البنك الدولي يمول إعادة تجهيز ألف مدرسة في اليمن

أكد وجود 2.4 مليون طفل خارج العملية التعليمية

تلميذات يمنيات يتلقين دروساً داخل فصل في مدرسة عامة بضواحي صنعاء (إ.ب.أ)
تلميذات يمنيات يتلقين دروساً داخل فصل في مدرسة عامة بضواحي صنعاء (إ.ب.أ)
TT

البنك الدولي يمول إعادة تجهيز ألف مدرسة في اليمن

تلميذات يمنيات يتلقين دروساً داخل فصل في مدرسة عامة بضواحي صنعاء (إ.ب.أ)
تلميذات يمنيات يتلقين دروساً داخل فصل في مدرسة عامة بضواحي صنعاء (إ.ب.أ)

أطلق البنك الدولي مشروعاً لاستعادة التعليم في اليمن، يستهدف تسهيل عودة الأطفال إلى مدارسهم، من خلال تقديم الحوافز للمعلمين، والوجبات الغذائية للأطفال، وتجهيز وتأهيل أكثر من ألف مدرسة في مختلف محافظات البلاد، مؤكداً وجود أكثر من مليوني طفل خارج المدارس.
وفي تقرير له، ذكر البنك أن أكثر من 2.4 مليون فتى وصبية في سن المدرسة خارج التعليم في اليمن، وأن حوالي 8.5 ملايين طفل في سن المدرسة الابتدائية يحتاجون إلى مساعدة إنسانية، فيما يحتاج حوالي ثلث السكان إلى مساعدة غذائية وملابس، مؤكداً أن النفقات الغذائية والنفقات الأخرى المتعلقة بالمدرسة تمنع العديد من العائلات من إرسال أطفالها إلى المدرسة.
بالإضافة إلى ذلك، يتحدث البنك عن تضرر أو تدمير حوالي ثلث جميع المرافق التعليمية، وقال إن التعليم أمر بالغ الأهمية لإطلاق إمكانات الأطفال، وتشكيل مستقبل أكثر إشراقاً لهم ولبلدهم، لأنه في البلدان التي شابها الصراع والانكماش الاقتصادي الناتجة عنه يعد الذهاب إلى المدرسة صراعاً يومياً للعديد من الأطفال وعائلاتهم. بالإضافة إلى الآثار المباشرة للجوع التي وصفها بأنها عواقب طويلة المدى على التعليم.
وذكرت تانيا ماير المدير القطري للبنك الدولي لليمن، أن المشروع فرصة لكسر حلقة الفقر والصراع، من خلال استعادة التعليم كاستثمار في مستقبل البلاد، حيث يهدف المشروع إلى تحسين الوصول إلى التعليم وظروفه، من خلال توفير حزمة مدرسية لأكثر من 1100 مدرسة في جميع أنحاء البلاد.
وتتضمن هذه الحزمة أربعة عناصر رئيسية ضرورية للتسجيل والحضور والتعلم: أولها مدفوعات المعلمين على أساس الأداء وتدريب المعلمين؛ وتوزيع المواد التعليمية واللوازم المدرسية؛ وإعادة تأهيل البنية التحتية للمدارس، بما في ذلك المياه والصرف الصحي والنظافة؛ والتغذية المدرسية.
ووفق ما أورده البنك الدولي، سيتم تمويل المشروع بشكل مشترك من قبل المساعدة الإنمائية الدولية والشراكة العالمية من أجل التعليم، وسيتم تنفيذه بالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة إنقاذ الأطفال، وبالتعاون الوثيق مع وزارة التعليم اليمنية، حيث يصل المشروع إلى حوالي 600 ألف طفل في سبع من محافظات البلاد.
ويستهدف المشروع، حسب التقرير، المناطق الأكثر ضعفاً، خصوصاً في المناطق التي تستضيف العديد من النازحين، حيث يوفر برنامج التغذية المدرسية للأطفال وجبة خفيفة مدرسية مغذية في منتصف النهار غنية بالمغذيات الدقيقة والفيتامينات لتلبية احتياجاتهم طوال اليوم الدراسي الطويل، ورأى أن تقديم وجبة خفيفة في الفصل يعد حافزاً لإعادة الأطفال إلى الفصل الدراسي.
ويؤكد التقرير أن الصراع في اليمن سبب اضطرابات ودماراً واسع النطاق، ولهذا يُترك الكثير من الأطفال خارج المدرسة، ويترك الكثير من الأطفال المدرسة الابتدائية غير قادرين على قراءة نص بسيط، مع أن التعليم ضروري، وهو الطريقة الوحيدة لتمكين الجيل القادم من المهارات والمعرفة التي يحتاجونها لبناء مستقبل أفضل لأنفسهم ومجتمعهم.
ونقل التقرير عن الفريق العامل في المشروع القول إنه لا يمكن التقليل من تأثير التغذية المدرسية، لأن الملايين من الأطفال ليس لديهم ما يكفي من الطعام، ويكافح الأطفال الجوعى من أجل التعلم، وهذا يعرض فرصتهم في حياة صحية للخطر، ويقولون إن برنامج التغذية المدرسية يمنح الأطفال السعرات الحرارية والعناصر الغذائية التي يحتاجونها للتركيز في الفصول الدراسية، والعمل بشكل جيد في المدرسة.
ويقول ريتشارد راجان المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في اليمن، إن البنك الدولي يمول أيضاً «برنامج المطبخ الصحي»، الذي وصل إلى 4000 طفل في الأحياء الفقيرة في مدينة عدن، من خلال وجبات طازجة، منذ إطلاقه في عام 2020 ومن خلاله عاد أطفال إلى مدارسهم، لأن الحرب أثرت اقتصادياً على الكثير من الأسر، وجعلت من الصعب عليهم إرسال أطفالهم إلى المدرسة بسبب ارتفاع كلفة الطعام ورسوم الانتقال والأدوات القرطاسية.
وأكدت بعض العائلات أنها في معظم الأوقات لم تستطع تحمل تكاليف إرسال أبنائها إلى المدارس، ما أجبرها على إبقائهم في المنزل، وأن «المطبخ الصحي» الذي يزود المدارس بوجبات يومية جعلها تعيد أبناءها إلى المدارس، حيث يحصل الملتحقون بالمدارس التي تستفيد من برنامج «المطبخ الصحي» على وجبات غداء من الصباح الباكر حتى الظهر.
وكانت منظمة «إنقاذ الطفولة» ذكرت أن ملايين الأشخاص في اليمن يعانون من الآثار المعقدة للعنف والأزمة الاقتصادية المستمرة ونقص التمويل الحاد، ما أدى إلى ارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي ونقص الوصول إلى الخدمات الأساسية.
وقالت المنظمة، إنه وخلال العام الماضي، تم تمويل نصف خطة الاستجابة الإنسانية، وكانت قطاعات الأطفال من بين أقل القطاعات تمويلاً، حيث تلقت حماية الطفل 6.8 في المائة فقط من التمويل المطلوب، بينما تلقت خطة الاستجابة التعليمية 12.2 في المائة فقط من المطلوب.
وذكرت المنظمة، التي تعمل في البلاد منذ ستينات القرن الماضي، أن المدارس في تعز تضررت بشدة خلال الحرب، كما أنها تعاني من الاكتظاظ الشديد، حيث وصل عدد الطلاب في الفصل الدراسي الواحد ما بين 80 إلى 90 تلميذاً.
ونقلت عن شانون أوركوت، مديرة المناصرة والحملات والاتصال والإعلام بالمنظمة القول إن نقص تمويل خطة الاستجابة الإنسانية ليس أقل من مأساة لأطفال هذا البلد، حيث نزح ما يقدر بنحو 4.5 ملايين يمني داخلياً منذ بداية النزاع، إلا أن تمويل تنسيق المخيمات وإدارتها حصل على أقل من 3 في المائة من التمويل اللازم. وحسب المسؤولة في المنظمة، فإن نصف النازحين داخلياً في اليمن هم من الأطفال، وهذا النقص في التمويل له آثار خطيرة.


مقالات ذات صلة

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

الولايات المتحدة​ دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

أظهر بحث جديد أن مدى جودة مدرستك الثانوية قد يؤثر على مستوى مهاراتك المعرفية في وقت لاحق في الحياة. وجدت دراسة أجريت على أكثر من 2200 من البالغين الأميركيين الذين التحقوا بالمدرسة الثانوية في الستينات أن أولئك الذين ذهبوا إلى مدارس عالية الجودة يتمتعون بوظيفة إدراكية أفضل بعد 60 عاماً، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز». وجد الباحثون أن الالتحاق بمدرسة مع المزيد من المعلمين الحاصلين على تدريب مهني كان أوضح مؤشر على الإدراك اللاحق للحياة. كانت جودة المدرسة مهمة بشكل خاص للمهارات اللغوية في وقت لاحق من الحياة. استخدم البحث دراسة استقصائية أجريت عام 1960 لطلاب المدارس الثانوية في جميع أنحاء الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

نفت الحكومة المصرية، أمس السبت، عزمها «إلغاء مجانية التعليم الجامعي»، مؤكدة التزامها بتطوير قطاع التعليم العالي. وتواترت أنباء خلال الساعات الماضية حول نية الحكومة المصرية «إلغاء مجانية التعليم في الجامعات الحكومية»، وأكد مجلس الوزراء المصري، في إفادة رسمية، أنه «لا مساس» بمجانية التعليم بكل الجامعات المصرية، باعتباره «حقاً يكفله الدستور والقانون لكل المصريين».

إيمان مبروك (القاهرة)
«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

لا يزال برنامج «تشات جي بي تي» يُربك مستخدميه في كل قطاع؛ وما بين إعجاب الطلاب والباحثين عن معلومة دقيقة ساعدهم «الصديق (جي بي تي)» في الوصول إليها، وصدمةِ المعلمين والمدققين عندما يكتشفون لجوء طلابهم إلى «الخصم الجديد» بهدف تلفيق تأدية تكليفاتهم، لا يزال الفريقان مشتتين بشأن الموقف منه. ويستطيع «تشات جي بي تي» الذي طوَّرته شركة الذكاء الصناعي «أوبن إيه آي»، استخدامَ كميات هائلة من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت وغيرها من المصادر، بما في ذلك حوارات ومحادثات بين البشر، لإنتاج محتوى شبه بشري، عبر «خوارزميات» تحلّل البيانات، وتعمل بصورة تشبه الدماغ البشري. ولا يكون النصُّ الذي يوفره البرنامج

حازم بدر (القاهرة)
تحقيقات وقضايا هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

رغم ما يتمتع به «تشات جي بي تي» من إمكانيات تمكنه من جمع المعلومات من مصادر مختلفة، بسرعة كبيرة، توفر وقتاً ومجهوداً للباحث، وتمنحه أرضية معلوماتية يستطيع أن ينطلق منها لإنجاز عمله، فإن للتقنية سلبيات كونها قد تدفع آخرين للاستسهال، وربما الاعتماد عليها بشكل كامل في إنتاج موادهم البحثية، محولين «تشات جي بي تي» إلى أداة لـ«الغش» العلمي.

حازم بدر (القاهرة)
العالم العربي بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

اعتبر محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، ووزير الخارجية المغربي الأسبق، أن مسألة التعايش والتسامح ليست مطروحة على العرب والمسلمين في علاقتهم بالأعراق والثقافات الأخرى فحسب، بل أصبحت مطروحة حتى في علاقتهم بعضهم ببعض. وقال بن عيسى في كلمة أمام الدورة الحادية عشرة لمنتدى الفكر والثقافة العربية، الذي نُظم أمس (الخميس) في أبوظبي، إن «مسألة التعايش والتسامح باتت مطروحة علينا أيضاً على مستوى بيتنا الداخلي، وكياناتنا القطرية، أي في علاقتنا ببعضنا، نحن العرب والمسلمين».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
TT

محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

دعا محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، جميع أبناء المحافظة المنخرطين مع المجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات الدعم الأمني، إلى العودة صوب منازلهم، أو الالتحاق بإخوتهم في «درع الوطن»، متعهداً باستيعابهم واستقبالهم وترتيب أوضاعهم.

وكشف الخنبشي -في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»- أن القوات التابعة للإمارات بدأت فعلياً الانسحاب من جميع المواقع التي كانت تتمركز فيها، سواء في حضرموت أو شبوة.

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

وأوضح أن صفارات الإنذار دوَّت، مساء الثلاثاء، بمطار الريان، تمهيداً لسحب القوات الإماراتية الموجودة هناك، لافتاً إلى أن قوات أخرى انسحبت أيضاً من بلحاف في شبوة.

وأوضح المحافظ أن للإمارات وجوداً محدوداً في منطقتي الربوة والضبة بحضرموت بأعداد قليلة، ويقتصر على خبراء وقادة يتولون الإشراف على قوات الدعم الأمني التابعة للمجلس الانتقالي.

وأفادت مصادر متطابقة بأن القوات الإماراتية في محافظة شبوة، وتحديداً في معسكر مُرَّة، بدأت يوم الثلاثاء فعلياً تفكيك أجهزة الاتصالات، في إطار استعدادها لمغادرة البلاد، بناءً على طلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي.

وشدَّد محافظ حضرموت على أن الحلَّ الوحيد لإنهاء الأزمة الحالية يتمثَّل في انسحاب جميع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة، بشكلٍ سلمي. وقال إن «الباب ما زال مفتوحاً، ونتمنى أن يستغل الإخوة في (الانتقالي) هذه الفرصة، لتجنيب أنفسهم وحضرموت وكل البلاد أي اقتتال أو مواجهة عسكرية، وأن يعودوا من حيث أتوا، بعدها يمكن الدخول في حوار سياسي حول أي تشكيل مستقبلي، ولكن من دون فرض أمر واقع بالقوة».

ولفت الخنبشي إلى جهوزية قوات «درع الوطن» التي يشرف عليها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، واستعدادها للانتشار في حضرموت والمهرة، وفقاً لإعلان حالة الطوارئ الذي أصدره الرئيس العليمي.

وأضاف أن هناك أيضاً قوات من أبناء حضرموت تُقدَّر بنحو 3 آلاف عنصر، كانوا يخدمون في المنطقة العسكرية الأولى، وهم جاهزون لمساندة إخوانهم في «درع الوطن».

وأوضح محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، أن مستوى التنسيق مع السعودية في أعلى مستوياته. وأضاف أن المملكة «تنظر إلى حضرموت والمهرة بوصفهما عمقها الأمني الاستراتيجي؛ إذ تجمعنا حدود تتجاوز 700 كيلومتر، ومن هنا فإن أمن واستقرار حضرموت والمهرة يُعدَّان جزءاً من الأمن الاستراتيجي للمملكة»؛ مشيراً إلى أنهما «يمثلان أيضاً عمقاً بشرياً وتاريخياً وإنسانياً، وتجمعنا أواصر القربى والأخوة»، مؤكداً الحرص على «ألا تتحول حضرموت والمهرة إلى بؤرة خطر تهدد أمن المملكة».

ووفقاً للخنبشي، فإن القرارات التي أصدرها الرئيس رشاد العليمي ومجلس الدفاع الوطني جاءت في توقيتٍ مناسب، بهدف تفويت الفرصة على كل من سعى إلى استغلال الوضع، على حدِّ تعبيره.


مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)

قال بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الثلاثاء)، إن القاهرة تتابع باهتمام بالغ الأوضاع الأخيرة على الساحة اليمنية، وذلك من خلال الاتصالات المكثفة التي تجريها على أعلى المستويات وعلى مدار الساعة مع الأطراف المعنية كافة.

وأضاف البيان أن مصر تؤكد ثقتها التامة في حرص الأشقاء في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على التعامل بحكمة مع التطورات الحالية في اليمن، وذلك في إطار إعلاء قيم الأخوة بين البلدين الشقيقين، وصون وحدة الصف والمصير العربي المشترك في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها اليمن الشقيق والمنطقة.

وتعرب جمهورية مصر العربية في هذا السياق عن تقديرها البالغ لحكمة القيادتين السعودية والإماراتية في التعامل البنّاء مع تطورات الأوضاع في اليمن، والحرص على تحقيق الاستقرار في اليمن، والحفاظ على سيادته ومصالح شعبه الشقيق.

وتؤكد جمهورية مصر العربية أنها لن تألو جهداً في مواصلة اتصالاتها المستمرة مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومع الجانب اليمني، وباقي الأطراف الإقليمية والدولية المعنية؛ للعمل على خفض التصعيد، وبما يمهد إلى التوصل لتسوية سياسية شاملة في اليمن، تحقق طموحات وتطلعات الشعب اليمني الشقيق المشروعة في مستقبل آمن ومزدهر وتدعم الأمن والاستقرار في المنطقة.


العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
TT

العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

حذّر الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، من خطورة التحركات العسكرية الأحادية في المحافظات الشرقية، مؤكداً أنها تُمثل تهديداً مباشراً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتقويضاً للمركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج لمنطق السلطات الموازية الذي يرفضه المجتمع الدولي.

جاء ذلك خلال لقائه، الثلاثاء، سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، بحضور وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور شائع الزنداني، حيث خُصص اللقاء لاستعراض آخر مستجدات الأوضاع المحلية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، الأمر الذي استدعى اتخاذ حزمة من القرارات والإجراءات الدستورية والقانونية الحازمة، حمايةً لأمن المواطنين، وصوناً لوحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه.

وفي مستهل اللقاء، رحّب الرئيس بالسفراء، مثمّناً وحدة مواقف دولهم الداعمة للشعب اليمني في أصعب مراحله، سياسياً وإنسانياً واقتصادياً، ومؤكداً أن ما تشهده المحافظات الشرقية لا يندرج في إطار خلاف سياسي داخلي، بل يُشكّل مساساً خطيراً بأسس الدولة ووحدة مؤسساتها.

وأوضح الرئيس العليمي أن القيادة اليمنية بذلت خلال الفترة الماضية جهوداً مكثفة للتهدئة وخفض التصعيد، واحتواء تداعيات الإجراءات العسكرية الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي خارج مرجعيات المرحلة الانتقالية، ودون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة تحالف دعم الشرعية، غير أن هذه المساعي قوبلت - حسب تعبيره - بالتعطيل والإصرار على فرض الأمر الواقع.

وأشار إلى أنه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وجّه صراحة بمنع أي تحركات عسكرية خارج إطار الدولة، وتمت الموافقة على خطة إعادة تموضع تدريجية لقوات «درع الوطن» من ثلاث مراحل، نُفذت مرحلتان منها بالفعل. كما كشف عن تشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، إلا أن تلك الجهود لم تلقَ استجابة.

وشدّد الرئيس العليمي على أن المشكلة لم تكن يوماً نقصاً في الحلول، بل تعطيلها المتعمد، مفنداً في الوقت ذاته ما وصفها بالسرديات المضللة التي تحاول تبرير فرض الأمر الواقع بالقوة تحت لافتة مكافحة الإرهاب. وقال إن مكافحة الإرهاب «قرار دولة ومؤسسات شرعية، وليست ذريعة سياسية»، مذكّراً بالإنجازات التي حققتها المؤسسات العسكرية والأمنية اليمنية، بدعم شركائها، في تفكيك الخلايا الإرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية.

وفي ملف القضية الجنوبية، جدّد الرئيس العليمي التأكيد على الموقف المبدئي والثابت من معالجتها، وفق أي خيارات تقررها الإرادة الشعبية الحرة، مع رفض قاطع لفرض أي حلول بقوة السلاح أو الأمر الواقع.

وعدّ أن اختزال القضية الجنوبية في تمثيل حصري أو تحركات عسكرية يسيء إلى عدالتها ويقوّض فرص الحل السياسي المستدام، ويلحق الضرر بأبناء الجنوب قبل غيرهم، لافتاً إلى أن هذا الموقف يتطابق مع ما أكدته المملكة العربية السعودية من أن القضية الجنوبية لا تُحل إلا عبر الحوار وفي إطار تسوية سياسية شاملة.

وحذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن وجود ميليشيات لا تأتمر لأوامر الدولة يعرّض أولويات المجتمع الدولي ومصالحه في المنطقة للخطر، فضلاً عن تطلعات الشعب اليمني للأمن والاستقرار والعيش الكريم.

وأكد أن أي اضطراب في حضرموت والمهرة سينعكس مباشرة على تصدير النفط، ودفع المرتبات، ويعمّق الأزمة الإنسانية، ويقوّض الثقة مع مجتمع المانحين.

وتطرق الرئيس العليمي إلى الدور الإماراتي في التطورات الأخيرة، مؤكداً أن اليمن لا ينكر ما قدمته دولة الإمارات من أدوار ومساهمات في مراحل سابقة، لكنه شدد على أن المرحلة الراهنة تتطلب وضوحاً كاملاً، والنأي بالنفس عن دعم أي مكون خرج على آليات التوافق التي رعتها الإمارات نفسها ضمن تحالف دعم الشرعية. وقال إن أي ضغوط لدفع قوات محلية إلى تحركات عسكرية تشكل تهديداً للأمن القومي اليمني والسعودي، وتتعارض مع الأسس التي قام عليها التحالف.

وأضاف أن المطالبة بمغادرة القوات التي خرجت عن تلك الأسس «مطلب سيادي طبيعي»، لا يستهدف العلاقات الثنائية ولا ينكر التاريخ، بل يهدف إلى حماية فكرة التحالف ذاتها.

وفي ختام اللقاء، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدول الراعية للعملية السياسية إلى موقف دولي موحد وصريح يرفض الإجراءات الأحادية، ويدعم قرارات الدولة اليمنية وجهود التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية، مع ممارسة ضغط سياسي وقانوني لتمكين الحكومة الشرعية من ممارسة سلطاتها الحصرية، وترجمة ذلك داخل مجلس الأمن والمحافل الدولية وفق القانون الدولي.

وختم الرئيس العليمي بالتأكيد على أن سقوط منطق الدولة في اليمن يعني غياب أي استقرار يمكن البناء عليه أو الاستثمار فيه، محذراً من تحويل اليمن إلى نموذج جديد لتفكك الدول، ومشدداً على أن الشعب اليمني يستحق فرصة حقيقية للسلام والحياة الكريمة.