مرحلة جديدة من التقارب بين الولايات المتحدة وكوبا

حوار بين الطرفين الأسبوع الماضي في هافانا للتعاون ضد الإرهاب والمخدرات

ينتظرون في الدور لدخول السفارة الأميركية بهافانا في 4 يناير الحالي (روينرز)
ينتظرون في الدور لدخول السفارة الأميركية بهافانا في 4 يناير الحالي (روينرز)
TT

مرحلة جديدة من التقارب بين الولايات المتحدة وكوبا

ينتظرون في الدور لدخول السفارة الأميركية بهافانا في 4 يناير الحالي (روينرز)
ينتظرون في الدور لدخول السفارة الأميركية بهافانا في 4 يناير الحالي (روينرز)

تتجه الولايات المتحدة وكوبا، بهدوء وبعيداً عن الأضواء، نحو مرحلة جديدة من التقارب، بعد عامين من وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، والوعد الذي كان قد أطلقه في حملته الانتخابية بالعودة إلى سياسة «التعهد البنّاء» التي كان قد أرساها الرئيس الأسبق باراك أوباما.
ويعقد مسؤولون كبار في الإدارة الأميركية والحكومة الكوبية منذ أشهر اجتماعات دورية بهدف التخفيف من التدابير القاسية التي كان الرئيس السابق دونالد ترمب قد فرضها على كوبا طوال ولايته.
وفيما تعتبر حكومة هافانا أن هذا التوجه الجديد في السياسة الأميركية تجاه الجزيرة إيجابي ويسير في الاتجاه الصحيح، ترى أن التدابير العملية التي أثمرها حتى الآن ما زالت غير كافية.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي الأميركي وليان ليوغراندي، الذي يعتبر كبير الخبراء في العلاقات الأميركية - الكوبية، إن هذا التوجّه في سياسة بايدن هو ثمرة الحرج الكبير الذي واجهته واشنطن منذ أشهر عندما قررت عدة دول أميركية لاتينية، من بينها المكسيك، مقاطعة قمة البلدان الأميركية التي كانت قد استضافتها واشنطن، بسبب إقصائها كوبا؛ تنفيذاً للعقوبات التي كانت لا تزال سارية من عهد الإدارة السابقة. وقد بادرت واشنطن عقب ذلك إلى اتخاذ بعض التدابير المهمة لتحسين العلاقات مع هافانا، مثل تخفيف القيود المفروضة على السفر، واستئناف إصدار التـأشيرات للمهاجرين من الجزيرة، والسماح بالتحويلات النقدية، واستعادة الحوار حول مواضيع ذات اهتمام مشترك.
وكانت آخر جولات الحوار بين الطرفين أجريت نهاية الأسبوع الفائت في العاصمة الكوبية، وشارك فيها مسـؤولون أميركيون كبار في وزارة الأمن القومي، وخفر السواحل ومكتب التحقيقات الفيدرالي مع نظرائهم الكوبيين؛ للبحث في مجالات التعاون من أجل مكافحة الإرهاب وتجارة المخدرات. وبعد نهاية هذا الحوار الأخوي، الذي انتقده بشدّة أعضاء الكونغرس الأميركي المتحدرون من أصول كوبية، نوّه الوفدان بجدّية المحادثات ومستواها الفني، وأعلنا عن مواصلة التعاون في هذه المجالات.
وفي الأشهر الأخيرة، عقد الطرفان الأميركي والكوبي جولات عدة من المحادثات تناولت قضايا الهجرة، وتقررت إعادة تفعيل القنصلية الأميركي في هافانا، التي كان دونالد ترمب أمر بإغلاقها، على أن تصدر 2000 تأشيرة دخول سنوياً إلى الولايات المتحدة، كما كان قد تقرر على عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما.
كما تعهدت كوبا باستقبال الرحلات الجوية التي تنقل مهاجرين غير شرعيين من الولايات المتحدة، الأمر الذي قد يغيّر قواعد اللعبة في خضمّ أزمة الهجرة التي حطّمت كل الأرقام القياسية السابقة، حيث بلغ عدد الكوبيين الذين دخلوا الولايات المتحدة عبر الحدود المكسيكية بصورة غير شرعية العام الماضي ما يزيد على 300 ألف مهاجر.
ويعتبر الخبراء أن تدفقات الهجرة هي التي دفعت إدارة بايدن إلى إعادة النظر في سياسة واشنطن تجاه كوبا، حيث إن التدابير التي تستهدف محاصرة الجزيرة اقتصاديا، تؤدي إلى تدهور الأوضاع المعيشية، وبالتالي تدفع نحو المزيد من الهجرة التي يشكّل ارتفاعها في الفترة الأخيرة عاملاً ضاغطاً بقوة على المشهد السياسي الأميركي. لكن الطبيعة المعقدة للعقوبات التي فرضتها الإدارة الأميركية السابقة على كوبا، تجعل من الصعب جداً تفكيكها بسرعة، مثل إدراج كوبا على قائمة البلدان الداعمة للإرهاب، الذي يقتضي إسقاطه خطوات قانونية وتشريعية طويلة.
ولا شك في أن الخطوة الأهم التي اتخذتها واشنطن حتى الآن في إطار الحوار مع كوبا، هي تطبيع الهجرة بما يتيح للكوبيين سبيلاً آمناً وشرعياً لدخول الولايات المتحدة، عوضاً عن المجازفة بحياتهم في البحر، ودفع أموال طائلة للمنظمات الإجرامية التي تتاجر بالمهاجرين. يضاف إلى ذلك السماح بالتحويلات النقدية التي تسهّل على الأميركيين المتحدرين من أصول كوبية مساعدة ذويهم في الجزيرة من غير اللجوء إلى الأساليب والطرق غير القانونية.
وكان عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي قد زاروا هافانا مؤخراً واجتمعوا بالرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل، وبحثوا معه إمكانية الاستفادة من سياسة ترخيص نشاط القطاع الخاص، والسماح للشركات الكوبية بالتعاقد مع شركات أجنبية.
وتجدر الإشارة إلى أن الهزيمة الفادحة التي لحقت بالديمقراطيين في فلوريدا خلال الانتخابات الوسطية الأخيرة، أظهرت أن بايدن لا حظوظ له على الإطلاق بالفوز في الانتخابات الرئاسية العام المقبل في هذه الولاية التي يشكّل فيها المتحدرون من أصول كوبية القاعدة الأساسية للحزب الجمهوري، وبالتالي أصبح بإمكانه أن يقرر سياسته تجاه كوبا بمعزل عن أي اعتبارات داخلية.


مقالات ذات صلة

الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

الولايات المتحدة​ الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

الكونغرس الأميركي يُحقّق في «أخلاقيات» المحكمة العليا

تواجه المحكمة العليا للولايات المتحدة، التي كانت تعدّ واحدة من أكثر المؤسّسات احتراماً في البلاد، جدلاً كبيراً يرتبط بشكل خاص بأخلاقيات قضاتها التي سينظر فيها مجلس الشيوخ اليوم الثلاثاء. وتدور جلسة الاستماع، في الوقت الذي وصلت فيه شعبية المحكمة العليا، ذات الغالبية المحافظة، إلى أدنى مستوياتها، إذ يرى 58 في المائة من الأميركيين أنّها تؤدي وظيفتها بشكل سيئ. ونظّمت اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، التي يسيطر عليها الديمقراطيون، جلسة الاستماع هذه، بعد جدل طال قاضيين محافظَين، قبِل أحدهما وهو كلارنس توماس هبة من رجل أعمال. ورفض رئيس المحكمة العليا جون روبرتس، المحافظ أيضاً، الإدلاء بشهادته أمام الك

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الجمود السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس يثير ذعر الأسواق المالية

الجمود السياسي بين البيت الأبيض والكونغرس يثير ذعر الأسواق المالية

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي كيفين مكارثي قبول دعوة الرئيس جو بايدن للاجتماع (الثلاثاء) المقبل، لمناقشة سقف الدين الأميركي قبل وقوع كارثة اقتصادية وعجز الحكومة الأميركية عن سداد ديونها بحلول بداية يونيو (حزيران) المقبل. وسيكون اللقاء بين بايدن ومكارثي في التاسع من مايو (أيار) الجاري هو الأول منذ اجتماع فبراير (شباط) الماضي الذي بحث فيه الرجلان سقف الدين دون التوصل إلى توافق. ودعا بايدن إلى لقاء الأسبوع المقبل مع كل من زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر (ديمقراطي من نيويورك)، وزعيم الأقلية في مجلس النواب ميتش ماكونيل (جمهوري من كنتاكي)، وزعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز (ديمقراطي م

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ شاهد.... مراهق أميركي ينقذ حافلة مدرسية بعد فقدان سائقها الوعي

شاهد.... مراهق أميركي ينقذ حافلة مدرسية بعد فقدان سائقها الوعي

تمكّن تلميذ أميركي يبلغ 13 سنة من إيقاف حافلة مدرسية تقل عشرات التلاميذ بعدما فقد سائقها وعيه. وحصلت الواقعة الأربعاء في ولاية ميشيغان الشمالية، عندما نهض مراهق يدعى ديلون ريفز من مقعده وسيطر على مقود الحافلة بعدما لاحظ أنّ السائق قد أغمي عليه. وتمكّن التلميذ من إيقاف السيارة في منتصف الطريق باستخدامه فرامل اليد، على ما أفاد المسؤول عن المدارس الرسمية في المنطقة روبرت ليفرنوا. وكانت الحافلة تقل نحو 70 تلميذاً من مدرسة «لويس أي كارتر ميدل سكول» في بلدة وارين عندما فقد السائق وعيه، على ما ظهر في مقطع فيديو نشرته السلطات.

يوميات الشرق أول علاج بنبضات الكهرباء لمرضى السكري

أول علاج بنبضات الكهرباء لمرضى السكري

كشفت دراسة أجريت على البشر، ستعرض خلال أسبوع أمراض الجهاز الهضمي بأميركا، خلال الفترة من 6 إلى 9 مايو (أيار) المقبل، عن إمكانية السيطرة على مرض السكري من النوع الثاني، من خلال علاج يعتمد على النبضات الكهربائية سيعلن عنه للمرة الأولى. وتستخدم هذه الطريقة العلاجية، التي نفذها المركز الطبي بجامعة أمستردام بهولندا، المنظار لإرسال نبضات كهربائية مضبوطة، بهدف إحداث تغييرات في بطانة الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة لمرضى السكري من النوع الثاني، وهو ما يساعد على التوقف عن تناول الإنسولين، والاستمرار في التحكم بنسبة السكر في الدم. وتقول سيلين بوش، الباحثة الرئيسية بالدراسة، في تقرير نشره الجمعة الموقع ال

حازم بدر (القاهرة)
آسيا شويغو: روسيا تعزز قواعدها في آسيا الوسطى لمواجهة أميركا

شويغو: روسيا تعزز قواعدها في آسيا الوسطى لمواجهة أميركا

نقلت وكالة الإعلام الروسية الحكومية عن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو قوله، اليوم (الجمعة)، إن موسكو تعزز الجاهزية القتالية في قواعدها العسكرية بآسيا الوسطى لمواجهة ما قال إنها جهود أميركية لتعزيز حضورها في المنطقة. وحسب وكالة «رويترز» للأنباء، تملك موسكو قواعد عسكرية في قرغيزستان وطاجيكستان، لكن الوكالة نقلت عن شويغو قوله إن الولايات المتحدة وحلفاءها يحاولون إرساء بنية تحتية عسكرية في أنحاء المنطقة، وذلك خلال حديثه في اجتماع لوزراء دفاع «منظمة شنغهاي للتعاون» المقام في الهند. وقال شويغو: «تحاول الولايات المتحدة وحلفاؤها، بذريعة المساعدة في مكافحة الإرهاب، استعادة حضورها العسكري في آسيا الوسطى

«الشرق الأوسط» (موسكو)

طائرات مسيّرة غامضة تثير قلق السكان والسياسيين في نيويورك

TT

طائرات مسيّرة غامضة تثير قلق السكان والسياسيين في نيويورك

صورة لإحدى المسيرات الغامضة في سماء نيويورك (نيويورك بوست)
صورة لإحدى المسيرات الغامضة في سماء نيويورك (نيويورك بوست)

أثار رصد مجموعة من الطائرات المسيرة الغامضة في منطقة مدينة نيويورك الأميركية، التي تشمل بعض أجزاء ولاية نيو جيرسي المجاورة، قلق السكان والسياسيين المحليين والوطنيين ودفع السلطات إلى إجراء تحقيقات.

وكتبت حاكمة نيويورك كاث هوتشيل على موقع «إكس» يوم الجمعة: «نعرف أن سكان نيويورك رصدوا مسيرات في الجو هذا الأسبوع ونحن نقوم بالتحقيق... في هذا الوقت، لا يوجد دليل على أن هذه المسيرات تشكل تهديداً للسلامة العامة أو الأمن القومي».

وقالت هوتشيل إن مكتبها يقوم بالتنسيق مع مكتب التحقيقات الاتحادي ومكتب وزارة الأمن الداخلي، «لحماية سكان نيويورك».

وفي رسالة تم إرسالها يوم الخميس إلى هذين المكتبين الاتحاديين، بالإضافة إلى إدارة الطيران الاتحادية، التي تشرف على الحركة الجوية في الولايات المتحدة، طالب عضوا مجلس الشيوخ عن نيويورك تشاك شومر، زعيم الأغلبية، وكيرستن جيليبراند، وعضوا مجلس الشيوخ عن ولاية نيوجيرسي كوري بوكر وأندرو كيم، بإحاطة حول نشاط المسيرات.

وجاء في الرسالة: «منذ أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، أبلغ سكان في منطقة مدينة نيويورك وشمال نيوجيرسي عن عدة حوادث لظهور طائرات مسيرة في الليل، مما أثار قلق السكان وسلطات إنفاذ القانون المحلية».

وقال عضو الكونغرس الأميركي ريتشارد بلومنتال، إن المسيرات الغامضة يجب أن «يتم إسقاطها إذا لزم الأمر»، رغم أنه لا يزال غير واضح من يملكها.

وقال بلومنتال من ولاية كونيتيكت يوم الخميس، إن «علينا القيام بتحليل استخباراتي عاجل وإخراجها من السماء، خصوصاً إذا كانت تحلق فوق المطارات أو القواعد العسكرية».

وأضاف أن هناك مخاوف من أن المسيرات قد تشارك الأجواء مع الطائرات التجارية، وطالب بمزيد من الشفافية من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن. وقال المتحدث باسم الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي يوم الخميس، إن مراجعة التقارير عن رصد مسيرات أظهرت أن كثيراً منها في الواقع طائرات مأهولة تحلق بشكل قانوني. وأكد أنه لم يتم رصد أي مسيرات في أي منطقة جوية محظورة، وأن خفر السواحل الأميركي لم يعثر على أي دليل على تورط أجنبي من السفن الساحلية.