برلين تعطي الضوء الأخضر لـ«ليوبارد»... وكييف ترحب بـ«تحالف الدبابات الكبير»

المستشار الألماني يتعهد عدم إرسال طائرات مقاتلة أو قوات برية إلى أوكرانيا

المستشار الألماني أولاف شولتس في كلمة أمام البوندستاغ ويجلس خلفه وزير الدفاع بوريس بيستوريوس (إ.ب.أ)
المستشار الألماني أولاف شولتس في كلمة أمام البوندستاغ ويجلس خلفه وزير الدفاع بوريس بيستوريوس (إ.ب.أ)
TT

برلين تعطي الضوء الأخضر لـ«ليوبارد»... وكييف ترحب بـ«تحالف الدبابات الكبير»

المستشار الألماني أولاف شولتس في كلمة أمام البوندستاغ ويجلس خلفه وزير الدفاع بوريس بيستوريوس (إ.ب.أ)
المستشار الألماني أولاف شولتس في كلمة أمام البوندستاغ ويجلس خلفه وزير الدفاع بوريس بيستوريوس (إ.ب.أ)

أنهت ألمانيا أياماً من الجدل والتردد وأعلنت أخيراً موافقتها على إرسال دبابات «ليوبارد» ألمانية الصنع إلى أوكرانيا، في خطوة لاقت ترحيباً واسعاً من الدول الغربية الحليفة، ومن الداخل الألماني، ومن كييف التي وصفت الخطوة بأنها «تحالف الدبابات الكبير»، على أمل أن تقوم الدول التي بحوزة جيوشها هذا النوع من الدبابات الثقيلة بتزويدها بها في المستقبل القريب. وقال المستشار الألماني أولاف شولتس، في كلمة أمام البوندستاغ، إنه كان من المهم «انتظار الحلفاء واتخاذ القرار بالتنسيق معهم»، مشيراً إلى أن أي خطوة منفردة كانت «لتعرض أمن ألمانيا للخطر».
ورحّبت الرئاسة الأوكرانية بقرار برلين تسليمها 14 دبابة «ليوبارد» ما اعتبرته «خطوة أولى»، ودعت الدول الغربية إلى تزويدها بمزيد من الأسلحة لصدّ الجيش الروسي. وقال رئيس الإدارة الرئاسية أندري يرماك على «تليغرام»: «تم اتخاذ خطوة أولى»، مطالباً بأن يقوم «تحالف» دولي بتزويد كييف بدبابات ثقيلة. وأضاف: «نحن بحاجة لعدد كبير من دبابات ليوبارد». وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في محادثة مع المستشار الألماني، الأربعاء، إنه «ممتن بصدق» للضوء الأخضر الذي أعطته برلين لمنح بلاده دبابات «ليوبارد». وأورد زيلينسكي عبر «تويتر»: «ممتنون بصدق للمستشار وجميع أصدقائنا في ألمانيا». وعبر السفير الأوكراني في ألمانيا أوليسكي ماكييف عن سعادته بتشكيل «تحالف الدبابات الكبير».
وأعلن شولتس على لسان المتحدث باسم الحكومة الألمانية شتيفن هيبشترايت أن أوكرانيا ستحصل على 14 دبابة قتالية طراز «ليوبارد 2» من مخزونات الجيش الألماني. ومن المنتظر إرسال ما مجموعه نحو 90 دبابة «ليوبارد» إلى أوكرانيا بالتعاون مع الحلفاء. وكان هيبشترايت أوضح أن الهدف هو تجميع كتيبتي مدرعات بدبابات «ليوبارد 2»، مشيراً إلى أن هناك شركاء أوروبيين سيوفرون من جانبهم أيضاً دبابات لهذا الغرض، وذكر أن الحكومة الألمانية ستصدر التصاريح الخاصة بذلك. يذكر أن كتيبة المدرعات الألمانية الرئيسية تضم في العادة 44 دبابة «ليوبارد 2». ما يعني أن الأمر يدور حول توريد ما مجموعه نحو 90 دبابة إلى أوكرانيا. وأضاف أن ألمانيا ناقشت مع دول من بينها كندا وإسبانيا والبرتغال أفضل السبل للمضي قدماً، وتتوقع أن يستغرق الأمر عدة أشهر حتى تصبح الدبابات قابلة للتشغيل في أوكرانيا.
وصرح وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس بأن من الممكن وصول أول دفعة إلى أوكرانيا في غضون نحو ثلاثة أشهر، وستخرج الدفعة الأولى منها من مخزون الجيش الألماني. وقال بيستوريوس أيضاً إن الدبابات الألمانية ستُقدم مع قطع للصيانة. وأعلن متحدث باسم وزارة الدفاع لاحقاً أن تدريب الجنود الأوكرانيين على الدبابات «سيبدأ في الأيام القليلة المقبلة، على الأرجح خلال الشهر الجاري»، وأنه سيتم تدريب 50 إلى 100 جندي أوكراني داخل ألمانيا. وأضاف أن ألمانيا تهدف إلى أن تصبح دبابات «ليوبارد» جزءاً من المنظومة العسكرية الأوكرانية بحلول نهاية الربع الأول من العام الجاري.

وفي أعقاب جلسة للجنة الدفاع في البرلمان الألماني، قال بيستوريوس السياسي المنتمي إلى حزب المستشار أولاف شولتس الاشتراكي الديمقراطي إنه سيتم البدء الآن في التدريب وتوضيح طرق الإمداد بسرعة كبيرة. ووصف بيستوريوس قرار حكومة بلاده بأنه قرار «تاريخي»، لأنه تم بشكل منسق «في وضع متفجر للغاية في أوكرانيا». وأضاف بيستوريوس: «ليس هذا مدعاة للاحتفال»، مشيراً إلى أن لديه تفهماً كبيراً لهؤلاء الذين يساورهم القلق من هذه الخطوة، «لكن الأمر الواضح هو أننا لن نكون طرفاً في الحرب، نحن نعمل على هذا».
وذكر موقع «شبيغل» أن تحالفاً من دول أوروبية سيرسل إلى أوكرانيا «بأقرب وقت ممكن» ما مجموعه 80 دبابة «ليوبارد» من نماذج مختلفة من الجيل الثاني. وحذر خبراء عسكريون من أن الدبابات الغربية، إذا لم تكن مماثلة، فقد لا تكون لها الفاعلية نفسها، بسبب اختلاف صيانة وذخائر وقطع كل منها. وكانت بولندا قد تقدمت بطلب رسمي لدى برلين للسماح لها بإرسال دبابات «ليبوبارد 2» ولكن من نموذج أقدم من الذي تريد ألمانيا إرساله.
أعلنت إسبانيا أيضاً استعدادها لتزويد أوكرانيا بالدبابات الألمانية عقب إعلان الحكومة الألمانية عن قرارها بهذا الصدد. وقالت وزيرة الدفاع الإسبانية مارجريتا روبليس، للصحافيين في مدريد، إن «إسبانيا مستعدة لمناقشة كل ما هو ضروري في إطار التنسيق مع حلفائها». وقالت إنه يمكن توريد دبابات «ليوبارد» القتالية، ويمكن أيضاً المساعدة في تدريب الأوكرانيين وفي الصيانة. ولم تذكر روبليس عدد الدبابات التي من الممكن أن تقوم مدريد بتقديمها.
جدير بالذكر أن إسبانيا لديها 108 دبابات من طراز «ليوبارد 2 إيه 4» اشترتها من ألمانيا و239 مركبة من طراز «إي 2». ويشار إلى أن المركبات الأخيرة هي نسخة معدلة تعتمد على طراز «2 إيه 6»، الذي يتم تصنيعه إلى حد كبير في إسبانيا لتلبية الاحتياجات الإسبانية.
وأعلنت السويد أنه ليس لديها حالياً أي خطط لإرسال دبابات «ليوبارد2» القتالية إلى أوكرانيا، لكن لا تستبعد إرسالها في المستقبل. وقال وزير الدفاع السويدي، بال جونسون لصحيفة «سفينسكا داجبلادت»: «حالياً لا تجري أي استعدادات للتبرع بالدبابات من السويد، لكن لا نستبعد أن يحدث ذلك في مرحلة لاحقة». وكان قد قال بالفعل للإذاعة السويدية، يوم الجمعة الماضي، أنه ليس هناك أي اعتراضات بشكل عام لإرسال دبابات لأوكرانيا.
ولم يتطرق شولتس بشكل مباشر لمسألة «الصفقة» التي تم التوصل إليها مع واشنطن والتي تقضي بإرسال الولايات المتحدة دبابات «أبرامز» أميركية الصنع، مقابل موافقة ألمانيا على إرسال دبابات «ليوبارد». ورداً على سؤال من أحد النواب حول ما إذا كان «تردد» ألمانيا قد أضر بعلاقتها مع الولايات المتحدة، اكتفى شولتس بالقول إن العلاقة مع الرئيس الأميركي جو بايدن جيدة، وإنه «على توافق» مع بايدن في مسألة المساعدات لأوكرانيا. وحرّض شولتس على التشديد على أن التمهل باتخاذ القرار «كان صحيحاً» وأن الأهم كان «عدم التحرك منفردين»، مشيراً إلى موافقة الدول الحليفة من بينها بريطانيا وفرنسا، على تشكيل تحالف لإرسال دبابات غربية الصنع لأوكرانيا. وتعرض شولتس لانتقادات واسعة في الأيام الماضية من حليفيه في الحكومة، حزبي الخضر والليبراليين، ومن حزب المعارضة الرئيسي، المسيحي الديمقراطي، بسبب رفضه إعطاء الموافقة على إرسال الدبابات. واتهمه نواب من الأحزاب الثلاثة بأنه يسهم في «تقسيم» أوروبا، فيما تحدث آخرون عن «تدمير ثقة الحلفاء بألمانيا».
وحاول المستشار طمأنة المتخوفين داخل ألمانيا من أن الخطوة قد تعد تصعيداً، وتورط بلاده في الحرب الدائرة في أوكرانيا، وقال: «المبدأ الذي اعتمدناه هو المبدأ الصحيح، من المهم جداً عدم التصرف منفردين بل بتنسيق مع شركائنا. الكثيرون قلقون من إرسال هذه الأسلحة، أريد أن أطلب منكم أن تثقوا بي وبالحكومة، سنحرص على ألا يتعرض بلدنا لمخاطر نتيجة هذه الأسلحة». وأضاف شولتس: «في كل خطوة نتخذها، يجب دائماً أن نؤكد أننا سنقوم بما يلزم ومعقول لدعم أوكرانيا، ولكن في الوقت نفسه لمنع تصعيد الحرب وتحويلها إلى حرب بين الناتو وروسيا». وأضاف المستشار: «لن نرسل قوات برية بأي حال من الأحوال. قلت إنه لن تكون هناك مشاركة مباشرة من جانب دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) في حرب أوكرانيا. ليس هذا هو الواقع حتى الآن، ولن يكون كذلك في المستقبل. ويمكن للجميع أن يعتمدوا على هذا».
ورحب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ بقرار ألمانيا، قائلاً إنها ستساعد كييف على هزم الغزاة الروس. وأضاف على «تويتر»: «في لحظة حرجة من الحرب التي تشنها روسيا، يمكن للدبابات مساعدة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها والانتصار كدولة مستقلة».
وعارض قرار إرسال الدبابات الحزبان المتطرفان الصغيران في البرلمان الألماني؛ «دي لينكا» اليساري المتطرف، و«البديل لألمانيا» اليميني المتطرف. وسأل النائب بيتر بيسترون عن «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف، شولتس متى ستضع برلين خطاً أحمر وتتوقف عن تزويد أوكرانيا بالأسلحة، معتبراً أن هذا يعرضها للخطر، وسأل ما إذا كانت الخطوة التالية ستكون إرسال مقاتلات حربية أو حتى جنود ألمان. فرد شولتس بنفي ذلك بشكل قاطع، مؤكداً أن ألمانيا لن ترسل مقاتلات ولا جنوداً إلى أوكرانيا. وكان نائب وزير الخارجية الأوكراني أندريج ميلنك الذي كان حتى نهاية العام الماضي سفير كييف في برلين، قد كتب تغريدة يطالب بها ألمانيا والدول الغربية بإرسال مقاتلات حربية بعد الموافقة على إرسال الدبابات.
واتهم النائب بيسترون قرار المستشار بإرسال الدبابات واتهمه «برمي كل أسس السياسة الخارجية لألمانيا منذ ما بعد الحرب»، مشيراً إلى هيلموت شميت وفيلي براندت، مستشاري ألمانيا الأسبقين من الحزب الاشتراكي، اللذين قادا سياسة التقارب مع الاتحاد السوفياتي. ورد شولتس بالقول إن «روسيا بهجومها على أوكرانيا» هي التي دمرت الإنجازات السياسية السابقة.
وكان أحد أسباب تردد شولتس في الأيام الماضية، مخاوفه من أن يؤدي إرسال الدبابات إلى كييف إلى توتير العلاقات أكثر مع روسيا ربما إلى نقطة اللاعودة. وظهر الحزب الاشتراكي الديمقراطي في الأيام الماضية، معزولاً تقريباً في رفضه إرسال الدبابات، أمام الضغوط من الحزبين في الحكومة وحزب المعارضة الرئيسي.
وانتقد السفير الروسي في برلين سيرغي ناشاييف، قرار شولتس ووصفه بـ«شديد الخطورة»، محذراً من أنه سيأخذ الصراع «إلى مرحلة جديدة من التصعيد». وكتب ناشاييف على «تليغرام»: «هذا يؤكد لنا مرة جديدة أن ألمانيا، مثل حليفتها، لا تريد حلاً دبلوماسياً للأزمة الأوكرانية وهي تسعى لتصعيد الأزمة». وأضاف مشيراً إلى تاريخ النازيين: «بموافقة الحكومة الألمانية، فإن الدبابات الألمانية ستعبر مرة جديدة (الجبهة الشرقية)، ما سيؤدي لا محالة إلى مقتل جنود روس وأيضاً إلى مقتل مدنيين». وهذا الجدل تحديداً هو ما استخدمه البعض، مثل دول البلطيق، لحث ألمانيا على الموافقة على إرسال الدبابات. وقال بيان عن الدول الثلاث قبل يوم من موافقة شولتس على إرسال الدبابات، إن أمام «ألمانيا مسؤولية بسبب تاريخها» بمساعدة أوكرانيا.


مقالات ذات صلة

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

الرئيس الأوكراني زيلينسكي خلال لقائه ترمب في نيويورك الأسبوع الماضي (أ.ب)

ماسك ونجل ترمب يتفاعلان مع صورة تقارن زيلينسكي ببطل فيلم «وحدي في المنزل»

تفاعل الملياردير الأميركي إيلون ماسك ودونالد ترمب جونيور، نجل الرئيس المنتخب دونالد ترمب، مع صورة متداولة على منصة «إكس»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ألسنة لهب كثيفة تتصاعد من مبنى مدمر وسيارة محترقة في منطقة زابوريجيا الأوكرانية نتيجة قصف روسي (خدمة الطوارئ الأوكرانية- أ.ف.ب)

4 قتلى و19 جريحاً بضربة روسية على زابوريجيا الأوكرانية

قُتل 4 أشخاص على الأقل وأُصيب 19، الثلاثاء، في ضربة صاروخية روسية «دمَّرت» عيادة خاصة في مدينة زابوريجيا جنوب أوكرانيا، في حصيلة مرشحة للارتفاع.

أوروبا صورة مركبة تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية تعرضت لأضرار بسبب غارة بطائرة مسيرة على طريق في منطقة زابوريجيا في أوكرانيا 10 ديسمبر 2024 (رويترز)

مسيّرة تستهدف مركبة لوكالة الطاقة الذرية قرب محطة زابوريجيا النووية في أوكرانيا

قال مدير الطاقة الذرية إن مركبة تابعة للوكالة تعرضت لأضرار جسيمة بسبب هجوم بمسيرة على الطريق المؤدي إلى محطة زابوريجيا للطاقة النووية في أوكرانيا، الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس وزراء إستونيا كريستين ميشال لدى اجتماعهما في كييف الاثنين (أ.ب)

زيلينسكي: 800 ألف جندي روسي منتشرون في أوكرانيا

أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي انتشار مئات الآلاف من الجنود الروس حالياً في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (كييف - لندن)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال اجتماع في كييف بأوكرانيا 9 ديسمبر 2024 (أ.ب)

زيلينسكي منفتح على انتشار قوات غربية في أوكرانيا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه منفتح على الانتشار المحتمل لقوات غربية في كييف لضمان أمن البلاد في إطار جهود أوسع نطاقاً لإنهاء الحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
TT

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)
رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

ووفقاً للتقرير العالمي بشأن الاتجار بالأشخاص والصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإنه في عام 2022 -وهو أحدث عام تتوفر عنه بيانات على نطاق واسع- ارتفع عدد الضحايا المعروفين على مستوى العالم 25 في المائة فوق مستويات ما قبل جائحة «كوفيد- 19» في عام 2019. ولم يتكرر الانخفاض الحاد الذي شهده عام 2020 إلى حد بعيد في العام التالي، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال التقرير: «المجرمون يتاجرون بشكل متزايد بالبشر لاستخدامهم في العمل القسري، بما في ذلك إجبارهم على القيام بعمليات معقدة للاحتيال عبر الإنترنت والاحتيال الإلكتروني، في حين تواجه النساء والفتيات خطر الاستغلال الجنسي والعنف القائم على النوع»، مضيفاً أن الجريمة المنظمة هي المسؤولة الرئيسية عن ذلك.

وشكَّل الأطفال 38 في المائة من الضحايا الذين تمت معرفتهم، مقارنة مع 35 في المائة لأرقام عام 2020 التي شكَّلت أساس التقرير السابق.

وأظهر التقرير الأحدث أن النساء البالغات ما زلن يُشكِّلن أكبر مجموعة من الضحايا؛ إذ يُمثلن 39 في المائة من الحالات، يليهن الرجال بنسبة 23 في المائة، والفتيات بنسبة 22 في المائة، والأولاد بنسبة 16 في المائة.

وفي عام 2022؛ بلغ إجمالي عدد الضحايا 69 ألفاً و627 شخصاً.

وكان السبب الأكثر شيوعاً للاتجار بالنساء والفتيات هو الاستغلال الجنسي بنسبة 60 في المائة أو أكثر، يليه العمل القسري. وبالنسبة للرجال كان السبب العمل القسري، وللأولاد كان العمل القسري، و«أغراضاً أخرى» بالقدر نفسه تقريباً.

وتشمل تلك الأغراض الأخرى الإجرام القسري والتسول القسري. وذكر التقرير أن العدد المتزايد من الأولاد الذين تم تحديدهم كضحايا للاتجار يمكن أن يرتبط بازدياد أعداد القاصرين غير المصحوبين بذويهم الذين يصلون إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وكانت منطقة المنشأ التي شكلت أكبر عدد من الضحايا هي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى بنسبة 26 في المائة، رغم وجود كثير من طرق الاتجار المختلفة.

وبينما يمكن أن يفسر تحسين الاكتشاف الأعداد المتزايدة، أفاد التقرير بأن من المحتمل أن يكون مزيجاً من ذلك ومزيداً من الاتجار بالبشر بشكل عام.

وكانت أكبر الزيادات في الحالات المكتشفة في أفريقيا جنوب الصحراء وأميركا الشمالية ومنطقة غرب وجنوب أوروبا، وفقاً للتقرير؛ إذ كانت تدفقات الهجرة عاملاً مهماً في المنطقتين الأخيرتين.