هل تحد «العقوبات» من «الغش الإلكتروني» في الامتحانات المصرية؟

شكاوى متكررة من تسريب الأسئلة

وزير التربية والتعليم المصري يناقش تفعيل مجموعات الدعم المدرسية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يناقش تفعيل مجموعات الدعم المدرسية (وزارة التربية والتعليم)
TT

هل تحد «العقوبات» من «الغش الإلكتروني» في الامتحانات المصرية؟

وزير التربية والتعليم المصري يناقش تفعيل مجموعات الدعم المدرسية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يناقش تفعيل مجموعات الدعم المدرسية (وزارة التربية والتعليم)

في إطار مواجهة الشكاوى المتكررة من تسريب الأسئلة الامتحانية بعد دقائق من دخول الطلاب للجان، وضعت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني المصرية إجراءات جديدة لمواجهة «الغش الإلكتروني»، وسط تساؤلات حول مدى فاعلية هذه «العقوبات» والإجراءات في الحد من هذا «الغش» في الامتحانات المصرية.
ووجّهت وزارة التربية والتعليم، المديريات التعليمية التابعة لها بمختلف المحافظات المصرية بضرورة «اتخاذ إجراءات مشددة لمواجهة ظاهرة (الغش الإلكتروني) خلال امتحان الشهادة الإعدادية». وشددت «التربية والتعليم» على «ضرورة إجراءات التفتيش قبل دخول الطلاب للامتحانات، وعدم السماح لأي طالب بدخول اللجان بأي من المحظورات التي تمنعها الوزارة»، موجهة بـ«أهمية التعامل بحسم مع المشاركين في تسريب الامتحانات».
وأكدت وزارة التربية والتعليم على «التعامل مع من يثبت تَورطه في أعمال نشر وتصوير امتحانات الشهادة الإعدادية، وتطبيق قانون الغش عليه، وعدم التهاون مع من يشارك في (إفساد) سير العملية الامتحانية بشكل منضبط في جميع المراحل التعليمية لا سيما الشهادة الإعدادية».
جاء ذلك بعد عدد من الوقائع التي شهدتها بعض المحافظات في أول أيام امتحانات الشهادة الإعدادية (الأربعاء) الماضي، حيث نشرت «مجموعات» عبر صفحات التواصل الاجتماعي امتحان الشهادة الإعدادية بالإجابة كاملة، وذلك بعد دقائق من دخول الطلاب للجان. وقبل ذلك رصدت وزارة التربية والتعليم تداول أسئلة امتحان اللغة العربية للصفين الأول والثاني الثانوي عبر «مجموعات» على تطبيق «تليغرام».
ويرى مصدر بـ«التربية والتعليم» – تحفّظ في ذكر اسمه - أن مجابهة (الغش الإلكتروني) تكون عبر «تفتيش الطلاب أكثر من مرة لضبط الهواتف المحمولة، ومراقبة الامتحانات بالكاميرات، وعدم التهاون في تطبيق العقوبات المقررة على من يثبت تَورطه في تسريب الامتحانات سواء من الطلاب أم المراقبين، فضلاً عن مجابهة صفحات (الغش الإلكتروني) بالتنسيق مع الجهات المعنية»... وتعد مشكلة «الغش الإلكتروني» إحدى مُعضلات التعليم في مصر، بعد تكرار حالات تسريب الامتحانات.
في غضون ذلك، ردت الحكومة المصرية (الجمعة) على أنباء انتشرت في بعض المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي بشأن تداول قائمة بأسعار حصص مجموعات الدعم المدرسية للطلاب خلال الفصل الدراسي الثاني للعام الحالي. وأكد «مجلس الوزراء المصري» أن «وزارة التربية والتعليم لم تعلن عن أي تفاصيل بهذا الشأن، ولا تزال بصدد مناقشة مختلف المقترحات بشأن آليات تفعيل وتنفيذ مجموعات الدعم المدرسية خلال الفترة المقبلة في جميع المحافظات المصرية، وذلك لضمان تنفيذها وفقاً لمعايير الجودة التعليمية، بهدف تخفيف العبء عن كاهل أولياء الأمور».
في حين ناشدت وزارة التربية والتعليم (الجمعة) الطلاب وأولياء الأمور «عدم الانسياق وراء تلك (الأخبار المغلوطة)»، مؤكدة أنه «سيتم تجهيز قاعات خاصة بهذه المجموعات في عدد محدد من المدارس داخل كل إدارة تعليمية لاستقبال الطلاب، واختيار أفضل المعلمين المتميزين لتدريس المواد المختلفة في مجموعات الدعم، وخصوصاً لمرحلة الشهادتين الإعدادية والثانوية، فيما سيتم تنفيذ مجموعات الدعم المدرسية لطلاب صفوف النقل داخل المدارس».
وكان وزير التربية والتعليم المصري رضا حجازي قد عقد اجتماعاً مع عدد من قيادات الوزارة لمناقشة آليات تفعيل مجموعات الدعم المدرسية خلال الفترة المقبلة في جميع المحافظات تزامناً مع بداية الفصل الدراسي الثاني. ووجّه الوزير بـ«ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لكي تكون مجموعات الدعم بالمدارس عامل جذب لأبنائنا الطلاب»، موضحاً أنه «سيتم تطبيق القرار الخاص بمجموعات الدعم على جميع المحافظات خلال الفترة المقبلة».


مقالات ذات صلة

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

الولايات المتحدة​ دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

دراسة تكشف: مدرستك الثانوية تؤثر على مهاراتك المعرفية بعد 60 عاماً

أظهر بحث جديد أن مدى جودة مدرستك الثانوية قد يؤثر على مستوى مهاراتك المعرفية في وقت لاحق في الحياة. وجدت دراسة أجريت على أكثر من 2200 من البالغين الأميركيين الذين التحقوا بالمدرسة الثانوية في الستينات أن أولئك الذين ذهبوا إلى مدارس عالية الجودة يتمتعون بوظيفة إدراكية أفضل بعد 60 عاماً، وفقاً لشبكة «سكاي نيوز». وجد الباحثون أن الالتحاق بمدرسة مع المزيد من المعلمين الحاصلين على تدريب مهني كان أوضح مؤشر على الإدراك اللاحق للحياة. كانت جودة المدرسة مهمة بشكل خاص للمهارات اللغوية في وقت لاحق من الحياة. استخدم البحث دراسة استقصائية أجريت عام 1960 لطلاب المدارس الثانوية في جميع أنحاء الولايات المتحدة

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

مصر: نفي رسمي لـ«إلغاء مجانية» التعليم الجامعي الحكومي

نفت الحكومة المصرية، أمس السبت، عزمها «إلغاء مجانية التعليم الجامعي»، مؤكدة التزامها بتطوير قطاع التعليم العالي. وتواترت أنباء خلال الساعات الماضية حول نية الحكومة المصرية «إلغاء مجانية التعليم في الجامعات الحكومية»، وأكد مجلس الوزراء المصري، في إفادة رسمية، أنه «لا مساس» بمجانية التعليم بكل الجامعات المصرية، باعتباره «حقاً يكفله الدستور والقانون لكل المصريين».

إيمان مبروك (القاهرة)
«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

«تشات جي بي تي»... خصم وصديق للتعليم والبحث

لا يزال برنامج «تشات جي بي تي» يُربك مستخدميه في كل قطاع؛ وما بين إعجاب الطلاب والباحثين عن معلومة دقيقة ساعدهم «الصديق (جي بي تي)» في الوصول إليها، وصدمةِ المعلمين والمدققين عندما يكتشفون لجوء طلابهم إلى «الخصم الجديد» بهدف تلفيق تأدية تكليفاتهم، لا يزال الفريقان مشتتين بشأن الموقف منه. ويستطيع «تشات جي بي تي» الذي طوَّرته شركة الذكاء الصناعي «أوبن إيه آي»، استخدامَ كميات هائلة من المعلومات المتاحة على شبكة الإنترنت وغيرها من المصادر، بما في ذلك حوارات ومحادثات بين البشر، لإنتاج محتوى شبه بشري، عبر «خوارزميات» تحلّل البيانات، وتعمل بصورة تشبه الدماغ البشري. ولا يكون النصُّ الذي يوفره البرنامج

حازم بدر (القاهرة)
تحقيقات وقضايا هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

هل يدعم «تشات جي بي تي» التعليم أم يهدده؟

رغم ما يتمتع به «تشات جي بي تي» من إمكانيات تمكنه من جمع المعلومات من مصادر مختلفة، بسرعة كبيرة، توفر وقتاً ومجهوداً للباحث، وتمنحه أرضية معلوماتية يستطيع أن ينطلق منها لإنجاز عمله، فإن للتقنية سلبيات كونها قد تدفع آخرين للاستسهال، وربما الاعتماد عليها بشكل كامل في إنتاج موادهم البحثية، محولين «تشات جي بي تي» إلى أداة لـ«الغش» العلمي.

حازم بدر (القاهرة)
العالم العربي بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

بن عيسى يشدد على أهمية التعليم لتركيز قيم التعايش

اعتبر محمد بن عيسى، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، ووزير الخارجية المغربي الأسبق، أن مسألة التعايش والتسامح ليست مطروحة على العرب والمسلمين في علاقتهم بالأعراق والثقافات الأخرى فحسب، بل أصبحت مطروحة حتى في علاقتهم بعضهم ببعض. وقال بن عيسى في كلمة أمام الدورة الحادية عشرة لمنتدى الفكر والثقافة العربية، الذي نُظم أمس (الخميس) في أبوظبي، إن «مسألة التعايش والتسامح باتت مطروحة علينا أيضاً على مستوى بيتنا الداخلي، وكياناتنا القطرية، أي في علاقتنا ببعضنا، نحن العرب والمسلمين».

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

الأمم المتحدة: 1000 قتيل في مجزرة لـ«الدعم السريع»

 نازحون يستقلون عربة تجرها الحمير عقب هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين 15 أبريل الماضي (رويترز)
نازحون يستقلون عربة تجرها الحمير عقب هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين 15 أبريل الماضي (رويترز)
TT

الأمم المتحدة: 1000 قتيل في مجزرة لـ«الدعم السريع»

 نازحون يستقلون عربة تجرها الحمير عقب هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين 15 أبريل الماضي (رويترز)
نازحون يستقلون عربة تجرها الحمير عقب هجمات لـ«قوات الدعم السريع» على مخيم زمزم للنازحين 15 أبريل الماضي (رويترز)

أفاد تقرير للأمم المتحدة، أمس (الخميس)، بأن أكثر من 1000 مدني قُتلوا في هجوم شنّته «قوات الدعم السريع» في أبريل (نيسان) الماضي، بمخيم زمزم للنازحين شمال دارفور، تعرض نحو ثلثهم لعمليات إعدام خارج نطاق القانون.

وأشارت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في تقريرها إلى «مجازر وعمليات اغتصاب وأعمال عنف جنسي أخرى وتعذيب وخطف» ارتُكبت خلال الهجوم الذي نفذته «قوات الدعم السريع» من 11 إلى 13 أبريل. وأكدت المفوضية «مقتل ما لا يقل عن 1013 مدنياً».

وفي سياق آخر، شنت «قوات الدعم السريع»، أمس، هجوماً واسعاً بعشرات الطائرات المسيّرة، طالت عدداً من المدن في ولاية النيل بشمال السودان، مستهدفة محطة رئيسية لتوليد الكهرباء، مما أدى إلى مقتل شخصين وانقطاع التيار الكهربائي في المدن السودانية الكبرى.

وقال مصدر عسكري وشهود إن الهجوم تم بنحو 35 مسيّرة على مدن عطبرة والدامر وبربر في ولاية النيل، وألحق أضراراً بالغة بمحولات كهربائية في محطة المقرن في عطبرة نتج عنها إظلام تام في ولايات الخرطوم ونهر النيل والبحر الأحمر.


مصر تلوّح باتفاقية «الدفاع المشترك» للحفاظ على وحدة السودان

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
عبد الفتاح السيسي خلال استقبال عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
TT

مصر تلوّح باتفاقية «الدفاع المشترك» للحفاظ على وحدة السودان

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)
عبد الفتاح السيسي خلال استقبال عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية)

رسمت مصر «خطوطاً حمراء» بشأن الأزمة في السودان، وحذرت من تجاوزها باعتبارها «تمس الأمن القومي المصري». ولوّحت باتخاذ كافة التدابير التي تكفلها «اتفاقية الدفاع المشترك» بين البلدين، في خطاب يراه خبراء «الأكثر حدة» منذ اندلاع الحرب في السودان.

وجاء الموقف المصري بالتزامن مع استقبال الرئيس عبد الفتاح السيسي، الخميس، رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، حيث أكد السيسي «دعم بلاده الكامل للشعب السوداني في مساعيه لتجاوز المرحلة الدقيقة الراهنة»، وشدد على «ثوابت الموقف المصري الداعم لوحدة السودان وسيادته وأمنه واستقراره»، مؤكداً استعداد بلاده لبذل كل جهد ممكن في هذا السياق، وفق بيان صادر عن المتحدث باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي.

وجددت مصر، في أثناء زيارة البرهان، «تأكيد دعمها الكامل لرؤية الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخاصة بتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في السودان»، وذلك في إطار «توجه الإدارة الأميركية لإحلال السلام، وتجنب التصعيد، وتسوية المنازعات في مختلف أنحاء العالم».

تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك

مع التأكيد على تلك الثوابت، وضعت القاهرة «خطوطاً حمراء» للمرة الأولى في الأزمة السودانية، مؤكدة أنها «لا يمكن أن تسمح بتجاوزها باعتبارها تمس الأمن القومي المصري الذي يرتبط ارتباطاً مباشراً بالأمن القومي السوداني»، وتضمنت المحاذير المصرية «الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه، وعدم العبث بمقدرات الشعب السوداني، وعدم السماح بانفصال أي جزء من أراضي السودان».

وقالت الرئاسة المصرية، الخميس، إن «الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية، ومنع المساس بهذه المؤسسات، هو خط أحمر آخر».

وأكدت «الحق الكامل في اتخاذ كافة التدابير والإجراءات اللازمة التي يكفلها القانون الدولي»، ومن بينها «تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين؛ لضمان عدم المساس بهذه الخطوط الحمراء أو تجاوزها».

الرئيس المصري خلال محادثات في القاهرة الخميس مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان (الرئاسة المصرية)

وفي مارس (آذار) من عام 2021، وقّعت مصر «اتفاقية للتعاون العسكري مع السودان»، تغطي «مجالات التدريب، وتأمين الحدود، ومواجهة التهديدات المشتركة»، وسبقها «اتفاق للدفاع المشترك» وقّعه البلدان في عام 1976، في مواجهة «التهديدات الخارجية».

عضو «لجنة الدفاع والأمن القومي» في مجلس النواب المصري، اللواء يحيى كدواني، قال إن الأمن القومي المصري يرتبط مباشرة بوحدة الأراضي السودانية، «ومع وجود مؤامرات تهدف إلى تقسيمه، فإن ذلك يستدعي وضع (خطوط حمراء) لعدم تجاوزها، بما يحقق الحفاظ على مقدرات الدولة السودانية، وبما يشكل ضمانة لحماية الأمن القومي المصري».

وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الموقف المصري بشأن الحفاظ على وحدة وسلامة السودان ثابت وقوي، والقاهرة قادرة على تنفيذ ما تعلن عنه من شعارات ومبادرات لحماية مؤسسات الدولة السودانية»، لافتاً إلى أن استدعاء «اتفاقية الدفاع المشترك» جاء للتأكيد على أن «هناك تنسيقاً مشتركاً بين البلدين في إطار الشرعية الدولية والاتفاقيات الموقعة في السابق بين البلدين».

وذكر بيان الرئاسة المصرية، الخميس، أن «القاهرة تتابع بقلق بالغ استمرار حالة التصعيد والتوتر الشديد الحالية في السودان، وما نجم عن هذه الحالة من مذابح مروعة وانتهاكات سافرة لأبسط قواعد حقوق الإنسان في حق المدنيين السودانيين، خاصة في الفاشر»، كما أكدت «رفضها القاطع لإنشاء أي كيانات موازية أو الاعتراف بها، باعتبار أن ذلك يمس وحدة السودان وسلامة أراضيه».

أما عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، فأكد أن التنسيق المصري - السوداني في مجابهة تهديدات تقسيم البلاد يأتي في إطار حماية الأمن القومي المصري والسوداني والعربي، خاصة أن البلدين ضمن «مجلس الدول المتشاطئة على البحر الأحمر»، وهو لديه أدوار رئيسية تتمثل في «الدفاع والتنمية».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الموقف المصري يأتي في إطار مبادرة «الرباعية الدولية»، والمبادرة التي طرحها ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، الأمير محمد بن سلمان، في أثناء زيارته إلى الولايات المتحدة، موضحاً أن «القاهرة تدعم تنفيذ (خريطة طريق) تبدأ بهدنة تستمر ثلاثة أشهر، ودمج (قوات الدعم السريع) في الجيش السوداني، مع الحفاظ على تماسك المؤسسة العسكرية السودانية».

ووفقاً لبيان الرئاسة المصرية، أكدت القاهرة «حرصها الكامل على استمرار العمل في إطار (الرباعية الدولية)، بهدف التوصل إلى هدنة إنسانية، تقود إلى وقف لإطلاق النار، يتضمن إنشاء ملاذات وممرات إنسانية آمنة لتوفير الأمن والحماية للمدنيين السودانيين، وذلك بالتنسيق الكامل مع مؤسسات الدولة السودانية».

وطرحت «الرباعية»، التي تضم دول (المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات والولايات المتحدة الأميركية) في أغسطس (آب) الماضي، «خريطة طريق»، دعت فيها إلى «هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، تليها هدنة دائمة لبدء عملية سياسية وتشكيل حكومة مدنية مستقلة خلال تسعة أشهر».

جانب من اجتماع سابق لـ«الرباعية» في نيويورك (الخارجية المصرية)

وتأتي زيارة البرهان إلى مصر بعد أخرى قام بها إلى المملكة العربية السعودية، الاثنين الماضي، وأكد في ختام زيارته حينها «حرص السودان على العمل مع ترمب ووزير خارجيته، ماركو روبيو، ومبعوثه للسلام في السودان، مسعد بولس، في جهود تحقيق السلام ووقف الحرب».

وأكدت مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، أماني الطويل، أن «مصر وضعت خطوطاً حمراء لأول مرة في الملف السوداني، وموقفها الأخير هو الأكثر حدة منذ اندلاع الحرب، وهو يتماهى مع الموقفين السعودي والأميركي بشأن الحفاظ على وحدة السودان، وضرورة وقف الحرب، ورفض الكيانات الموازية، والحفاظ على مؤسسات الدولة».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «نستطيع القول إن هناك توافقاً سعودياً - مصرياً على المواقف القوية بشأن وحدة السودان، ما يبرهن على أن الاتجاه السائد الآن هو بلورة مبادرة لوقف إطلاق النار وإقرار هدنة إنسانية»، لكنها شددت أيضاً على أن «المسألة الأكثر تعقيداً تتعلق بالحلول السياسية في ظل التعامل مع أطراف سودانية لا تقبل بعضها، ومن الممكن أن يأتي إعلان مبادئ (نيروبي) مقدمةً لهذا السياق».

ووقَّعت القوى السياسية والمدنية في «تحالف صمود» السوداني، بالعاصمة الكينية نيروبي، الثلاثاء، على إعلان مبادئ مشترك مع حركة «جيش تحرير السودان»، بقيادة عبد الواحد النور، وحزب «البعث العربي الاشتراكي» (الأصل) لوقف الحرب في السودان، ويُعد هذا أول تقارب يجمع غالبية الأطراف السودانية المناهضة للحرب.

وأكد متحدث الرئاسة المصرية، الخميس، أن محادثات السيسي والبرهان «تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية، بما يجسّد تطلعات الشعبين نحو تحقيق التكامل والتنمية المتبادلة، وتطرقت كذلك إلى مستجدات الأوضاع الميدانية في السودان».


«خريطة تحالفات جديدة»... حفتر ينفتح عسكرياً على باكستان

حفتر مستقبلاً في بنغازي قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير وعلى الجانبين صدام (يمين) وخالد الأربعاء (القيادة العامة)
حفتر مستقبلاً في بنغازي قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير وعلى الجانبين صدام (يمين) وخالد الأربعاء (القيادة العامة)
TT

«خريطة تحالفات جديدة»... حفتر ينفتح عسكرياً على باكستان

حفتر مستقبلاً في بنغازي قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير وعلى الجانبين صدام (يمين) وخالد الأربعاء (القيادة العامة)
حفتر مستقبلاً في بنغازي قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير وعلى الجانبين صدام (يمين) وخالد الأربعاء (القيادة العامة)

طرحت الزيارة التي أجراها قائد الجيش الباكستاني، المشير عاصم منير، لمقر القيادة العامة لـ«الجيش الوطني» الليبي في مدينة بنغازي، أسئلة كثيرة، وسط إشارات إلى «خريطة تحالفات جديدة» تتعلق بموازين القوى.

واستقبل حفتر مساء الأربعاء، في بنغازي (شرق)، قائد الجيش الباكستاني، يرافقه وفد عسكري رفيع المستوى، في إطار زيارة رسمية إلى ليبيا لعقد سلسلة من الاجتماعات ذات الاهتمام المشترك. وقال مكتب القيادة العامة إن زيارة الوفد الباكستاني تأتي في إطار «تعزيز الروابط الثنائية بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات»، حيث أكد الطرفان عمق العلاقات التاريخية الليبية - الباكستانية، وأهمية المضي قدماً في تطويرها، بما يخدم المصالح المشتركة بين الجانبين.

قائد الجيش الباكستاني المشير عاصم منير في زيارة لبنغازي الأربعاء (القيادة العامة)

وعدّ المحلل السياسي الليبي، محمد قشوط، زيارة الوفد الباكستاني «غير عادية»، ورأى أنها «تمثل نقلة نوعية مرتبطة برؤية القيادة العامة 2030 في تطوير قدرات القوات المسلحة الليبية، التي لم تعد رهينة الاعتماد على دولة واحدة للتسلّح منها بلا آفاق وأبواب جديدة».

وأضاف قشوط في إدراج له عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن التعاون مع الجيش الباكستاني «سيضيف إلى قواتنا المسلحة كثيراً»، وعدّه «حليفاً استراتيجياً سيكون بمنزلة ردع لأي تهديدات مستقبلية».

وأُقيمت مراسم استقبال رسمية للوفد الباكستاني، وكان في مقدمة مستقبليه، نائب القائد العام الفريق أول صدام حفتر، ورئيس الأركان العامة للقوات المسلحة، الفريق أول خالد حفتر، إلى جانب عدد من رؤساء الأركان بالقوات المسلحة.

وينظر الباحث في الشأن الليبي، محمد تنتوش، إلى زيارة الوفد العسكري الباكستاني لبنغازي على أنها «فشل دبلوماسي لحكومة (الوحدة)؛ ورئاسة الأركان في المنطقة الغربية»، وأرجع ذلك إلى أنها «لم تصنع علاقة بذات المستوى مع باكستان». وذهب تنتوش إلى أن «كل قوة وتطور في عمل معسكر الرجمة هو عامل إضافي، قد يُمكِّنها من السيطرة على كامل ليبيا، أو على الأقل يشجعها على ذلك».

كانت القيادة العامة قد مهّدت لقدوم الوفد الباكستاني بزيارة أجراها صدام حفتر إلى إسلام آباد في يوليو (تموز) الماضي، التقى خلالها شخصيات باكستانية عديدة، من بينهم رئيس الوزراء محمد شهباز شريف، ورئيس أركان البحرية الأدميرال نويد أشرف، وذلك ضمن زيارته الرسمية للبلاد.

ويرى محللون أن الزيارة، التي بحثت تعزيز التعاون العسكري وتبادل الخبرات، جاءت في توقيت تتصاعد فيه التحركات الإقليمية، وإعادة رسم خرائط النفوذ العسكري في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

كان تعديل دستوري أقرته باكستان مؤخراً، قد عزز من نفوذ منير، بمنحه أدواراً إضافية وحصانة مدى الحياة، في خطوة عدّها محللون ترسيخاً لمكانة قائد الجيش في موقع «الرجل الأقوى في البلاد».

وسبق أن قال موقع «إنسايد أوفر» الإيطالي، إن حفتر «لم يعد مكتفياً بالتحالف مع موسكو لتحقيق أهدافه في ليبيا؛ بل بات يناور بين روسيا وتركيا والولايات المتحدة، ويخلق توازناً في منطقة مضطربة». فيما يرى متابعون أن زيارة الوفد العسكري الباكستاني تحمل رسائل عدة تشير إلى انفتاح شرق ليبيا على تعاون عسكري أوسع مع قوى مؤثرة خارج الإطار التقليدي.

حفتر ومنير يستعرضان قطعة سلاح الأربعاء (القيادة العامة)

كان حفتر قد التقى في مايو (أيار) الماضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في العاصمة موسكو، كما التقى أيضاً وزير الدفاع أندريه بيلوسوف، وسكرتير مجلس الأمن الروسي سيرغي شويغو.

ويفرض مجلس الأمن الدولي منذ إسقاط نظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، حظراً على السلاح. فيما جدد مؤخراً تفويضه بتفتيش السفن المتجهة من وإلى السواحل الليبية لمدة ستة أشهر. وينصّ قرار مجلس الأمن، الذي صُوّت عليه في نيويورك بتمديد مهمة العملية البحرية الأوروبية «إيريني»، على ضرورة توافر «أسباب معقولة» للاشتباه قبل الشروع في تفتيش السفن.