ألمانيا تبحث عن مواد كيماوية بعد القبض على إيرانيَّين متهمَين بالإرهاب

أحدهما محكوم عليه في محاولة قتل... والآخر متعاطف مع «داعش»

الشرطة الجنائية الألمانية تصادر أدلة من شقة محتجز إيراني كان يعد لعملية إرهابية (أ.ب)
الشرطة الجنائية الألمانية تصادر أدلة من شقة محتجز إيراني كان يعد لعملية إرهابية (أ.ب)
TT

ألمانيا تبحث عن مواد كيماوية بعد القبض على إيرانيَّين متهمَين بالإرهاب

الشرطة الجنائية الألمانية تصادر أدلة من شقة محتجز إيراني كان يعد لعملية إرهابية (أ.ب)
الشرطة الجنائية الألمانية تصادر أدلة من شقة محتجز إيراني كان يعد لعملية إرهابية (أ.ب)

داهمت السلطات الألمانية مواقع جديدة بحثاً عن مواد كيميائية، بعد يوم على اعتقالها متهمَين إيرانيَّين كانا يعدان لعملية إرهابية باستخدام أسلحة بيولوجية، حسب الادعاء العام في مدينة دوسلدورف. وعلى الرغم من استمرار بحث الشرطة والمحققين عن الأدلة الأساسية في القضية، فهي لم تتوصل بعد للعثور على أي مواد كيميائية، حسبما نقل موقع «دير شبيغل» عن مصادر أمنية.
وخلال مداهمة جديدة غداة القبض على الشقيقين، عثرت الشرطة الألمانية على «صندوق مشبوه» في أحد المرأبين اللذين داهمتهما، بعد أن أبلغ جيران المتهمين بأنهما كانا يستخدمان مرأبين في منطقة كاستروب روكسل التي قبض عليهما فيها.
وأخلت الشرطة محيط المنطقة قبل تفتيشها، خوفاً من العثور على مواد كيميائية قد تؤدي إلى إصابات خلال رفعها. ولكنها في النهاية لم تعثر على ما كانت تبحث عنه.
وصدرت مذكرتا توقيف بحق الشقيقين، ووجه الادعاء العام الاتهامات للمتهم الرئيسي في القضية، ويدعى منير ج. وهو إيراني الجنسية يبلغ من العمر 32 عاماً، والتي تضمنت تحضيره لعمل إرهابي بسبب تعاطفه مع تنظيم «داعش». ويتهم الادعاء منير بأنه أراد صنع قنبلة بيولوجية بعد حيازته مواد شديدة السمية، هي «رايسين وسيانيد».
وقبضت الشرطة قبل يوم على المتهم الرئيسي وشقيقه الذي كان في الشقة، بعد أن حصلت على معلومات عن تحضيرهما لاعتداء وشيك من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي.
ويبدو أن الطرف الأميركي تمكن من اختراق مجموعة على «تلغرام» كان يتحدث فيها المتهم عن حيازته مواد كيميائية، وبدا أنه متعاطف مع «داعش».
وما زال غير واضح تورط الشقيق الذي تم اعتقاله خلال العملية. وحسب وسائل إعلام ألمانية، فإن المتهم الرئيسي كان يريد تنفيذ الاعتداء ليلة رأس السنة؛ لكنه لم يتمكن من الحصول على كل المواد اللازمة قبل ذلك. ووصل الشقيقان إلى ألمانيا عام 2015، وتقدما بطلب لجوء، وحسب وسائل إعلام ألمانية، فإن المتهم الرئيسي ادعى أنه مسيحي ملاحق في إيران، وصدقته السلطات الألمانية ومنحته اللجوء لمدة 3 سنوات، وتم تمديده مرتين.
وكتبت صحف ألمانية أن الشقيق الأصغر البالغ من العمر 25 عاماً، كان قد حُكم عليه بالسجن 7 سنوات عام 2019 في قضية محاولة قتل؛ لكنه نقل إلى مستشفى ليخضع لإعادة التأهيل من الإدمان على الكحول في منطقة هاغن، وكان قد سُمح له بقضاء عطلة نهاية الأسبوع خارج المستشفى مع شقيقه، عندما داهمت الشرطة الشقة واعتقلت الرجلين.
وعند اعتقال الشقيقين قبل يوم، دارت الشبهات حول تحركهما بناء على توجيهات من إيران؛ خصوصاً أن ولاية شمال الراين فيستفاليا التي يقيمان فيها، كانت قد شهدت اعتداءات وتهديدات لمعابد يهودية، اعتُقل على أثرها إيراني في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي تبين أنه على ارتباط بالنظام الإيراني. وفتح الادعاء العام الفيدرالي تحقيقاً في تشكيل الرجل خلية إرهابية بأوامر من «الحرس الثوري» الإيراني، بهدف تنفيذ اعتداءات ضد أهداف يهودية في ألمانيا.
ولكن السلطات الأمنية الألمانية أعلنت بعد اعتقال الشقيقين أن الدوافع تطرف وتعاطف مع «داعش» ولا علاقة لها بإيران.
ويمكن أن يواجه المتهمان سجناً لمدة 10 سنوات، في حال إثبات التهم الموجهة إليهما.
وتحدثت وزيرة الداخلية نانسي فيزر بعد اعتقال الرجلين، عن أن خطر التطرف في ألمانيا «ما زال قائماً»، وأن على السلطات الأمنية أن تبقى «يقظة».
وفي عام 2018 كشفت الشرطة الألمانية عن عملية شبيهة كان يعد لها تونسي مع زوجته، حاولا شراء كميات كبيرة من مواد كيميائية عبر الإنترنت، ما أثار ريبة مخابرات «صديقة» أبلغت السلطات الألمانية عن التحرك، ما أدى إلى توقيفهما وتوجيه التهم إليهما بالتحضير لعمل إرهابي.
وقال وزير الداخلية في حكومة ولاية شمال الراين فيستفاليا، هربرت رويل، إن السلطات تلقت «معلومات جدية» أدت إلى تنفيذ عملية المداهمة ليلاً.
ووفق مجلة «دير شبيغل» وصحيفة «زودوتشيه تسايتونغ»، كان مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي هو من حذّر الأجهزة الألمانية خلال فترة عيد الميلاد. ووفق صحيفة «بيلد» الشعبية الواسعة الانتشار، تلقت السلطات الألمانية قبل أيام تحذيراً من جهاز استخبارات أجنبي حيال وجود تهديد بشن هجوم إرهابي «بقنبلة كيمياوية».
وتعرضت ألمانيا في السنوات الأخيرة لاعتداءات عدة، بما فيها هجوم بشاحنة على سوق لعيد الميلاد في ديسمبر (كانون الأول) 2016 خلّف 13 قتيلاً.
و«الرايسين» مادة سامة جداً يصنفها معهد روبرت كوخ المكلف في ألمانيا المراقبة الصحية، على أنها «سلاح بيولوجي». وهي مستخرجة من نبتة الرايسين. وقد تشكل سماً قاتلاً على غرار «السيانيد».


مقالات ذات صلة

25 كيلوغراماً من الذهب تطيح بالدبلوماسية الأفغانية الوحيدة

آسيا زكية وارداك القنصل العام الأفغاني في مومباي قبل إعلان استقالتها (متداولة)

25 كيلوغراماً من الذهب تطيح بالدبلوماسية الأفغانية الوحيدة

تقدمت دبلوماسية أفغانية في الهند، جرى تعيينها قبل استيلاء جماعة «طالبان» على السلطة عام 2021، باستقالتها، وتقول إنها المرأة الوحيدة في السلك الدبلوماسي الأفغاني

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
العالم مفوض شرطة أستراليا الغربية الكولونيل بلانش يتحدث في مؤتمر صحافي في بيرث بأستراليا الأحد 5 مايو 2024... حيث قُتل صبي يبلغ من العمر 16 عاماً مسلح بسكين برصاص الشرطة بعد أن طعن رجلاً في مدينة بيرث الواقعة على الساحل الغربي لأستراليا (أ.ب)

الشرطة الأسترالية تقتل صبياً بعد واقعة طعن تحمل «بصمات» الإرهاب

أطلقت الشرطة الأسترالية النار على صبي يبلغ من العمر 16 عاماً مسلح بسكين ليلقى مصرعه بعد أن طعن رجلاً في مدينة بيرث، الواقعة على الساحل الغربي لأستراليا.

«الشرق الأوسط» (ملبورن (أستراليا) )
أوروبا فرنسا تفتح تحقيقاً بحق «توتال إنرجي» بعد هجوم إرهابي في موزمبيق

فرنسا تفتح تحقيقاً بحق «توتال إنرجي» بعد هجوم إرهابي في موزمبيق

أعلنت النيابة العامة في نانتير قرب باريس فتح تحقيق بتهمة القتل غير العمد ضدّ مجموعة «توتال إنرجي» على خلفية هجوم إرهابي دامٍ في مدينة بالما في موزمبيق عام 2021.

«الشرق الأوسط» (باريس)
العالم صورة مقتبسة من مقطع فيديو تظهر موقع حادث الطعن في بيرث (أ.ب)

الشرطة الأسترالية تقتل صبياً بعد ثالث عملية طعن خلال شهر

الشرطة تعلن مقتل صبي بالرصاص بعد أن طعن رجلاً في بيرث عاصمة ولاية أستراليا الغربية في هجوم قالت السلطات إنه يشير إلى عمل من أعمال الإرهاب.

«الشرق الأوسط» (كانبرا)
أوروبا عناصر من الشرطة الألمانية المختصة بمكافحة الإرهاب (غيتي)

السلطات الألمانية تشتبه في تخطيط 4 أشخاص لشن هجوم بقنابل

تشتبه السلطات الألمانية في تخطيط 4 شباب جرى القبض عليهم نهاية مارس (آذار) الماضي لشن هجوم إسلاموي بقنابل.

«الشرق الأوسط» (دوسلدورف)

«الحياة متوقفة» لأقارب فرنسية محتجزة في إيران

سيسيل كوهلر البالغة من العمر 35 عاماً خلال حفل عيد ميلادها في 2019 (أ.ف.ب)
سيسيل كوهلر البالغة من العمر 35 عاماً خلال حفل عيد ميلادها في 2019 (أ.ف.ب)
TT

«الحياة متوقفة» لأقارب فرنسية محتجزة في إيران

سيسيل كوهلر البالغة من العمر 35 عاماً خلال حفل عيد ميلادها في 2019 (أ.ف.ب)
سيسيل كوهلر البالغة من العمر 35 عاماً خلال حفل عيد ميلادها في 2019 (أ.ف.ب)

توقفت الحياة بالنسبة إلى نعومي بعد مضي «سنتين قاسيتين» على احتجاز شقيقتها المدرِّسة والنقابية الفرنسية سيسيل كوهلر وشريكها في إيران منذ 7 مايو (أيار) 2022، وإن كان الأمل في إطلاق سراحهما لا يزال قائماً.

وقال مصمّمة الغرافيك البالغة 34 عاماً لوكالة «الصحافة الفرنسية»، إن هناك «قلقاً متواصلاً لأننا نعرف مكانها، ونعلم أنها محتجزة في ظروف صعبة للغاية، لكننا لا نلمس تقريباً أي تقدم».

وتحل الثلاثاء الذكرى السنوية الثانية لاعتقال سيسيل (39 عاماً)، معلمة اللغة الفرنسية خلال رحلة في إيران مع شريكها جاك باري (69 عاماً)، مدرس الرياضيات السابق، بتهمة التجسس.

وفي سبتمبر (أيلول)، أعلن القضاء الإيراني انتهاء التحقيق معهما، مما يمهد لمحاكمة محتملة. ومنذ ذلك الحين، حل «الغموض المطلق»، بحسب نعومي كوهلر، وباتت الحياة «معلقة»، وتغيب عنها «أدنى بقعة ضوء أو بارقة أمل» في نهاية النفق.

سيسيل كوهلر أثناء زيارتها لمسجد الشاه في مدينة أصفهان بوسط إيران قبل اعتقالها (أ.ف.ب)

وأشارت نعومي إلى أن شقيقتها تجري اتصالاً مع عائلتها عبر الفيديو «كل 3 أسابيع تقريباً»، لكن مدته قصيرة وتخضع بوضوح لرقابة صارمة.

ويستحيل أن تعرف عائلة كوهلر مسبقاً بموعد اتصال ابنتها أو بمن ستتصل، ما يجبر أفرادها على البقاء بالقرب من جوالاتهم، وتجنب المناطق التي تنعدم فيها التغطية، على ما ذكرت نعومي.

«مقلق»

وأضافت: «ننتظر مكالمات منها، ولكن أيضاً من وزارة الخارجية الفرنسية» التي تبلغهم بالمستجدات.

وأواخر يناير (كانون الثاني)، استقبل وزير الخارجية ستيفان سيجورنيه عائلات الفرنسيين الأربعة المحتجزين في إيران. كما تحدثت نعومي عن تبادل رسائل مع الرئيس إيمانويل ماكرون.

لكن عائلة كوهلر تجهل أي معلومات عن مفاوضات محتملة بين باريس وطهران.

وأشارت شقيقتها إلى أن «المكالمة التي ننتظرها حقاً هي التي ستخبرنا فيها أنها على متن الطائرة وأنها غادرت المجال الجوي الإيراني».

الفرنسية سيسيل كوهلر تقف أمام لوحة في فيديو بثته قناة «العالم» الإيرانية مايو الماضي

وتلقت والدتها في 13 أبريل (نيسان) آخر اتصال منها، واستمر «3 أو 4 دقائق» بدت على سيسيل خلاله «علامات الإرهاق». وقالت إنها «لم تعد قادرة على التحمل»، لكنها حاولت طمأنة أقاربها بالقول: «تحمّلوا، كونوا أقوياء، أنا متماسكة».

وحظيت سيسيل بـ3 زيارات قنصلية. وهي محتجزة في «القسم 209»، وهو وحدة أمنية مشددة في سجن إيفين بطهران، وحيث ظروف الاحتجاز «قاسية للغاية»، وفق ما تقول عائلتها.

وأوضحت نعومي أن شقيقتها أمضت «أشهراً من العزلة الكاملة»، لكنها باتت حالياً «في زنزانة مساحتها 9 أمتار مربعة تتقاسمها مع نساء أخريات». وأشارت إلى أنه يسمح لها «بالخروج 3 مرات» أسبوعياً من الزنزانة لمدة نصف ساعة، و«نعتقد أنها تفترش بطانية» على الأرض للنوم.

وتمضي بقية الوقت في زنزانتها، حيث تلقت «ملحمة الأوديسة لهوميروس وتقوم تدريجياً بحفظها عن ظهر قلب، وبكتابة رواية تدور في مخيلتها».

أما شريكها جاك باري، فهو محتجز في القسم المخصص للرجال بالسجن ذاته، ضمن «شروط صارمة للغاية».

الفرنسي جاك باري مدرس الرياضيات السابق المحتجز في إيران بتهمة التجسس (أ.ف.ب)

وأشارت نعومي إلى أن الشريكين «لم يلتقيا لمدة أكثر من عام ونصف العام»، ولكن منذ عيد الميلاد «يمكنهما رؤية بعضهما لبضع دقائق عند اتصالهما بنا».

وفي حين منح إفراج طهران عن سجينين فرنسيين العام الماضي، بعض الأمل لعائلات المحتجزين الباقين، فإن التوتر المزداد بين إيران وإسرائيل يغذي المخاوف؛ «نحن لا نعرف كيف سينتهي الأمر (...) إنه أمر مقلق للغاية».

وللتمسك بأمل العودة، تقام حفلات موسيقية في عطلة نهاية هذا الأسبوع بمقاطعة أوت رين في شرق فرنسا، التي تتحدر منها عائلة كوهلر.

ويوم الثلاثاء، وبمناسبة مرور عامين على الاعتقال، ستتحدث نعومي خلال مهرجان لتكريم شقيقتها في ستراسبورغ.

وأكدت: «نحن فخورون بها للغاية، ونحبها كثيراً... ولن نخذلها».

واحتجز «الحرس الثوري» الإيراني العشرات من مزدوجي الجنسية والأجانب في السنوات الأخيرة، ومعظمهم واجه تهم تجسس، بينما يتهم نشطاء حقوقيون إيران باعتقال مزدوجي الجنسية والأجانب، بهدف الضغط على دول أخرى لتقديم تنازلات.


هل تتمكن طهران و«الذرية الدولية» من فك عقدة القضايا العالقة؟

إسلامي يهمس في أذن غروسي على هامش مؤتمر صحافي مشترك في طهران مارس 2023 (إيسنا)
إسلامي يهمس في أذن غروسي على هامش مؤتمر صحافي مشترك في طهران مارس 2023 (إيسنا)
TT

هل تتمكن طهران و«الذرية الدولية» من فك عقدة القضايا العالقة؟

إسلامي يهمس في أذن غروسي على هامش مؤتمر صحافي مشترك في طهران مارس 2023 (إيسنا)
إسلامي يهمس في أذن غروسي على هامش مؤتمر صحافي مشترك في طهران مارس 2023 (إيسنا)

ينهي مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، شهوراً من الانتظار، الاثنين، عندما يلتقي كبار المسؤولين الإيرانيين لإجراء مباحثات، في محاولة جديدة لفك العقدة من القضايا العالقة بين الجانبين، وذلك على هامش مؤتمر دولي حول البرنامج النووي الإيراني، يقام في مدينة أصفهان، وسط البلاد.

وذكرت وكالة «إيلنا» شبه الرسمية الإيرانية، أن غروسي «هو الضيف الخاص لمؤتمر أصفهان النووي»، مشيرة إلى أنه «مبادرة من المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية والوكالة الدولية للطاقة الذرية، تستضيفه أصفهان في وقت ادعى الكيان الصهيوني أنه ألحق أضراراً بمنشأة نووية خلال هجمات صاروخية».

وتبادلت إيران وإسرائيل الضربات الشهر الماضي. وأطلقت إيران عشرات الصواريخ والطائرات المسيرة، في عملية نادرة، قالت إسرائيل إنها فشلت بنسبة 99 في المائة. وردت إسرائيل على الهجوم بضربة محدود، مستهدفة منظومة رادار بشمال شرقي مدينة أصفهان، في أكبر قاعدة جوية وسط البلاد مكلفة بحماية منشأة أصفهان النووية للأبحاث، ومنشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم، على بعد 130 كيلومتراً شمال أصفهان.

«توقيت حساس»

وتأتي المفاوضات في توقيت حساس، قبل أيام معدودة من تقديم غروسي تقريره الفصلي بشأن الأنشطة النووية الإيرانية، الذي يسبق اجتماع مجلس المحافظين التابع للوكالة التابعة للأمم المتحدة في فيينا، بين يومي 3 و7 يونيو (حزيران) المقبل.

وطالبت القوى الغربية، في ختام الاجتماع السابق للمجلس في فبراير (شباط) الماضي، من غروسي التقدم بتقرير فصلي مبكر بشأن الأنشطة النووية الإيرانية، بعدما تجنبت تلك القوى إصدار قرار يدين إيران، تحت تأثير التطورات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، واقتراب الانتخابات الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

عينات من أجهزة الطرد المركزي المتقدمة في موقع تابع للمنظمة الذرية الإيرانية نوفمبر 2019 (أ.ف.ب) - مفتش من الطاقة الذرية يركب كاميرات للمراقبة في منشأة نظنز في 8 أغسطس (أ.ب)

وجاء الطلب الأوروبي، بعدما أبدى غروسي انزعاجه من عدم حصوله على أجوبة إيرانية بشأن المواقع غير المعلنة، وتراجع مستوى التفتيش مع تزايد مخزون إيران المخصب بنسبة 60 في المائة، كما أعرب عن «قلقه المتنامي» إزاء قدرة إيران على إنتاج أسلحة نووية، مشدداً على أن إيران تواصل تخصيب اليورانيوم بما يتجاوز بكثير الاستخدام المدني.

في المقابل، فإن طهران، انتقدت الموقف الغربي، ووجهت رسالة للوكالة الدولية، رداً على ما وصفتها «الاتهامات»، ومعلومات «غير موثوقة» مصدرها إسرائيل. وقالت إن التحقيق الدولي يعود إلى «اتهامات مصدرها بالدرجة الأولى طرف ثالث سيئ النية؛ أي النظام الإسرائيلي».

وأضافت الرسالة الإيرانية: «أعلنت مراراً وتكراراً أنه لا يوجد لديها أي مكان يجب الإبلاغ عنه بموجب اتفاق الضمانات». وأضافت: «مزاعم (الذرية الدولية) بشأن المواقع غير المعلنة تفتقر إلى تقديم المعلومات والوثائق والأدلة المعترف بها في اتفاق الضمانات».

تمسك إيراني

وقبل ساعات من وصول غروسي إلى طهران في وقت متأخر، الأحد، وجهت وسائل إعلام حكومية، اتهامات إلى القوى الغربية بالسعي لعرقلة اتفاق توصلت إليه إيران والوكالة الدولية في مارس (آذار) العام المقبل، بشأن حل القضايا العالقة حول مرات التفتيش وإعادة كاميرات المراقبة، والتحقيق الذي تجريه الوكالة الدولية منذ سنوات بشأن آثار اليورانيوم في مواقع غير معلنة.

ويشدد الاتفاق، الذي توصل إليه غروسي في زيارة إلى طهران، على ثلاث نقاط؛ أولاً: التواصل بين «الذرية الدولية» وإيران بروح من التعاون وبما يتفق مع مهام الوكالة والتزامات إيران على أساس اتفاق الضمانات. وثانياً: يتعلق بقضايا الضمانات المعلقة في المواقع الثلاثة غير المعلنة؛ إذ أعربت إيران عن استعدادها لمواصلة تعاونها وتقديم المزيد من المعلومات وضمان الوصول لمعالجة القضايا المتعلقة. ثالثاً: ستسمح إيران، بشكل طوعي، للوكالة الدولية بتنفيذ المزيد من أنشطة التحقق والمراقبة المناسبة.

صورة الأقمار الاصطناعية «بلانت لبس» من منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم على مسافة 120 كيلومتراً شمال أصفهان 4 الشهر الحالي (أ.ب)

ومنذ توقيع الاتفاق، تقلص عدد المواقع غير المعلنة التي يجري التحقيق بشأنها من ثلاثة إلى موقعين، لكن قائمة المشكلات بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران تزايدت.

ولم تلتزم إيران بشكل كامل بالاتفاق خصوصاً إعادة تركيب كاميرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في بعض المواقع، وفي سبتمبر (أيلول) منعت دخول بعض كبار مفتشي الوكالة.

ومع ذلك، تحدث مدير المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي، الأربعاء الماضي، عن رغبة بلاده بمواصلة العمل مع «الطاقة الذرية» على أساس اتفاق مارس العام الماضي.

ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن إسلامي قوله إن «تياراً مخرباً في الغرب يعمل ضد البيان المعلن من إيران والوكالة الدولية، ومع ذلك فإننا نؤكد على بقاء هذا البيان، وهو ما أعلنه السيد رفائيل غروسي».

وأضافت الوكالة الحكومية أن «تقرير غروسي الفصلي... وقاموسه ومضمونه، يحظى بأهمية بالغة للبلاد».

وقبل أيام من التوجه إلى طهران، أجرى غروسي مباحثات مع مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيل بوريل الذي ينسق فريقه المحادثات المتعثرة منذ أكثر من عامين بهدف إحياء الاتفاق النووي لعام 2015.

محاولة سابقة

وأعلن غروسي في فبراير أنه ينوي زيارة طهران في غضون شهر، لكن السلطات الإيرانية رفضت طلبه حينها، وعوضاً من ذلك وجه رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي دعوة إلى غروسي لحضور المؤتمر الدولي الأول للطاقة النووية في إيران.

ولم تتوقف تحذيرات وانتقادات غروسي خلال الشهور الثلاثة الأخيرة، من تراجع مستوى التفتيش وتصريحات المسؤولين الإيرانيين بشأن امتلاك بلادهم جميع الأدوات اللازمة لتطوير قنبلة. وحرص المسؤول الأممي على التذكير بالشكوك حول شفافية إيران، وتأثير الإجراءات التي اتخذتها في تقليص مستوى التفتيش على عمل فريق الخبراء الدوليين المكلفين بمراقبة الأنشطة الإيرانية.

صورة التقطها قمر ماكسار للتكنولوجيا تظهر عمليات توسع في محطة فوردو لتخصيب اليورانيوم بين أغسطس 2020 حتى 11 ديسمبر من العام نفسه

وبعد تبادل ضربات بين إيران وإسرائيل، حذر غروسي من مخاطر تعرض المنشآت النووية الإيرانية لضربات إسرائيلية. وزادت المخاوف، عندما هدد مسؤول حماية المنشآت النووية الإيرانية، الجنرال في «الحرس الثوري»، أحمد حق طلب، بإعادة النظر في عقيدة وسياسة بلاده النووية.

وقال عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، إن بلاده بمقدورها القيام باختبار نووي في غضون أسبوع واحد إذا «صدر الإذن بذلك»، متحدثاً أيضاً عن قدرة بلاده على استخلاص اليورانيوم بنسبة 90 في المائة خلال نصف يوم.

بيد أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، حاول التهوين من هذا الخطاب المقلق، عندما قال إن «طهران لا تخطط لامتلاك السلاح النووي، لأن المرشد علي خامنئي أفتى بتحريم ذلك».

وتقوم إيران بتخصيب اليورانيوم 60 في المائة، بمنشأتي نطنز وفوردو منذ أبريل (نيسان) 2021. وتظهر تقديرات الوكالة الدولية بأن مخزون إيران من 60 في المائة، يكفي حالياً لإنتاج 3 قنابل على الأقل.

 


الكشف عن عمليات تنصت «غير قانونية» على نتنياهو

نتنياهو خلال زيارته قاعدة جوية في مدينة رحوبوت 11 أبريل الماضي (د.ب.أ)
نتنياهو خلال زيارته قاعدة جوية في مدينة رحوبوت 11 أبريل الماضي (د.ب.أ)
TT

الكشف عن عمليات تنصت «غير قانونية» على نتنياهو

نتنياهو خلال زيارته قاعدة جوية في مدينة رحوبوت 11 أبريل الماضي (د.ب.أ)
نتنياهو خلال زيارته قاعدة جوية في مدينة رحوبوت 11 أبريل الماضي (د.ب.أ)

كشفت بروتوكولات محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الجارية في القدس الغربية بتهمة الاحتيال وتلقي الرشاوى وخيانة الأمانة، أن عدداً من كبار الضباط في الشرطة مارسوا عمليات «تنصت، وتجسس وخداع» ضده بشكل غير قانوني، بغرض توريطه في مخالفات جنائية.

وقال المحامي عيدو شيفوني، الذي يتابع محاكمة نتنياهو ويعبر عن قناعته بأن الاتهامات ضده ملفقة، إنه «فوق كل الحقائق الخطيرة التي تظهر في شهادة نائب المفوض العام للشرطة، كورش برنور، أمام المحكمة، تبرز قضية التجسس والتنصت غير القانوني على رئيس الوزراء، نتنياهو، التي نفذها برنور وعدد من كبار المسؤولين الآخرين في قسم التحقيق في الجرائم الخطيرة في الشرطة الإسرائيلية».

وأكد المحامي أن برنور وفريقه «ابتدعوا كذبة وجود شبهات ضد مستشار نتنياهو المقرب، نتان إيشل، وتبيَّن أنه لا يوجد أساس لهذه الشبهات وأنها استخدمت وسيلة للتجسس على نتنياهو»، وضرب مثالاً بأن «الشرطة قررت التجسس على الهاتف الثابت في بيت إيشل، وهي تعلم أنه لا يستخدم إلا في المكالمات مع نتنياهو، وبهذه الطريقة تجسسوا على نتنياهو».

واتهم المحامي شيفوني مفوض الشرطة بأنه طرح «تسجيلاً مزوراً في وثائق مقدمة الى المحكمة، بغرض الحصول على أمر من المحكمة للتنصت على نتنياهو، وتبيَّن أنهم خدعوا المحكمة».

وقال شيفوني إنه يتتبع عدداً من القضايا الكبرى في المحاكم الإسرائيلية، لكنه يرى أن أسلوب عمل الشرطة مع نتنياهو كان «واحدة من أخطر قضايا الإجرام والتآمر البوليسي التي تم الكشف عنها حتى الآن».

وقال: «لولا الوضع السياسي والقانوني (الإشكالي) السائد حالياً، لكان (كورش ومجموعته) قد جرى القبض عليهم بالفعل واستجوابهم بشبهة ارتكاب سلسلة من المخالفات، التي يعد بعضها من أخطر الجرائم في كتاب قانون دولة إسرائيل».

وكان محامي الدفاع عن نتنياهو، يوسف حداد، قد اتهم الشرطة بالالتفاف على القانون، في مجرد طرح فكرة التنصت على نتنياهو، فالقانون ينص على أن إجراء تنصت على مسؤول حكومي بدرجة رئيس وزراء يجري فقط في حال وجود شبهات ذات أدلة دامغة، وبموافقة المستشارة القضائية للحكومة، وبمصادقة قاض في المحكمة العليا. لكن في حالة نتنياهو، تآمروا على المستشار أبيحاي مندلبليت، الذي كان مقرباً من نتنياهو ولم يخبروه، وتوجهوا إلى المحكمة المركزية قائلين إن المقصود بالتنصت ليس نتنياهو، بل مستشاره إيشل. وقد اعترف برنور بذلك خلال رده على أسئلة المحامي حداد.

ويقول شيفوني إن مُجمل الأدلة والشهادات والنتائج في هذه القضية يشير إلى وجود فضيحة يصعب المبالغة في خطورتها، حيث قام مجموعة من كبار ضباط الشرطة المجرمين، ولأسباب سياسية، بمبادرة خاصة مخفية عن جميع الأطراف المعنية، بإجراء عملية تنصت غير قانونية على رئيس وزراء حالي والتجسس عليه. وهذا يدل على قضية فساد خطير وخرق للثقة وتشويه العدالة في أعلى مستويات الشرطة، وتشير إلى فشل عميق في نظام مراقبة سلطات إنفاذ القانون. فإذا سمح كبار ضباط الشرطة لأنفسهم باضطهاد رئيس الوزراء المنتخب بشكل مخالف للقانون، واستخدام صلاحياتهم، من دون الإشراف المناسب من قبل مكتب المدعي العام والمحاكم، فإن الديمقراطية الإسرائيلية نفسها تصبح موضع شك. ومن أجل منع تكرار حالات مماثلة في المستقبل، يجب تعديل التشريع فوراً بحيث يزيد من مراقبة التنصت ويتطلب تقديم تقارير منتظمة إلى الكنيست، ومحاكمة المسؤولين، وإرسال رسالة واضحة مفادها أنه لا أحد فوق القانون. بهذه الطريقة فقط سيكون من الممكن استعادة ثقة الجمهور، ومنع التدهور إلى نظام دكتاتوري، وضمان أن تظل سيادة القانون والديمقراطية والحقوق الفردية قيماً أساسية في إسرائيل.

وأعرب المحامي شيفوني عن اعتقاده بأن هذه الفضيحة ستؤثر على مجرى المحكمة وتُقوض لوائح الاتهام ضد نتنياهو. وأضاف: «لو كانت إسرائيل دولة سليمة، لكانت هذه المحكمة قد أُلغيت اليوم».


ثلث وزراء نتنياهو تظاهروا ضد الحكومة لمنعها من الموافقة على الصفقة

رجل بالقرب من جندي إسرائيلي يعبر جدارية لصور الرهائن لدى «حماس» في تل أبيب الأحد (رويترز)
رجل بالقرب من جندي إسرائيلي يعبر جدارية لصور الرهائن لدى «حماس» في تل أبيب الأحد (رويترز)
TT

ثلث وزراء نتنياهو تظاهروا ضد الحكومة لمنعها من الموافقة على الصفقة

رجل بالقرب من جندي إسرائيلي يعبر جدارية لصور الرهائن لدى «حماس» في تل أبيب الأحد (رويترز)
رجل بالقرب من جندي إسرائيلي يعبر جدارية لصور الرهائن لدى «حماس» في تل أبيب الأحد (رويترز)

في مشهد سريالي مستهجن، انقسمت الحكومة الإسرائيلية إلى ثلاثة فرق، اليوم الأحد. فريق يضم وزراء «المعسكر الوطني»، بقيادة بيني غانتس، وقد قاطع الجلسة الأسبوعية، فريق يضم ثلث أعضائها (13 وزيراً) خرج من الجلسة وانضم إلى مظاهرة ضد الحكومة تدعوها إلى رفض الصفقة مع «حماس» ومواصلة الحرب واجتياح رفح، وفريق حضر الجلسة، لكنه انشغل بقرار إغلاق مكاتب «الجزيرة»، الذي اتخذه «بالإجماع» للضغط على قطر حتى تضغط على «حماس» لقبول الصفقة من دون وقف الحرب.

تحول هذا المشهد إلى موضوع تعليقات ساخرة في وسائل الإعلام العبرية والأجنبية، انتقدت فيها «الفوضى العارمة لحكم نتنياهو» و«الألاعيب الصبيانية في إدارة قضية خطيرة وحساسة مرهون بها حياة 133 مخطوفاً إسرائيلياً لدى (حماس) وحياة الكثير من الجنود الذين قد يقتلون هباءً في عملية حربية بلا جدوى في اجتياح رفح».

وأصدر مكتب نتنياهو بياناً امتدح به وزير الاتصالات شلومو قرعي على جهوده لإغلاق الجزيرة، في المقابل امتدح قرعي «فخامة رئيس الوزراء، نتنياهو، على عزيمته ودعمه رغم كل الصعاب». وقال قرعي، بحسب مكتب نتنياهو: «الشعب في إسرائيل واثق بك وبنهجك لتحقيق كل أهداف الحرب والقضاء على (حماس)».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع ممثلي عائلات الرهائن لدى «حماس» 30 أبريل الماضي (د.ب.أ)

وكان نتنياهو قد سبق الجلسة بتعقيب على المحادثات الجارية في القاهرة، حول الصفقة، والتقارير التي أكدت تمسك «حماس» بشروطها وعدم استعدادها للتنازل عن وقف دائم لإطلاق النار مقابل الشروع باتفاق يعيد المخطوفين ويؤسس لترتيبات اليوم التالي للحرب. وقال إن «التقارير التي تتناقلها وسائل الإعلام بهذا الشأن تلحق الضرر بمفاوضات إطلاق سراح المختطفين، وتفاقم معاناة أسر المختطفين».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

وحاول نتنياهو الرد على عائلات الأسرى الإسرائيليين الذين يتظاهرون ضده ويتهمونه بتخريب الصفقة، فقال: «إن (حماس) هي التي تمنع إطلاق سراح مختطفينا. ونحن نعمل بكل السبل الممكنة لتحرير المختطفين. هم في أذهاننا. إسرائيل كانت ولا تزال مستعدة لعقد هدنة لتحرير مختطفينا. وهذا ما فعلناه عندما أطلقنا سراح 124 رهينة، وعدنا للقتال، وهذا ما نحن مستعدون للقيام به اليوم».

وقال نتنياهو في كلمة مطولة إنه «تم العمل على مدار الساعة خلال الأسابيع الأخيرة، للتوصل إلى اتفاق يعيد المختطفين، ومرة أخرى، وعلى عكس المنشورات تماماً، ومن أجل تحقيق هذا الهدف، أعطينا فريق التفاوض تفويضاً واسعاً جداً لتمكين اتفاق كهذا. لقد فعلنا ذلك من منطلق واجبنا العميق تجاه المختطفين، ووضع حد للمعاناة الرهيبة التي يعيشها ذووهم».

محتجون على حكومة نتنياهو في تل أبيب السبت يدعون إلى إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم حركة «حماس» في غزة (أ.ب)

وعلى الرغم من أن الأجواء الإيجابية التي ترافق المفاوضات في القاهرة، فإن نتنياهو ووزراءه شنّوا حملة تهديدات فرضت أجواء سلبية على فرص التوصل إلى صفقة. وأكد خبراء أن نتنياهو أعطى موافقته على الخطة المصرية على أمل أن ترفضها «حماس». وبما أن الأميركيين يؤكدون في الأسابيع الأخيرة أن قيادة «حماس» في غزة، أي يحيى السنوار، هي التي تؤخر الصفقة، فإن نتنياهو توقع أن تقع التهمة على «حماس» فيبرئ حكومته.

وخلال نقاش جرى في اجتماع دعا إليه قادة الجيش والمخابرات والموساد والوزيرين يوآف غالانت ودريمر دريمر (وزير الشؤون الاستراتيجية)، ولم يدعُ إليه غانتس ورفيقه غادي آيزنكوت، قال إن بلينكن طلب منه إرسال وفد التفاوض الإسرائيلي إلى القاهرة وقد رفض ويريد أن يسمع آراءهم.

غالانت ورئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، وافقا معه، مؤكدين أن إرسال الوفد سيتحول مصيدة. فإذا جاء رد «حماس» بطريقة «نعم ولكن...»، والوفد الإسرائيلي عاد إلى البلاد، تُتهم إسرائيل أنها أفشلت المفاوضات. لذلك؛ يفضّل انتظار رد «حماس» أولاً. وقد انتقد نتنياهو قدوم رئيس المخابرات الأميركية، وليم بيرنز، إلى القاهرة قبل سماع رد «حماس». لكن رئيس الموساد الذي يتابع المفاوضات، ديدي بارنياع، قال إنه يتفهم موقف نتنياهو، ومع ذلك، يفضل أن يحضر الوفد إلى القاهرة.

في هذه الأثناء، أشعلت الأنباء المتفائلة باتفاق، النار في اليمين المتطرف وحتى داخل الليكود. وراحوا يرددون ما ينشر في الفضائيات العربية بأن الولايات المتحدة تعهدت لـ«حماس» ألا يتم استئناف الحرب. وبعث مجموعة كبيرة من عائلات الجنود والإسرائيليين القتلى في هجوم «حماس» والحرب الحالية، برسالة شديدة إلى نتنياهو تحتج على الصفقة وتطالب بالمضي قدماً في الحرب وتشديدها وتوسيع نطاقها وعدم التنازل عن اجتياح رفح. وانطلقوا في مظاهرة ضخمة في القدس ليلة السبت؛ احتجاجاً، واعتصموا أمام مقر الحكومة حتى ظهر الأحد.

وقد وقف وراء تنظيم هذه العائلات عدد من قيادة ونشطاء الليكود المناصرين لنتنياهو، ورفعت شعارات تندد بنية الوزراء غالانت وغانتس وآيزنكوت الذهاب إلى صفقة، وأعلنوا دعمهم رئيس الوزراء في موقفه المتصلب.

هذه التطورات أفزعت عائلات الأسرى، فنزلوا إلى الشوارع ليلة السبت - الأحد، بجماهير غفيرة قُدّر تعدادها بأكثر من 40 ألفاً. وفي تل أبيب انطلقت ثلاث مظاهرات طالبت بسقوط الحكومة وإجراء انتخابات وبصفقة تبادل. كما جرت مظاهرات كبيرة في كل من القدس وبئر السبع وحيفا وقيسارية ونتانيا ورعنانا، و50 مظاهرة رفعت شعارات في بلدات أخرى عدة في الشمال والجنوب ومفارق الطرقات والجسور.

وحاول الآلاف الذين تظاهروا في مفرق «كابلان» بتل أبيب، إغلاق شارع أيلون ونجحوا في ذلك لنصف ساعة، إلا أن الشرطة هاجمتهم بقوات الخيالة وفرّقتهم بالقوة واعتقلت عدداً منهم.

كما نظمت المظاهرة الأسبوعية لعائلات الأسرى والمحتجزين الإسرائيليين، طالبوا فيها بالتوقيع على صفقة. وجاء في بيان لهم: «(حماس) أشارت إلى موافقتها على الصفقة، بينما يحاول نتنياهو مجدداً نسف الاحتمال الوحيد لإنقاذهم وهو يختبئ وراء مسمى (مصدر سياسي رفيع) ليهدد باجتياح رفح. إن (شعب إسرائيل يريد المختطفين أحياء ويوافق على دفع الثمن، لكن نتنياهو يفضل التحالف مع بن غفير وسموتريتش. فإن كان ثمن استعادة المختطفين وقف الحرب يجب وقفها فوراً)».

عائلات الرهائن الإسرائيليين في غزة وأنصارهم يغلقون الخميس طريق أيالون السريعة في تل أبيب مطالبين التوصل لاتفاق (إ.ب.أ)

وقال رئيس المعارضة، يائير لبيد، خلال مشاركته في المظاهرة بتل أبيب، إنه «لا يوجد شيء اسمه انتصار دون صفقة وعودة المختطفين. وبدلاً من الرسائل السخيفة تحت مسمى (مصدر سياسي)، على نتنياهو أن يرسل الفريق المفاوض الليلة إلى القاهرة ويطلب منهم ألا يعودوا من دون صفقة وعودة المختطفين». مشدداً أنه «ليست هناك مهمة أخرى حزب (ييش عتيد) وعد وسينفذ. وسنكون شبكة أمان كاملة لإتمام هذه الصفقة».


نتنياهو: سنواصل القتال حتى تحقيق أهداف الحرب

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)
TT

نتنياهو: سنواصل القتال حتى تحقيق أهداف الحرب

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (د.ب.أ)

جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم (الأحد) رفضه لمطالب حركة «حماس» بإنهاء الحرب في قطاع غزة مقابل إطلاق سراح الرهائن، وقال إن ذلك سيسمح ببقاء الحركة في السلطة ويشكل تهديداً لإسرائيل.

وأضاف في تصريحاته أن بلاده مستعدة لوقف القتال في غزة مقابل إطلاق سراح الرهائن، وقال: «لن تقبل شروطاً تصل إلى حد الاستسلام وستواصل القتال حتى تحقيق أهداف الحرب».

وفي المقابل، قال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» اليوم إن الحركة الفلسطينية «ما زالت حريصة على التوصل إلى اتفاق شامل ومترابط المراحل ينهي العدوان ويضمن الانسحاب ويحقق صفقة تبادل جدية للأسرى». وحمّل هنية، في بيان صادر عنه، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مسؤولية «اختراع مبررات دائمة لاستمرار العدوان وتوسيع دائرة الصراع وتخريب الجهود المبذولة عبر الوسطاء والأطراف المختلفة».

ويأتي هذا في الوقت الذي تدور فيه المحادثات في القاهرة لليوم الثاني من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والمحتجزين بين «حماس» وإسرائيل.

وفي سياق متصل، صرح مصدر من «حماس» لوكالة الأنباء الألمانية، بأن نتنياهو يعمل جاهداً على إفشال جهود التهدئة المبذولة حالياً في العاصمة المصرية القاهرة. وأضاف المصدر في «حماس»، الذي اشترط عدم الكشف عن هويته: «رغم كل التنازلات والروح الإيجابية التي تعاملنا بها مع ملف التهدئة في غزة، ما زال نتنياهو يصر على إفشالها خشية على منصبه وكرسيه السياسي في إسرائيل». وأضاف المصدر: «طوال الوقت يحاول نتنياهو كسب الوقت وتأخير وقف الحرب الشرسة على شعبنا الفلسطيني بغزة ليس لتحقيق نصر شامل كما يدعي، ولكن ليحمي نفسه من النفي السياسي بإسرائيل».

ونوّه المصدر بأن «حماس» تتفاوض حالياً على النقاط الفنية من تنفيذ أي اتفاق مع إسرائيل بدءاً من وقف إطلاق النار وانسحاب الجيش الإسرائيلي وعودة النازحين الفلسطينيين وإعادة إعمار قطاع غزة. وحسب المصدر، حصلت «حماس» على العديد من الاستفسارات بشأن المواضيع العالقة والتي تحدد مصير مستقبل قطاع غزة وآلية التعامل معه، إلا أن هناك تفاصيل أخرى ما زالت المناقشات تدور حولها، دون الإفصاح عن المزيد من التفاصيل. وقال: «نحن أمام ساعات حاسمة، ولكن الكرة حالياً في ملعب إسرائيل ورئيس وزرائها الذي لا يهمه سوى مصلحته الشخصية فقط لا غير دون أن يكترث لمصير الرهائن الموجودين في قطاع غزة».7

وتستضيف مصر وفد «حماس»، الذي وصل إلى القاهرة أمس، لاستكمال المباحثات بشأن التوصل لصفقة بين الحركة الفلسطينية التي تحكم قطاع غزة منذ 2007 وبين إسرائيل بعد أكثر من سبعة أشهر من حرب شرسة بين الطرفين.


الجيش الإسرائيلي: مقتل مسؤول بكتيبة البريج في قصف جوي بغزة

منازل دُمرت في العمليات العسكرية الإسرائيلية في مخيم البريج للاجئين، شرق وسط قطاع غزة (إ.ب.أ)
منازل دُمرت في العمليات العسكرية الإسرائيلية في مخيم البريج للاجئين، شرق وسط قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

الجيش الإسرائيلي: مقتل مسؤول بكتيبة البريج في قصف جوي بغزة

منازل دُمرت في العمليات العسكرية الإسرائيلية في مخيم البريج للاجئين، شرق وسط قطاع غزة (إ.ب.أ)
منازل دُمرت في العمليات العسكرية الإسرائيلية في مخيم البريج للاجئين، شرق وسط قطاع غزة (إ.ب.أ)

قال الجيش الإسرائيلي في بيان، الأحد، إنه قتل مسؤولاً في كتيبة البريج التابعة لحركة «حماس»، وعدداً آخر من المسلحين في قصف جوي على قطاع غزة.

وأوضح الجيش أن قواته قتلت صالح عماد المسؤول في كتيبة البريج التابعة لـ«حماس»، ومسلحين آخرين في استهداف لموقع تابع لـ«حماس»، وفقاً لما ذكرته «وكالة أنباء العالم العربي».

وأضاف البيان أن الجيش الإسرائيلي قتل نائب قائد سرية في «حماس»، واثنين آخرين في قصف جوي على جباليا بقطاع غزة، السبت.


إعلام إسرائيلي: صفقة الأسرى تتضمن إطلاق 33 محتجزاً مقابل 40 يوماً من التهدئة

رجل فلسطيني يبحث داخل منزل مدمر إثر القصف الإسرائيلي على خان يونس (د.ب.أ)
رجل فلسطيني يبحث داخل منزل مدمر إثر القصف الإسرائيلي على خان يونس (د.ب.أ)
TT

إعلام إسرائيلي: صفقة الأسرى تتضمن إطلاق 33 محتجزاً مقابل 40 يوماً من التهدئة

رجل فلسطيني يبحث داخل منزل مدمر إثر القصف الإسرائيلي على خان يونس (د.ب.أ)
رجل فلسطيني يبحث داخل منزل مدمر إثر القصف الإسرائيلي على خان يونس (د.ب.أ)

قالت هيئة البث الإسرائيلية اليوم (الأحد) إن الساعات المقبلة تبدو حاسمة في موضوع صفقة تبادل الأسرى مع حركة «حماس» التي لم تعطِ بعد جوابها الرسمي والنهائي على العروض المقدمة. وحسب الهيئة فإن موافقة حركة «حماس» تعني الموافقة على صفقة يتم بموجبها إطلاق سراح 33 محتجزاً إسرائيلياً مقابل 40 يوماً من التهدئة، وإطلاق سراح مئات المعتقلين الفلسطينيين.

وقالت الهيئة: «الساعات القليلة المقبلة مرهقة للأعصاب، ويجري اليوم مزيد من المحادثات في القاهرة، وفي نهايتها قد تعلن (حماس) ما إذا كانت مستعدة للمضي قدماً نحو المرحلة الأولى من الصفقة».

وأضافت: «الخطوات التالية على طريق التوصل إلى اتفاق تشمل تلقي الرد النهائي من (حماس). وإذا كان الجواب إيجابياً فإن وفداً إسرائيلياً على المستوى المهني سيتوجه إلى القاهرة، لبحث تفاصيل الصفقة».

ووفق الهيئة فإن وفداً يقوده رئيسا جهازي: «الموساد» ديفيد بارنياع، و«الشاباك» رونان بار، سيتوجه إلى القاهرة للتوقيع على الصفقة بصيغتها النهائية. وقالت الهيئة: «المرحلة الأولى تعني تهدئة لمدة 40 يوماً مع إمكانية التمديد، ووقف مؤقت للعمليات العسكرية المتبادلة بين الجانبين، وانسحاب القوات الإسرائيلية شرقاً، والابتعاد عن المناطق المكتظة بالسكان إلى منطقة قريبة من الحدود في كافة أنحاء قطاع غزة، ما عدا وادي غزة»، كما ستضمن الصفقة عودة اللاجئين في قطاع غزة إلى مناطق إقامتهم.

وستطلق «حماس» سراح 3 مختطفين إسرائيليين في اليوم الأول من الاتفاق، وبعد ذلك ستطلق سراح 3 مختطفين إضافيين كل 3 أيام، بدءاً بجميع النساء حتى اليوم الثالث والثلاثين. وفي المقابل ستطلق إسرائيل العدد المقابل المتفق عليه من الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، حسب القوائم التي سيتم الاتفاق عليها.

وفي اليوم السابع بعد إطلاق سراح جميع النساء، ستنسحب القوات الإسرائيلية من شارع الرشيد شرقاً بمحاذاة شارع صلاح الدين، بما يسمح بإدخال المساعدات الإنسانية، وبدء عودة المدنيين النازحين إلى مناطق إقامتهم.

وكانت هيئة البث قد ذكرت في وقت سابق اليوم، عن مصدر سياسي إسرائيلي، قوله إن إسرائيل لم توافق على إنهاء الحرب في قطاع غزة، في إطار صفقة تبادل أسرى مع «حماس».

وقال المصدر: «لا صحة لما نُشر وكأن إسرائيل وافقت على إنهاء الحرب، في إطار صفقة تبادل أو منح ضمانات من طرف الوسطاء لإنهائها».

وأضاف: «(حماس) حتى اللحظة لم تتنازل عن مطلبها بهذا الشأن، وبالتالي فإنها تجهض أي إمكانية للتوصل إلى اتفاق»، وفقاً لما ذكرته «وكالة أنباء العالم العربي».

وأشارت هيئة البث الإسرائيلية إلى أنه من المقرر أن تستمر في القاهرة اليوم جولة التفاوض حول صفقة تبادل محتملة.

وكان طاهر النونو، المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، قد قال أمس (السبت) إن «وقف إطلاق النار والوصول إليه مرتبط بالاستجابة إلى مطالب الحركة، والمطالب الوطنية للشعب الفلسطيني».

وأضاف النونو في حديثه مع «وكالة أنباء العالم العربي» أن الحركة تتمسك بأربع نقاط أساسية، هي: «وقف العدوان بشكل كامل على قطاع غزة، أي وقف إطلاق النار الدائم والمستدام، والنقطة الثانية انسحاب الاحتلال الكامل والشامل من قطاع غزة، والنقطة الثالثة صفقة تبادل مشرفة وجادة، والنقطة الرابعة هي الإعمار وإنهاء الحصار ودخول احتياجات الشعب الفلسطيني».

وتابع النونو: «إذا ما تم هذا الأمر فيمكن أن يكون هناك اتفاق»؛ مشيراً إلى أن الاتفاق مرتبط بمدى استجابة إسرائيل لهذه المطالب.

ورداً على تصريحات مسؤول إسرائيلي قريب من محادثات وقف إطلاق النار في غزة، والتي أكد فيها أن «إسرائيل لن توافق تحت أي ظرف من الظروف على إنهاء الحرب كجزء من اتفاق للإفراج عن المحتجزين»، وفقاً لما ذكرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، قال النونو: «التصريحات الإسرائيلية كثيرة. نحن نتعامل مع عروض ومع أوراق تصل إلينا، وليس مع التصريحات الإعلامية، وبالتالي نحن نؤكد أن أي اتفاق لا بد من أن يضمن وقف إطلاق النار، وإلا عن ماذا نتحدث؟ إذا كان هذا المسؤول يقول إنه لا يوجد وقف إطلاق النار، فإذن الاتفاق حول ماذا؟».

وتابع: «بالتالي لا يمكن أن يكون هناك اتفاق إلا بوقف إطلاق النار، وإلا ما هو معنى اتفاق دون وقف إطلاق النار».


فصائل عراقية تعلن استهداف ميناء حيفا في إسرائيل بصاروخ كروز

أرشيفية لميناء حيفا (رويترز)
أرشيفية لميناء حيفا (رويترز)
TT

فصائل عراقية تعلن استهداف ميناء حيفا في إسرائيل بصاروخ كروز

أرشيفية لميناء حيفا (رويترز)
أرشيفية لميناء حيفا (رويترز)

أعلنت فصائل عراقية مسلحة، اليوم (الأحد)، استهداف ميناء حيفا في إسرائيل أمس بصاروخ كروز مطور.

وأضافت الفصائل التي تطلق على نفسها اسم «المقاومة الإسلامية في العراق» في بيان، أنها نفذت الهجوم عصر أمس السبت رداً على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والتي اندلعت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) إثر هجوم نفذته حركة «حماس» وفصائل أخرى على بلدات إسرائيلية متاخمة للقطاع.


هدنة غزة تنتظر معالجة «الثغرات الأخيرة»

الأمير فيصل بن فرحان والوزراء المشاركون بالقمة الإسلامية في صورة جماعية (الخارجية السعودية)
الأمير فيصل بن فرحان والوزراء المشاركون بالقمة الإسلامية في صورة جماعية (الخارجية السعودية)
TT

هدنة غزة تنتظر معالجة «الثغرات الأخيرة»

الأمير فيصل بن فرحان والوزراء المشاركون بالقمة الإسلامية في صورة جماعية (الخارجية السعودية)
الأمير فيصل بن فرحان والوزراء المشاركون بالقمة الإسلامية في صورة جماعية (الخارجية السعودية)

أكَّدت مصادرُ مواكبةٌ لمفاوضات القاهرة لـ«الشرق الأوسط» أنَّ أجواء المحادثات إيجابية، ما يوحي بإمكان الوصول إلى هدنة بعدما مارست الولايات المتحدة والوسطاء ضغوطاً على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لإخراجه من «سياسة الحرب» والتلويح باجتياح رفح كورقة يمارسها للضغط على الأميركيين وحركة «حماس» أيضاً.

وأكَّدت المصادر أنَّ الأيام العشرة الأخيرة شهدت تقدماً فعلياً في المفاوضات يمكن أن يُترجم اتفاقاً على إعلان الهدنة إذا تمَّت معالجة «الثغرات الأخيرة المتبقية» في الساعات المقبلة.

وبدأت مصر، أمس، استضافة جولةٍ جديدة من المفاوضات الرامية إلى تحقيق هدنة في قطاع غزة، يجري خلالها تبادل المحتجزين بين إسرائيل و«حماس»، وسط «أجواء إيجابية»، وحديث عن «تقدم ملحوظ ونتائج مختلفة عن كل مرة». وتسعى القاهرة في المباحثات التي يشارك فيها مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، ويليام بيرنز، إلى تحقيق «صيغة نهائية» لاتفاق طال انتظاره. وقال مصدر مصري إنَّ الوفد الأمني المصري وصل إلى «صيغة توافقية» حول كثير من نقاط الخلاف.

في غضون ذلك، جدَّدتِ السعودية مطالبتَها بوقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، وتوفير ممرات إنسانية وإغاثية آمنة، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني بتمكينه من الحصول على جميع حقوقه المشروعة، بما في ذلك حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة، والعيش بأمان.

وقال الأمير فيصل بن فرحان، وزير الخارجية السعودي، خلال ترؤسه وفد بلاده المشارك في القمة الإسلامية المنعقدة بالعاصمة الغامبية بانجول، إنَّ القضية الفلسطينية لا تزال أولوية لدى منظمة «التعاون الإسلامي».


توافق مصري - إيراني على مواصلة التشاور لـ«تطبيع العلاقات»

شكري خلال مباحثات مع وزير خارجية إيران على هامش «القمة الإسلامية» في بانجول (الخارجية المصرية)
شكري خلال مباحثات مع وزير خارجية إيران على هامش «القمة الإسلامية» في بانجول (الخارجية المصرية)
TT

توافق مصري - إيراني على مواصلة التشاور لـ«تطبيع العلاقات»

شكري خلال مباحثات مع وزير خارجية إيران على هامش «القمة الإسلامية» في بانجول (الخارجية المصرية)
شكري خلال مباحثات مع وزير خارجية إيران على هامش «القمة الإسلامية» في بانجول (الخارجية المصرية)

في مشهد تكرر كثيراً خلال الفترة الأخيرة، التقى وزير الخارجية المصري، سامح شكري، نظيره الإيراني، حسين أمير عبداللهيان، السبت، على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة الخامسة عشرة لمؤتمر «القمة الإسلامي» في عاصمة غامبيا، بانجول، حيث ناقش الوزيران «العلاقات الثنائية بين البلدين»، ومستجدات «حرب غزة».

ووفق إفادة رسمية لوزارة الخارجية المصرية اتفق شكري وعبداللهيان على «مواصلة التشاور بهدف معالجة الموضوعات كافة والمسائل العالقة سعياً نحو الوصول إلى تطبيع العلاقات». وتطرق اللقاء إلى «مسار العلاقات الثنائية بين مصر وإيران، على ضوء الاتصالات واللقاءات السابقة بين الوزيرين وتوجيهات قيادتي البلدين خلال الفترة الماضية».

لقاء «شكري - عبداللهيان»، السبت، جاء استكمالاً لسلسلة من الاتصالات المصرية - الإيرانية التي تكثفت منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إذ التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي للمرة الأولى على هامش القمة العربية - الإسلامية الطارئة التي استضافتها المملكة العربية السعودية، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ومنذ ذلك الحين، تعددت الاتصالات الهاتفية بين الجانبين، سواء على المستوى الرئاسي أو الوزاري. وركزت تلك الاتصالات على «الوضع في قطاع غزة، والمخاوف من تصاعد التوتر الإقليمي»، وفق ما أفادت به بيانات رسمية صادرة عن الجانبين.

ورأى نائب وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون الأفريقية، السفير علي الحفني، أن «ما يحدث في المنطقة يحتاج إلى مثل هذه اللقاءات بين مصر وإيران لمتابعة ما جرى طرحه في لقاءات سابقة خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك حاجة إلى اللقاء والتشاور والحوار لاستئناف العلاقات بين القاهرة وطهران».

وذكر الحفني أن «هناك إرادة سياسية لدى القاهرة وطهران تجلت خلال لقاء الرئيسين المصري والإيراني، والاتصالات التي حدثت بعد ذلك بين وزيري خارجية البلدين، والتي جرى فيها التشاور حول كثير من القضايا».

ووفق المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، فإن لقاء الوزيرين، السبت، تطرق إلى «البنود المدرجة على جدول أعمال القمة الإسلامية»، حيث توافق الوزيران على «أهمية تعزيز التضامن والوحدة بين الدول الإسلامية في هذا التوقيت، الذي يواجه فيه العالم الإسلامي تحديات جسام». كما تناول اللقاء «الحرب الجارية في قطاع غزة»، حيث حرص شكري على إطلاع نظيره الإيراني على «الجهود المصرية التي تستهدف الوصول إلى هدنة تسمح بتبادل الأسري والمحتجزين وصولاً إلى وقف كامل ودائم لإطلاق النار». وجرى التأكيد خلال اللقاء على «الرفض الكامل لقيام إسرائيل بعمليات عسكرية برية في رفح الفلسطينية لما ينطوي عليه ذلك من تعريض حياة أكثر من مليون فلسطيني لخطر داهم، وتفاقم الوضع الإنساني في القطاع».

الرئيسان المصري والإيراني خلال محادثاتهما في الرياض نوفمبر الماضي (الرئاسة المصرية)

وكان البلدان قد قطعا العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1979، قبل أن تُستأنف العلاقات من جديد بعد ذلك بـ11 عاماً، لكن على مستوى القائم بالأعمال ومكاتب المصالح. وشهدت الأشهر الماضية لقاءات بين وزراء مصريين وإيرانيين في مناسبات عدة، لبحث إمكانية تطوير العلاقات بين البلدين. وفي مايو (أيار) الماضي، وجّه الرئيس الإيراني، وزارة الخارجية باتخاذ الإجراءات اللازمة لتعزيز العلاقات مع مصر.

في السياق نفسه، أطلع شكري، وزير الخارجية الإيراني، على محصلة اللقاءات التي قام بها خلال الفترة الأخيرة والتي تناولت مستجدات «الحرب في غزة»، بما في ذلك اللقاءات التي عُقدت أخيراً على هامش اجتماعات «المنتدى الاقتصادي العالمي»، والاتصالات الثنائية التي أجراها مع عدد من المسؤولين الأوروبيين ومن مختلف دول العالم، والتي تستهدف «حلحلة الأزمة والخروج من الحالة الراهنة.

وشدد وزير الخارجية المصري خلال اللقاء على «ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، واستمرار نفاذ المساعدات الإنسانية العاجلة بشكل كامل وآمن ودون عوائق»، مؤكداً «أهمية المضي قدماً في تشجيع الدول على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، بما يسهم في تعزيز جهود إقامة الدولة الفلسطينية على أساس رؤية حل الدولتين».

وفي فبراير (شباط) الماضي، التقى شكري، نظيره الإيراني، على هامش المشاركة في الشق رفيع المستوى لاجتماعات مجلس حقوق الإنسان في مدينة جنيف السويسرية، حيث ناقش الوزيران «مسار العلاقات الثنائية بين البلدين». وحينها نقل شكري «قلق مصر البالغ لاتساع رقعة التوترات العسكرية في منطقة جنوب البحر الأحمر، والتي ترتب عليها تهديد حركة الملاحة الدولية في أحد أهم ممراتها على نحو غير مسبوق، والضرر المُباشر لمصالح عدد كبير من الدول، ومن بينها مصر».

ووفق بيان لـ«الخارجية المصرية» حينها، أكد الوزيران تطلع بلادهما لاستعادة المسار الطبيعي للعلاقات الثنائية، «اتساقاً مع الإرث التاريخي والحضاري للدولتين ومحورية دورهما في المنطقة»، كما أكدا على أهمية هذا اللقاء لما «يمثله من خطوة هامة على هذا المسار».

وتستهدف جماعة الحوثي اليمنية، منذ نهاية نوفمبر الماضي، سفناً بمنطقة البحر الأحمر وباب المندب، تقول إنها «مملوكة أو تشغلها شركات إسرائيلية»، وتأتي الهجمات رداً على الحرب المستمرة في قطاع غزة. ودفعت تلك الهجمات شركات شحن عالمية لتجنب المرور في البحر الأحمر، وتغيير مسار سفنها إلى طريق رأس الرجاء الصالح، رغم ما يسببه هذا التغيير من ارتفاع في تكلفة الشحن المالية والزمنية.

ونهاية الشهر الماضي، تحدثت بيانات صادرة عن مكتب الإحصاءات الوطنية في المملكة المتحدة عن «تراجع حركة الشحن عبر قناة السويس المصرية بنسبة 66 في المائة خلال الفترة من منتصف ديسمبر (كانون الأول) حتى مطلع أبريل (نيسان) الماضي، بسبب التوترات في البحر الأحمر». كما أشار وزير المالية المصري، محمد معيط، نهاية الشهر الماضي، إلى «تراجع إيرادات قناة السويس المصرية بنسبة 60 في المائة بسبب استمرار التوترات في البحر الأحمر».

وحول تطبيع العلاقات بين مصر وإيران. رأى نائب وزير الخارجية المصري الأسبق للشؤون الأفريقية، أن «مسألة التطبيع بين البلدين سوف تحدث في وقت ما؛ لكن هناك أموراً كثيرة يتعين الجلوس والتشاور بشأنها، والبحث في مستقبل العلاقات بين البلدين»، معرباً عن أمله في أن «تؤدي هذه اللقاءات إلى انطباعات إيجابية»، مؤكداً: «نأمل أن يكون هناك تقارب في وجهات النظر والمواقف، وهذا يحتاج إلى مشاورات ولقاءات مستمرة بين الجانبين».