«الأسطورة»... ذاكرة مصر خلال 6 عقود

معرض يضم 140 صورة من أرشيف الفنان الراحل فاروق إبراهيم

فاروق إبراهيم مع عبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب (كريم فاروق إبراهيم و«أسبوع الصورة»)
فاروق إبراهيم مع عبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب (كريم فاروق إبراهيم و«أسبوع الصورة»)
TT

«الأسطورة»... ذاكرة مصر خلال 6 عقود

فاروق إبراهيم مع عبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب (كريم فاروق إبراهيم و«أسبوع الصورة»)
فاروق إبراهيم مع عبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب (كريم فاروق إبراهيم و«أسبوع الصورة»)

لا تكمن أهمية معرض «الأسطورة» المقام حالياً في إطار فعاليات «أسبوع القاهرة للصورة» بالعاصمة المصرية في أنه فتح أرشيف المصور المصري الراحل فاروق إبراهيم الخاص بالمشاهير؛ لكن لأنه نقب في ذاكرة مصر السياسية والاجتماعية والفنية على مدى 6 عقود من خلال ما يضمه من صور نادرة.
داخل المعرض الذي يحتضنه غاليري «أكسيس» بوسط القاهرة برعاية السفارة الأميركية، يُمكن للمتلقي أن يشاهد نحو 140 صورة منتقاة من أرشيف فاروق إبراهيم الكبير، التي تم اختيارها بعناية لتقيم خطاً زمنياً مُصوراً يمتد ما بين عام 1952 وحتى 2011. فضلاً عن ارتفاع قيمتها من الناحية الفنية وتمتعها بـ«أصول الحرفة»، وهو شعار الأسبوع في نسخته الحالية.

نزار قباني بعدسته

والزائر للمعرض يتوقف طويلاً أمام ما تحمله الصور من زخم إنساني حقيقي عبر ما تعيده إلى الأذهان من ذكريات غالية وشخصيات لا تُنسى، كما أنه كان وراء كل صورة قصة وكواليس وأسرار.
ظلت فكرة المعرض تدور في ذهن الابن كريم منذ أن توفى والده في عام 2011 إلى أن تأكد أنه بات مؤهلا ًوقادراً من الناحية الفنية على فتح أرشيف والده. ويقول كريم فاروق إبراهيم لـ«الشرق الأوسط»: «بعد تعمقي في الدراسة والعمل، اكتسبت المهارات الصحافية، التي تؤهلني لاستكشاف تاريخ والدي من خلال أرشيفه؛ ففتحته في مارس (آذار) الماضي، لأجد نفسي أمام عدد هائل من الصور في كل المجالات، ومع أشهر الشخصيات في مصر والمنطقة العربية والعالم، ثم التقيت مروة أبو ليلة مديرة (فوتوبيا) وتحدثنا حول إقامة معرض ضمن نشاطات (أسبوع القاهرة للصورة)، الذي تقيمه المؤسسة».

أم كلثوم في بيتها (كريم فاروق إبراهيم و«أسبوع الصورة»)

وأضاف كريم: «على المستوى الشخصي أستمتع كثيراً بالأرشيف؛ إذ أجده فرصة لأعيش مع ذكريات والدي، وأصاحبه في لقاءاته مع النجوم والرؤساء والملوك، وأنبهر بنظراتهم إليه المليئة بالحب والتقدير»، وفق تعبيره. وتابع: «كان والدي دوماً موجوداً في المكان المناسب في الوقت المناسب، ويفرض حضوره بقوة تأثيره، ورؤيته كشاهد على الأحداث في مصر»، مضيفاً: «نجح والدي أن يحقق حلمه بالتوثيق لكل ما تمر به البلاد عبر عدسته، وأن يؤرخ للحظات حاسمة وأخرى شديدة الخصوصية في حياة شخصيات عالمية ومشاهير السياسة والفن بكاميرته، محتفظاً على الدوام بحسه المرح وجرأته التي ظهرت على جميع من وقف أمام عدسته».
إلى هذا شعر الابن بالتحدي أمام كل هذا الزخم الفني والتوثيقي عند اختيار الصور، التي يضمها المعرض؛ لكن استقر وفريق العمل المسؤول عن تنظيمه على أن يكون الانحياز للناس وإبراز دور فاروق في صناعة الصورة في مقدمة معايير الاختيار. ويقول: «انصب اهتمامي بالفكرة التي توصلنا إلى أثره في الصور، وقدرته على صنع أعمال جميلة وباحترافية عالية، بصرف النظر عن طبيعة الحدث أو الشخصية الموجودة بها».

كريم فاروق إبراهيم في المعرض (كريم فاروق إبراهيم و«أسبوع الصورة»)

ويتميز المعرض المستمر حتى 18 الشهر الحالي بالتنوع وبالرؤية لانتقاء الصور وتنسيقها داخله، فينتقل الزائر ما بين 3 أقسام رئيسية، عن طريقها يتعرف على كيفية تفاعل فاروق إبراهيم مع الأحداث والشخصيات، وأسلوبه الخاص في تناولها عبر عدسته، وفيها تتداخل السياسة مع الفن مع الأبعاد الاجتماعية، كما يلتقي بمجموعة شيقة من القصص المصورة التي تضمها أعداد من مجلات احتضنت صوره عبر تاريخه، ويحمل القسم الأخير بعداً تعليمياً تثقيفياً؛ إذ يضم مجموعة من الصور تبرز قواعد التصوير وحرفيته.
من أطرف الصور، هي صورته وهو يقفز في الهواء، والمجموعة الخاصة باللاعب محمد علي كلاي، حين زار مصر واصطحبه الفنان إلى الصحراء وصوره بعد أن ضل طريقه فيها، وجاء أحد البدو لينقذه.
ولنجوم الفن والثقافة مكانة خاصة في مشوار فاروق إبراهيم ومساحة كبيرة في المعرض، فقد كان المصور المفضل والملازم لعدد منهم في مصر وعند السفر في الخارج، فيشاهد الزائر صوراً نادرة لكوكب الشرق أم كلثوم في منزلها، وغرفتها وهي تستعد للخروج، وكذلك الفنانة نجاة، وهي تمسك بحمامة قبل تناول الإفطار، وهند رستم مع كلابها، ونادية لطفي في منطقة الأهرامات، وفاتن حمامة بأناقتها، ونزار قباني في إحدى رحلاته، ونجيب محفوظ في المقهى، أما العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، فقد كان إبراهيم صديقاً مقرباً له وعاش معه أدق أسراره، فضلاً عن صور لبعض الفنانين في كواليس أعمالهم، مثل صورة تحية كاريوكا في «أم العروسة»، وغير ذلك.

عبد الحليم في باريس  (كريم فاروق إبراهيم و«أسبوع الصورة»)   -  نادية لطفي بعدسته في منطقة الأهرامات (كريم فاروق إبراهيم و«أسبوع الصورة»)

مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

«من القلب إلى اليدين»... معرض يطير من ميلانو إلى باريس

حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
TT

«من القلب إلى اليدين»... معرض يطير من ميلانو إلى باريس

حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)

للمرّة الأولى، تجتمع في باريس، وفي مكان واحد، 200 قطعة من تصاميم الإيطاليَيْن دومنيكو دولتشي وستيفانو غبانا، الشريكَيْن اللذين نالت أزياؤهما إعجاباً عالمياً لعقود. إنه معرض «من القلب إلى اليدين» الذي يستضيفه القصر الكبير من 10 يناير (كانون الثاني) حتى نهاية مارس (آذار) 2025.

تطريز فوق تطريز (إعلانات المعرض)

وإذا كانت الموضة الإيطالية، وتلك التي تنتجها ميلانو بالتحديد، لا تحتاج إلى شهادة، فإنّ هذا المعرض يقدّم للزوار المحطّات التي سلكتها المسيرة الجمالية والإبداعية لهذين الخيّاطَيْن الموهوبَيْن اللذين جمعا اسميهما تحت توقيع واحد. ونظراً إلى ضخامته، خصَّص القصر الكبير للمعرض 10 صالات فسيحة على مساحة 1200 متر مربّع. وهو ليس مجرّد استعراض لفساتين سبقت رؤيتها على المنصات في مواسم عروض الأزياء الراقية، وإنما وقفة عند الثقافة الإيطالية واسترجاع لتاريخ الموضة في ذلك البلد، وللعناصر التي غذّت مخيّلة دولتشي وغبانا، مثل الفنون التشكيلية والموسيقى والسينما والمسرح والأوبرا والباليه والعمارة والحرف الشعبية والتقاليد المحلّية الفولكلورية. هذه كلّها رفدت إبداع الثنائي ومعها تلك البصمة الخاصة المُسمّاة «الدولتشي فيتا»، أي العيشة الناعمة الرخية. ويمكن القول إنّ المعرض هو رسالة حبّ إلى الثقافة الإيطالية مكتوبة بالخيط والإبرة.

للحفلات الخاصة (إعلانات المعرض)

عروس ميلانو (إعلانات المعرض)

هذا المعرض الذي بدأ مسيرته من مدينة ميلانو الساحرة، يقدّم، أيضاً، أعمالاً غير معروضة لعدد من التشكيليين الإيطاليين المعاصرين، في حوار صامت بين الفنّ والموضة، أي بين خامة اللوحة وخامة القماش. إنها دعوة للجمهور لاقتحام عالم من الجمال والألوان، والمُشاركة في اكتشاف المنابع التي استمدَّ منها المصمّمان أفكارهما. دعوةٌ تتبع مراحل عملية خروج الزيّ إلى منصات العرض؛ ومنها إلى أجساد الأنيقات، من لحظة اختيار القماش، حتى تفصيله وتزيينه بالتطريزات وباقي اللمسات الأخيرة. كما أنها مغامرة تسمح للزائر بالغوص في تفاصيل المهارات الإيطالية في الخياطة؛ تلك التجربة التي تراكمت جيلاً بعد جيل، وشكَّلت خزيناً يسند كل إبداع جديد. هذه هي باختصار قيمة «فيتو آمانو»، التي تعني مصنوعاً باليد.

دنيا من بياض (إعلانات المعرض)

رسمت تفاصيل المعرض مؤرّخة الموضة فلورنس مولر. فقد رأت في الثنائي رمزاً للثقافة الإيطالية. بدأت علاقة الصديقين دولتشي وغبانا في ثمانينات القرن الماضي. الأول من صقلية والثاني من ميلانو. شابان طموحان يعملان معاً لحساب المصمّم كوريجياري، إذ شمل دولتشي صديقه غبانا برعايته وعلّمه كيف يرسم التصاميم، وكذلك مبادئ مهنة صناعة الأزياء وخفاياها؛ إذ وُلد دولتشي في حضن الأقمشة والمقصات والخيوط، وكان أبوه خياطاً وأمه تبيع الأقمشة. وهو قد تكمَّن من خياطة أول قطعة له في السادسة من العمر. أما غبانا، ابن ميلانو، فلم يهتم بالأزياء إلا في سنّ المراهقة. وقد اعتاد القول إنّ فساتين الدمى هي التي علّمته كل ما تجب معرفته عن الموضة.

الخلفية الذهبية تسحر العين (إعلانات المعرض)

الأحمر الملوكي (إعلانات المعرض)

عام 1983، ولدت العلامة التجارية «دولتشي وغبانا»؛ وقد كانت في البداية مكتباً للاستشارات في شؤون تصميم الثياب. ثم قدَّم الثنائي أول مجموعة لهما من الأزياء في ربيع 1986 بعنوان «هندسة». ومثل كل بداية، فإنهما كانا شبه مفلسين، جمعا القماش من هنا وهناك وجاءا بعارضات من الصديقات اللواتي استخدمن حليهنّ الخاصة على منصة العرض. أما ستارة المسرح، فكانت شرشفاً من شقة دولتشي. ومع حلول الشتاء، قدَّما مجموعتهما التالية بعنوان «امرأة حقيقية»، فشكَّلت منعطفاً في مسيرة الدار. لقد أثارت إعجاب المستثمرين ونقاد الموضة. كانت ثياباً تستلهم الثقافة الإيطالية بشكل واضح، وكذلك تأثُّر المصمّمين بالسينما، لا سيما فيلم «الفهد» للمخرج لوتشينو فيسكونتي. كما أثارت مخيّلة الثنائي نجمات الشاشة يومذاك، مثيلات صوفيا لورين وكلوديا كاردينالي. وكان من الخامات المفضّلة لهما الحرير والدانتيل. وهو اختيار لم يتغيّر خلال السنوات الـ40 الماضية. والهدف أزياء تجمع بين الفخامة والحسّية، وأيضاً الدعابة والجرأة والمبالغة.

جمال الأزهار المطرَّزة (إعلانات المعرض)

اجتمعت هذه القطع للمرّة الأولى في قصر «بالازو ريالي» في ميلانو. ومن هناك تنتقل إلى باريس لتُعرض في واحد من أبهى قصورها التاريخية. إنه القصر الكبير الواقع على بُعد خطوات من «الشانزليزيه»، المُشيَّد عام 1897 ليستقبل المعرض الكوني لعام 1900. وعلى مدى أكثر من 100 عام، أدّى هذا القصر دوره في استضافة الأحداث الفنية الكبرى التي تُتقن العاصمة الفرنسية تقديمها.