نشر 12 ألف شرطي في ليما تحسباً لـ«المسيرة الكبرى»

مع استمرار احتجاجات أنصار الرئيس المعزول في البيرو

خلال المواجهات بين المتظاهرين ورجال الأمن في ليما أول من أمس (أ.ف.ب)
خلال المواجهات بين المتظاهرين ورجال الأمن في ليما أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

نشر 12 ألف شرطي في ليما تحسباً لـ«المسيرة الكبرى»

خلال المواجهات بين المتظاهرين ورجال الأمن في ليما أول من أمس (أ.ف.ب)
خلال المواجهات بين المتظاهرين ورجال الأمن في ليما أول من أمس (أ.ف.ب)

في يوم الاحتفال بذكرى تأسيسها عام 1535، أفاقت عاصمة البيرو، أمس، على هدير دبابات الجيش وانتشار 12 ألفاً من أفراد الشرطة والقوات الخاصة في وسطها التاريخي، تحسباً للمواجهة المرتقبة مع «المسيرة الكبرى» التي ينظمها أنصار الرئيس المعزول بيدرو كاستيو، والتي وصلت إلى أبواب ليما للمرة الأولى منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية مطالع الشهر الفائت.
وكانت رئيسة الجمهورية دينا بولوارتي أعلنت، صباح أمس في خطاب متلفز، أن جميع الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة وضعت في حال استنفار عام، وأن الحكومة ثابتة في موقفها. وانتقدت المتظاهرين الذين يتدفقون منذ أيام من مقاطعات الجنوب بأنهم يسعون إلى افتعال الفوضى للاستيلاء على السلطة.
ويزيد من احتمالات وقوع مواجهات عنيفة، أن طلاب الجامعات الرئيسية في العاصمة أعلنوا تضامنهم مع المتظاهرين، وعرضوا إيواءهم طوال فترة الاعتصام التي يخططون لها «إلى أن تتجاوب الحكومة مع مطالب الشعب بتقديم موعد الانتخابات العامة واستقالة جميع أعضاء البرلمان»، كما جاء في البيان الذي وزعته الهيئة المنظمة للاحتجاجات التي أوقعت حتى الآن ما يزيد على 70 قتيلاً ومئات الجرحى.
وبعد الإعلان عن تجاوب الطلاب الجامعيين مع الحركة الاحتجاجية، حاصرت قوات الشرطة المباني الجامعية، حيث وقعت بعض المناوشات التي لم تسفر عن وقوع ضحايا.
وحتى كتابة هذه السطور، لم يتمكن المتظاهرون من تحقيق هدفهم الرئيسي بالوصول إلى القصر الحكومي ومقر البرلمان، فيما أفادت المعلومات بأن الشرطة لم تستخدم الأسلحة النارية لردع المحتجين، خلافاً لما حصل خلال المواجهات الأخيرة في المناطق الجنوبية والأرياف التي يشكّل السكان الأصليون الغالبية الساحقة من سكانها المؤيدين للرئيس المعزول، الذي ما زال محتجزاً في السجن رهن التحقيق والمحاكمة.
لكن في موازاة ذلك، وبينما كانت العاصمة تشهد اندلاع حريق كبير في وسطها تمكنت سرايا الإطفاء من إخماده بعد ساعات بصعوبة، كانت بعض المدن الجنوبية تشهد مواجهات متفرقة بين متظاهرين وقوات الشرطة، أسفرت عن مقتل أحد المواطنين بعد إصابته بطلق ناري، وجرح عشرات آخرين.
ويصرّ المتظاهرون على أنهم لن يتراجعوا في احتجاجاتهم إلى أن تستقيل رئيسة الجمهورية التي يحمّلونها مسؤولية عشرات القتلى الذين وقعوا برصاص الشرطة، ويرفعون شعارات تصفها بأنها فاقدة الشرعية وتعامل المواطنين مثل الحيوانات، وتدفع البلاد إلى حرب أهلية.
وفي تقرير صدر أمس عن لجنة حقوق الإنسان التابعة لمنظمة البلدان الأميركية، قال رئيسها ستواردو رالون: «نشعر بالقلق الشديد إزاء ما يحصل في البيرو من فقدان الثقة بالمؤسسات، وتدهور النقاش العام، والتشهير بفئة معيّنة من المواطنين». ودعا إلى الإسراع في فتح أبواب الحوار لنزع فتيل مواجهة مدنية أعرب عن خشيته من «أن كل العناصر أصبحت جاهزة لتفجيرها».
وكان وفد من اللجنة قد قام بزيارة المناطق التي اندلعت فيها المواجهات الدامية منذ منتصف الشهر الماضي، واستمعت إلى كل الأطراف، من الرئيسة دينا بولوارتي إلى الضحايا وذويهم، لتشخيص الوضع ومحاولة طرح مخرج من الأزمة التي تشلّ النشاط الاقتصادي والحركة الإدارية في البيرو.
وقال رالون إن الوفد عاين الظروف الصعبة التي تعيشها المناطق الجنوبية من البلاد التي «لا يثق مواطنوها بالحكومة بعد سنوات من الإهمال وعدم وجود البنى التحتية والخدمات الأساسية التي تنعم بها العاصمة والمدن الصغيرة المحيطة بها».
ويخشى مراقبون دبلوماسيون في ليما من تفاقم سريع للأزمة في الأيام القليلة المقبلة، خصوصاً بعد وصول أعداد كبيرة من المتظاهرين إلى العاصمة، حيث يلقون تعاطفاً واسعاً في الأوساط الطلابية والعمالية، فيما تتحصّن النخبة السياسية والاقتصادية وراء جدار كثيف من أفراد الشرطة والقوات الخاصة التابعة للجيش.
وتجدر الإشارة إلى أن 6 رؤساء للجمهورية تعاقبوا على البيرو خلال السنوات الأربع المنصرمة، وذلك بعد أن تعرّض جميع الذين تولّوا الرئاسة منذ مطلع هذا القرن لملاحقات قانونية انتهت بدخول بعضهم السجن، وفرار آخرين من وجه العدالة، وحتى انتحار أحدهم.
وقد أدت هذه الأزمات المتلاحقة إلى فقدان المواطنين ثقتهم بالمؤسسات والطبقة السياسية، فيما كانت العلاقات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية تتدهور بشكل خطير حال دون التوافق بينهما على مخارج من هذه الأزمات وفتح قنوات للحوار تحول دون تكرارها.
وكانت الأزمة الأخيرة التي نشأت عن محاولة الانقلاب الذاتي الفاشلة التي قام بها الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانتهت بعزله بعد ساعات قليلة، قد أدت إلى انتخاب دينا بولوارتي كأول امرأة رئيسة للبلاد.
لكن هذا الحدث التاريخي تجاوزته التطورات المتسارعة للأزمة التي أسفرت عن وقوع عدد كبير من الضحايا، ووضعت البيرو على شفا حرب أهلية.


مقالات ذات صلة

برلمان بيرو يرفض مذكرة إقالة ضد رئيسة البلاد

أميركا اللاتينية برلمان بيرو يرفض مذكرة إقالة ضد رئيسة البلاد

برلمان بيرو يرفض مذكرة إقالة ضد رئيسة البلاد

رفض البرلمان البيروفي طرح مذكرة إقالة بسبب «عدم الأهلية الأخلاقية» ضد رئيسة البلاد دينا بولوارتي في إطار قمع التظاهرات الأخيرة المناهضة للحكومة التي أسفرت عن سقوط حوالى خمسين قتيلا.

«الشرق الأوسط» (ليما)
أميركا اللاتينية المحكمة العليا في بيرو تثبت قرار الحبس الاحتياطي 36 شهراً للرئيس السابق

المحكمة العليا في بيرو تثبت قرار الحبس الاحتياطي 36 شهراً للرئيس السابق

أكدت محكمة استئناف في بيرو، أمس، الجمعة قرار الحبس الاحتياطي لمدة 36 شهرا للرئيس السابق بيدرو كاستيو المتهم بالفساد والمحتجّز منذ ديسمبر (كانون الأول) بتهمة التمرد بعد محاولة انقلاب مفترضة. وورد في تغريدة للمحكمة العليا على «تويتر»: «تصادق الدائرة الجنائية الدائمة للمحكمة العليا برئاسة سيزار سان مارتن كاسترو، على الحبس الوقائي 36 شهراً بحق الرئيس السابق بيدرو كاستيو تيرون المتهم بالجريمة المفترضة المتمثلة بتشكيل عصابة إجرامية، من بين تهم أخرى». ويفترض أن يبقى كاستيو (53 عاماً) في السجن حتى ديسمبر 2025 بينما تواصل النيابة تحقيقاتها وتقرر ما إذا كان سيحاكَم على الجريمتين. وفي العاشر من مارس (آذا

«الشرق الأوسط» (ليما)
أميركا اللاتينية بسبب «الآراء الهجومية» للرئيس... بيرو تسحب سفيرها لدى كولومبيا بصورة نهائية

بسبب «الآراء الهجومية» للرئيس... بيرو تسحب سفيرها لدى كولومبيا بصورة نهائية

أعلنت بيرو، أمس (الأربعاء)، أنها «سحبت بصورة نهائية» سفيرها لدى كولومبيا، متّهمة بوغوتا بالتدخل في شؤونها الداخلية بعد شهر من استدعاء سفيرها لدى المكسيك للأسباب نفسها. وقالت وزارة الخارجية البيروفية، في بيان، إن هذه الخطوة جاءت بعد «تدخل متكرر والآراء الهجومية» للرئيس الكولومبي اليساري غوستافو بيترو حول الأزمة السياسية التي تمر بها بيرو بعد الإطاحة بالرئيس اليساري بيدرو كاستيو وسجنه في ديسمبر (كانون الأول). وأضافت الوزارة أن هذه التصريحات «أدت إلى تدهور خطير في العلاقة التاريخية للصداقة والتعاون والاحترام المتبادل التي كانت قائمة بين بيرو وكولومبيا». وخلال القمة الإيبيرية - الأميركية التي عُقد

«الشرق الأوسط» (ليما)
أميركا اللاتينية رئيسة البيرو تدعو إلى حوار واسع لإنهاء الأزمة

رئيسة البيرو تدعو إلى حوار واسع لإنهاء الأزمة

دعت رئيسة البيرو دينا بولوارتي، التي تواجه أزمة سياسية واجتماعية خطيرة منذ توليها السلطة قبل شهرين، الجمعة، إلى حوار واسع لوضع «برنامج للبلاد» التي وصفتها بأنها «ديمقراطية هشة».

«الشرق الأوسط» (ليما)
أميركا اللاتينية رئيسة بيرو دينا بولوارتي ورئيس الوزراء ألبرتو أوتارولا (إ.ب.أ)

رئيسة بيرو تدعو إلى حوار واسع لإنهاء الأزمة وتحصين الديمقراطية

دعت رئيسة بيرو دينا بولوارتي التي تواجه أزمة سياسية واجتماعية خطيرة منذ توليها السلطة قبل شهرين، إلى حوار واسع لوضع «برنامج للبلاد» التي وصفتها بأنها «ديمقراطية هشة». وقالت بولوراتي في مؤتمر صحافي إلى جانب رئيس الوزراء ألبرتو أوتارولا: «سعيا إلى السلام، أدعو صراحة جميع القادة السياسيين من كل حزب، وكذلك قادة المنظمات الاجتماعية والعمال والجميع بشكل عام، إلى الاجتماع من أجل وضع برنامج للبلاد على الطاولة». أضافت الرئيسة البيروفية التي عرضت حصيلة أداء حكومتها: «نعيش في ديمقراطية هشة (...) أعتقد أنها الأكثر هشاشة في أميركا اللاتينية، لكن الأمر عائد للبيروفيين، لنا، لتعزيز هذه الديمقراطية ومؤسساتنا»

«الشرق الأوسط» (ليما)

هايتي تنشر قوات إضافية بعد مقتل 70 شخصاً في هجوم لعصابة

ضباط كينيون خلال دورية لحفظ الأمن في بور أو برنس بهايتي (رويترز)
ضباط كينيون خلال دورية لحفظ الأمن في بور أو برنس بهايتي (رويترز)
TT

هايتي تنشر قوات إضافية بعد مقتل 70 شخصاً في هجوم لعصابة

ضباط كينيون خلال دورية لحفظ الأمن في بور أو برنس بهايتي (رويترز)
ضباط كينيون خلال دورية لحفظ الأمن في بور أو برنس بهايتي (رويترز)

نشرت الحكومة في هايتي، الجمعة، وحدات شرطة متخصصة لمكافحة العصابات، غداة اعتداء دامٍ شمال غربي العاصمة بور أو برانس، قالت الأمم المتحدة إنه أسفر عن سقوط 70 قتيلاً على الأقل.

ووقع الهجوم في وقت مبكر من يوم الخميس، في بلدة بون سوندي، على بعد نحو 100 كيلومتر من العاصمة، وتم فيه إحراق عشرات المنازل والمركبات، بعد أن أطلق أفراد العصابة النار، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

يأتي هذا في وقت تحاول فيه مهمة شرطية دولية بقيادة كينية، إعادة فرض السيطرة الحكومية في هايتي، التي تعاني منذ سنوات اضطرابات أمنيّة وسياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة وكوارث طبيعيّة.

وتفاقم الوضع في البلاد منذ أواخر فبراير (شباط)، عندما شنّت عصابات مسلّحة هجمات منسّقة على مراكز الشرطة والسجون والمقارّ الحكوميّة، في محاولة لإطاحة رئيس الوزراء السابق أرييل هنري الذي كان قد عُيّن قبل أيّام من اغتيال الرئيس جوفينيل مويز في 2021.

وقالت المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، في بيان، إن «أعضاء في عصابة (غران غريف) مزودين بنادق آلية، أطلقوا النار على الناس، وقتلوا 70 شخصاً على الأقل، بينهم نحو 10 نساء و3 رضّع».

ورأى مكتب رئيس وزراء هايتي، في بيان، أن «هذا العمل العنيف الأخير، الذي يستهدف المدنيين الأبرياء، غير مقبول، ويتطلب استجابة عاجلة وصارمة ومنسقة من الدولة».

وشدد البيان على أن الشرطة الوطنية «ستكثّف جهودها»، مضيفاً أن «عناصر من وحدة مكافحة العصابات المؤقتة تم نشرهم بوصفهم تعزيزات لدعم الفرق الموجودة بالفعل على الأرض».

وأفادت متحدثة باسم إحدى منظمات المجتمع المدني المحلية وسائل الإعلام الهايتية، بأن الهجوم جاء بعدما أصدر زعيم عصابة «غران غريف» لوكسون إيلان، تهديدات ضد من يرفضون دفع خوات للعصابة لاستخدام طريق سريعة قريبة.

وقالت بيرتيد هوراس لإذاعة «راديو ماجيك 9»: «لقد أعدموا العشرات من السكان، أصيب جميع الضحايا تقريباً برصاصة في الرأس».

وأوضحت أن «عناصر الشرطة المنتشرين في مكان قريب، والذين يعانون على ما يبدو نقصاً في العدد والعدة، لم يبدوا أي مقاومة حيال المجرمين، وفضّلوا الاحتماء» على الدفاع عن الناس.

وبحسب الأمم المتحدة، «أصيب 16 شخصاً على الأقل بجروح خطرة، من بينهم اثنان من أفراد العصابة أصيبا خلال تبادل لإطلاق النار مع الشرطة الهايتية».

ويشتبه في أن أفراد العصابة «أضرموا النار في 45 منزلاً و34 مركبة على الأقل»، ما أجبر السكان على الفرار.

جريمة «شنيعة»

وأعلن مكتب رئيس الوزراء أنه تمّ إرسال قوات أمن إضافية، تدعمها بعثة الشرطة الدولية بقيادة كينيا، إلى بون سوندي ليل الخميس - الجمعة. وأشار إلى أن الهجوم وقع عند الساعة الثالثة فجراً صباح الخميس.

وأكد رئيس الوزراء غاري كونيل أن «الجريمة الشنيعة التي ارتُكبت ضد النساء والرجال والأطفال العزّل ليست هجوماً على هؤلاء الضحايا فحسب، بل على الأمة الهايتية بأكملها».

والأسبوع الماضي، أعلنت الأمم المتحدة أن 3661 شخصاً على الأقل قضوا منذ يناير (كانون الثاني)، في هايتي، حيث يستشري عنف العصابات.

وتسيطر عصابات على مساحة واسعة من العاصمة بور أو برنس، وتُتهم بارتكاب انتهاكات كثيرة، مثل القتل والاغتصاب والنهب والخطف للحصول على فدية.

وتتقاطع مصالح كثير من السياسيين مع العصابات في هايتي. وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية، الأسبوع الماضي، فرض عقوبات على أحد أعضاء البرلمان الهايتي عن دائرة تتبع لها بون سوندي، على خلفية تقديمه مساعدات لعصابة «غران غريف» مكافأة لها على دعمه في الفوز بانتخابات عام 2016.