غروندبيرغ يعتمد مقاربة جديدة للتسوية المستدامة في اليمن

قدر للسعودية وعُمان دعم الحوار وحض اليمنيين على رؤية مشتركة

المبعوث الأممي الخاص باليمن هانس غروندبيرغ لدى وصوله إلى مطار صنعاء أمس (إ.ب.أ)
المبعوث الأممي الخاص باليمن هانس غروندبيرغ لدى وصوله إلى مطار صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

غروندبيرغ يعتمد مقاربة جديدة للتسوية المستدامة في اليمن

المبعوث الأممي الخاص باليمن هانس غروندبيرغ لدى وصوله إلى مطار صنعاء أمس (إ.ب.أ)
المبعوث الأممي الخاص باليمن هانس غروندبيرغ لدى وصوله إلى مطار صنعاء أمس (إ.ب.أ)

كشف المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبيرغ الاثنين أن لديه مقاربة جديدة تقتضي اتخاذ تدابير فورية لخفض التصعيد العسكري ولجم أي تدهور اقتصادي في سياق أكثر شمولاً للمضي في تسوية سياسية مستدامة، مقدراً للمملكة العربية السعودية وعمان دعمهما الحوار بين القوى اليمنية المختلفة.
وظهرت هذه المؤشرات الإيجابية خلال إحاطة قدمها غروندبيرغ عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من اليمن لأعضاء مجلس الأمن في نيويورك، إذ قال إنه أجرى «مناقشات إيجابية وبناءة» مع قادة جماعة الحوثي في صنعاء، وبينهم رئيس المجلس السياسي مهدي المشاط، بعدما أجرى محادثات مثمرة مع رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، وكذلك مع أصحاب المصلحة الإقليميين في الرياض ومسقط، آملاً في البناء على ذلك. ووصف الوضع العسكري العام في اليمن بأنه «ظل مستقراً»، إذ إنه «لم يكن هناك تصعيد كبير، ولا تغييرات في الجبهات» التي شهدت مع ذلك «بعض النشاط العسكري المحدود، ولا سيما في مأرب وتعز والضالع والحديدة ولحج، وكذلك على امتداد منطقة الحدود السعودية اليمنية»، ما أدى إلى سقوط ضحايا بين المدنيين. وحذر من «التداعيات الإنسانية الخطيرة لأي دورة عنف متجددة»، داعياً الطرفين إلى «العمل بنشاط لإطالة أطول فترة من الهدوء النسبي التي شهدناها في السنوات الثماني الماضية».
وعدد المبعوث الأممي الجوانب الإيجابية لاستمرار الهدوء منذ دخول الهدنة حيز التنفيذ للمرة الأولى في الثاني من أبريل (نيسان) 2022، قائلاً إن الوساطة تركز حالياً على «خيارات لتأمين اتفاق على خفض التصعيد العسكري، واتخاذ تدابير لمنع المزيد من التدهور الاقتصادي، والتخفيف من تأثير النزاع على المدنيين». وأضاف أنه ينخرط مع الأطراف للقيام بتدابير فورية ضمن «رؤية أكثر شمولية للتحرك نحو تسوية شاملة، بما في ذلك استئناف العملية السياسية ووقف إطلاق النار على المستوى الوطني». وإذ تحدث عن «تكثيف للنشاط الدبلوماسي الإقليمي والدولي لحل النزاع في اليمن»، معبراً خصوصاً عن تقديره لجهود المملكة العربية السعودية وعمان في هذا الصدد. وقال: «نحن نشهد تغييراً محتملاً في مسار ثماني سنوات من النزاع»، موضحاً أن «الحوارات الجارية هي إمكانية ينبغي ألا تضيع وتتطلب إجراءات مسؤولة». وإذ أضاف أنه «في حين أن الدعم الإقليمي والدولي أمر حاسم في كل من المفاوضات ومراحل تنفيذ أي اتفاق»، شدد على «أهمية الملكية اليمنية للعملية (…) والقضايا المطروحة على الطاولة، لا سيما تلك المتعلقة بالسيادة، لا يمكن حلها بشكل مستدام إلا من خلال حوار شامل بين اليمنيين».
ومع ذلك، أقر غروندبيرغ بأن الوضع «لا يزال معقداً ومتقلّباً»، مركزاً على أنه «من المهم أن تكون المناقشات في شأن الطريق القصير للمضي قدماً مؤطرة في سياق نهج أكثر شمولاً يرسم مساراً واضحاً نحو تسوية سياسية مستدامة». وقال إن «هناك تحديات التسلسل، وكذلك مخاوف في شأن الضمانات لكل الأطراف»، معتبراً أنه «بالإضافة إلى العمل من أجل رؤية مشتركة لإنهاء الصراع، من الضروري أيضاً تقسيم هذه الرؤية إلى خطوات ملموسة وقابلة للتنفيذ».
وكذلك قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية منسق المعونة الطارئة مارتن غريفيث إن الوضع الأمني في اليمن «لا يزال شديد الصعوبة بالنسبة للعاملين في المجال الإنساني»، موضحاً أنه خلال العام الماضي، أبلغت وكالات الإغاثة عن نحو 150 حادثة عنف ضد موظفيها وأصولها. وأضاف أنه «لا يزال اثنان من موظفي الأمم المتحدة محتجزين في صنعاء بعد 14 شهراً، ولا يزال خمسة غيرهم في عداد المفقودين بعد اختطافهم في أبين قبل عام تقريباً». وناشد كل أطراف النزاع «تسهيل المرور الآمن والسريع ودون عوائق للإغاثة الإنسانية إلى جميع المدنيين المحتاجين، وحماية العاملين في المجال الإنساني وأصولهم، بما يتماشى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني».


مقالات ذات صلة

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

العالم العربي غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

غروندبرغ يتحدث عن «نقاش جوهري» مع العليمي ويدعو لتقديم التنازلات

وصف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الخميس) اللقاء الذي جمعه برئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي في عدن بـ«المثمر والجوهري»، وذلك بعد نقاشات أجراها في صنعاء مع الحوثيين في سياق الجهود المعززة للتوصل إلى تسوية يمنية تطوي صفحة الصراع. تصريحات المبعوث الأممي جاءت في وقت أكدت فيه الحكومة اليمنية جاهزيتها للتعاون مع الأمم المتحدة والصليب الأحمر لما وصفته بـ«بتصفير السجون» وإغلاق ملف الأسرى والمحتجزين مع الجماعة الحوثية. وأوضح المبعوث في بيان أنه أطلع العليمي على آخر المستجدات وسير المناقشات الجارية التي تهدف لبناء الثقة وخفض وطأة معاناة اليمنيين؛ تسهيلاً لاستئناف العملية السياسية

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

الحوثيون يفرجون عن فيصل رجب بعد اعتقاله 8 سنوات

في خطوة أحادية أفرجت الجماعة الحوثية (الأحد) عن القائد العسكري اليمني المشمول بقرار مجلس الأمن 2216 فيصل رجب بعد ثماني سنوات من اعتقاله مع وزير الدفاع الأسبق محمود الصبيحي شمال مدينة عدن، التي كان الحوثيون يحاولون احتلالها. وفي حين رحب المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بالخطوة الحوثية الأحادية، قابلتها الحكومة اليمنية بالارتياب، متهمة الجماعة الانقلابية بمحاولة تحسين صورتها، ومحاولة الإيقاع بين الأطراف المناهضة للجماعة. ومع زعم الجماعة أن الإفراج عن اللواء فيصل رجب جاء مكرمة من زعيمها عبد الملك الحوثي، دعا المبعوث الأممي في تغريدة على «تويتر» جميع الأطراف للبناء على التقدم الذي تم إنجازه

علي ربيع (عدن)
العالم العربي أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

أعداد اللاجئين الأفارقة إلى اليمن ترتفع لمعدلات ما قبل الجائحة

في مسكن متواضع في منطقة البساتين شرقي عدن العاصمة المؤقتة لليمن، تعيش الشابة الإثيوبية بيزا ووالدتها.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

كيانات الحوثيين المالية تتسبب في أزمة سيولة نقدية خانقة

فوجئ محمود ناجي حين ذهب لأحد متاجر الصرافة لتسلّم حوالة مالية برد الموظف بأن عليه تسلّمها بالريال اليمني؛ لأنهم لا يملكون سيولة نقدية بالعملة الأجنبية. لم يستوعب ما حصل إلا عندما طاف عبثاً على أربعة متاجر.

محمد ناصر (عدن)
العالم العربي تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

تحذيرات من فيضانات تضرب اليمن مع بدء الفصل الثاني من موسم الأمطار

يجزم خالد محسن صالح والبهجة تتسرب من صوته بأن هذا العام سيكون أفضل موسم زراعي، لأن البلاد وفقا للمزارع اليمني لم تشهد مثل هذه الأمطار الغزيرة والمتواصلة منذ سنين طويلة. لكن وعلى خلاف ذلك، فإنه مع دخول موسم هطول الأمطار على مختلف المحافظات في الفصل الثاني تزداد المخاطر التي تواجه النازحين في المخيمات وبخاصة في محافظتي مأرب وحجة وتعز؛ حيث تسببت الأمطار التي هطلت خلال الفصل الأول في مقتل 14 شخصا وإصابة 30 آخرين، كما تضرر ألف مسكن، وفقا لتقرير أصدرته جمعية الهلال الأحمر اليمني. ويقول صالح، وهو أحد سكان محافظة إب، لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد بسبب الحرب فإن الهطول ال

محمد ناصر (عدن)

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
TT

مدارس لبنانية تفتح أبوابها للتلاميذ لتلقي العلم وسط النازحين

المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)
المدارس الحكومية في عمشيت تستأنف مهمتها التعليمية (رويترز)

في بلدة عمشيت الساحلية الهادئة التي تبعد 45 دقيقة بالسيارة شمالي بيروت، استأنفت المدارس الحكومية أخيراً مهمتها التعليمية وسط عشرات الآلاف من النازحين الذين اتخذوا من بعض المدارس مأوى مؤقتاً.

وحسب «رويترز»، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه مع تصاعد الصراع بين إسرائيل و«حزب الله» في سبتمبر (أيلول) لحق الدمار بمئات المدارس في لبنان أو اضطرت لغلق أبوابها بسبب الأضرار أو المخاوف الأمنية.

وقالت وزارة التربية والتعليم العالي اللبنانية إنه تم تحويل 505 مدارس من بين نحو 1250 مدرسة حكومية في لبنان إلى ملاجئ مؤقتة لبعض النازحين الذين يبلغ عددهم 840 ألف شخص.

وبدأت الوزارة، الشهر الماضي، إعادة فتح المدارس على مراحل، مما سمح بعودة 175 ألف طالب منهم 38 ألف نازح إلى بيئة تعليمية لا تزال بعيدةً عن وضعها الطبيعي.

وفي مدرسة عمشيت الثانوية الحكومية، التي تضم الآن 300 طالب مسجل ويُتوقع انضمام المزيد منهم مع استمرار وصول العائلات النازحة، تحولت المساحات المألوفة ذات يوم إلى مكان مخصص لاستيعاب الواقع الجديد.

وقال مدير المدرسة، أنطوان عبد الله زخيا، إنه قبل شهرين ونصف الشهر اختيرت المدرسة كملجأ.

واليوم، تتدلى الملابس المغسولة من نوافذ الفصول الدراسية، وتملأ السيارات ساحة اللعب التي كانت ذات يوم منطقةً صاخبة، والممرات التي كان يتردد فيها صوت ضحكات التلاميذ أصبحت الآن استراحةً للعائلات التي تبحث عن ملجأ.

وأعربت فادية يحفوفي، وهي نازحة تعيش مؤقتاً في المدرسة، عن امتنانها الممزوج بالشوق. وقالت: «بالطبع، نتمنى العودة إلى منازلنا. لا أحد يشعر بالراحة إلا في المنزل».

كما أعربت زينة شكر، وهي أم نازحة أخرى، عن قلقها على تعليم أطفالها.

وقالت: «كان هذا العام غير عادل. بعض الأطفال يدرسون بينما لا يدرس آخرون. إما أن يدرس الجميع، أو يجب تأجيل العام الدراسي».

التعليم لن يتوقف

قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الخطة المرحلية لاستئناف الدراسة ستشمل تسجيل 175 ألف طالب من بينهم 38 ألف طفل نازح في 350 مدرسة عامة غير مستخدمة كملاجئ. وقال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، لـ«رويترز»: «العملية التعليمية هي أحد مظاهر مقاومة العدوان الذي يواجهه لبنان». وأضاف الحلبي أن قرار استئناف العام الدراسي كان صعباً لأن العديد من الطلاب والمدرسين النازحين لم يكونوا مستعدين نفسياً للعودة إلى المدرسة. وفي مبنى مجاور في مدرسة عمشيت الثانوية الرسمية، يتأقلم المعلمون والطلاب مع أسبوع مضغوط مدته 3 أيام ويشمل كل يوم 7 حصص دراسية لزيادة وقت التعلم إلى أقصى حد.

ولا تزال نور قزحيا (16 عاماً)، وهي من سكان عمشيت، متفائلة. وقالت: «لبنان في حالة حرب، لكن التعليم لن يتوقف. سنواصل السعي لتحقيق أحلامنا». ويتأقلم المعلمون مع الظروف الصعبة. وقال باتريك صقر وهو مدرس فيزياء (38 عاماً): «الجميع مرهقون ذهنياً... في نهاية المطاف، هذه الحرب تطولنا جميعاً». وبالنسبة لأحمد علي الحاج حسن (17 عاماً) النازح من منطقة البقاع، يمثل الأسبوع الدراسي الذي يدوم 3 أيام تحدياً لكنه ليس عائقاً. وقال: «هذه هي الظروف. يمكننا أن ندرس رغم وجودها».