أنس جابر تصنعها أحلامها والتعلم من أخطائها

لاعبة التنس التونسية تلهم المرأة وتتقبل نفسها

أنس جابر تتبع أحلامها وتؤمن بها (الشرق الأوسط)
أنس جابر تتبع أحلامها وتؤمن بها (الشرق الأوسط)
TT

أنس جابر تصنعها أحلامها والتعلم من أخطائها

أنس جابر تتبع أحلامها وتؤمن بها (الشرق الأوسط)
أنس جابر تتبع أحلامها وتؤمن بها (الشرق الأوسط)

من الحلم، بدأ مشوار لاعبة التنس التونسية أنس جابر. سلمت نفسها لتلك الخيالات الجميلة المرتسمة في الذهن بعدة أشكال وألوان. فهي ممن يشعرون بأحلامهم قبل تحققها ويؤمنون بها كمقدمة لبلوغها. إن خُيرت اختزالها بوصف، لقالت إنها «الحالمة» تأكيداً على كثافة عالمها الداخلي. ما يجعلها تستحق المكانة هو الحرص على الكفاح للحفاظ عليها. بالتمارين والمحاولات والنظرة الواثقة إلى النفس.
يقترب لقب «وزيرة السعادة» من قلبها، اقتراب ألقاب أخرى تتوجها نجمة ملاعب كرة المضرب. تجيد الضحك، لا الظاهر على الوجه فيما الداخل قاتم ومتوعك، بل الحقيقي القادر على صناعة حالة. في المدرسة، كانت مُسببة البهجات، حتى إن بعض الزملاء ألبسوها ثوب المهرج وحملوها خفة دمه ورغبته النبيلة بمد الآخرين بأوقات سعيدة. كما تحمد على النِعم، منها العائلة والمكانة، تمتن لقدرتها على تزيين الوجه بما يدل على الرضا.
سخر محيطون بها من حجم الأحلام، فأجابت: «ماذا ينقصني؟». لم تكن بلغت سنواتها العشر حين وضعت عيناً واثقة بعيون مشككين، وقالت: «سأربح غراند سلام!». أنس جابر تبعت أحلامها وطردت الظنون من العيون.
تهوى الخطر منذ سن صغيرة. اختلفت عن سائر الفتيات بنوع التسالي، فلم تكن «باربي» ولا قصور الأميرات. هي أخت لصبيين وفتاة تركتها مع لعبتها، وشاركت الشقيقين مباريات كرة القدم. ثمة شيء في المغامرة يستميلها كاستمالة الضوء للفراشات، لكنه عوض مصادرة أنفاسها، يتيح ولادتها من جديد.
تتأمل الواقفة أمامها في المرآة وتُحدثها. تلمح سعيها خلف نضوجها وارتقائها الإنساني، وتهديها ابتسامة. على المقلب الآخر، تُهدئ من روعها وتمدها بالدعم. تعود الملاعب بالضغط والقلق، ووراء المتعة، شحنات من الارتباك ورزمة مخاوف. تشجع أنس جابر نفسها أمام المرايا، وفي لحظات الاختلاء بالأفكار والأحلام والإرادة، تهمس لها: «ستحققين ما تريدين. أثق بكِ!».
كما تتدرب على مهارات اللعبة، تخضع لتدريبات من نوع آخر: الصبر، لجم التوتر، والتعبير عن المشاعر. كانت تُحقَن بالغضب فتتلقن التخلص منه. بمساعدة مدربين وبقرار شخصي، تحاول تقزيمه. فتهمده بدل أن يفجرها. إنجازاتها كثيرة، أجملها مصالحة النفس. تمتنع عن تبرير المضايقات وتلميع صورتها. الأولوية لسلامها الداخلي.

لاعبة التنس التونسية أنس جابر تلهم النساء أن يكنّ أنفسهنّ
 

الأم المولعة بكرة المضرب، وحدها مَن لمح مستقبلاً مضيئاً لابنة تشاركها موهبتها. جرتها إلى الملاعب وصفقت لكل فوز. لم تقص لها جناحاً وتُدخلها في قفص. تركت ضحكتها تملأ وجهها وشغبها يسبقها إلى بناء شخصيتها. منها تعلمت أبلغ الدروس البشرية: أن تكون هي.
أنس ابنة عائلة وأرض. صقل الشقيقان صلابتها، الأب ثقتها، والأم أحلامها. وجمعها بزوجها المبارز والمدرب كريم كمون إصرار على التقدم في الحياة قبل أن يجمعهما سقف البيت. أما الجدة الراحلة، فهي المناجاة. تشعر بها في أوقات الشدة، فتخفف عنها ثقل الموقف: في الملاعب الصاخبة، وأمام مَن يشجعون ولا يشجعون. تحضر من مكانها الآخر لتكون عناقاً يمسح التعب.
وتونس تحرضها على العطاء. في لقائه معها، يلفت الإعلامي الإماراتي أنس بوخش (ABTalks) إلى ما هو أبعد من لعبة: امرأة تمثل بلدها والعرب والقارة الأفريقية وجميع النساء الحالمات. «من هنا، تستحقين ما تصلين إليه»، يهنئها. تخبره أنها ما كانت لتفعل ذلك لولا وطنها. مَن حاولوا تحطيمها، لم يتصرفوا بذريعة عدم امتلاكها الموهبة. بل لأنها أولاً امرأة وثانياً عربية. أسكتتهم جميعاً، بينهم رعاة نافذون، لا بالتشاوف والادعاء، بل بالجدارة والأهلية.
ليست فائقة الجمال بالمعايير السائدة، لكنها حقيقية باختزالها الأنوثة خارج التزيف. تلهم النساء مزيداً من الثقة بأنفسهن وألا يعتمد تقييم الذات على النظرة النمطية المتعلقة بالشكل المُستنسخ. ترفض حضوراً في الملاعب يقتصر على مباريات وإعلان نتيجة. حضورها المؤثر في إدانة التنازلات المطلوبة من النساء ودفع الموهبة إلى أسفل القائمة عندما يتعلق الأمر بشروط الجهات الداعمة. الموهبة أولاً، لا الجمال ولا الجنسية.

أنس جابر تحصد الألقاب والتصالح مع النفس

تؤمن أن الأشياء تحدث لسبب. هذا ما تُراكمه الأخطاء في المرء بعد الاستفادة من دروسها. أعمق من كسب المباريات وحصاد الميداليات، تتطلع أنس جابر إلى دورها في العالم. لم تكن الشخص الذي تود كونه إلا بعد قرارها تقبل نفسها كما هي؛ بوجهها وجسدها واحتمالَي الربح والخسارة؛ من دون أن يعني ذلك إخفاتها صوت المقاتِلة العالي، وطمس الإرادة التنافسية، لكن بألا يكون الجلْد هو دائماً الخيار المفضل.
شاقٌ إغداق الحب على النفس كما يحدث مع الأطراف الأخرى، والتوقف عن إصدار الأحكام عليها والمبالغة في عقابها. لطالما عدت أن الجيد ليس كافياً ما دام الأفضل لم يتحقق. من دروس الحياة الرأفة، شرط عدم تسرب الأعذار وتمادي الذرائع.
تخيفها الخسارة، فتملك شجاعة الوقوف في وجهها. تفاديها يتحقق بالتمارين ونصح المدربين، وأيضاً بالتصميم والالتزام والتطلع إلى الخطأ بكونه فرصة لتجنب ارتكابه مرة أخرى. تأخذ منه العبرة وتفتح له باب المغادرة على مصراعيه.
تنتمي للملعب حيث ذروة العلاقة مع النفس. «التنس هو الحرية»، تقول مَن تجعل العالم مكاناً أفضل.

 

مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

من الشغف إلى الاحتراف... الألعاب الإلكترونية في المغرب تلفت الانتباه

الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
TT

من الشغف إلى الاحتراف... الألعاب الإلكترونية في المغرب تلفت الانتباه

الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)
الألعاب الإلكترونية تجذب الشباب والفتيات في المغرب (أرشيفية - رويترز)

 

انتشرت الألعاب الإلكترونية في المغرب، لا سيما بين الشبان، كوسيلة للترفيه، وقضاء الوقت، لكن سرعة تطور هذه الألعاب شكلت لدى الدولة والمؤسسات المعنية رؤية أوسع بشأن أهمية هذا القطاع، وسبل الاستفادة منه، وتحويله لقطاع جاذب للاستثمار.

ومن بين النماذج الواعدة التي حققت خطوات ملموسة في هذا المجال أنس موسى (21 عاماً) ابن مدينة الحسيمة الساحلية الذي بدأ هاوياً قبل سنوات قليلة حتى استطاع أن يصل إلى نهائي كأس العالم لكرة القدم الإلكترونية 2024 في الرياض.

كذلك نجحت ابتسام فرحان، التي نشأت في حي شعبي بالدار البيضاء، في تحقيق منجز مغربي بمجال الألعاب الإلكترونية حين فازت بالمركز الأول في بطولة البحر المتوسط للرياضات الإلكترونية التي أقيمت في ليبيا شهر أغسطس (آب) الماضي.

وقالت ابتسام لوكالة (رويترز) للأنباء: «قرار الاحتراف جاء بشكل طبيعي بعدما لاحظت أنني قادرة على المنافسة في مستويات عالية، كنت دائماً أبحث عن التحديات، وعندما بدأت في تحقيق نتائج جيدة في البطولات، شعرت بأن هذا المجال يمكن أن يكون أكثر من مجرد هواية».

هذا الشغف المتزايد تردد صداه في أروقة المؤسسات والوزارات المعنية التي شرعت في وضع القواعد التنظيمية، وإقامة البطولات المحلية، وتأسيس منتخبات وطنية، مع الانفتاح على الاستثمار في البنى التحتية لتحويل المغرب إلى مركز إقليمي وعالمي للألعاب الإلكترونية، ليس على مستوى الممارسة فحسب، بل في مجال الابتكار، والبرمجة.

وفي هذا الصدد، تقول نسرين السويسي، المسؤولة عن تطوير صناعة الألعاب الإلكترونية بوزارة الشباب والثقافة والتواصل: «هذا الشغف ليس مجرد ظاهرة مؤقتة كما يعتقد البعض، بل هو تعبير عن جيل يبحث عن هوية رقمية خاصة به، سواء من خلال اللعب التنافسي الذي يجمع الملايين، أو من خلال الإبداع في تطوير الألعاب». وأضافت: «دورنا هو تحويل هذا الحماس إلى فرص عمل، وإنجازات ملموسة من خلال توفير البنية التحتية، والتدريب اللازم لهم ليصبحوا جزءاً من هذه الصناعة».

مبادرات حكومية

وتشيد نسرين بالمبادرات التي أطلقتها الدولة لدعم القطاع الناشئ، ومنها مشروع (مدينة الألعاب الإلكترونية) في الرباط الذي بدأ في الآونة الأخيرة بالشراكة مع فرنسا بهدف توفير منصات تدريبية وإبداعية حديثة، وخلق بيئة متكاملة لدعم صناعة وتطوير الألعاب.

وتستطرد قائلة: «نحن لا نبني مدينة الألعاب على أنه مجرد مبنى، أو مشروع عقاري، بل إنه جزء من استراتيجية متكاملة لتحويل المغرب إلى مركز إقليمي وعالمي في صناعة الألعاب الإلكترونية، حيث ستكون هذه المدينة فضاء شاملاً يضم استوديوهات تطوير متطورة، ومساحات عمل مشتركة للمبرمجين، وورش عمل لمصممي الغرافيكس، وكتاب السيناريوهات، بهدف خلق 6000 فرصة عمل بحلول 2030، وإنتاج ألعاب بجودة عالمية تنافس في الأسواق الدولية، وتضع المغرب على الخريطة العالمية».

وتشرف نسرين أيضاً على (معرض المغرب لصناعة الألعاب الإلكترونية) الذي انطلق لأول مرة العام الماضي وجذب 250 مشاركاً في نسخته الأولى، لكن هذا العدد ارتفع إلى أربعة أمثال في النسخة الثانية، مما عكس اهتماماً متزايداً من المطورين المحليين والشركات الدولية.

قاعدة أوسع

تعمل الجامعة الملكية المغربية للألعاب الإلكترونية على تعزيز الجانب التنافسي بقيادة حسناء الزومي التي تقول إن «الاهتمام بالرياضات الإلكترونية في المغرب شهد تطوراً ملحوظاً في السنوات الأخيرة، حيث لاحظنا زيادة كبيرة في عدد اللاعبين، والمسابقات، والجمهور الذي يتابع هذه الفعاليات، سواء بشكل مباشر، أو عبر الإنترنت».

وأوضحت أن بطولات مثل «البطولة» و«الدوري» نمت بشكل كبير، حيث ارتفع عدد المشاركين في «الدوري» من 180 لاعباً و21 جمعية إلى أكثر من 1200 لاعب و51 جمعية، مع زيادة الألعاب من اثنتين إلى سبع.

كما ترى اللاعبة ابتسام فرحان أن الألعاب الإلكترونية تتيح الفرصة للفتيات لإبراز إمكاناتهن، إذ تقول إن «مستقبل الرياضات الإلكترونية للنساء في المغرب واعد جداً، خاصة مع تزايد عدد اللاعبات المشاركات في البطولات المحلية والدولية».

وتعتبر أن فوزها ببطولة البحر المتوسط للرياضات الإلكترونية لم يكن مجرد إنجاز شخصي، بل بداية لتحفيز جيل جديد من اللاعبات إذ تسعى إلى تغيير الصورة النمطية للمرأة في الألعاب وتصبح نموذجاً يلهم الفتيات الأخريات لاقتحام هذا المجال.

الجانب الثقافي للألعاب

ولا تجذب الألعاب الإلكترونية اللاعبات في المغرب فحسب، بل اقتحمت الفتيات مجال البرمجة، والتصميم، ومنهن سلمى محضر التي تحلم بصنع ألعاب تعكس الروح والهوية المغربية.

وقالت سلمى: «لدينا اهتمام العديد من الشبان المغاربة الذين يريدون تحويل شغفهم إلى مهنة في تطوير الألعاب، أو ببساطة تعلم مهارات إنشاء ألعاب الفيديو، مما دفعهم للانضمام إلى مجتمعات تطوير الألعاب المخصصة، مثل مجموعة (مطوري الألعاب المغاربة)، مما أظهر أن المزيد من الشبان مهتمون بصناعة الألعاب، وليس فقط لعبها». وأضافت: «من تجربتي الشخصية، تمكنت من التعرف أكثر على جغرافية وتاريخ العديد من الدول، وأرى كيف يمكن للألعاب المغربية أن تتناسب مع هذه الصورة باستخدام ثقافتنا الجميلة، وتاريخنا الغني، وجمالنا المحلي في الألعاب».

وتابعت قائلة: «لماذا لا ننشئ لعبة عن عمارتنا في المدن القديمة مثل مراكش وفاس المعروفة بتصاميمها التفصيلية، والأسواق الملونة، والمعالم التاريخية، حيث يتبع اللاعب قصة جيدة بينما يزور أماكن تاريخية مثل مسجد الكتبية، ساحة جامع الفنا، قصر الباهية في مراكش، وجامعة القرويين، المدينة، والمدرسة البوعنانية في فاس».

وختمت بالقول: «لضمان نجاح عالمي للعبة... يجب أن تتابع اتجاهات الألعاب الحديثة، ما هو جديد في الصناعة، وتستمع إلى آراء اللاعبين في كل مراجعة للعبة لفهم ما حدث من خطأ، أو ما حدث بشكل صحيح... ببساطة، يجب أن تكون شخصاً مبدعاً، تحليلياً، صبوراً ومتفهماً».

سوق واعد

وبحسب التقديرات الرسمية تبلغ قيمة سوق الألعاب المغربية 2.24 مليار درهم (نحو 230 مليون دولار)، مع التطلع لمضاعفة هذه القيمة إلى خمسة مليارات درهم بحلول 2023.

ورغم التطور السريع، والانتشار الواسع للألعاب الإلكترونية في المغرب، فإن ثمة تحديات تواجه القطاع الواعد من وجهة نظر المتخصصين.

ويقول الإعلامي المتخصص في الألعاب والرياضات الإلكترونية الطيب جبوج إن البنية التحتية للإنترنت في المغرب شهدت تطوراً كبيراً في السنوات القليلة الماضية، لا سيما في المدن الكبرى، مثل الدار البيضاء، والرباط، ومراكش، لكن لا تزال هناك تفاوتات في المناطق الريفية، أو الأقل تطوراً.

وأضاف أنه من أجل تحقيق نتائج أفضل مستقبلاً يحتاج الأمر إلى تعزيز البنية التحتية الرقمية، وتشجيع تدريب المواهب، والاستثمار في التدريب، والبحث، وإقامة أحداث رياضية إلكترونية منظمة تسمح بتوحيد مجتمع يتزايد عدده باستمرار.