إعادة استكشاف الواحات المصرية تشكيلياً

عبر معرض جماعي يضم 145 لوحة لـ15 فناناً

إحدى لوحات المعرض (مركز الجزيرة للفنون)
إحدى لوحات المعرض (مركز الجزيرة للفنون)
TT

إعادة استكشاف الواحات المصرية تشكيلياً

إحدى لوحات المعرض (مركز الجزيرة للفنون)
إحدى لوحات المعرض (مركز الجزيرة للفنون)

لا يعد معرض «غرب مصر» تظاهرة تشكيلية فقط، بل دراسة بصرية للواحات المصرية بالصحراء الغربية، ومن بينها سيوة، والفيوم، والفرافرة، فالمعرض الذي يقام بمركز الجزيرة للفنون بالزمالك (وسط القاهرة) يضم 145 لوحة بمشاركة 15 فناناً.
ووفق التشكيلي محمود المغربي قوميسير عام المعرض، فإن «هذا الحدث يأتي نتاجاً لمشروع فني جماعي استمر على مدى 4 سنوات بهدف اكتشاف الواحات المصرية، وبتنظيم من الهيئة العامة لقصور الثقافة التي أطلقت مجموعة كبيرة من القوافل الفنية عام 2018 لتجوب تلك البقع المصرية الفريدة، وتقوم بمعايشة كاملة لها ولناسها، ليقدم كل فنان رؤيته بحسب تجربته الخاصة وأدواته وخاماته وخبرته واتجاهه الفني».
وتابع: «إن صحراء غرب مصر منطقة لم يتم تناولها كثيراً تشكيلياً، سيما واحة الفرافرة التي وجهت إليها - في إطار المشروع - أول قافلة تشكيلية، ومن هنا تنبع أهمية هذا المعرض الذي يجسد كل شيء عن الفرافرة وسائر الواحات من حيث سطح الأرض وعلاقته بالباطن».

وتعكس الأعمال بالمعرض مختلف تفاصيل الفرافرة وسائر الواحات من حيث حياة السكان وفنونهم وعاداتهم وتقاليدهم وملابسهم فضلاً عن مواطن الجمال والحضارة بها، مثل وجوه الفيوم وتعانق الأهرامات مع الزراعة في بعض المناطق، والتي تشكل بدايات الحضارة والنمو العمراني في مصر.
ولا تقتصر أهمية صحراء غرب مصر على كونها مجرد مكان متسع ملهم للفنانين، إنما تمثل، بالإضافة إلى ذلك، منطقة شديدة الثراء من النواحي التاريخية والسياسية والجيولوجية، وهو ما يشكل عنصراً مثيراً كذلك للمبدعين، بحسب المغربي، الذي أوضح: «من ذلك تشكيلات كهف الجارة التي تعود إلى ما يقرب من 55 مليون سنة، ويعتقد أنها تكونت بفعل هطول الأمطار، حيث يذيب الماء الأحجار الجيرية ليشكل صواعد وهوابط في مشهد بديع لإبراز ثراء هذا الكهف، المتميز أيضاً ببعض التكوينات الضخمة في وسطه والتي كان ارتفاعها يصل إلى 6 أمتار، وعرضها 1.5 متر، وهو ما يخالف طبيعة كل كهوف المنطقة في تكويناته وشكل رسوبياته الفريدة».

وشكل تعاقب العصور المختلفة على شالي القديمة بسيوة هوية مختلفة امتزجت بوجوه أبنائها والنازحين إليها من مناطق أخرى وثراء عمارتها وبساطة روح مساكنها ودروبه؛ إذ ترك هؤلاء بتعدد الثقافات إرثاً فنياً فريداً ومتنوعاً من اللوحات المرسومة على الألواح الخشبية مصاحبة للمومياوات، وقد اتبعت في أسلوبها الفني وتقنيتها تصويراً ثلاثي الأرباع، مع مصدر فردي للضوء يلقي على الوجوه ظلالاً واقعية، كما جذبت صور وجوه الفيوم اهتماماً مستداماً حول العالم، والزائر للمعرض سيعثر على تأثر الفنانين المشاركين به بكل هذا الزخم المتفرد لغرب مصر، بحسب المغربي.
ومن اللافت أن المعرض الذي يضم أعمال رسم وديجيتال وميكس ميديا تحتل المرأة فيه جانباً محورياً؛ إذ وجه إليها الفنانون احتفاءً خاصاً وهو ما يفسره المغربي قائلاً: «يأتي ذلك انعكاساً للدور الرئيسي للمرأة في هذه المنطقة؛ حيث تقوم بصناعات متعددة وتورث فنوناً تراثية تنفرد بها الواحات وحدها، ولكل واحة طابعها الخاص المميز».

ويؤكد قوميسير المعرض أن «هذا الرصد البصري للإرث التراثي لصحراء غرب مصر، والذي تبنته الهيئة العامة لقصور الثقافة بمثابة مشروع فني مستدام بامتياز؛ لأنه تضمن التوثيق لمنطقة تعيد إنتاج نفسها بنفسها، وتعيد التدوير الطبيعي لإمكانياتها ومقوماتها، وهو شيء ربما تنفق عليه أماكن أخرى مبالغ هائلة، بينما يقوم سكان هذه الواحات بذلك بأبسط وأرخص الأساليب والأفكار والأدوات، وهو شيء يستحق الدراسة».
وأضاف: «أستطيع أن أجزم أن البعثات الفنية التي توجهت إلى الصحراء لا تقل أهمية عن البعثات الاستكشافية الأولى لمصلحة الآثار أو المساحة المصرية للآثاريين والجيولوجيين في بدايات القرن الماضي».

وتقول دكتورة فاطمة عبد الرحمن، أستاذة التصميم بكلية الفنون الجميلة جامعة حلوان وإحدى الفنانات المشاركات بالمعرض لـ«الشرق الأوسط»: «التجربة تثبت إلى أي مدى أهمية مواكبة الفنان المصري كل مناطق بلاده، وليس القاهرة وحدها، لأنها غنية بمعالمها الحضارية وإرثها الفني».
وتابعت: «أشارك بخمس لوحات تعكس ولعي بالمكان بعد زيارته، ومعايشتي للحياة به، سيما الفيوم التي ألهمتني برسم وجوه الفيوم من جديد التي لطالما ألهمت تشكيليين مصريين وعالميين».


مقالات ذات صلة

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

شمال افريقيا هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

هل يحد «الحوار الوطني» من «قلق» المصريين بشأن الأوضاع السياسية والاقتصادية؟

حفلت الجلسة الافتتاحية لـ«الحوار الوطني»، الذي دعا إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قبل أكثر من عام، برسائل سياسية حملتها كلمات المتحدثين، ومشاركات أحزاب سياسية وشخصيات معارضة كانت قد توارت عن المشهد السياسي المصري طيلة السنوات الماضية. وأكد مشاركون في «الحوار الوطني» ومراقبون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أهمية انطلاق جلسات الحوار، في ظل «قلق مجتمعي حول مستقبل الاقتصاد، وبخاصة مع ارتفاع معدلات التضخم وتسببه في أعباء معيشية متصاعدة»، مؤكدين أن توضيح الحقائق بشفافية كاملة، وتعزيز التواصل بين مؤسسات الدولة والمواطنين «يمثل ضرورة لاحتواء قلق الرأي العام، ودفعه لتقبل الإجراءات الحكومية لمعالجة الأز

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

السيسي يبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي المصري

عقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اجتماعاً، أمس (الخميس)، مع كبار قادة القوات المسلحة في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية الجديدة، لمتابعة دور الجيش في حماية الحدود، وبحث انعكاسات التطورات الإقليمية على الأمن القومي للبلاد. وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، في إفادة رسمية، إن «الاجتماع تطرق إلى تطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية، وانعكاساتها على الأمن القومي في ظل الظروف والتحديات الحالية بالمنطقة». وقُبيل الاجتماع تفقد الرئيس المصري الأكاديمية العسكرية المصرية، وعدداً من المنشآت في مقر القيادة الاستراتيجية بالعاصمة الإدارية. وأوضح المتحدث ب

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

مصر: ظاهرة «المقاتلين الأجانب» تهدد أمن واستقرار الدول

قالت مصر إن «استمرار ظاهرة (المقاتلين الأجانب) يهدد أمن واستقرار الدول». وأكدت أن «نشاط التنظيمات (الإرهابية) في أفريقيا أدى لتهديد السلم المجتمعي».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

حادث تصادم بمصر يجدد الحديث عن مخاطر «السرعة الزائدة»

جدد حادث تصادم في مصر الحديث بشأن مخاطر «السرعة الزائدة» التي تتسبب في وقوع حوادث سير، لا سيما على الطرق السريعة في البلاد. وأعلنت وزارة الصحة المصرية، (الخميس)، مصرع 17 شخصاً وإصابة 29 آخرين، جراء حادث سير على طريق الخارجة - أسيوط (جنوب القاهرة).

منى أبو النصر (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

مصريون يساهمون في إغاثة النازحين من السودان

بعد 3 أيام عصيبة أمضتها المسنة السودانية زينب عمر، في معبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على


وفاة أكثر من 73 شخصاً في ولاية الجزيرة بالسودان بسبب تفاقم الوضع الصحي

سودانيون فارون من ولاية الجزيرة يصلون إلى منطقة قريبة من مدينة القضارف شرق البلاد في 2 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
سودانيون فارون من ولاية الجزيرة يصلون إلى منطقة قريبة من مدينة القضارف شرق البلاد في 2 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

وفاة أكثر من 73 شخصاً في ولاية الجزيرة بالسودان بسبب تفاقم الوضع الصحي

سودانيون فارون من ولاية الجزيرة يصلون إلى منطقة قريبة من مدينة القضارف شرق البلاد في 2 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)
سودانيون فارون من ولاية الجزيرة يصلون إلى منطقة قريبة من مدينة القضارف شرق البلاد في 2 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

قالت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان إن أكثر من 73 شخصاً لاقوا حتفهم في مدينة الهلالية ومناطق مجاورة بولاية الجزيرة بسبب تفاقم الوضع الصحي.

وجاء في بيان للجنة، اليوم (الأربعاء): «تواجه مناطق شرق الجزيرة في السودان كارثة إنسانية متفاقمة، نتيجة لهجمات عنيفة ومستمرة تشنها ميليشيا (الدعم السريع)».

وتابعت: «يعاني مستشفى الصباغ الريفي، الذي يعد المحطة الرئيسية لتقديم الرعاية الطبية للنازحين، من تدفق هائل للمرضى يفوق طاقته الاستيعابية، ويعاني من نقص حاد في الكوادر الطبية والأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية».

وأضافت: «يعيش النازحون في مدينة حلفا الجديدة وقراها في أوضاع مأساوية، حيث ينامون في العراء دون مأوى أو أغطية، ويفتقرون إلى مصادر مياه شرب نظيفة».

وطالبت اللجنة المجتمع الإقليمي والدولي «بالتدخل الفوري لوقف هذه المأساة الإنسانية».

وتصاعد العنف في ولاية الجزيرة بشرق السودان في الأسابيع الأخيرة، وقالت الأمم المتحدة إن نحو 135 ألف شخص نزحوا منها إلى ولايات أخرى.

وأدت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» التي اندلعت في أبريل (نيسان) 2023 إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد، بالإضافة إلى نزوح الملايين.