضافة إلى «سرعة العمل على حل أزمة نقص السيولة في المصارف».

وكان الدبيبة قد اجتمع مع محافظ مصرف ليبيا المركزي، ناجي عيسى، لبحث ومتابعة الأوضاع المالية و«الجهود المبذولة لضمان توفير السيولة النقدية، وتحسين مستوى الخدمات المصرفية».

ويأتي هذا اللقاء في وقت تعاني فيه ليبيا حالياً من نقص السيولة، وهو ما يرغم المواطنين على الانتظار في صفوف طويلة أمام المصارف، وسط حالة من الغضب الشعبي، والاتهام بـ«وجود تلاعب في آليات التوزيع والسحب لصالح تجار العملة بالسوق الموازية».

محافظ مصرف ليبيا المركزي، ناجي عيسى (متداولة)

وعلى خلفية هذه الأزمة، قال المكتب الإعلامي للدبيبة إن اجتماعه مع عيسى تناول التنسيق مع وزارة الاقتصاد والتجارة حول «فتح الاعتمادات»، بما يسهم في دعم الاستقرار الاقتصادي، وتلبية احتياجات السوق، والحد من المضاربة في السوق الموازية، وتهريب العملة إلى الخارج، وتشديد إجراءات وضوابط غسل الأموال، وتمويل الإرهاب.

وأكد الدبيبة خلال الاجتماع «دعمه الكامل» لجهود مصرف ليبيا المركزي في التغلب على الصعوبات، مشدداً على أهمية الاستمرار في العمل ببرنامج «راتبك لحظي»، ليس فقط لتيسير حصول المواطنين على مرتباتهم دون تأخير، بل للحد أيضاً من الهدر في الباب الأول، مع التأكيد على إلزام جميع القطاعات بتطبيقه.

من جانبه، أكد المحافظ التزام المصرف «بحل إشكالية السيولة، واتخاذ الإجراءات اللازمة، بما يضمن انتظامها، وتحسين الخدمات المصرفية المقدمة للمواطنين».

في السياق ذاته، بحث محمد الحويج، وزير الاقتصاد والتجارة بحكومة «الوحدة»، مع عدد من مسؤولي الوزارة إعداد السياسة التجارية للدولة لعام 2026، بهدف تعزيز الاستقرار الاقتصادي والحفاظ على سعر الصرف الرسمي. وقالت الوزارة، الخميس، إن الاجتماع ناقش الإطار العام للسياسة وآليات تنفيذها، وتم استعراض الموازنة الاستيرادية الاسترشادية لتنظيم الواردات، وخطة تعقيم الإنفاق العام لمعالجة الاختلالات النقدية، والحد من التضخم، مع مراعاة الالتزام بمكافحة غسل الأموال، ومتطلبات مجموعة العمل المالي.

وأكد الحويج أن السياسة التجارية تهدف إلى حماية القوة الشرائية للمواطن، ودعم الإنتاج المحلي، وتهيئة بيئة اقتصادية محفزة لخلق فرص عمل، مع ضبط الاستيراد وفق معايير واضحة، توازن بين السوق وحماية المستهلك.

أسامة حماد رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان (متداولة)

وسبق أن ألقت أزمة نقص السيولة بظلالها على لقاء المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، مع أسامة حماد، رئيس الحكومة المكلفة من البرلمان قبل يومين، لبحث معرفة الأسباب الحقيقية وراء أزمتي نقص السيولة والوقود، ووضع حل عاجل لهما لضمان حماية مصالح المواطنين.

في سياق ذلك، أصدر حماد قراراً بشأن تشكيل لجنة مختصة لمعالجة أزمة السيولة النقدية والتدفقات المالية داخل المصارف. ونصّ القرار - حسب الحكومة - على تشكيل لجنة برئاسة اللواء فرج أقعيم، وكيل وزارة الداخلية، وعضوية كل من جهاز الأمن الداخلي، وجهاز المخابرات العامة، ومصرف ليبيا المركزي، وجهاز مكافحة الجرائم المالية وغسل الأموال، إضافة إلى جهاز أمن المرافق والمنشآت، ومجلس الوزراء بالحكومة الليبية.

الدبيبة مجتمعاً بوفد من مكون أمازيغ ليبيا (مكتب الدبيبة)

في شأن يتعلق بالمشاريع التي تجريها حكومة «الوحدة» في ليبيا، وجّه الدبيبة بتعزيز «التنمية المكانية» في مناطق الأمازيغ. كما استقبل الدبيبة في مكتبه، مساء الأربعاء، وفداً من أبناء المكون الأمازيغي، بحضور المستشار المالي لرئيس الوزراء ووزير المواصلات محمد الشهوبي. وخصص الاجتماع لمناقشة دعم الحكومة للمكون الأمازيغي، وسبل تطوير المشاريع القائمة في مناطق الأمازيغ، وأهمية النهوض بمدنهم، بما يواكب الخطط الاستراتيجية الوطنية، إضافة إلى بحث التحديات المرتبطة بملف الهجرة المارة بمناطق الجبل.

ونقل مكتب الدبيبة أن الوفد أكد أن «المكونات الأمازيغية تدعم حكومة «الوحدة» الوطنية ومواقفها، ومشاركتهم الفاعلة في دفع عجلة التنمية، وتحقيق النهضة في المناطق التابعة لهم»، مؤكدين حرصهم على «التعاون المستمر لتذليل الصعوبات، وتحقيق الأهداف التنموية المشتركة».

الدبيبة ووفد من مكون الأمازيغ في ليبيا (مكتب الدبيبة)

كما استعرض الاجتماع المشاريع القائمة ونسب الإنجاز فيها، إضافة إلى مناقشة الاحتياجات الأساسية للمناطق الأمازيغية في مجالات البنية التحتية والتعليم والصحة والكهرباء، بما يضمن تحسين مستوى الخدمات المقدمة للسكان، وتعزيز الاستقرار الاجتماعي والتنمية المستدامة.

ووجّه الدبيبة بضرورة الوقوف على احتياجات المدن والمناطق الأمازيغية، و«وضع حلول فورية لأي عراقيل تواجه تنفيذ المشاريع»، مع التأكيد على الاستمرار في استكمال جميع المشاريع التنموية، بما يحقق الفائدة المباشرة للمواطنين، ويرفع مستوى الخدمات العامة.


كيف انعكست زيادة معدلات الفقر على حياة المصريين؟

«سوق اليوم الواحد» في أحد الأحياء المصرية  (وزارة التموين والتجارة الداخلية)
«سوق اليوم الواحد» في أحد الأحياء المصرية (وزارة التموين والتجارة الداخلية)
TT

كيف انعكست زيادة معدلات الفقر على حياة المصريين؟

«سوق اليوم الواحد» في أحد الأحياء المصرية  (وزارة التموين والتجارة الداخلية)
«سوق اليوم الواحد» في أحد الأحياء المصرية (وزارة التموين والتجارة الداخلية)

عجز المصري الأربعيني سامي محمود (اسم مستعار)، الذي يعمل في مجال الكتابة والنشر، عن إلحاق طفلتيه بمدارس خاصة في مصر رغم ادخاره لذلك؛ بفعل ارتفاع تكلفة المعيشة، ما اضطره لإلحاقهما بمدارس حكومية، وخاصة أن لديه 3 أبناء آخرين في مراحل مختلفة.

والتعليم ليس وحده الذي تأثر داخل الأسرة. يقول محمود لـ«الشرق الأوسط» إن «نوعية الطعام الذي نأكله تغيرت... هناك أكلات لم نعد نراها إلا في المناسبات مثل اللحوم الحمراء، وأخرى نشتريها للأطفال فقط مثل منتجات الألبان، كل ذلك وأنا أعمل في 3 أعمال، وزوجتي اضطرت للعمل بعدما كانت ربة منزل».

وأقر رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، الأربعاء، بارتفاع معدل المصريين تحت خط الفقر خلال العامين الماضيين، وعدّه «ارتفاعاً قليلاً عما كان عليه في آخر إحصائية، وبلغ نحو 30 في المائة، وذلك بسبب التغيرات الاقتصادية»، مؤكداً أن الحكومة تسعى إلى تخفيف معاناة المواطن عبر مسارَي «زيادة الرواتب وخفض الأسعار».

وتوقع مدبولي أن يشعر المواطن بعوائد الخيارات الاقتصادية «الصعبة»، ووعد بـ«نقلة نوعية» خلال عامين، وذلك خلال مؤتمر صحافي، مساء الأربعاء، استعرض خلاله خطط الحكومة لزيادة الصادرات وتشجيع الاستثمار.

ووفق بحث «الدخل والإنفاق» الصادر عن جهاز «التعبئة والإحصاء» في سبتمبر (أيلول) 2020 عن عام 2019-2020، فإن «نسبة الفقر بلغت 29.7 في المائة مع وضع مبلغ 857 جنيهاً شهرياً و10279 جنيهاً سنوياً خطاً للفقر، في حين بلغ حد الفقر المدقع 550 جنيهاً شهرياً والسنوي 6604 جنيهات على أساس سعر الصرف حينها 16 جنيهاً لكل دولار» (الدولار يساوي 47.6 جنيه في البنوك المصرية حالياً).

زيادة نسبة المصريين تحت خط الفقر وفق تصريحات رئيس الوزراء المصري (الشرق الأوسط)

وارتفع دخل الستيني أحمد محمد (بالمعاش) إلى 5 آلاف جنيه مع الزيادات المستمرة، بعدما كان يحصل على 1800 جنيه فقط عند تقاعده عام 2019. ورغم تضاعف دخله، وقلة أوجه إنفاقه؛ إذ يعيش مع زوجته في منزل ملكه، ويحصل على علاجه من «التأمين الصحي» بمبلغ زهيد، فإنه يشكو «صعوبة المعيشة مع ارتفاع الأسعار المستمر»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «الـ5 آلاف لا تكفي لشراء ما كنا نشتريه قبل سنوات. اللحوم اقتصر تناولها على 3 أيام في الأسبوع بكميات أقل، والفاكهة أصبح من النادر شراؤها»، مشيراً إلى أن «مساعدة نجلهم (يعمل خارج البلاد) تجعلهم يستطيعون (تكملة الشهر)».

وتشهد مصر أزمة اقتصادية منذ سنوات، تنعكس في موجات من ارتفاع الأسعار، كان آخرها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، عقب رفع سعر المحروقات بنسبة تصل إلى 25 في المائة.

وانعكس ارتفاع تكلفة المعيشة على كثير من الأسر التي هبطت في السلم الاجتماعي، فلجأت أسر لنقل أبنائها من مدارس دولية إلى خاصة، وآخرون نقلوا أبناءهم من مدارس خاصة إلى حكومية، واختار البعض أن يستغنوا عن سياراتهم واستخدموا وسائل مواصلات عامة، بخلاف الخيار الأبرز للغالبية بتقليص الرفاهيات.

يأتي ذلك في وقت يثار الجدل في مصر حول قيمة الحد الأدنى للأجور البالغ 7 آلاف جنيه (نحو 150 دولاراً)، باعتباره لا يكفي للوفاء بالاحتياجات الأساسية للأسر، وسط مطالب برفعه إلى 15 ألف جنيه. ويبلغ خط الفقر العالمي حالياً وفق البنك الدولي 3 دولارات يومياً؛ أي 90 دولاراً شهرياً للفرد، في حين يعد الدخل المعادل لـ150 دولاراً شهرياً في مصر مصدراً لإنفاق أسرة تتكون من 3 أو 4 أشخاص في المتوسط.

شوادر لبيع اللحوم المنخفضة السعر للمصريين (الشرق الأوسط)

الباحث الاقتصادي المتخصص في أسواق المال، محمود جمال سعيد، اعتبر حديث رئيس الوزراء عن زيادة معدلات الفقر «خطوة مهمة وواقعية» تعكس إدراكاً رسمياً لحجم التحديات التي واجهها المواطنون خلال السنوات الأخيرة، وتفتح المجال أمام سياسات أكثر تركيزاً على تحسين مستوى المعيشة، وتمنح الخطاب الاقتصادي قدراً من المصداقية.

وسبق أن انتقد عديد من المراقبين عدم تحديث نسب الفقر في مصر، مع توقعات زيادتها بفعل جائحة «كورونا» والحرب الروسية - الأوكرانية وتأثيراتها على الاقتصاد، وتراجع الدعم. ووجّه عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، فريدي البياضي، سؤالاً عاجلاً للحكومة حول ذلك في أغسطس (آب) الماضي.

وأضاف سعيد لـ«الشرق الأوسط» أن التغيرات الاقتصادية أثرت بشكل مباشر على حياة المصريين؛ إذ ارتفعت أسعار الغذاء والسكن والنقل بشكل ملحوظ، ما ضغط على ميزانيات الأسر وأضعف قدرتها الشرائية. وبلغت نسبة التضخم في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي 12.3 في المائة مقارنة بـ12.5 في المائة في أكتوبر الماضي.

مواطنون أثناء سيرهم على أحد الكباري المطلة على النيل بالقاهرة (الشرق الأوسط)

أيضاً تأثرت العشرينية أمل محمد بارتفاعات الأسعار المستمرة، والتي تحرمها من استقلال وسائل مواصلات خاصة مثل «أوبر»، أو شراء وجبة في جامعتها من مصروفها اليومي البالغ 100 جنيه، رغم أن المبلغ نفسه كان يمكّنها من ذلك قبل أعوام. وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنها فكرت في العمل إلى جانب دراستها للغة الفرنسية، حتى تستطيع شراء ما تحتاجه دون أن تحمّل عبأه لأسرتها.

ويرى الباحث الاقتصادي المتخصص في أسواق المال أن تحقيق طفرة يشعر بها المواطنون خلال الأعوام المقبلة، أمر مرتبط بـ«مدى جدية السياسات المعلنة، مثل خطط إعادة هيكلة الدين وتوسيع الحماية الاجتماعية»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن بعض القطاعات في مصر تشهد نمواً قوياً حالياً مثل «السياحة والاتصالات والوساطة المالية».

وغداة تصريحات مدبولي في المؤتمر الصحافي عن التحسن المرتقب في مستوى معيشة المواطنين، أكد الأمر نفسه في مقال عبر صفحة «الوزراء»، قائلاً إن «المعيار الحقيقي لنجاح السياسات الاقتصادية لن يكون في مجرد تراجع الأرقام، بل في قدرتها على الانعكاس على حياة المواطنين، من خلال اقتصاد أكثر قدرة على خلق فرص العمل، وتحسين جودة الخدمات، وتعزيز العدالة في توزيع أعباء التحول».