«صفقة الغاز» بين ليبيا وإيطاليا تصعّد خلافات أذرع السلطة في طرابلس

وزارة النفط اعتبرت توقيع «المؤسسة الوطنية» عليها «غير قانوني»

محمد عون وزير النفط والغاز في حكومة «الوحدة» الليبية (المكتب الإعلامي للوزارة)
محمد عون وزير النفط والغاز في حكومة «الوحدة» الليبية (المكتب الإعلامي للوزارة)
TT

«صفقة الغاز» بين ليبيا وإيطاليا تصعّد خلافات أذرع السلطة في طرابلس

محمد عون وزير النفط والغاز في حكومة «الوحدة» الليبية (المكتب الإعلامي للوزارة)
محمد عون وزير النفط والغاز في حكومة «الوحدة» الليبية (المكتب الإعلامي للوزارة)

فاقمت «صفقة الغاز» التي وقعتها حكومة «الوحدة» المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، مع شركة «إيني» الإيطالية، الخلافات بين أذرع السلطة التنفيذية في طرابلس، من بينهم وزارة النفط، التي تحفظت عليها.
فبعد مرور 4 أيام على إبرام المؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس، اتفاقية استكشاف وتطوير ومشاركة الإنتاج مع شركة «إيني» الإيطالية للنفط والغاز بقيمة ثمانية مليارات دولار، لا يزال غبار الأزمة يتصاعد وسط اعتراض من وزارة النفط والغاز برئاسة محمد عون، على الصفقة.
ويتمسك عون، بـ«عدم قانونية» الاتفاقية، وقال إن توقيعها كان يتطلب «موافقة مسبقة من وزارة النفط لرفع حصة الشريك الأجنبي وبدورها تحيلها إلى مجلس الوزراء للبت فيها، لكن هذا لم يحدث».
وعون، الذي تتبع وزارته حكومة الدبيبة، يعد من أذرع السلطة التنفيذية بطرابلس، كما رفضت الاتفاقية قوى أخرى موالية للحكومة من بينهم مشايخ قبائل بالبلاد. وسبق وأقال الدبيبة، مصطفى صنع الله الرئيس السابق للمؤسسة الوطنية للنفط بعد خلافات عديدة مع عون.
وعدّلت الاتفاقية، التي كانت مبرمة بين ليبيا وشركة «إيني» منذ عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، بزيادة حصة الشريك الأجنبي من 30 في المائة إلى 37 في المائة، وهو ما أثار غضب مناوئي حكومة الدبيبة.
وقال عون في بيان أصدرته وزارته مساء (الأحد) إن الاتفاق، الذي حضرته رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، «تم بطريقة مخالفة تماماً للتشريعات القانونية المنصوص عليها في قانون النفط رقم (25) لسنة 1955، وقانون تأسيس المؤسسة رقم (24) لسنة 1970م، والقرار رقم (10) لسنة 1970، حيث كان يتطلب موافقة مسبقة من وزارة النفط».
وأضاف أن «وزارة النفط والغاز تتقيد باتباع المسارات القانونية في كل معاملاتها باعتبارها الجهة المسؤولة قانوناً أمام الجهات التشريعية والرقابية».
ونوه عون إلى أن وزارته «تدعم وتشجع الاستثمار في مجال النفط والغاز مع الشركاء الدوليين بما يفيد مصلحة الطرفين»، متابعاً: «يجب على رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط اتباع الآليات القانونية في هذا الشأن، وإحالة المبررات الفنية والاقتصادية التي تمّ على أساسها إجراء تعديل الاتفاقية إلى وزارة النفط».
ورأى عون أن «استفراد المؤسسة بقرار تعديل الاتفاقيات يفتح المجال للشركاء الآخرين على أنه بالإمكان إجراء أي تعديل على ما اتفق عليه سابقاً دون المرور بالإجراءات والتشريعات المنصوص عليها في القانون الليبي».
وكانت وزارة النفط استبقت توقيع الاتفاقية مع إيطاليا، ونصحت «بعدم إجراء أي تعديل على اتفاقيات مستقرة»، ورأت أن ذلك «قد يفتح الباب أمام مطالب أخرى بالتعديل لحصص الإنتاج مع الشركاء الآخرين، بما سيربك النمط التعاقدي الليبي».
وفي تصريح سابق لـ«الشرق الأوسط» رأى عضو مجلس النواب الليبي ميلود الأسود، أن تغير نسبة الشريك الأجنبي «يأتي في إطار استغلال الظروف التي تمر بها ليبيا لمزيد من الابتزاز، والحصول على أكبر قدر من التنازلات»، خصوصاً عقب ما وصفه بـ«الصفقة المشبوهة»، التي حصلت بفضلها «توتال إنرجي» على نسبة كبيره في (شركة الواحة الليبية) على مرحلتين، «دون وجود أي مبرر لتلك التنازلات إلا استغلال ظروف البلاد».
وتحدث الأسود، وهو عضو بلجنة الطاقة بالمجلس، عن أن «ما ورد في بيان المؤسسة الوطنية للنفط حول استثمار ثمانية مليارات دولار في صفقة الغاز مع (إيني) غير حقيقي؛ كون ليبيا ستدفع نصف هذا المبلغ أصلاً بطبيعة التعاقد نفسه»، وهذا ما أكد عليه عون، في جلسة نقاشية عبر منصة «كلوب هاوس» مساء (الأحد) بأن ليبيا ستتحمل 4 مليارات دولار وهو ما يعادل نصف قيمة الصفقة مع «إيني».
ووسط تخوف المشاركين في الجلسة النقاشية بشأن مدى التزام الجانب الإيطالي بضخ 4 مليارات دولار في المشروع، تحدث عون عن ضرورة توثيق الاتفاقية، وقال إن ليبيا «لا تضمن حصتها في كمية الغاز المستخرجة إذا لم يكن الاتفاق موثقاً».
ولمزيد من الجدل حول الاتفاقية، التي تدافع عنها حكومة «الوحدة» والمؤسسة الوطنية للنفط، قال عون إنه «لا يمتلك نسخة من الاتفاقية»، لكن محمد حمودة المتحدث باسم حكومة «الوحدة» مضى مدافعاً عن الاتفاقية، وقال إنها «تعد استكمالاً لكل الاستثمارات السابقة بين البلدين»، مشيراً إلى أنها «مسألة اقتصادية فنية أكثر من كونها سياسية».
وذهب حمودة في تصريح لقناة «ليبيا الأحرار» إلى أن «العجز سيكون كبيراً خلال السنوات الخمس المقبلة إذا لم تستثمر ليبيا في حقول غاز جديدة لتغطية حاجة المستهلك والدولة من الغاز»، لافتاً إلى أن «العائد الذي قد تجنيه ليبيا من الاتفاقية يقدر بـ13 مليار دولار خلال مدة وجيزة مقدرة بثلاثة أعوام».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

مصر تعزّز تعاونها مع الصومال بـ«منتدى رجال الأعمال»

وزير الخارجية المصري خلال استقباله نظيره الصومالي في القاهرة مؤخراً (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال استقباله نظيره الصومالي في القاهرة مؤخراً (الخارجية المصرية)
TT

مصر تعزّز تعاونها مع الصومال بـ«منتدى رجال الأعمال»

وزير الخارجية المصري خلال استقباله نظيره الصومالي في القاهرة مؤخراً (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال استقباله نظيره الصومالي في القاهرة مؤخراً (الخارجية المصرية)

في خطوة تستهدف تعزيز التعاون المصري - الصومالي، أعلنت السفارة الصومالية في القاهرة استضافة العاصمة المصرية «منتدى رجال الأعمال المصري – الصومالي»، الأربعاء المقبل، لتطوير التعاون في المجال الاقتصادي.

ومن المقرر أن يُعقد المنتدى على مدار يومين، بمشاركة رجال أعمال ومستثمرين صوماليين ومصريين، حسب إفادة للسفارة الصومالية بالقاهرة.

وتشهد العلاقات المصرية الصومالية تطوراً متنامياً في الفترة الحالية، خاصة إزاء مساندة القاهرة لمقديشو في أزمتها مع أديس أبابا، بشأن مساعي الأخيرة للحصول على منفذ بحري بالاتفاق مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي.

وعدّ سفير الصومال في القاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية السفير علي عبدي انعقاد منتدى الأعمال «خطوة مهمة على الطريق الصحيح، لتعزيز التعاون بين بلاده ومصر على المستويات كافة، خاصة المجال الاقتصادي»، وأكد في إفادة للسفارة الصومالية «أهمية التعاون مع الحكومة المصرية، بوصفها شريكاً تجارياً داعماً لاقتصاد بلاده».

وحسب السفير، «تمتلك مقديشو العديد من المقومات الجاذبة للاستثمارات»، داعياً المستثمرين المشاركين في المنتدى إلى «الاستفادة من الفرص الاستثمارية الواعدة في بلاده»، وأعرب عن تطلعه لنجاح المنتدى في تحقيق أهدافه وتوسيع ودفع مستوى العلاقات الاقتصادية المصرية الصومالية.

وأشاد عبدي بمستوى التطور في العلاقات المصرية الصومالية، مشيراً إلى «وجود إرادة سياسية قوية لدى البلدين لدعم وتعزيز التعاون المشترك»، حسب بيان السفارة الصومالية.

وفي وقت سابق، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، خلال محادثاته مع نظيره الصومالي أحمد معلم فقي في القاهرة، نهاية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أهمية «العمل على إنجاح منتدى الأعمال المصري الصومالي المزمع عقده بالعاصمة المصرية»، مشدداً على «أهمية تعزيز العلاقات التجارية والارتقاء بها».

ويشكل انعقاد منتدى الأعمال المصري الصومالي خطوة مهمة في مسار التقارب بين القاهرة ومقديشو، وتوسيع روابط العلاقات بين البلدين، وفق تقدير رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة يسري الشرقاوي، مشيراً إلى أن «المنتدى سيجمع عدداً كبيراً من ممثلي القطاع الخاص المصري والصومالي، لإرساء قواعد عمل وشراكات تجارية واستثمارية».

ويرى الشرقاوي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الصومال في حاجة لخبرات واستثمارات في قطاعات مهمة، مثل الأمن الغذائي والأدوية والمنسوجات»، مشيراً إلى أن «المنتدى يستهدف تعزيز الشراكات والاستثمارات في هذه القطاعات، بما يعزز من مستوى التبادل التجاري بين البلدين».

وارتفع حجم التبادل التجاري بين مصر والصومال إلى 59 مليون دولار خلال النصف الأول من عام 2024، مقابل 31 مليون دولار خلال الفترة نفسها من عام 2023 بنسبة ارتفاع قدرها 88 في المائة، وسجلت الصادرات المصرية 57 مليون دولار، في مقابل 2 مليون دولار واردات، حسب الجهاز المركزي للإحصاء المصري.

بدوره، يرى خبير الشؤون الأفريقية المصري رامي زهدي أن «الوقت بات مناسباً في الصومال لتدشين شراكات استثمارية وتجارية، بعد هدوء التوترات الداخلية»، وقال إن «مقديشو تستهدف تطوير قدراتها الاقتصادية لاستكمال بناء كامل أركان الدولة من خلال الاستعانة بخبرات الدول الصديقة لها ومنها مصر».

ويعتقد زهدي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «التعاون المصري الصومالي مؤخراً يوفر الغطاء السياسي والتشريعي لاستثمارات مشتركة بين القطاع الخاص في البلدين»، مشيراً إلى أن «القاهرة تستهدف دعم قدرات الصومال ومؤسساته الوطنية، بما يسهم في إنهاء التوترات في القرن الأفريقي، والمساهمة في أمن البحر الأحمر»، منوهاً بـ«المساعدات العسكرية التي تقدمها مصر للحكومة الصومالية، لتعزيز قدراتها في مواجهة التحديات الأمنية، خصوصاً خطر الإرهاب».

وعزّزت مصر تعاونها العسكري مع الصومال، ووقع البلدان، في أغسطس (آب) الماضي، بروتوكول تعاون عسكري، واتُّفق حينها على مشاركة مصر في البعثة الأفريقية لحفظ السلام خلال الفترة من 2025 إلى 2029، كما دعمت القاهرة مقديشو بمعدات عسكرية.