رئيس الاستخبارات التركية يجري مصالحة بين المشري والدبيبة

صالح حذر من دخول ليبيا «حالة احتراب إذا لم يتم التوصل إلى حل للأزمة السياسية»

جانب من اجتماعات رئيس الاستخبارات التركية في طرابلس (وسائل إعلام محلية)
جانب من اجتماعات رئيس الاستخبارات التركية في طرابلس (وسائل إعلام محلية)
TT

رئيس الاستخبارات التركية يجري مصالحة بين المشري والدبيبة

جانب من اجتماعات رئيس الاستخبارات التركية في طرابلس (وسائل إعلام محلية)
جانب من اجتماعات رئيس الاستخبارات التركية في طرابلس (وسائل إعلام محلية)

أجرى رئيس جهاز الاستخبارات التركية، هاكان فيدان، مصالحة هي الأولى من نوعها بين خالد المشري رئيس مجلس الدولة الليبي، وعبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة المؤقتة، خلال زيارة مفاجئة إلى العاصمة الليبية طرابلس، في وقت تجددت فيه على نحو مفاجئ الخلافات بين المشري وعقيلة صالح، رئيس مجلس النواب.
واجتمع مساء أول من أمس رئيس استخبارات تركيا، بحضور السفير التركي لدى ليبيا كنان يلماز، مع المشري والمنفي والدبيبة بشكل منفصل، قبل أن يجتمع في منزل صهر الدبيبة بحضور الجنرال عثمان إيتاج، قائد القوات التركية في غرب ليبيا، مع المشري والدبيبة وعبد الله اللافي، نائب المنفي، والصديق الكبير محافظ مصرف ليبيا المركزي.
ونشرت وسائل إعلام محلية صورا للاجتماع، الذي يعتبر الأول من نوعه منذ شهور بين الدبيبة والمشري، بسبب تصاعد الخلافات بينهما مؤخراً، على خلفية رفض الدبيبة مساعي المشري تنصيب حكومة جديدة بالتعاون مع مجلس النواب، بدلاً من حكومة «الوحدة»، التي تتولى السلطة منذ نحو عامين.
وتأتي زيارة رئيس الاستخبارات التركية للعاصمة طرابلس، بعد أيام فقط من زيارة مماثلة لمدير وكالة الاستخبارات الأميركية ويليام بيرنز، بالتزامن مع استضافة القاهرة اجتماعات بين مختلف الفرقاء الليبيين لصياغة قانون توافقي، يسمح بإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة.
ولم يعلن المنفي أي تفاصيل عن الاجتماع، الذي حضره رئيس جهاز الاستخبارات الليبية حسين العائب، بينما قال الدبيبة إنهما ناقشا الملفات ذات الاهتمام المشترك المحلية والإقليمية والدولية، بحضور بعض وزرائه.
ومن جانبه، أكد المشري على ما وصفه بـ«عمق العلاقات التاريخية بين ليبيا وتركيا، وأهمية تعزيزها وتطويرها في المجالات كافة»، داعياً إلى ضرورة التعاون والتنسيق بشأن القضايا والملفات الثنائية والدولية، ذات الاهتمام المشترك.
ونقل عن هاكان اهتمام بلاده بتطوير علاقاتها بليبيا، ودعمها المتواصل لكل الجهود السياسية المبذولة لإيجاد حلول للقضايا العالقة، الرامية إلى تحقيق استقرار ليبيا وازدهارها. فيما استغل الدبيبة مشاركته مساء أول من أمس بمؤتمر لمديري مكاتب وزارتي العمل والخدمة المدنية بطرابلس للقول إن «ليبيا واحدة لا تقبل القسمة»، وأعلن «فتح باب الحوار، ونبذ التفرقة بعدما عانت البلاد طيلة السنوات الماضية الكثير من الحروب والأزمات، بسبب مطامع بعض السياسيين». وقال: «لن نسمح مهما اشتدت الظروف بأن تعيش ليبيا على المعونات، أو العودة إلى تلك الحقب السوداء».
وتعبيراً عن استمرار الخلافات، رغم إعلان المشري وصالح عقب اجتماعهما في القاهرة توافقهما على القاعدة الدستورية للانتخابات المؤجلة، قال المشري مساء أول من أمس عبر تويتر: «من أراد التوافق والاستقرار فأيدينا ممدودة للتوافق والاستقرار». وجاءت هذه التغريدة بعد ساعات فقط من تحذير صالح لأعضاء مجلس النواب في جلستهم بمدينة بنغازي من أن «البلاد ستدخل حالة احتراب ويزداد التدخل الأجنبي، إذا لم نتوصل لحل للأزمة قبل مارس المقبل». معلنا عن مهلة للنواب مدتها أسبوعان لتشكيل لجان، منها لجنة لوضع تصور للقاعدة الدستورية ولجنة أخرى سياسية.
وقال عبد الله بليحق، الناطق باسم مجلس النواب، إن «صالح قدم إحاطة لأعضاء مجلس النواب بشأن ما وصفه بحالة الانسداد السياسي الراهن، والحلول التي قدمها المجلس لإنهائها»، مشيرا إلى قرار المجلس تشكيل عدد من اللجان لمسارات الأزمة المختلفة من أجل إعداد مقترحات.
وكان صالح قد أكد لدى اجتماعه في مدينة بنغازي، مساء أول من أمس، مع القائم بأعمال السفارة الأميركية ليزلي أوردمان، على «شرعية مجلس النواب كسلطة تشريعية وحيدة في البلاد لإصدار القوانين والتشريعات»، ولفت إلى جهود مجلس النواب لتجاوز هذه المرحلة، والوصول بالبلاد إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، مؤكداً «ضرورة وضع آلية توزيع عادلة لثروات الليبيين بين كافة المناطق».
بدوره، قال أوردمان إنه ناقش مع صالح «أهمية بناء الوحدة، ورأب صدع الخلافات لخدمة مصالح الشعب الليبي، بما في ذلك تحقيق مطلبه في اختيار قادته الذي طال انتظاره». واعتبر عقب زيارته ضريح عمر المختار أن «المختار سيبقى رمزا لوحدة ليبيا وفخرها الوطني»، لافتا إلى أن «إرثه المتمثل في توحيد الليبيين للعمل في انسجام لأجل الحرية لن ينسى أبدا».
إلى ذلك، نفى مصطفى يحيى مقرر وعضو اللجنة العسكرية المشتركة (5 5) ما تردد عن تشكيل قوة مشتركة لتأمين الحقول النفطية والحدود، وأبلغ وسائل إعلام محلية أن مهام القوة تأمين عمل لجنة المراقبين الدوليين والمحليين. كما نفى وجود مساعٍ لتعيين رئيس أركان موحد للمؤسسة العسكرية، التي قال إن توحيدها ليس من صلاحيات اللجنة. وأضاف «مهمتنا تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في جنيف بجميع بنوده وليس لدينا مهام أخرى».


مقالات ذات صلة

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

شمال افريقيا المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

المنقوش تناقش في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة المعابر

بحثت نجلاء المنقوش مع نظيرها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها أمس إلى الجزائر، فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الأشخاص، بعد سنين طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان أن الوزيرين بحثا قضايا جارية في الساحتين المغاربية والعربية، منها تطورات ملف الصحراء، والمساعي العربية والدولية لوقف الاقتتال وحقن الدماء في السودان. وأكد البيان أن عطاف تلقى من المنقوش «عرضا حول آخر مستجدات العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، لإنهاء الأزمة في ليبيا».

شمال افريقيا وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

وفدان أميركي وفرنسي يبحثان في ليبيا تطوير الجيش

بحث وفدان عسكريان، أميركي وفرنسي، في ليبيا سبل إعادة بناء وتطوير المؤسسة العسكرية المُنقسمة، بين شرق البلاد وغربها، منذ إسقاط النظام السابق، في وقت زار فيه المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني» روما، والتقى برئيسة الوزراء بالحكومة الإيطالية جورجا ميلوني، وعدد من وزراء حكومتها. وفي لقاءين منفصلين في طرابلس (غرباً) وبنغازي (شرقاً)، التقى الوفدان الأميركي والفرنسي قيادات عسكرية للتأكيد على ضرورة توحيد الجيش الليبي.

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا «حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

«حبوب الهلوسة»... «سلاح قاتل» يستهدف عقول الليبيين

لم يكن من قبيل الصدفة أن تقذف أمواج البحر المتوسط كميات متنوعة من المخدرات إلى السواحل الليبية، أو أن تتلقف شِباك الصيادين قرب الشاطئ «حزماً» من «الحشيش والكوكايين وحبوب الهلوسة»، فالبلاد تحوّلت -وفق تقرير أممي- إلى «معبر مهم» لهذه التجارة المجرّمة. وتعلن السلطات الأمنية في عموم ليبيا من وقت لآخر عن ضبط «كميات كبيرة» من المخدرات قبل دخولها البلاد عبر الموانئ البحري والبرية، أو القبض على مواطنين ووافدين وهو يروّجون هذه الأصناف التي يُنظر إليها على أنها تستهدف «عقول الشباب الليبي». غير أنه بات لافتاً من واقع عمليات الضبط التي تعلن عنها السلطات المحلية تزايُد تهريب المخدرات وتعاطيها، خصوصاً «حبوب

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا «النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

«النواب» و«الدولة» يقران آلية عمل لجنة قوانين الانتخابات الليبية

استهلّت اللجنة المُشتركة لممثلي مجلسي «النواب» و«الدولة» (6+6) المكلفة بإعداد قوانين الانتخابات الليبية، اجتماعاتها في العاصمة طرابلس بـ«الاتفاق على آلية عملها». وطبقاً لما أعلنه عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، فقد شهد الاجتماع ما وصفه بتقارب في وجهات النظر بين أعضاء اللجنة حول القوانين الانتخابية، مشيراً، في بيان مقتضب مساء أول من أمس، إلى أنه «تم أيضاً الاتفاق على التواصل مع الجهات والمؤسسات ذات العلاقة بالعملية الانتخابية».

خالد محمود (القاهرة)

لماذا لا تتدخل مصر عسكرياً في اليمن؟

سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)
سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)
TT

لماذا لا تتدخل مصر عسكرياً في اليمن؟

سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)
سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)

أعاد نفي مصري لتقارير إسرائيلية عن استعداد القاهرة شن هجمات عسكرية ضد جماعة «الحوثي» في اليمن، تساؤلات بشأن أسباب إحجام مصر عن التدخل عسكرياً في اليمن، رغم ما تعانيه من تداعيات اقتصادية جراء هجمات «الحوثي» على السفن المارة في البحر الأحمر.

وأكد خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر لا تفضل أن تقوم بأعمال عسكرية خارج حدودها»، وأشاروا إلى أن القاهرة «تدرك أن توترات البحر الأحمر سببُها استمرارُ الحرب في غزة»، ومن هنا فهي تُفضل «الطُرق الدبلوماسية لوقف الحرب».

ونفى مصدر مصري مسؤول، الأحد، ما تناولته تقارير إعلامية إسرائيلية عن «قيام مصر باستعدادات بهدف التدخل العسكري في اليمن».

وذكر المصدر المصري المسؤول، في تصريحات أوردتها قناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، أن مثل هذه التقارير، وما تتضمنه من معلومات «مُضللة»، ليس لها أساس من الصحة.

وادعت تقارير إسرائيلية أن «مصر تستعد لضرب الحوثيين بعد تكبدها خسائر اقتصادية كبرى جراء تصاعد التهديدات ضد هيئة قناة السويس التي تعد شرياناً حيوياً للتجارة العالمية».

كما زعمت التقارير أيضاً أن مصر «أبدت رغبة متزايدة في لعب دور فعال في الصراع اليمني، مع تجهيز طائرات لتنفيذ عمليات جوية تستهدف الحوثيين، الذين أثاروا مخاوف متزايدة حول سلامة الملاحة عبر البحر الأحمر».

نيران اشتعلت في ناقلة نفط استهدفها الحوثيون بالبحر الأحمر خلال وقت سابق (رويترز)

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 غيّرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على استمرار الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة»؛ ما دفع شركات الشحن العالمية لتغيير مسارها، متجنبةً المرور في البحر الأحمر.

وعدَّ الخبير العسكري المصري، اللواء سمير فرج، التقارير الإسرائيلية، «محاولة للضغط على مصر ودفعها للعب دور في اليمن». وقال إن «مصر لن تشارك في أي عمل عسكري في اليمن»، مشيراً إلى أن القاهرة «تدرك أن السبب وراء التوترات في البحر الأحمر ليس في الحوثي أو في اليمن؛ بل في استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة». وأضاف فرج: «لو توقفت الحرب الإسرائيلية في غزة سوف تتوقف الهجمات على السفن بالبحر الأحمر».

واتفق معه مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير حسين هريدي، وقال إن «المشكلة ليست في (الحوثي)، فما يحدث جزءٌ من حرب مفتوحة بين إيران وإسرائيل، و(الحوثي) مجرد أداة، والقاهرة لن تتعامل مع الأدوات ولن تتورط في هذا الصراع».

وأضاف أن «القاهرة تؤمن بالحلول الدبلوماسية لأزمات المنطقة، ولن ترسل قواتها خارج الحدود، لا سيما مع إدراكها حجم التوترات على جميع حدودها، سواء في غزة أو ليبيا أو السودان».

وفي ديسمبر (كانون الأول) 2023 شكّلت الولايات المتحدة الأميركية، تحالف «حارس الازدهار» للرد على هجمات «الحوثي»، لكن مصر لم تعلن انضمامها له، وهو ما فسره خبراء آنذاك بأن القاهرة «تفضل المسار الدبلوماسي لحل الأزمة».

سفينة شحن خلال عبورها قناة السويس المصرية في وقت سابق (رويترز)

وحسب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور أحمد يوسف أحمد، فإن رفض مصر التدخل عسكرياً ضد «الحوثي» في اليمن «دليل على موضوعية السياسة المصرية». وقال إن «مصر هي الخاسر الأكبر من هجمات الحوثي، لكنها على مدار أكثر من عام لم تدنها، واقتصرت التصريحات الرسمية على التأكيد على ضرورة تأمين الملاحة في البحر الأحمر».

وأرجع أستاذ العلوم السياسية ذلك إلى أن «مشاركة مصر في أي تحالف حالياً ضد الحوثي قد ينظر له البعض على أنه دعم لتل أبيب في حربها على قطاع غزة».

وسبق وأشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي الذي يبدأ من يوليو (تموز) 2022 حتى نهاية يونيو (حزيران) 2023، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي 2023 - 2024، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، نهاية الشهر الماضي، إن «إيرادات قناة السويس شهدت انخفاضاً تجاوز 60 في المائة مقارنة بعام 2023، مما يعني أن مصر خسرت ما يقرب من 7 مليارات دولار في عام 2024».

وذكرت مجلة «إسرائيل ديفنس»، الصادرة عن الجيش الإسرائيلي، في تقرير نشرته في أكتوبر الماضي، أنه «رغم ما تعانيه مصر من خسائر بسبب توترات البحر الأحمر، فإنها ترفض القيام بعمل عسكري ضد جماعة الحوثي»، وأشارت حينها إلى أن «القاهرة تضع الاعتبارات الاستراتيجية والخوف من التصعيد الإقليمي والعلاقات السياسية مع العالم العربي فوق أي اعتبار».