حارم «المنكوبة» تفقد عائلات بأكملها

«الشرق الأوسط» ترصد عمليات إنقاذ الناجين شمال غربي سوريا

مسعفون ورجال إنقاذ في موقع مبنى تهدم جراء الزلزال في حارم بريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
مسعفون ورجال إنقاذ في موقع مبنى تهدم جراء الزلزال في حارم بريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

حارم «المنكوبة» تفقد عائلات بأكملها

مسعفون ورجال إنقاذ في موقع مبنى تهدم جراء الزلزال في حارم بريف إدلب أمس (أ.ف.ب)
مسعفون ورجال إنقاذ في موقع مبنى تهدم جراء الزلزال في حارم بريف إدلب أمس (أ.ف.ب)

أفادت بيانات أعلنتها جهات محلية وإنسانية في شمال غربي سوريا بأن عدد ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب المنطقة فجر الاثنين وكان مركزه كهرمان مراش جنوب تركيا، ارتفع في شكل كبير أمس، فيما واصل عمال الإنقاذ ومتطوعون مدنيون البحث بلا هوادة عن ناجين محتملين محاصرين تحت الأنقاض في المدن السورية التي تأثرت بقوة الزلزال لا سيما بريفي إدلب وحلب.
ورصدت «الشرق الأوسط» خلال جولة في بلدة حارم القريبة من الحدود التركية والتي أعلنتها الجهات المحلية، الاثنين، «منطقة منكوبة» بعدما دُمرت فيها عشرات الأبنية، عشرات الآليات الثقيلة وعمال الإنقاذ، وعلى رأسهم فرق الدفاع المدني السوري ومتطوعون مدنيون، يعملون على مدار الساعة في البحث عن ناجين وانتشال الجثث بين أنقاض 3 أحياء كاملة مدمرة في البلدة، فيما تقوم سيارات الإسعاف بنقل الجرحى إلى مشافي باب الهوى على الحدود التركية ومشافي أخرى في إدلب. ويخشى متطوعون أن تكون «عائلات بأكملها أبيدت» بعدما انهارت عليهم منازلهم وهم نيام فجر الاثنين.
وقال أبو أحمد (55 عاماً)، وهو نازح من بلدة سراقب ويقيم في حارم، وقد بدا على وجهه التعب والإنهاك تغطيه طبقة من الغبار: «شكراً لله على نجاتي ونجاة عائلتي من الزلزال المدمر». وقد سخَّر نفسه وأولاده (أحمد ومحمود وجميل)، منذ اللحظات الأولى لوقوع الزلزال، في العمل دون توقف بالبحث عن ناجين تحت أنقاض 12 مبنى تضم نحو 40 شقة سكنية، كلها انهارت على رؤوس أصحابها عند مدخل حارم من الجهة الشرقية.

يضيف أنه منذ وقوع الزلزال لم يعرف هو وأولاده النوم، ويشعر في أعماق قلبه بحزن كبير بعد مشاركته متطوعين آخرين في انتشال عشرات الجثث من تحت الأنقاض، جلهم أطفال ونساء.
أما أحمد (23 عاماً)، وهو طالب جامعي في مدينة إدلب، فقد هرع مع مجموعة من رفاقه الطلاب من مدينة إدلب ضمن فريق واحد وانضموا إلى فرق الإنقاذ الأخرى، التي تصل الليل بالنهار بحثاً عن ناجين في الأحياء المدمرة في حارم.
قال أحمد: «نظراً لعدم قدرة فرق الدفاع المدني وعدد آلياتها المحدود، الذي لا يغطي الأعداد الكبيرة من المباني المدمرة جراء الزلزال، بادرنا بالعمل متطوعين في عمليات الإنقاذ، بأدوات بسيطة ومعاول، وقد عثرنا قبل ساعات على عائلة تحت الأنقاض ما زالوا أحياء. كما انتشلت الفرق في الوقت ذاته عشرات الجثث لأطفال ونساء من تحت الأنقاض».
وأشارت منظمة الدفاع المدني «الخوذ البيضاء»، في بيان الأربعاء، إلى «ارتفاع حصيلة ضحايا الزلزال في شمال غربي سوريا حتى منتصف ليلة الثلاثاء - الأربعاء، لأكثر من 1540 حالة وفاة وأكثر من 2750 مصاباً، وإن العدد مرشح للارتفاع بشكل كبير بسبب وجود مئات العوائل تحت الأنقاض، فيما تواصل فرقها عمليات الإنقاذ والبحث عن ناجين وسط ظروف صعبة. في حين ارتفع عدد الأبنية المنهارة بشكل كلي لأكثر من 400 بناء، والأبنية المنهارة بشكل جزئي لأكثر من 1300 بناء، وتصدعت آلاف الأبنية الأخرى، ضمن مناطق سرمدا وحارم وسلقين وترمانين وبسنيا وعزمارين وكفر تخاريم وأتارب بريف إدلب، وبلدات جنديرس والباب وأعزاز وعفرين بريف حلب».
وشمال غربي حلب، ناشد المجلس المحلي في جنديرس المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي، إنقاذ الضحايا العالقين تحت أنقاض المنازل المدمرة ومئات العائلات المشردة، فيما لا تزال فرق الإنقاذ تواصل أعمال البحث عن ناجين وانتشال الجثث من تحت الأنقاض بصورة ضعيفة، نظراً لحجم الأضرار الهائل، التي خلفها الزلزال، حيث بلغ عدد الوفيات حتى الآن 580 وفاة، بينما العدد الكلي للأبنية المهدمة في جنديرس بلغ نحو 220 بناء، وعشرات المنازل المتصدعة والآيلة للسقوط في أي لحظة.
وفي بلدة حارم والمناطق المحيطة غربي إدلب، تتشارك فرق الدفاع المدني ومتطوعون مدنيون، في عمليات الإنقاذ وانتشال الضحايا من تحت الأنقاض، عقب مرور أكثر من 56 ساعة على وقوع الزلزال، وبلغت الحصيلة حتى الآن في حارم، 35 بناء مهدماً، و365 ضحية، وفي بلدة بسنيا 12 بناء، و169 ضحية، وفي منطقة عزمارين 14 بناء، و110 ضحايا، وأرمناز 8 أبنية، و108 ضحايا، وملس 3 أبنية 24 ضحية، والتلول 20 بناء، و24 ضحية، والحصيلة الأكبر في سلقين 51 بناءً مهدماً، و425 ضحية، وفق ناشطين.
يذكر أن آخر حصيلة للضحايا وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، حتى ظهر الأربعاء، ارتفعت من جديد لتصل إلى 3135 على الأقل، هم 1435 ضمن مناطق النظام غالبيتهم في اللاذقية وحلب، و1700 ضمن مناطق نفوذ حكومة «الإنقاذ» و«الحكومة السورية المؤقتة» في الشمال السوري، بينهم نحو 680 في جنديرس، و150 شخصاً في مدينة الأتارب في ريف حلب، إضافة لإصابة نحو 3 آلاف شخص على الأقل، وتضررت نتيجة الزلزال نحو 100 مدينة وبلدة وقرية وسط وشمال غربي وغرب سوريا.
وربط المرصد ارتفاع أعداد الضحايا بعجز الفرق الطبية عن إنقاذ أرواح المصابين، في ظل النقص الحاد بالمستلزمات الطبية والإسعافية والأدوية، وتأخر وصول الفرق لكثير من المناطق المتضررة.


مقالات ذات صلة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

أبو الغيط: لا أعلم إن كانت سوريا ستعود للجامعة

قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إنَّه «لا يعلم ما إذا كانت سوريا ستعود إلى الجامعة العربية أم لا»، وإنَّه «لم يتسلَّم بصفته أميناً عاماً للجامعة أي خطابات تفيد بعقد اجتماع استثنائي لمناقشة الأمر».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم العربي أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
العالم العربي درعا على موعد مع تسويات جديدة

درعا على موعد مع تسويات جديدة

أجرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا (جنوب سوريا) اجتماعات عدة خلال الأيام القليلة الماضية، آخرها أول من أمس (الأربعاء)، في مقر الفرقة التاسعة العسكرية بمدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، حضرها وجهاء ومخاتير ومفاوضون من المناطق الخاضعة لاتفاق التسوية سابقاً وقادة من اللواء الثامن المدعوم من قاعدة حميميم الأميركية. مصدر مقرب من لجان التفاوض بريف درعا الغربي قال لـ«الشرق الأوسط»: «قبل أيام دعت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في محافظة درعا، ممثلةً بمسؤول جهاز الأمن العسكري في درعا، العميد لؤي العلي، ومحافظ درعا، لؤي خريطة، ومسؤول اللجنة الأمنية في درعا، اللواء مفيد حسن، عد

رياض الزين (درعا)
شمال افريقيا مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

مشاورات مصرية مع 6 دول عربية بشأن سوريا والسودان

أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالات هاتفية مع نظرائه في 6 دول عربية؛ للإعداد للاجتماع الاستثنائي لوزراء الخارجية العرب بشأن سوريا والسودان، المقرر عقده، يوم الأحد المقبل. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، الخميس، إن شكري أجرى اتصالات هاتفية، على مدار يومي الأربعاء والخميس، مع كل من وزير خارجية السودان علي الصادق، ووزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان، ووزير خارجية العراق فؤاد محمد حسين، ووزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، ووزير خارجية الأردن أيمن الصفدي، ووزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف. وأضاف أن «الاتصالات مع الوزراء العرب تأتي في إطار ا

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

أكثر من 30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية الليلة الماضية

لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)
لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)
TT

أكثر من 30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية الليلة الماضية

لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)
لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)

شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت ليل السبت - الأحد، أعنف ليلة منذ بداية القصف الإسرائيلي، إذ استهدفت بأكثر من 30 غارة، سمعت أصداؤها في بيروت، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

ووفق الوكالة الوطنية للإعلام، غطت سحب الدخان الأسود أرجاء الضاحية كافة، حيث استهدفت الغارات محطة توتال على طريق المطار، ومبنى في شارع البرجاوي بالغبيري، ومنطقة الصفير وبرج البراجنة، وصحراء الشويفات وحي الأميركان ومحيط المريجة الليلكي وحارة حريك.

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن أنه نفذ سلسلة من الغارات الجوية المحددة على مواقع تابعة لـ«حزب الله» في بيروت، بما في ذلك «كثير من مستودعات الأسلحة وبنية تحتية أخرى للمسلحين».

ويتهم الجيش الإسرائيلي «حزب الله» بوضع مواقع تخزين وإنتاج الأسلحة، تحت مبانٍ سكنية، في العاصمة اللبنانية، مما يعرض السكان للخطر ويتعهد بالاستمرار في ضرب الأصول العسكرية لـ«حزب الله» بكامل قوته.

وخلال الأيام الماضية، أصدر الجيش الإسرائيلي طلبات إخلاء لأماكن في الضاحية الجنوبية لبيروت عدة مرات، حيث يواصل قصف كثير من الأهداف وقتل قادة في «حزب الله» و«حماس».

وأعلنت إسرائيل منتصف الشهر الماضي، نقل «الثقل العسكري» إلى الجبهة الشمالية. وبدأت منذ 23 سبتمبر (أيلول)، تكثيف غاراتها الجوية خصوصاً في مناطق تعدّ معاقل لـ«حزب الله» في الجنوب والشرق والضاحية الجنوبية لبيروت.

وأعلنت إسرائيل أنها بدأت في 30 سبتمبر (أيلول)، عمليات «برية محدودة وموضعية ومحددة الهدف» في جنوب لبنان تستهدف «بنى تحتية» عائدة لـ«حزب الله».