وسط ظروف جوية سيئة، تواصلت لليوم الثاني أعمال البحث والإنقاذ في 10 ولايات تركية ضربها زلزال مدمر بقوة 7.8 على مقياس ريختر تبعه زلزال آخر بقوة 7.6 مركزهما في بلدتي بازارجيك وألبيستان بولاية كهرمان ماراش بجنوب البلاد فجر الاثنين. وأدت هزات ارتدادية، بلغ عددها 312 هزة متتابعة، حتى صباح الثلاثاء، إلى تعقيد جهود فرق الإنقاذ وجعل الأمور أكثر صعوبة، مع تساقط الثلوج والرياح الشديدة ودرجات الحرارة المنخفضة للغاية وانهيار بعض الطرق في العديد من الولايات التي ضربها الزلزالان، وهي: كهرمان ماراش، وهطاي، وأديامان، وأضنة، وعثمانية (جنوب) ومالاطيا وإيلازغ (شرق)، وغازي عنتاب، وشانلي أورفا وديار بكر (جنوبي شرق).
وفي ظل سباق مع الزمن لإنقاذ أي عالقين تحت الأنقاض ما زالوا على قيد الحياة، أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حالة الطوارئ لمدة 3 أشهر في 10 ولايات تضررت من الزلزالين. وقال إردوغان، في كلمة أثناء وجوده بمقر «إدارة الطوارئ والكوارث التركية» في أنقرة، الثلاثاء، إن إعلان حالة الطوارئ جاء استناداً إلى المادة «119» من الدستور، وإنه جرى إعلان الولايات العشر «مناطق منكوبة». وتستمر حالة الطوارئ حتى 7 مايو (أيار) المقبل.
وأضاف إردوغان أن الفرق المختصة أنقذت حتى الآن أكثر من 8 آلاف شخص من تحت الأنقاض، مشيراً إلى تعليق الدراسة في عموم البلاد حتى 13 فبراير (شباط) الحالي وحتى 20 من الشهر نفسه في الولايات المنكوبة. وتابع: «يعمل حالياً 53 ألفاً و317 عنصراً في عمليات البحث والإنقاذ، والعدد يزداد من تركيا وخارجها. دولتنا بجميع مؤسساتها وكوادرها بدأت العمل في المناطق المتضررة من الزلزال».
وأضاف: «آلاف العناصر الخبيرة من قوات الدرك على رأس عملها في منطقة الكارثة، بالإضافة إلى 26 طائرة شحن، وسفن وقوارب خفر السواحل».
وأكد إردوغان أن تركيا تواجه إحدى كبرى الكوارث؛ ليس في تاريخ الجمهورية فحسب؛ بل في المنطقة والعالم.
وأظهر العديد من دول العالم التضامن مع تركيا في مواجهة كارثة الزلزال. وأجرى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اتصالاً هاتفياً مع الرئيس التركي، الثلاثاء، تقدم خلاله بالتعازي والمواساة في ضحايا الزلزال، مؤكداً تضامن مصر مع الشعب التركي، وتقديم المساعدة والإغاثة الإنسانية لتجاوز آثار هذه الكارثة.
وأعلنت «إدارة الكوارث والطوارئ التركية»، مساء الثلاثاء، ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 4 آلاف و544 قتيلاً، و26 ألفاً و721 مصاباً. وقال نائب الرئيس التركي، فؤاد أوكطاي، إن هناك 3294 عامل بحث وإنقاذ من دول أخرى يشاركون في عمليات الإنقاذ مع الطواقم التركية، كما أن هناك أكثر من 70 دولة عرضت المساهمة في أعمال البحث والإنقاذ، في حين بلغ عدد أفراد الطواقم الطبية 4 آلاف و785، وعدد الآلات المستخدمة في البحث والإنقاذ 191 آلة.
وأكد أوكطاي، في إفادة صحافية من مركز «إدارة الطوارئ والكوارث» في أنقرة، صعوبة الظروف التي تجري فيها عمليات البحث والإنقاذ، مشيراً إلى أنه تم وقف دخول المركبات لمدة 48 ساعة إلى هطاي وكهرمان ماراش وأديامان.
كما وصلت سفينة «تي جي جي إسكندرون» التابعة للقوات البحرية التركية، إلى ولاية هطاي (جنوب) لنقل مصابي الزلزال إلى ولاية مرسين. ورست السفينة في ميناء إسكندرون، فجر الثلاثاء، وتم البدء في نقل الجرحى إليها بواسطة سيارات الإسعاف، لنقلهم لتلقي العلاج.
وفي حين قال خبراء إن الساعات الـ24 المقبلة «حاسمة» للعثور على ناجين وإنقاذهم، وإن عدد الناجين سيكون مرشحاً للتناقص بدرجة كبيرة بعد 48 ساعة، بدأت أعمال نصب خيام تتسع لـ10 آلاف شخص أرسلتها جمعية الهلال الأحمر التركي في مرحلة أولى إلى المناطق المتضررة من الزلزال جنوب البلاد. وأشارت الجمعية في بيان، الثلاثاء، إلى تواصل تزويد المناطق المتضررة بالخيام والبطانيات ووسائل التدفئة والألبسة والأغذية. وأوضحت أنها قدمت الطعام لنحو 200 ألف شخص خلال الساعات الـ24 الأولى للكارثة.
وتمكنت فرق البحث من إنقاذ 10 أشخاص، بينهم طفل، من تحت أنقاض المباني المنهارة بفعل الزلزال في ولايات هطاي، وديار بكر وكهرمان ماراش. وفي مدينة إسكندرون التابعة لولاية هطاي، تمكنت فرق البحث من إنقاذ 4 أشخاص، بينهم طفل يبلغ من العمر 10 سنوات، من تحت أنقاض بناء مكون من 5 طوابق. وفي ولاية ديار بكر، أنقذت الفرق شخصاً مصاباً بجروح يبلغ من العمر 30 عاماً، بعد 27 ساعة من بقائه تحت الأنقاض. وفي ولاية كهرمان ماراش أنقذت فرق البحث الشابة رميساء يالتشينكايا (24 عاماً)، من حطام مبنى سكني مكون من 7 طوابق بعد 27 ساعة من وقوع الزلزال. كما استطاعت الفرق إنقاذ شابة من تحت الأنقاض في هطاي بعد 40 ساعة من بقائها تحت الأنقاض.
وفي حين تستمر الهزات الارتدادية لزلزالي كهرمان ماراش، أظهرت بيانات «هيئة المسح الجيولوجي الأميركية» أن زلزالي الاثنين في تركيا قد يكونان الأكثر فتكاً في السنوات العشر الأخيرة، وأن عدد الضحايا قد يرتفع إلى 10 آلاف. ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عن بيانات «الهيئة» أن الخسائر المتوقعة للزلزالين قد تصل إلى مليار دولار. ويلقي علماء الزلازل باللوم على المباني سيئة التشييد في تحويل الزلزال إلى مثل هذه الكارثة.
من جهته؛ أكد عالم الزلازل التركي، ناجي جورور، لـ«الشرق الأوسط»، أن زلزالي كهرمان ماراش يعدان من بين أكثر الزلازل فتكاً وتدميراً خلال الأعوام الماضية، وأن هناك زلزالاً واحداً فقط في السنوات العشر الماضية كان بالشدة نفسها، مشيراً إلى أن «زيادة عدد الضحايا لا ترجع فقط إلى شدة الزلزال؛ وإنما للتوقيت، فقد وقع في الساعات الأولى من الصباح والناس نيام بالمنازل، فضلاً عن أن ضعف متانة المباني عامل آخر زاد من شدة الكارثة». وأشار إلى أنه قدم ومجموعة من زملائه دراسات ومقترحات عقب زلزال مرمرة عام 1999 ركزوا فيها بشكل أساسي على «الفالق الزلزالي بين إيلازغ ومالاطيا في شرق الأناضول، لكن لم تأخذ الأجهزة المعنية هذه الدراسات في الحسبان»، مضيفاً أن «وقوع زلزالي كهرمان ماراش يعد جرس إنذار؛ لأن هذه المنطقة لم تكن قد دخلت حزام الزلازل، لكننا توقعنا في الدراسات السابقة اقتراب هذه المناطق من الدخول في الفالق الزلزالي، ووضعنا خريطة متكاملة للمناطق المتوقع دخولها في حزام الزلازل بمختلف أنحاء تركيا».
تركيا تسابق الزمن لإنقاذ ضحايا الزلزال
إعلان الطوارئ في 10 ولايات منكوبة لمدة 3 أشهر
تركيا تسابق الزمن لإنقاذ ضحايا الزلزال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة